كاتب الموضوع :
اقدار
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الفصل العشرون
~~ كـــافـــي قـــســـوة ~~
العجز الحقيقي هو انك تشوف عزيز عليك وماتقدر تعينه وتساعده ..
والعجز الحقيقي انك تحاول تداري همك عن مريض والا تخونك دمعتك لشوفته وهو ضعيف ..
وحدتها تكسر .. وضعفها يهد ..
جالسه بجنب ابوها بقلة حيلة ..
تمسد يدينه وتمسح حبات العرق اللي ينضخ بها جبينه ..
قالت لامها اللي تضغط ازرة جوالها بتوتر .. : ها يمه ردت ام عدنان ..؟ .
زفرت ام مشاري بقلق وعيونها على رفيق الدرب وحبيب القلب قالت : لاوالله ماردت شكلها نايمه ..
غمضت عيونها بمحاولة انها تخفف من توتر اعصابها الثايرة وكملت : حتى السواق يقول انه للحين في الطريق وقدامه زحمه ..
تنهدت وانهت الكلام ب " ياربي تساعدنا ".
عضت سارة على شفايفها بألم ودموعها متخذه طريقها على خدها ..
من اول ماشافت حال ابوها وعرفت انه مريض ومايقدر على الاعتماد على نفسه او حتى ادراك ماحوله بسهوله .. وهي عاجزه عن وقف الدموع ..
قالت وهي توقف وتمسح دموعها بقفا يدها : يمه تعالي عنده .. انا بطلع ادور على ليموزين في الشارع ماراح يوصلون حقين الشركه بسرعه .
استوقفها جوالها اللي رن في جيب بنطلونها ..
طلعته وفتحت الخط بسرعه وهي تشوف المتصل رقم مشاري من ماليزيا ..
قالت بصوت باكي ومتحسر على منجدها وسندها وهو بعيد : مشااااري ماجا السواق ولا سيارة الشركه وابوعدنان مو في بيته .. تكفى كلم احد من اصحابك .. ترى ماعاد فيني صبر .
تنفس مشاري بصعوبه وبعده عن ابوه في ظرف مثل هذا وقلة حيلته يزيدون من احساسه بالهزيمة والقهر ..
قال : سارة هدي نفسك فهد جايكم في الطريق بيوديه للمستشفى بنفسه ..
: خله يجيب معاه دكتور افضل ..
قاطعها مشاري : لا لا بيجي يوديه لمستشفى الـ ... لأنه قريب بعدين اذا حالته تحتاج تنويم وعناية اكثر ينقله لمستشفى كبير ...
سمعت صوت دقات الجرس ملحة ومتواصله قالت بسرعه واعصاب اهدى من قبل : شكله وصل .. خلاص مشاري انا راح اتصل عليك واطمنك .. مع السلامه .
قفلت بسرعه وشافت امها تسبقها وهي لابسه عبايتها وتتوجه للدرج ..
التفتت سارة على ابوها وعيونه مغمضة باهمال وتعب ..
رجعت بجنبه ومسدت يدينه ومسحت جبينه بمنديل رطبته بمويه .. وهي تهمس وتناديه تشوف هو صاحي ولافقد وعيه ..
اخترق صوت فهد هدوء البيت بـ : ياولد .. نبي طريق .. يااهل البيت .
دخل ورى ام مشاري اللي استقبلته ودلته طريق غرفة ابومشاري وسبقته عليها ..
لمح ساره وهي تنزوي خلف الباب المفتوح وغض الطرف وصد ..
تنحنح وتوجه لسرير ابوها بدون أي كلام ..
قالت ام مشاري وهي تدف الكرسي المتحرك حق سارة بعد الحادث وتقربه من فهد .. : خذ الكرسي يافهد ثقيل عليك ماتقدر تشيله ..
سمّى بالرحمن وهو يتلثم بشماغه ويربطه في عقاله قال بهدوء : مهوب ثقيل ان شاء الله مير الله يعافيه .
دخل يده من تحت كتفين ابو مشاري ورفعه بقوة
وبعد ثواني كان ابو مشاري ملقى بكل ثقل جسمه على فهد ويده تطوق عنق فهد حتى تثبته ورجوله ماتمس الأرض ..
طلع من الغرفه وام مشاري تسبقه للمصعد وتأشر له : تعال من هنا اسهل .. المصعد يافهد .
توجه معاها للمصعد وقفلت ام مشاري اللي دخلت معاه وعيونها ماتفارق زوجها و شدة التعب باينه عليه ..
انفتح المصعد وطلعوا منه
مريض على كتف فهد ..
وزوجة تراقب وتنتحب بصمت ..
وسارة بجنب الدرج ببنطلون اسود وقميص ابيص ورجولها حافية ..
وجهها باين عليه اثر البكا ومحتقن بحمرة الاحراج من المحرم الغريب في بيتهم ..
خوفها على ابوها نزلها ..
وخجلها منعها انها تقول له ابي اروح معه وماابي افارقه وابي اتطمن عليه ..
وقف فهد ثواني قصيرة مرتبكة ..
وكمل طريقه وحصر اهتمامه وتفكيره بالمريض اللي ثقل جسمه اثقل حركته وانهك قواه ..
سمعها تقول لامها بعصبيه : لازم نروح معاهم مااقدر اخلي ابوي واجلس .
ردت امها بصوت واطي : قصري صوتك حتى انا كمان مااقدر اجلس واخليه .
قال فهد وهو يطلع مع البوابه ويتوجه لسيارته اللي دخلها لسور الفيللا .. وام مشاري وراه : ماله داعي تروحون .. انا اتصل عليكم شوي واطمنكم عليه وان احتاج تنويم وديتكم العصر له ..
قالت ام مشاري والعبره تخنقها وهو يمدد ابومشاري في المقعد الخلفي لسيارته : نلحقكم مع السواق بس أي مستشفى بتوديه .
رد عليها وهو يسكر الباب ويتوجه لباب سيارته متخذ احقية الأمر والنهي بمجرد ماانتسب لهالعايلة : لا لاتلحقوني لين ادق عليكم واشوف وش الوضع ..
ماحبت ام مشاري تجادله في وضع مثل هذا ومع شخص لازال يعتبر غريب عنها واكتفت بهزة راسها راضخه مو مقتنعه ..
اعادت ادراجها للفيللا بعد ماعلقت قلبها في سيارة فهد مع ابومشاري ..
كانت واقفه على الباب وتبكي بهلع قالت امها : ارجعي مارضى يخلينا نروح .
: ليش مارضى مو بكيفه .. اصلاً السواق بيوصل الحين ونلحقهم ..
سحبتها امها للداخل وهي تقول : ادعي لابوك بدال البكى .. وصلي ركعتين اريح لك واحسن لابوك .
استجابت لامر امها مضطرة ودخلت وقلبها ولسانها يلهجون لربها بأنه يرد لها ابوها معافى ولايحرمها منه .
***
ساكته وحاسة بوحشة ..
اعتادت على رسايله واتصالاته اللي تجاهلتها ..
اكيد زعلان ..!
وشلون اراضيه ..!
طيب هو ليش مايقدِّر وضعي وظروفي وعاداتي وتقاليدي ..
يعني عشان هو عنده عادي يبيه يصير عندي عادي ..
تأملت جوالها الساكن الساكت من يوم العيد مادق الا مرتين وكان من فوزية وشادن ..
عضت على شفتها وعقلها مشغول بنايف .. ورفعت نظرها لحنان اللي صرخت بصوت عالي وهي تقول : الله اكبر عليهم الحين ننتظر عرس فهد لنا سنين آخرتها يخلونه مختصر ..
ردت عليها منال ببرود : وش تبينهم يسوون مايمديهم يسوون عرس كبير وهم مامعهم الا اسبوعين ..
قالت حنان بعصبيه : الحين وش ذنب فهد يصير عرسه مختصر .. عمي احمد وقلنا رجال مستعجل ووراه سفر وهذا موب عرسه الاول .. لكن فهد ..
قاطعها بندر اللي دخل عليهم وشماغه على كتفه وهو يقول : اصصص ابوي لايسمع كلامتس هذا ثم يذبحتس واتركي عنتس تلهفتس على العرس ..
طالع في منال قال : منال وش سالفتس .. من كم يوم وانتي موب عاجبتني .
دست منال جوالها تحت المخده بخفه
قالت بابتسامه حاولت تخفي وراها شعورها واللي تحس فيه : مافيني شي بس شايلة هم الترم هذا .. وشلون اقدر اذاكر وانا افكر بعرس فهد والاخت مبلشتني تبينا ننزل السوق علشانه .
لبس بندر شماغه وعقاله على مراية التسريحة قال : عادي بعد يومين انزلكم السوق واجلسوا عند ام نايف ومتى ماخلصتوا منه ارجعكم بدال المشاوير والروحة والجية .. واذا على ابوي مهب معارض .
فزت حنان من مكانها ووقفت عنده قالت : تكفى يابندر نبي نجلس في جده لين يقولون بكرة العرس ثم نرجع .. اقل شي خل جلودنا تجلى من شمس الديرة وسمومها .
قاطعتها منال : لا جده لا .. بعدين وش اللي تجلى جلودنا .. انتي لو تجلسين في قزازة لمدة سنه ماتغير لونتس بس انثبري وفكينا من مطامرتس على المراويح واصلاً انا ماابي الا اسواق الطايف .. اسواق جده ماتعجبني ..
