كاتب الموضوع :
kirara
المنتدى :
الارشيف
انا احبك خوانيتو ..
عبارة جميله بالرغم من حلاوة مضمونها الا ان وقعها كان شديدا على نفس خوان بيدرو .. ارتجفت يداه القابضتان على الرساله وارتفع صدره المفتول بتنهيده عميقه كادت تحطم جدار صدره,
احمق غبي!
هذا ما كان يهتف به خفية في نفسه فقد تذكر كيف اجاب ماريا بابتسامة وديعه آنذاك وهو يزف لها قبوله ورضاه بمضمون الرساله , احنى راسه بانكسار يائس وانكمشت الرساله بقبضة يده الغاضبه فقد كان تصرف ارعن من قبله ادرك متاخرا ان ما تحمله ماريا من مشاعر تجاهه لم تكن مشاعر اخويه كما كان يظن فالفتاة الصغيره قد تعلق قلبها به مر بشريط ذاكرته كيف اندفعت بوحشية تقتلع انا لوسيا من بين احضانه وكيف انقضت عليها كنمرة شرسه تريد ان تمزقها اربا كي لا تقرب منه ادرك خوان بيدرو انه واقع بمعضله كبيره يصعب الخروج منها فهو لم يسامح نفسه بعد على صفعه لها والأن يجد نفسه محاصر بهذا الاعتراف الخطير ولشدة يأسه ورغبته بالهروب بنفسه بعيدا وجد انه خير سبيل له للهروب هو وقع الكاس بيده انه الهروب السريع لمن ينشد الراحه اللحظيه وعلى مبدء هذه المقولة الساخره اغرق نفسه حتى الثماله, لم تستطع دونيا تريزا ان تريح جسدها المنهك على السرير وتفكيرها مشغول بحفيدتها الصغيره وبالرغم من ضعفها الشديد وضيق نفسها المتقطع جراء نوبة الربو العنيفه التي اجتاحتها الا ان وعيد الشر كان يتطاير شرره من مقلتيها ما ان علمت ان السبب وراء انهيار حفيدتها الصغيره لم تكن سوى قدوم المربية الجديده للقصر امرت رئيس الخدم بان يعلم خوان بيدرو بموافاتها فور عودته..
اشارت عقارب الساعه الى الواحده من منتصف الليل ولم يعد خوان بيدرو بعد, وفي عتمة الممر الموحش انطلقت خطوات متردده تقرع فراغ الصمت المطبق عليه.. سكنت تلك الخطوات الغريبه فجاه عند عتبة باب غرفة انا لوسيا فتح الباب برويه ليتسلل صاحب الخطوات المجهولة كاللص ويغلق الباب خلفه وعلى اطراف اصابعه اقترب من سرير انا لوسيا حيث ترقد بسلام وقف يرمقها بنظرات ناريه لبرهة ليرتفع بعدها صوت رقيق تلون بالغضب والوعيد معا معلنا عن هوية الزائر المتطفل قائلا:
ــ لن ادعك تأخذين خوانيتو مني انه ملكي وحدي !!
بردائها الابيض الفضفاض وشعرها المبعثر بدت ماريا كطيف شبح هائم بلا هدف إلا انها لم تكن كذلك فقد قادها الحقد اليها لتقتص منها في ذلك الوقت لم تستطع أن تنالها يداها بسبب خوان إلا انها الآن حتما بقبضتها دون حامي او امين وعلى ضوء الشمعة الراقصه إنعكست ظلال يديها المرتعشتين تدنو شيئا فشيئا من عنق انا لوسيا تريد الفتك بها وما كادت تلامس اناملها عنقها حتى استوقفها صوت جلبة بالخارج افزعها و جعلها تتواري بسرعة الفأر خلف ستار النافذه ازدادت وتيرة الجلبه بالخارج يصحبها وقع خطوات مترنحة تتسحب بتثاقل شديد كان لها الفضل في إيقاظ انا لوسيا وكأنها اشارة نجاة لها مما كان ينتظرها من خطر محدق ومن دون سابق تفكير نهضت مسرعه لترى سبب هذا الازعاج دون ان تنتبه لتلك القدمين البارزتين من تحت الستار ما ان خرجت انا لوسيا حتى اسرعت ماريا نحو الباب الفاصل بين غرفتيهما ادارت قفله على عجل وولجت منه بسرعة لتندس بفراشها كطفل مرعوب أخرجت راسها من تحت الغطاء وعيناها المتيقظتين تحدق النظر نحو الباب ليهيء لها صورة انعكاس وجه انا لوسيا فيه فيزداد خوفها وتعاود الاختباء مجددا ومن شدة هلعها لم تستطع ان تتحكم بارتعاش جسدها الهزيل ضمت كلا ساقيها إلى صدرها وأخذت تهدهد نفسها بعبارة لا تنفك من تكرارها ..
خوانيتو ملكي ..خوانيتو ملكي..
