المنتدى :
الارشيف
روايتي حبيبة روحي .. على حلقات متسلسله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روايه جميله من ابداع قلمي المتواضع اتمنى ان تحوز على اهتمامكم ولا تبخلوا علي بردودكم
في ضواحي مدينة مكسيكو يلفت نظرنا بيت متواضع وجميل يجمل سقفه حجر القرميد الاحمر تطل واجهة نوافذه الكبيره على باحة واسعة يغطي واجهتها بساط أخضر نضر وأحواض زهور واشجار معتدلة الطول تبعد قيد خطوات عن الشارع الرئيسي كان هذا المنزل المتواضع ببنيانه الدقيق يعود إلى ملك الجنرال غوميز ميندوزا وهو يعد من أشهر الجنرالات واوسعهم صيتا في الاوساط العسكريه توفي وهو يحارب ببسالة في أحدى المقاطعات النائيه على ايدي أحد السكان الأصليين بوحشيه ضاريه إلا أنه إستطاع ببسالته وشجاعته من حمل راية كونزاليس الرابع حاكم ولاية مكسيكو لأبعد ما يمكن أن يصل إليه بفتوحاته المستمره جاء خبر وفاته كالصاعقة على مسامع عائلته المفجوعة والتي يتكون أفرادها من زوجته دونيا كونسويلو وإبنته بيانكا ومدبرة المنزل كاتالينا المؤلم في الامر كله هو أن وفاة غوميز ألقت بظلال سوداء على حياة دونيا كونسويلو فكل املاكه وثرواته ذهبت ادراج الرياح بعد أن تولت دونيا كونسويلو من تسديد الديون المتراكمه على زوجها حتى إستنزفت آخر بيزوس لديها فقد كان زوجها وللأسف محبا للعب القمار لم يتبقى لها من ذكرى زوجها الراحل سوى مجموعة ألقاب حربيه ووسامات تقدير تزين بها جدران بيتها لكنها بالرغم من وضعها الإقتصادي المحرج كانت موضع إحترام وتقدير في الحي كله يكفيها شرفا أنها زوجة الجنرال الشجاع غوميز ميندوزا فها نحن الآن نقف في وسط صالة الجلوس حيث تجلس دونيا كونسويلو على الاريكة تحيك بخشوع قطعة قماش من الصوف وبقربها تقف مدبرة المنزل كاتالينا بكوب الشاي المحلى بالعسل وضعته على المنضده أمامها ومن ثم إنحنت بصمت وسارت بهدوء إلى المطبخ تناولت دونيا كونسويلو كوب الشاي ورشفت منه بضع رشفات ومن ثم عادت لتحيك بصمت قرع جرس الباب فسارعت كاتالينا لفتح الباب ليرتفع صوت دونيا كونسويلو سائله :
ــ من الطارق كاتالينا ؟ أغلقت كاتالينا الباب وسارعت قائله وهي تقبل نحوها :
ــ إنه رجل البريد يا سيدتي .. ومن ثم مدت يدها بمغلف رساله إلى دونيا كونسويلو التي تناولتها منها بعد ان وضعت عدة الخياطه جانبا وبإشارة من يدها أمرت كاتالينا بأن تتركها وحدها سارعت المدبره إلى الإختفاء فورا من امام ناظريها لتترك دونيا كونسويلو وحدها تقلب المغلف بين يديها لترى من مرسله فتحته على عجل وقراته لترتسم علامات الضيق والاسى على وجهها وتنطلق عبراتها تغرق وجهها فيبدو ان الرساله كانت تحمل خبرا سيئا وحزينا لها لكن الحياة هي دائما هكذا لا بد أن تكون قاسيه ومؤلمه فمن المستحيل ان يعيش المرء حياته سعيدا فالحزن والفرح وجهان لعمله واحده وشاءت الاقدار أن تعيش كونسويلو الوجه المؤلم من الحياة بخبر وفاة زوجها والآن بخبر وفاة شقيقتها مارتنيز هذا ما كانت تحمله الرساله في طياتها خبر وفاة شقيقة دونا كونسويلو وايضا خبر وصول إبنتها الوحيده أنا لوسيا التي قد عهدت بها لتكون في رعاية شقيقتها دونيا كونسويلو بعد وفاتها ولهذا سارعت دونيا كونسويلو لكاتالينا وامرتها بتجهيز غرفة العليه لإبنة أختها وقد كانت الغرفه الوحيده الشاغره في المنزل وامرت سائس العربة بتجهيز العربه حتى ينطلقا بعد دقائق إلى المحطة لإستقبال الفتاة القادمه لكنها قبل أن تستقل العربة ذهبت مباشره إلى حجرة إبنتها بيانكا لتخبرها بآخر المستجدات وجدتها كعادتها تجلس بخيلاء أمام مرآتها تمشط شعرها وتتغنى بجمال وجهها وشبابها بزفرة ضيق قالت دونا كونسويلو :
