كاتب الموضوع :
kirara
المنتدى :
الارشيف
إرتفع صوت خطوات مسرعة تقطع درجات السلم صعودا لتنزوي وتختفي خلف باب غرفة ماكس ، كانت صاحبة هذه الخطوات الغاضبه هي سيلفيا التي بالرغم من ثقل بطنها لم تشعر بنفسها فقد كان الغضب يملؤها من الداخل أغلقت الباب وراءها بعصبية إهتز لها جسد ماكس الممدد على الفراش صاح بها غاضبا :
ــ ما بك ؟ هل جننت ؟ أرخت سيلفيا ثقل جسدها على الأريكة وأردفت بغضب بعد زفرة حاره أطلقتها :
ــ لن تصدق ما يجري في غرفة المعيشه ؟ ماكس متأففا :
ــ هل عدت للتجسس مجددا ؟ سيلفيا :
ــ أنا لا أفعل هذا .. كما أن هذا ليس موضوعنا .. صديقك النبيل بالأسفل يعيش حالة غرام !! ماكس :
ــ وأين المشكله ؟ ألم تقولي أنه مغرم بها ؟ سيلفيا :
ــ المشكله أنه يتغزل بالمرأة الغير مناسبه .. ماكس مستغربا :
ــ لم أفهم .. كيف أصبحت أنا لوسيا المرأة الغير مناسبه ؟ سيلفيا بحده :
ــ من جاء على ذكر أنا لوسيا ؟ ماكس :
ــ قلت خوان وغرام . إذن لم يبقى سوى أنا لوسيا لتكتمل الصوره .. سيلفيا :
ــ وهذا اكثر ما يثير غضبي ان الصوره لم تكتمل ، فالمرأة التي بصحبة خوان الآن ليست أنا لوسيا .
ماكس وقد فاجأه الخبر :
ــ ليست أنا لوسيا !! إذن من تكون ؟ سيلفيا بضيق :
ــ إنها إبنة خالتها بيانكا . ماكس :
ــ ولكن كيف ؟ ومتى ؟ سيلفيا :
ــ لا أعلم .. إلا أني لا أحب هذه المرأه هناك شيء شرير فيها . ماكس :
ــ لقد أصبح الأمر الآن أكثر تعقيدا .. سيلفيا :
ــ لن تصدق هذا ولكن خوان دعاها للعشاء .. ووسط إندهاش ماكس صرخت سيلفيا فجأه :
ــ يا الهي ... فز ماكس من مكانه صائحا بفزع :
ــ مالأمر حبيبتي .. أهو الطفل ؟ سيلفيا بإستياء شديد :
ــ لا .. ولكني فجأه فقدت شهيتي للعشاء .
ربما تكون سيلفيا قد فقدت شهيتها للطعام إلا أنها لم تستطع أن تمنع فضولها من أن يسوقها ويجلسها على مائدة العشاء الفاخره التي ضجت بأشهى وألذ الأطباق وقد صبت وصفت بأواني فضه براقة تلألأ لبريقها ناظري بيانكا التي شعرت وكأنها أميره هذا القصر الكبير يحفها حاشيتها من كل حدب وصوب وكيف لا وخوان يغدقها بإهتمام كبير وخوليو يخصها بنظرات عينيه الماكرتين ناهيك عن تبسم وإستلطاف دونيا تريزا لها فأنى لها أن تشعر بعدم إرتياح وهي ترى أنها مركز إهتمام الجميع ، ربما ما كان يزعجها قليلا هي نظرات سيلفيا لها والتي لم تحمل لها سوى النفور والإشمئزاز، إلا أنها لم تبدي إهتماما كبيرا لها فما تهتم له حقا هو خوان فقط والحق يقال أنها برعت في إستقطاب إهتمام دونيا تريزا فقد كانت تجيد فنون الحديث وربما هذا ما جعل خوان ينساق وراء عذب كلماتها الرنانه كالمسحور وينسى أنا لوسيا ولو لبضع دقائق ، وبينما كان الجميع يتجاذب أطراف الحديث وسط قهقهات ودعابات ظريفه.. بقي ماكس يرقب تصرفات خوان بدقة متناهيه في محاولة منه معرفة ما يدور في رأسه فهو حتى الآن لم يجد تفسيرا منطقيا لما يراه بعينه وما يحدثه به عقله إلا انه عزم على أن يحل هذه الأحجية وإن طال به الوقت ..
