كاتب الموضوع :
kirara
المنتدى :
الارشيف
توقفنا في الحلقه السابقه عندما خطفت بيانكا الطرد من بين يدي كاتالينا وانطلقت مسرعة الى غرفتها تجر من خلفها ذيل فستانها الطويل وانزوت كاللص في غرفتها مغلقة الباب خلفها لتضع الطرد على السرير وتجلس قبالته تحملق فيه كما لو اصاب الجمود عيناها في حين ارتفعت يداها مقتربة من الطرد يدفع بهما فضولها الذي لا ينفك تزداد وتيرته كلما اطالت التفكير بمحتواه وكالنسر الجائع انقضت اناملها مفترسة العقدة تحلها على عجل وتمزق ورق التغليف بطريقة عشوائية ليتجلى امام ناظريها علبة سوداء فاخره بدى من مظهرها الأنيق ان مرسلها شخص غير عادي ازداد فضولها أكثر لدرجة ألهب فكرها بالعديد من التساؤلات التي لا تنتهي ولكي تضع حدا لها وتنهي هذا الفضول الحارق سارعت إلى فتح الغطاء ونظرات عيناها تسبر بدقة زوايا الصندوق تزامن وقت فتحها لغطاء الصندوق مع وقت فتح باب غرفتها بدفعة قوية من يد غاضبه اهتز بدنها برعشة مباغته متفاجأة برؤية من وقف أمامها يزبد غضبا ويخصها بنظرات عينيه الناريتين ولشدة الحرج والاضطراب أخذت تتلعثم بالكلام وجدت يداها تنساقان دون وعي منها إلى إغلاق غطاء الصندوق بحركة سريعة كمن يحاول التستر على فعلته المخجله تمتمت باضطراب :
ــ أنا لوسيا ...
وقفت أنا لوسيا تنظر إليها بغضب في حين أطل راس من خلف ظهرها يسترق النظرات إلى بيانكا المضطربه فبعد ان دفعت بيانكا كاتالينا بكل إزدراء وجدت كاتالينا نفسها في حيرة من امرها فهي ليست ندا لبيانكا كي تطالبها بإعادة الطرد لها لذا سارعت إلى إطلاع أنا لوسيا بالأمر وما ان علمت أنا لوسيا بالموضوع حتى تملكها الغضب وبسرعة البرق إنطلقت إلى غرفة بيانكا تتبعها كاتالينا بحرص ، وكالإعصار اقتحمت غرفتها بفتح بابها بدفعة قوية لترى ما زادها حنقا وإمتعاضا صرخت بوجهها قائله :
ــ كيف تجرؤين على أخذ ما هو ليس لك ؟ نهضت بيانكا على عجل بعد ان احتضنت العلبه قريبا من قلبها لتبرر فعلتها الشنعاء بأن قالت بعنجهية :
ــ من قال أن الطرد لك ؟ لم تستطع أنا لوسيا أن تتمالك اعصابها وهي ترى مدى وقاحة بيانكا توجهت نحوها بخطوات غاضبه وبعنوة سحبت العلبه من بين يديها بدى وكأنها إقتلعت قلبها من مكانه وقالت بحده :
ــ كاتالينا قالت لك أن الطرد لي ألا يكفي هذا ؟ وما ان جاءت على ذكر اسم كاتالينا حتى شخصت ابصار بيانكا وتوجهت بسهام نظراتها العاتبة نحو كاتالينا المسكينه التي تسربل الخوف في جسدها حتى سكن عظامها وقد رات في عينيها ما اكد شعورها بأنها قد سلطت عليها غضب وبطش بيانكا ومع هذا ادارت وجهها بعصبية لتقابل عيناها الحاقدتين عينا أنا لوسيا العاتبه اردفت بوقاحة وتحدي :
ــ من أنت حتى يرسل لك مثل هذا الطرد الفاخر .. إنك فتاة معدمه لا تعرفين أحدا هنا لذا أظن أن هذا الطرد لي أنا وليس لك . أنا لوسيا :
ــ رأيك بي لا يهمني ألبته ، ربما اكون فتاة بسيطه ولكني لست سهلة المنال لا تظني للحظه أني لست قادره على الدفاع عن نفسي لذا حذاري من العبث معي . وانصرفت عنها بعد ان أمرت كاتالينا بأن تلحقها لتتركها تتلمظ بنيران غيظها وتغص بفضولها وبزفرة حارة كادت تحرق ما حولها تمتمت بغضب :
ــ حسنا أنا لوسيا .. تريدينها حربا .. فلتكن حربا .