ــ هل لك أن تتركي المشط قليلا وتستمعي لي . هزت بيانكا راسها بإمتعاض وقالت لأمها بقليل من الجفاء البارد :
ــ يمكننني سماعك يا امي دون التوقف عن تسريح شعري . جلست دونيا كونسويلو بإنكسار على الكرسي المقابل لها ومن ثم قالت دون مقدمات :
ــ ستأتي إبنة خالتك أنا لوسيا للإقامة عندنا .. وبغضب أسقطت بيانكا المشط من يدها وإلتفت نحو أمها وصاحت :
ــ ماذا أنا لوسيا قادمه؟ ولكن لماذا ؟ . نهرتها دونيا كونسويلو قائله :
ــ ما هذا التصرف الغريب منك يا بيانكا ؟ لا افهم سبب هذا الغضب المفاجىء ؟ إبتلعت بيانكا غضبها واحنت راسها خجلة من تصرفها فقالت :
ــ اعتذر لم اقصد ان ارفع صوتي بوجهك ولكن كل ما في الامر أني تفاجأت بالخبر . نهضت دونيا كونسويلو على عجل فلقد تأخرت على موعد إستقبال أنا لوسيا لكنها وقبل ان تخرج أوضحت سبب زيارة انا لوسيا المفاجىء بأن قالت :
ــ إبنة خالتك العزيزه أصبحت يتيمه نحن الآن كل ما تبقى لها في الحياة . ومن ثم خرجت كالبرق تصرخ على كاتالينا بأن تلحقها في بادىء الامر لم تستوعب بيانكا الخبر وشعرت بحزن طفيف لموت خالتها التي لم تكن يوما قريبة منها ربما لأنها إعتادت دوما الإختلاء بنفسها في غرفتها فبيانكا فتاة غريبه الطباع يصعب وصف شخصيتها المعقده ذات المزاج المتقلب وكثيرا ما عجزت دونيا كونسويلو من إيجاد أسبابا مقنعة لتصرفاتها الطائشه لكن بيانكا كانت متاكده من شيء واحد فقط في حياتها وهو حلمها الكبير بأن تقع في غرام شخص وسيم ذو مكانه رفيعة في المجتمع فلطالما احبت بيانكا أجواء البهرجة والفخامه وكانت تشبه أباها المتوفى بحب إختلاطها الكبير بسادات المجتمع المخملي ولكن هذا لم يخفي مسحة الحزن الخفيه التي تكلل نظراتها الساهمه فوفاة والدها قد أحدث شرخا كبيرا في قلبها وزرع اطياف خوف كبير بعدم الامان في نفسها على الرغم من جهودات دونيا كونسويلو في توفير كل سبل الراحة والرخاء لإبنتها الوحيده إلا أنها عجزت من ان تزرع الامان والإستقرار في نفسها وهذا ما كانت تحلم به بيانكا من ان تجده في شخص فارس احلامها المنتظر ..
شعرت بيانكا بخوف غريب إعتراها فجأه والغريب أن هذا الخوف كان له إسم وهو انا لوسيا التي كانت في يوم من الايام صديقة طفولتها ولكن بحكم إقامة انا لوسيا في القرية الريفيه وبيانكا في الضواحي كان االسبب الرئيسي في بعد الإثنتين عن بعضهما وخلق حاجز من الفتور بينهما على الاقل من جهة بيانكا فطباع بيانكا وإسلوب حياتها يختلف كثيرا عن طباع أنا لوسيا تلك الفتاة الساذجه ذات الطباع الطفوليه فقد وقفت دونيا كونسويلو بتوتر امام سكة الحديد بإنتظار وصول القطار الذي يقل إبنة أختها المتوفاة في حين كانت كاتالينا تحمل المظله فوق راس سيدتها وعيناها لا تسكن للحظه وانطلق صفير قوي يعلن عن وصول القطار بركابه ليخفق قلب دونيا كونسويليو فقد حانت لحظة اللقاء وبين أبخرة الدخان الاسود المتصاعد شق القطار طريقه حتى توقف في المحطة وبدء فوج الركاب بالترجل عنه بإندفاع كأسراب نمل متتابعه ودونيا كونسويلو تنظر بترقب نحو الركاب على امل رؤية أنا لوسيا من بينهم ذبلت عيناها بنظره حانية عندما توجهت نحوها فتاة صغيرة الحجم تعتمر قبعة من القش وتحمل بيدها حقيبة في بادىء الامر ظلت الإثنتان ترقبان بعضيهما بصمت خاشع دون ان تنبسا بكلمه واحده فدونيا كونسويلو قد إغرورقت عيناها بدموع الفرح والحزن معا في حين ظلت الفتاة واجمه وساكنه في مكانها ولكنها تفاجأت بيدين دافئه تضمها وتريح رأسها الصغير على صدرها الحاني وصوت حاني يطرق سمعها قائلا :
