لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القسم الادبي > منتدى الكتب > كتب المسرح والدراسات المسرحية
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

كتب المسرح والدراسات المسرحية كتب المسرح العربي - كتب المسرح العالمي - دراسات مسرحية


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-05-09, 07:21 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 99588
المشاركات: 155
الجنس ذكر
معدل التقييم: marktwain عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدGhana
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
marktwain غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : florist المنتدى : كتب المسرح والدراسات المسرحية
افتراضي

 

 
 

 

عرض البوم صور marktwain   رد مع اقتباس
قديم 14-05-09, 11:49 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 99588
المشاركات: 155
الجنس ذكر
معدل التقييم: marktwain عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدGhana
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
marktwain غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : florist المنتدى : كتب المسرح والدراسات المسرحية
افتراضي جان بول سارتر..الوجودية في النقد والرواية والمسرح

 

جان بول سارتر 1905 ـ 1980
الوجودية في.. النقد والرواية والمسرح
إسماعيل الملحم

التنطع للكتابة عن سارتر فيه الكثير من المجازفة ففيلسوف الوجودية الشهير لم تقتصر جهوده الفكرية على البحث الفلسفي لكنها امتدت إلى ميادين فكرية أخرى أكثر رحابة وأوسع مدى. ولا يذكر القرن العشرين إلا ويكون سارتر حاضراً بمواقفه السياسية وآثاره النقدية وإسهاماته في مجالات الإبداع الأدبي في القصة القصيرة والرواية والكتابة المسرحية. وليس ذلك فحسب فسارتر كان رجل المواقف الصعبة فقد لفت الأنظار حين رفض جائزة نوبل للآداب. ففي تشرين الأول من عام 1964‏

كان لموقفه ذاك أثر كبير في الرأي العام العالمي لا سيما فيما يتعلق بالمثقفين والكتاب من كل القارات. ولفت الأنظار إلى عدم النزاهة في منح هذه الجائزة وإلا كيف تحجب عن كتاب كبار لمجرد أنهم ينتمون للمعسكر الشيوعي آنئذ بينما تعطى لآخرين لأنهم يعبرون عن إيديولوجيا الغرب ورؤاه في تلك الحقبة، أما مواقفه من الاستعمار وحرب التحرير الجزائرية فستظل شاهدة على نزاهة تفكيره وسموّ اختياراته.‏

استمر طيلة حياته فاعلاً لا يتوانى عن المشاركة في أي عمل يهدف إلى حرية الإنسان فمن مشاركته في المقاومة الفرنسية ضد النازية والاحتلال الألماني لفرنسا إبان الحرب العالمية الثانية إلى إسهاماته في المحكمة التي دعا إليها الفيلسوف البريطاني برتراندرسل مع ثلة من شخصيات عالمية بارزة لمحاكمة الرئيس الأمريكي جونسون عن جرائم الحرب التي كانت ترتكب في فيتنام. ولم يتأخر في الدفاع عن الثورة الكوبية معبراً في الوقت نفسه عن إدانته للسياسة الأمريكية ـ الولايات المتحدة الأمريكيّة ـ في بلدان أمريكا اللاتينية.‏

لقد كان فيلسوفاً جدلياً بامتياز ولم يكن في جدليته هذه انتقائياً أو تلفيقياً. لقد عمل من أجل التركيب بين الإيجابي والسلبي والموضوعي والذاتي.‏

ومما نقل عنه: لكل عمل وجهان، السلبية التي هي مغامرة، والإيجابية المتمثلة بالبناء الذي هو نظام. فلا بد من إحياء السلبية والقلق والنقد الذاتي في النظام.‏

على الرغم من آرائه وأفكاره ما يتوافق مع آرائنا وأفكارنا وما يختلف، بخاصة موقفه من الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، لابد من الإشادة بمجاهرته دوماً بمسؤولية الإنسان، كاتباً كان أم غير ذلك، إزاء ما يجري حوله فهو كان قد أكد دوماً على أن المفكر لديه ليس مسؤولاً عما يكتب فحسب، وإنما هو مسؤول أيضاً عن صمته.‏