ابتسمت حنان بخبث قالت : بندر تذكر في عرس عماد وش سوت .
ضحك بندر وقرب من منال وهو يقول : الحين جده ماتعجبتس .. نسيتي النجار والحجاز ولمسات يوم حفيت رجولنا فيها ..
امتقع وجهها بحمرة حيا وبلعت ريقها قالت : يووووه هذي صارت قديمه .. انا تعلمني شادن تقول ماعادت حلوة مثل اول .. انا ابي اسواق البندر اللي في الطايف ولا البرحه ...
قاطعتها حنان : يابنت الحلال .. لاتحرمينا من روحة جده اذا ماتبين بيت عمي خالد ناخذ لنا شقه ... ولا شقة فهد يقولون جاهزة .
رد بندر بحزم : موب على كيفتس انتي وياها .. السوق اللي تبيه امي تروحون له .. ثم شقة فهد لااحد يجيب سيرتها .. الرجال مستاجر مفروش مافيها الا غرفتين .. اذا اثث شقته الجديدة تروحون له على كيفكم .
سكت بندر عن الكلام وهو يسمع صوت ابوه يزهمه وطلع بسرعه ..
قالت حنان : منالوه .. زعلانه منه ولا مشتاقة له ..
اخذت منال المخدة وحذفتها بسرعه وهي تقول : انتي موب صاحية لتس ايام لكن علاجتس عندي ان ماعلمت فهد تشوفين .
ضحكت حنان وهي تتلقف المخده وتقول : اووووه فهيدان موب في حالتس تلقين سارة مسوية(ن) فيه سواة نايف فيتس .
ابتسمت منال وهي تقول : الله يرفع عنتس .. صدق ماينشره عليتس وماتستاهلين اني ارد عليتس . قومي طسي عني خليني اراجع ولاتزعجيني .
عقدت حنان حواجبها قالت : ياربي على ثقل دمتس انا مشغوله بهم عرس اخوي وعمي وانتي تذاكرين .. ياخوفي لاتاخذين الكتاب معتس ليلة العرس .
سكتت منال ووجهت نظرها لكتاب الكيمياء وعقلها بعيد عن المعادلات والرموز والمسائل ..
***
في المستشفى وبعد مرور ساعة فحص وكشف وتحليل دم لابو مشاري واسعافات اوليه من إبر ومحاليل ..
كان فهد واقف مع الدكتور ومصغي له باهتمام قال : يعني اكيد مو محتاج تنويم ولا نقل لمستشفى اكبر ...
عدل الدكتورالمصري نظارته السميكه ورد عليه بثقة : لا لا مش محتاج أي تنويم الا ازا انتو عاوزين تتطمنوا اكتر ..
زم فهد شفايفه قال : وش عنده بالضبط ..
: هبوط في السكر وادينا لو جلوكوز ومغزي وبئى دالوأتي كويس تئدر تدخل عندو وتشوفه حضرتك بنفسك ..
ضم فهد على جواله بجيبه
وده يطمنها ويطمن امها ..
تذكر وجهها الباكي وهي ملغية كل الحواجر ومتنازلة عن شرطها وواقفه قدامه همها ابوها ولاغيره ..
ابتسم بحنان وقبل مايطلع جواله آثر انه يدخل يتطمن على ابومشاري قبل مايكلمهم ..
دخل الغرفه وانتبه لابو مشاري وهو جالس ويطالع بساعته اول ماجات عيونه على فهد تهلل وجهه بالرضا قال بصوت باين عليه اثر التعب : هلا والله بالنسيب .. حيا الله زوج بنتي ..
ابتسم فهد واقترب منه سلم على راسه وتحمد له بالسلامه قال : روعتنا وروعت مشاري واهلك بس ستر ربي له الحمد والشكر .
قال ابو مشاري وعلى وجهه ابتسامه امتنان : الحمد لله الذي لاحمد على مكروهٍ سواه .. اول مرة تصير لي هالاعراض واصلا ماكنت ادري ان عندي سكر .
جلس فهد على كرسي بجنبه ورد عليه : السكر عند اغلب الناس وماأثر عليهم .. اهم شي اتبع حمية وقلل من الدسم .. هذا ابوي الله يطول بعمره عنده السكر من سنين والحمد لله صحته زينه .
: ماشاء الله تبارك الله الله يطول بعمره ويخليه لكم .. ماطمنت اهلي .
طلع فهد جواله وضغط على رقم بيت ابو مشاري وهو يقول : وانا جايكم قعدت نص ساعه وانا ادق محد رفعه ..
قطع كلامه وصوت ام مشاري يخترق سمعه بألو متلهفه وقلقانه ..
قال فهد : السلام عليكم ..
بذات اللهفة ردت عليه : عليكم السلام ... فهد ..؟
ابتسم فهد قال بهدوء بمحاولة منه تهدئة اعصابها الشبه ثايرة : ايييييه فههههد وابشرتس عمي مابه الا العافيه ..
سكتت مو مصدقه .. او مو مستوعبه .. اوان الفرحة الجمتها ..
تكلم فهد : اذا ودكم تكلمونه هذا هو بجنبي واذا ودكم تنتظرونه تراني برجعه بعد نص ساعه .
همست بفرح وهمهمات باكية باينه على صوتها : صادق ولا تمزح معاي .
: الا والله صادق .. هذا هو خذي كلميه .
مد الجوال على ابو مشاري اللي ضحك وهو يسمعها ويقول : يابنت الحلال طلع عندي نوبة هبوط في السكر .. والحمد لله عطوني سكر رفع مستواه لي وهذاني بخير .. ومن بكرة بوديك للمستشفى تتعلمين وشلون تعطيني الابر ولا تبيني اجيب ممرضة ..
ضحك ابو مشاري من رد زوجته اللي اختلط بكاها بضحكها ودعواتها من دون ماتعلق على كلامه ..!
وقف فهد طلع من عنده حتى يدفع الفاتورة ويرجع ابو مشاري لبيته ..
***
بعد ماعرفوا بتعب جارهم .. انهوا عمرتهم وتوجهوا لجده بأقصى سرعه ..
ام مشاري جلست مع صديقتها وجارتها وشادن مع سارة المنهارة ..
ونايف توجه للمستشفى بعد ماكلم فهد ..
ابومشاري الأب الحقيقي لهم بعد وفاة ابوهم
وقف معاهم وقفة الصديق الوفي لابوهم ..
عطاهم ومنحهم وحاول جاهد انه يحميهم .
قالت سارة بانفعال : ولد عمك هذا شايف نفسه الآمر الناهي .. حتى لمن قالت له امي بنجي مع السواق قال لا . فاكر نفسه مين بالله ..
ابتسمت شادن قالت : بنت تراه زوجك مايجوز تقولين عنه كذا .. بعدين معاه حق اجل تبغينه يشيلكم ومعاه شخص مريض ومايدري اش بيصير له .
سحبت سارة منديل و مسحت به دموعها وهي تقول : رفع ضغطي بس اشوا انه اتصل وطمنا على ابوي .. تصدقين شادن ماادري حاسة انه غريب عليّ صوته يفجع ..
عدلت جلستها وكملت : تخيلي تخيلي .. شال ابوي لوحده .. والله اني مو مصدقه الين شفت رجول ابوي ماتلمس الارض .
خبطتها شادن على كتفها بخفه قالت لها : قولي ماشاء الله تبارك الله .. زفرت شادن وتابعت : الحمد لله اني ماشفت عمي ابومشاري وهذا حاله ماادري اش كان صار لي .
حست سارة ان همها انقسم نصين ..
نص بقلبها ونص شالته شادن عنها ..
قالت : الحمد لله انو طلع سكر ومو جلطه او قلب او مرض خطير ..
وقفت شادن وعدلت عبايتها وهي تقول : الحمد لله على سلامته .. خلاااص انا تطمنت على عمي وبرجع للبيت من زمان مااعتمرت واحس رجولي متكسرة .. حتى امي ياقلبي عليها تعبت من الطواف والسعي ولمن عرفت عن عمي تهيج عليها القولون ..
وقفت سارة معاها وهي تمسك طرف عبايتها وتقول : طيب خلي خالتي ترجع للبيت ترتاح وانتي اجلسي معاي .. اقل شي لين ابوي يرجع .
ردت عليها شادن وهي تقفل ازرار عبايتها تحت فكها ومع الجنب وتقول : بنجيكم بإذن الله الليلة او بكرة .. الحين انا هلكانه .
طلعت لامها الجالسه مع ام مشاري ووجهها متهلل بسلامة الغالي ..
وقفت ام نايف اول ماشافت شادن قالت : يالله الحمد لله على سلامة ابوكم احنا بنمشي ونجيكم الليلة ولا بكرة ..
قدرت ام مشاري تعبها ووصلتهم هي وسارة للباب وسوالفهم ماانقطعت الا لمن خرجوا ..
***
راجع من المستشفى وابو مشاري على يمينه يتفحص الأدوية اللي فرضها عليه الطبيب وعبوات الإبر المخصصة لمرضى السكر ..
مرض السكر للي في الخمسين او الستين يعني اشارة خطر ..
ممكن يجلب الجلطات ..
