كاتب الموضوع :
kirara
المنتدى :
الارشيف
هذي عيديتي لج مقدما يا مريم
وفي صباح اليوم الموعود إستيقظت أنا لوسيا بشعور غريب لم تستطع تأويله فهي لم يغمض لها جفن منذ ليلة الامس وذلك يعود إلى طيف الرجل الوسيم الذي تربع عرش تفكيرها منذ حادثة الإنقاذ وبتملل سحبت نفسها من الفراش وسارت حتى وقفت أمام مرآتها تتفحص وجهها لترى إن اصيبت بخدوش او سحقات فعلى الرغم من أن عيناها تحدقان النظر إلى إنعكاس صورتها في المرآة إلا أنها كانت ترى صورة حالها مرمية بين أحضان ذلك الرجل الغريب وهو يخصها بنظرات عينيه الثاقبتين إنتفض جسدها برعشة خفيفة وزمت شفتاها بغضب قائله :
ــ رجل وقح .. كان من المفترض أن اصفعه بدل ان تشكره كاتالينا . ومن شدة غضبها زفرت زفره حاره وهي تغمس كلتا يديها في إناء الماء وتغسل وجهها بعصبيه وعلى غير العادة المتبعه إستيقظت بيانكا بنشاط كبير والإبتسامة تعلو وجهها وسرعان ما انضمت إلى والدتها على مائدة الفطور لتتبعها ببضع دقائق أنا لوسيا وعلى طاولة الفطور حيث إجتمع الجميع لاحظت دونيا كونسويلو توتر أنا لوسيا الغريب سألتها والفضول يسوقها :
ــ مالامر عزيزتي ؟ وبتوتر ملحوظ أجابتها بتردد :
ــ لا شيء . دونيا كونسويلو :
ــ ولكني أعرف لذا لا داعي لأن تخفي الامر عني ؟ وبإرتباك شديد لم تستطع انا لوسيا ان تتمالك اعصابها إنزلق فنجان الشاي من يدها ووقع على الطاوله فسارعت دونيا كونسويلو برفع الفنجان وانا لوسيا تحاول مسح الشاي بالمنديل وبعصبية وعجرفة صاحت بها بيانكا :
ــ يا الهي كم أنت رعناء ألا تعرفين شرب الشاي ؟ إني أتساءل إن كان هناك شيء تجيدين عمله ؟ وبنظرة غاضبه إنفجرت انا لوسيا بوجه بيانكا قائله :
ــ أعرف كيف القي هذا المنديل بوجهك وافسد زينتك إن لم تتركيني وشأني . تفاجأت دونا كونسويلو من ردة فعل أنا لوسيا وجرأتها في مواجهة بيانكا التي نهضت عن الطاوله قائله بإسلوبها اللاذع :
ــ ماذا يمكن ان نتوقع منك غير هذا السلوك الريفي فأنت لا تعرفين اصول اللياقة لذا افضل الإنسحاب والإستعداد للحفل على أن امضي نهاري كله معك . لم تستطع انا لوسيا إخفاء توترها وارتباكها فجملة دونيا كونسويلو زرعت الخوف في قلبها ظلت محنية رأسها للأسفل وتشد على راحتي يديها في حين إنطلق صوت حديث نفسها هامسا في أذنها متسائلا ك
ــ أيعقل أنها علمت بأمر الحادثه ؟ ولكن كيف ؟ كاتالينا وعدتني أن لا تخبرها ؟ إرتفع صوت دونيا كونسويلو قائله : ــ أعلم انه موقف صعب ولكن كان ... قاطعتها أنا لوسيا قائله :
ــ أعتذر خالتي لم أكن أريد أن .. رفعت دونيا كونسويلو يدها إشارة منها بإلتزام الصمت وقد علت علامات الجديه على ملامح وجهها قائله :
ــ دعيني أكمل حديثي دون مقاطعه .. كما قلت أعلم يقينا أن فكرك مشغول بالحفل ولهذا أنت على غير عادتك . وما ان تلفظت دونيا كونسويلو بهذه الكلمات القصيره حتى إرتفع صدر أنا لوسيا بتنهيدة إرتياح فلوهله ظنت أن خالتها ستفاتحها بأمر الحادثة ولكن تبين لها العكس تماما وبقيت كاتالينا عند وعدها إبتسمت قائله :
ــ الأمر ليس سهلا فأنا لم اعتد يوما الذهاب لمثل هذه الأجواء . أمسكت دونيا كونسويلو يدها وقالت بعطف كبير
ــ أحيانا نفعل امورا في الحياة لا نحبها ولكنها امور حتميه لا مناص منها .. انت اقوى مما تظنين عزيزتي لذا حاولي أن تثقي بنفسك اكثر وعندها سترين انا لوسيا اخرى .
