كاتب الموضوع :
kirara
المنتدى :
الارشيف
اعنذر عن التاخير وشكرا لكل من سأل عني وعن القصه إليكم الحلقه
لما أنا هنا ؟ مالذي أفعله بهذا القصر الكئيب؟ كيف سمحت لنفسي أن تقودني هكذا؟ ترى هل لأني أردت أن أنقاد خلفها طوعا أم أنني وهنت أمام رغبات قلبي العنيد ؟ يا الهي هل كان قراري صائب بالقدوم إلى هنا ؟
هل سأجد حقا سعادتي بين هذه الجدران الباردة ؟ أم أنني أسعى خلف وهم لا حقيقة له سوى في أعماق أفكاري المشوشه ..
ولكن قلبي يحدثني بأنه صادق.. هل هو حقا صادق ؟ أم أنه فقط يعبث بي ؟ ..
تلك النظرات الساحرة لا يمكن أن تكون وهم أو خيال فقد شعرت بدفء سهامها تخترق قلبي وتهز عرشه بلا رحمه ، وذلك القلب النابض بصدق شعرت به يخفق بشدة كما كان يخفق قلبي المسكين في صدري أيعقل أني أسأت الفهم أم أنه حقا يحبني ؟ .
حديث شجي إنطلق صداه يطرق مسامع أنا لوسيا وقد إنطلقت نظراتها الشاردة تخترق زجاج النافذة وتحلق عاليا نحو الأفق البعيد تفتش عن الجواب علها تجده متواريا خلف تلك الغيوم البيضاء ، إرتفع صدرها بتنهيدة عميقة وهي تبعد خصلات شعرها الفاحم عن جبينها لتتراجع بخطواتها إلى الوراء وترمي نفسها بلا قيود على فراشها الوثير فتغوص في أعماقه الدافئة وتدفن رأسها المثقل بالتساؤلات تحت وسادتها الناعمه علها تريح عقلها من عناء التفكير ، إلا أن طرقا خفيفا على الباب أفزعها فأطلت برأسها الصغير من تحت الوسادة تنظر بقلق نحو مقبض الباب تترقبه بحرص أن يدار بين لحظة وأخرى ولكن الطارق أعاد الطرق مجددا وبقوة هذه المره لوهلة شعرت أنا لوسيا بخوف غريب أعتراها فجأه لدرجة شعرت بأنها عاجزة عن اللإجابة والغريب أنها إستنكرت هذا الشعور الذي غلفها بردائه الثقيل حتى أخمص قدمها رفعت رأسها وقد إعتلى وجهها نظرة إستهزاء وسخرية وكأنها تسخر من نفسها ومن تصرفها الأرعن فلما الخوف؟ هكذا هتفت لنفسها بعصبية وهي تبتعد عن السرير وبعد أن أخذت نفسا عميقا قالت بصوت رزين :
ــ تفضل ..
قالتها وقد سلطت نظراتها تجاه المقبض الذهبي وهو يدار ببطىء شديد لتعلو نظراتها إلى الأعلى رويدا رويدا حتى إستقرت على صفحة وجه باسم ودود يقول لها :
ــ أهلا بك أنا لوسيا ..
واندفع صاحب الصوت البشوش نحوها مرحبا بها وجدت أنا لوسيا نفسها تغرق بقبلات لا تعد ولا تحصى وبيدين مكتنزتين تلفانها بحرارة فتضيق بها الخناق ، فذلك البطن الصلب الملمس يكسبها شعورا بعدم الإرتياح وقد حال بينها وبين سيلفيا كتل صغير ناتىء سحبت أنا لوسيا نفسها من بين يديها وقد إفتر ثغرها عن إبتسامة مضحكة وهي تقول بحرج :
ــ أشكر لطفك عزيزتي .. لكن سيلفيا عاودت تقبيلها برعونة وكأن عيناها لا تصدق أنها أمام أنا لوسيا لتردف بصوت منهك :
ــ إني سعيدة جدا بخبر إقامتك بالقصر، سنقضي أجمل الأوقات معا أليس كذلك ؟
هزت أنا لوسيا رأسها وأردفت بوداعة :
ــ أرجو ذلك حقا . وما أن قالتها حتى أرتفع صوت سيلفيا بالبكاء لتغرق عيناها بالدموع وهي تقول :
ــ وأنا كذلك عزيزتي .
