كاتب الموضوع :
ربيع عقب الباب
المنتدى :
خواطر بقلم الاعضاء
اقتباس :-
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيع عقب الباب |
اغتيال مواطن ....!! مهداة إلى روح الشهيد " محمد الأشقر "من طولكرم
الذي اغتيل بسجن النقب قبل الإفراج عنه بأيام
مشهد ( 1 ) وحيدا كان ..
في عتمةِ زنزانتِهِ الرطبةْ ،
يداعبُ قفصَ عصافيرهْ ،
وبإصبُعِه جذبَ البابَ المغلقْ
كي تتسربَ منه ،
فتخفَ حمولتُها المثقلةُ
بروحِه ،
وتشغلَ كلَّ فراغٍ حولهْ ..
بلها تتسلقُ هيكلَهُ ..
وتدمِيهِ شجنا وحنينا ،
فيطاردُها ؛
حين الدمعُ غزيرٌ يغتالُ رجولَتَهُ ،
ويدخلها ثانية..
تهجع ..
فتثورُ عليه ،
تتأبى ، وتنقرُ وحشتَهُ إليه ..
فتصرخُ أوصالُهْ ..
يسرعُ بالعَدْوِ ،
فتحاصرُه ..
وعلى زغبِ الشوقِ تنادمُهُ ..
وتصليهِ !
همستْ : هانتْ ..محمد ..فلمَ أنتَ حزينْ ؟
ضاقت زنزانتك ،
ما عاد سوى شبرٍ فيها يحتجزُك ،
وما بقى سوى بضعةِ ساعاتٍ ..
وتلفظُكَ رطوبتُها إلى شمسِ الأرضِ ..
ونورِ الأرضِ .. ورائحةِ البلدةْ !
خانتُهُ الرَّجفةْ ..
حين الزوجةُ شقتْ ثوبَ العتمةْ
: محمد ..
حنتْ كلُّ عوارفِ روحي إلى ضمتِكَ الحلوةْ ..
إلى كلمتِكَ العذبةْ ..
إلى شفتيكَ تتدغدغُ نشوتي إليكِ ..
وتصليني !
محمدُ .. لا تبحرْ في بعدى ..
فأنا هيأتُ الغرفةْ ..
وفرشتُ عناقيدَ الشوقِ ..
وخلايا الروحِ كي تعبرنى إليكِ !
خلصتُ الجسدَ الحيَّ من أدرانِ الفرقةِ والإهمالْ ،
وصحنتُ أشجارَ الشوكِ
النابتِ فى أوتاري حباتٍ من سكرْ ،
تذوِّبُهُ لمساتُك !
وغاب الطيفُ كما جاء !
فارَ الوجدُ
وبقبضته ..
لطمَ جدارَ زنزانتهِ ،
وتحركَ صوبَ البابْ ..
كانت أمُّه ..
والبسمةُ ملءُ الوجهْ
: يابن الأشقر .. يابن الصقرِ الجامح ،
ياعوضَ الأيامِ السود ،
يامن نشقَ عبيرَ الحناءِ ،
وزفيرَ أبيهِ وأمهْ ،
يا وجعَ الروحِ ..
وتفجرَ أحلامِ النرجسِ فيَّ .. أمانى عِذابٍ ،
وآيات قدسية !
أزهرتْ الياسمينةُ أسفلَ نافذتِكْ ،
والنخلاتُ اختلجتْ فى موسمِها ،
تنتظرُ يديك الحانيةَ لترفع عنها ..
خريفا ظلَ يلازمُها !
هذا مازنُ .. ولدُك ،
صقرٌ مثلك ..
عرَّكْتُه بين طيورِ الوادي ،
خلصتُهُ من أبيضِ قلبهْ ،
وزرعتُ الحنظلةَ ..
مابينَ الروحِ وبينَ الأرض !
مازنُ عُلِّمَ كلَّ غناءِ الطيرْ ،
يرددها نشيدا للفجرِ ..
فيطلعُ دوما !
ابتسمَ محمدْ ،
قَبَّلَ وجَهَ الأمِّ مسحورا ،
وربَّتَ فوقَ جبيِن الولدِ الصقرْ .
وعلتْ خطواتٌ فجأة ..
فابتعدَ الطيفُ ،
وهو يلاحقُهُ ..
لكن .. هيهاتْ !
حدَّثَ نفسَهُ : هانت يابن الأشقر ..
يومان .. ما بقى سواها ..
وتعبرُ هذى ..
ليعودَ الدفقُ لشريانِكَ بعدَ الموت !