ممكن يؤدي لأمراض اخرى منها الهشاشة والضغط ..
قال فهد بمحاولة منه تشتيت افكار ابومشاري المحصورة في صحته ومستقبله .. : ابومشاري .. تراني دقيت على ولدك الخبل كان ناوي يرجع وحلفت عليه مايرجع الا بموعده .. موب مصدقني انك بخير وماصدق الا يوم كلمه نايف وحلف له .
ضحك ابومشاري قال : كلمني وتطمن بنفسه عليّ .. والله ماكنت ابغاهم يكلمونه بس سارة الله يهديها قالت له .
رد فهد عليه بابتسامه قال : الله يخليك لهم اكيد انه من خوفهم عليك .
مرت دقايق صمت قطعها فهد وهو يمد يده على ابومشاري ويربت على كتفه ويقول : انزل انزل لبيتك والحمد لله على سلامتك ..
قبل مايتكلم ابو مشاري باغته فهد بسؤاله : تقدر تمشي ولا تعبان .
رفع ابو مشاري يده ويده الثانية تفتح الباب وعيونه على سيارة نايف اللي وقفت بجنبهم قال : الله يجزاك خير وفيت وكفيت وماقصرت ... بس انزل تقهوى معاي انا ونايف .
طفى فهد محرك سيارته وترجل منها وأكياس ادوية ابومشاري في يده ..
قال لنايف بصوت عالي : ياابو خالد ورى ماتروح ترتاح وانت جاي من مكه وتعبان .
رمقه نايف بنظره زعل قال : ارتاح اذا تطمنت على عمي ابومشاري .
رد ابومشاري بامتنان : طمن قلبك ياولدي ..الله يريحك باللي يرضيك .
ابتسم فهد لنايف وهو يتبع ابو مشاري ويصاف نايف في المشي قال بصوت حاول ان ابو مشاري مايسمعه : وراك قالب(ن) خشتك لايكون منال مطنشتك للحين .
رد نايف عليه بعصبيه : لا ماطنشنتني ابشرك سهران معاها للفجر .
رفع فهد حاجبه قال بجديه : من جدك ..؟
دخل نايف ورى ابو مشاري لقسم الرجال متجاهل فهد بعد تجاهله لمكالمته وحرقة اعصاب نايف على ابومشاري اللي بمثابة والده ..
دخل ابو مشاري لاهله وجلسوا فهد ونايف في المجلس ..
قال نايف وهو يمس ظهره : والله ياتعبنا تعب اعوذ بالله ... الحرم مليان حجاج ماتلقى مكان لقدمك .
رد فهد عليه وهو ينزل شماغه وينفضه ويلبسه من جديد : ايه اعوذ بالله مكه ماتنقرب الايام هذي .. آآآه يالتعب .. تصدق اني على عظمين لي ثلاث ساعات .
دخل عليهم ابومشاري وهو يقول بتعب : الله يعينك يافهد على هالبنت .. خوافه وماعندها صبر ومتهورة ماتقدر تمسك دموعها ..
التفت فهد لنايف وكأنه مايبيه يسمع ..
قال نايف : اوووه هذا وانت ماشفت شادن ياعمي .. من اول مادرت عنك وطول الطريق وهي تبكي .
ضحك ابو مشاري قال : الله يستر عليها
انشغل فهد بتحريك جواله بين يدينه اخيراً حطه على اذنه ووقف قال : عن اذنكم دقايق .
دق على رقم عماد وقبل لايضغط زر الاتصال شاف عند البوابة ولد ماتجاوز عمره ال12 سنه ..
لابس شورت احمر وتي شيرت ابيض بدون اكمام .. جسمه الأبيض الناعم ممتليء وشعره الحرير منسدل على اكتافه بقصته اللي زادت نعومته نعومه ..
رجع فهد جواله في جيبه وراح للبوابه ..
وقف قريب من عدنان ولد جيران ابومشاري ..
نفسه اللي تحرش فيه خالد قبل ..
واللي انضرب خالد من مشاري بسببه ..
كانت واقفه تراقبه وهو يتوجه للبوابه بخطوات سريعه وواثقه وجريئة .. بعد ماتراجعت عن استقبال عدنان ..
اليوم بس اقتنعت ان الله ابدلها خيراً من خالد بوقفته ورجولته ونخوته وقوته وملامحه وشخصيته ككل ..
حدقت بعيونها في فهد باعجاب ..
وابتسمت بفخر ان الرجل هذا لها ..
وان ربي رزقها رجل بمعنى الكلمه ..
هو بالنسبه لها حلم وتحقق ..
لحظات قصيرة كان الفرح والأمل ينثرون اهازيج السعادة على طريقها اللي راح تشارك فهد فيه بعد ايام ..
وبلحظة ..!
وفي عز الحلم ..
انكسر الفرح على شفاه الحنايا ..
والأمل انبتر قبل اكتمال الحلم ورؤية النور ..
أظلمت دنياها في لحظة تهيؤات صورها لها شيطانها ..
عيونها تراقب فهد المنثني لعدنان ويكلمه بصوت ماوصلها وغيِّبه عنها تخيلها وتوقعها اكثر من بعد البوابه وصوت الهواء ..
يده تمتد لشعر عدنان وتي شيرته ..
طالعت فيه وهو يكلم عدنان ويبتسم له ويمسح على راسه ..
نفسه السيناريو ينعاد على هيئة كابوس خانق ويعيشها بدوامة مظلمة
عادت لها الذكرى المريرة ..
وخالد ..
خالد اللي وصم حياتها بأقسى انواع الألم ..
خالد اللي بكاها وكسر بداخلها اشياء كثيرة وخوفها من شي اسمه ثقة ورجل ..
خالد
بقذارته ودناءته واهتكه لأعراض الأطفال وهزه لعرش الرحمن ..
وتلاعبه بمشاعرها وهو ابعد مايكون عن المشاعر والقلوب المرهفة ..
ارتجفت كلها ..
من راسها لساسها ..
وصكت فمها بأصابع ترتعش خوف وندم وقهر وخيبة امل ..
يعني كلهم مثل بعض ..؟
مايجيها النظيف ..
ونصيبها مع سيء وأسوأ ..
شدت شعرها الاشقر المخصل ونزلت يدها لرقبتها شدتها بألم ..
والحواجز تنبني وتتكسر ..
وهي تتعثر وتتبعثر ..
خرجت له باندفاع ..
محطمه كل القيود ..
ومتنازلة عن الفروض والشروط ..
واللي ماقالته للي قبله لابد تقوله وتعلن عن صخبها وضيقها واعتراضها ..
: اطلع برا ياعدنان .. روح لامك ولاتكلم الناس الغريبه ..
فتح عدنان فمه بيوصل لها كلام امه لكنه ماتمكن ..
بهت لونه وضاع الكلام من حالها وصراخها ..
شدته بيده الممتلئة وهي قرفانه ومتقززة وطلعته برا وصكت الوابه بقوة وحالتها يرثى لها ..
طالعها فهد بذهول ورعب ..
وش فيها ..؟
مجنونه وتعب ابوها مأثر عليها ولا الولد فيه شي وماتبيه يدخل بيتهم ..
حارت الأسئله براسه ووقفت على كلامها اللاذع وبكاها ونشيجها ..
التفت لقسم الرجال وخوفه ان نايف يطلع ويشوفها ..
قال بارتباك وعدم فهم : وش بلاتس انتي ..؟
مسحت دموعها وتكلمت من عمق الألم وخيبتها الكبيرة ..
: كلكم قذرين وتشبهون بعض .. كلكم قذرين الله ياخذكم ..
شدها فهد من يدها بعد ماعرف قصدها واستوعبه : وش اللي تقولينه .. صاحية ولامجنونه انتي ..؟
تكلمت من بين شفايفها المرتعشه : مجنونة لمن دورت رضا ابوي ووافقت على واحد مثلك .. حقير وتافه وقذر ..
هو معروف انه متهور ..!
متسرع ومايحكمه الا الموقف ولحظته في اغلب اموره ..
بس اللحظه هذي كان اقوى وأشد ..!
مسك ذراعها وغرز اصابعه فيها وهو يقول : موب انا الحقير والتافه والقذر .. وكلامتس هذا بتندمين عليه قد شعر راستس .. ومااكون فهد ان ماربيتتس وعلمتتس السنع ..
نفض يدها وهي تمسح مكان مسكته بقرف وتقول بتهور وانهيار : لاتلمسني ياوسخ .. وانقلع من بيتنا وحياتنا ..
طلع من البيت بسرعه وقفل وراه وهي دخلت البيت مكسورة ومغبونه ..
وأمامها موعد مع لياليها القديمه ..
فيها بكا وحزن ولوم وندم ..
..
دق على جوال نايف قال له انه انشغل واضطر انه يطلع بسرعه ومااعطى نايف فرصه يسأله ..
محمل بالهم لدرجة ان نَفَسِه عليه ثقيل ..
قفل جواله ورماه على المقعد المجاور له ومسك اول مخرج يخرجه من الحي ..
اصعب شيء على الانسان انه يُتهم ظلماً وبهتاناً بأمر هو يحاربه ويمقته ويكرهه ..
ومن اللي يتهمه .. ؟؟
الشخص اللي بيربط حياته فيه بعد ايام قليله ..
