غدا أعود مجددا الى فرنسا، لا أعلم لما تمر أيام العطلة بسرعة، للأسف،،،
رغم مرور سنتين على ذهابي لفرنسا لا استطيع ان امنع دموعي الخائنة من النزول أمام نظر امي... لكم تمنيت في كل مرة ان أكون قوية لأجلها...ردا لجمائلها علي... هي كانت و لا زالت دائما قوية ـ أو ربما تتظاهر بقوتها ـ لأجلي لكي لا أحس بالانكسار و الضعف....
لكني ضعيفة و من المستحيل أن أنكر هذا الاحساس على الأقل أمام نفسي.... أعلم اني ضعيفة... لكن ما يهون علي هو أن أمي... تظن اني حزينة لمغادرتي الوطن مرة أخرى....
تظن أني أحس بالغربة هناك.... آآآآآآآآه أماه ليتك تعلمين ما أحسه هنا ....
غربتي هنا اقسى من غربتي هناك ...
هناك الكل غريب كل الناس حتى الفرنسيين منهم ...هناك كل يعيش لنفسه... صلة الرحم بينهم مقطوعة... علاقاتهم باردة كجوهم....
هناك لا يسألني أحد عن عائلتي عن اخوتي أعمامي أو أخوالي أو جدتي أو ابناء اخولي أو أعمامي... و فوق كل هذا لا أحد يسالني
عن ابـــــــــــي....
لا أدري لما يؤلمني قلبي في كل مرة أفكر فيه.... لا أدري هل أكرهه... هل أحبه... هل علي أن أعتبره شيئا محايذا في حياتي....
أنا لا أعرفه و لم أره أبدا لا أعلم ان كان يعلم بوجودي هل مات أم مازال جسده تائها في مكان ما من كوكبنا هذا....
أمي تحبه... أمي بقيت وفية له طوال حياتها،، لذلك لا أستطيع منع نفسي من أن أحن له....
أ حب أن تتكلم أمي عنه لأن ذكراه تجعلها سعيدة...نعم أرى برق السعادة في عينيها عندما نتطق اسمه و تحكي عن شخصيته ....
كنت فعلا أعجب لها...كيف تحب شخصا تركها بكل سهولة تواجه ظلم الحياة... ظلم الناس و نظراتهم، ظلم جدي ظلم اخوتها...لقد ظلمها... أو ربما هي من ظلمت نفسها حين سمحت لنفسها أن تحبه....
لا أدري....
هذه الأفكار تخنقني... أحاول أن ائتي الى هذا المكان لأستنشق هوائه العليل لعل الهم الثقيل على صدري يخف...لكن للأسف لا مفر، تعبت وسط دوامة افكاري التي لا تنتهي.... أحتاج لمن يحل عقد حياتي... احتاج لمن يخبرني .....
أين أبي؟؟
على أي سأحاول التفكير في الغد، في الحقيقة هذة أول مرة سأسافر بالطائرة...كنت دائما أسافر بالحافلة لفرنسا...رحلة طويلة و متعبة خاصة لإنسان يزيد الصمت و الوحدة من حزنه ... لكن ثمن الرحلات الجوية مرتفع و أنا لا أملك ثمنها و لا أحب مطالبة أمي بالمزيد من المال...
لكن هذه المرة حلفت ان لا أسافر برا لمدة طويله مرة أخرى...فقد قضت يومان من القلق عندما كنت آتية إليها لأنها سمعت عن وقوع العديد من الحوادث بسبب الثلوج الكثيفة التي تسبب انزلاق الحافلات و الشاحنات الكبيرة الحجم... لكن و أخيرا ستر الله...و هدأ قلبها و قلقها عندما رأتني أمامها سالمة معافاة...
لا أعلم من أين لأمي بالمال...لم أحاول أن أسألها يوما..لا أدري لما... و لكني متأكدة من أنها شريفة و عفيفة و مالها ليس حراما... ربما هو من جدي فهو رغم كل شيء يحبها لأنها مدللته و وحيدته... هو فقط لا يستطيع مسامحتها لأني موجودة في حياتها و لا يتحمل رؤيتي... أو ربما خوفا من اولاده الذين هم أخوالي...
ربما أما بالنسبة لي فلست حاقدة على أحد... حتى على أبي الذي لا يهمه وجودي كما يبدو...
احيانا أتخيل أنه جاء إلي و أخبرني أنه أبي...لا أظنني سأنفعل أو أبكي أو أن أرفضه.... بل سأرمي بنفسي على صدره أجعله يحمل عني أثقال الحزن و الخوف التي تجعلني أكبر من عمري بعشرات السنين...لن أعاتبه لن ألومه حتى لا يتركني مرةأخرى و يحطم آخر آمالي التي أحيا عليها....
أينك أبـــي؟؟ هل تحس بشوقي لك؟؟ ألا زلت فوق الأرض؟؟ أم أنك ....صرت تحتها؟؟
**** **** **** **** **** ****
هذا حالها من يوم صار عقلها قادرا على التفكير و التمييز و المقارنة،، التفكير في المستقبل،، التمييز بين الحسن و السيء،، و المقارنة بين نفسها و الآخرين،،
تدور في دائرة مغلقة عنوانها الأب و بطلها الأب وهي مخرجها هي و منتجها الأم التي لا تتعاون ،، فتجد نفسها امام نقطة البداية من جديد
قليل كلامها،، إلا مع ذاتها
قليلة ابتساماتها،، إلا مع أمها
قليلة دموعها،، إلا أمام روحها المذبوحة
ســـلــمــى
ذات بشرية ضعيفة بحجمها،، قوية بعواطفها الرقيقة و نظرتها الحالمة
ســــلمـــــى
فتاة بلا هوية
لكن بإرادة أقوى من أوراق الهوية
فتاة بلا أهل
لكن ثقتها بالله تغنيها عن الأهل
ســلــمى
لا مكان للحقد في قلبها
لا مكان لليأس في حياتها
لا مكان للكره في معاملاتها
لكل الناس نصيب في قلبها الكبير
لكل الناس نصيب من طيبتها الزائدة و حبها النقي
لكن لا مكان لها بين الناس
لذلك أوجدت لنفسها مكانا في أعماقها تنزوي فيه وحدها بين همومها و أحزانها،، تحاول إيقاف نزيف جروحها بنفسها،، علها تلهي نفسها عن نظرات الناس و همساتهم،،
..