في أعماله الأدبية المختلفة سواء في مجموعاته القصصية ورواياته أم في أعماله المسرحية كان يعبر بوضوح عن أفكاره وتفاعله مع أحداث عصره.‏

صنفه كثير من النقاد مع الأدباء المتفلسفين، فهو لم يكن يهدف سواء في كتابه الأشهر الوجود والعدم أم في أعماله الأدبية إلى بناء مذهب فلسفي من الأفكار المجردة، فقد كان كفيلسوف وجودي يسعى لامتلاك المواقف الإنسانية في تكاملها المحسوس. وبوصفه هذا فإن فلسفته في الوعي دفعته إلى التفكير فيما هو فردي وخاص في حدود الوعي بالذات وبالآخرين، هكذا وصف جون وايتمان وجودية سارتر. وتختص (إيرس مردوخ) شخصية سارتر في قولها (أن تفهم شيئاً عن سارتر) يعني أنك تفهم شيئاً هاماً عن عصرنا الراهن).‏

لم يقع فيلسوف الحرية في وهم الحتمية وإغواءاتها، فالإبداع، كما يرى، على الضد من الحتمية، لأن إنكار ديالكتية العقل يترتب عليه إحالة الفكر إلى وجود في ذاته بهذا تنتهي المادية الديالكتيكية إلى مادية آلية... مع أن ماركس كان على الضد من الآلية.. مضت سنوات حتى استطاع بعض الدوغمائيين الوصول إلى هذه النتيجة التي يفسر بها ما حصل لمعسكر كان المرتجى لإنسانية تفتقد العدالة في نقده للدوغمائية كان يؤكد على أن لا شيء يعيق تداول الأفكار إلا الأفكار نفسها. والعقيدة المغلقة لا ترفض ما يغايرها فحسب، لكنها تفتقد إمكانية أن تدرك نفسها وحدودها.‏

*في نقده الأدبي عبر كتبه المشهورة من الأجزاء السبعة في (مواقف) إلى كتابه (بودلير) الصادر عام 1947 ثم كتابه المشهور المعنون (القديس جينيه. ممثلاً وشهيداً) وأخيراً كتابه (معتوه العائلة) وهو دراسة مفصلة عن حياة الروائي الفرنسي غوستاف فلوبير وعصره الصادر عام 1971 وكتابه ما الأدب؟‏

انطلق من مبدأ حدده سارتر نفسه حيث قال:‏

الإنسان كلية وليس مجموعاً. وبالتالي فهو يعبر عن نفسه بكليته في أكثر تصرفاته سطحية وأكبرها تفاهة. وبعبارة أخرى ليس هناك ذوق أو عادة أو عمل إنساني لا يكون كاشفاً.‏

أي أن كل كاتب يحاول أن تكون كتابته وسيلة للتعريف بنفسه أو أنها مشروعه الخاص. أي أن الكاتب يختار مصيره، يتفق ما سبق مع مبدأ فرويدي يتلخص في أن كل مظهر، مهما كان سطحياً أو لا معنى له، يمكن ربطه بالشخصية. فالتعبير السلوكي، أكان استجابة جسدية أو كتابية أو كلمات شفوية، إنما هو تعبير عن الشخصية بكاملها فلا تؤخذ، كحالة معزولة عن كامل الشخصية، أية استجابة من هاته الاستجابات.‏

عندما نشر سارتر كتابه عن بودلير لم يقصد تحليل القيمة الشعرية في (أزهار الشر)، وإنما طبق منهجه التحليلي المختلف عما هو عند جماعة التحليل النفسي إذ أن منهج سارتر الوجودي لا يأخذ بفكرة اللاشعور، بل إنه يرفضها. وهو بهذا يرى أن بودلير من خلال قراءته قراءة تاريخ حال عصابته ما كان يهمه هو أن يكون مختلفاً. فكأن سارتر على حد قول أحد الكتاب ـ كان يود لو كان بودلير كاتباً اشتراكياً من الدرجة الثالثة من أن يكون شاعراً غنائياً من الدرجة الأولى. ينتهي سارتر إلى أن بودلير لم يتجاوز مرحلة الطفولة سواء في علاقاته بالعائلة أو في كيفية استبطانه لمفهوم العائلة. كان يشعر شعوراً عميقاً بوحدته مع إحساس بنوع من الكبرياء والاعتداد بالنفس لذلك فقد اختار أن يكون متفرداً لا يشبه الآخرين مع نرجسية، بحيث لم يكن يرى من شيء خال من التزييف. بقي طفلاً يحب أمه ويخافها، ولم يتحد السلطة يوماً بل كان يفضل الدخول تحت الحماية. وحين أراد أن يقهر الخير الحقيقي بممارسة عمل الشر عن طريق شفتيه وشبقيته فشل.‏

