لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القسم الادبي > الخواطر والكلام العذب > خواطر بقلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

خواطر بقلم الاعضاء خواطر بقلم الاعضاء


الجنية المتمرد

الجنيه المتمرد أخيرا انتهى عبد الله من وضع لمسات أخيرة على تصميمه ، أشارت بها لجنة المسابقة ، حين استدعته فى مقرها؛ لإخباره بأن تصميمه هو الأجمل ،

موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-01-08, 08:32 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مميز


البيانات
التسجيل: Aug 2006
العضوية: 10109
المشاركات: 1,430
الجنس ذكر
معدل التقييم: ربيع عقب الباب عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ربيع عقب الباب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : خواطر بقلم الاعضاء
افتراضي الجنية المتمرد

 

الجنيه المتمرد
أخيرا انتهى عبد الله من وضع لمسات أخيرة على تصميمه ، أشارت بها لجنة المسابقة ، حين استدعته فى مقرها؛ لإخباره بأن تصميمه هو الأجمل ، ولابد أن يكون فى مطبعة صك العملة ؛ ليطرح على عموم الشعب ، وكلفته بإضافة بعض الخطوط الرقيقة هنا أو هناك ، كل هذا كان يتم فى سرية تامة ؛ وذلك لحساسية الأمر 0
قبل تسليم الجنيه الذي قام بتصميمه ، تأمله جيدا ، وقبله بامتنان ، ثم قال :" لا تعط نفسك إلا لطيب ، وإذا أحسست أنك مرغم على شيء تكرهه لا تستسلم ، لقد علمتك من ضروب الحيل الكثير ، كما ربيتك على الطيبة والخير ، ومحبة الناس ، وكراهية الظلم والعدوان ، سوف أسلمك اليوم ، ويكون لك إخوة ، وأولاد كثيرون ، فقل لهم ما قلت لك"0
الغريب فى الأمر أن أحدهم سمع الجنيه ، وهو يرد على صاحبه قائلا :" اطمئن يا أبى ، لقد وعيت درسك "0
بعد وقت قليل أصبح الجنيه فى خزانة البنك المركزي ، كما أصبح من اليسير الحصول عليه ، إما فى حالة الصرف ، أو الاستبدال ، وبذلك بدأت رحلة الجنيه !
ظهرت أولى حالات التمرد عليه ، حين كان بين أصابع الطفل المشاكس " كريم " ، وهو يتجه نحو دكان بيع الألعاب النارية ، ليحتفل مثل كل الأطفال بشهر رمضان ، سوف يصنع قذيفة عند الإفطار يطلقها ليرتفع أذان المغرب ، ويفطر الناس 0
ما إن وقف كريم أمام باب الحانوت ، وطلب من البائع ما يريد ، وأسرع بإخراج الجنيه ، لم يجده 0قلب كل جيوبه ، وكاد يخلع ملابسه بحثا عنه ، وبحرج شديد انسحب كريم وهو يردد:" ربما سقط فى الطريق "0
وفى طريق العودة أبصره ، وهو يتطاير ، ويضحك ساخرا ، فجرى خلفه ، وقبض عليه ، وقد ملأه الفرح ، وهرول عائدا صوب الدكان 0ظل كريم يطبق على الجنيه حتى وقف أمام التاجر ، وعاود طلب ما يريد ، ودفع بالجنيه فى يد الرجل ، فباغته ، وحلق عاليا ، وكريم يكاد يبكى ، ويسقط من الدهشة 0
طيب البائع خاطره ، ودفعه إلى العودة إحضار آخر ، لا بد أن أباه أوهمه ، وأعطاه جنيها مغشوشا ، يسكنه عفريت مشاكس ، وبالفعل بكى كريم 00 بكى بشكل مؤلم ، فجأة أطل الجنيه من جيب كريم ، وهتف به :" أنا هنا 00 أنا هنا "0
صرخ كريم :" وأنا لا أريدك ، سوف أمزقك إربا إربا "0
تمايل الجنيه ، وقال :" كيف تمزقني ؟ وأنا لا أستحق منك هذا 00 جربني مرة أخرى ، ما رأيك فى هذا القلم الجميل المعروض فى هذا الدكان ، هيا ، إنه قلم يستحق ثمنه "0
مسح كريم دموعه ، وقال بتردد :" أنت تضحك علىّ ، أنت جعلتني مثار سخرية الناس "0
بش الجنيه فى وجهه ، وقال :" هذه المرة لن أفعل ؛ فأنت ولد طيب يا كريم "0
وللمرة الثالثة عاد كريم لدكان الألعاب ، وفى الطريق شهد أطفالا يلعبون بالصواريخ والبمب الذي يفرقع ، ويتطاير منه الشرر ، وإذ بطفل يصرخ ، ويتوجع ، ثم يلتم حوله المارة ، ويحملونه متوجهين صوب المستشفى 0
نسى كريم نفسه ، وأصابه الحزن ، وقال :" لن أشترى هذه الألعاب الشريرة ، لقد ضيعت فرحة الأطفال برمضان ، لن أشتريها "0
