كاتب الموضوع :
kirara
المنتدى :
الارشيف
وفي صباح اليوم التالي إستيقظت بيانكا بنشاط وحيويه وقد شع وجهها بنور الفرح والسرور فكلما أطرقت تفكر بعشاء الأمس وبقبلة المساء التي فاجأت بها خوان إزداد بريق إبتسامتها واحمرت وجنتاها بلون الحب الزاهر وبصوت خافت أخذت تحدث نفسها متوعده :
ــ في المرة القادمه ستكون من سيقبلني خوان .
وما أن أتمت وعيدها حتى إنفجرت ضحكاتها الهستيريه تصدح في أرجاء الغرفة لتسارع إلى خنقها بوسادتها الصغيره ، وفي غرفة الطعام إجتمعت دونيا لوكريسيا وأنا لوسيا على مائدة الإفطار إرتفع صوت دونيا لوكريسيا المتعب قائله :
ــ هل أنت واثقه عزيزتي مما ستقدمين عليه ؟ هزت أنا لوسيا رأسها بالإيجاب وقالت :
ــ نعم .. دونيا لوكريسيا :
ــ ولكنك لست مجبرة على فعل ذلك . أنا لوسيا :
ــ لقد فكرت بالأمر كثيرا خالتي .. وأرى أنه تصرف صائب لرد جميل صنع السيد خوان بيدرو .
أومأت دونيا لوكريسيا رأسها قبولا ومدت يدها برفق لتضعها بحنان على يدها لتبادرها أنيتا بإبتسامة رقيقة قائله :
ــ سيكون من الجميل أن أجد ما يشغل فراغ وقتي .. لا تقلقي أعدك بانها ستكون تجربة جميله
دونيا لوكريسيا وقد غلب على صوتها نبرة حزينه :
ــ أرجو ذلك حقا .. وما أن أتمت جملتها حتى دخلت بيانكا الغرفة متبخترة بردائها الأحمر المعتق في بادىء الأمر تفاجأت برؤية أنا لوسيا بكامل زينتها على غير العاده فقد بدت وكأنها تستعد للخروج لموعد ما وعلى الرغم من رغبتها الملحه في معرفة الأمر إلا أنها تصنعت اللامبالاة وألقت تحية الصباح على والدتها متجاهلة وجود أنا لوسيا وبكل خيلاء جلست إلى المائدة وتناولت رشفة من الشاي لتوجه حديثها بصوت متباهي قائله :
ــ أمي إن السيده دونيا تريزا وحفيديها يبلغانك أحر السلام . وما أن طرق إسم دونيا تريزا مسامع دونيا لوكريسيا حتى شخص بصرها وتصاعدت أنفاسها سارعت قائله :
ــ قلت دونيا تريزا ؟! بيانكا وقد سلطت سهام نظراتها الساخرة نحو أنا لوسيا التى تلون وجهها بالإستياء وقالت :
ــ نعم .. فليلة الأمس شاءت الصدف أن ألتقي بالسيد خوان بيدرو وأنا في طريقي إلى السوق وبعد حديث ودي دار بيننا قام بدعوتي للعشاء في منزلهم وكان لي شرف القبول .. لقد إستمتعت كثيرا بالعشاء فقد أحسن خوان ضيافتي لدرجة أني أحسست أني صديقة العائله . دونيا لوكريسيا :
ــ إني سعيدة من أجلك عزيزتي .. إلا أني تمنيت لو أنك إصطحبت معك أنا لوسيا . وبحدة أجابتها بيانكا مستنكرة حديث أمها :
ــ لا أظن أنه من اللائق أن أصطحب معي ضيفا غير مرغوب به .. صاحت بها دونيا لوكريسيا : ــ بيانكا ... عاودت بيانكا الرد بوقاحة أكثر من ذي قبل وقالت :
ــ إنها الحقيقه فلما الغضب ؟ لا تزال السيده دونيا تريزا غاضبة منها فهي حتى الآن لم تنسى ما فعلته بحفيدها .. لذا أظن أنها آخر من تود رؤيته .