واعتلى صوتها بالنحيب المفاجىء لتعلو أمارات الإستغراب والتعجب وجه أنا لوسيا لردة فعلها الغريب ، أمسكتها بلطف من يدها وأجلستها على طرف السرير وصارت تهدئها كما تهدىء طفلا صغيرا إلا أن سيلفيا لم تتوقف عن البكاء وازداد نحيبها أكثر من ذي قبل ، لم تعرف أنا لوسيا مالذي أصاب سيلفيا فجأه وجعلها تبكي كل هذا البكاء الهستيري وعلى الرغم من أن الموقف كان غريبا إلا أنه كان مثيرا للضحك فقد إقتحم ماكس الغرفه كالمجنون وهو يصيح بسيلفيا ويجرها خلفه كما تجر الذبيحة معتذرا لأنا لوسيا قائلا بصوت غلبه الخجل :
ــ أرجو أن تعذري زوجتي .. إنها تعاني من إضطراب في الهرمونات ، فقد إقترب موعد ولادتها لذا هي لا تتحكم بتصرفاتها ومشاعرها .. أعتذر بشده ..
وصار يجرها خلفه بشده وسيلفيا تكابد ثقل بطنها وبطىء ساقيها حتى إختفى عن ناظري أنا لوسيا ليمر أمام ناظري خوان بيدرو قائلا بصوت حازم :
ــ لا تفكر أن تقول شيئا ..
وأكمل طريقه بعصبية وسيلفيا خلفه تبكي كطفل صغير وقف خوان ينظر بإستغراب لصديقه الغاضب وقد إعتلى وجهه ألف سؤال لكنه ما لبث أن هز رأسه ضاحكا وأكمل طريقه بهدوء إلى غرفة أنا لوسيا وقبل أن يقترب من باب غرفتها المفتوح وصله صوت ضحكاتها الرنانه فتوقف متسمرا في مكانه يصيخ السمع لتلك القهقهات الساحرة تنساب إلى أعماق جسده بعذوبة فتثير كوامن حسه بحرارة إنبثقت من أعماق قلب مستكين كبركان خامد إستيقظ فجأه وانطلقت حمم براكينه تلتهم كل شبر من جسده ليقف حائرا في مكانه لا يعرف ما يقدم عليه فقد شعر بخطواته تتراجع إلى الخلف وكأن هناك أيادي خفية تجره إلى الوراء ليتأرجح ما بين مقدم ومدبر ومازاد إضطرابه أنه سمع وقع خطواتها تقترب من الباب لوهلة شعر برغبة كبيره بالهروب والحق أنه كاد يفعل ذلك لولا أن رأى طيف الباب ينغلق بهدوء لتعود السكينه إلى نفسه المضطربة ويسند ظهره إلى الحائط وقد تصبب جبينه عرقا أمسك جبينه بعصبية وفركه بتوتر بأنامله الدقيقه وقد شد قبضة يده الأخرى تضرب الحائط ضربات متواتره صاح بنفسه قائلا :
ــ تبا لهذا القلب العاصي لما أشعر بخفقانه يشتد .. أيعقل أن يكون هذا حبا ، كلا خوان أنك مخطىء أنه يخفق فرحا لإقترابه من المراد.. نعم هذا صحيح لا يمكن أن يكون هناك تفسير آخر غير هذا ..
بهذه الكلمات اليائسه حاول خوان بيدرو إقناع نفسه بحديث فارغ يعلم في قرارة تفسه أنه عار عن الصحه وأنه ما قال هذا إلا لكي يقي نفسه شر الوقوع في شباك هوى كان قد تمكن منه أصلا !!