في هذه الاثناء كان خوان بيدرو مازال مستلقيا على فراشه ساهما ببحور افكاره وخيالاته فقد جعل من ذراعيه وسادة لا يرتدى سوى سروال أسود من الحرير الخالص وصدره عاري بدى وكأنه يسبح في عالم آخر غير عالمه فعلى الرغم من أنه رجل صعب المراس إلا أنه لا يجد تفسيرا منطقيا لما يمر به فعقله ما زال مشغولا بوجهها البريء وكأنه واقع تحت تأثير سحر براءة وجهها الطفولي فهو لا ينفك عن الإبتسامة كلما تذكر خجلها وإحمرار وجهها أخذ يتقلب على الفراش عله يبعدها عن فكره ولكن كيف له فعل ذلك وقد تغلغلت صورتها حتى أعماق قلبه ووجدانه وتمر الساعات بسباق مع الزمن لتقترب ساعة الحفل فالقاعة الرئيسيه تعج بأصيص الزهور النضره موزعة بشكل جميل وانيق في زواياها الفسيحة في حين نرى جدرانها وقد توشحت باللون الدهبي البراق إثر ضوء الشموع المضيئه في أركانها ناهيك عن اريج الزهور الذي فاح عبق شذى عطرها يلف المكان ..
ومن بعيد يشدنا مظهر الخدم بلباسهم الرسمي باللون الابيض والاسود وقد توزعوا في أرجاء القصر كله ككتائب نمل نشطه تهتم بأمور مأدبة العشاء .. كانت دونيا تريزا تتبختر بفستانها المخملي بلون الباذنجان وقد زينت عنقها بعقد الماس باهظ الثمن وهذا تماما ما حرصت على فعله بيانكا فبعد أن إرتدت ثوبها الفاخر ورفعت شعرها بشرائط مماثلة للون الفستان علقت العقد الثمين على رقبتها ليزيدها بهاء واناقة وقد تلألأ وجهها بمساحيق التجميل والإبتسامة تعلو وجهها على عكس أنا لوسيا التي أصطبغ وجهها بأطياف الخوف والرهبة وهي تحدق النظر إلى فستانها الملقى على السرير دخلت عليها دونيا كونسويلو لتجدها لم تجهز فصاحت بها :
ــ لما لم ترتدي فستانك بعد يا عزيزتي ؟ امسكتها من كتفيها ودفعتها بلطف وهي تقول :
ــ هيا عزيزتي أسرعي ارجوكي فنحن لا نريد أن نتأخر .
تناولت انا لوسيا الفستان على مضض وسارت ترتديه خلف الستارة العازله وما هي إلا لحظات قصيره حتى خرجت تتبختر به على مراى خالتها التي لم تصدق ما تراه عيناها فقد بدت انا لوسيا كالحلم بفستانها الاحمر البسيط بشرائط الورود الصغيره التي تشد اطراف اكمامها جعلها تبدو كطفلة صغيره ناهيك عن الحزام الذي يشد وسطها وينتهي بعقدة ورده من الخلف صرخت دونيا كونسويلو قائله :
ــ يا إلهي إنك تبدين كأميرة صغيره .. شدتها من يدها واوقفتها أمام المرآة وقالت :
ــ انظري إلى نفسك كم تبدين جميله . إبتسمت انا لوسيا لمديح خالتها وللأمانة فقد اعجبها ما رأته من تبدل حالها ولكنها مع هذا لم تستطع أن تنزع الخوف من قلبها وكأن حدسها ينبؤها بحادثة لا تحمد عقباها أحاطتها دونيا كونسويلو بذراعيها وقالت :
ــ سأرتب لك شعرك واضع لك القليل من الزينه وحتما ستسرقين قلب احد ما في الحفل .