اختص سارتر فلوبير بأكثر من مقال. وأهم ما كان يشير إليه في هذه الكتابات أنه أديب اختار ألا يلتزم بقضايا عصره. فكما اختار بودلير أن يكون وحيداً إلى الأبد فإن فلوبير، أيضاً، اختار أن يكون فناناً منعزلاً.‏

اهتمام سارتر بفلوبير يعود إلى مرحلة سابقة من حياته، فسارتر الطفل كان مشغوفاً بقراءة مدام بوفاري. وعزم منذ عام 1957 على دراسة فلوبير بجدية، وبعد خمسة عشر عاماً لم يكف سارتر خلالها عن إعادة فهمه لفلوبير يظهر كتاب معتوه العائلة. وفي هذا الكتاب يستخدم سارتر نهجه في التحليل النفسي الوجودي باحثاً عن الأصول في سلوك فلوبير ابتداء من اضطراب في العلاقة بين الطفل الرضيع وأمه وهو الذي ظهر منذ الأيام الأولى للولادة، وكان لهذا مع صورة الأب المسيطر الذي رأت فيه الأم تعويضاً عن يتمها تفسير لشعور فلوبير بالقلق والترك والخمول.‏

وكتب سارتر في (معتوه العائلة) عن هذا الموضوع المؤلم بالنسبة لفلوبير:‏

"كان فلوبير منذ سن الثالثة عشرة يجمع بين الحياة والمصير والألم والعقاب، وبين سيادة محبوبة يمارسها الأب وظلم شيطاني ينبعث من هذا الأب نفسه، وبين موت مزيف وبقاء على قيد الحياة".‏

ولا يكتفي سارتر بذلك، بل يفسر ما حصل في حادث وقع لفلوبير وهو يسوق عربته في كانون الثاني 1844 وقد خر صريعاً فاقد الشعور. فقد فسر فلوبير نفسه الحادث كتصرف قصدي أو شبه قصدي. محاولاً تجاوز تشخيص والديه بل ومناقضته. فهو يعتقد أن الأمر يتعلق بمرض عصبي وليس باحتقان في الدماغ. ويكتشف سارتر أن ذلك له علاقة في نظر فلوبير بوجود أبيه.‏

بخاصة أن فلوبير شعر بأنه شفي تماماً من مرضه هذا بعد وفاة أبيه بفترة وجيزة، كما ظهر في بعض رسائله. أي أنه أقر ضمنياً بعصابه.‏

انطلق سارتر في دراسته عن فلوبير من فكرة مفادها أن النص الأدبي لا يتقدم المرء في دراسته إلا من خلال العودة لدراسة حياة مؤلفة وعصره. وهكذا فقد حلل الظروف الاجتماعية لفلوبير كواحد من أبناء البرجوازية وحلل عصره نفسه وكذلك علاقاته العائلية والغرامية ودرس (مدام بوفاري) وغيرها من أعمال هذا الكاتب في إطار أنها أفعال اختارها فلوبير بنفسه وبمحض حريته. لعله استطاع أن يفسر (اختيار فلوبير لنفسه أن يكون فناناً منعزلاً).‏

أما كتابه النقدي (القديس جانيه ممثلاً وشهيداً) الصادر عام 1952. فقد استمر فيه بتطبيق منهجه في التحليل النفسي الوجودي. وجان جينيه موضوع هذا الكتاب كانت سمعته عند الجماهير الفرنسية بوصفه مجرماً تتردد عبر أوصاف أو سلسلة من الصفات منها أنه لص، ولوطي، وكاتب داعر وأنه ابن حرام ولقيط.‏