ولأنه بارع جدا في تغذية نار الإنتقام في نفسه سرعان ما عاد الجمود الغامض يكتسح وجهه فيصنع منه صفحة بارده خاليه من المشاعر يطل منها عينان متقدتان تنفثان شرا حث خطاه ليتجاوز غرفة أنا لوسيا ويدخل إلى غرفة ماريا فيجدها على الأرض مستلقية على بطنها وساقاها تتمرجحان بتناغم في الهواء وقد إنكبت ترسم صورا مضحكة ما أن رآها خوان حتى ذاب جمود وجهه الصارم وأينع يزهر رقة وحنانا لتشرق عيناه بنور ساحر وتعلو إبتسامة جذابة على ثغره إقترب منها بخطوات قط وجثى على ركبتيه ينظر إلى ما تخطه تلك الأنامل الرقيقه لم تشعر ماريا بوجود خوان فقد كان جل تركيزها منصب على أبطال حكايتها المصورة بألوانها الزاهية ولكن ضحك خوان المكتوم شتت تركيزها إلتفتت نحو خوان وصاحت به :
ــ لما تضحك ألا يعجبك رسمي ؟ هز خوان رأسه بمرح وقال :
ــ حسنا إن هذا المسكين له رأس كالبطيخ .. وشعر مضحك كأنه رأس مقشة باليه .
رمت ماريا قلم التلوين من يدها وجلست القرفصاء وقالت بغضب :
ــ لقد حاولت جاهدة أن أجيد رسمك ولكن يبدو أني أخفقت .
وهنا إبتلع خوان ضحكه وأعتلى وجهه تقطيبة مضحكة وهو يقول :
ــ هل رأس البطيخ هذا هو أنا ؟ ضحكت ماريا وقالت بمرحها الطفولي :
ــ نعم إنه أنت ألا يشبهك . صاح خوان معارضا :
ــ بالطبع لا إنه قبيح وأنا لست قبيحا هكذا . ماريا بإصرار :
ــ بل يشبهك كثيرا إنه يملك نفس إبتسامتك الجميله وهو يحتضن ماريا الصغيرة بين يديه ويحميها من الأذى كما يفعل خوانيتو .
أعاد خوان بيدرو النظر مجددا للصوره فوجد صورة فتاة صغيره تقف بالقرب من رأس البطيخ وقد تعلقت بجسدها الهزيل برقبته فلم يستطع أن يخفي تأثره ولا ترقرق الدموع في عينيه ولأنه يعلم أن ماريا لا تحب منظر الدموع صاح بها ممازحا :
ــ هذا ليس عدلا رسمتني برأس بطيخ وشعر مقشة باليه وأنت في الصورة تبدين كأميرة صغيره . وبفخر وكبرياء هزت ماريا كتفيها وقالت :
ــ هذا لأني حقا أميره صغيره . لكن خوان تناول قلم التلوين بيده ونظر بتحد لماريا قائلا :
ــ سأصحح الرسم وأظهر حقيقتك يا مخادعه .