بعتمة الغرفه الموحشه وبين اغطيتها البارده بقيت ماريا وحدها تصارع شعور الخوف والضياع, ان يسلب منها ما هو حق لها منذ الطفوله!
ان يختفي خوان بيدرو من صفحة حياتها!
هو أمر لا يتقبله عقلها ولا قلبها المنفطر انهمرت دموعها بغزارة تغرق وسادتها وبصوت متقطع كئيب انطلقت تساؤلاتها اليائسه تعزف على اوتار قلبها الحزين كيف لي ان ابتسم مجددا وسر ابتسامتي تكمن معك ؟
من سيبعد عني اشباح الظلام ويسكن اضطراب قلبي ان تخليت عني ؟
ومع كل تساؤل يطرح يعلو نحيبها المكتوم بغطاء الفراش فتغرق روحها عميقا بوحل من الأحزان والصرخات الصماء ، في حين كانت انا لوسيا تصارع جاهدا فضولها الذي لا ينفك يدفعها للامام فتلك الرغبة الحارقه جعلتها تسير وحدها بعتمة الممر دون وعي او ادراك تناهى الى سمعها صوت وقع الخطوات تقطع درجات السلم صعودا وبالرغم من الإضاءة الخافته استطاعت انا لوسيا ان ترى سبب هذه الجلبه التي ما ان تجلى امامها حتى الجمت الدهشه لسانها وجعلتها تتسمر في مكانها دون حراك انه خوان بيدرو يترنح امامها بلا اتزان فيصطدم بالجدار تارة وبمقبض السلم تارة اخرى ، تعثرت قدمه فوقع على الارض متالما انتفض قلب انا لوسيا لمصابه وما كادت تخطو نحوه حتى تراجعت حين راته ينهض مجددا وينظر ببلاهة للسجادة التي تعثر بها وبرعونة وضع اصبعه على فمه فزم كلا شفتاه مصدرا صوتا ظريفا ليكمل بعدها طريقه وراسه مطاطاة للاسفل , انسابت خصلات شعره الداكن تتراقص ذهابا وايابا .. شعرت انا لوسيا فجاة بالم في بطنها لا بد انه اضطراب الحب اعتراها ولشدة ارتباكها ارادت ان تعاود ادراجها الا ان ساقيها اعلنتا العصيان فما كان منها سوى ان رمت بظهرها الى الوراء ليلتصق جسدها بالجدار وضمت كلتا يديها الى صدرها بقبضة متوترة تشد على قبة قميصها وعيناها مغمضتان ظنت ان فعلت ذلك فانه حتما لن يراها ولن ينتبه لكيانها الصغير لحظات انتظار وترقب شعرت به يمر امامها فرائحة الخمر ازكمت انفها إلا انه لم يتوقف عندها فسرعان ما ان تخلفت رائحته وراءه كسحابة صيف عابره فتحت عيناها بتردد لترى ذلك المنكبين العريضين يغوصان عميقا بعتمة الممر الطويل انتظرت حتى تاكدت من ابتعاده رفعت طرف ثوبها بيدها بينما أبقت الاخرى مسجاة على صدرها وقبل ان تخطو خطوة واحده برزت يد من الظلام احكمت قبضتها بعنف على معصمها وسحبها بقوة الى الوراء فألقت بها بلا رحمة الى الجدار المقابل لتعلو مجددا وتطبق الخناق على فمها فتبرز واحده اخرى وتطوق خصرها بقسوه ، ارادت ان تصرخ ان تستنجد الا انها عاجزه تماما وكيف لها ذلك وتلك اليد اللعينة تحول بينها وبين نداء الاستغاثة وبالرغم من محاولاتها العابثة بدت صرخات استغاثتها صماء لا يسمع صدى انينها شعرت بحرارة انفاسه الكريهة تلفح وجهها وقد ادنى راسه نحوها يدس ارنبة انفه بشعرها مستنشقا عبيره الفواح بطريقة تثير التقزز تجمد الدم بعروقها فسرت رعشة باردة تقصف كل جزء من أجزاء جسدها المنتهك تسارعت دقات قلبها بتواتر مخيف حتى هيىء لها بانها نبضات الوداع الاخير وبالرغم من هلعها و ثقل ذلك الجسد المنحنى عليها استطاعت أن توجه له ضربة موجعه بمكان كان له الفضل في فك حصارها وطرحه على الارض متلويا وبسرعة البرق جرت مسرعة كالريح رغم اعاقة الثوب لحركتها إلا انها لم تتوقف ولم تلتفت إلى الوراء خشيت إن فعلت ذلك فستخور كل قواها وتتجمد بمكانها ومن شدة خوفها وهلعها تعثرت قدمها بطرف ردائها الطويل لترتفع بالهواء وتهوي على الأرض فيرتطم راسها الا انها لم تتوجع , رفعت راسها ببطىء خشية مما قد تراه امامها ولدهشتها مجددا كان صاحب الفضل بحماية راسها من الارتطام ببلاط الارض القاسيه ملاكها الحارس خوان بيدرو فمما يبدو عليه انه لم يتمالك نفسه هو الآخر فهوى شبه غائب عن الوعي عند باب غرفته يا لسخرية القدر ها هي المصادفة تلعب دورها مجددا بربط مصير الاثنين معا في احلك الاوقات حرجا للحظة غاب فيها العقل وتهيمن بها القلب نسيت انا لوسيا لما كانت تجرى ؟ وممن كانت تهرب منه ؟ فمجرد النظر اليه جعلها تنسى نفسها وتغوص كليا بعالمه إنهمرت دموعها تنساب بلا توقف دون ان تعي سبب هذا البكاء وبجسد مرتعش لم ينسى بعد بشاعة الاحساس بتلك الايدي المتطفله التي غزت حرمته نهضت وعيناها لا تفارقان مرآه فتحت باب غرفته بهدوء ووقفت تنظر اليه نظرات غلب عليها شعور الشفقه والرحمه كانت تعلم يقينا انها ليست ندا لذلك الجسد الضخم فكيف لحجمها الصغير ان يحمل رجل بضخامته ومع ذلك لم تتردد للحظة رفعت يده وارختها على كتفها بينما حاوطت ظهره بيدها الاخرى لتحكم قبضتها على جانبه الايمن وبصعوبة كبيرة حاولت جاهدة أن ينهض معها ألا ان جسده الخامل لم يستجب لها لم تياس وظلت تحاول مجددا مع نداء هادىء كخرير النهر طرق صداه العذب مسامعه وان بدى بعيدا فقد كان له الاثر العجيب بان استجاب له، تخبطات عشوائية وخطوات مبعثره شابهت رقصات الغجر على قرع الدفوف, لكنها سرعان ما هوت معه على الارض هذه المره شعرت بالم شديد بمؤخرة راسها وبصعوبة بالتنفس فخوان بيدرو ياسرها بجسده الرجولي ولشدة حرجها دفعته عنها بقوه ليقع على ظهره وبحركة سريعة غلب عليها التوتر والانفعال دفعت نفسها على الارض بكلتا يديها وساقيها تواكبان آلية زحف جسدها بانسياب سريع حتى اصطدم ظهرها بالسرير ضمت ساقيها الى صدرها واخفت راسها بين ركبتيها في محاولة لالتقاط انفاسها المتسارعه, رفعت راسها بروية لتبرز عيناها الخجولتين من تحت ستار شعرها المنسدل على وجهها الطفولي راته قد استقر على جانبه متوسدا ذراعه الممدوة أمامها , كم بدى طفلا بريئا بتلك الملامح الرقيقه وشعره المبعثر على جبينه أي سحر هذا الذي جعل انا لوسيا تسرح كالمتيمة بذلك الوجه القسيم رغم شحوبه وتعبه.. نظرات ملؤها الحب والحنان تراقصت عيناها تتصفح تقاسيم وجهه القسيم فتنحني بخنوع وخضوع لسحر تلك الشفاه التي لطالما ألهبت وجدانها واججت سعير الحب بخفقات قلبها الرقيق شعرت بالم يجتاح راسها وكانه سينفجر اسجت راسها الصغير على الارض وعيناها لا تفارقان محياه لا يفصل بينهما سوى شعاع القمر المضيء الذي اطل براسه المتطفله من شباك النافذه فاضاء البقعه الفاصله بينهما بنوره الشاعري رفعت يدها قليلا لتتراقص اناملها بالهواء كفراشه شقيه وأغمضت عيناها بعدها لتسلم الأمر لحديث أناملها التي انسابت بفراغ الهواء تستشعر وجهه بلمسات رقيقه عذبه شعرت فيها بالأمان والطمانينه يتسللان الى قلبها فتهدىء من روعه فتسكن حواسها تباعا وتستسلم للنوم كطفل صغير ، وفي اللحظة التي استسلمت فيها انا لوسيا لسلطان النوم بدء خوان بيدرو يستيقظ من غيبوبة سكرته بتثاقل شديد فتح عيناه الناعستين ليرى ما قد جعله ينسى أمر صداع رأسه الشديد للحظة ظن انه يتخيل ما يراه فكيف يعقل ان يجد انالوسيا في عقر داره بهذا الوضع الغريب وبالرغم من دهشته الا انه حافظ على رباطة جاشه وهدوءه رفع جسده العلوي متكئا على يده اليمنى في حين ابقى الاخرى مسجاه على ركبة قدمه اليسرى التي ارتفعت عن الارض قليلا وظلت سهام نظراته الصارمة تهاجم انالوسيا من كل اتجاه ما ان راها حتى تذكر الاحداث التي حاول جاهدا نسيانها بمعاقرته للخمر سرعان ما ان تبدلت نظراته الصارمه الى نظرات خبث وغضب فعاود وميض الانتقام يشع بريقه مجددا ليبتسم نصف ابتسامة بارده ويقول بصوت عميق ومخيف:
_ انه وقت الانتقام !!
|