عاد كريم إلى البيت ، والجنيه بين أصابعه جديد ، جميل 0 فجأة طرق الباب طارق ، فهم بفتحه ، فرأى أمامه عجوزا ، أمسك لسانه عن طلب ما يريد ، قابله كريم بوجه مبتسم ، وقال له :" تفضل يا عمى " 0 نظر العجوز فى وجهه ، وطلب كسرة خبز ، كاد كريم يجذبه إلى الداخل ليأكل معهم بعد أن ألح فى ضيافته ، فأبى حياء العجوز الاستجابة 0 تردد كريم فى الإسراع إلى والدته لدعوته ، وأخرج الجنيه من جيبه ، وفكر قليلا ، ثم قدمه للرجل الذي قبله ، ودعا لكريم بالنجاح والخير ، ثم اختفى 0
ركض كريم إلى والدته فى المطبخ ، وأخبرها بما فعل ، فأثنت عليه ، وقبلته ، وبينما هو يفكر فى الجنيه ، وكيف أنه لم يتلاعب به أمام العجوز ، فلم يختف ، ولم يتطاير فى الهواء مثلما فعل حين شرع فى شراء الألعاب النارية 0 تحسس جيبه ، فإذا بالجنيه يطل منه ، ومعه آخر و آخر ، فعقدت الدهشة لسانه ، وحط على أحد الكراسي زائغ البصر ، وسرعان ما نادى على والدته ، فأقبلت لترى مابه ، وحكى لها ، وهو يلوح بالجنيه ، فضحكت الأم ، وامتلأ وجهها بهجة وانشراحا ، وقالت :" العجوز رد لك كرمك بأحسن منه 00 هيا يا رجل هات لى مسحوقا من البائع لأنهى غسل الأطباق والصحون "0
عدا كريم طربا ، وحين أصبح أمام الحانوت ، تقدمت يده بالجنيه ، فجأة طار ، كما تبخرت بقية الجنيهات ، فقال فى نفسه :" الملعون عاد يشاكسني ، لا بد أن هناك خطأ ، كان بيدي ، وأنا أمام البائع "0 ثم فجأة ركض ساخطا ، وقد صمم على حرقه أو تمزيقه إن وجده 0
كانت الجنيهات تتدحرج خلفه ، وكأنها ألعاب سحرية تنط ، وترقص ، وكريم يبكى أو يكاد ، وقبل أن يقترب من باب البيت ، أسرعت الجنيهات ، وأغلقت عليه الطريق 0
أبدى الجنيه أسفه أن اضطر لفعل هذا ، لكن كريم لم يتقبل هذا الأسف ، بل جرى خلفه ، وكاد يدهسه بالحذاء ،لولا رشاقة الجنيه ، وتراجعه فى الوقت المناسب ، وصرخته فى وجه كريم قائلا :" كيف تقدمني لأعدائك ؛ يشترون به سلاحا وعتادا لقتلك وقتل إخوانك !!"0
تشكك كريم فى نوايا الجنيه ، وظن نفسه مريضا ، ثم أحس برأسه يلف، والأرض تدور به ، فجلس حيث كان ، وهنا أشفق الجنيه عليه ، وقال محاولا مساعدته فى فهم ما يريد :" الشركات المنتجة لهذا المسحوق قامت هي وغيرها من الشركات من هذا النوع لتوفير الأموال لهؤلاء القتلة 00 هل فهمت الآن ؟ "0
صرخ كريم :" هنا 00فى بلادنا 00 أنا لا أصدقك "0
ربت الجنيه على كتف كريم ، وقال :" هي شركات تمتد فى كل أوربا وأمريكا ، وتتسلل إلينا من خلال جنسيات وأسماء لا تمت لهؤلاء القتلة بصلة ؛ لذلك تدخل بلادنا "0
كريم برأسه الصغيرة كان غير قادر على الاستيعاب ، ولكنه ليس غبيا ، فقد فهم قصد الجنيه تماما ، ولكن بعد تفكير طويل 0 هتف كريم بعد صمت :" وما العمل وأمي تريد المسحوق ؟"0
ابتسم الجنيه وهو يقول :" اشتر آخر ، سوف أمدك بقائمة بالمنتجات المشبوهة ، وعليك البحث عن البديل "0
قدم الجنيه القائمة لكريم 0 كانت تحمل أسماء لمنتجات عجيبة ، يحب الكثير منها ، مثل الحلويات ، والألعاب التي تحملها بعض السلع ؛ فقرر ألا يشتريها مهما كان قدر حبه لها !!
نما حب كريم لجنيه ، لدرجة أنه ما عاد يصرف ما يعطيه له والده ، وخشي الوالد أن يكون فى سبيله لأن يكون بخيلا شحيحا ، ولكن بمجرد معرفته من الأم ماتم على عينها مع العجوز ، وحكاية المسحوق ، وكيف رفض شراء سلعة ، تنتجها شركة مشبوهة ، تتعامل مع أعداء البلاد ، تركه يفعل ما يشاء ، بعد أن اطمأن لسلوكه الرزين 0
وفى يوم من الأيام أعلن عن حملة قومية لجمع تبرعات لصالح أطفال الانتفاضة فى فلسطين ، فسارع كريم إلى والده ، وعرض عليه الأمر ، فقال له :" سل جنيهك المسحور !!"0
على الفور أحصى كريم ما معه ، وفى الصباح قبل خروجه من البيت ، كان يتأكد أن الجنيه فى جيبه ، وفى الطريق كانت الجنيهات تتناثر أمامه ، وترقص فى بهجة ، وتكاد تضيء الطريق من شدة وهجها ، ودون أن يشعر قال كريم :" هل تظن المبلغ معقولا يا كريم ؟"0
فاجأه الجنيه قائلا :" ليس المهم كم ، ولكن الأهم هو إيمانك بالفكرة "0

