كاتب الموضوع :
ألحان الشوق
المنتدى :
الارشيف
طالت لحظات تأملها للبحر،الذي كان خاليا بحكم برودة الجو و هيجان البحر ، إلا من بعض هواة الصيد،
تأتي دائما إلى هذا المكان، ترتاح له تحس أنه أنه يشبهها، كأنه يمثل مشاعرها الدفينة،، الغضب،، الحيرة،، و الحزن،،
قطع عليها هدوءها و تأملها صوت موسيقى مرتفعة جدا، استدارت بكل هدوء لترى ماذا يحصل خلفها، و بالفعل لم تكن إلا شلة بنات و شباب كما توقعت، تجمعوا بسرعة كبيرة في موقف السيارات الواسع تاركين محركات سياراتهم مشتغلة، و الموسيقى الغربيه المزعجة تصارع صوت ارتطام الأمواج بالصخور العملاقة ،، و صوت قهقهاتهم المرتفعة الصفراء تتعالى من الحين لآخر، و كأنهم يعلنون استعمارهم للمكان، داعين الباحثين عن الهدوء بكل قلة أدب لترك المكان و البحث عن مبتغاهم في مكان آخر،
وقفت من مكانها و هي تلف معطفها عليها لتحمي ضلوعها من هواء البحر البارد و الرطب، لم تكن تنوي مغادرة المكان بسرعة، لكنها لا تقوى على استحمال هذا الإزعاج أو تجاهله كما يفعل الصيادون
ركبت دراجتها و هي تتأفف "تركنا لهم الملاهي و المقاهي و الأسواق، و مع ذلك يزعجون الطبيعة و يضايقون محبيها
قادت دراجتها قاصدة المنزل لتنهي جمع أغراضها، و هي لا تزال تفكر كيف تقنع أمها بموضوع السفر و البحث عن أبيها، فكرة مجنونة،لكن ليست مستحيلة، هي تحتاج فقط لمعرفة مكان إقامته،تنهدت بعمق آه أمي لو أنك تقتنعين،،
دخلت من بوابة البناية و هي تدفي وجنتيها الباردتين بيديها، ألقت التحية على صاحب العمارة العجوز الطيب،،كم تحب منظره هذا و هو يحمل السبحة في يد و بيده الأخرى يحمل فنجان قهوته التي تنعش الروح برائحتها الشهية،، و كما العادة لم يخذلها و دعاها لتشاركه القهوة، ابتسمت له شاكرة و ممتنة، هو يعلم مدى حبها لقهوته تلك منذ صغرها، و قد اعتاد هو أيضا على أن تشاركه سلمى قهوته اليومية التي يتفانى في تحضيرها و اتقانها يوميا بعد عودته من المسجد بعد صلاة العصر.
أخدت سلمى فنجانها و جلست إلى جانب العم عبد الله، سألته عن زوجته فقال أنها نائمة كعادتها بعد أن تصلي العصر،
ارتشفت القليل من فنجانها و أغمضت عينيها لتستمتع بمذاقها اللذيد.
سلمى: آآآه يا لها من قهوة منعشة، هل تعلم انها اكثر ما أشتاق إليه في غربتي؟
نظر إليها العم عبد الله بعتاب: لا تحاولي مجاملتي، فقد حصلتي على الوصفة السرية، و بإمكانك تحضيرها بنفسك،،
سلمى:ههههههههههههه لولا معزتي عندك لما أعطيتها لي لا تحاول تمثيل الندم علي، ثم أن قهوتي ليست أبدا مثل التي تحضرها أنت، ينقصها حبك و قلبك الكبير،
العم عبد الله: لا بنيتي لا ينقصها سوى بعض الخبرة. لو أنك بقيت بيننا لما قصرت عليك بها،كنت لأجعلك تفطرين بها قبل الدوام، و تجدينها معدة لدى عودتك.
حاولت سلمى الإحتفاظ بابتسامة على شفتيها، لكن العم عبد الله لمح سحابة الحزن التي عادت لتغطي بريق عينيها و تجعل نظراتها منكسرة و كئيبة،
سلمى(وهي لا تزال مبتسمة):لم يبقى الكثير و أنهي دراستي و أعود إليكم إلى الأبد، ثم لا تلمني عمي، و أنت أكثر شخص تشجع على التعلم و نيل المعالي، أم أنك تحب ذلك لأولادك فقط.
ضحك العم عبد الله بحنان:لكنك لست خالد و لا جهاد، انت سلمى الصغيرة الرقيقة، لا أستطيع تخيلك وحيدة تواجهين الغربة و الناس.
سلمى:هناك لا أواجه الناس عمي، مواجهتهم هنا أشد علي من هناك.
رق قلب العم المسن لحال سلمى، لا تستحق حياتها هذه،إنها رقيقة،طيبة،خلوقة، لو أن الله رزقه و زوجته بابنة لما كان ليحبها قدر حبه لسلمى.
أحست سلمى أنها أحزنت العم بكلامها اليائس، و لأنها تعلم انها لن تقاوم أكثر أمام طيبته و حنان نظراته،وقفت و قبلت يده
سلمى: عمي لاتنسني من دعواتك،
العم عبد الله:يعلم الله يا بنيتي أنني أدعو لك أكثر مما أدعو لأولادي
سلمى:لا لا لا اعدل بيننا،لا أريد أن يغضبا مني
صعب عليها أن تذهب و تتركه حزينا فجلست أمامه و سألته بمرح
سلمى:عمي امممممممم، أخبرني بما أنك سبق و ركبت طائرات كيف أحسست، هل الأمر مخيف،
فهم العم قصدها، و ضحك بصوت عال، ثم ربت على رأسها و قال:لا تخافي فبعد رحلتك هذه ستعشقين الطائرات، أعرفك جيدا و أعلم أنك ستستمتعين بتأمل الطبيعة من السماء،
ابتسمت له سلمى بحنان و قبلت رأسه ثم ودعته لأنها تعلم أنها لن تراه بالغد، يوم الجمعة يذهب مبكرا للمسجد و لا يعود إلا بعد صلاة العصر.
أحيانا تحسده على حياته المريحة الرتيبة و تتمنى أن تشيخ بسرعة. و لكنه يقول لها دائما"لا تستعجلي، تمتعي أولا بشبابك، فأحيانا أحسك أكبر مني
التعديل الأخير تم بواسطة ألحان الشوق ; 16-01-08 الساعة 09:07 AM
سبب آخر: تنسيق النص
|