والمفروض انه يكون اكثر الناس واثق فيه ويبني حياته معاه على طهر ونقاء حتى تمشي الحياة بدون عراقيل وعوائق ..
في لحظة تمنى انه ماشافها ولاعرفها ولاعرف طريق اهلها وباب بيتهم ..
تمنى انه ماتمناها بيوم ..
تمنى انه للحين على بر وماربط عمره فيها وهي متعقده وشكاكه ..
مسك الخط السريع مايدري وين وجهته بالضبط
ولايدري الا ان الغضب بداخله متأجج
وان الفضا عليه ضيق ..
والأفضل انه يبتعد عن بني البشر حتى مايفجر غضبه بوجه مسلم ماله ذنب ..
***
نايمه بعد تعب العمرة ..
مايكدر عليها الا صوت رنين الجوال على الكومدينه ..
فتحت عيونها ببطء والتعب ماخذ منها مأخذ وشافت اسمه يزين الشاشه ..
ابتسمت بحب وحطت الجوال على اذنها وهمست بصوت مبحوح من اثر النوم بـ : هلا والله .
سكت ثواني وماوصلها رد ..
طالعت في الشاشه ورفعت راسها وعدلته على المخده .. ونادته بنفس الصوت : عمااد .
سبقت صوته تنهيده من عمق اضلاعه وهمس : لبى هالصوت وراعيته .
عقدت حواجبها واتسعت ابتسامتها وهي تسمعه يكمل : انا ماذابحني الا صوتك في التلفون .. تدرين ..! شكلي ماعاد اني ماخذ خالد معي للديرة وابيك تسولفين عليّ طول الطريق ..
فزت وجلست لمجرد طاري الديرة ومشواره قالت : عماد بتروح اليوم ..؟
: ايه ماشي الحين طولت على جدتي وبروح اودي مها للسوق لازم تنزل اكثر من مرة وابوي الله يعافيه يقول مرة وحده تكفي .
تمططت قالت بدون تفكير : اش نزلة وحده .. انا لمن كنت اجهز نزلت عشر مرات وكل نزله احمل مية كيس .
سكت ثواني وتداركت كلامها : ليه ماتجيبها لجده وانزل انا وياها ..
ضحك بصوت واضح قال : والله ياانتي لازم تتقطعين وتوزعين نفسك بين مرة فهد ومرة احمد .
ردت عليه بضحكه وهي تقول : اش اسوي فاضيه ماعندي شي خلني اساعدهم .
رد عليها بهمس وهو يحاول ان خالد اللي فتح باب السيارة مايسمعه قال : تدرين وش ودي فيه ...؟
: ايش ..؟
: ودي امرك وآخذك معي بس الشكوى على الله ماكل اللي نبيه نقدر نسويه ..
رجعت لواقعها بعد ماخطفها عماد بعاطفته وغزله ورومنسيته دقايق ماطولها قالت بهدوء : الله كريم عماد وماعليه صعب .. صحيح خالد كيف الحين ...؟
رد عيها وخالد يجلس مكانه بعد ماحط اغراضه في المقعد الخلفي : خالد الله يسلمك يبي يرجع بسرعه عشان المدرسة وابشرك الرجال ناوي على الطب من الحين وانا وعدته بالسيارة ..
كمل وهو يحرك سيارته : شادن تبين شي قبل امشي ..
: ابغاك تتوكل على الله وتسمي وتقرأ دعاء السفر ولاتسرع وتوصل بالسلامه ان شاء الله .
حرك سيارته بعد ماسكر خالد الباب قال : الله يسلمك يالله اسلم عليكم وسلمي لي على عمتي عندك .
قفل من شادن وابتسم وهو يتخيلها ويتذكر صوتها ..
لو يطاوع قلبه كان اقل شي لف على بيتهم وشافها وكلمها قبل لايمشي ..
بس عليه انه يضبط تصرفاته وينتظر الى ان يفرجها الله عليه ..
***
جالس في غرفته منغمس في كتابة ملاحظات على بعض الموظفين المسؤول عنهم في شركة ابو ابراهيم ...
قطع عليه تركيزه رنة الجوال اللي انقطعت بسرعه ..
رمى القلم وطالع في شاشة جواله اللي نورها لازال يضيئها ..
وابتسم وهو يشوف اسمها ..
رجع الجوال على مكتبه وانكب على شغله من جديد ..
سياسة الزعل والتطنيش جابت معاها نتيجة .. ومع هذا انكسر قلبه عليها ..
بس يحبها ويشتهي وصلها ويبي يغتني بصوتها عن صوت غيرها خاصة انه شاب ومحتاج انثى بحياته ومايبيها الا حلال ..
اكمل شغله بارتياح بعد ماعرف انه على بالها وانها تفكر فيه ..
وفي عز انشغال عقله بالاوراق اللي قدامه وقلبه بمنال ولاغيرها ..
سمع طرقات خفيفه على باب غرفته قال : ادخلي ياشادن .
دخلت شادن وعيونها باين عليها النوم وتمشي بكسل قالت بصوت لازال اثر النوم فيه : مساء الخير .
رد عليها وعيونه على الملف اللي يكتب فيه : هلا والله مساء النور ..
جلست شادن على طرف المكتب قالت : نايف عمري تقدر تجيب لنا عشا من البيك ولا مشاوي من شامي ..
نزل نايف القلم وتمطط بتعب قال : اووووه ياكثر تعبك يانايف .. اطلبي لك عشا من أي مطعم ياشادن جسمي متكسر من العمرة ثم وقفتي بالمستشفى مع عمي ابومشاري .. ولا خلي الشغاله تسوي لكم عشا ترى امي معلمتها الطبخ .
: ماابغى عشا من البيت طفشت منه لي كم شهر مااكلت من برا وكمان ماابغى اكل الشغاله .
تثاوب بكسل وتعب وكمل : اهاااااا ... اجل استغلي الايام هذي وانتي هنا ولاترجعي لبيتك الا وانتي طفشانه من المطاعم .
طالعت في سطح المكتب الخشبي اللامع قالت بصوت محبط : خلاص ماعادني راجعه لبيتي .
سكت نايف ثواني مصدوم ومو مصدق قال بحدة : اش اللي ماعادني راجعه ..لايكون بينك انتي وعماد شي ..؟
هزت راسها بلا وأردفت : جاني نقل لجده وعماد يبغاني في جده عشان اكون قريبه منه ..
تنهد نايف بارتياح قال : بغيتي تطيحين قلبي .. قولي لي انك نقلتي عشان تلصقين في عماد واصدقك .
ابتسمت بخيبه قالت : لا تفرح كثير لأني مطوله عندك هنا ..
عقد نايف حواجبه قال باستغراب : مطولة ..؟
استدركت كلامها بابتسامه كاذبه قالت : الين بيتنا يخلص عماد ناوي يبني بيت جديد ...
وبذكاء غيرت الموضوع وأدارته حتى تشغله عن سيرتها والتفكير فيها قالت : ان شاء الله اذا كملت تأثيث جناحك وليلة زواجك اخليك واروح لزوجي .
ابتسم نايف ووقف قال :طالما انك جبتي سيرة الزواج خلاص ابشري بالعشا من البيك بس لي شرط .
رفعت شادن حاجبها قالت : اش شرطك ..؟
: دقي على منال شوفي لي وش اخبارها ولاتقولين اني انا اللي قلت لك .. هالبنت تبي تذبحني بزود حياها ..
ضحكت شادن ونزلت من فوق المكتب قالت : عاد منال يووووه مرررة خجوله ... لايكون تتغلا عليها عشان تكلمك .. نايف ترى البنت كلمتني قبل يومين وحسيت ان فيها شي ..؟
عض على اسنانه قال : ليه ماقلتي لي انها كلمتك .. اش قالت لك ..
ضحكت شادن قالت وهي تخرج من غرفته : ماقالت لي شي بس تسلم وتسأل عن اخباري ... يالله روح جيب العشا واذا رجعت تلاقيني مكلمتها ..
طلعت من عنده وتركته في افكاره اللي راحت للديرة ولها تحديداً ..
ولحقها بعد دقايق بعد مابدل بيجامته ببنطلون جينز عملي وتي شيرت بني ..
مر من عند شادن وجوالها في يدها قال : لاارجع الا مسوية لي تقرير عنها ..
طلع من دون ماينتظر منها رد على نية انه يجيب لهم عشا من البيك وهو شايل هم الزحمة اللي بيواجهها في المطعم ..
***
في الطايف ..
جالسه على الكنبة الطويل وهو منسدح على فخذها ويتفرج على قناة الاخبارية السعودية وتحديداً برنامج عن المخدرات وتأثيرها على شبابنا ..
قالت نوف بتملل : حمود تكفى غير .. تراني مااقدر اشوف مناظر الشباب هذولا واشكالهم كذا ..
قال حمود وهو لايزال مركز : قوي قلبتس وشوفي المخدرات وش تسوي في عيال البلد حسبي الله ....
قطع كلامه مجبر لأنها وفجأة وبدون سابق انذار رفعت راسه وابعدته عنها وفزت من مكانها متوجهه للحمام الملحق بالصاله لشقتهم المفروشه ..
لحقها حمود ووقف وراها وهي ترجع كل مافي معدتها ..
مسحت وجهها بمناديل وأثر التعب باينه على ملامحها ..