كانت بيانكا قد انهت زينتها وبقيت جالسة على الاريكة بعصبية تنتظر نزول والدتها التي تأخرت كثيرا فالوقت يمضي ولا بد أن المدعوين بدؤا بالتوافد وقبل ان ينفجر حمم براكين غضبها شدها صوت والدتها تقول لها :
ــ والآن قولي لي ما رايك بإبنة خالتك ؟ الا تبدو جميله ؟ رفعت بيانكا نظرها نحو أنا لوسيا لترى أمامها ما حطم كبرياؤها وفجر غضب صامت في قلبها فقد بدت أنا لوسيا كأميرة بشعرها المنسدل على أكتافها يغطي جزء من جبينها في حين تلألأت وجنتاها وشفاهها باللون الوردي الشفاف وبغضب جارف أردفت بسخريه :
ــ إنها تبدو كدميه أرجو ان لا تسببي لنا الإحراج .. وانصرفت تجر ذيل فستانها الطويل من خلفها وكأنها تجر أذيال الخيبة فقد شعرت للحظه بأنها قد تكون أمام منافسة شديده بعد تعليق بيانكا الساخر على مظهر انا لوسيا وإنصرافها السريع قابلت انا لوسيا تعليقها القاسي بإبتسامة عريضه لخالتها دونيا كونسويلو بعد أن تأبطت ذراعها قائله :
ــ لنذهب خالتي . هزت دونيا كونسويلو راسها إعجابا ببرودة أعصاب أنا لوسيا تجاه تصرفات إبنة خالتها الغير مهذبه وسارتا معا يلحقا بيانكا التي سبقتهما بالجلوس والإنتظار في العربه وهكذا إنطلقت العربه في طريقها إلى قصر أسبيرادو وهناك ترى توافد كبير من المدعوين الكل بأحلى حلة واناقه وقد بدت عليهم علامات الثراء الفاحش فالنساء تلألأت رقابهم بعقود الالماس واليواقيت وهن يتبخترن بغنج متأبطين أذرع أزواجهم وغصت القاعه بهم فترى طوابير الخدم الدؤوب يدورون عليهم بصواني المشروبات البارده والمقبلات بينما صدحت الاجواق الموسيقيه تلطف الجو وتكسبه لونا من السحر الخيالي الآسر وعند مدخل القاعة الفاخره نرى دونيا تريزا بفستانها المخملي الفاخر تقف بكل كبريائها المعتاد تتأبط ذراع خوان بيدرو في حين كان يقف بجانبها من الجهة الاخرى خوليو حاملا بيده سيجاره الكوبي الفاخر وبإبتسامة شاحبة وشبه جامده أخذت دونيا تريزا ترحب بالضيوف وخوان بيدرو يبسم لهم مرحبا وعند البوابة الرئيسية للقصر قطعت عربة عائلة ميندوزا طريقها وصولا إلى مدخل القصر وهناك توقفت العربه ليفتح بابها السائس وتترجل منها دونيا كونسويلو وبيانكا تبعتهما أنا لوسيا وعند المدخل إستقبلهم كبير الخدم ابيلاردو مرحبا بهم بكل وقار لفت نظره وهو الخادم العادي جاذبية الفتاة ذو الفستان الاحمر التي تسير بوقار في حين كانت يداها مشغولتان بإبعاد الخصل المتناثره عن وجهها شعرت انا لوسيا بنظرات تلاحقها فوجهت نظرها صوب إحساسها لترى شيخا كبيرا يبسم لها بادرته الإبتسامة نفسها ومرت بجانبه بهدوء ليطرق سمعها صوت الشيخ الكبير قائلا :
ــ شكرا لك آنستي .. اكملت انا لوسيا طريقها دون ان ترد على أبيلاردو وكم شعرت بالاسى قليلا لأنها تجاهلته لكنها كلما تذكرت إبتسامته الوقوره شعرت برضى كبير يغلف قلبها وما ان ولجوا داخل القصر حتى تسارعت دقات قلبهم فكل شيء يرونه خيالي فالقاعة فسيحه مطعمة بلوحات وتحف رائعه تعود إلى اشهر الرسامين و النحاتين ناهيك عن صور الطبيعة الخلابة التي تمثلت بمظهر الورود النضره منتشرة في كل أركان القاعه تتراقص على اوراقها الخضراء أطياف الشموع الذهبيه سارت دونيا كونسويلو وبقربها بيانكا لتستقبلهم دونيا تريزا بإبتسامتها الشاحبة قائله :
