فصلٌ ثالث عشر
منتدى ليلاس
~~ تـــعـب قــلبـي ودمعي قرح جفوني ~~
صبحٌ جديد ..
متخمٌ بالشجن ..
مشبعٌ بالأسى ..
اللهفة تقودهما بلا شعور ..
هي تكتظ بؤساً وشقاء ..
وهو يمتليء كله اسئلة خوف ..
كل الأسئلة ذبلت وتساقطت وهو يشوفها تشهق وترتجف ..
سمع نوير تتمتم بحرج : تعبت في المدرسة وجبتها .
استحت نوير من وجودها بينهم وانحرجت اكثر وهي تشوفه يناظر في شادن بخوف وقلق ومستحي يتقدم ..
نزلت اغراض شادن على الأرض ورجعت بسرعه .
مد يده عليها ومسكها بساعدها وهو يدخلها ويسألها : تقدرين تمشين ..؟ وش تحسين به ..؟ وش صار لك ..؟
مادرت عليه وكانت شهقاتها خير معبر وجواب للي تحس فيه ..
قال بلهفه وهو يشد على ساعدها الصغير على قبضته بقوة : شادن ردي عليّ .. تبين دكتور .. ؟
هزت راسها بلا وهي تحاول تكبت نشيجها تحت غطاها اللي ماشالته من وجهها ..
قال حتى يهديها : زين زين تعالي ارتاحي .
دخل ونادى على الشغاله بصوت عالي : لسلي بسرعه روحي جيبي اغراض المدام من برا .
مافلتها من يدها وهي تطلع معاه لحد مادخلت الغرفه ..
سحب غطاها وهو يقول بدون ماينتبه للي تحت الغطا : تعالي ارتاحي وعلميني وش فيك بالضبط ..
تجمد الكلام على شفاهه وهو يطالع في وجهها ..
وفترت كل عضلات جسمه وتخدرت ملامحه ..
وش صاير ..؟
اكيد انها عرفت بموضوع زميلاتها وصديقتها ..
الله يعين لابد اوديها ..
تذكر نوف وحركاتها وتمردها في الايام الأخيرة
لاتكون بنت لافي قايلة لها شي ولا مزعلتها ثم العن خيّرها ..
تبي تحدني على اذيتها وابوها المسكين مايستاهل ..
كل هذا دار في مخيلته خلال ثواني ..
طالع في وجهها من جديد وهي تمسح الدموع بيدينها وشهقاتها متعاقبة ومتواصله ..
مسح على شعرها قال ببرود : ادخلي غسلي وجهك .
فتحت طرحتها وعباتها وهي تطالع في وجهه المخطوف لونه من اثر تعب امس ..
عيونه ذبلانه رغم الخوف اللي تأجج فيها والقلق اللي بان على نظرتها ..
ابتسم نصف ابتسامه من نظراتها فيه قال : شادن وش اللي صار ؟.
ارتجفت شفايفها وهي ضايعه وخايفه ومتردده ..
أي طريق تسلكه معاه ..
وأي كلام تقوله ..
انا كشفت سرك ..؟
ولاَّ تراني عرفت علتك ..؟
وماعاد فيه امل انك تخبي وتخفي ..
ركزت بنظراتها في عيونه اللي تاكلها بقلق وخوف وعدم فهم اللي يصير ..
تمتمت وهي ترتجف : عماااد .. عماااد .. عماااد .. انا .. وانخرطت في بكاء مرير ..
حطت يدينها على وجهها وضمت عليه بقوة وهي تنتحب وهو في هاله من الذهول يحاصره ويحيطه ..
فتح يدينه ولمها كلها على صدره ..
وهمس لها بحنان وخوف : خلاص هدي نفسك .. تعالي غسلي وجهك ..
وعلميني بكل شي صاير لك يا .. ..
بتر كلمته وسكت لثواني وكمل : عجلي يالله لاتخليني اقلق عليك اكثر .
دفنت وجهها في صدره لأول مرة برغبتها وبجنونها وحبها وحنانها وخوفها عليه وشوقها له ..
استنشقت ريحة جسمه اللي امتزجت مع ريحة عطره العود المعتق وتغلغلت لروحها وقلبها قبل انفها ..
رفع راسها وشاف دموعها مختلطه بكحلها ..