 
 

 

عرض البوم صور ربيع عقب الباب  

قديم 02-01-08, 11:37 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
شهرزاد ليلاس


البيانات
التسجيل: Aug 2007
العضوية: 35699
المشاركات: 6,654
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الخيال عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 48

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الخيال غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ربيع عقب الباب المنتدى : خواطر بقلم الاعضاء
افتراضي

 

ربيع ..ايها الاستاذ ..لقد اختصرت كل شيء بهذه القصة ...وهذا الكريم اسم على مسمى ..
رائع وكبير رغم صغر سنه .. وجنيه متمرد شقي
يتلاعب بالجميع .. رائع رائع واكثر
استمتعت كثيرا وانا اقرا وفكرت كم هي سخيفة
الحياة وكم هم عظماء من يقدرون نعمتها

 
 

 

عرض البوم صور همس الخيال  
قديم 03-01-08, 12:23 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2007
العضوية: 57335
المشاركات: 292
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلوش2 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلوش2 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ربيع عقب الباب المنتدى : خواطر بقلم الاعضاء
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
  
الجنيه المتمرد
أخيرا انتهى عبد الله من وضع لمسات أخيرة على تصميمه ، أشارت بها لجنة المسابقة ، حين استدعته فى مقرها؛ لإخباره بأن تصميمه هو الأجمل ، ولابد أن يكون فى مطبعة صك العملة ؛ ليطرح على عموم الشعب ، وكلفته بإضافة بعض الخطوط الرقيقة هنا أو هناك ، كل هذا كان يتم فى سرية تامة ؛ وذلك لحساسية الأمر 0
قبل تسليم الجنيه الذي قام بتصميمه ، تأمله جيدا ، وقبله بامتنان ، ثم قال :" لا تعط نفسك إلا لطيب ، وإذا أحسست أنك مرغم على شيء تكرهه لا تستسلم ، لقد علمتك من ضروب الحيل الكثير ، كما ربيتك على الطيبة والخير ، ومحبة الناس ، وكراهية الظلم والعدوان ، سوف أسلمك اليوم ، ويكون لك إخوة ، وأولاد كثيرون ، فقل لهم ما قلت لك"0
الغريب فى الأمر أن أحدهم سمع الجنيه ، وهو يرد على صاحبه قائلا :" اطمئن يا أبى ، لقد وعيت درسك "0
بعد وقت قليل أصبح الجنيه فى خزانة البنك المركزي ، كما أصبح من اليسير الحصول عليه ، إما فى حالة الصرف ، أو الاستبدال ، وبذلك بدأت رحلة الجنيه !
ظهرت أولى حالات التمرد عليه ، حين كان بين أصابع الطفل المشاكس " كريم " ، وهو يتجه نحو دكان بيع الألعاب النارية ، ليحتفل مثل كل الأطفال بشهر رمضان ، سوف يصنع قذيفة عند الإفطار يطلقها ليرتفع أذان المغرب ، ويفطر الناس 0
ما إن وقف كريم أمام باب الحانوت ، وطلب من البائع ما يريد ، وأسرع بإخراج الجنيه ، لم يجده 0قلب كل جيوبه ، وكاد يخلع ملابسه بحثا عنه ، وبحرج شديد انسحب كريم وهو يردد:" ربما سقط فى الطريق "0
وفى طريق العودة أبصره ، وهو يتطاير ، ويضحك ساخرا ، فجرى خلفه ، وقبض عليه ، وقد ملأه الفرح ، وهرول عائدا صوب الدكان 0ظل كريم يطبق على الجنيه حتى وقف أمام التاجر ، وعاود طلب ما يريد ، ودفع بالجنيه فى يد الرجل ، فباغته ، وحلق عاليا ، وكريم يكاد يبكى ، ويسقط من الدهشة 0
طيب البائع خاطره ، ودفعه إلى العودة إحضار آخر ، لا بد أن أباه أوهمه ، وأعطاه جنيها مغشوشا ، يسكنه عفريت مشاكس ، وبالفعل بكى كريم 00 بكى بشكل مؤلم ، فجأة أطل الجنيه من جيب كريم ، وهتف به :" أنا هنا 00 أنا هنا "0
صرخ كريم :" وأنا لا أريدك ، سوف أمزقك إربا إربا "0
تمايل الجنيه ، وقال :" كيف تمزقني ؟ وأنا لا أستحق منك هذا 00 جربني مرة أخرى ، ما رأيك فى هذا القلم الجميل المعروض فى هذا الدكان ، هيا ، إنه قلم يستحق ثمنه "0
مسح كريم دموعه ، وقال بتردد :" أنت تضحك علىّ ، أنت جعلتني مثار سخرية الناس "0
بش الجنيه فى وجهه ، وقال :" هذه المرة لن أفعل ؛ فأنت ولد طيب يا كريم "0
وللمرة الثالثة عاد كريم لدكان الألعاب ، وفى الطريق شهد أطفالا يلعبون بالصواريخ والبمب الذي يفرقع ، ويتطاير منه الشرر ، وإذ بطفل يصرخ ، ويتوجع ، ثم يلتم حوله المارة ، ويحملونه متوجهين صوب المستشفى 0
