كاتب الموضوع :
ربيع عقب الباب
المنتدى :
مغامرات ليلاسية من وحي خيال الأعضاء
اقتباس :-
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيع عقب الباب |
[أدهم
والثور الجامح
[right]كان أدهم يترقب وصول أبيه بين وقت وآخر ، والجوع يشن على بطنه حربا مؤلمة ، فتحرك متقدما فى حقل البرسيم ، ينتقى بعض الأوراق الخضراء – تلك التى تظهر بين عيدان البرسيم ، ويكورها ، ثم يملأ بها فمه ، ومن ثم يعود إلى مكانه 00 إلى الساقية التى تظللها شجرتا صفصاف وسنط ، وترقد تحتهما الدواب قريرة ، تسبح فى أفكارها الغامضة ، وهى تتشدق بلعابها الأبيض كرغوة صابونية ، بينما الثور ينعق دامع العينين !!
كان للمآذن صوت جليل رنان ، يأتى من بعيد ، حيث المدينة على مرمى البصر ، بدورها ومساجدها ، وكان اليوم جمعة !
كل جمعة يكون أدهم هنا 00 هنا إلى جوار الدواب ، حتى يصلى أبوه ، يحرس الدواب من اللصوص ، ويقدم لها عيدان البرسيم ، تماما مثلما يفعل أولاد الجيران يوم العطلة ، وفى كل جمعة كان يشعر بمثل هذا الجوع القاتل ، وكان نفس الثور القوى بين الدواب ينعق 00 ينعق بصوت عال ، ويتساقط من خطمه نفس السائل ، وعيناه تذرفان دمعا غزيرا كما هو الآن !!
احتار أدهم فى أمر الثور ؛ فالبرسيم أمامه ، لم يمس ، وليس من بقرة قريبة تثير حزنه أو فرحه 0
فكر أدهم وفكر ، وأخيرا كان يردد:" إنه ظمآن 00 فما العمل ؟"0
الثور قوى وعنيد ، فى العام الماضى غافل الكبار ، وركض فى سرعة البرق ، وركضوا خلفه حتى أنهكهم جميعا ، فأحالوا أمره إلى السماء 0 كانت المعجزة حين تمكنوا منه ، وأعادوه إلى حظيرته 0
قال أدهم :" أنا صغير 00 وهو قوى وعنيد 00 لكنه عطشان ولا بد أن يشرب 00 إنه حزين مثلي 00 والترعة قريبة 00 لا سوف أروى ظمأه 00 وأنهى هذا الألم 0
اندفع أدهم مقتربا من الوتد ، راح يفك عقدة القيد بأصابعه وأسنانه ، ثم جذبه خلفه إلى الترعة الواسعة ، خاف أدهم ، فلف حبل الثور حول خاصرته ، ربطه جيدا ؛ فإذا ما جمح كان معه أينما ذهب !!
ماوقعت عينا الثور على الماء حتى انزلق خائضا فيه ، تألم أدهم ، غطس فى الماء ، طفا بسرعة متهدج الأنفاس ، وهو يردد :" لا يهم 00 لا يهم ابتلال الثياب من أجلك ياثورى العطشان "0
الثور يتقدم 00 يتقدم ، وأدهم يغوص 00 يغوص ، وحين قارب الماء أنفه تسلق ظهر الثور !!
هاج الثور ، وأحدث دويا هائلا ، وبقفزة واحدة غادر الترعة ، واندفع بأقصى سرعة 00 اندفع كريح عاصف ، يرفس بخلفيته كأنما أصابه مس شيطانى ، وأدهم ينادى بأعلى صوت :" النجدة 00 النجدة يا أبى 00 ياعمى "0
وكلما مر بالأولاد الذين كانوا فى مثل سنه الصغيرة ، صفقوا له مهللين 00 مدبدبين ، يلوحون له كفارس ، والكبار فى المدينة ، لم يغادروا المساجد بعد ، والثور يرفس بقوة ، وأدهم يرتفع فوق ظهره 00 يرتفع ، ثم يحط على ظهره صارخا ، وعيناه تجريان فى الحقول ، وماكان أحد ، فجأة جاءه صوت قوى :" خلص خاصرتك 00 انزع الحبل بسرعة 00 بسرعة "0
الثور يجرى طائرا ، وأدهم يقاوم 00 يقاوم ، وبتماسك 0 أخيرا تمكن من فك الحبل ، وتحرير خاصرته ، عاد الصوت القوى يدوى ثانية :" الق بنفسك على الجانب الأيمن 00 هيا 00 بسرعة "0
أدار رأسه يمنة ويسرة ، بحث عن صاحب الصوت ، ماوجد أحدا ، خوفه يزداد ، والتعب يمتد فى كل جسده !!
أخيرا 00 أطاع الأمر 00 وطوح بنفسه جانبا ، فحط على أكوام من برسيم جاف ، نثرها الكبار على قمم الحقول لتجف وتخزن !!
حين استعاد أدهم توازنه كان الثور يدنو منه ، ويداعب وجهه بطرف لسانه 0
قام أدهم مربتا على خطمه ، وعاد به ، وهو يدور بوجهه فى أرجاء المكان ؛ عله يعرف من صاحب الصوت ، فرأى هدهدا ، يضرب الهواء بجناحيه ، ويحلق أعلى شجرة الصفصاف ، يحط فوقها مرفرفا ، ثم يعاود الطيران ، ويدنو من أدهم الذى زغرغت قلبه فرحة ، وإحساس جميل أنه أصبح رجلا !!
|
ربيع اخي الغالي...اعذرني لتاخري في قراة والرد على قصتك الجميلة ...ادهم هذا العنيد
اراه اعند من الثور الذي فعل به كل هذا ....جميله اخرى من ابداعاتك الرائعة ..تقبل اعتذاري ومروري
|