تذكر ليلة زواجها ..
ومناحتها ،
ودموعها ،
وكحلها اللي احالته الدموع لسيل اسود يجري على خدودها ..
لثم جبينها مرات كثيرة ودفن وجهها بصدره وهو يستجديها انها تهدي حالها ويكرر : خلاص يابنت الحلال .. وشو له كل هذا .. خلاص هدي نفسك .
رفع راسها وكمل : شادن طالعي فيني .. علميني وش فيك ..
ماكان منها جواب و مشاها لحد ماوصلت الحمام قال بحنان الاخو والابو وولد العمه والزوج التايه الخايف والضايع : ادخلي معي وغسلي و جهك يالله .
دخلت منصاعه لامره وملبيه لكل رغباته وكل مافيها ينبض بـ " أبشر ولبيه واللي تامر فيه .. "
غسلت وجهها بالمويه البارده وهو بجنبها قالت وهي تشهق : خلاص .. خلاص .. خلاص الحين هادية بس خلني اغسل زين .
هز راسه اللي فيه مليون سؤال وكل خوفه ان نوف جرحتها بشي ولا تعرضت لها وقهرتها وهو يطلع من الحمام ..
جلس على السرير ينتظرها وراسه بين يدينه يفكر ويتخيل ويتوقع ويهدد ويتوعد ..
رفعه بعد دقايق وهي خارجه من الحمام بعد ماغسلت وجهها وفي يدها منديل تجففه فيه ..
وأشر على السرير بجنبه بمحاولة جاهدة منه انه يمنع نفسه لايقوم ويحضنها لين يشفي صدره واللي بداخله قال بهدوء : تعالي هنا .
فتحت شباصتها بقلق وتوتر وانسدل شعرها الناعم اللي تجاوز اكتافها باهمال ..
وجلست قريب منه
الحيا وعدم التعود يمنعها ..
وخوفها عليه وحبها له اللي اكتشفت جنونه اليوم يقربها منه ..
دارت في راسها اكثر من فكرة تعتذر فيها عن بكاها لحد ماتلاقي طريقه تواجهه فيها ..
أخيراً رست على فكرة عل وعسى انها تقنعه وهي تسمعه يقول : تعبانه تبين الشغالة تسوي لك قرفه مدري وش اللي كنتي تشربينه .
ابتسمت وهي مخنوقه ودموعها تملى محاجرها ..
قالت بحنان وهي تتأمل جبينه وعيونه : لا مايحتاج . انا آسفه اني ازعجتك وانت تعبان ..!
تنهد بقلة صبر وضم جفونه على عيونه بقوة وفتحها قال : وش اللي صار . ؟
اخذت شادن منديل ومسحت عيونها وخشمها قالت : ولا شي بس وحدة من زميلاتي كلمت امي ..
طالع في عيونها ينتظر سيرة الحادث قال : ايوه وبعدين .!!
: تقول انها مشتاقة لي واني طولت عليها ..
رد بعفوية وصدق : وهي صادقه والله .. طولتي بالحييل عليها لكن هانت خلاص اليوم نمشي لها .
رفعت نظرها لعماد وتجمع الدمع بعيونها وهي تتذكر كلام عزة البعيد عن امها وسيرتها وارتجفت شفتها وهي على حافة الانهيار من جديد قالت : مافيني اتحمل .
لف يدينه عليها بسرعه وكأنه يقول " تعالي احضنك بدالها واعوضك عنها "
ضمها على صدره وهو يردد : وبس هذا اللي صبحك ونكد عليك .. وبس هذا اللي نزل هالدموع .. انفاسه الحارة تلهف وجهها ويدينه تحيطها ..
وصدره يلمها ..
وكله يحاصرها ..
وهي كتلة الوجع والقهر منسجمة على المساحة العريضه اللي احتوتها بكل امان وحنان ..
شافها مرتاحة وكأنها تلوذ به من شي وتركها على صدره دقايق وهو تداهمه احاسيس مختلفه ..
ويجتاحه شعور مجنون انه يضمها اكثر ويلمها من راسها لرجولها في حضنه ..
قال بهمس وصوت مختلف : ماتبين تقولين وش فيك ..؟
رفعت راسها قالت بتجلد وصبر واخفت وراه الضعف والكسر : خلاص قلت على اللي فيني .. مسحت سيل الدموع بيدينها وكملت بابتسامه باكيه : الحين ماعاد فيني شي .
