***
بعد ماقالت لابوها على سالفة المدرسه اللي كلمتها وهو شارد ..
يزوج بنته لناس غرب ومن بعيد ولا يخليها متى ماجاها نصيبها يجها من اهل الديرة ..
حك لافي لحيته وهو يهوجس ويحسب حساب كل خطوة لو اتبعها ..!
جلست عنده ام نوف بصينية القهوة والتمر ومدت عليه فنجال وهي تقول : الله يرحم ابوك ياابو نوف لاتجوز بنتي للغريب ..
رد عليها بحكمه : الحين العرب تجوز الغريب والقريب .. والديرة بناتها اكثر من شبابها وبنتس طافت العشرين ياحرمه .
ردت بقلق : انت من عقلك انهم يبون بنتنا .. قلوا بنات المدن يوم ياخذون بنت الديرة .
جلست نوف عندهم بوجه باهت وملامح ذبلانه قالت : يبه النصيب اذا جا محد يقدر على رده .. كملت بغصه ..: انا ماكنت ا تخيل اني باخذ حمود .. الله يجيبه سالم .. وهذاني من نصيبه وهو صار نصيبي .
قال ابوها : ايه يابنيتي بس حمود ولدنا ونعرفه ومربيه انا بيدي بس الغريب من يعلمنا عنه ..؟
قالت نوف : يسأل عنه حمود .
ان جا يسأل ..!
ان جا بيسأل بس المشكله انه مايجي ولايعود لي ..!
تذكرت اهتمامه بكل اللي يهمها ..
اهلها ومشاكلها في المدرسه والأمور اللي يهتم لها ابوها من مزرعه لغنم للبيت اللي يجمع له فلوس ويحاول يبنيه مثل مابنوا اهل الديره وجددوا بيوتهم ..
تخيلت ضحكته وكلامه وغزله وحبه لها ..!
هداياه وعطاياه اللي من يوم اخذته ماكفها ولا استكثرها عليها ..
واستدراجها لقلبه ومحاولته الوصول لقلبها بشتى الطرق والوسايل ..
لهج قلبها بـ "يارب رده لي بالسلامه ..
يارب لاتاخذه مني .."
انتبهت لاحتدام النقاش بين امها وابوها قالت : يمه يبه .. انتظروا خلونا نشوف العرب ونسأل عنهم ان اعجبونا فهذي قسمة الله وان مااعجبونا مالهم نصيب عندنا وكلن يروح في سبيله .
وصلهم صوت العنود وكأنها طايرة والارض ماتشيلها وهي تنادي : نوف نوف .. يانووووووووووف .
ردت نوف بسرعه : تعالي انا هنا ..!
وصلتهم وهي تلهث وفي يدها كيس فيه شكولاته وعصاير قالت : شوفي شوفي جابها لي حمود .
يعني حي وموجود ..
وصل ..!
فزت نوف وطلعت من الغرفه وسط فرحة امها وابوها اللي رغم قلقهم عليه الا انهم اخفوا القلق عشان نوف ..!
قالت للعنود : وين راح ..؟
ردت العنود وهي تفتح قارورة عصير السيزر وترشف منها بسرعه : راح لاهله بس علمته انتس وجعانه وتبكين عليه وكل شوي تدقين عليه .
حطت نوف يدها على راسها قالت : الله ياخذ عدوتس .. مسرعتس تعلمينه بالاخبار .
وقفت نورة وراها وهي تقول : وتلوميني يوم اقول انها وكالة رويترز اللي توزع الاخبار على محطات الاخبار .
ضحكت نوف متجاهله آلام معدتها واحساسها بالضيق والغثيان ودخلت تستعد لمقابلة حمود اللي اكيد بيجي يدورها ..!
قالت لنورة : نورة وش رايتس البس لبس العيد ولا شي ثاني .
قالت نورة : ايه البسي لبس العيد حلو عليتس .
دخلت نوف الغرفه ولهفة قلبها تقودها تنفذ اوامر الشوق والوله لحمود وتتزين وتنتظره ..!
***
لبست عبايتها ونزلت وعماد معاه شنطتها الكبيرة واللي نزلها مع المصعد كونه يلوذ عن جلسة جدته وقريب من الباب ..
مرت جدتها وسلمت عليها وهي بغطاها وتنتفض تحته بكا وهلع من الفراق ورعب لمجرد تخيلها انها ماترجع للبيت راعيته وزوجة صاحبه ..
ياترى بشوفك مرة ثانية ولا لا ..
وان شفتك بكون راعية البيت هذا ولا اجيك زايره وارجع .!!!
وصتها جدتها تسلم لها على امها ونايف وتنتبه لنفسها ..
وهي وصت جدتها على نفسها وصحتها وأدويتها ..
وطلعت ..
رمت بجسدها وحملها وهمومها على مقعد السيارة الأمامي ..!
وعيونها تناظر الأمكنة حولها ..
حبت الديرة وتراب الديرة لأن احبابها فيها ..
لأنها ملتقاها هي وعماد ..
لأنها زرعت وغرست فيها اجمل ذكريات وأجمل
احلام ..
هناك في المرزعه ..
وعند باب المدرسة ..
وقدام بوابة البيت ..
وفي الحوش ..
وداخل البيت في كل ركن من اركانه لها معه ذكرى ..
في المطبخ وفي المكتب وفي المجلس .. وفوق .!!!!
وشلون تروح وتخليها ..
طلعوا من الديرة وهي تتأملها مودعه ..!
يمكن ارجع مثل اول يوم جيت فيه وعرفتها ..!
ويمكن ربي يرجعني احسن من اول ..
ويمكن ماعاد لي رجعه ..!
كان السكوت هو المتسيد والفارض وجوده وقوته ..
مر من الوقت اكثر من النص وهو ساكت وشارد الذهن ومستحضر نظره يراقب المكان ..
وهي تايهه وضايعه ..
جارته لأنها حست فيه ..
وانصاعت لقراره ونفذت رغبته بس عشان تهون همه وتخفف من حزنه ..
مد يده على مشغل السي دي وضغط زر تشغيله ..
فضل انه يبثها رسايل غراميه بصوت عبادي ..
ابسألك ..
هو أنا استاهلك ؟
استاهل الدمع اللي جرّح وجنتك ؟
استاهل اني اعشقك ؟
ابسألك عن حالنا ..
انتي وانا
ياللي احس انك انا
حالنا ما هو غريب
انـّا نكون متأكدين
ان الفراق ما هو بعيد
بالرغم من جرح السنين
عشقنا دايم يزيد
ماهو غريب ..
اني لو مرة في همي
نسيت وبكلمة جرحتك
قبل ما تتألمين ..
اللي ينزف هو دمي
ابسألك ماهو غريب .. استاهلك
ابسألك لو قلت لك ان الحنان اللي في قلبك
ينبت من الصخر الزهر ..
وان النهار اللي في خدودك يخلي النسمة عطر ..