قال حمود بخوف : نوف وش اللي صاير لتس ..
قاطعته بتعب : ماصار لي شي بس يمكن اني حامل .
تهلل وجه حمود ..
حبه يتوج بزواج
وزواجه يتوج بطفل ..
وش يتمنى اكثر من هذا ..
صدمة الفرحة الذ معاني الحياة ..
قال بابتسامة واسعه : متأكدة ..؟
: لا موب متأكدة بس ...
قاطعها : نروح للمستشفى الحين ونتأكد .
حاولت تعترض بس اصرار حمود عليها خلاها تذعن له وتلبي طلبه ..
لبست عبايتها وطلعت معاه وهي واثقه من النتيجة وهو مابين يارب ويارب ..
ورجاه وحلمه ان نوف تصير ام عياله وشريكته بكل شي ..
***
دخل بيته بعد مانزل خالد ..
لو انها هنا ..!
رددها كثير ومن قبل مايوصل البيت
ورددها بعمق ومعنى اقوى لمن فتح بابه ..
شاف جدته واحمد جالسين في الصاله ..
قال احمد بصوت عالي : لاتقول انك ماجبت شادن ترى من يوم راحت لاقهوة(ن) سنعه ولاعيشة(ن) سنعه ..
ردت ام ناصر برجا وخوف : لا مهب مخلي بنيتي مايجيبها لي .. هو خابرني من يوم جتني وانا مااقدر اصبر عنها ..
وخيب آمالهم بكلمته بعد ماسلم على جبين جدته .. وعلى احمد ..
قال وهو يجلس ويتكي بتعب : لاوالله ماجبتها .. خليتها تقعد مع مرة فهد تقول انها ماتقدر تروح لحالها للسوق .. وهذيك امها مقابلة ابومشاري ماتقدر تخليه ..
جاته الحجه ووصله العذر بفعل الاقدار ..
التفت عليه احمد اللي كلمه وعرف منه عن مرض ابو مشاري : ها وشلون ابومشاري الحين .. عساه احسن .
قال عماد : أي الحمد لله احسن .. تعرض لنوبة سكر ووداه فهد والحمد لله مابه العافيه .
قالت ام ناصر اللي افتقدت شادن من ايام وهمها متى ترجع لها .. : ها علمني متى بتجيب مرتك ..؟
رد عليها عماد : متى ماكتب الله .
اجابته زادت خوفها خوف ..
وقلبها ماتطمن عليها وهذا حاله معها ..!
صب عماد له فنجال قهوة ورشف منه قال : انا اشهد ان مابعد قهوة شادن قهوة ..
رد احمد : عز الله صدقت .. انا وامي ذبحنا الجوع عقبها ..
ابتسم عماد وهو ياخذ له حبة تمرة ويدسها في فمه قال : يارجال ماذبحك وانت مع ليلى اللي ماتعرف تسوي حتى بيالة الشاهي ..
استغفر ربه واحمد يمد نظره للبعيد رغم اصطدامه بالأثاث اللي حوله الا انه تجاهلها وتجاوزها ورحل لآخر مدى وعقله يتوه وين يرسى ..؟ عند مين ..؟ ومتى ..؟
***
عدت الايام ..
كلاً ملتهي بنفسه وشايل همه ومحتفظ به ..
احمد يزفر ومكتئب ومتشائم من العرس والحرمه في حياته من جديد ..
سايرهم في موضوع الزواج لمجرد الانتقام وتنفيذ لرغبة امه ومايبي يرد عطية عماد واختياره له ...
ويمكن لأنه يبي له عيال ..
ومافيه احسن من ابومشعل يكون خالٍ(ن) لعياله ..
فهد بصمته الدفين على اللي شافه وسمعه ..
ومستقبل حياته محفوف بالشك وياليته أي شك ..
شكوكها في اكره الأمور وأسوأها لله والناس وله هو تحديداً ..
تشك انه ممن يهز عرش الرحمن وياشين الابتلاء والظلم ..
مرت ايامه خاليه من اي حماس ..
والفرح بقلبه منطفي من قبل الفرح ..
وعماد .. بيته في ناظره مهجور ..
رغم صوت جدته يملاه ووجودها في حياته جنة وسعاده ..
الا ان الدور اللي فوق بالنسبه له موحش ومهجور .. ومايقربه الا اذا كان مضطر ومحتاج ..
وشادن تحسب الأيام وتعدها مترقبه ويدها على قلبها ..
والعروس المتهورة الظالمه خايفه من اللقاء وصعوبة الموقف ..
وشلون وكيف اسئله تدور في راسها بالاضافه لخطط حاولت جاهدة تتبع اسلمها وأفضلها ..
والعروس الصغيرة .. خايفه من القادم ومن التجربة الجديدة عليها واللي ماكان لها الوقت الكافي انها تفكر وتتقبلها بهدوء .. لكن قوة ايمانها بربها وثقتها في اللي عينه ماتغفل عنها قوية .. معتزمه انها ترضيه اولاً وأخيراً في نفسها وزوجها وهو ماراح يخيبها ..
ونوف نسجت احلامها مع كائن جديد بدا يتخلق بأحشائها ..
تعد الساعات وتشوف بطنها يكبر ثم تحس بحركته ثم تشوفه في حضنها ..
وحمود يترقب ابوته وطفل يحمل اسمه ويكون ولد نوف ..
نوف الحبيبة والقريبه ..
ويسعى جاهد انه يسعدها بكل اللي يقدر عليه وعسى الله يقدره ويساعده ..
،،،
ومرت الايام ..
والليلة زواج ..
او بالأحرى زواجين ..
اسمه فرح وماهو فرح ..
فهد مكتئب ويتحجج بالصداع والتعب ..
واحمد حزين ويتحجج بفراق امه واحبابه وسفرته الليله ..
الجو هادي .. والمناسبة مختصرة ..
في مجلس الرجال في بيت عماد كان اجتماع هادي وبسيط للجيران والأقارب ..
وفي بيت ام فهد جمعة حريم ..
قدروا بطريقتهم يسلون انفسهم ويخلقون جو زواج من رقص وأهازيج طقاقه عبر سماعات الاستريو اللي تبرعت فيه فوزية لليلة ماتحصل باستمرار مثل هذي ..
وفي الجو الصاخب وزحمة حريم الجيران واطفالهن ..
صرخت فوزية في منال الواقفه عند باب المطبخ وصوت المطربه حاجب بقية الاصوات عنها ..
التفتت لعمتها اللي تعابير وجهها باين انها غاضبه ..
قالت : هلا عمتي وش بغيتي تراني مااسمعتس ..؟
ردت فوزية بانفعال قالت : روحي جيبي المبخرة والعود اعطيها بندر واقف برا ..
فتحت منال عيونها قالت : الحين ..؟
: ايه الحين احمد بياخذ حرمته ويطلع للمطار وفهد بيمشي لجده .
طالعت منال في ساعتها قالت : بسم الله مسرعهم تو العشا مااذن ..
قالت فوزية : ياشاطرة رحلة احمد بعد ثلاث ساعات يادوب يوصل المطار .. وفهد اربع ساعات ونص ويكون في جده متى تبينه يسري لحرمته نص الليل عشان ياخذها الصبح ..
مرت من عندهم حنان وهي تهتز على صوت ( موضي الطقاقة ) قالت بضحكه : قسم بالله عرس فهد وعمي المفروض يسجلونه في التاريخ انه اغرب عرس في الدنيا .. اجل العرسان يروحون بعد المغرب ولا فهد ياربي لك الحمد بس عرسه في ديره وحرمته في ديره ..
ضحكت منال وهي تعطيهم ظهرها وتقول : عسى عبدالله ياخذتس ليلة عرسكم لامريكا ..قولي آمين ياعمتي ..
ضحكت فوزية ورفعت يدينها للسما وهي تقول : آآآمين واشوفها تلبس تنورة بدال الفستان عشان ماتطيح في المطار ..
قالت حنان بغيض : اخ بس لو انتي موب عمتي كان وريتتس شغلتس .. الاشهد وينها بطلع حرتي منتس فيها ..
ضحكت فوزية قالت : اليوم شهد ساحبه على عماد ولاتشوفه شي .. طول اليوم لازقه في احمد عشانه معرس ..
ضحكت حنان قالت : هههههههههههههه خير ان شاء الله واذا معرس وش تبي منه هي وجهها ..؟
دقتها فوزية بطرف اصابعها وهي تطالع في جوالها قالت : المعرس الصغير يتصل .
حطت جوالها على اذنها ورفعت صوتها بـ: الو ..
رد فهد : هلا فوزية .. افصلي وحدة من السماعات فضحتونا في العالم .
قالت فوزية : كل الناس تدري ان عندنا عرس .
رد عليها بحزم : افصلي وحدة ولاجيت وفصلتهم كلها وقعدتن بدون رقص .
عقدت فوزية حواجبها قالت : خلاص خلاص بنفصل وحده .. ماشي انت الحين ..؟
: ايه ماشي .. نادي لي امي وجدتي علميهم انا في مجلس الرجال بعد عشر دقايق .
: طيب ..
قاطعها قبل تنهي كلامها بـ : مع السلامه ..
وقفل منها بسرعه وهي تطالع في حنان قالت : روحي افصلي سلك وحده من السماعات ونادي له امك وامي انا بروح اسنعه اللي مايستحي على وجهه ويقفل في وجهي ..