نسى كريم نفسه ، وأصابه الحزن ، وقال :" لن أشترى هذه الألعاب الشريرة ، لقد ضيعت فرحة الأطفال برمضان ، لن أشتريها "0
عاد كريم إلى البيت ، والجنيه بين أصابعه جديد ، جميل 0 فجأة طرق الباب طارق ، فهم بفتحه ، فرأى أمامه عجوزا ، أمسك لسانه عن طلب ما يريد ، قابله كريم بوجه مبتسم ، وقال له :" تفضل يا عمى " 0 نظر العجوز فى وجهه ، وطلب كسرة خبز ، كاد كريم يجذبه إلى الداخل ليأكل معهم بعد أن ألح فى ضيافته ، فأبى حياء العجوز الاستجابة 0 تردد كريم فى الإسراع إلى والدته لدعوته ، وأخرج الجنيه من جيبه ، وفكر قليلا ، ثم قدمه للرجل الذي قبله ، ودعا لكريم بالنجاح والخير ، ثم اختفى 0
ركض كريم إلى والدته فى المطبخ ، وأخبرها بما فعل ، فأثنت عليه ، وقبلته ، وبينما هو يفكر فى الجنيه ، وكيف أنه لم يتلاعب به أمام العجوز ، فلم يختف ، ولم يتطاير فى الهواء مثلما فعل حين شرع فى شراء الألعاب النارية 0 تحسس جيبه ، فإذا بالجنيه يطل منه ، ومعه آخر و آخر ، فعقدت الدهشة لسانه ، وحط على أحد الكراسي زائغ البصر ، وسرعان ما نادى على والدته ، فأقبلت لترى مابه ، وحكى لها ، وهو يلوح بالجنيه ، فضحكت الأم ، وامتلأ وجهها بهجة وانشراحا ، وقالت :" العجوز رد لك كرمك بأحسن منه 00 هيا يا رجل هات لى مسحوقا من البائع لأنهى غسل الأطباق والصحون "0
عدا كريم طربا ، وحين أصبح أمام الحانوت ، تقدمت يده بالجنيه ، فجأة طار ، كما تبخرت بقية الجنيهات ، فقال فى نفسه :" الملعون عاد يشاكسني ، لا بد أن هناك خطأ ، كان بيدي ، وأنا أمام البائع "0 ثم فجأة ركض ساخطا ، وقد صمم على حرقه أو تمزيقه إن وجده 0
كانت الجنيهات تتدحرج خلفه ، وكأنها ألعاب سحرية تنط ، وترقص ، وكريم يبكى أو يكاد ، وقبل أن يقترب من باب البيت ، أسرعت الجنيهات ، وأغلقت عليه الطريق 0
أبدى الجنيه أسفه أن اضطر لفعل هذا ، لكن كريم لم يتقبل هذا الأسف ، بل جرى خلفه ، وكاد يدهسه بالحذاء ،لولا رشاقة الجنيه ، وتراجعه فى الوقت المناسب ، وصرخته فى وجه كريم قائلا :" كيف تقدمني لأعدائك ؛ يشترون به سلاحا وعتادا لقتلك وقتل إخوانك !!"0
تشكك كريم فى نوايا الجنيه ، وظن نفسه مريضا ، ثم أحس برأسه يلف، والأرض تدور به ، فجلس حيث كان ، وهنا أشفق الجنيه عليه ، وقال محاولا مساعدته فى فهم ما يريد :" الشركات المنتجة لهذا المسحوق قامت هي وغيرها من الشركات من هذا النوع لتوفير الأموال لهؤلاء القتلة 00 هل فهمت الآن ؟ "0
صرخ كريم :" هنا 00فى بلادنا 00 أنا لا أصدقك "0
ربت الجنيه على كتف كريم ، وقال :" هي شركات تمتد فى كل أوربا وأمريكا ، وتتسلل إلينا من خلال جنسيات وأسماء لا تمت لهؤلاء القتلة بصلة ؛ لذلك تدخل بلادنا "0
كريم برأسه الصغيرة كان غير قادر على الاستيعاب ، ولكنه ليس غبيا ، فقد فهم قصد الجنيه تماما ، ولكن بعد تفكير طويل 0 هتف كريم بعد صمت :" وما العمل وأمي تريد المسحوق ؟"0
ابتسم الجنيه وهو يقول :" اشتر آخر ، سوف أمدك بقائمة بالمنتجات المشبوهة ، وعليك البحث عن البديل "0
قدم الجنيه القائمة لكريم 0 كانت تحمل أسماء لمنتجات عجيبة ، يحب الكثير منها ، مثل الحلويات ، والألعاب التي تحملها بعض السلع ؛ فقرر ألا يشتريها مهما كان قدر حبه لها !!
نما حب كريم لجنيه ، لدرجة أنه ما عاد يصرف ما يعطيه له والده ، وخشي الوالد أن يكون فى سبيله لأن يكون بخيلا شحيحا ، ولكن بمجرد معرفته من الأم ماتم على عينها مع العجوز ، وحكاية المسحوق ، وكيف رفض شراء سلعة ، تنتجها شركة مشبوهة ، تتعامل مع أعداء البلاد ، تركه يفعل ما يشاء ، بعد أن اطمأن لسلوكه الرزين 0
وفى يوم من الأيام أعلن عن حملة قومية لجمع تبرعات لصالح أطفال الانتفاضة فى فلسطين ، فسارع كريم إلى والده ، وعرض عليه الأمر ، فقال له :" سل جنيهك المسحور !!"0
على الفور أحصى كريم ما معه ، وفى الصباح قبل خروجه من البيت ، كان يتأكد أن الجنيه فى جيبه ، وفى الطريق كانت الجنيهات تتناثر أمامه ، وترقص فى بهجة ، وتكاد تضيء الطريق من شدة وهجها ، ودون أن يشعر قال كريم :" هل تظن المبلغ معقولا يا كريم ؟"0
فاجأه الجنيه قائلا :" ليس المهم كم ، ولكن الأهم هو إيمانك بالفكرة "0