وان العذاب اللي في عيونك يعلـّم الناس الشعر ..
ولو قلتلك اني احبك اكثر من هموم البشر
وكثر الجفا وكثر السهر ... لو قلت لك
وانك اقرب من عيوني للنظر
كل الذي اقدر اقوله
واللي ما اقدر اقوله
استاهلك .. حبيبتي ؟!
وباجاوبك .. للأسف ما به احد يستاهلك
كان يدندن بصوت منخفض وواضح لشادن مع الأغنية والظاهر لها انه حافظها ..
سكتت الأغنية وبدت اغنية ثانية ..
تدرين وادري بنفترق
تدرين قلبي بيحترق ..
حنا اتفقنا في كل شي الا الزمن
عيى الزمن لا نتفق
ولاتزعلي لو نفترق
قلبك خلي
وقلبي انا اللي بيحترق
ياوردة في كل الفصول
يافرح عيّى لايطول
قولي واقول
ان كان عندك لي حلول
يافرحة القلب الحزين
الوقت يمر ..
ومالك عذر
كانك تبين ننسى العمر ..
ننسى السنين
وانذوب في حب وحنين
تدرين وش سر الحكاية
الوقت يمر ..
ولكل شي لابد نهاية
وحنا قربنا من النهاية
ومالك عذر
يابسمة الثغر الخجول
ان كان عندك لي حلول
وان كان ودك نتفق
والا ترانا بنفترق
ولاتزعلي لو نفترق
قلبك خلي
وقلبي انا اللي بيحترق
ياحب .. يادنيا جديدة
يا احلى ابيات القصيدة
ان كان جرحي ما كفى
انزف لك جروح ٍ جديدة
وان كان شعري ماوفى
انسى الحكي وانسى القصيدة
يا احلى ايام العمر
كثر الحكي وش بيفيد
ومابقى عندي صبر
والجرح في قلبي يزيد
مالك عذر
يابسمة الثغر الخجول
ما اظن عندك لي حلول
وما اظن ودك نتفق
واحنا ترانا بنفترق
ولاتزعلي لو نفترق
قلبك خلي
وقلبي انا اللي بيحترق
انتهت الأغنية ورجع اعادها مرة ثانية ..
وقف للإشارة والمكان على غير عادته هادي ومافيه زحمة ..
الدنيا عيد والوقت اجازة وحزة صباح ..!
التفت عليها وهي مسنده راسها على المرتبه ..
قال : شادن .
عدلت راسها والتفتت عليه قالت بصوت مبحوح وبارد : هلا .
: اذا احد سألك عن جيتك قولي عماد بيسافر .
ردت بسرعه : انت بتسافر ..؟
هدى السرعه عشان نقطة التفتيش اللي مر بجنبها قال : سفريات صغيرة للشغل .. بس أي احد يسألك وش جابك ولا ليش جالسه عند اهلك قولي عماد بيسافر وبيخلني عند اهلي ..
اشر له الشرطي يمشي بمجرد ماشاف الحرمه في السيارة ورجع عماد لنفس سرعته قال : الحين انتي بتدخلين عند اهلك بحالك هذا ..؟
همست بصوت مجروح ويدل على انها مجروحه ومقهورة قالت : عادي .
: لاموب عادي .. خلينا اول نروح نتغدى في شقتي واذا ارتحتي نروح العصر لاهلك ...
قاطعته بتودد : لا عماد الله يخليك امي تنتظرنا من اول ماقلت لها .. وكمان مسوية لنا غدا .
هز راسه مقتنع وملبي واكتفى بتنهيده طلعت عفوية بدون قصد ..
مد يده ورفع صوت المسجل ورجع يدندن مع عبادي واصابعه تتحرك وتدق على الدركسيون بدقة وتناغم مع الأغنية والأغنية تعزف على وتر قلبه ومشاعره ..!
***
صحتها امها بصعوبه الين فاقت وحست باللي حولها ..
: طيب خلاص صاحية ..
: سارة اش هالبرود .. اللي يشوفك يقول الناس موجايين بعد شوي ..!
تمطط بكسل ورجعت شعرها القصير اللي قصت اطرافه وصبغته بألوان هاي لايت قبل يومين عشان زواج مشاري ..
قالت : واذا جوا بعد شوي .. انا اش دخلني كل اللي عليّ ان راح اوقع مااعتقد هذي يبغى لها قومة وتجهيز .
ردت امها بحده : ترى الرجال لوطلب حقه الشرعي في النظرة مانقدر نقول له شي .
جلست بسرعه قالت : لا يمه اذا ابوي مو قد كلامه ا نا كمان مو قد كلامي .
: لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم ..
جلست امها بجنبها وكملت بحنان : سارة يابنتي مو كل الناس زي بعض .. شوفي مشاري اخوك زي خالد ..؟
حطت اصابعها في اذانها قالت بعتب وزعل : يمه مليون مرة قلت لكم لاتجيبون لي هالسيرة .. هذاك الله يسامحه ويغفر له فكينا من ذكره خلوني اتشافى منه .
مسحت امها على راسها قالت : عشان تتشافين منه لازم تشوفين اللي احسن منه وحل محله .
هزت راسها بلا وحست انها مخنوقه قالت برجا : يمه الله يخليك لاتغصبوني .
اخذت جوالها من فوق الكومودينو ودقت على شادن اللي ردت على طول : هلا سارة .
قالت سارة وهي تتمطط وبكسل : اهلين فيك .. ها فينك ..؟
: جايين في الطريق .
: قريب من جده ولا بعيد ..؟
سمعتها تقول لعماد احنا فين الحين ورد عليها ..
قالت شادن : احنا الحين قريبين من مكه يعني باقي ساعه تقريباً ونوصل بس ماراح اجيك الا بعد المغرب .
قالت سارة بردة فعل سريعه وتهور : لاااااااااااا شادن من السيارة عندي .. ولا اقول لك سلمي على امك ونايف وتعالي عندي لاتنزلين العباية الا عندي تكفين شدون مرة مشتاقة لك .
ابتسمت شادن وردت عليها ببرود : خلاص اذا وصلت اكلمك .
سكتت سارة ثواني ثم قالت بهدوء : بنت اش فيك ليه صوتك حزين كذا ..؟
ردت شادن : مافيني شي .. بس شوي اجيك ان شاء الله .
: نتقابل ان شاء الله على خير ..
: مع السلامه .
: الله معاك .
قفلت من شادن وانتبهت ان امها قد خرجت وقامت من سريرها وقلبها مقبوض من صوت شادن ..
فيها شي ..!
حزينه ..
مو نفسها اللي تكلمني كل يوم .. !!
وقفت سارة على المرايه وهي تطالع بشكلها ..
شعرها بعد الصبغه والقص معطيها طله احلى ..
ومشيتها رغم انها ثقيله الا انها اريح بكثير من لمن كان الجبس فيها .