شهقت فوزية قالت : ياويلي فهد لايجي ومنال عند نايف ..
راحت بسرعه للمجلس وحنان تتبعها بنظرات ذهول ممزوجه بخوف لو احد يدري عن فعلة عمتها ..!
***
خلاص برجع لايجي احد الله يخليك ...
قالته منال وهي ترتجف ويد نايف تضم على يدها بقوة ..
قال لها بحنان : اخليك تروحين وتوعديني انك تكلميني الليلة ..!
: لا مااقدر اكلمك .. ابوي لو يدري ذبحني ...؟
زم نايف شفايفه على بعض قال : عمي هذا شكلي باخذه عندي يومين واسوي له غسيل مخ .. اجل يقول لي .. قلد نايف صوت عمه ولهجته وكمل : انتظر لين تاخذها لبيتك ثم هرجها ليل ونهار ..
شد على يد منال اللي تحاول تفلتها منه ودموعها تملا عيونها قال : منال تبكين ..؟ افاااا .. من جد ماعندي ذوق .. خلاص انا آسف ولاعاد تكلميني ياشيخه ولاتجلسين معاي .. خلاص روحي اذا السالفة فيها دموع ..
هزت راسها والدموع تبلل خدودها قالت بغصة : بس لاتزعل مني اذا ماكلمتك .
: ماني زعلان والله وماراح اجبرك على شي ماتبغينه ... انا اصلاً واحد غثيث ..
مسحت دمعها وانسحبت من قدامه بلا رد وقبل ماتطلع قال لها : منال .. بنتقابل في الصيف ن شاء الله .
كملت طريقها لداخل البيت واخذ نايف المبخرة اللي يتصاعد منها الدخان المختلط بريحة العود الازرق .. وقبل مايطلع شاف فوزية تدخل عليه ..
قالت : وش سويت في البنت انت ..؟
قال نايف : ماسويت لها شي بس خجولة بزيادة بغت تموت من الحيا ..
سكتت فوزية وهي تشوف فهد يدخل وينادي بـ ياولد ..
قال نايف : ادخل مافيه الا عمتي فوزية .. همس نايف لفوزية : اشوا انك جيتي لايفتح معاي محضر تحقيق .
قال فهد : وين امي وجدتي موب قلت لتس خليهم يجون .
عقدت فوزية حواجبها قالت : هذا شكل معرس بالله ..؟ ليه الاخلاق قافلة ..؟ وش منغص عليك يافهيدان ..؟
رمقها بنظره وبقلبه .. اشياء واجد يافوزية
اولها فاقد(ن) سعود
وتاليها الحرمة اللي انا بروح لها وبتصير زوجتي وام عيالي تحسبني ... استغفر الله بس ..
غمض عيونه ونفخ بقوة قال بانفعال : الحين انا قاعد انتظر ومحد يمي ..
قال نايف بهدوء : تراني ماشي معك .
وبنفس الانفعال : وين تمشي ..؟ اقعد مهب لازم تروح .
رد نايف : يارجال امي وشادن ماعندهم احد ولازم امشي .
سكت وهو يسمع صوت ام ناصر اللي تذكر الله وترجوه انه يبارك لهم في زواجهم وفرحها مختلط بحرنها على فراق احمد اللي حان ..
تقدم فهد وسلم على راس جدته وطلع نايف بعد ماسلم على ام فهد من بعيد وسألها عن حالها واحوالها ..
سلم فهد على امه اللي دعت له وباركت له واستودعهم الله ولحق بولد عمه ..
ركب سيارته وتوكل على الله ونايف يسلم على عمانه ويودعهم .. وتحرك باتجاه الطريق اللي يودي خارج القرية ولها ..!
***
العروس الباكية ..
ابكت شادن وذكرتها بحالها ليلة زواجها وشكلها يقول انها تخفي عنها سر ودفين ..
رمت الكوافيرة قلم الكحل من يدها قالت : مابيصير هيك .. وراي تلات عرايس ولهلا ماإدرت كمل لك .. يابنتي خلاص هونيها وبتهون .
اخذت شادن منديل ومسحت دموع سارة اللي نفرت الحكل من عينها وهي تقول : سارة اش اللي صاير ..؟ فهد قال لك شي ..؟ سارة لازم اعرف ولازم تقولين لي ..!
هزت سارة راسها بلا .. وهي تضم على يد شادن بيدها الذبلانه ..
قالت شادن : طيب انتي هدي اعصابك والله ياسارة ان عماد بنفسه يضمن فهد وانا اثق في عماد بعدين ..
قاطعتها سارة منفجرة : اسكتي ياشادن اسكتي لاتكملين ..
صكت وجهها بيدين اظافرها منمقة ومرتبه ومطليه بلون فضي يشبه لون فستانها اللي اختارته مع امها غصب عنها ..!
تكرهه حد الحقد ..
تكرهه اكثر من خالد الخاين لربه ثم لها ولاهلها ..
وتكره اسمه وطاريه وقرب ابوها منه واعجابه فيه .
وتكره الليله لأنها بتجمعها فيه ...
وتكره الدنيا اللي فيها امثاله وامثال خالد ..
دخلت ريهام زوجة مشاري بفستانها السواريه بلونه السماوي وتصميمه الناعم واللي ماتكلفت فيه وبمكياجها الهادي وهي تقول : سارة في ولد من جيرانكم اسمه عدنان واخته معاه جاي يقول بيشوفك ..
سكتت ريهام واشرت لشادن بهمس : اش فيها ...؟
زفرت الكوافيرة وهي تشوف كل تعبها راح بسبب دموع سارة وبكاها ..
قالت : ياسارة ياألبي مابيصير هيك ..؟ ورايا كمان عروستين بدّون شغل وتعب .. الله يرضى عليكي اهدي شوي ..
قالت شادن : ماعليه سناء اعذريها اول مرة تبعد عن اهلها ..
: ولك أي والله فاهمه بس كمان تمسك حالها شوي هي مو صغيره ..
ابتسمت لها شادن ورفعت يدينها بمعنى ان مافي يدها شي ..
والتفتت لعدنان الواقف يطالع في سارة برهبه وخوف وهو لابس ثوب ابيض مطرز وشعره الطويل مقصوص لرقم ثلاثه
قالت شادن بمحاولة منها تشتيت تركيزه عن سارة اللي تنتحب بقهر : ماشاء الله عليك ياعدنان تعال حبيبي تعال .. اش هذي الحركات ثوووب وكمان محلق شعرك وصاير كبير .. شكلك الليلة بتطلع احلى من العريس ..
لمس عدنان شعره الخفيف قال ببراءته المعهودة وابتسامته متسعه : ايوه عارف عشان خلاص صرت رجال .. عمو فهد قال لي اذا حلقت شعرك حتصير رجال .. وكمان قال لي اللي يطول شعرو ويلبس ملابس عريانه الناس حتقول عنو بنت مو رجال .
فجأة سكتت ..
ورفعت يدينها من على وجهها ..
هااااا ..؟؟؟ اش قااااال ...؟؟؟
اللي سمعته حقيقه ولا خيال ووهم ..؟
يعني لمن شافه قال له خلك رجال بدل مايقول ....
آآآآه وش اللي يصير لي
وش اللخبطه اللي انا فيها ..؟؟
قالت بألم ممزوج بأمل : عدنان تعال .
تقدم منها خطوتين وهو متردد قال : خالتو سارة لساتك زعلانه مني ..؟؟
هزت راسها بلا وحواجبها معقودة قالت : لاياعمري مو زعلانه .. انت زعلان مني ..
: لا مو زعلان اصلاً انا احبك وجبت لك هدية ورده من بيتنا وكمان جبت لعمو فهد ..
ابتسمت بشفايف ترتعش قالت : طيب حبيبي فهد اش قال لك هذاك اليوم .
سرد لها عدنان بسرعه اللي قاله فهد ..
وكلامه يخترقها زي السهم ..
دمل جرح وفتح ثاني ..
لازم اصير رجال والملابس حقتي مو كويسه ومااخلي شعري زي شعر البنات حتى الأولاد الكبار مايحسبوني بنت ويضربوني اذا خرجت في الشارع .. كمان قال لي لازم البس ثوب ولا بنطلون وقميص طويل ..
شوفي خالتو سارة خليت بابا يشتري لي ثوب عشان لمن يجي عمو فهد يشوفني رجال ... وهو كمان وعدني يجيب لي غُترة وعُقال ...
ضربت على وجهها وانهارت من جديد وحضنت عدنان .. اللي فجأة سكت عن سرد الكلام بسبب حركتها ..
قالت شادن : بنت سارة .. وش فيك انتي ..؟
وقفت ريهام واخذت عدنان بيده بعد ماسحبته من بين يدين سارة وهي تقول : يالله عدنان روح جهز وردة عمو فهد لأنو جاي بعد شوي .
طلع عدنان وعيونه تطالع في سارة المنهارة وتردد : ياولي من ربي ياويلي من ربي .. ظلمت الرجال وظلمت نفسي .. ياويلك ياسارة .. ياويلك كيف بيسامحك ..
شدت شادن يدينها من على وجهها وسط ذهول ريهام اللي رجعت وتراقب سارة بعيون تحتجز دموعها ..