وبالرغم من قسوة كلمات بيانكا إلا أن إبتسامة ساخرة توشحت وجه أنا لوسيا الأمر الذي أشعل فتيل غضب بيانكا ولترد لها الصفعه قالت بتبجح :
ــ لقد عرض علي خوان العمل معه في العيادة ، واليوم هو اليوم الأول لي في العمل . قالتها بلؤم وقد تعمدت أن توصلها بشكل مباشر لمسامع أنا لوسيا كتعبير واضح للتحدى .. وكمن صابته صاعقة من السماء إهتز بدن دونيا لوكريسيا لسماع الخبر المفاجىء والغريب في نفس الوقت أردفت بسخريه هي الأخرى :
ــ مالذي يحدث هنا .. أرى أن الوضع بات غريبا حقا ؟ بيانكا :
ــ لما تقولين هذا أمي ؟ أترين صداقتي بخوان أمرا غريبا ؟ دونيا لوكريسيا :
ــ بل الغريب أن تعملا كلاكما لدى عائلة أسبيرادو .. إنها صدفة غريبة حقا .
شخصت أبصار بيانكا واهتز الكوب بيدها حتى كاد يقع منها إرتجفت شفتاها قائله :
ــ لم أفهم ؟!!
وعندما أرادت دونيا لوكريسيا أن تكمل حديثها قطعت عليها أنا لوسيا بأن إبتعدت عن الطاولة قائلة بصوت هادىء ورزين :
ــ علي الإنصراف الآن خالتي .. لا بد أن السيده دونيا تريزا تنتظر قدومي . وما كادت تخطو خطواتها حتى صاحت بها بيانكا بغضب :
ــ توقفي .. مالذي عنيته بقولك أن دونيا تريزا تنتظرك ؟ أمي مالذي يحدث هنا فلتوضحي لي إبتسمت أنا لوسيا وقالت بسخرية لاذعه :
ــ كنت أود أن أخبرك بنفسي إلا أني لا أستطيع التأخر على موعدي ستحرص خالتي على إطلاعك بالأمر . وانصرفت من فورها لتصعد العربة وتنطلق العربة بطريقها إلى قصر عائلة أسبيرادو وكالمجنونة إعتلى صياح بيانكا مطالبة بالتفسير الفوري فهي لم تعد تحتمل هذا الغموض هدأت دونيا لوكريسيا من روعها وأطلعتها بالأمر كله وما أن فعلت ذلك حتى فوجئت بإندفاع بيانكا كالثور الهائج نحو درجات السلم تقطعها بسرعة جنونيه لم تتوقف قدماها الجرارة حتى إقتحمت غرفة أنا لوسيا لتفتح باب خزانتها بعصبية وتجد نفسها أمام حقيقة تمنت لو أنها كانت أكذوبه أو مجرد دعابة سمجه فالخزانة فارغة وهي خير برهان على أن ما سمعته بشأن إقامة أنا لوسيا في نزل عائلة أسبيرادو هي الحقيقة التي ترفض قبولها ومن شدة الغضب إنتابتها نوبة صداع شديد لا يحتمل شعرت وكأن الغرفة تدور بها لتقع بعدها على الأرض مغشيا عليها فتحت عيناها لتجد نفسها ممدة على سريرها تجلس بالقرب منها صديقتها خوانيتا التي ما أن رأتها ترفرف بجفنيها حتى قالت بلهفه :