كان اهتمام سارتر به مصدره ما أشارت إليه سيمون دوبوفوار حين كتبت في كتابها عنفوان الأشياء:‏

سمعنا قبل عدة أشهر حديثاً عن شاعر مجهول اكتشفه كوكتو في السجن، وهو في نظره أعظم كاتب في هذا العصر. أو على الأقل وصفه بهذا الشكل في رسالة وجهها إلى رئيس محكمة الجنح التاسعة عشرة التي كان جينيه يمثل أمامها وقد سبق وأن حكم لمدة تسعة أشهر حبساً بتهمة السرقة. ولما ظهرت بداية قصته (نوتردام الزهور في مجلة (لاباريت) أصبنا بالذهول كان واضحاً أن جينيه يملك صوتاً خاصاً به لا يمكن تقليده وإن خضع لتأثير بروست وكوكتو وجوها ندو. كان من النادر في تلك الفترة أن نحظى بقراءة تجدد إيماننا بالأدب. وهاهي الصفحات تكشف لنا من جديد سلطة الكلمات. أصاب كوكتو كبد الحقيقة، كنا نشهد ميلاد كاتب عظيم.‏

جعل سارتر مما كتبه عن (القديس جينيه) حياة هذا الكتاب ومؤلفاته واضحة ومفهومة.‏

كانت طفولة جينيه صورة عما قصده ديكارت حين قال إن مصدر شقاء الإنسان أنه كان طفلاً.‏

يسمع الطفل وقد كان في العاشرة صوتاً يتهمه بصراحة وهو يقول لـه أنت سارق أعادته هذه الكلمة من حالة دوار عندما شعر بوحدته وهو في المطبخ فغاب عن نفسه فامتدت يده لتأخذ سكيناً من درج فتحه وغرق في نوع من الانتشاء. وقع جينيه طيلة حياته تحت تأثير تلك الجملة (أنت سارق). وقد كان أرسل قبل ذلك من أحد الملاجئ ليرعاه أبوان ريفيان. كان محروماً من الحنان والاحترام والحقوق. يطلعنا سارتر على شعور جينيه بالاستلاب الذي يدنيه إلى مرتبة الأشياء وليس إلى مرتبة المخلوقات الحية. وفي السجن كان يشعر بأنه منبوذ، ولتجاوز ذلك أنشأ علاقات مع رفاقه في إصلاحية الأحداث وانتهى ليكون لوطياً.‏

بالنسبة لسارتر فإن السرقة كانت في اعتقاد جينيه أنها تمنحه كل شيء.‏

والحادث الحاسم في طفولته كان نوعاً من المفاجأة التي داهمته من الخلف عندما جمده نظر الغير في حالة سارق، وكان هذا المنظر بالنسبة له نوعاً من الاغتصاب.‏

تجارب غينيه في مرحلة طفولته تلك جعلته يختار أن يكون ما قاله الآخرون عنه أنه لص ولوطي. فعاش حياة الجريمة ودخل السجون عدة مرات.‏

اختلطت أحلامه بأفعاله وحين اكتشف أن إنجازاته الذاتية خيالية. ولما لم يكن قادراً أن يرضي عالمه من حولـه. وكان أن أراد أن يجعل المجتمع يقبل أحلامه، طرح على نفسه السؤال: ألا يستطيع المرء جعل خياله واقعياً، أي أن يحققه على شكل خلق أدبي؟‏

وكانت نقلته إلى عالم الكتابة. لكنه لم يكتب عن لص ولوطي إنما كان يكتب كلص ولوطي.‏

وهكذا وجد جينيه خلاصة في الفن. وحين لم يستطع أن يحوز على رضا الآخرين فإنه أراد فيما يكتب أن يثير كراهيتهم. وهكذا يقول:‏

انتصاري لفظي وأنا مدين لفخامة التعابير. ففي كتابة يوميات سارق يقول:‏

دفعوني في زنزانة يوجد فيها عدة موقوفين يرتدون ملابس المدينة وكان السجين يحتفظ بملابسه حتى يحكم عليه بالسجن الاحتياطي. أما أنا فقد أجبروني خطأ على ارتداء بذلة المحكومين. مما جعل السجناء يزدرونني. كان بينهم شخص ينظم قصائد لأخته وكانت سخيفة لكنها أثارت إعجاب السجناء وحين ألقيت عليهم قصيدة لي احتقروها. وعند خروجي من السجن أنهيت هذه القصيدة التي كانت عزيزة علي بسبب الاحتقار الذي قوبلت به".‏