خللت شعرها بأصابعها ورجعت لمته بشباصة وراحت للحمام تتوضأ وتصلي الظهر ..!
***
سلم على عمه وعمته .. وجلس ينتظرها ..!
جات العنود وقارورة العصير في يدها والشكولاته ملطخة شفايفها وخدودها ..
قالت ام نوف بلهجة حاده : عنود قومي اغسلي وجهتس .
ردت بعد مارشفت رشفه صغيرة من قارورة العصير واللي مابقى فيها الا القليل وصارت تقتصد فيها ..
قالت : يممه اصبري بكمل عصيري .
ضحك حمود ومسح على راس العنود وهو يقول : خلوها على راحتها متى ماكملت عصيرها تقوم تغسل وجهها ..
طلع جواله من جيبه قال : خذي وديه نوف خليها تشحنه .
ردت العنود : نوف تشيل عفشها تبي تروح معك لبيتك .. ازين اخذها كل شوي تبكي ولا تستفرغ كله عشانك .. حمود حمود انت جبت لها هدية صح ..؟
رغم ان كلام العنود مزعج الا انه يريحه ويسعده
يعني فقدته وتبكي عشانه ..
وناوية ترجع معه قبل يقول لها ..
عدل جلسته وهو يطالع في ساعته قال : اجل روحي ازهميها خلينا نمشي .
راحت العنود لنوف والح ابو نوف وامها على حمود انه يجلس يتغدى لكن الحاح حمود في الرفض كان اقوى وحجته تعبان ومواصل وبيروح ينام ويرتاح في بيته والحقيقه شي ثاني ..
وقف ونادى بصوت عالي : يالعنود استعجلي نوف .
جات تمشي بتنورة لونها سكري كلوش ومطرزة بكحلي من الأسفل والتوب بلوزة قطنية بكم طويل سادة وعليها جاليه سكري ومطرز بكثافه بلون كحلي ..
صافحها واستحى يسلم عليها في وجهها بحضرة امها وابوها والعنود اللي تراقب كل تصرفاتهم وكلامهم .. قال : يالله البسي عبايتس وامشي تراني تعبان ابي ارتاح .
سألته بعتب : انت وين كنت ..؟ اقلقتنا عليك .. ؟
رد عليها وعيونه على العنود اللي احرجته بمراقبتها ونقل نظرها بينه وبين نوف قال : بغيت اجيكم قبل موعد تسليمي وتكلمت على الضابط يوم عيا يطلعني وجازاني .. حبسني 24 ساعه .
قالت نوف بدون تفكير : حسبي الله عليه .. طيب ليش ماعلمتنا عشان مانقلق عليك والله اني قلت صار عليك شي .
طلع جواله من جيبه قال : له ثلاثه ايام وهو طافي .. حتى الحجز مافيه احد اقدر اكلمكم من جواله .. العالم كلها معيده .. همس لها بصوت حاول يخفته عن العنود قال : عجلي بنمشي لبيتنا .
نزلت نظرها للأرض بحيا وطالعت في العنود اللي قالت : حمود حمود انت مادريت يوم ابوي بغى يضحي بسحيمان و افتكيته .....
قاطعتها نوف بلهجة حاده : بنت روحي اغسلي وجهتس ولمي شعرتس .
ضحك حمود وهو يمسك يد نوف ويقول : خليتس من العنود واعجلي علي انتظرتس في السيارة ..
اشر لها بشفايفه وهو يصد عن العنود ويوجه لنوف : مشتاق لتس حييل .
بلعت نوف ريقها وسحبت يدها منه وراحت تجمع اغراضها وهو راح ينتظرها في سيارته .
***
بعد صلاة المغرب ..
كان جالس في وسط المجلس وعيون كل اقارب ابومشاري متجهه ناحيته
يراقبون حركته ويدققون في كلامه وردة فعله وترديده لكلام المأذون اللي حضر من بدري ..
همس مشاري لابوه : قلت له على شروط سارة ..؟
قال ابو مشاري : بقول له الحين .
تنحنح ابومشاري قال : فهد ياولدي .. انت تعرف الظروف اللي مرت بها بنتي ..
طالعه فهد باهتمام قال بذكاء وفطنه : عندها شروط ..؟
: والله ياولدي البنت الحت عليّ الا اقول لكم شروطها ..
قاطعه فهد : حقها ياابومشاري قول ولاتردد .
تكلم ابو مشاري بينه وبين فهد وصوته وصل لعماد الشاهد الأول وفواز الشاهد الثاني .. : البنت رافضه النظره .. نزل راسه للأرض ثواني ورفعه قال بعدم رضا : وتقول انها ماتبي مكالمات قبل الزواج .
عقد فهد حواجبه قال : من قال اصلاً اني ابي نظرة ولا ابي اكلمها هذا مهوب من سلومنا ولاعاداتنا .. وسع صدرك ياابو مشاري وعطنا باقي شروطها .
زم ابومشاري شفايفه قال بحرج : شرطها ان الزواج يكون مختصر .. تعرف زميلاتها اللي ماتوا في الحادث ...
قاطعه فهد للمرة الثانية وقلبه يقول " ان هذا رايه وقراره قبل لايكون رايها وشرطها " : ولو انه مهب من حقها تطلب ان الزواج يكون مختصر لكن ابشر ياابو مشاري لها اللي تبيه ..
قطب ناصر حواجبه بعدم رضا ..
وطالعهم فواز بقهر وقلة حيلة بعد موافقة فهد ..
فهد اكبر عيال ناصر من حقه يسوي له عرس يعزم عليه كل من يحب ويود ..
من حقه تفرح به امه وخواته واهله ..
اما عماد فعدل جلسته وهو الأدرى ان الشرط هذا يرضي فهد لأنه مقرره من قبل عشان سعود وذكرى سعود اللي نبشتها امس زيارته لقبره ..
قال بصوت رزين وواثق وكأنه معتاد على ادارة الأمور حتى اللي ماتخصه : اسمح لي يافهد انا بتدخل هالمرة .
ومن نظرة من فهد فهم عماد انه موافقه على كل اللي راح يقوله ..
أكمل عماد وهو يربت على فخذ فهد : مادام مافي العرس تكلفه والبنت تبيه مختصر اجل نبي نقدم العرس بنخليه مع عرس عمه احمد بعد اسبوعين ان شاء الله .. ماله داعي التاخير .
تهلل وجه ناصر لراي عماد وانشرح صدر فواز وبانت آثاره على ملامحه .. وفهد متردد وفي حيره ..
سكت ابومشاري ثواني يحاول يحسبها صح ..
ثم قال بتفهم : طالما انكم وافقتوا على شروطنا مالكم الا من يرضيكم .. بعد اسبوعين الزواج وعسى الله يتمم على خير .
التفت ناصر لفهد الجامد بمكانه قال بفرحه : مبروك يافهد .. وعلى بركة الله ..