: زين يالله البسي والحين نمشي لجده .
هزت راسها بلا ودموعها تنساب من جديد ..
قالت بصوت مبحوح من اثر البكا : مااقدر اروح الحين .
عقد حواجبه مندهش من رفضها قال : ليش ماتبين ..؟ اذا تخافين الدوام يردك ماعليك .. ماباقي عن الاختبارات شي وانا اجيب لك عذر بس قومي ..
رجعت خصلتها اللي اعتادت التمرد ورى اذنها ورجعت تتمرد من جديد قالت : مو اليوم .. انت لسه تعبان .
مسد ظهرها وهو يقول : ماعادني تعبان بس قومي والبسي .
رفعت له راسها قالت بلهجه فيها عصبيه تحاول تخفيها : الا تعبان ولازم ترتاح ..
رجعت حطت راسها على صدره وكملت بضعف : لاتضغط علي الله يخليك .
الجو مشحون بالعواطف الجياشه ..
حنان وخوف
وشعور بالانجذاب والانجراف ..
ورغبه بالاحتواء والاحتضتان ..
وخوفه ان رغبته تدفعه لها اكثر تحت تأثير العاطفه ..
بس لابد يدور على مفر ومنفذ للهروب ..
طالع في الباب وده يبعد ومشاعره ورجوله تمنعه ..
قال بعد تنهيده معبرة : انا برسل الشغاله عليك بشي تاكلينه ووقفي دموع يابنت الحلال .. ترى الدعوة مو محتاجه كل هالبكا تبين اهلك قومي اوديك .. ولا اذا فيه شي ثاني يبكيك ..
قاطعته بسرعه : لا مافيه غير اللي قلت لك .
رد بحزم ولهجه آمرة : اجل يالله قومي البسي وانا بنزل لفهد وجدتي وارجع الاقيك جاهزة ..
كانت بتتكلم وتعترض بس سكتها بحزم قال : يالله لاتجادليني .
قال جملته وهو يبعد عنها وطلع من الغرفه يدور ابعد مكان عنها يخمد شعوره تجاهها ويهجد احساسه ناحيتها .
رجع لها بعد ثواني قال بجديه وصوت جاف : انتبهي لاتنزلين ترى فهد في غرفة جدتي .
هزت راسها وهي تتبعه بنظراتها لين اختفى من امامها ..
وقامت دخلت الحمام ..
اخذت لها شور سريع ينشطها حتى تستعد لمواجهة حياتها الجديدة ..
وحتى ينعشها بعد سيل الدموع اللي سكبتها وورمت لها وجهها وعيونها ..
وحتى تاخذ راحتها في الحمام وتكمل الباقي من الدموع المخزنة وللحين مانزلت كلها .
الموضوع مو عادي ابداً ..
والحياة مو سهله ..
وعماد مو أي احد ..
وهي لابد تتصرف بعقلانيه واضعه شعوره واحساسه وحياته في الأولوية ورأس القائمة ..
أي تصرف خاطيء او تهور يمكن يزعزع حياتها بلحظة ويمكن ينهيها ..
لبست تنورة جينز سماوي وعليها بلوزة واسعه الوانها مموجه بتداخل البني والتركواز ..
جففت شعرها وهي تسترجع كل كلمة قالها وكل فعل افتعله من يوم عرفته لليوم ..
قسوته ولينه ..
جفاه وقربه ..
تجاهله لها وغزله ..
معناتها يبيها ويبي قربها والمرض هو الحاجز اللي يمنعه ويحيل بينه وبينها ..
وش الحل ..؟
تواجهه وتحط يدها على كتفه وتقول انا معك للأبد ..
ولا تسكت وتكون العون الخفي ..
غمضت عيونها وهي تلم شعرها اللي انسدل على اكتافها وتمتمت لربها انه يعينها ويساعدها على ماابتلاها لأنه هو الأقدر والأقوى والأعلم بالغيبيات وله القدرة على التحكم فيها ..
***
نزل من عند شادن لجدته وفهد اللي جاه من بدري ..
عقله مشغول وقلبه منشغل ..
قالت جدته اول ماشافت وجهه : انت وين رحت اللي دق عليك من ..؟
زم شفايفه قال : شادن رجعت من المدرسه .