قرر سارتر أن جينيه لم يسرق لحيازة موضوع فحسب ولكن ليمنح نفسه عن طريقه الوجود الذي جرد منه. لقد كان سلوكه رداً على استلاب. ومع أهمي هذا الكتاب الذي خص تجربة جينيه أدبه وشخصيته. فقد أقر سارتر فيما بعد أن الكتاب كان نظرياً أكثر من اللازم. كان إعجاب سارتر بجانيه أنه الضحية التي عادت تكشف حقائق عن الجمهور البرجوازي الفرنسي وتلسعهم بسياط تتخذ شكل الكلمات. قال كرانستون عن عمل سارتر هذا:‏

المعيار الذي قاس به جينيه في النهاية لم يكن معياراً أدبياً بل سياسياً. فما أعجب سارتر بجينيه ليس شجاعته المحضة أو ثقته الجنونية أو قراره المحال بأن يكون، بل ما أعجبه هو أنه الرجل الذي استدار ليقوض المجتمع الذي رفضه.‏

*وفي أعماله الروائية والقصصية يتبلور في أكثرها مفهوماً فلسفياً للحرية، يحدده من خلال كون الإنسان يحدد نوع إنسانيته حين يلقي بها في غمار العالم، فيتحدد تدريجياً موقفه من الحياة والناس أي يتحقق وجوده بقدر تحقيقه لحرية نفسه.‏

منطلق سارتر في عدم إقامة عالمه في الرواية على أسس تقليدية كونه لا يؤمن بأن الإنسان محكوم بالوراثة والبيئة، ولا حتى بماضيه إلا في حدود ضيقة جداً. فالإنسان متقلب، قادر على تجاوز ماضيه واختيار طريق جديد كل لحظة.‏

يقول (أنطون روكنتان) بطل رواية الغثيان: قبلاً، وحتى بعد أن تركتني آني بوقت طويل، كنت أفكر فيها. ولكنني الآن لا أفكر بأحد، ولا أهتم بإيجاد الكلمات. لا أحاول تثبيت شيء مما ينساب داخلي.. أدعها تنساب وتظل أفكاري مشوشة لأنها لا تجد كلمات ترتبط بها. إنها تحدد أشكالاً غامضة ممتعة ثم تغوص وأنساها فوراً.‏

يعود روكنتان من باريس إلى ميناء بوفيل ليرى البلدة غطتها النباتات والأعشاب يصاب بالدوار فيرى العيون تتكاثر على الوجوه والأشياء يصاب بالدوار وينتابه ذعر وهو يعري ببصيرته الحياة. في تلك اللحظة تنهار المفاهيم الاجتماعية والمدلولات المتعارف عليها، تنهار كل الحواجز التي أقامها الإنسان بين حقيقة الأشياء ونفسه ما بناه وما اكتشفه.. يرى ما لا يراه أولئك الذين لا يرون وجهاً آخر لباريس عندما تنام.‏

الغثيان تؤكد شيئاً واحداً، هو الحرية. ما تدل عليه وما تؤدي إليه.‏

الغثيان في هذه الرواية هو الزهد أو هو لون منه، وهو الحادثة الرئيسية في الرواية التي لا عقدة لها..‏

بعد سبع سنوات من الغثيان وتحديداً عام 1945 تصدر لسارتر ثلاثية دروب الحرية (سن الرشد، وقت التنفيذ، الحزن العميق). يتأخر الجزء الثالث عن الجزئين الأول والثاني أربع سنوات. وظل سارتر يعد بصدور الجزء الرابع..‏

على الرغم من أن الشخصيات الرئيسية في الأجزاء الثلاثة تتحدد بكل من أستاذ الفلسفة (ماثيو) ودانييل وبرونيه تظل الرواية بدون حدود نهائية.‏