وما كاد يفعل ذلك حتى صاحت به ماريا معارضه وهجمت عليه في محاولة سرقة القلم من بين يديه ليدور عراك طفولي بين الإثنين كل واحد يحاول أن ينال القلم ، فتعالت صدى ضحكاتهم ترن في أرجاء الغرفة حتى إخترقت الجدار الفاصل ليصل صدى ضحكاتهم المرحة إلى مسامع أنا لوسيا فينطلق لسانها هامسا بشوق .. خوان .. فتسارع بإلصاق أذنها بجدار الباب لم تستطع أنا لوسيا أن تكبح جمام عاطفتها الجياشه فذلك الصوت له وقع سحري على مسامعها بل إنه قوت قلبها المتعطش لهتافه سرعان ما توقفت الضحكات واختفى معها صوت مالك نبض قلبها لتعود إلى سريرها بحمى شديده أشعلت النار في جسدها وروحها فحمى الحب داء خطير لا علاج له سوى قرب الحبيب بقيت نظراتها الذابله تتراقص بالقرب من الباب عله يفتح فجأه ويظهر أمامها فيطفىء نار شوقها وإن كان للحظة ، لم يستطع خوان أن يغلب ماريا الشقيه التي إستطاعت أن تخطف القلم من بين يديه أسند خوان ظهره إلى ظاهر السرير ليعلن إستسلامه وقد زرع رأسه بين ساقيه يلتقط أنفاسه بصعوبة لم تتوقف ماريا عن الضحك للحظه بل ألحقت ضحكاتها برقصة مضحكة وسط الغرفه وهي تلوح بالقلم عاليا وتصرخ بخوان :
ــ خاسر .. خاسر .. ضحك خوان وأشار لها بأن تجلس بالقرب منه وكبنت مطيعة جلست بجانبه لتتفاجأ بنظرات خوان الجاده وقد صوبت نحو عينيها قائلا :
ــ ماريا .. أنت تعلمين أن الممرضه روز قد سافرت بعيدا لذا هي لن تستطيع أن تهتم بك كما كانت تفعل سابقا قاطعته ماريا قائله :
ــ هذا أفضل .. إني لا أحبها .. خوان :
ــ ماريا اسمعيني جيدا . هزت رأسها وقربت وجهها إليه كإشارة منها للإنصات ضحك خوان وأبعد وجهها قليلا قائلا :
ــ أنت تعلمين أنك ما زلت مريضه وأنك بحاجة لشخص يعتني بك ولذا ... وما كاد يكمل حديثه حتى إحتضنت ماريا ذراعه وأسجت رأسها الصغيرعلى كتفه قائلة :
ــ لست بحاجة لأحد فخوانيتو يعتني بي .. أردف خوان بروية وهدوء :
ــ هذا صحيح .. ولكني سأكون مشغولا في الأيام القادمه ، لن أستطيع أن أكون متواجدا دائما .. لذا وجدت شخصا سيهتم بك كما كانت تفعل الممرضه روز .
وبغضب سحبت ماريا يدها ونهضت بعصبية لتنزوي خلف ستارة النافذه وتغص بالبكاء نهض خوان وسار حتى وقف أمامها وبصوت حزين منكسر قال :
ــ كنت أظن أنك تثقين بي لكن يبدو أني أخطأت بظني . توقفت ماريا عن البكاء وقالت بصوت مرتجف خلف الستار :
ــ أنا أثق بك تماما .. سأقبل ولكن شرط أن لا تكون صارمة كروز .
إبتسم خوان وسحبها من خلف الستارة بهدوء فحضنها قائلا :
ــ أعدك.. والآن دعيني أرى إبتسامتك الجميله . لم تستطع ماريا ان تلبي طلب خوان بل على العكس تماما إزداد تجهم وجهها وترقرق الدموع في عينيها فعاتبته قائله :
ــ لما قلت اني لا أثق بك . خوان :
ــ هكذا شعرت وقتها .. ماريا بأسى :
ــ هل قرأت رسالتي . إرتبك خوان لسؤال ماريا المفاجىء وتذكر أنه نسي أن يقرء رسالتها وكي لا يجرح مشاعرها تصنع قائلا :