فز قلب ام ناصر لهفه وخوف قالت : وش ردها هالحزة عسى ماهيب تعبانه .
جلس عندهم وعيون فهد تتأمل صدر عماد الملطخ بكحل شادن وروجها قال : والله ماادري عنها تبكي وتقول ان فيه مدرسه من زميلاتها كلمت امها وانها مشتاقة لها وطولت عليها ... زفر وكمل : الظاهر اني بوديها الحين لها .
: ليت ماعلموها عن حادث خوياتها .
ارتعب فهد من السيرة وعقد حواجبه لاشعورياً ..
وسرعان مافردها ورجعت الابتسامه متناسي وملتهي بحال عماد والآثار اللي على ثوبه ..
قال عماد وهو يجلس ويتكي وعقله ياخذ ويودي : مااعتقد .. لأنها ماجابت سيرته ومن كلام نايف انها متعلقه في صديقتها ولو درت ماقعدت دقيقه وحده .
رشف فهد من فنجاله وهو يدقق في صدر عماد عنوة وعمداً وقصد اً..
قال وهو يبتسم : والله شكل البنت مشتاقه لاهلها بس البركه فيك ياابو مشعل .
طالع عماد في المكان اللي فهد غارس عيونه فيه وهو يتكلم ..
تأمل آثارها عليه وسكت ثواني وعيونه على صدر ثوبه وخالجه شعور غريب مافسره ..
اخيراً رفع نظره لفهد وقال وعلى شفاهه ابتسامه حيَّة وبحرج : اشوفك تطالع في جيبي اذا تبي فلوس علمني لايردك شي .
اتسعت ابتسامة فهد قال : لاوالله الا ابي حنان .
ضحك عماد اللي فهم قصده قال : اقول اقلب وجهك بس . ثم يالله قوم وتوكل واسبقني للشركه .
قاطعته ام ناصر : حنان من ..؟ اختك ..؟ علامها وش بلاها ..؟
اخذ فهد شماغه ولبس طاقيته وهو يوجه كلامه لجدته ويقول : حنان مهب اختي .. حنان والله من اللي عند ابو مشعل .. الا اقول ياام ناصر الرجال ضيعته مرته ماغير مقابلها وتارك اشغاله خليها تحرره شوي ..
اخذت ام ناصر عصاها وهشت بها عليه قالت مقاطعته بلهجة حاده : انت وش تبي به هو ومرته .. ثم تراني من بكرة بروح اخطب لك من بنات لافي اشبع بحنانهن واترك عماد عنك .
فتح فهد عيونه وهو يطالع في عماد قال : وش لافي ....؟ لايكون لافي جاركم .
ردت بحده : ايه جارنا .. بخطب لك بنته المديرة دامك توظفت وتسنعت .
امتعض عماد من الطاري وفضل انه يسكت لأن الموضوع مايتعدى المزح وماحب انه يلفت النظر لرأيه وردة فعله ..
قال فهد وهو يعدل عقاله على راسه ويطالع في عماد : داخل على الله ثم عليك ياابو مشعل .. فكني من عجوزك لاتسوي فيني سواتها فيك .
ضحك عماد وهو يوقف معاه : موب قبل شوي تبي حنان .. هذا هو الحنان جاك يمشي برجوله .
كشر فهد بوجهه قال : تراني في وجهك ياعماد فكني منها ..اخاف اجي من جده والاقي هالعجوز قاضيةٍ من الملكة والعرس وجايبةٍ الحرمة في بيت ابوي . .
ضحك عماد منه وابتسمت ام ناصر من اسلوب فهد اللي بدا يرجع لطبعه ولو ان فيه حزن واضح وتغيير كبير ..
تكلم عماد وهو معقد حواجبه ويحاول يخفي الضحكه : استح على وجهك وقدر الاكبر منك لاتخليني ازوجك انا وغصب عنك ..
: عز الله بغيتك عون لقيتك فرعون .. الا اقول ماعلمتني وش وظيفتي .
قال عماد : انت متى بتمشي لجده ؟
: الحين بمشي .. تنهد وكمل : الديرة ماتنطاق من بعد اللي راح الله يرحمه .