سرعان ما عادت الغرفة إلى وضعها الطبيعي فكل شيء في مكانه بشكل منظم وجميل ، وبعد تنهيدة عميقه أرخت أنا لوسيا جسدها المتعب على فراشها ليغلبها النعاس كطفل وديع ، لم تنتبه أنا لوسيا لأمر الرساله فعلى الرغم من أنها دستها أسفل وسادتها إلا أنها نسيت أمرها كليا لتغوص في بحر أحلامها وتجد نفسها وسط أرض خضراء فسيحه تسير على غير هدى إلا أنها كانت تشعر بإحساس غريب يقودها رغما عنها إلى شجرة عملاقه متدلية الأغصان وهناك وقفت تنظر بإعجاب إليها وقد تراقصت أغصانها بدلال بين يدي النسيم البارد ومن حيث لا تدري سطع ضوء أبيض خلف جذع الشجره العملاقه سارعت أنا لوسيا وغطت عيناها براحة يدها كجدار حامي وهنا طرق سمعها صوت خفق له نبض قلبها أنزلت يدها على عجل ونظرت مباشرة أمامها لترى طيف شخص عزيز يبسم لها بردائه الأبيض وقد تناثرت أشعة بيضاء تسطع خلف ظهره كهالة بيضاء ...
.. أنيتا حبيبتي ..
لم تستطع أنا لوسيا أن تصدق ناظريها وبأن من تقف أمامها هي أمها !! عاودت الأم حديثها هذه المره بنبرة تحذير :
ــ إحذري يا بنتي .. وكوني قويه .. صرخت أنا لوسيا بألم :
ــ أمي قد إشتقت لك .. إلا أن طيف والدتها سرعان ما بدء بالتلاشي مع صدى صوت لا ينفك يطالبها بالحذر وعندما أرادت اللحاق بها وجدت نفسها عاجزة عن ذلك مدت يدها بيأس تصرخ ألما :
ــ أمي .. لا تذهبي أرجوك .. أميييييييييي ....
وعلى وقع ندائها اليائس هبت رياح شديده عصفت بأغصان الشجره العملاقه فتلبدت السماء بغيوم سوداء حالكه لتغرق أنا لوسيا وسظ ظلام داجي وقد خفق قلبها بنبضات الخوف والجزع معا ومن حيث لا تدري إنشق الجدار المظلم أمامها ببروز يدان شاحبتان تنقض بوحشية على عنقها الصغير وتحكم الخناق عليها بلا رحمه وعلى الرغم من أنها صارعت بكل قوتها إلا أنها ودعت أنفاسها لتسقط على الأرض جثة هامده وفي اللحظة التي توافق وقت سقوطها على الأرض الصلبه إرتفع صوت شهيقها العميق لتفتح عيناها وتجد نفسها ممدة على سريرها الوثير ارتسمت ابتسامة شاحبة على وجهها فقد كان مجرد كابوس مزعج إلا أنه كابوس غريب حمل في طياته معنى مريب تساؤلا ت عديده دارت في مخيلتها بدءا من ظهور والدتها بوصاياها اللحوحة إلى بروز تلك اليدين الغريبتين التي سعت إلى سرقة أنفاسها غصبا !!