أستاذ ربيع..
بداية اسمح لي أن أعبر عن عميق إعجابي بسلاسة سردك , والجاذبية الرهيبة التي تمارسها كلماتك على القارئ , بحيث يستحيل على أحد أن يقطع قراءته أو يتحول إلى قراءة أخرى ..
وهذا يظهر أكثر وبشكل أكثر جمالا حين يدخل طفل على خط قصصك , فأقرأ براءة وطفولة وقيمة تعود عذراء كما لو أنه لم يشوهها شيء بعد ..
وكم هو جميل هذا الطفل , لطيف, طيب , مطيع لفكرة سامية أسكنها به جنيه واحد .. على عكس أطفال لا تؤثر بهم جنيهات العالم ..
أتصور أنه هنا أيضاً قد لجم الموضوع ( بإرادة طبعاً ) توجهه للأطفال .. وفي تصوري ما كان ليكون بنفس الحتمية لو لم يكن كذلك .. فللأسف سيدي يبدو أن الجنيهات قد عشقت أولئك المخربين , عشقت فسادهم وقذارتهم , وما عادت تريد أن تفارقهم ..
حتى الجنيهات قد خذلتنا كما خذلنا كل شيء , فما عادت تريد كفاً نظيفاً , أو قلباً ناصعاً ..
تريد أولئك الخونة المتجبرين المتشبثين بالحياة بأظافر من حديد , كما لو أنهم لن يعرفوا الموت يوماً ..