ـــ مرحبا بك عزيزتي دونيا كونسويلو .. وفي الوقت الذي رحبت به دونيا تريزا بدونيا كونسويلو تحلقت نظرات بيانكا بوجه الرجل الوسيم الواقف بقرب المرأة العجوز للحظه كاد يقف قلبها وتنقطع أنفاسها وهي ترى ما هز أركان قلبها رجل وسيم فارع الطول يرتدي بدلة سوداء ينظر نحوها باسما لم تشعر بيانكا بنظرات خوليو الحارقه لها وهو يخصها بنظرات إعجاب وتقدير فقد كان عقلها مشغولا بخوان بيدرو قدمت دونيا كونسويلو تعرف عن إبنتها بيانكا وبحركة جريئه وطائشة بعض الشيء مدت بيانكا يدها إشارة لخوان بيدرو بتقبيلها كما هي عادة الترحيب وقبل أن يمد خوان بيدرو يده سبقه إلى ذلك خوليو امسك بيدها بشده وطبع قبلة صغيره عليها قائلا :
ــ تشرفت بمعرفتك يا آنستي الجميله . تجهم وجه بيانكا وكادت الحسره تقتلها فلم تكن تريد من هذا الشخص الطفولي أن يقبلها وبتصنع شديد إبتسمت له قائله :
ــ الشرف لي . لاحظت بيانكا ان الشاب الوسيم كان مشغولا بالحديث مع ضيف آخر ولم ينتبه لوجودها تنبهت لصوت والدتها وهي تبحت وتنادي على أنا لوسيا التي كانت وقتها لاهيه ومشغوله بالنظر إلى تحفة فنيه شدتها
دونيا كونسويلو :
ــ انا ليس هذا وقت التفرج .. اشارت بيدها بعصبيه بأن تترك التحفة وشأنها وبإستياء سارت انا لوسيا حتى وقفت بين خالتها وبيانكا التي ازعجها وقوف أنا لوسيا بقربها لكن انا لوسيا لم تعرها إنتباها وبينما كانت ترحب بدونيا تريزا شعرت بشعور غريب إنتابها فجأه وبضيق كاد يسرق أنفاسها نظرت فرأت خوليو يبسم لها لم تعجبها نظراته الجريئه لها فغضت ببصرها عنه وكأنه ليس موجودا شعر خوليو بإنكسار في نفسه فالعادة دائما تقضي بتهافت النساء دوما حوله كيف تجرأت هذه الفتاة أن ترد على نظراته بهذه الطريقة لم تنتبه انا لوسيا لخوان بيدرو فقد كانت مشغوله بتجاذب أطراف الحديث مع دونيا تريزا التي سرعان ما اشارت نحو خوان بيدرو وقالت موجهة كلامها لأنا لوسيا وبيانكا :
ــ هذا هو حفيدي خوان بيدرو من اقيم على شرفه الحفل الراقص . إلتفت خوان بيدرو لتلتقي عيناه بعينا أنا لوسيا وكم كانت لحظه هائله فقد عم السكون للحظه وتسارعت دقات قلب أنا لوسيا وهي ترى أمامها من كان له الفضل في إنقاذها من حادثة العربه التي كادت تودي بحياتها ينظر نحوها بعينيه الثاقبتين ويبسم لها تلك الإبتسامة الساحره وقفت مدهوشه وعيناها مسمرتان بعينا خوان بيدرو الذي هو الآخر لم يصدق وقتها ما يراه امامه إنها صورة الفتاة الجميله التي شغلت عقله وتفكيره ها هي الآن تقف أمامه بأحلى حله وتداركا للموقف إبتسم خوان بيدرو لأنا لوسيا ومد يده نحوها قائلا بصوت عميق :
ــ تشرفت بمعرفتك آنستي .. وبتردد مدت انا لوسيا يدها لتقفز في مخيلتها صورتها وهي ملقاة بين يديه فتشعر فجأه بغليان في دمها وبسرعة رفعت يدها وصفعته بكل ما اوتيت من قوه وسط إندهاش وإستغراب الجميع لهذا الموقف إرتفع صوت دونيا تريزا بشهقة وهي تغطي فمها بيديها في حين كانت دونيا كونسويلو تنظر بإستغراب وتساؤل كبير نحو انا لوسيا ..
كيف ستكون ردة فعل خوان بيدرو على صفعة انا لوسيا ؟ وكيف ستبرر أنا لوسيا موقفها ؟
هذا ما سنعرفه في أحداث الحلقه القادمه فانتظرونا
|