تناولت رشفة من الماء واستلقت مجددا على ظهرها وقد إنشغل فكرها في محاولة فك رموز الحلم الغريب إلا أن صوت عجلات عربه صاخبة قطع عليها حبل أفكارها ، نظرت إلى ساعة الحائط فكانت عقاربها تشير إلى العاشره تماما نهضت عن سريرها وتوجهت إلى نافذتها أطلت برأسها الصغير لترى ما أدهشها ورسم علامة إستفهام على ملامح وجهها فالعربة ذات العجلات المزعجة تقف عند مدخل البيت وسائقها لم يكن سوى خوان بيدرو وبقربه تجلس بيانكا في بادىء الأمر لم تصدق عيناها إلا أنها تيقنت من أن ما تراه امامها هو حقيقه وليس خيال فقد ترجل خوان عن العربة ومد يده لبيانكا التي ناولته يدها على عجل لتترجل عن العربة بسرعة طائشه وتلقي نفسها بين أحضانه وبحركة لا اراديه التفت يدى خوان حولها تطوقها كما يطوق السوار المعصم خفق قلب بيانكا سريعا وقد تلألأت نظرات الغرام تشع من عينيها كنور الصباح سارع خوان قائلا :
ــ هل أنت بخير ؟ إبتسمت على خجل وقالت بهمس :
ــ أجل .. وبجرأة كبيرة وضعت يدها على صدره تداعبه بأنامل يدها لتطلق سهام نظراتها الجريئه تسبر كل شبر من ملامح وجهه فترسو اخيرا على ضفاف عينيه الساحرتين قائله :
ــ كدت أقع على الأرض لولا هذا الحصن الأمين .. إبتسم خوان خجلا لغزل بيانكا الجرىء لتباغته بيانكا بقبلة حاره لم تكن في الحسبان طبعتها بشغف بالقرب من ثغره وقالت :
ــ إستمتعت كثيرا بالعشاء وبالتعرف على أفراد عائلتك اللطيفه .. في المره القادمه ستكون أنت ضيفي .
ودعته بإبتسامة وديعة وانطلقت تتخبط بخطواتها السعيده حتى دخلت إلى المنزل وخوان يرقبها من بعيد وقد بدى وكأن أصابته صاعقه فعلى الرغم من أن عقله كان مشغولا بتحليل ما حدث معه قبل قليل .. إلا أن قلبه لم يبدي إهتماما كبيرا لأثر تلك القبله !
وجد خوان نفسه في وضع غريب إنطلقت تساؤلاته تطرق مسامعه قائلا :
ــ لما لم أشعر بتسارع في خفقان قلبي ؟ .. وكأن تلك القبلة لم تعني لي شيئا !! كان يعلم يقينا أن أمر بيانكا لا يهمه كثيرا وبأن قلبه مشغول فقط بأنا لوسيا ثار غضبه وركل عامود الإنارة بقدمه صائحا :
ــ تبا لك ألف مرة .. لما لا أستطيع أن أزيلك من تفكيري ؟! رفع رأسه إلى السماء عاليا وكأنه يناشد القمر ونجوم المساء الخلاص ومن طرف عينه لمح طيفا يبتعد عن النافذة ويتوارى خلف الستار ظل يرقب النافذة لبرهة قصيره ومن ثم صعد إلى العربة وقفل راجعا إلى القصر .. لم تستطع أنا لوسيا أن تسكت نبضات قلبها التي كانت في تسارع كبير شعرت بغضب عارم وبعصبية ضربت قبضة يدها بقوة على المنضدة قائله :
ــ رجل مخادع ولعوب .. يقول لي أنه يحبني فأراه يقبل بيانكا أسفل نافذتي .. من يحسبني ذلك المعتوه لم أخطىء يوما في صفعي له وسأكرر هذا إن فكر بالإقتراب مني مجددا .
رمت نفسها على السرير وادثرت بفراشها حتى غطت رأسها ، في تلك الليلة المشؤومه لم يشهد بكاؤها الصامت سوى وسادتها التي تبللت بدموعها لقد أرادت أن تلعب دور القويه لكنها لم تستطع ذلك فمن يملك قلبا رقيقا وحساسا لا يمكنه القسوة أبدا ولكنه الكبرياء من يدفعنا إلى فعل ذلك ،
وفي غرفة المكتب جلس خوليو وحيدا يشرب سجائره الكوبية بنهم كعادته دائما وقد تلبس الشر وجهه قائلا بصوت خافت :
ــ ضيف جديد بالقصر .
وما أن أتم جملته الغامضه تلك حتى أطلق ضحكاته الشريرة تصدح في زوايا الغرفة .
انتظرونا في احداث الحلقه القادمة فالقادم أحلى قراءه ممتعه
|