ــ بالطيع قرأتها .. وأعجبتني كثيرا . ماريا وقد إستبشر وجهها بنور الفرح :
ــ حقا .. بإرتباك أجابها :
ــ أجل . ليفاجىء بها تضمه بحراره وتهمس بحنان قائله :
ــ وأنا كذلك خوانيتو . شعر خوان بأن كذبه على ماريا سيجر عليه ندما كبيرا ويوقعه في مشكلة سيكون من الصعب عليه حلها فتصرف ماريا الغريب أثار ريبته وفجر في داخله الشك والفضول تجاه فحوى رسالتها الغامضه ولهذا عقد العزم على أن يقرأها ما أن يعود إلى غرفته وبينما كان مستغرق بتفكيره صاحت به ماريا قائله :
ــ متى سأقابل مربيتي الجديده . نظر خوان إليها قائلا :
ــ الآن إن شئت . وبإستغراب أردفت ماريا :
ــ هل سنذهب إليها الآن . خوان :
ــ بل هي موجوده هنا .. ولكي أكون أكثر دقة هي خلف هذا الباب . وأشار بإصبعه على الباب الذي يفصل بينها وبين أنالوسيا صاحت ماريا بحماس :
ــ حقا . خوان :
ــ أجل ولكن قبل أن آعرفك عليها أريدك أن تعديني بأنك ستحسنين التصرف معها . ماريا :
ــ أعدك .. هيا لنذهب أريد أن أرى كيف تبدو؟ لابد أنها إمراة عجوز يغطي وجهها التجاعيد ، لها شعر أبيض وترتدي نظارة سميكه . هز خوان رأسه قائلا :
ــ ليتها كانت كذلك . ماريا :
ــ هل قلت شيء ؟ خوان :
ــ لا .. وأمسك بيدها الصغيره وسار معها إلى الباب وبيد متوتره أحكم قبضته على المقبض ليعود الإضطراب مجددا فيهز شباك قلبه فهو الآن على وشك أن يراها بعد حادثة المكتب لم يستطع خوان أن يخفي إرتباكه لدرجة شعرت به ماريا التي سألته بتوجس :
ــ مالأمر خوانيتو ؟
في بادىء الأمر لم يجبها فقد كان تفكيره مشغول بلحظة لقائه بأنالوسيا وبردة فعل ماريا عند رؤيتها لها فهو لم ينسى كيف إنقضت عليها كالنمرة المفترسه تقتلعها من بين أحضانه كما يقتلع العشب الضار من الأرض أخذ نفسا عميقا ونظر لماريا باسما ليقول لها بحماس :
ــ هيا بنا . وما أن قالها حتى أدار مقبض الباب بروية ليدفع الباب بهدوء ويدخلا معا حتى يقفا أمام أنالوسيا التي وقفت تنظر نحوهما بإرتباك وعصبية .
وبخطوات سعيدة قطعت بيانكا درجات السلم نزولا وقد إرتدت أجمل ما لديها وصبغت وجهها بالمساحيق التجميله أوقفتها دونيا كونسويلو قائله :
ــ إلى أين أنت ذاهبه ؟ بيانكا :
ــ إلى العمل أم تراك نسيتي أنه اول يوم عمل لي في العيادة . دونيا كونسويلو :
ــ هل ستتأخرين بالعودة ؟ بيانكا :
ــ لا أعلم .
وخرجت مسرعة دون أن تكبد نفسها عناء توديع والدتها صعدت العربه وانطلقت بطريقها إلى العيادة حيث كان الإتفاق بينها وبين خوان بيدرو وما هي سوى بضع دقائق حتى وصلت بيانكا إلى العيادة ترجلت عن العربه لتقف مشدوهة فاغرة الفم فالعيادة ما زالت مغلقه ولا أثر لوجود خوان بيدرو لإستقبالها وبصوت خافت حدثت نفسها قائله :
ــ أيعقل أنه نسي موعدنا .. لا.. ربما هو الآن في طريقه إلى هنا .. سأنتظره .