والأشخاص الثلاثة في سلوكهم يمثلون صوراً للطرق المتعددة التي يحاول الناس فيها تحقيق حريتهم. فلا طريق واحدة للحرية.‏

تخوض هذه الشخصيات في مستنقعات عالم ما قبل الحرب العالمية الثانية. شبان وشابات يعيشون في باريس على أبواب الحرب الكبرى. مدرسون، طلاب بوهيميون فنانون وفنانات كباريهات.‏

فماثيو الذي ينشد الحرية ويرفض الزواج من عشيقته مارسيل يفكر في كل مشكلة ويحللها. يحترمه الآخرون ويهابونه ولا يستطيعون إخفاء رهبتهم في حضوره مع أنه يحضر اجتماعاتهم ويحيا حياة بوهيمية مثلهم.‏

يحيا ماثيو حرية زائفة وتؤرقه مسألة إجهاض عشيقته. لا يطيق المسؤولية وتتفهم مارسيل سعيه ذلك.. لم ينزعج ولم يستنكر ما يعرضه صديقه دانييل من أجل الزواج من مارسيل، فهو أيضاً يقيم علاقات مع أخرى. وحين يسعى من أجل إيجاد مال من أجل الإجهاض، لا يرى فيما فعله تلميذه بوريس شائناً بعد أن سرق له من إحدى العاملات في الكباريه مالاً أعطاه إياه.‏

يعود ماثيو إلى وحدته بعد أن رفضت مارسيل المال الذي أحضره من أجل إجهاضها، ستحتفظ بالطفل ودانييل سيتزوجها وسيقوم بواجباته الزوجية كاملة على الرغم من أنه يمارس الجنسية المثلية ولا يستطيع فكأكاً منها..‏

وفي وحدته يعيد ماثيو العبارة التي قالها له أخوه عندما رفض إقراضه المال: حقاً، حقاً لقد بلغت سن الرشد.‏

يقف ماثيو ودانييل على طرفي نقيض. فأحدهما تتسم حرية الاختيار لديه بالسلبية أما الآخر فتتخذ لديه شكلاً إيجابياً. أما الشخصية الثالثة (برونيه) فقد كان شيوعياً، وصمم على أن يرتبط بشيء ما، وأن يكف عن طريق الارتباط بالحزب الشيوعي وتأييد الجمهوريين الأسبان. فهو هنا يقف على طرفي نقيض مع برونيه المتمسك بحريته. أما ماثيو فينتظر عملاً مثالياً حراً يستطيع اختياره بمحض إرادته ويجعله عازفاً عن أية ارتباطات إنسانية .‏

تدور أحداث الجزء الثاني من دروب الحرية (وقف التنفيذ) على المسرح الأوروبي، فقد دخلت السياسة من أوسع الأبواب لتمارس تأثيراتها القوية على كل شخص... ماثيو مازال يبحث عن الحرية، إنه يشعر بالحيرة التي تعصف به.‏

زوجة أخيه (أوديت) تتحرش به، أوراق تجنيده يتبلغها، إنه يُدعى للخدمة العسكرية في وقت يقرر فيه التطوع للقتال مع الجمهوريين في إسبانيا لكنه تراجع عن ذلك... كان قد وقع في إغواء زوجة أخيه... يتخذ قراراً بالانتحار لكنه تراجع وهو يقول لنفسه ربما في مرة أخرى.‏

يصل ماثيو إلى اكتشاف أن ذعر الحرب الذي يمتد ليشمل رجالاً مذعورين لا حول لهم ولا قوة تجعله يلقي نظرة إلى الخلف ساخرة على محاولته اليائسة للوصول إلى الحرية.. تجربة الحرب امتصت منه حريته الظاهرة.. لم تكن الحرية مطلقة، كما كان يظن، بل كانت حرية الاختيار، دانييل يتحول إلى رجل مؤمن متدين ينشد الراحة في فكرة الله. وبرونيه مازال شيوعياً يحاول التخلص من نزعاته البرجوازية التي تلح عليه.‏

فهل هذه الطرق التي اتبعها هؤلاء كانت تقودهم إلى الحرية؟ إن سارتر نفسه قال إن حرية ماثيو تجسيد للحرية المرعبة، لكنه سيجد حريته في الجزء الرابع، لكن هذا الجزء لم يصدر.‏