تقدم مشاري بقهر وكتم غيظه وابتسم له قال : مبروك يافهد عسى الله يتمم على خير .
باركوا له الجميع وتمنوا له السعادة والتوفيق وهو يرد : الله يبارك فيكم ويجزاكم خير ..!
...
وفي مكان ثاني من البيت ..
جالسه مع شادن اللي تحاول على قد ماتقدر انها تظهر بصورة طبيعيه قدام ساره .. والثانيه منشغله بسالفة موعد زواجها اللي حاولت تعارضه وسكتوها ابوها ومشاري بحكم انها قالت شروطها وقبلوها الناس وعليها تقبل شروطهم .
كل شي غريب ..
موافقتها وشروطها وهالموعد اللي ماكان على بالها ..
وطقوس الملكه الغريبه مااعتادتها في مجتمعها وقرايبها ..
ليلتها هذي مختلفة كليةً عن ملكتها على خالد ..
هذي هادية وفيها خوف من القادم وترقب وحيطة وحذر بكل خطوة وكلمة من قبلها هي ..
والاولى صاخبه وفيها فرح وتفاؤل وحب واحساس بالسعاده ايضاً من قبلها هي ..
فركت سارة يدينها قالت بقلق : مستحيل اوافق ان الزواج يكون بعد اسبوعين .. اش هذا انا موقادرة استوعب ان هالآدمي بيصير زوجي .. اقل شي يبغى لي سته شهور عشان اقدر استوعب . .. مو بعد اسبوعين اصير انا وياه في بيت واحد ..
ردت شادن وهي تحرك السكر في قاع بيالة الشاهي : اش اللي تستوعبين وماتستوعبين .. احمدي ربك انه يسر لك وكتب لك فهد .
ردت سارة بخوف : ياربي حتى شكله ماادري كيف ولاحتى اتخيله .
طالعتها شادن وابتسمت قالت : هذي سهله انا اوصفه لك .. طويل وعنده عضلات وملامحه مااتذكرها زين بس كأني لمحت وجهه عريض وعيونه واسعه وشعره طويل .
صبت سارة في بيالتها شاهي ونست تحط السكر وهي مرتبكه وموحاسة بتصرفاتها قالت : ليه انتي ماقد شفتيه ..؟
: وين اشوفه ..؟ مرة وحده لمحته وهو ينادي السواق وانا راجعه معاه من المدرسه .. وماطالعت فيه صديت عنه وهو اصلاً اعطاني ظهره وقعد يكلم السواق ...
تأففت سارة وهي منشغله بموعد الزواج قالت : تخيلي مشاري موافق ومبسوط قال ايه اللي قاهره انه راح يقطع شهر عسله بسببي . رشفت من بيالتها وكشرت بوجهها قالت : يوووه مافيه سكر ..
ضحكت شادن من اسلوب سارة وهي زعلانه قالت : من يصدق انك انتي ومشاري تتزوجون بنفس الشهر ... بس من جد ياسارة فهد مافيه منه وعماد يضمنه لك ...
هزت ساره راسها قالت : ادري عنه وعن مواصفاته اللي ماتنتهي .. كملت بصوت يقلد ابوها : رجال وكريم وراعي نخوه وشهم وشجاع وكل صفات الدنيا فيه بنظر ابوي ومشاري ..
رجعت تتكلم بصوتها الطبيعي : ياشيخه هم مايطلعون على حقيقتهم الا بعد مانقرب منهم ونعرفهم بس الله يستر.
ردت شادن بحمية ودفاع : لاحبيبتي هذا ولد عمي وعماد يعرفه زين ونايف اخوي يعرفه وانا اعرف اهله وبيئته وفهد واضح لكل الناس والردي ياسارة الا مايطلع عنه كلام .
هزت سارة راسها وهي تقول :ليه ماطلع الكلام عن خالد الا بعد ماملكنا .. انا اصلاً ماعاد عندي ثقه في احد .. تدرين ياشادن اني قاعده اهيء نفسي لأي صدمة قادمه .
تمددت شادن على الكنبه اللي بجنب سرير سارة وهي تقول : هيئي نفسك لكل شي متوقع بس لاتظنين السيء في فهد ولاتخلين الشيطان يوسوس لك في زوجك ويدخل الشكوك لقلبك .
قبل ماترد سارة دوى جوالها بنغمة تعلن وصول رساله ..
التقطته على طول وفتحت الرساله وكانت وسائط ..
قالت : اكيد هذي ريهام بتبارك لي ... يؤ غريبه وسائط من مشاري ..!!!
امتقع وجهها احمر وهي تطالع في المقطع وتشوف ابوها والمأذون والرجال في المجلس ..
فزت شادن على صوت المقطع وجلست بجنبها وهي تشوفهم ..
وحده سرحت بالشخص اللي يهمها ..
ملامحه المألوفه لها وحركته وثباته ونظراته المتزنه وكأنه لوحده يملا المكان بنظرها ..
والثانية سرت في جسدها رعشة وهي تطالع في الجالسين وموعارفة أيهم اللي صار الليلة زوجها ..
قالت شادن ببرود تملك منها حد النخاع : شوفي هذا فهد اللي بجنب المأذون .. ماشاء الله عليه رجوله ووسامه وموناقصه شي .
سرحت سارة فيه تتأمل شكله ..
ملامحه مختلفه تماماً عن اي صورة توقعتها له ..
مايشبه مشاري اخوها ..
ولايشبه خالد اللي عمرها مااعجبتها ملامحه رغم حبها اللي كان له ..!!!
عيونه واسعه ونظرته حرة وجريئة ..
اكتافه عريضة وشامخ في جلسته رغم حركته المستمرة ..
قالت سارة بارتباك : ماتخيلته كذا ..!!
ابتسمت شادن ببرود وبصوت باهت قالت : الله يستر عليه .. تكفين ياسارة حاولي تحبينه وتتمسكين فيه وتسعدينه تراه من بعد وفاة صاحبه يقولون مر بحزن ماتشيله الجبال .. ساعديه على النسيان واسعديه ..
سكتت ثواني وساره مستغربه الكلام عنه وكأن قلبها رق في لحظة ضعف امام الفقد والحزن اللي جربته ..
كملت شادن وصورة عماد تعيد لها مرارة وضعها وحياتها الآن .. : سارة ماعليه انا برجع للبيت احسني تعبانه .
عقدت سارة حواجبها قالت : لا تكفين لاتروحين الا بعد العشا .. بعدين يادبه استناك من سنه ولمن اشوفك تقعدين ساعه وتمشين .
اخذت شادن عبايتها وهي تقول بتعب وملل : حرام عليك من قبل المغرب وانا عندك .. وان شاء الله الايام جاية بتطفشين مني ..
وقفت سارة معاها قالت : لولا ان التعب واضح عليك كان ماخليتك تروحين وتراني متأكدة ان فيك شي وتدارين عني .. بس بخلي التحقيق وقت ثاني لمن ترتاحين .