وضعت أنا لوسيا العلبة على المنضده وجلست تراقبها بإهتمام كبير بينما وقفت كاتالينا عند الباب تنظر بإستغراب إلى أنا لوسيا وتتساءل بينها وبين نفسها عن عدم فتحها للعلبة حتى الآن لحظات قصيره قضتها انا لوسيا تتأمل فيها العلبة بصمت وكاتالينا يتآكلها الفضول ولكن سرعان ما سكنت نفسها برؤية أنا لوسيا وقد أمسكت العلبة بكلتا يديها ووضعتها بحجرها لتفتح غطاءها بروية وترى شيئا ما بداخلها ملفوفا بقطعة قماش فاخره وبيد مترددة اخرجته وعينا كاتالينا تتبعها بحرص دون ان ترفا للحظه أزاحت القماش عنه ليتجلى أمامها ما خفق له نبضات قلبها بسرعة وترقرق الدمع في مقلتيها ارتفع صدرها بأنفاس قوية متقطعة فانهمرت دموعها كالمطر دون توقف كل هذا حدث وكاتالينا في مكانها لا تعرف ما اصاب أنا لوسيا فجأه وغير من حالها وبقلب واجف اقتربت إليها يسوقها حرصها الشديد عليها برفق سالتها :
ــ مالامر آنستي ؟ .. لم تقوى أنا لوسيا على إجابتها وكيف لها ذلك وقد ألجمت الدهشة لسانها فكلما حاولت أن تقول شيئا غصت بالبكاء أكثر ناولتها ما كان السبب في بكائها وبيد مضطربة تلقفت كاتالينا الهدية والتي كانت عبارة عن أطار صوره ما أن أدارتها حتى تفاجأت هي الأخرى بما رأته فقد كان الإطار يحمل بداخله صورة والدة أنا لوسيا شهقت وهي تقول بتعجب :
ــ ولكن كيف ؟! ألم تمزقها الآنسة بيانكا ؟ نهضت أنا لوسيا والدموع تخضب وجهها لتقف وسط الغرفة بحيرة فتجيبها بصوت مرتجف :
ــ بلى .. بيانكا مزقت الصوره امام عيني .. ولكني لا أفهم شيئا كيف عادت الصورة لوضعها الطبيعي .. امسكت الصورة بيدها وخصتها بنظراتها المتسائله لتكمل حديثها :
ــ كيف ؟ اريد ان افهم فالإطار نفسه والصورة نفسها !! كيف يعقل هذا ؟ ومن عساه يكون المرسل ؟ رفعت كاتالينا بصرها عن الصوره ونظرت مباشرة إلى العلبة السوداء واردفت بريبه :
ــ العلبة جواب سؤالك يا آنستي .. انا لوسيا :
ــ ماذا تعنين ؟ كاتالينا :
ــ اعني قد يكون في داخل العلبة مكتوبا ما يحمل جواب سؤالك . سارعت أنا لوسيا إلى فتح العلبة مجددا والبحث فيها علها تجد ما يسكت تساؤلاتها وحيرتها لكنها لم تجد شيئا وبخيبة أمل قالت :
ــ لا يوجد شيء . وضعت كاتالينا الصورة جانبا وقالت :
ــ لا بد أنك لم تبحثي جيدا .. أتسمحين لي . أشارت لها بيدها لتنقض على العلبة وتغوص اناملها في داخلها بحثا عن الجواب المزعوم ولكنها لم تكن اوفر حظا من أنا لوسيا إذ أنها سرعان ما تملكها الياس هي الاخرى بعد ان عجزت عن ايجاد المكتوب وكادت ان تخرج ضيقها بزفرة حاره لولا أن لفت نظرها ظرفا صغيرا ملصق في غطاء العلبة من الجهة اليمنى إستبشر وجهها خيرا وصاحت بفرح :
ــ وجدته .. قز قلب أنا لوسيا لصيحة خادمتها الوفيه التي سرعان ما سحبته وقدمته إليها مصحوبا بإبتسامة عريضة منها وعلى الرغم من تعطش أنا لوسيا لقراءة الجواب إلا أنها لم تسمح لمشاعرها ان تقودها إلى العجلة في فض المكتوب بل على العكس تماما فتحته بروية بعد ان كبحت جمام أعصابها ليقع بصرها على جملة قصيره اوجز كاتبها في كتابتها والتي كانت كالآتي :
} أعلم يقينا أن البهجة ملأت قلبك الآن بعد ان عادت الصورة إلى احضان ناظريك .. المخلص : خوان بيدرو {