وهكذا وقفت بيانكا أمام مدخل العيادة بإنتظار قدوم خوان بيدرو لم تكن تعلم بأن خوان الآن يقف وجها لوجه أمام من تراها غريمتها في حبها لخوان لحظات مرت وكأنها سنوات ثقيله وكلا من خوان وأنا لوسيا ينظران لبعضيهما نظرات حملت أجمل وأروع الأحاسيس التي عجز اللسان عن التعبير عنها وكم هي جميلة وصادقة هي لغة العيون إلا أنها لحظات سرعان ما أن وئدت فقد إرتفع صوت صراخ هستيري يصم الآذان ولم يكن صاحب هذه الصرخات المجنونة سوى ماريا الغاضبه التي كاد غضبها يصل إلى أنالوسيا لولا أن تدارك خوان بيدرو الوضع بأن أمسكها بشدة من خاصرتها حتى لا تنقض على أنا لوسيا التي تراجعت للخلف وقد تملكها خوف كبير لم تتوقف ماريا عن الصراخ وانطلقت تهاجم أنا بأقسى الألفاظ وأغلظها وخوان يبذل جهدا كبيرا في تهدئتها إلا أنها عضته بشده لتحرر نفسها من قبضته وتنقض بسراشة على أنالوسيا وما أن كادت يداها تقرب منها لتطالها حتى فوجئت بذلك الجدار القوي الذي يصدها ويقف حاجزا منيعا بينها وبين أنالوسيا رفعت رأسها فرأت خوان بيدرو ينظر إليها بغضب لتنطلق صرخاتها مجددا وقد غرزت أظافر يدها في صدره تخدشه بقوة حتى أدمته وبالرغم من شدة الألم الذي كان يحفر في صدره ظل خوان ساكنا في مكانه كالطود إرتفعت يده عاليا وصفع ماريا بشده لتقع على الأرض وقد إحمرت وجنتها البيضاء للحظة تسمرت أنظار ماريا المنكسره في عيني خوان وقد إعتلى صوت تنهداتها الثقيله وعندما سارع خوان إليها دفعته بيدها وصرخت به :
ــ لا تلمسني ..
سحبت نفسها بصعوبه لتجر نفسها جرا إلى غرفتها وتغلق الباب خلفها فينفجر صوت بكائها يعلو حتى كاد يخترق السقف وخوان ينظر بألم إلى الباب وقلبه ينزف ألما لما فعله إلا أنه وجد نفسه مجبرا على فعل ذلك فقد كانت تلك الطريقة الوحيدة ليعيدها إلى رشدها ، لم تستطع أنا لوسيا أن تحبس دموعها التي أخذت تنهمر بشده ولا أن تقترب من خوان بل ظلت واقفة كالتمثال الشمعي تبكي بصمت وعيناها مسمرتان على ظهره إتسعت حدقتا عيناها ما أن إلتفت نحوها خوان وقد توشح وجهه القسيم حزن كئيب أطفىء نور وجهه نظر إليها قائلا :
ــ أرجو أن لا تغضبي منها فماريا فتاة طيبه هي فقط تحتاج للوقت لتتقبل الأمر .
وفي الوقت الذي كان خوان يحدث أنا لوسيا كانت أنظار أنا لوسيا قد تسمرت على ذاك الصدر الدامي ليعتصر قلبها حزنا لمصابه وعندما أرادت أن تجيبه وجدت شجاعتها تخونها مجددا لتغوص في بحر من الصمت الثقيل ونظراتها الحنونة تحلق في مداره كطائر حزين لينصرف عنها خوان ويتركها لدموعها ولصوت بكاء ماريا الذي أخذ يخفو شيئا فشيئا حتى غاب واختفى لتسقط على الأرض كقطعة زجاج محطمه الفؤاد وتجهش ببكاء مرير لم يكن خوان قد إبتعد كثيرا عن الباب فقد طرق سمعه صوت بكائها الحزين ليزداد قلبه إنفطارا ويشعر برغبة بالهرروب من كل هذا إندفع كالإعصار إلى غرفته وصار يضرب الحائط بقبضة يده بشدة لدرجة ادمى يده وكلما إزداد الألم كلما شعر بالإرتياح لتخور قواه ويقع على الأرض محطما وهو يصرخ بألم :
ــ ليت شلت يدي قبل أن تصل إلى خدك ماريا .. أرجوك سامحيني .. سامحي خوانيتو .. وصار يرددها الف مرة إرتفعت خطوات دونيا تريزا تقطع درجات السلم صعودا فقد وصلها صوت صراخ ماريا وبقلب واجف أخذت تتخبط بخطواتها ليقابلها خوليو بالممر صاحت به قائله :
ــ مالخطب ؟ مالذي يحدث ؟ وببرودة أعصاب وسخرية لاذعه أردف خوليو قائلا :
ــ إنها المجنونه فقد عاودتها إحدى نوباتها المعتاده . صاحت به دونيا تريزا :
ــ لا تقل هذا عنها .. إلا أن خوليو تجاهل أمرها ورد بصلافة :
ــ لا أعرف لماذا لا تتقبلين حقيقة حفيدتك .. إنها مجنونه .. مجنونه .
