كاتب الموضوع :
الزين فينا والشين حوالينا
المنتدى :
الحوار الجاد
فعل للحب
أصبحت أشعر بحميمية أكثر في المطبخ عن ذي قبل، وثقة أكبر. لست من البنات اللائي اعتدن دخول المطبخ ومساعدة أمهاتهن منذ الصغر، كنت طفلة مدللة نوعا، كما أن أمي لم تكن أبدا تسمح لي بالوقوف معها ومشاهدتها تصنع الحلوى أو حتى الأصناف العادية وأعطل دروسي ومذاكرتي. لا أعرف متى بدأ المطبخ يستهويني، لكنني أعرف أن هذا حدث مؤخرا جدا.. ربما عندما طلبت مني أن تتذوق شيئا من صنع يدي، أو قبل ذلك بقليل- في بروفاتي السرية لطبخ شيء يصلح لأن أقدمه لك عندما نتزوج.
ارتبط المطبخ لدي بالمشاعر منذ الصغر.. أذكر جيدا إشراف جدتي على إعداد الكعك والبسكويت في العيد، وكيف أن وصفتها لم تكن تخيب أبدا.. وكيف أن الأجيال الجديدة توارثتها، وتساهم في تمريرها ونشرها حتى الأن.. أذكر وقت المغيب الصيفي فوق سطوح بيتنا القديم.. قطع البطيخ المثلجة مع الجبنة المالحة قليلا.. أمي وأبي وعماتي وأعمامي وأولادهم وجدودنا أيضا.. أذكر الكِشك البلدي الذي لم اتذوقه سوي في البلد مع جدي وقت سافرنا معا.. أذكر كرواسان الجبنة الذي اعتادت أمي صناعته مع جيراننا في العمارة القديمة.. وكيف كنا نتلهف على أول قطعة تخرج من الفرن.. نتسابق حتى نأكلها، ونمسكها بمنديل كي لا نحرق أيدينا.. وجه أمي الراضي، وعيوننا السعيدة الشقية وقفزنا مع أولاد الجيران واستجدائنا للحصول على قطعة عجين نشكلها على هيئة عرائس وثعابين ! أذكر تفاصيل هذه الأيام ومذاقها جيدا وبوضوح..
الطبخ فعل حب.. هذا هو ما عرفته، وهذا هو ما شعرت به حينما كنت أعد لك كيك الشيكولاتة بالأمس أو فطيرة التفاح قبلها.. لم أستطع الوقوف في المطبخ دون أن أسمع موسيقى هادئة.. حرصت على أن أعمل بيدي وأن أمزج المكونات وكأنني أربت على ظهر طفل.. برفق بالغ.. كثيرا ما كنت أفكر في رائحة بيتنا.. فبعض البيوت -كما تعرف- لها رائحة مقبضة وغير مرحبة، وأنا أرغب في أن يفتح بيتنا ذراعيه لكل من نحبهم ويحبوننا.. أنا لا أرغب في أن تكون رائحة بيتنا برائحة العطور، أو معطرات الجو، سيكون من الأفضل أن يكون البيت برائحة النعناع أو القرفة أو الشيكولاتة الذائبة أو التفاح.. والأهم من هذا أن تكون الرائحة دافئة..
لا شيء يضاهي سعادتي بخروج المخبوزات من الفرن.. منتفخة وساخنة ورائعة سوى سعادتك أنت بها وبتقديرك للأمر برمته.. الطبخ فعل حب.. توظف أنت فيه اللمس والشم والتذوق والرؤية وأوظف أنا فيه اشتياقي لك، ولإبتسامة من وقع المفاجأة.
منقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــول
|