ماردت عليها شادن والتهت بجوالها تدور على رقم نايف ..
قالت سارة : تبغين اكلم السواق يوصلك ...؟
دقت شادن على رقم نايف وحطت الجوال على اذنها وهي تقول : لا بخلي نايف يوصلني ... هلا نايف ..
رد نايف بصوت واطي : هلا .
: ماعليه توصلني البيت بروح ارتاح ..
: ليه اش فيك ..؟
: تعبانه شويه ..
: اوكي اطلعي لي برا انتظرك .. امي بتروح معاك ..؟
: لا امي بتجلس مع خالتي ام مشاري وتجي بعد العشا اكيد بس انا بس اللي برجع .
اخذت شنطتها وطلعت بصحبة سارة اللي تمشي بعرج خفيف وتوجهت لامها تبلغها برجعتها للبيت ..!
***
حياتها لاتطاق في بيت اهلها ..
اخوها مو معطيها فرصه تدخل النت وتاخذ حريتها مثل ماكانت في بيتها ..
واتصالاتها تحسبها بالدقايق بعد ماكانت تكلم بالساعات واحمد متكفل بالفاتورة وعذرها انها في غربه وتحن لاهلها ولازم تكلمهم ..
احمد مطنشها وهي اللي اعتادت على وجوده في حياتها وان كان وجوده مثل عدمه الا انها حست بفراغ الآن من بعده ..!
دقت عليه من رقمها الجديد اللي طلعه لها اخوها بعد ماالغى احمد رقمها الاول لأنه كان باسمه .. وما رد عليها ..!
زفرت ليلى بقهر ..
هذا وش فيه لايرد ولايكلم ولا كأني زوجته ..
ان شاء الله يبينا نسافر وانا مانزلت السوق ..
دقت عليه مرة ثانية وثالثه اخيراً صار يعطيها مشغول ..
وقفت وراحت لاخوها اللي كان جالس في غرفته على الكمبيوتر دقت الباب ودخلت قالت بعصبيه : محمد شوف لي العله هذا ليه مايكلمني ولايرد عليّ .
صغر اخوها المحادثة والتفت عليها بعصبيه قال : ارجعي ماني فاضي لتس الحين .
عقدت حواجبها قالت : اقول لك ماكلمني من يوم جيتكم ولارد عليّ تقول ماني فاضي .
نزل الهدفون من فوق راسه قال : برا .. برا لوسمحتي واذا بينتس وبين رجلتس شي تفاهموا بعيد عني ماني رايق لتس انتي ومشاكلتس ولسانتس اللي اذيتي به خلق ربي .
رجعت بقهر وهي تهدد وتتوعد ..
راحت لامها قالت : يمه كلميه انتي يمكن يرد عليتس خليه يرسل علي فلوس بنزل السوق .
قالت امها بأسف على حال بنتها : هذا اللي همتس الفلوس والسوق ..؟ الرجال شكله زعلان منتس وانتي تقولين ابي فلوس وسوق بدال ماتقولين ابي رضاه .
ماردت على امها وانشغلت بالبحث عن رقم فوزية في قائمة ارقامها .. هي اللي بتوصل لها وش سالفة احمد حتى وان كانت ماعاد تهضمها بس لابد تتحمل ..
دقت رقمها ثلاث مرات وماردت فوزية .. المرة الرابعه انفتح الخط وبدون صوت ..
تكلمت ليلى بقرف من طبع فوزية وتشددها في بعض التوافه مثل تجاهلها للأرقام الغريبه ..
قالت : الو ..
ردت فوزية لمن عرفت ان المتصل حرمة : هلا .
: وش اخبارك يافوزية ..؟
: هلا هلا ليلى بخير الحمد لله ... اخبارك انتي ..؟
: اخباري ..؟ ماتقولين لي وش فيه اخوك مايكلم ولايرد ولا يعبرني ..؟
: والله ا سألي نفسك واعرفي وش سويتي معه واكيد بتدرين عن سبب زعله .
: ها ..؟ وش سويت قولي لي .. ولا احد منافق بيني وبينه ..!
غيرت ليلى لهجتها لرجاء وخوف : فوزية انتي قلتي له عن سالفة الجوال ..؟
: لاياقلبي ماقلت له .. اللي عرفه احمد بلاويك الثانيه غير الجوال ووسخه .. معليش ياليلى انا مشغوله الحين وعندي ضيوف .
ردت ليلى بتشتت وبدون تركيز قالت : مع السلامه ..
خايفه يكون عرف عن الصور اللي عندها ..!
لا لا مستحيل يعرف ..!
شهقت وهي تتذكر شادن يوم مدت عليها الصورة اللي طاحت منها ..
صورة سعيد اللي دمجت صورتها معاها وطبعتها من جهازها ..
عضت على شفتها وخبطت بالجوال في يد راحة يدها بقلق وهي تصر عيونها ..
انا غبيه ليه ماقلت لها انه اخوي ..
عقدت حواجبها وكملت لوم " المشكله سعيد كان لابس عماني وشلون بتصدق انه اخوي ..
الله ياخذك يوم تخليت عني وضيعت حياتي مع احمد بسببك ..
زفرت وقالت بصوت عالي : حبه العمى لويحبني صدق يمديه ماتزوج وسحب عليّ .
وقفت على المرايه في غرفتها قالت محاكية صورتها : مالت عليّ انا ووجهي هذا اللي استفدته من النت لاحبيب بقى لي ولازوج صبر علي ولاعيال ونسوني واشغلوني بهالفراغ اللي يقتل ..
تذكرت اول معرفتها بالنت وعالمه ..
ايام كانت تشكي الطفش والملل في الغربه واحمد يغيب اكثر من نص النهار واذا رجع يرجع منهك وتعبان ومن كثر شكاويها من الطفش والملل اشترى لها لاب توب وعرفها على الانترنت والمنتديات ..
تدكرت يوم دخلت شات وهي ماتفقه فيه الا كتابة اسمها ..
واول من تلقفها سعيد اللي من عرف انها ساكنه في عمان وهو مهتم فيها وكأنها ملكة الشات الين تطورت علاقتهم لحب ووصلت للمسنجر ثم التلفون ثم المواعيد في كوفي شوب ومطاعم ..
بس في النهاية طلع سعيد خاين بنظرها وأناني مافكر الا بنفسه ..
رجعت لغرفة اخوها ودقت عليه الباب بعصبيه وكأنها تبحث عن مخرج من الواقع لعالم خيالي آخر عاشت فيها سنين طويله اكثر من واقعها وكان يبعث لها سعادة وهمية ومؤقته ..
: محمد قوم ابي النت ..!
: انا مشغول .. تعالي بعد ساعتين .
: اقول لك ابيه الحين .. انت ماتفهم ..
وقف اخوها بملل قال : اطلعي برا .. موب تهاوشين مع احمد وتعودين عليّ .. مسكها من يدها وطلعها وسكر الباب . ورجع لجهازه ..!