ربت عماد على كتف فهد قال محاول تغيير السيرة وعدم الخوض فيها : توكل على الله وقابل فايز وانا اكلمه لك قبل اجيكم .. طالع في ساعته وكمل : انا بطلع البس واودي الحرمه اهلها .
تكلمت ام ناصر : ايه ياوليدي ارحم حالها تراها ابطت على امها .
قال فهد : يالله يالله .. اشوفكم على خير . انتظرك ياابو مشعل اليوم في جده .
هز عماد راسه لفهد وهو يقول : الله يستر عليك .. انتبه لاتسرع على سيارة نايف ..
رد فهد وهو يمشي متوجه للبوابه : مانيب راعي سرعه يالله سلام .
صك الباب وراه والتفت عماد لجدته اللي قالت : ياوليدي ياعماد مرتك ضعيفه شوف وش ينقصها ولاتخليها تحتاج شي وهي عندك .
: الله كريم يالغاليه .. انتي بس لاتفكرين باحد ولاتشيلين هم احد .
: ان ماشلت همك انت وبنية خالد الله يرحمه وش ابي بعمري .
مال عليها وسلم على راسها قال : والله ماقد ارتحت ليا ابعدت عنتس الا وشادن عندتس .. وهالمرة ان اخذتها ماادري وشلون ارتاح هناك .
: تعوذ من ابليس وانا جدتك .. واخذ مرتك ومشها واقعد معها عند اهلها وانا معي ربي متعودة من خلقتي على بيتي وعيالي مايبطون عليّ وهذي فوزية عندي كل يوم .
: زين يالله انا بطلع ابدل ملابسي ونمشي بدري قبل الجو يحتر .
طلع مع الدرج وهي تلهج بالدعوات الطيبة اللي اعتاد عليها وتعودت انها تدعيها له ..
***
في مستشفى فقيه بجده ..
تسلل صوت ام نايف اللي حلفت انها تبات مع سارة في المستشفى لسمعها وهي تقرأ عليها وتنفث بالمعوذات وآية الكرسي واللهم رب الناس مذهب الباس اشفها انت الشافي لاشفاء الا شفاؤك .. شفاءٌ لايغادره سقماً ..
رجع لها الشريط المؤلم زي كل مرة لمن تصحى بعد ساعات المنوم والمسكن ..
تذكرت لمن فزت من نومها مفزوعه على صراخ اميرة .. ونورة .. وتشهد فاطمه والجيمس يتقلب بعد مافقد ابو سعد السيطرة عليه ..!
والارتطام الأخير بعد مارماها من الباب اللي انفتح فجأة ..
وفقدانها لاصوات البنات ..!
تردد في سمعها صوت ساميه وهي تصرخ وتنادي اهلها وزوجها .. وتردد بنموت خلاااص ..
تذكرت آخر جملة لأميرة وهي تتشهد وتمتم بعيالي عيالي ..
وفجر قلبها وعقلها وسمعها صوت فاطمه باطمئنان وهي تتشهد خارج الجيمس اللي رماها وارتطمت على راسها وسيل الدم ينساب من اذنها الى ان فاضت الروح ..
انتبهت ام نايف لدموعها اللي بللت خدودها ..
واخذت منديل وقربت منها وهي تمسح دموعها وتقول : سارة حبيبتي ترى انتي بخير ماعندك الا كسور خفيفه وكلها ايام وتطلعين من المستشفى .
شهقت من دون ماتتكلم او تفتح عيونها ..
وهمست ام نايف : الحمد لله على السلامه .. ويالله احمدي ربي واشكريه على الصحة والسلامه .
هروبها كان صمت وغطا عيون ..
وأفكارها وقلبها مدفون في غبار الحادث وبين صراخ البنات وتأوهات ابو سعد اللي ماطالت ..
حاولت ام نايف تبعدها عن التفكير اللي واثقه انه في زميلاتها وحادثهن ومسحت على راسها قالت : امك وابوك ومشاري كلهم كانوا هنا ... وترى تلفوناتنا مافصلت كل الناس يسألون عنك ومهتمين فيك ويدعون لك بالسلامه .
حست بالألم يسري بيدها المكسورة ثلاثه كسور ومجبسة من الكتف للكف ..
وتأوهت من العمق بصمت وهي مكشرة ..!
قالت ام نايف : تبغين شي ياسارة ..؟ قولي لي وانا اسويه لك ..!
دخلت امها الغرفه وبعد ماسلمت وسألت عن حال سارة .. طمنتها ام نايف انها اليوم احسن وقامت طلعت من الغرفه احتراما لابو مشاري اللي بيدخل يتطمن على بنته بنفس الوقت بترجع لبيتها بما ان مهمتها انتهت بوجود ام سارة مع بنتها ..!
دخل ابوها وتهلل وجهه وهو يشوف سارة معقده حواجبها وتتألم دلالة على انها صاحية وتحس
سلم على جبينها قال : ماشاء الله تبارك الله ... لا اليوم دلوعة ابوها طيبة ..
قرب من اذنها وهمس : الحمد لله اللي طمن قلبي عليك .. يالله شدي حيلك عشان ترجعين معانا للبيت بسرعه .
ماتحرك منها شي لأن كل هالكلمات المشجعه تسمعها كل يوم بس ماأثرت فيها مع هول مصابها وعظم فجعتها ..
شدت امها على يدها وهي تقول : سارة ياحبيبة امها والله قطعتي قلبي عليك اسمعيني وشوفي حالي تراني ماعدت انام زي المسلمين وحالك هذا .
مرت الكلمات من عندها عبثاً وهباء ..
الاحساس مفقود الا بعاصفة الحادث الهوجاء ..
والألم اللي يشتد بباطن قلبها وجسدها .
وكل الشعور ميت الا من الوجع ..
ربت مشاري على كتفها وهو يقول : خلاص ياسويره هانت كلها كم يوم وتخرجين من المستشفى لاتزودين الدلع ترى اشتقنا لك ..
تنهدت بقوة وبقلبها " وين اخرج وكيف اخرج وليه اخرج وبأي حال يامشاري تبغاني اخرج "
دخلت عليها الممرضه وحقنتها بمسكن ومنوم ادخلها في نوم عميق من جديد .. وابعدها عن الواقع لساعات ..
واضطر ابوها انه يرجع لشغله بصحبة مشاري ..
اما امها فجلست على الكرسي مكان ام نايف وشغلت المسجل الصغير اللي جابته على صوت الشيخ سعود الشريم لعله يهدي نفسها ويريحها ويصبرها ..
***
بعد ماوصل الشركه وعرفه فايز على الموظفين ومكتبه الخاص .
جلس على الكرسي الدوار اللي مااعتاده ولا تعود عليه ..
الشغل وجوه وروتينه شي غريب عليه بس لابد يسلك حياة جديده ..
كل شي وله نهاية ..
والونس والمرح وحياة المزاجية انتهت من يوم مانتهى سعود وفنت معاه ..
بدأت حياة الجدية ..
والهروب من التفكير في اللي راح لابد منه حتى يقدر يكمل باقي حياته انسان طبيعي ..
لأنه لو بقى يفكر في سعود فلامحاله راح يصيبه الجنون .
اليوم كأي اول يوم دوام .
مافيه شغل ولا كلفه فايز بأي شي غير انه يتعرف على المكان واهله . .
دخل عليه الفراش ببيالة شاهي وهو يرحب فيه من اول ماعرف انه يقرب لرئيس الشركه ..
: حياك الله ياولدي .. ياريحة الرجال الطيب .
ابتسم له فهد وهو ياخذ بيالة الشاهي من الصينية ويقول : الله يسلمك ياعم ...
قاطعه : عمك سعيد . وابو عماد ..عندي ست بنات وولد عمره سنتين سميته على اسم الغالي رئيس الشركه وصاروا الناس ينادوني بأبو عماد ..
هز راسه وهو يقول : الله يسلمك ياعم سعيد ... اجل سميت على اسم ابو مشعل .
: ايه والله ياولدي يستاهل من يسمي عليه .. عارف اش كانت هديته لولدي .
رشف فهد من الشاهي قال : وش اهداك ..؟
: بيت على قدنا انا وبناتي وسجله باسمي ..
هز راسه فهد مو مستغرب من عماد هالفعل قال : مو غريبه على ابو مشعل خيره ضافي على الجميع ..
: اي والله وانت صادق ياولدي ..
طلع الشايب وهو يدعي لعماد بصوت عالي على انه فك ضقته وفرج كربه ويسر عليه ببيت ملك بعد الإجار اللي كان كاسر ظهره ..