ما ان انهت قراءتها على مسامع كاتالينا حتى رمت نفسها على الكرسي وقد أسندت راسها الصغير على يدها المرتجفة في حين إرتحلت عيناها إلى البعيد المجهول ، شعور غريب بدء يزحف إلى ثنايا قلبها ويطرد أطياف الحزن من على وجهها ليرسم أطيافا وردية على محياها الطفولي فيشرق وجهها بنور البهجة والسعاده فعلى الرغم من هول الصدمة التي وقعت على راسها إلا أنها شعرت بموجة من المشاعر الدافئة إجتاحت كيانها الصغير وجنحت بها إلى عالم الحب والهيام ليهتف قلبها الصغير ببيان حبه الاكيد لخوان بيدرو ذكري حدث ليس ببعيد قفز طيفه إلى مخيلة أنا لوسيا وهي مرمية على الارض تلف من حولها يدان قويتان تخضعانها لحصار شديد بل إنها الحصن الامين ، وأنفاس عطرة تلفح وجهها الملائكي بشذى عطر لا يمكن لها ان تنساه وقد حفر عبقه الزكي في غياهب إدراكها الحسي ، سهام نظرات فاتنه شقت طريقها إلى عينين ذابلتين ترى إنعكاس صورتها في مرآة عينيه الحنونتين لم تقوى أنا لوسيا أن تسكت ضربات قلبها الصغير التي كادت تشق صدرها ولا أن تبتر إبتسامتها الساحرة التي أشرقت على محياها ، إهتزت كاتالينا طربا وهي تقول :
ــ يا إلهي .. كم هو جنتلمان .. من كان ليصدق أن المرسل هو السيد خوان بيدرو .. همست أنا لوسيا بصوت ساحر لا يكاد يسمع :
ــ نعم من كان ليصدق . ليرتفع صوتها بتساؤل هتف فجأه في راسها :
ــ ولكن كيف وصلت صورة امي لخوان بيدرو ؟ أجابتها كاتالينا قائله :
ــ هذه المره جواب سؤالك عندي .. قالت جملتها وهي تشير بإصبعها إلى صدرها بكل فخر وإعتزاز نظرت أنا لوسيا بإستغراب إليها وسألتها :
ــ ومن أين لك بالجواب ؟ كاتالينا :
ــ الامر بسيط ولا يحتاج لتفكير مطول ، إن لم أكن مخطئة بظني فالسيد خوان بيدرو أخذ صورة والدتك يوم كان يطببك . أنا لوسيا :
ــ أتعنين بعد ان غبت عن الوعي .. كاتالينا :
ــ نعم .. فالصورة كانت على الأرض مرمية ولا بد أنه لاحظ وجودها فأخذها دون ان اشعر بذلك . أنا لوسيا :
ــ أمره غريب حقا .. كاتالينا بخبث :
ــ على العكس تماما .. أظنه فعل ذلك لأنه مغرم بك .. تفاجأت أنا لوسيا بملاحظة كاتالينا الجريئه صاحت بوجهها ناهره :
ــ إياك ان تعيدي هذا القول مرة اخرى .. كاتالينا :
ــ المعذره آنستي لم أقصد .. ولكن قلت ما شهدته بعيني .. أنا لوسيا بتردد :
ــ ماذا تعنين ؟ لاحظت كاتالينا مدى إهتمام أنا لوسيا ولهذا اردفت قائله :
ــ أعني أنني رأيت منه تصرفات تثبت لي حقيقة قولي ، فقد بدى عليه الإعجاب يوم كان يعتني بك . أنا لوسيا :
ــ ليس صحيحا .. فهو بالكاد يعرفني ولا تنسي أنني أهنته بالحفل .. كاتالينا :
ــ أؤكد لك يا آنستي أنه مغرم بك حتى وان وجدت صعوبة في تصديق قولي فأنا طليعة بهذه الامور وأؤكد لك أن البريق الذي رأيته في عينيه كان بريق الحب أما حادثة الحفل أظنه تناساها .. أنا لوسيا :
ــ أرجو ذلك حقا .. لأني أشعر بتأنيب الضمير فقد أخطأت كثيرا في بحقه وأسات التصرف معه .. ولهذا قررت أن أقصده عصر هذا اليوم لأقدم له إعتذاري وانت سترافقيني . كاتالينا :
ــ تصرف حكيم منك يا آنستي .. نظرت أنا لوسيا لساعة الحائط فرأت عقاربها تشير إلى الرابعة مساء فأردفت :
ــ سننطلق عند الساعه الخامسه .. والآن اتركيني لوحدي . إنصرفت كاتالينا لتستلقي أنا لوسيا على سريرها وتسند راسها الصغير على وسادتها ويداها تحتضنان صورة أمها إلى صدرها وقد سرح فكرها بصورة وجه خوان بيدرو وبالاخص ببحور نظراته الثاقبة وهمس صوته الرنان انطلقت كاتالينا تتخبط بخطواتها السعيده وهي في طريقها إلى المطبخ ومن حيث لا تدري شعرت بيد غاضبه أطبقت عليها من الخلف وسحبتها إلى الوراء بشده وبصوت جاف تردد صداه في أذنيها قائلا :
ــ لن تفلتي مني هذه المره ..
من عساه يكون صاحب هذا الصوت ؟ وكيف سيكون لقاء أنا لوسيا بخوان بيدرو ؟ هذا ما سنعرفه في احداث الحلقه القادمة من حبيبة روحي فانتظرونا ...........
قراءه ممتعه
|