***
رجع احمد من المزرعه والبندق ( البندقية ) على كتفه .. وفي يده طيور صغيره صادها لشهد وكهواية حب يمارسها ..!
اول ماشافته شهد جات تجري عنده واخذت الطيور قالت : خالي صدق انت بتتزوج وحده ثانية غير ليلى العله ..
وقف احمد وطالعها قال : انتي ماتحبين ليلى ..؟
: لاااااا وعععععععع منها اصلاً هي ماتستحي ..
عقد حواجبه قال : وشلون ماتستحي ..؟
: جوالها هذاك اللي كسرتي امي في حاجات وسخه .
عض على شفته قال : وش الحاجات علميني ..
زمت شفايفها حتى ماتضحك وفتحت عيونها قالت : لأ عيييب .. امي قالت عيب .
هز راسه قال : ودري الطيور للشغاله تنظفها وتشويها ..!
شافته فوزية بوجه كئيب وحزين ومتضايق ونسبت ضيقه لامها اللي اصدرت قرار بانه معرس معرس والله لايعوق بشر ولاَّ زعلها اللي مايقدر عليه ..
رفع البندق فوق مكتبة التلفزيون الكبيرة واللي تتوسط الصاله ورجع للمغسلة ..
وقفت فوزية عنده وهو يغسل .. قالت بضحكه : ياعريس ترى عماد كلمني يقول انه بكرة جاي .. ويقول لك تروح تسوي الفحص لأن ابوه كلمه يقول بكرة بيودي البنت تسويه ..
غسل احمد وجهه بقوة وهو يقول : ولد اختس هذا مهب صاحي .. يبي يمشي العالم على كيفه .. وامي ماصدقت خبر ..
قالت فوزية وهي تضحك اكثر : حسبي الله على ابليس فهيدان الظالم يقول نبي نلحق ونجوز جدتي ولا تراها ماخلت احد من اهل الديرة ماجوزته .
ماتغير من ملامحه شي وقال بصرامه : الحين انا شاكي لهم يوم يقولون نبيك ترتاح ...
قاطعته فوزية : لاوالله ..؟ تضحك عليّ انت .. يعني حنا مانعرفك متى تصير مرتاح ومتى تصير متضايق .. كملت بلهجة تحذيريه وحاده : احمد اصحى لنفسك وحياتك ولاتخلي ليلى تضيعك اكثر .. على فكرة تراها دقت عليّ اليوم وماعطيتها وجه ..
مسح احمد وجهه ويدينه بمناديل قال : وانتي ليش تردين عليها من الاساس .
: ماعرفت رقمها الجديد .. بس تكفى يااحمد انا اعرف مها اخت عماد والبنات منال وحنان يعرفونها .. حتى حنان يوم درت طارت من الفرح قالت هذي هي اللي تناسب عمي .
: كل الحريم صنفهن واحد ..
ردت فوزية باندفاع : كل الحريم مثل بعض يااحمد ..؟ اجل مها المصليه الصوامه مثل ليلى اللي ماتركعها ..؟
التفت عليها بذهول اكثر منه استغراب قال : وش دراتس انها ماتصلي ..؟
ردت فوزية بندم وهي تقول : استغفر الله العظيم .. ياخي كل ماقلنا لها صلي قالت صليت ولا شوي اصلي ومن يوم جتنا لين راحت ماشفناها تصلي .
رجع بذاكرته ..
صحيح ماقد شافها تصلي ..
اصلاً ماعرف لها سجاده ولاشرشف صلاة مثل سجادة امه وشرشف صلاتها ..!
ولا قد سمعها تقول بروح اصلي مثل ماتقوله شادن عند كل فرض .. نفض راسه ورجع يطالع في فوزية بإمعان قال : وش بعد ..؟
ردت فوزية بسخريه ممزوجه بخيبة : وش بعد ..؟ ماخفي كان اعظم على قولة شادن .. بس الله يحب الستر .
صك على اسنانه قال بحده وقلة صبر : فوزية وش بعد من بلاوي ليلى .
تنهدت فوزية وهي تشوف اخوها يحترق بسوء فعايلها قالت : ماادري هذا اللي عرفته عنها بس شادن قالت لي ان هذي اهون من الباقي وعيّت وحلفت انها لتستر عليها ولاتعلم عنها .
: وش سالفة الجوال اللي تقوله شهد ..
عقد فوزية حواجبها قالت : تكفى احمد طلبتك فكني من الموضوع هذا بالذات تراني مريضه منه للحين ..
هز راسه بعد مافهم السالفه و عدى من عندها .. راح لامه اللي تسمع لسورة البقرة بإصغاء وتحاول تردد بعض آياتها لعل وعسى انها تحفظ منها شيء وتتقن كلماتها ولو كان بمشقه ..
اخذ جواله بدون كلام واعطاهم ظهره خارج من البيت وبراكين الغضب في جوفه ثايره ..
***
ليلة زواج مشاري ..!
رغم الفرح والزغاريد الا انها تحس هالة من الحزن والكآبة تحيط بها ومو قادرة على التجرد منها ..!
وفي القاعه الكبيرة الفخمة بإضائتها الخافته وألوانها الغريبة ..!
واقفه بفستانها النمري القصير وجزمتها الطويلة اللي تغطي سيقانها بأناقتها البسيطه ومكياجها الهادي واكسسواراتها الناعمه وشعرها المنسدل بحريه على اكتافها ..
وبجنبها سارة بفستانها الأحمر الحرير .. واللي يطوقه من عند اكتافها وحلقها خيوط ذهبيه .. وشعرها مرفوع بحركة ناعمه وبعض الخصل نازلة بلونها الذهبي الممزوج بالثلجي ..
طالعت شادن في سارة وهي مقطبه وباين انها تتألم لأنها نست نفسها وطولت الوقفه على رجلها قالت لها باهتمام : سارة روحي اجلسي مايصير توقفين على رجلك كذا ترى ..
مشت سارة بتعب لحد ماوصلت طاولة عليها قهوة وشاهي وانواع مشكله من حلا القهوة ومعجنات منوعه ..
وجلست عليها وهي مقطبه وجهها من التعب قالت لشادن اللي قابلت لها : ياااااربي خلاااص مافيني اوقف .. تعبت اليوم بما فيه الكفاية .. احسني يبغى لي شهر راحه .
ابتسمت شادن وهزت راسها وهي تصب لها فنجال قهوة وتمده عليها قالت : اللي يسمعك يقول للحين مو مصدقه ان زواجها بعد اسبوعين ووراها شغل وكرف في السوق .
تنفست سارة بضيق قالت : بالله تسكتين لاتذكريني .
رشفت سارة من فنجال قهوتها على قطعة الشكولاته اللي اكلتها وطالعت في شادن اللي سرحت لعالم بعيد ونظرة الحزن واضحه في عيونها قالت سارة بصوت رقيق ودافي : شادن ..!