أعرف في النهاية , قلبي يحدثني , بأن هذا لا يمكن أن يدوم , وأننا لن نستسلم لليأس وجنيهات فارغة .. وبنوك زائفة ..
أسعدتني هذه القراءة , أحب قصك , والأفكار التي لا يتوه عنها , ولا يخذلها لأي سبب كان ...

هل لديك بعض من مواليده هذه الجنيه الوطني ؟! .. علك ترسل لي في قذيفة واحداً ما أبدله ليرة
أهديها لبلدي .. والدكان في حارتنا ..؟!!!


تقبل مروري
حلا
[/SIZE][/SIZE]

 
 

 

عرض البوم صور حلوش2  
قديم 03-01-08, 01:44 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
فارس القلم


البيانات
التسجيل: Oct 2006
العضوية: 15247
المشاركات: 2,105
الجنس ذكر
معدل التقييم: black rose عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 16

االدولة
البلدPalestine
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
black rose غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ربيع عقب الباب المنتدى : خواطر بقلم الاعضاء
افتراضي

 

ربيع

اليس طفلا رائعا ولو ان جميع الاطفال يتمتعون بكبر عقله و تفهمه وكم هو جميل ذلك الجنيه الذي ارششد كريم الى طرقه الصحيح اخذا نصح ابيه عبدالله .. صديقي تلك حكمه اخرى اجدها بين كلماتك التي طالما اعجبت بها وبفنك الذي اتصف بالحكمه والدقة وقوة الحروف وايضا السيطرة علينا .. ربيع سرد مميز واخآذ كما عهدتك

دمت بكل ود و خير

تحياتي

 
 

 

عرض البوم صور black rose  
قديم 03-01-08, 09:37 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
سيدة القلم


البيانات
التسجيل: Feb 2007
العضوية: 22956
المشاركات: 891
الجنس أنثى
معدل التقييم: ro7ana_27 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدPalestine
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ro7ana_27 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ربيع عقب الباب المنتدى : خواطر بقلم الاعضاء
افتراضي

 

ما هذا ايها الربيع....

ما كل هذا الجَلَد..... غير معقول انت.... على الرغم من انك تكتب بطريقة غريبة إلا أني أجد نفسي أوبخ نفسي على قلة حيلتنا وضعفنا..... ربيع انت تعيش لزمن غير زمنك....... تعجبني مع انك بعيد....




كن قريب
نارة

 
 

 

عرض البوم صور ro7ana_27  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, الجنية المتمردة, بقلم الاعضاء
facebook




جديد مواضيع قسم خواطر بقلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 04:05 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية