كاتب الموضوع :
ro7ana_27
المنتدى :
خواطر بقلم الاعضاء
نارة
أهلا بك
إن المفهوم السائد ، أو المجتهد فى الكشف عن ماهية القصة القصيرة ، ليقف هنا مستنكرا ، هل هذا النوع من الحديث يقع تحت طائلة القص أم لا ؟
وهناك الكثير الكثير من التعريفات التى درسناها فى مختلف القراءات النقدية ، والمدارس الأدبية ، ومع ذلك تظل القصة القصيرة ساحرة ومراوغة ، و لا تقبل أيا منها ، على كثرتها ، ويمكن أن نجمل بأن القصة القصيرة تحتمل كل هذه ...فلم يصل بعد هذا العبقرى ، الذى يستطيع وضع حد ، أو تعريف نهائى لها !!
بالنظر فى هذه المقطوعة الأدبية التى أمامنا ، وتحسس لغتها ، وجملها ، وطريقة رسم المشهد ، بها ، والانتقال إلى الصورة ، سوف نجد هنا قصة قصيرة أكثر حداثية ، تقترب أكثر إلى حميمية بوحية ، لنفس تتوق إلى حبيب ، التقته بعد طول بحث ، ليفجر فيها ، الكامن والمراوغ كأنثى ، تعالو معى لنقرأ :" اعترفت بها حواسي، السِتُ منها والخمس....!! كيف أكونها ولم تكن أنت. وها قد أتيت..... من البعيد، من الوريد من بين ملايين العيون انتقيت..... حبيبي.... أحبك.... ما أجمل كلماتي العاطفية البكر...... وددت لو رددتها على مسمعك وأمامي ألف، ألف مرة!!!!
كيف تعتر ف بعمر مضى ، كانت فيه غير التى الآن ، لقد فجرت التجربة الجديدة الأنثى التى غابت طوال هذا الوقت حتى يأتى من قيض له تفجير هذا السحر ، وهى تستمر فى التأكيد على هذا الحدث ، فتدخل فى حوار مع كامل أعضائها ، وكأنها تملى عليها إرادتها ، ثم تستخرج صور فى غاية الرهافة :" لا تستغرب فأنا منذ دارت دماء رحمي دورتها الأولى، وقالت جُمل جسدي كلمتها الأولى أحبك.....اختزنتها في قلبي في جسدي في دمي حتى التقيتك.... ما أجرأني معك!!! مال بال لساني لا يكف عن مخاطبتك، وعضلات يدي استنكرت أوامر الأجهزة العصبية بأن تلاحق يدك، وتتشابك معها وترسمني وترسمك..... حقي فيك.... تلك الأيام التي خطوتها جسداً بدون قلبك، ورأساً بدون عينك..... وقفت طويلاً أمام خزانة ملابسي انتقي أجمل الألوان لتلبسك، تلامس أطراف الأقدام وأنا أراقصك..... جفّت الكثير من باقات الورد التي اقتنيتها في أعياد الحب التي مرت عليّ وحيدة أذكرك.".وتظل تنهل من فيض روحها معايشة لهذه الحالة العشقية ، الرهيفة ، التى فجرها ظهور المنتظر ، بل غير المنتظر ، والذى جاءها كأنها رأيته فى أحلامها التى قتلها الوقت !
إن الإيقاع سريع ، وغنى فى هذا العمل بالفعل ، ومراوغ فى ذات الوقت ، إلى حد ربما أخرجها بعيدا عن منظومة القصة كما أسلفنا .
ونستمر مع هذا الاسترسال فى التدفق الجميل المتشابك ، لهذه المرأة المسحورة بانجازها ، واكتشافها الكنز ، حتى آخر كلمة فى هذه المقطوعة ، ولنقرأ معا :" ما أجنني وأعقلك..... انتظرتك زلزالا يهز أنهار جنتي وفلاحاً ماهراً يزرع الأشواق في تراب القلب فتخضر الروح حقل زهر وتقول لي نحلي يُخصبك....... ما أجملك، ما أروع أيامي بصحبتك، ليتني امرأتك تهطل عليّ مطراً يُنبت الميت مني ويُنعشك....... وقد يتساءل سائل : أين الحدث هنا فى هذا العمل ، وأقول أن الحدث هنا كان الحقيقة التى دار حولها هذا البوح ، و الأزمة التى حلت بمجرد الالتقاء بهذا الذى حولها إلى الأنثى التى خلق الله .. ولو أن ليس مطلوبا أن تخضع القصة لهذه المفاهيم التى كانت سائدة فى بدايات القرن التاسع عشر فى أوربا .. فقد تم تحطيم هذه النظرة ، و الوثوب عليها ، وتعديها بمراحل ، ومراحل ، وربما كانت القاصمة لها ، ظهور مايسمى بالقصة الجديدة فى أوربا بعد الحرب العالمية الأولى ، حتى وصلت بنا اليوم إلى سطر وربما جملة !!!!
شكرا لك أيتها الأديبة الرائعة ، استمتعت بهذا العمل أيما استمتاع ، و فى انتظار المزيد من أعمالك التى بالفعل تثرى ، و تذكى الذائقة ، وترسم معالم جديدة للإبداع هنا فى متندى ليلاس " الخواطر " بل يتعدى هذا بكثير إلى المشهد الأدبى فى الوطن .
|