ردت الثانية بـ : هلا ..
: وش الوضع ..؟ ليه هالحزن والكآبة ..؟ من عماد ..؟
ماتدري منه ولا عليه ولا منها هي ومن تخليها عنه حتى وان طلب هو وفرض ..
صدت شادن عنها وطالعت على يمينها وهي تقول : شوفي بنت عمك الغبية كيف لابسه ...؟
حست سارة ان شادن تفوت الموضوع وتغيره بعلانية ..
قالت وهي تلتفت لمنى بنت عمها بفستانها القصير وقصة شعرها الغريبه اللي تشبه قصة الولد : هذي منى السخيفه ماتشوفين الكل يتحاشاها .
ردت شادن بقلة اهتمام : الله يهديها .
انتقلت نظراتهم بين الحضور ..
وحده تتأمل والثانية تنشغل عن التفكير لين بدت الطقاقه تطق وصدح صوتها وآلات الدف في القاعه ..
الاضاءة خافته على الحاضرين ومركزة بألوانها المختلفه على المساحه الواسعه المخصصه للرقص ..
والطقاقه تغني بـ من يقول اني لغيرك .. انا لك ماني لغيرك ..
انا متعلق مصيري ... ياحبيبي في مصيرك ..
مسكت دموعها واعصابها وهم الفراق اللي تتخيل عماد يقرر انه يكون ابدي في أي لحظة يعصف بقلبها ..
وشلون يفهم اني له مو لغيره وان مصيري متعلق في مصيره ..
عدى الوقت وبدا تصوير العريس مع عروسه اللي رفضت انها تنزف قدام الحريم ..
بعد زفة العرسان خارج القاعه وبعد العشا مابقى الا اهل العريس وام نايف وشادن كونهم اهل وجيران ..
دق جوال شادن وشافت عماد المتصل ...
خفق قلبها بقوة وردت بغصة : هلا عماد .
: هلا بك ياشادن .. اطلعي انتي وعمتي انا انتظركم برا .
: ليه نايف وين ..؟
: نايف راح مع الشباب اللي يزفون مشاري للفندق .
: اوكي خلاص ثواني وطالعين .
قفلت منه ولبست عبايتها بعد ماقالت لامها ان عماد ينتظرهم وطلعوا له ..
طول الطريق يسولف مع عمته وهي ساكته ..
كان صوته وكلامه وشكله يشرخ قلبها وينزفه ..
التفت عليها وهي جالسه بجنبه بعد ماحلفت امها انها ماتركب قدام مد يده وشبك اصابعه في اصابعها وضغط عليها بدون كلام ..
غمضت عيونها واخذت نفس عميق حسته وصل لقاع بطنها وحرارة يده تتسلل لباقي جسدها ..!
وصلوا للبيت ونزلت ام نايف بسرعه وهي تشكره وتترجاه ينزل ينام عندهم بدال مشوار شقته البعيد ..
رفض سالفة النوم لكنه قال في الأخير : اذا شادن بتزين لي براد شاهي نزلت تقهويت ومشيت .
قالت بدون تردد : انزل تقهوى وبحضر لك شي تاكله اكيد ماتعشيت .
همس لها : اجل بتعشى انا وياك .
سكتت وهي تشوف امها تدخل البيت قبلهم ..
وفتحت الباب وهي تقول : انزل الله يحييك .
طفى محرك السيارة ودخل وراها وتوجه لقسم الرجال ..
ثواني وكان باب المجلس مفتوح له وشادن و راه بعبايتها وطرحتها ..
التقت عيونه بعيونها المكحله بكثافه ومنثور عليها شادو بلونين عسلي وبني واضاءة من تحت حواجبها معطيتها رونق وجاذبية ..
عيونها دايماً هي نقطة ضعفهسواء كحلتها ولا تركتها بدون كحل ...
صد عنها بمحاولة للهروب وراح بسرعه وفتح التكييف ..
قالت قبل ماتطلع : ارتاح بجيب لك العشا والشاهي ..
قال : تعالي لاتصدقين سالفة الشاهي والعشا .. انا دخلت ابي اجلس معك شوي ..
حست بأطرافها تفتر وهي تتخيل انه ناوي يبت في موضوعهم وينهيه ..
هزت راسها بلا .. قالت بصوت مخنوق : اذا بتقول شي عن المواضيع اللي مااحبها الله يخليك مو وقتها .
ابتسم رغم ان كلامها سكاكين تخترق قلبه قال : انتي تعالي اجلسي ووريني فستانك اللي حضرتي به .. بعدين ليه ماذكرتيني انزلك اليوم للسوق ولا اجيب لك فستان على ذوقي .. ولاذوقي مايعجبك ..؟
عماد تكفى لاتذبحني ..
انا موحمل اوجاع وجروح ..!
لاتخليني اعيش حلم ثم تصدمني بواقع ..
وقف وهو يشوفها عاقده حواجبها وتطالع فيه وكأنها شارده ..
قال : انا ابي اعرف بس وشو له كل هالزعل ..
سحب طرحتها من فوق راسها وسحب العبايه وهي تحاول تشدها وتبتسم ..
اناقتها وجمالها وهدوءها وبساطتها كلها تسحره ..
ليه دخل من الاساس وهو يدري انها راح تغريه ..
مشتاق ..؟ ولا مشتهي بس يشوفها وهي راجعة بكامل زينتها ..!
حطت يدينها على صدرها واكتافها العاريه وهي تقول بعتب : عماد هات العباية ..
لف العباية على الطرحه ورماها في آخر المجلس قال : ياحظك ياعماد وكل هالزين لك ..
اكتسى وجهها بحمرة خجل وقهر من تصرفه اللي خافت من انعكاسه عليهم ..
مسك يدها وضم عليها وهو يقول : شادن انتي متشائمة .. ماعندك امل ..؟
رفعت راسها وامتلت عيونها دموع قالت : الا عندي امل واملي بالله كبير .. اصلاً احنا نقدر نعيش حياتنا عادي بعد التطعيمات .. اختنقت اكثر وهزت راسها دلالة الخوف والرفض ودموعها تنزل على خدودها : انا خايفه منك ياعماد ... خايفه تتهور وتجني عليّ .
ماعنده تعابير .. ولا رد الا ضمها على صدره ..
تمتم بكلام من بين تنهيداته : احد يقدر يجني على روحه ولا يضرها .. شادن انتي الروح اللي اعيش بها .. انا اعيش عشانك انتي ليش ماتفهمين .
رفعها من فوق صدره ولثمها بجنون على وجهها متحاشي شفايفها حتى مايؤذيها بنقل الفايروس ..
: انتي ماتدرين اني اشتاق لك وانتي معي ..
قاله وانتبه لها تنتفض وتبكي ..
رجع ضمها على صدره دقايق طويله صامته ..