وانصرف عنها لتقف دونيا تريزا بمنتصف الممر وقد غاب عقلها وقلبها في صراع مرير لطالما تهربت من مواجهته ، رفعت أنا لوسيا رأسها لتتقد عيناها ببريق غريب لم يسبق أن عرفته من قبل نهضت بشجاعة تجر نفسها وكأن قوة خفية إجتاحت جسدها ونهضت بها إلى خارج الغرفة إنطلقت ساقاها تسير بخطوات صارمه وثابته لتتوقف أمام باب غرفة خوان بيدرو ومن دون سابق إنذار فتحت الباب لتجده على الأرض جالسا وقد أسند ظهره على الحائط ويده تقطر دما فز قلبها وجرت إليه تشده من كتفيه وتصرخ به :
ــ هل أنت بخير ؟
رفع خوان رأسه وقد إنسدل شعره الفاحم يغطي عينيه الذابلتين للوهلة الأولى شعر بالسعادة لرؤيتها أمامه تنظر إليه بدفء نظراتها الحانيه ولكنه سرعان ما قال لها بصوت جاف :
ــ من سمح لك بالدخول ؟ ماذا تفعلين بغرفتي ؟
دفعها عنه لتعاود أنالوسيا وتمسك بيده المصابه وتقول :
ــ دعني أداوي جرحك أرجوك .
إلا أنه دفعها مجددا وأمرها بالخروج وهنا وقفت أنا لوسيا تنظر إليه بصمت والدموع تترقرق بمقلتيها لتتفجر الكلمات من فمها وتصرخ به :
ــ لما أنت قاسي هكذا ؟ لماذا تدعي القسوة وانت لست كذلك .. دعني أداويك فهذا أقل ما يمكنني فعله في مقابل دفاعك عني ..
رمت نفسها أمام قدميه ونظرت بعينيها الدامعتين وأكملت قائله :
ــ لن أخرج حتى أضمد جراحك ولا تفكر بطردي فأنا لن أتركك هكذا أسمعت ..
سحبته من قبة قميصه وأجلسته على طرف السرير وخوان ينظر إليها بإستغراب فمن أين جاءت بهذه الشجاعة ظل يتبعها بنظراته وهي تبحث عن حقيبته وجدتها على المنضده فتحتها لتخرج منها كحول مطهر وشاش وقطن وجثت على ركبتيها لتقابله بوجهها البريء وبالرغم من أنها كانت منشغلة في تضميد يده المصابة إلا أن عيناها لم تتوقف عن البكاء وعندما أرادت أن تعقم جراح صدره أوقفها خوان بأن أمسك يدها المرتجفة لم تقوى أنا لوسيا أن ترفع ناظريها للأعلى فقد كانت تعلم أنها لن تقوى على نظراته الساحرة إلا أنها رفعتها طوعا ما أن أمرها خوان بذلك لتتقابل عيناهما مجددا ويغوصا معا ببحور نظراتهم العميقه انطلق على أثرها صوت نبض قلوب أضناها الغرام لتترجم الأحاسيس الصادقه بقبلة طبعها خوان بشغف على شفتيها لحظات غاب فيها الإثنان في عالم وردي حلو المذاق لينتهي هذا الحلم الجميل ما أن دفعته أنا لوسيا بيديها لتنهض على عجل وتهرب مسرعة الى خارج الغرفة لتترك خوان ينظر إلى طيفها يختفي من أمامه مع ذكرى قبلة لن تمحى للأبد .
قراءه ممتعه وحتما القادم أحلى :dancingmonkeyff8 :
التعديل الأخير تم بواسطة kirara ; 27-03-08 الساعة 09:07 PM
|