قالت شادن بتجلد وهي تقريباً فهمت الموضوع وسر بكا سارة وعدم حماسها للسوق وطاري الزواج ولولا ان امها وابوها ماغصبوها ماجهزت لزواجها اي شي : بنت .. شوفي الوقت راح وانتي تتدلعين حتى ريهام بتخرب مكياجها بسببك .
وقفت سارة قالت : تكفين شادن ابي رقم فهد .. تكفين ابيه الحين .. لازم اكلمه ..
وقفت شادن معاها وقالت بحيرة : اش بتقولين له .. خلاص صدقيني ماينفع الحين .. كلها كم ساعه ..
قاطعتها بانهيار نفسي وانهمار لدموعها : ابغاه وبس ياويلي لازم اكلمه .. ياربي ساعدني ياربي ماقصدت اظلمه ..!
حاولت شادن تهديها وهي تقول : سارة عمري هدي نفسك .. رقمه موعندي والله .. بس اذا تبغين راح اطلبه من نايف الحين ..
هزت ساره راسها قالت بقهر : لااااا ماابغى نايف يعرف انك اخذتيه عشاني .. طالعتها برجا وكملت : لازم اكلمه ياشادن ... تكفين لازم اكلمه قبل اشوفه ..
رجعت ضربت وجهها وهي تردد : ياويلك ياسارة ياويلك ياسارة ..
سحبتها شادن وضمتها على صدرها بقوة لعل وعسى انها تسيطر على انهيار سارة وتهديها ..
وقفت ريهام عندهم وهي تمسح دموعها اللي فرت إثر موقف سارة قالت : سارة اش فيك بالضبط .. اش اللي صاير .. اذا الموضوع مهم بخلي مشاري يكلمك ويعطيك رقمه .
رفعت سارة يدها باعتراض وشادن تضمها وتهمس لها بخلاص هدي نفسك ..
ابتعدت عن شادن قالت بصوت مبحوح ووجه باكي وعيون فيها ندم وقهر : لا لاتكلمين احد .. خلاص ربي حيساعدني توكلت عليه ..
ابتسمت ريهام وهي تشوفها تمسح دموعها وتحاول تهدي نفسها بكميات هوا تسحبها لصدرها ..
قالت بمحاولة منها انها تضفي على سارة نوع من الارتياح : سارة زبطي مكياجك ووعد مني اجيب لك رقم فهد من مشاري من دون مااقول له عنك شي بس تكفين لاتخلين الرجال ياخذك بشكلك هذا ثم والله ليشرد ..
اكشرت ريهام بضحكه واستطردت بمرح : اقول لك شي .. بصورك وبخليها لعيالنا بعدين اذا عذبوني ماناموا اخرعهم في صورتك عشان ينامون ..
حطت سارة يدها على وجهها وهي تقول بطيف ابتسامه احيا ملامحها : لا ماابغى تصوير الليله .. شكلي مرة مايساعد . وخلاص لاتكلمين مشاري ولاتجيبين الرقم ..
قالت سناء بملل : ولك أي دَحَكِي .. هيك بدياكِ .. يالله نكمل الميك اب ياسارة أبل مايجي عريسك ..وان شاء الله راح تتصوري وانتي رضيانه ومرتاحه .. وبدنا نشوفه هالعريس اللي اختار القمر هي ..
يالله حياتي رخي لي راسك عـ ورى ..
هزت راسها سارة قالت : خليني بس اغسل وارجع لك ..
راحت غسلت وجهها ورجعت سلمت نفسها لسناء للمرة الثانية عشان المكياج ..
وكأن الارتياح بدا يلامس شغاف قلبها بعد اسبوع وأكثر من الارهاق النفسي والدمع والندم ..
***
في سيارة ثانية ..
سواد لونها مثل سواد نظرة صاحبها للدنيا وللحياة ..
ومثل سواد الجسم المتكوم على بعضه على المقعد الجانبي حياء وحرج في ليلة عمر ..!
ومثل سواد الطريق الصامت مثله ..
هو اسكته قلة حماسه لحياته الجديده واحباطه من التجربة الأولى ..
وهي اسكتها الخجل والحيا ولاشيء غيرهم ..
التفت لها ..
كتلة سواد ..
موباين منها شي ..
حتى قدميها المزينه بنقشات الحنا اصرت انها تخفيها بشُرَّاب اسود تحت الجزمة البيضا المطرزة ..
ويدينها متواريه خلف قفازات سودا وعباية الراس الواسعه مغطيتها من راسها لجزمتها ..
قال احمد بمحاولة منه بثها شيء من الاطمئنان وكسر جو الصمت : مها ..
همست بـهلا ماسمعها ..
اعاد مرة ثانية بصوت ارفع : مهاااا .
التفتت عليه وصدت بمجرد لهيئته قريبه منها قالت : سم .
ابتسم لصوتها الناعم الهادي قال : سم الله عدوتس .. اكشفي عن عيونتس ترى مابه احد في الطريق .
ماردت عليه من الحيا ..
قال مرة ثانية : ماسمعتيني وش قلت ..؟
همست بضيق : الا سمعت بس ماتعودت ارفع عن عيوني ..
غمض عيونه وهو يتذكر ليلى يوم اخذها من الديرة ..
واول مشوار اخذها فيه للطايف ..
كانت متغطيه وبعدها بأيام صارت تلبس النقاب وتضيق فتحته وبالتدريج توسعها ..
في البداية تخاف تطلع بمكياج بعدين صار امر عادي بعد اول تجربه ..
اخيراً على اللثمة وكل مرة تنزل فيها وتكشف عن عيونها المتخمه بالكحل وحواجبها المنمقه ومصففه بعنايه وتنزل لزوايا خدودها الملونه بالأحمر ..
ويمكن لو تمادت واستمرت معاه رمت اللثمة وبعدها ليتها تتحجب بس ..
كمل طريقه بصمت .. هالبنت مالها ذنب بليلى وفعايلها بس الحذر هالمرة واجب .. وثقته اللي اعطاها ليلى لابد يقتلها مع أي حواء ثانية ..
وصل المطار ونزلت معه بسوادها ساترها وحاميها ..
المكان غريب عليها ..
ومع غرابته مافكرت انها تحاول تستكشفه بقدر مافكرت انها تستر فستانها الابيض البسيط وتلم عبايتها عليها ..
رن جوالها هدية عماد لها وكانت نغمته دعاء للشيخ عبدالرحمن السديس ..
طلعته من شنطتها وشافت رقم فوزية اللي سجله لها عماد ردت عليها والخجل يخنق صوتها ويربكه : هلا والله ..
: هلا بك ياعروسنا .. وش اخباركم ..
ردت بحيا واضح : الحمد لله ..
حست فوزية باحراجها قالت : وينكم الحين احمد ادق عليه مقفل جواله ..؟
اكتفت مها باجابة مختصرة : في المطار .
: زين اذا وصلتوا طمنونا عليكم .. ومبروك مرة ثانية ..
سكتت مها وفوزية تقول بحرج من حرجها : يالله ماابي اطول عليك .. مع السلامه .
: بحفظ الله .
قفلت من فوزية وطالعت في مكانها لوحدها ..
ماحولها الا ناس غُرب واجانب ..
سمت بالرحمن وثبتت قلبها بذكرها واتكالها عليه ..
شافته جاي يمشي من بعيد بوجه جامد ماله علاقة بالفرح المفترض على اسم ليلته ..
حمدت ربها وشكرته على انه رحمها من انتظاره والقلق ..
قال احمد وسط ضجيج المطار والاعلان عن الرحله : يالله مشينا ..
مد يده على يدها الصغيرة وشافها مستحيه وخجلانه وآثر انه مايزيدها ومشى قبلها وهي وراه تكرر المعوذات ودعاء السفر بقلبها ..
***
واقفه قدام المراية ..
وجهها باهت وذبلان ومفتقد حيوية الأنثى ونضارة المرأة ..
ليه وجهي باهت ..!
ليه مو مشرق مثل وجه شادن اللي كانت نادراً تحط مكياج ونص اليوم تقضيه في شمس المدرسة ..
ليه فوزية اكثر حيويه واسعد مني وانا مافيه وسيلة تسليه الا قدرت احصل عليها ..
ليه احمد تركني بسهوله ولاهو اللي طلقني ولاهو اللي تفاهم معاي ..
ليه تزوج ..؟؟
انثنت على المغسلة وغسلت وجهها ورجعت تطالع في المراية ..
نفسها تبكي وتعبر بس البكا يرفض يساعدها ويخفف عن همها ..
الليلة احمد عريس
وعروسه صغيرة ..
ويقولون ملتزمه ..
آآآآه ..
ملتزمه ..
واحمد بيشوف الفرق بيني وبينها
تذكرت كلام امها عن وحده من قريباتها في الديرة ..
مرة احمد ملتزمة وراعية بيت يقولون محد ينافسها بالطبخ وتسوي حلى كل(ن) يمدحه ..
يعني الفرق واسع وشاسع ..
بكرة بتعامله مثل شادن اللي طار في اكلها وقهوتها وحلاها وسنعها ..
وبيشوفها تصلي ..
تأوهت اكثر وغسلت وجهها مرتين وثلاث وعشر ..
ودي ابكي ..