اخيراً قال : عارف اني مخطي ياشادن بس اشوا انا مو في بيتنا ..
ضمها اكثر وكمل : تدرين يوم ناديتك في غرفتي تقرين علي ليه ..؟
ماردت عليه واستطرد : كله عشان اذكر نفسي اني مريض ومايجوز اقرب منك .. هنا بعد اذا قربت اذكر نفسي اني عند ناس ويمكن امك و لانايف يدخلون علينا ..
همست : عماد انا حلالك .. وراضيه باللي ربي يكتبه و...
قاطعها بانفعال وهو يبعدها عن صدره : لاتخليني اندم ياشادن اني قلت لك اللي في خاطري .. الله لايقول اني اقرب منك وهذي حالتي .. شد على ذقنها بسببابته وإبهامه قال : تحسبين صحتك مو غاليه عندي ..
عقدت حواجبها بقهر على حاله قالت بعيون غرقانه بدموعها : عماد ابغى منك طلب .
اشر على عيونه قال بصوت محب وحنون : لو تبينهم .
ابتسمت من بين الدمع : تسلم لي هي وصاحبها .. الله يخليك عماد لاتجيب طاري المرض .. حتى انت انساه لاتفكر فيه .
ابتسم بخيبه ورفع يدها وباسها وضرب عليها بخفه .. قال : الله كريم ياشادن ..
اهمل يدها وتحسس جيوبه قال : انا لازم امشي .. وانتي انتبهي لنفسك ولااسمع ا نك زعلانه ولا تعبانه ثم ازعل منك ... على فكره .
قالت بابتسامة رضى : شو ..؟
: احمد وافق على العرس .. بنسوي عرسه مع عرس فهد يعني شي مختصر وكل واحد ياخذ حرمته ويفكونا من قلقهم .
: الله يوفقهم ..
: اللهم آمين ويوفقني انا وحرمتي .. قولي آمين .
ردت بخجل : آمين .
: يالله تبين شي تامرين على شي ... ناقصك فلوس .
: لا ماابغى الا سلامتك وتجينا باستمرار .
هز راسه وهو ينزل عقاله ويعيد ترتيب شماغه من جديد ..
طلع مع الباب والتفت عليها قال : شادن .
: هلا .
اشر على صدر ثوبه قال : الحين وشلون اوديه للمغسله .. بيفضحني الهندي ويقول نسونجي .
عضت على شفتها وهي تشوف اثر كحلها وروجها على صدره قالت : بسيطه جيبه بكرة معاك انا اغسله .
ضحك قال : صلي ركعتين قبل تنامين وادعي ان الله يطول في عمري واشوف عيالنا .
هزت راسها بإن شاء الله والقلق يدب في قلبها ويشل الكلام ويسكته ..!
وكأنه شال خوفها من فراقها له وحط مكانها خوفها عليه وعلى صحته ..!
***
ثلاثه ايام مرت من بعد زواج مشاري..!
بعد ماحول المهر (50 الف ) على حساب ابو مشاري واستأجر الشقه المفروشه كحل مؤقت الين يكمل تأثيث الشقه اللي اختارها بعنايه للاستقرار فيها ..
لازال فكره مشغول ببقية التجهيزات ..!
جلس مقابل لعماد وخالد اخوه ..
وعماد يسولف مع خالد ويعامله كأنه رجال كبير ..
قال خالد : انا ابي دكتوراه ومااتخيل نفسي الادكتور اسنان ..
رد عليه عماد : ممتاااز جداً .. بس الدكتوراه تبي لها واحد يشد حيله من الآن مو يقول اذا وصلت ثالث اشد حيلي .
عدل خالد جلسته قال : تصدق ياابومشعل اني لو اشد حيلي يمديني جبت الدرجات كامله في كل المواد واني ادخل الاختبار احيانا على شرح المدرس لنا في الحصة واجيب درجات زينه بس موب ممتاز .
قال عماد باهتمام : ياخي وش يردك لاتذاكر طالما انت ذكي وتقدر تكون مستقبلك بدون مشقه .
رد عليه خالد بأسف : ماعندي احد يشجعني .. ان جبت درجة زينه محد درى عني وان نزلت درجاتي تذكروني بالتهزيء والهواش ..
التفت لفهد قال : حتى فهد كل ماقلت له اني ابي ادخل علمي قال : علمي مايصلح الا لمنال وحنان وانت ادخل ادبي ويخب عليك .
طالع عماد في فهد بلوم .. وتمدد فهد على ظهره بكسل قال : العلمي يبي له رجال يشد حيله موب واحد مايفتح كتبه من يوم يجي من المدرسه لين يروح اليوم الثاني .. الادبي كلن ينجح فيه ..
وقف عماد وهو يقول : لك عليّ ياخالد ان نجحت هالسنة بتفوق اني لاشتري لك سيارة .
فز خالد من مكانه ولحق عماد قال : صدق والله ...؟
: اجل اكذب عليك .. المهم انا بروح مواعد لي رجال وانت ابيك الرجال اللي اعرفه موب مثل علي وممدوح وطقتهم راعين الدخان والسهر والله اعلم ببلاويهم الثانيه .
تغير وجه خالد ونزل نظره للارض قال عماد : انا ماابي اقول لك الكلام هذا عشان احرجك .. اعلمك بالكلام اللي لازم تسمعه .. انت رجال وغير عنهم ابوك رجال صالح واهلك صالحين وانت انسان ذكي وصالح لازم تفكر باهلك ومستقبلك وتختار اصحابك اللي يساعدونك على النجاح موب الفشل ..!
التفت خالد لفهد اللي حط جواله على اذنه ورد على مشاري قال لعماد بحماس : وعد مني اصير مثل ماتبون بس تشتري لي السيارة .
: وانا وعد مني اشتري لك السيارة اللي تبيها متى ماشفت خالي وامك راضين عنك وشفتك متفوق ..
دخل عماد لغرفته وفهد يتكلم بصوت عالي : انا ماشي الحين للبيت انت لاتشيل هم .. يالله مع السلامه ولاتحجز لين ادق عليك .
طلع عماد من غرفته وهو يقول : هذا من اللي يكلمك ..؟
لبس فهد ثوبه قال : مشاري يقول ان ابوه تعب عليهم وكلموه اهله ماعندهم احد .. حتى نايف في مكه مودي اهله ياخذون عمره ..
اخذ شماغه في يده وجواله ومحفظته ومفاتيحه وكمل وهو يروح للباب : خالد اجلس لاتحرك من الشقه لين ارجع لك .
رد عماد : خالد بيروح معي بس انت خلك مع عمك وطمنا عليه .
طلع فهد وركب سيارته وبسرعته القصوى ساقها متوجه لبيت ابو مشاري وهو يحاول يدق على رقم بيتهم اللي اخذه من مشاري ..!
قراةٌ ممتعة ارجوها لكم ...
مع حبي وخالص اعتذراي ان بدر مني تقصير