*في المسرح: يرى دارسو سارتر إن أعماله المسرحية تنطلق من فكرة الوجود الإنساني لديه. فالإنسان يحقق وجوده وهو وجود في موقف. فجهوده الدرامية لم تتجه إلى نماذج مما كان الحال عليه عند موليير وراسين، وإنما قامت على تصوير الشخصيات في مواقف. أي أن الشخصية توجد وتتطور على مستوى ديناميكي. إنها شخصيات تخلقها طبيعة الموقف لا تقاليد المسرح.‏

فلا ندم ولا ضمير في الدراما السارترية.. حلت محلها أشياء من قبيل الحرية والمسؤولية والمواقف والاختيار. لنقرأ هذا لحوار من مسرحية الذباب:‏

أورست: إن كونك كله لا يكفي لكي يشعرني بالخطأ.. أنت ملك الآلهة يا جوبيتر، ملك الحجارة والنجوم وأمواج البحر. ولكنك لست ملك الإنسان.‏

جوبيتر: لست ملكاً عليك أنت أيها الحشرة الدنيئة الوقحة، فمن الذي خلقك إذن؟‏

أورست: أنت الذي خلقتني ولكن كان عليك ألا تخلقني حراً.‏

جوبيتر: وهبتك الحرية لتخدمني.‏

أورست: قد يكون هذا صحيحاً، ولكن الحرية انقلبت ضدك، فلا أنت ولا أنا نستطيع أن نغير من ذلك شيئاً.‏

جوبيتر: وأخيراً، هذا هو العذر.‏

أورست: أنا لا أعتذر.‏

جوبيتر: وهل هذا صحيح؟ أتعرف أن هذه الحرية التي تدعي أنك عبد لها تكاد تكون اعتذاراً.‏

أورست: لست السيد ولا العبد... وإنما أنا الحرية.. ما أن خلقتني حتى خرجت عليك ولم يعد لك علي سلطان.


منذ العام 1943 توالت المسرحيات التي أصدرها سارتر من الذباب إلى جلسة سرية فالأيدي القذرة والشيطان والله. وموتى بلا قبور والبغي الفاضلة وفي عام 1960 صدرت له مسرحية سجناء التونا‏

* استطاع سارتر أن يتحد المذهبيات الأيديولوجية في أيامه. فقد استطاع ـ كما يقول مطاع صفدي ـ أن يخلق حزبية جديدة فوق الأحزاب كلها وأوسع منها.‏

كانت وجوديته حركة جامعية وشارعية، لكنها ثقافة إلى درجة تمويل الفكرة إلى أسلوب حياة، ومبارحتها لمجرد الدلالة.‏

جعل سارتر عصره وجودياً خلال أواسط القرن العشرين. فقد أوقد مشعل الحرية وأعاد مسؤوليتها المطلقة إلى الفرد. وأنزل الفكر من صوامع الجامعات إلى حيوية الشارع والرصيف والمقهى ونوادي الثقافة. لقد أطلق روح التفكير الفلسفي في جسد أوروبا المنهك الخارج من أهوال أفظع حرب عالمية عرفتها البشرية .‏

كم من حرب خضناها ـ نحن العرب ـ أو فرضت علينا. فهلا استطعنا بعد أي منها أن نخرق ثقافة التسويغ ونصنع ثقافتنا القادرة على الخروج من رهاب الخوف والخضوع وجمود النظريات؟‏ ...
ا

 
 

 

عرض البوم صور marktwain   رد مع اقتباس
قديم 24-11-09, 07:39 AM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2009
العضوية: 152468
المشاركات: 7
الجنس ذكر
معدل التقييم: فيغارو عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيغارو غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : florist المنتدى : كتب المسرح والدراسات المسرحية
افتراضي

 

تحية طيبة ... اسجل واجب الثناء والشكر على بعد همم كل من الاعضاء والإداريين في هذه المنتديات الراقية . بحثت عن مسرحية جلسة سرية secret session على امتداد أعوام ، حتى مللت ، وها أنا أجدها عندكم ، لكن الرابط لا يعمل ، هل من طريقة لتحميل المسرحية لأنها تهمني جدا
مشكورين سلفا