ودي اصرخ واقول انا وحده خاينة لربها ولزوجها
اقول تراني ضيعت حياتي بيدي وفعايلي ..
اقول تراني قتلت كلمة يبه من لسان طفل وحرمت احمد سماعها ..
اقول تراني كلمت شباب واستغليت الانترنت لأهواء نفسي ونسيت ربي وقوانينه ..
وآآآآه اقول اني دخلت مواقع ساقطه كنت اجلس فيها بالساعات واهمل زوجي بسببها واترك المواقع اللي تفيد وتذكري وتنصح ..
طلعت من الحمام ومرت من عند امها في الصاله ودخلت غرفتها وصوت امها يتخلل مسامعها
قلت لتس اهتمي فيه وراعيه وحياتس مهب حياة .. وياما نصحتتس وهذي النتيجه ياليلى .. شفتي الحرمه ليا اهملت رجلها وحرمته من العيال وشلون تصير رخيصه ..
سدت اذانيها بأصابعها وهزت راسها رافضة سماع كلام امها اللي تعيد وتزيد فيه من اول ماسمعت بخطبة احمد ..
تغطت بلحافها وسط هاله من الحزن .. والحسافه والندم
وليه وليه وليه اسئلة مرت على ذهنها بلحظة صحوة وتأنيب ضمير ..!
بس فاااات الوقت وانتهى وقت العتب واللوم وماعاد ينفعها ندم ..
***
رجع لبيته بعد ليلة متعبه ..
كل حفلة زواج متعبة سواء كانت مختصرة ولا كبيرة ..
المهم نهايتها فرح وانجاز ..
توجه لغرفة جدته وكأن البيت ضاق عليه وماعاد به متنفس الا هالغرفه ..
طل عليها يشوفها صاحيه ولا نايمه ...
شافها منسدحه ومتلحفه ... ومشى على اصابعه وبخفه قاصد آخر الغرفه ..
قالت وهي بين الغفوة والصحوة وبصوت يهاديه النوم ويغازله : ياوليدي ريح عمرك انت من صباح الله ماقعدت .
عرف انها صاحية وتأوه بتعب ورمى شماغه وطاقيته وفتح ازارير ثوبه وتمدد على الارض ..
قال : الله يستر عليهم ويوفقهم .. توني ارتحت من سنين يوم احمد اخذ له حرمة(ن) سنعه .
ردت ام ناصر بصوت ذبلان : الله يرزقك انت واحمد بالضنى اللي يقر عيني .
سكت عماد بغية عدم ازعاجها وساد المكان وحشة صمت غريبه ..
امتد شماغه وغطى فيه وجهه وغمض عيونه ..
يتخيلها تكلمه وتسأله وتقهويه وتحوف البيت ..
كل هاجسه " بس لوكانت فيه "
استغفر ربه وتعوذ من الشيطان وهو يتمنى ويتخيل بــ لو
رفع شماغه عن وجهه واخذ تلفونه ..
فتح الرسايل وكتب منقاد لمشاعره وشوقه ..
( إلى متى من دون تفكير أناديـــــــك
أحسبك عندي وأنت يابعد ممشــاك
لو صار شوفك صعب ماني بناسيك
ولو حال دونك يأس لا يمكن أنساك
لو عشت طول العمر بالروح بفديك
يالغالي اللي غالي الروح تفـــــداك )
ضغط ارسال ورمى جواله بجنبه ورجع تمدد على ظهره وغطى وجهه بشماغه باهمال ..
وكانت دقايق قليله وداهم النوم فيها عينه على طيفها ..
***
جالسه مع سارة اللي بدا شكلها مرتاح وماتفكر الا وشلون تواجهه ..
بس كل شي يهون المهم انه ماطلع مثل ماتوقعت ..
قالت لامها اللي تبخرها : يمه اهم شي شنطتي الصغيرة ماتحطونها في سيارة مشاري ..
ردت امها : الحين انا ماادري انتم بتروحون لفندق ولا لشقتكم ولا كيف ..!
التفتت سارة على شادن وهي منغمسه بعقلها وقلبها في مسج وصلها على جوالها ما كأنها معاهم قالت : شدون عمري انتي اللي تقدرين تعرفين من نايف او عماد ..
عقبت ام مشاري : ايوه صحيح ياشادن تقدرين تدقين على نايف ..
ماحست بكلامهم ولا التفتت عليهم قالت سارة بعصبيه وتوتر : شااادن .. هذا وقت غزلكم ..؟ ردي علينا .
رفعت راسها وفتحت فمها وهي تبتسم لام مشاري وسارة الموجهين انظارهم عليها قالت : هاااا ...؟ اش قلتوا ترى ماسمعتكم .
ردت عليها ام مشاري وهي تحاول تنفش فستان سارة البسيط من تحت : نقول اتصلي على زوجك ولا نايف اسأليهم فهد وين بيروح اذا اخذ عروسه .. سارة يمه والله فستانك هذا ماكأنه حق عروس .. الله يهديك بس انتي واختيارك .. شوفي كيف من تحت ..
طالعت سارة في اسفل فستانها قالت : يمه اش اسوي تعرفين نفسيتي كانت تعبانه لمن اخترته ... بعدين مافيه لازفه ولا معازيم كثير ولاشي من بيشوفه يعني .. حتى تصوير مافيه .
ضحكت شادن وهي تحط جوالها على اذنها للمرة الثانية وتحاول تكلم نايف قالت : الحين العروس تمشي والحفله لسه دوبها تبدا فهد هذا عليه حركات ..ركزت مع نايف اللي فتح خطه قالت : ايوه نايف هلا بك .... وينكم .....
بالله ........ يالله مع السلامه .
قفلت منهم قالت : خلاااااص واقفين عند البوابه ..
وصلتهم ريهام بسرعه وهي تتعثر بكعبها العالي قالت : خالتي مشاري له ساعه يحاول يدق علينا جوالاتنا مو معانا .. الحين دق على امي يقول انهم دخلوا البيت .
جلست سارة على الكرسي بخوف ..
قالت : ياويلي مسرعهم .. والله مااقدر اروح ..
ردت امها وهي تمسح على راسها : يمه لاتقولين ياويلي مية مرة قلت لك ويل وادي في جهنم .. بعدين ليه ماتقدرين .. تحصني واستعيني بالله وخليك بنتي القوية اللي ترضى بقسمة ربها ..
" ماتدرين يايمه وش انا مهببه معه .."
قالته سارة في نفسها وهي توقف لريهام اللي مسكت عبايتها وهي تقول : يالله تكفين مشاري مرة معصب عشان محد رد عليه لايعصب اكثر اذا تأخرتي .
طالعت شادن في سارة قالت : يالله يازوجة ولد عمي توكلي على الله وانزلي .. صحيح تذكرت ..! ترى حنان تسلم عليك وتقول لك مبروك وتقول لك ان زواجك بيتسجل في التاريخ على يدها .
ابتسمت سارة والربكه مأثرة عليها قالت : يوووه انا فين وانتوا فين .. ياربي تيسر لي بس .
ضمتها امها وعيونها تغرق بدموع الفرح ممزوجه بدموع الفراق ..
قالت : الله يوفقك ويسعدك ياعمري .. بكرة تكلميني تطمنيني عليك .. لاتنسي .. ترى قلبي بدا من الحين ينشغل عليك ..
قرصتها شادن بخفه قالت بمرح وهي تغالب الدموع : ياعمري ياسارة راح افقدك فهد بياخذك منا .. ابتسمت بغصه وكملت : بس اهم شي انا نقدر نطب عليكم بأي وقت بدون مانستحي منكم .
شدت سارة على يد شادن قالت بهمس : شادن ادعي لي ماادري كيف بتعدي ليلتي .. شكله زعلان مني كثير ..
ضمت شادن على يدها قالت : ياعمري فهد رجال وصدقيني راح يتفهم الموضوع اهم شي تكلمينه بهدوء وبدون تهور وحتى لو كان زعلان حاولي تراضينه بشتى الطرق اهم شي لاتعاندين زوجك ياسارة واكسبيه ترى فهد رجال وعلى قولة نايف ينشري .
ابتسمت سارة وهزت راسها قالت : ذكرتيني بكلام أبوي ومشاري عنه بس عصبي ياشادن ...
سكتت على صوت امها اللي رجعت لهم وقالت : يالله يالله ابوك يقول تنزل الحين الرجال مستعجل ومارضى يدخل .
: نزل مع المصعد وعلى البوابه ولاتقولون لاحد اني خارجه ..
اخذت امها عبايتها ولبستها قالت : اجل يالله البسي عبايتك هنا ..
لبست سارة بسرعه وريهام تكلم مشاري وتقول له : خلاااص والله بتخرج الحين حتى شوفها لابسه عبايتها بس انت هدِّ نفسك لاتعصب ..
قفلت جوالها وزمت شفايفها قالت : مشاري معصب يقول العريس طفش وابوي عصب .
عقدت سارة حواجبها قالت : هذا والساعه للحين ماجات 12 .. والله حنان صادقه المفروض يتسجل زواجي في التاريخ ..
طلعت تمشي مع امها وتوجهت للمصعد وخفقات قلبها مرتبكه ومتفاوته بين القوة والسرعه وبطء النبض ..
***
***
التعديل الأخير تم بواسطة اقدار ; 21-04-08 الساعة 08:38 AM
|