لم تشعر انا لوسيا بنفسها وقت ما رفعت يدها عاليا وصفعت خوان بيدرو بقوه وكأنها واقعة تحت تأثير سحر ما إستعادت وعيها عندما شعرت بالحرقة في باطن يدها فقد كانت صفعه شديده إحمر على إثرها خد خوان بيدرو وقد إنتشرت خصلات شعره الداكن الكثيف تغطي وجهه ووسط بلبلة أصوات الحضور الغاضبه إرتفع صوت دونيا تريزا صائحه:
ــ كيف تجرئين ؟ نظرت انا لوسيا إليها بعينين دامعتين وقد تملكها خوف وإرتباك شديد في حين اصيبت دونيا كونسويلو بالدوار من هول ما فعلت انا لوسيا لدرجة تزعزع إتزانها وكادت تقع على الارض لولا أن تلقفتها يد بيانكا يساعدها في ذلك خوليو وعند اقرب كرسي أجلساها في حالة يرثى لها فقد إرتفع صدرها بتنهدات وتأوهات عظيمه وهي تتمتم بحسره :
ــ لماذا فعلت ذلك انا لوسيا ؟ لماذا ؟.. إرتفع صوت بكاء بيانكا وهي تصرخ :
ــ أمي .. يا إلهي .. أمي .. ؟ لم تستطع دونيا كونسويلو ان تجيبها فهي بالكاد تلتقط أنفاسها المتقطعه والغريب في الامر كله أن خوليو بدى سعيدا جدا لما حصل لخوان بيدرو وبكل هدوء أدار خوان بيدرو راسه ونظر مباشره إلى عينى انا لوسيا وقد إتقدت عيناه بنظرات نارية متأججه كاد يحرق بها انا لوسيا التي وقفت تنظر بخوف شديد إلى تلك العينين الناريتين وقد تلونتا بلون الغضب والسخط ومن شدة إرتباكها أخذت تتلفت من حولها لترى عيون الحضور ترمقها بغضب وإمتعاض فتارة تنظر إلى خالتها المسكينه فينفطر قلبها لمصابها وتارة أخرى تنظر إلى عيني خوان بيدرو الغاضبه وبسرعة حررت نفسها بأن اطلقت ساقيها هروبا من صعوبة الموقف وفي طريقها إصطدمت من دون قصد بالخادم الذي يحمل صينية المشروبات فأوقعته على الارض لتتناثر قطع الكؤوس المحطمة على الارض وينسكب الشراب ركضت انا لوسيا بسرعة خياليه على غير هدى حتى وجدت نفسها في حديقة القصر سارت وجلست على حوض الزهور وهناك في عتمة الليل اجهشت انا لوسيا ببكاء مرير يقطع القلوب لم تستطع ان تتمالك نفسها فكلما تذكرت خالتها وهي تهوي على الارض كورقة سقطت عن غصن شجره زاد نحيبها واعتصر الالم قلبها ومن حيث لا تدري شعرت بيد غريبة تمتد نحوها وتربت على كتفها إهتزت فزعه لترى امامها امراه في منتصف عقدها العشرين معتدلة الطول شعرها اسود حالك جميلة التقاسيم تبسم لها برقة وتقول :
ــ هدئي من روعك عزيزتي .. ومدت لها منديل في حين كانت يدها الأخرى تستند بهدوء على بطنها المنتفخه فقد كانت حامل بشهرها السابع أخذت انا لوسيا المنديل ومسحت دموعها فاردفت بوداعه :
ــ اشكر لطفك
سيدتي .. سارعت قائله : ادعى سيلفيا مونتغمري .. إبتسمت انا لوسيا وقالت :
ــ تشرفت بمعرفتك انا .. وقبل ان تتم حديثها قاطعتها قائله :
ــ انا لوسيا .. تعجبت أنا لوسيا لتبادرها سيلفيا بإبتسامة وديعه وتقول :
ــ لا داعي لرفع حاجبك الامر ليس أحجيه لقد كنت بالحفل وسمعت والدتك عندما كانت تناديك وقت ما كنت مشغوله بالنظر إلى التحفة . أحنيت انا لوسيا راسها للأسفل وقالت بأسى :