مشهد2
فى ساعات القيظ الملعونة
والشمس تبث سموما حمراء
فى كل الأنحاء
كانوا هناك
كتل تتدحرج كجيوش النمل
محنية رغم الأنف
بالسوط وبالآلية والنزف
كان أنين يصاعد
وبكاء يتكتم بين ثنايا الكف
وآهة وجع تنفذ من ضلع محطوم
أو قدم مبتورة
وذؤبان مخالبها حادة
ترتع كيف تشاء
وتمضغ أحزان النقب الشوهاء
وحين الشمس تغادر كوكب نقمتها
غادرت الأرواح جموع السجناء
تساق إلى المبنى
شجر يساقط فرعا أوراقا
فيدميه الحارس سحلا
يتحول نتفا .. مزقا شاردة الأنفاس
وفى مزبلة المبنى / الموت
يضيق العالم عن ثقب خياط
وينام وقوفا
بين أنين وبكاء
وحناجر كافرة بالرب
وبالإنسان
بكل الأجناس
ماذا لو كانت مهرا للهمجي
أو كلبا القاتل
أو حتى إطارا للعربة
أمنية خرقاء
والغضب يكبله ضعف
وشرود .. فى اللاجدوى
وتمزقه جيوش الحرس المأفون
وقوفا ناموا
وقاموا
كل تسحقه حساباته
ويمنى النفس بدنو خلاصه
يستحضر صور الأولاد ..الأحباب
الرفقة ..والأصحاب
زوجته .. محبوبة قلبه ..رفيقاته
بينا الآ مر يتقلب فوق سريره
وشقوق المخدع محراب مقطوع الأنفاس
تخرقه أنفاس الحراس
هذا يحمل كابه
وذا أدوات التجميل
وآخر ماتت إصبعه وهو يرفع مروحة
ورابع بالحلة يزهو
وخامس يحتضن أوامر قادته
حتى يصحو السيد من رقدته
يقوم الآمر
يجرع كأسا تلو الأخرى
ويهمس فى أذن الحارس
مزاجي الليلة معوج .. مكدور
أريد جديدا .. فى هذا الجزء المنسي من العالم
رغبات حمقى تسكنني
وعطشى لا يرويه سواهم
عطشى أبيد .. لا ينفض
هيا إلى المزبلة الآن
دس عيونك بين الحيوانات الهلكى
أمامك لحظة
لأسمع رعد السجناء
أحن للون وطعم ورائحة
دماء.. أولاد ال**** !!
هيا ..
فهم الحارس فورا ما أوحى إليه
ومن فوره اتخذ طريقه
كان هياج يتشكل
بين الكتل البشرية
حين حطت عين الحارس
فى مجمرة الفوهة الحية
تذكى أوار الغيظ والحنق المتصاعد
وتسارع بالغضبة تقذفها جناحرهم
تذبح صمت الجدران
والكتل الخرسانية
وتميت خواء النقب الهاجع
فى الوثنية والخذلان
هنيهة واصطف الجند
وبكامل هيئتهم
أعطاهم ملك الموت
إشارته
وفى الحال
تلونت الجدران
وبلاط المزبلة الصهدان
لا باستيل .. و لا الواحات
ولا حتى تلك المزعومة إبان السيد هتلر
شهدت هذا النهر الدفاق
بدماء الشجر الأعزل
إلا من جمر الوجد بخلاص
الأوطان
مشد ( 3 )
كانت كالعادةْ ،
وكما ألفتْهَا الأيامُ
بجوارِ البابْ..
كمسمارِ الدارِ ..
على حجرٍ تقبعْ !
بين أصابعها غصنٌ من شجرةِ زيتونْ ،
يخدشُ صمتَ الأرضِ ،
ويرسمُ ، وبعقلٍ شاردْ ..
نخلةْ ،
أعلاها حفرتْ بعضَ خطوطٍ ..
وبعضَ ملامحَ يسكنُها فارس !
ابيضَ اللونُ بعينيها فجأةْ ،
فانكسرتْ نظرتُها !
دخلتْ شمسُ اللهِ الدارْ ،
نبشتْ أروقةَ البيتِ ،
وجاستْ عبرَ الحجراتْ ،
زغزغتْ الصمتَ الكامنَ ..
منذُ ثلاثةِ سنواتْ ...
تهللَ سقفُ الدارِ ،
تهالكَ ضحكا ،
فاهتزتْ كلُّ الجدرانْ !
أسرعَ مازنُ صوبَ الجدةْ ،
وحلَّقَ بين ذراعيها ؛
فاعتصرتُه عروقُ الوقتِ ،
وحطتْ فوقَ الخدِّ القبلةْ !