ــ حمد لله على سلامتك .. إنفجر بكاء بيانكا وهي تقول بأسى :
ــ لقد إنتهى كل شيء خوانيتا وذهبت كل مخططاتي أدراج الرياح .. لتغص ببكاءها المرير هدأتها خوانيتا قائله :
ــ لا بأس عليك عزيزتي .. الأمر ليس بهذه الخطوره .. صاحت بها بيانكا بغضب :
ــ كيف تقولين هذا وأنا لوسيا بطريقها إلى خوان .. خوانيتا :
ــ لا تتعجلي الحكم عزيزتي فالوقت ما زال مبكرا على الإستسلام .. لا تنسي أنك أنت أيضا ستكونين قريبة من خوان أم أنك نسيت أمر العياده ؟ بيانكا :
ــ ساعات عملي في العيادة لا تقارن بوقت إقامة أنا لوسيا معه تحت سقف واحد ، لقد خسرت اللعبة خوانيتا .. نهرتها خوانيتا بحده قائله :
ــ كفي عن قول هذا الكلام إنك تتحدثين كمن حكم عليه بالإعدام .. إسمعي قد تكون أنا لوسيا تقدمت عليك بخطوه إلا أنها لا تملك دهاؤك وفنون سحرك ، لذا لا تهتمي بأمر إقامتها في القصر فهي هناك مجرد خادمه . بيانكا وقد راق لها هذا اللقب لأنا لوسيا :
ــ نعم خادمه .. كيف فاتني هذا .. نهضت عن السرير وقابلت إنعكاس صورتها في المرآة وقالت :
ــ أعلم يقينا أني تركت إنطباعا حسنا لدى عائلة أسبيرادو .. كما أن خوان كان يخصني بنظرات الإعجاب طوال العشاء . خوانيتا :
ــ أرأيت هذا ما يجدر بك التفكير به دعي عنك أمر أنا لوسيا الساذجه . إبتسمت بيانكا بخبث ومسحت على شعرها إعجابا بنفسها قائله بزهو :
ــ نعم صدقت .. ولذا سأحرص على أن أرد لها الصفعة وبقوة في القريب العاجل .
توقفت العربة أمام مدخل القصر الرئيسي لتترجل عنها أنا لوسيا بحقيبتها وقد بدى عليها التوتر والقلق فهي الآن أمام تجربة جديده ستخوضها لا تعلم يقينا ان كانت أهلا لها فقد شعرت بإحساس مخيف يغلف جدار قلبها وقبل أن تغوص في بحر مخاوفها وأفكارها السوداء فاجأها أبيلاردو رئيس الخدم مرحبا بها خطف الحقيبة من يدها ودعاها إلى الداخل وبخطوات مترددة دفعت أنا لوسيا نفسها دفعا إلى الأمام وهناك وفي قاعة الإستقبال الفاخرة رأت دونيا تريزا جالسة بكل شموخها على الأريكة ما أن رأتها بطرف عينها حتى أشارت بيدها لأبيلاردو قائله بصوت جاف يخلو من الترحيب :
ــ خذها إلى غرفتها . ومن ثم أشاحت بوجهها بعيدا عن نظرات أنا لوسيا لها وإبتسامتها الوديعة وهي تقول لها : ـــ مرحبا .....
