المنتدى :
الارشيف
افيقي فحدك انحني
إنه لمن الغباء أن تتحاشى من يُحبك من أجل لاشيء..
يبدأ الصباح كالعادة بلامقدمات وبلا مفاجآت تُذكر.. أجلس على السرير وبجانبي جهاز الحاسب المحمول وكوب القهوة الذي اعتدته مؤخراً لأبدأ الرحلة اليومية في البحث عن شيء يملأ فراغي.. صوت الموسيقى الهادئ يكثف إحساس سبق وأن تلاشى ذات مساء.. ويعود كلما استمعت إلى تلك الموسيقى.. أشياء كثيرة تحدث في حياتنا لا نلتفت لها ولا نهتم بتفاصيلها طالما أننا نحياها.. وحين نفقدها تبدأ قلوبنا بالبحث عن أقصر شريان يوصل الدم إلى جميع أنحاء الروح..
لاشيء يجذبني للجلوس سوى صوت ينبثق فجأة.. حضوره يطغى على الوقت ولكني كنت اتجاهل ذلك..أو أتوارى خلف أحزانٍ خلّفوها أشخاص مرّوا وأخذو من قلبي الكثير دون أن يقدّموا أي شيء..
كنتُ في عينيه ذاك الجنون المقدّس وذاك الأمل المستحيل.. كنتُ أحمل ملامح تشابه ملامحه وأحلاماً مشتركة بيني وبينه..
ولكني كنت أخاف من جرحٍ آخر. جرحٌ رسمه ذاك الوهم الذي أحببته.. ولم أكن له سوى "ضمادة" يضعها على قلبه.. حتى إذا تعافى ذهب يمشي بكامل رجولته..
أحبني بكامل تفاصيلي.. وبكامل مستحيلي.. فهو يعلم يقيناً أنني أبعد نجمة في مجرته.. وأنه لن يحصل إلا على نورٍ يلمحه من بعيد..
ومع ذلك أهداني كل ما استطاع أن يهديني إياه من روحه.. قدرٌ غريب هو.. نلتقي في مساءات مختلفة.. كلاً منا ينزف وكلانا يتردد في فتح الألم حتى إذا اشتدّ البرد انتفض جسده وأتى ليسلك طرق جسدي ليتدفأ.. ولكنني كنتُ أشد برداً منه..
يرتدي أجنحة الحزن ليحلق فوق سمائي المنكوبة.. يصطدم بشظاياي المتناثرة.. ويبكي بصمت.. يفتتني بحروفه ولكن كبرياء انوثتي لم يقم إلا بتكسير كل أعمدة قصائده..
يقطع خيالاتي بتحيةٍ جفّ كل ماء الشوق فيها بعد أن بخرته حرارة كبريائي:
- صباح الخير
- صباح القدر
لما أنزلقت كلمة "القدر" في تحيتي له؟؟.. هل لأنه كان قدراً غريباً في حياتي؟؟ أم لأنني كنت قدراً مستحيلاً في كتبه؟؟..
يبعث لي بقصيدة قد كتبها.. اقرأني بين حروفها امرأةً باذخة البعد كوجه مدينته المنطفئ.. أخبره بأنها جميلة وأخفي خلف الشاشة ملامح الحزن:
- ما أشتقتي ليي؟؟ أنا أشتقتُ لكِ بجنون ترى.. بس أكابر!!
- وليش تكابر؟؟
- لأني مشتاقٌ بجنون.. أشعر أني أريد أن أعصركِ حتى الموت..
أنا أيضاً أشعر بحنينٍ إلى جنوني معه و"هبالتي".. تلك الكلمة التي كان يرددها دائماً إرضاءً لغروري ولعلمه أني أعشق من يصفني بذلك.. أشعر بحنينٍ إلى ذلك الجنون الذي نرتكبه في الليل والصباح وفي المسافات البعيدة.. إلى تلك المشاعر التي يأتي بها إليّ وتلك الأشياء الصغيرة التي أحبها.. أرسل له أغنية لعلني أتدارك مشاعر الشوق الذي استيقظت فجأة:
- من زمان ما أرسلت لك أغنية!!
- لأننا من زمان ما ألتقينا..
- مابك؟
- لا شيء..كل شيء طبيعي.. ليس هناك خلل ما في عقلي.. فقط أشعر باللاشيء..
- وأنا؟؟
- أنتِ بألف عافية..
- وأنتَ؟
- بعافية واحدة!!
....
اذا عجبتكم بكملها
|