ــ إنها خالتي .. ومن ثم اجهشت بالبكاء مجددا وبصعوبة جلست سيلفيا بالقرب من انا لوسيا وقد مدت ساقيها للأمام قليلا فحمل بطنها الثقيل يصعب عليها الجلوس بأريحيه ووضعت يدها برفق على كتفها وقالت لها مطمئنه ــ لا تخافي خالتك الآن افضل حالا .. بعد ان عاينها خوان بيدرو .. رفعت رأسها وحملقت بوجهها بعينين مملوءتان بالدموع والدهشه معا وقد حملت في طيات نظراتها العديد من التساؤلات إبتسمت سيلفيا برقة وقالت بسخريه :
ــ كان من المفترض أن تكون ردة فعله مغايره وان يقوم بطرد عائلتك بعد ان وجهت له تلك الصفعة المؤلمه . شعرت انا لوسيا بخجل كبير واحمر وجهها خجلا لكن سيلفيا فاجأتها بقهقهة رنانه وهي تقول : يا الهي .. كم انت جريئه لا بد ان لك اسبابك الخاصه لتفعلي ذلك رغم أنني اتساءل ما هي فخوان بيدرو رجل شريف ومحترم وهو محط إعجاب الكثير من النساء . وبكبرياء وعنجهية ردت انا لوسيا بحزم :
ــ ليس كل النساء متشابهات . إزداد ضحك سيلفيا وهي تضع كلتا يديها على بطنها المنتفخ خوفا من ان لا ينفجر قائله :
ــ ارى ذلك بوضوح .. إلتفت أنا لوسيا نحوها وسألتها والفضول يسوقها :
ــ لقد قلتي أنه رجل شريف ومحترم .. هل انت قريبة له ؟ أردفت سيلفيا قائله :
ــ لست قريبته ولكني صديقة العائله فأنا زوجة صديقه الحميم مكسيمليانو مونغمري وقد رجعنا للتو من فرنسا ونقيم حاليا في ضيافتهم . إلتزمت أنا لوسيا الصمت وفكرها مشغول بمبادرة خوان بيدرو اللطيفه بالعناية بخالتها رغم أنها سببت له إحراج كبير في الحفل وانتقصت من مقداره ومكانته بين الحضور قطع عليها شرودها صوت سيلفيا المرح وهي تقول :
ــ انا لا اعرف احدا في هذه المدينه واظن أنك كذلك فما رأيك نصبح صديقتين ..
تفاجأت أنا لوسيا لطلب سيلفيا المفاجىء ولكنها رحبت بإقتراحها اللطيف وبهدوء تقدم نحوهم كبير الخدم أبيلاردو قائلا :
ــ المعذره .. ولكن عائلتك تنتظرك في العربه آنستي .. فزت انا لوسيا على عجل وودعت سيلفيا وذهبت مسرعة يصحبها ابيلاردو وعند العربة حيث جلست دونيا كونسويلو تتكىء براسها الواهن على كتف إبنتها بيانكا التي كانت عيناها يتطاير الشرر منها فتح ابيلاردو باب العربة ومد يده لأنا لوسيا يساعدها على الصعود إلى العربة نظر إليها نظرة ملؤها حنان الاب وعطفه لتنطلق العربة بعدها تقطع طريقها بعجل وتخترق البوابة الرئيسية لتختفي عن ناظري ابيلاردو وسرعان ما وصلت العربة إلى المنزل حيث سارعت بيانكا بالنزول ومناداة كاتالينا وتعاونتا بإنزال دونيا كونسويلو وأخذها إلى غرفتها وأنا لوسيا تنظر بإنكسار لوضع خالتها المؤلم دون ان تنبس بكلمة واحده وقد شعرت بعقدة الذنب والمؤسف في الامر كله أنها لم تكن تعلم أن خالتها تعاني من مرض إعتلال عضلة القلب وهو مرض عضال لا علاج له وبحزن شديد إنسحبت انا لوسيا تجر ثقل ساقيها إلى حجرتها لترمي نفسها على الفراش وتكمل نوبة بكائها التي لم تنتهي حتى ساعات الفجر الاولى بعد ان غلبها النعاس في حين عزل خوان بيدرو نفسه في غرفته بعد إنتهاء الحفل وإنصراف الضيوف وامام المرآة وقف خوان بيدرو يخلع ملابسه بهدوء وقد تلألأت عيناه ببريق مخيف وهو يتمتم قائلا :
ــ لكل فعل ردة فعل وقريبا جدا سترين ردي المناسب أنيتا . قالها وهو يمسح بيده على خده المصاب المحمر وقد إفتر ثغره بإبتسامة خبيثة شريره ..
مالذي يخطط لأجله خوان بيدرو ؟ هذا ما سنعرفه في احداث القادمه فانتظرونا ..