يالشجنِ المتفجرِ بين ثناياها ،
يتناثرُ حباتٍ و لآلىءَ ،
فوقَ الوجهِ الطفلِ ..
كقطعٍ من جمرٍ ..
تُلهبُهُ ..
فيهتفُ :" مالكِ يا جدة ؟
لم تبكين ..
قولي .. هل بولتِ ..
أم أغضبتِ الوالدةَ عليكِ ؟
نثرتْ ضحكتَها ..
فراشاتٍ دغدغتْ الهمَ الزاحفَ صوب الطفلْ ،
وبكمِ الجلبابِ تزيحُ الدمعاتِ ..
وهى تلملمه ،
وتردد :" أبدا مازن ..
مابلتُ .. و ما أغضبتُ الأم ..
لكنى أنتظرُ أباك ..
قلبي اليومَ حزينْ ..
وصورتُهُ لا تبرحُ رأسي ..
لا أدرى ..
دمُّه يناديني ..
يا أمي ..
وأنا عاجزةٌ ..
يقتلني حنيني إليه .. ويبكينى ".
وعلا صوتٌ في حضنِ البهو
:" مازنُ ..
لا تثقلْ ..
لا تتعبْ جدتَك حبيبي ".
واقتربتْ منها ،
وثنتْ الغصنَ تقبلُها !
:" مالكِ يا أمي ..
ومالي أرى دمعاتِك تهمي ..
هل من أخبارٍ جاءتْ ..؟ ".
رفعتْ جذعَ النبتةِ ،
وضعتْها بين ذراعي الأمْ
:" مازنُ جائعْ..
خذيه الآن ؛ ليغسلَ وجْهَهْ !! ".
العشبُ اختلجَ ماءً ودموعا ،
وهى تراقبُ شمسَ الله ..
تنفلتُ من بحرِ سمواته ،
وتلقى القرصَ القاني ،
منتحرا في بحرِ رمالٍ صفراء !
هناك بعيدا
وإذا شيءٌ دافىءٌ يخمشُ جلدَ القدمين ..
ارتاعتْ ، جفلتْ ، نظرتْ ..
كانت قطراتٌ مرجانيةْ ..
تزحفُ ..
لا تتوقفْ !!
فزعتْ ..
انتفضتْ من جلستِها ،
انبطحتْ ..
صرختْ :" ولدى ..
لثمتْ قطراتِ الدمِ الزاحفِ شفتاها!!
ثم التقطت من خلف الباب عصاها
تترنح شجرة سنط
أدمتها فصول الوقت
نزفا ، وأنينا ، وهى تطارد تلك القطرات
إليه !!
حاشية : الآمر : هو حكمدار أو مدير السجن
ربيع عقب الباب
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .....كيفك اخ ربيع .....اعذرني لتاخري بالرد
لكن جهازي كان بعافية شوي ....وماكنت قادرة اكتب حاجه فكنت بس اتصفح واقرى
بصراحه انقهرت اني ماقدرت ارد بدري....بس ملحوقة........حيكون ردي بأجزاء
1- احساسك العالي ياربيع وانتمائك الواضح من اعماقك للوطن الاغلى فلسطين
وتعاطفك معهم ....جعلني اشعر بك كما لم اشعر تجاه شخص اخر لم اره بحياتي
جعلتني احس بك تنزف وقلوبنا تنزف معك ...تغذي قلمك المبدع حبرا ليملأ هذه الصفحات
صور من واقعنا المرير ....الذي نعايشه وكاننا ادْمَنّا الالم والذل ...اصبحنا نندهش عند النصر
ونتقبل الهزيمة......والله يا اخ ربيع لا ادري ما اقول
2- رحم الله الشهيد وكل شهداء الدين وشهداء قضية الحق....ربما نحن لا ندري ما يقاسيه
الاسرى في سجون الاعتقال ...لكننا نعلم انهم سُلبوا اعز مايملكون حريتهم وكرامتهم
اعداء الله سرقوا حياتهم وحرقوا مستقبلهم حرموهم من الابوة ويتموا ابناءهم....والله قلبي يتمزق وانا افكر كيف يعيشون داخل سجن يقبع في سجن اكبر....كان الله بعونهم ونصرنا واياهم ليُعلي كلمه الحق
اللهم ااااامين
3- اخي الغالي....اشكرك واشكرك جزيل الشكر لابداعك ....اتمنى ان تبقى دائما هنا معنا
فنحن نفتقد روحك العاليه فلا تحرمنا منها....لك كل حبي وتقديري
|