 
 

 

عرض البوم صور فيغارو   رد مع اقتباس
قديم 24-11-09, 04:06 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 11622
المشاركات: 1,113
الجنس ذكر
معدل التقييم: معرفتي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 13

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
معرفتي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : florist المنتدى : كتب المسرح والدراسات المسرحية
افتراضي

 

تم تصحيح الرابط

 
 

 

عرض البوم صور معرفتي   رد مع اقتباس
قديم 25-11-09, 02:43 AM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2009
العضوية: 152468
المشاركات: 7
الجنس ذكر
معدل التقييم: فيغارو عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيغارو غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : florist المنتدى : كتب المسرح والدراسات المسرحية
افتراضي

 

شكرا جزيلا .. لعل قراءة المزيد من الاعمال الوجودية و محايثة غربة الشخص الفرداني في الأعماق الدفينةالتي للفلسفة الوجودية ، يغني المزيد فيما يخص المباشرة الواقعية لبناء جسور مع الاخرين ، لا سيما في عالمنا العربي ، الذي تجد فيه الأشباه أكثر عددا من الآخرين ، عكس ما كان يعاني منه سارتر كفرد في مجتمعه ، وقد عبر عن تلك المعاناة جيدا حسبما اسمع في هذه المسرحية وفي الأبواب المقفلة واسرى التونا ... قالت المناطقة أن الآخر هو السوي المغاير ، وقال الوجوديون أنه السوي الأنوي ، ثم الأنوي الشخصي أو الشخصاني ، والجحيم ، والحشد كما يرى الفيلسوف مارتن هيدغر الآخرين ! وطبعا جميعهم يسبحون في فلك المنطق القديم ، الآخر هو من يقابلني ويعبر عن تفسه بالمختلف ! على عكس الاخر الذي يعيش معنا في عالمنا العربي ، فهو مثلي تماما_ أي يقابلني فقط _ و مثلك ومثل كل من تعرف ، اشباه ، عاشوا في محيط شرقي يميل الى التوحيد ، كما يقول طه حسين بالرغم من كلاسيكيته المفرطة !طبعا وهو متجلي في تراثنا كما يبدو في كتاب ابن باجة ( في تدبير المتوحد ) مثلا ، لكن ليس كما هو يطبع بقسوة على الضمير الغربي . هذا التوحيد يتكلم عنه سارتر بشكل جيد عندما المح ذات مرة الى أننافي حالة الاشباه ننظر إلى اي كينونة سلطوية ، المقصود تلك التي تملك سطوة وسلطة في حياتنا ايديولوجية كانت او تيولوجية او حتى اسطورية ، على أنها الذات ، ونحن الموضوع ! لا أعرف وفق هذه المعادلة كم يجب أن نحطم من الاصنام التي نحن العرب ، ونتعلم من الحالة المعاكسة والمضادة لبلداننا ، تيمنا برأي لوي لافيل : إنه في الغياب دائما ما تتكشف الماهية السرية للكائنات ، هذه الماهية التي هي أهم جزء في هذه الكائنات ، وتعمل الحياة اليومية على حجبها ، بدلا منم إظهارها ... وكما يعرف الغياب لغة : عدم وجود الشيء في المحل الذي يعد وجوده فيه طبيعيا وعاديا ... لربما يدفعنا غياب هذا الاخر في بلداننا لفهمه بشكل أفضل .. مشكور مرة اخرى على المسرحية . ولعلي بدافع بث نشاط المثاقفة بأدمغتنا المنتفخة بالخيبات والنكسات والنكبات ، وقمع الحريات وما لا يحمد غيه ولا عقباه ،اسألك سيدي مشرف منتدى المسرح اذا كان من الممكن الحصول على مسرحية الجوع والعطش والملك يموت من اصدارات ( من المسرح العالمي الصادرة عن وزارة الاعلام الكويتية شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

 
 

 

عرض البوم صور فيغارو   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مسرحية الجلسة سرية, جون بول سارتر
facebook




جديد مواضيع قسم كتب المسرح والدراسات المسرحية
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 08:10 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية