المنتدى :
كتب التاريخ والحضارة و القانون و السياسة
فيليب حتي , تاريخ سورية ولبنان وفلسطين جزآن
* تاريخ سورية ولبنان وفلسطين * تأليف: فيليب حتي (جزآن)
ولد فيليب حتي في بلدة شملان التابعة لمحافظة جبل لبنان في (۲ من رمضان۱۳۰۳ه/۲۲ من يونيو ۱۸۸۶م)، وتلقى علومه الابتدائية في مدرسة القرية، ثم التحق بمدرسة سوق الغرب الأمريكية الثانوية، وبعد أن تخرج فيها التحق بالجامعة الأمريكية ببيروت، وحصل منها على شهادة البكالوريوس في العلوم سنة (۱۳۲۶ه/ ۱۹۰۸م)، ولم يلبث أن عمل بالتدريس فيها بعد تخرجه لمدة ثلاث سنوات.ثم واتته الظروف للسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فلم يضيع تلك الفرصة، ورحل إليها في سنة (۱۳۳۱ه/۱۹۱۳م) والتحق بجامعة كولومبيا، وحصل منها على درجة الدكتوراة سنة (۱۳۳۳ه/۱۹۱۵م) وتقديرا لنبوغه عينته الجامعة مدرسا في قسم الدراسات الشرقية، وظل يعمل بها أربع سنوات.وعاد حتي للبنان سنة (۱۳۳۸ه/۱۹۲۱م)، وعمل في الجامعة الأمريكية ببيروت أستاذا للتاريخ العربي، وتخرج على يديه عدد من رجال الأدب والفكر والتاريخ من أمثال: جبرائيل جبور، وقسطنطين زريق، وأنيس فريحة، وفؤاد صروف، وغيرهم ممن تولوا قيادة الحركة الفكرية في لبنان، وتجاوزت شهرتهم وتأثيرهم حدود لبنان إلى كثير من بلدان العلم العربي.
ولما رغبت جامعة برنستون وهي من أقدم الجامعات الأمريكية أن تؤسس قسما لدراسات الشرق الأدنى استدعت فيليب حتي لهذا الغرض سنة (۱۳۴۵ه/۱۹۲۶م)، ووضعت تحت تصرفه كل الإمكانات المتاحة، وقد نجح فيليب حتي فيما أوكل إليه، فأقام مركزا للدراسات العربية وما يتصل بها من تاريخ وآداب واقتصاد وعلوم، وأنشأ مكتبة عربية إسلامية في جامعة برنستون تعنى بجمع المخطوطات والوثائق العربية ونشرها.
وبفضل جهوده ضمت المكتبة ۵۵۰۰ مخطوطة عربية وعمل لها فهرسا باللغتين العربية والإنجليزية حتى يسهل الاستفادة منها، وهذه المكتبة تعد من أغنى المكتبات الأمريكية ومن أكثرها جذبا للأساتذة والباحثين في هذه الدراسات.
وظل حتي يعمل بالجامعة حتى تقاعد سنة (۱۳۷۳ه/۱۹۵۴م) بعد أن عمل بها مدة ۲۸ عاما، ومنذ ذلك الحين عمل أستاذا غير متفرغ، وأصبح يشارك في العديد من النشاطات العلمية والأكاديمية، وتفرغ للبحث العلمي، والكتابة في تاريخ العرب وحضارتهم.
وقد تميز فيليب حتي بأنه كان مؤرخا غزير الإنتاج ملتزما بالموضوعية وأسس المنهج العلمي، ودار إنتاجه حول عدة محاور رئيسية، فأفرد للتاريخ العربي العام كتابيه: (تاريخ العرب) و(صانعو التاريخ العربي).
ويعد كتابه (تاريخ العرب)أشهر مؤلفات فيليب حتي وأكثرها رواجا، وهو يضم ستة أقسام رئيسية، تناول في القسم الأول عصر ما قبل الإسلام والمجتمعات العربية القديمة وممالكها، وعالج في القسم الثاني ظهور دولة الإسلام وانتشار الفتوحات الإسلامية. ودرس في القسم الثالث الدولتين الأموية والعباسية، وفي القسم الرابع حضارة المسلمين في الأندلس وصقلية. وتناول في القسم الخامس تاريخ الفاطميين والسلاجقة والزنكيين والأيوبيين والمماليك وما تخلل ذلك من الحروب الصليبية. وفي القسم السادس تناول الحكم العثماني في شمال إفريقيا ومصر وسوريا ولبنان وفلسطين والعراق.
وقد حاول فيليب حتي أن يحيط بكل جوانب موضوعاته وما يتصل بها من النواحي السياسية والعسكرية والاجتماعية والثقافية وأن يعالجها بعمق وموضوعية. وقد استقى مادة كتابه من نحو ألف مصدر من مصادر التاريخ في لغات مختلفة ذكرها كلها في الهوامش، وقد لقي هذا الكتاب تقديرا واسعا من المتخصصين في الولايات المتحدة الأمريكية، واعتبروا أن صاحبه نجح في تقديم العرب وحضارتهم للعالم الغربي في ثوب قشيب، مبينا لهم أصالة العرب والمسلمين وحضارتهم وفضلهم على الحضارة الغربية والإنسانية جمعاء.
الكتاب على أهميته وجه إليه بعض الباحثين كثيرا من النقد واتهموا صاحبه بعدم الجياد في عرض بعض الموضوعات وإساءة استخدام بعض المصطلحات، من ذلك استعماله ألفاظ: الغزو، والاستيلاء، والاكتساح عند تناول الفتوحات الإسلامية، في حين يستعمل كلمة فتح مع ما له من دلالات حضارية في الحروب الصليبية، مثل قوله: (لما فتح الفرنجة بيت المقدس، وتم للصليبيين فتح بيروت وصيدا).
ظهر هذا الكتاب لأول مرة باللغة الإنجليزية سنة (۱۳۵۶ه/۱۹۳۷م)، ثم تعددت طبعاته بعد ذلك، وترجمه إلى العربية كل من جبرائيل جبور وإدوارد جرجي. وقد صدر لهذا الكتاب طبعة موجزة صدرت سنة ۱۹۴۳م عن مطبعة جامعة برنستون.
وعني فيليب حتي بتاريخ بلاد الشام، فأفرد للبنان كتابه (لبنان في التاريخ)وهو ينطلق في كتابه من الكيان اللبناني الذي قام سنة (۱۳۳۸ه/۱۹۶۸م) والذي عرف بالجمهورية اللبنانية، وتعود أهمية هذا الكتاب إلى أنه أول محاولة يقوم بها مؤرخ بجمع تاريخ لبنان عبر خمسة آلاف سنة في دراسة متسلسلة وعميقة ومركزة، وعلى الرغم من ذلك فقد قوبل الكتاب بنقد شديد من بعض الباحثين، واتهم صاحبه بأنه يكرس للقومية اللبنانية، ويبتعد بلبنان عن تاريخه الإسلامي. وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللغة العربية أنيس فريحة ونشره في بيروت سنة (۱۳۷۹ه/۱۹۵۹م).وفي دائرة بلاد الشام أسهم حتي أيضا بعدة مؤلفات، من أهمها (تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين) وترجمه إلى العربية جورج حداد وعبد الكريم رافق، ونشر في بيروت سنة (۱۳۷۸ه/۱۹۵۸م)، (سورية والسوريون من نافذة التاريخ).
ويذكر لفيليب حتي أنه كان في طليعة من عملوا في تحقيق التراث وإن لم يستمر فيه، حيث نشر في سنة (۱۳۷۴ه/۱۹۲۴م) كتاب (مختصر الفرق بين الفرق)لابن منصور البغدادي، اختصار عبد الرزاق الرسعني، وقام بتحقيق كتاب (نطم العقيان في أعيان الأعيان) لجلال الدين السيوطي وهو يتضمن تراجم مشاهير علماء القرن التاسع الهجري في مصر وسوريا والعالم الإسلامي، ونشره سنة ۱۳۷۷ه/۱۹۲۷م).أما أشهر تحقيقاته فهو لكتاب (الاعتبار) لأسامة بن منقذ، ونشره في سنة (۱۳۴۹ه/۱۹۳۰م) نشرة علمية راعى فيها أصول التحقيق العلمي، مقدما لعمله بدراسة عن المؤلف تتضمن حياته ومؤلفاته، وعرض لنسخ المخطوطات التي اعتمد عليها.
وإلى جانب ذلك ترك فيليب حتي عددا ضخما من المؤلفات العربية والإنجليزية، ترجم معظمها عدد من تلاميذه وأصدقائه، ومن هذه الكتب: (الإسلام في نظر الغرب) ونقله إلى العربية إسحاق موسى الحسيني وآخرون، ونشر في بيروت سنة (۱۳۷۲ ه/۱۹۵۳م)، و(لإسلام منهج حياة) وترجمه إلى العربية عمر فروخ.
ولفيليب حتي دراسات وأبحاث دقيقة في العديد من الموسوعات العالمية، بالإضافة إلى عشرات المقالات بالعربية والإنجليزية المنشورة في الدوريات العربية والأجنبية.
وقد لقي فيليب حتي تقدير العالم العربي؛ نظرا للجهود التي بذلها في حقل الدراسات التاريخية والحضارة الإسلامية، فمنحه لبنان سنة (۱۳۷۵ه/ ۱۹۵۶م) أعلى وسام مدني، ومنحته الحكومة السورية سنة (۱۳۷۳ه/۱۹۵۴م) وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى، وكان آخر وسام حصل عليه من مصر سنة (۱۳۹۸ه/۱۹۷۸م)وبعد أن تقدمت به السن أقام في مدينة برنستون بجوار الجامعة التي قدم فيها خير أعماله، وأفنى فيها عمره حتى وافته منيته في (۲۷ من المحرم سنة ۱۳۹۹ه/۲۴ من ديسمبر ۱۹۷۸م).
هذا الكتاب:
جمع فيه المؤلف الأخبار ووصف الأحداث التي حدثت عبر العصور التاريخية في البقعة التي نعرفها الآن بسوريا ولبنان وفلسطين، وذكر الخدمات الجلى التي قدمتها الشعوب المتتالية التي توطنت هذه المنطقة إلى الحضارة الإنسانية، إذ إن لهذه المنطقة، إلى حد بعيد، شخصية خاصة بها فرضتها طبيعتها وقربها من البحر وخصائص ساكنيها. ولا زالت لهذه الأحداث صلة وثيقة بما يجري في عالمنا المعاصر.
وفيليب حتي لا يكتفي بمجرد النقل والتأريح بل يفسر الأحداث التي يحسبها على غاية من الأهمية لتعليل مشاكل المنطقة المعاصرة ولتفهم الأحداث الجارية ولربطها بالشؤون العالمية. أما في الأعصر القديمة فقد كانت أحداث سوريا وفلسطين ولبنان وثيقة الصلة بتاريخ مصر وبابل وآشور وبلاد الكلدان وفارس ومقدونيا وروما وجزيرة العرب. أما في العصور المتوسطة فقد كان تاريخها جزءا من تاريخ البيزنطيين وتاريخ العرب والمسلمين، أما في العصور الحديثة فقد كان تاريخها جزءا من تاريخ الأتراك العثمانيين والفرنسيين والإنجليز.
للتحميل
من هنا
|