ــ حمد لله على سلامتك انا لوسيا .. كم هي جميلة لحظة اللقاء الاولى وكم هو جميل ان تشعر بهذه المشاعر الصادقة تخترق كيانك فتدفىء فراغ الوحده والالم هكذا شعرت انا لوسيا وهي بأحضان خالتها دونيا كونسويلو رفعت راسها الصغير وقد تجلت إبتسامة رضى وسرور تجمل تقاطيع وجهها البريء سارعت كاتالينا بحمل الحقيبة عن سيدتها الصغيره وانطلقوا بعدها إلى العربة كي تقلهم إلى البيت حيث كانت بيانكا بإنتظار قدومهم على أحر من الجمر ففضولها يسوقها لرؤية إبنة خالتها انا لوسيا كيف اصبحت ؟ هل ما زالت تلك الفتاة الصغيره التي إعتادت أن تترك شعرها دون تهذيب ويغطي وجهها الوحل من كثرت لعبها المستمر في الحقول المجاوره أم انها تغيرت بعد ان تركت خلفها سنوات الشقاوة والمرح كانت تروح وتجىء في أرجاء غرفتها بتوتر كبير سكنت حركتها لحظة ما ان طرق سمعها صوت عجلات عربة تقترب من مدخل البيت سارعت نحو نافذه غرفتها واطلت براسها لترى العربة توقفت وبوالدتها تترجل عنها سارعت إلى مرآتها تهندم هندامها وشعرها فبدت ساحره بثوبها الفيروزي وقد زينت جيدها بشريطة مماثلة للون فستانها يتدلى وسطها حجر ياقوتي نزلت مسرعة تتخطى بها درجات السلم وقد رفعت طرفي ثوبها حتى لا تتعثر به وهناك وعند مدخل الباب بالتحديد وقفت أنا لوسيا وبجوارها تقف دونيا كونسويلو تشد برقة على يدها وترحب بها في بيتها الجديد وبإبتسامة عريضه قالت دونيا كونسويلو بعد ان رات بيانكا :
ــ ألن ترحبي بشقيقتك الصغيره ؟ ألجمت الدهشة لسان بيانكا فكيف اصبحت انا لوسيا فجأة شقيقتها تلون وجهها بعلامات الغضب والإستياء لكنها مع هذا إقتربت منها وحيتها لتستقبلها أنا لوسيا بإبتسامة رقيقة وهي تبدي إعجابها الكبير بجمالها من خلال نظراتها لتردف بعدها قائله:
ــ لقد تغيرت كثيرا بيانكا تبدين اكثر جمالا . إبتسمت بيانكا لهذا الإطراء الجميل لتباغتها ساخره قائله :
ــ اما انت فما زلت كما عهدتك يا إلهي ما هذه القبعة السخيفه التي تضعينها على رأسك لم يعد احد يرتدي مثل هذه القبعات . فقهقهت وهي تنصرف تجر ذيل فستانها بخيلاء دون أن تقيم وزنا للضيف الجديد شعرت انا لوسيا بالحرج والحزن من ملاحظة بيانكا القاسيه لها وبإنكسار طأطأت راسها وشدت بيدها على طرف فستانها الريفي لم يعجب دونيا كونسويلو تصرف بيانكا الغير مهذب فسارعت قائله :
ــ لدي مفاجأه ستعجبك حتما . سحبتها من يدها وصعدتا السلم معا تتبعهم كاتالينا خلفهم بالحقيبه
سارت أنا لوسيا حتى النافذه وجلست على حافتها تمتع ناظريها بروعة حديقة المنزل المتواضعه قطع عليها تأملها الصامت صوت صراخ كان أقرب إلى مشاده كلاميه حاده ما هي إلا لحظات قصيره حتى توقف الصراخ فجأه ليرتفع بعدها صوت خطوات غاضبه تصعد درج السلم سكنت الخطوات وبالتحديد أمام عتبة باب أنا لوسيا التي كانت ترقب الباب بنظرات عينيها البريئتين وكأن حدسها ينبؤها بوقوع حدث لن يسرها أدير مقبض الباب بشده وفتح بدفعة قوية لتبرز امامها بيانكا وهي تزبد غضبا قائلة بصوت مزلزل :
ــ لا تظني أنك فرد من هذه العائله فأنت مجرد دخيلة مثيرة للشفقة تذكري هذا جيدا .
ومن ثم غادرت لتترك أنا لوسيا في حيرة من أمرها مع سؤال يرن في راسها كالجرس لماذا بيانكا تكرهني ؟ تبين لاحقا أن المشاده الكلاميه التي حصلت منذ قليل لم تكن سوى عتاب دونيا كونسويلو لبيانكا على سوء إستقبالها لأنا في تلك الليلة أوى الجميع إلى النوم بأعصاب متوتره ..
اتمنى ان اجد تشجيع وردود فهذه اول مشاركه لي في منتداكم الكريم
|