لكم شعرت أنا لوسيا بالإهانة والإحتقار لحظة ما أن تجاهلت دونيا تريزا وجودها فقد نظرت إليها كمن تنظر إلى الفراغ إبتلعت ألمها وأطرقت رأسها للأسفل تتبع خطوات أبيلاردو التي تقودها إلى حيث ستقيم وما أن إبتعدت عنها حتى زفرت دونيا تريزا زفرة حاره وهي تقول بإمتعاض :
ــ لا أعرف كيف وافقتك الفكرة خوان . وفي الممر المؤدي إلى الغرفة شعر أبيلاردو بالشفقة تجاه أنا لوسيا فقد كان إستقبال السيدة معها قاسي جدا إبتسم لها قائلا :
ــ أرجو أن لا تستائي من تصرف السيده فهي وإن بدت قاسيه إلا أنها تملك قلبا طيبا ، آه لقد وصلنا . فتح باب الغرفة قائلا :
ــ ستكون هذه غرفتك آنستي .. وضع الحقيبة على السرير وقال لها بوداعة :
ــ غرفة الآنسة الصغيره تقع بجوار غرفتك وهذا الباب يفتح مباشرة عليها .. أتمنى لك إقامة طيبه إن إحتجت لشيء فلا تترددي بطلبه . وانصرف مغلقا الباب خلفه بهدوء وعلى طرف السرير جلست أنا لوسيا وقد صوبت نظراتها نحو ذاك الباب الزهري الفاصل بينها وبين تلك الفتاة التي لم تنسى بعد كيف دفعتها بوحشية مبعدة إياها عن خوان فقد رأت في نظرات عينيها حقدا كبيرا تجاهها إرتفع صدرها بتنهيدة عميقة وقالت :
ــ ترى كيف ستكون ردة فعلها إن علمت أني مربيتها الجديده ؟!! رمت ظهرها إلى الوراء وحلقت نظراتها إلى السقف المنقوش وقد جال بفكرها العديد من التساؤلات والخواطر إلا أن ما كان يشغل عقلها هي فكرة واحده ألا وهي لحظة اللقاء بخوان كيف ستكون بعد حادثة المكتب فهي حتى الآن ما زالت أسيرة لتلك اللحظة الساحرة التي ألهبت قلبها بحرارة الحب الصامت وعقلها مازال يحتفظ بذكرى إقتراب خوان منها ليقبلها ، وقد كادت تترجم تلك الأحاسيس الصادقة فعلا لولا أن وقف خوفها وحياؤها البريء حاجزا منيعا دونها ودون تلك القبلة من أن تترجم لم تنسى بعد كيف غمر وجهها بأنفاسه العطره وكيف تسارعت نبضات قلبها الخجول تقرع بشدة إنها ذكرى يقشعر لها بدنها ويضعف لها قلبها سوى أنها سرعان ما أن حررت نفسها من قيود تلك الذكرى ما أن تذكرت ما رأته بالأمس أسفل نافذتها في تلك الليلة المقمره لتمحى آثار الرقة والحنان من على وجهها وتصطبغ بالغضب والإستياء ، لم يكن خوان وقتها على علم بقدوم أنا لوسيا فقد كان مشغولا بترتيب عقاقيره الطبية في خزانة صغيرة خص بها إحدى زوايا غرفته الفسيحة كما أنه كان يدون في سجل صغير وصفات وتركيبات عقاقير أخرى إستعدادا لإفتتاح عيادته رسميا لإستقبال المرضى قطع عليه تركيزه طرقا خفيفا على الباب وصوت يستأذن بالدخول رفع رأسه ليرى جدته تقف أمامه قائله :
ــ ألن تقوم بالمهمة ؟ فقد وصلت ضيفتك المصونه . رفع خوان حاجبه متسائلا وقال :
ــ من تقصدين ؟ دونيا تريزا :
ــ ومن غيرها .. المربية الجديده . فز قلب خوان سرورا وإن لم يبدي ذلك فعلا وقال ببرود :
ــ حقا .. وأين هي الآن ؟ دونيا تريزا :
ــ في غرفتها . وضع خوان ما بيده وأنزل كميه قائلا :
ــ جيد سأتولى الأمر بنفسي . وما أن خطى حتى إستوقفته دونيا تريزا بلهجتها الصارمه قائله :
ــ أريد أن ينتهي هذا الأمر بسرعة ، فأنا لا أطيق وجودها بيننا أفهمت .
خوان بهدوء غامض :
ــ فهمت .
ما عساه يكون هذا المخطط الخطير الذي يدور في رأس خوان ؟ كيف سيكون لقاء خوان وأنا لوسيا مجددا ؟ وكيف ستكون ردة فعل ماريا تجاه أنا لوسيا ؟ هل سنرى أحداث وعقبات تصادفها أنيتا خلال إقامتها في القصر ؟
هذا ما سنعرفه في الحلقات القادمه فانتظرونا ............
|