تبعه فهد بنظراته وهو يتذكر عماد ..
هذا عماد بكل مكان يروح له يغرس له في قلوب اهله مكان ..
ورغم انه محبوب الا انه فارض هيبته واحترامه وشخصيته على الجميع ..
رمى فهد مفتاحه على المكتب وطلع جواله ودق على نايف بياخذ اخباره ويسأله السؤال اللي اشغله من يوم الحادث لليوم ..
رد نايف : هلااااااا والله حيا الله هالصوت .
: هلا بك والله .. وشلونك ياابو خالد .
: الحمد لله بخير ماناقصني غير جيتك للبيت .
حط فهد رجله على طرف المكتب وسند بظهره على الكرسي قال : الله يسلمك ويجعلك دوم بخير .. وينك شكلك في الطريق .
: ايه والله رايح اجيب الوالده من المستشفى .
: عسى ماشر .
: ماشر ان شاء الله .. البارحة رافقت مع بنت جارنا ابو مشاري .
تنحنح فهد ونزل رجله وعدل جلسته قال : اها... صحيح وش هي اخبارها ماطلعت من المستشفى .
: لاوالله ماطلعت للحين عندها انهيار عصبي المهم تكفون شادن لاتدري عنها .
: لا اليوم عماد يقول انها للحين مادرت عنها . اجل جابوها لجده ..؟
: ايه جابها ابوها لفقيه .. المهم ترى ابومشاري موصيني اول مااشوفك ولااكلمك اقول لك انه يبيك ضروري ولازم يشوفك .
عقد فهد حواجبه قال : وش يبي ..؟
: والله ماادري بس انت قابله وشوف وش يبي ..؟
وقف فهد وهو يتفقد مفاتيحه ومحفظته قال : زين انا بعد ساعه وانا عندك في البيت ان شاء الله يمديك ترجع قبل .
: ايه خلاص هذاني عند المستشفى وربع ساعه وانا في البيت انتظرك بإذن الله .
: زين زين يالله اشوفك اجل بعد شوي .
: اوكي .. مع السلامه .
قفل من نايف وطلع من الشركه ..
وش يبي ابو مشاري . .
الله يستر لايكون في قلب الرجال شي عليّ وانا شايل بنته على ذراعي .
تذكر مكان الدم على ملابسه ..
صدره وبطنه وكتفه ..
وقشعر جسمه وهو يتذكر نظرات مشاري وهو يسأله عن الدم ..
اكيد عرفوا كيف شلتها ..
زفر وهو يزم شفايفه وبداخله رغبه لمعرفة وش يبي ابو مشاري منه يناقضها الابتعاد عنه وعن الاحراج له ولا لمشاري وابوه ..
ركب سيارته وتوجه لبيت نايف اللي يبعد عن شركة عماد قرابة الساعه الا ربع ..
***
كان الطريق طويل ..
هي اغلب وقتها ساكته او ترد عليه اذا قال اشربي ولا كلي ..
وهو اغلب وقته يرد على المكالمات اللي انهالت عليه ..
سمعت طريقته في الكلام مع الناس ..
صوته لوحده يحسسها بهيبته ..
ولهجته واسلوبه وطريقته الآمرة غالباً والمحترمه دايماً واللي محورها الى الآن عن الشغل والتجارة والاسهم .
تأملت يده السمرا وهي تمسك المقود بارتياح وانسجام ..
ساعته اللي تطوق معصمها بشياكه وفخامه ..
نظارته السوداء المناسبه لتشكيل وجهه الوسيم وتغطي عيونه ومظهرته بصورة ولا في
احلام النساء ..
مسبحته وحباتها الفضية ومطوقه بخيط ذهبي ناعم ..
محفظته الجلد الغاليه واللي نزلها بجنبه بعد ماطلع منها بطاقة فيها رقم تلفون املاه على واحد كان يكلمه ..
جواله الأنيق اللي ينتقل من اذن لاذن بحركة رجولية ساحرة ..
ومدالية مفاتيحه اللي تشبه المسبحه قطعه فضية عريضه ومطوقه بخيط ذهبي رفيع ومحفور اسمه فيها ( عماد ال .. )
وقلمه الفخم اللي لمعته تعكس اشعة الشمس وتجهر اللي يطالع فيه ..
حتى جزمته ( الله يكرمكم ) فخمه وأنيقه
كل مافيه ينضخ بالفخامه والهيبه ..
تنهدت وهي تتذكر مرضه اللي ممكن بلحظة ياخذه من الدنيا ويتركها ويترك وراه كل هاللي يحيطه ..
ممكن ياخذه وتنحرم من هالصوت والوجه والأحاسيس اللي غمرها به اليوم بالذات ..
شهقت بصوت واضح ماقدرت تكبته وهو يكلم فايز ويوصيه على فهد ..
والتفت عليها قال : فايز اكلمك انا بعد شوي مضطر اقفل .. يالله مع السلامه .
مد عليها علبة المنديل وسحبت منه واحد وهو ساكت .. ومسحت وجهها من تحت غطاها وهي تاخذ نفس عميق حس به عماد ..
اخذ قارورة الموية ومدها عليها وعينه على الطريق قال : خذي اشربي وتعوذي من ابليس .
اخذت القارورة وشربت منها شوية قالت بهمس : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
قال : انتي سامعه شي مو زين قولي لي يمكن اقتنع بسالفة البكا والدموع هذي .
عورها بطنها بقوة وهي تحس نفسها كذابه في نظره وان كذبتها مامشت عليه وخافت انه يكتشف اللي مداريته عنه ..
قالت : لا ماسمعت شي ..
: زين تبين تكلمين اهلك قبل مانوصلهم تقولين لهم انك جايتهم .
ردت بصوت مبحوح : لا مااقدر اكلمهم .
عرف انها ماتبيهم يسمعون صوتها الباكي واخذ جواله دق على بيت نايف ومالقى رد ودق على جوال نايف على طول ..
ووصله صوت نايف اللي يرحب ويهلي كالعاده اذا كلمه عماد ..
قال عماد بعد ماسأله عن حاله واخباره .. : ترانا جايين انا وشادن عندكم .. باقي لنا نص ساعه وندخل جده ان شاء الله .
: الله يحييكم وهذي الساعه المباركه .. درت عن زميلاتها ..
حط عماد تلفونه على اذنه اليسار مايبي شادن تسمع قال : لا لا . على العموم حنا شوي ونكون عندكم وناخذ اخباركم كلها ..
: انتظرك الله يحييكم ..
قفل عماد من نايف والتفت على شادن وهي تفتح شنطتها وتطلع شنطة الميك اب الصغيرة واللي دايماً تحتفظ بها في شنطة يدها قالت : عماد ممكن توقف شوية . ابغى اسوي مكياجي اكيد شكلي يخرع الحين .
ابتسم قال : شكلتس يخرع من الدموع اللي ماكفت ومدري وش سببها ..
هدى السرعه ووقف على جنب مبتعد شوي عن الطريق والسيارات اللي تلتهمه مسرعه ..
فتحت غطاها وطلعت مرايتها وهي تحاول تصد عنه حتى مايشوف شكلها اللي الباكي ومورم ..
حطت طبقة اساس خفيفه وباودر وبلاشر ونثرت شادو بلون الزهر بحركه سريعه ..
التفت عليها وهي تحط قلوس الزهري بخفة على شفايفها اللي وهجها البكا اكثر ..
وصد عنها بصعوبه ..
رجال ياعالم ..
وبكامل رجولتي ..
ومع انثى مكتمله ..
وشلون اصد بسهوله ..
وشلون امتنع وامنع نفسي ورغبتي ..
للحظات يقنعه الشيطان فيها بأن ادنِ واقترب ..
لكنه تغلب على شيطانه وهو يتذكر العواقب لأقل فعل يرتكبه معاها ..
فتح الباب بصعوبة ومقاومه وخرج من السيارة وقفله بقوته كلها ..
تنهد وهو يمسد وجهه بيدينه ورفع نظره للسماء ..
اللهم اني قد مسني الضر فاكشفه عني ..
اللهم الهمني الصبر والقوة والعزيمة ..
وساعدني على شيطاني واغلبه بقوة ايماني .
رجعت اغراضها لشنطتها وهي مخنوقه من تصرفه وهروبه وترد الدموع لاتخسرها الجهد اللي بذلته في المكياج ..
التفت لها وهي تعدل غطاها وركب السيارة قالت بسرعه : عماد فيك شي ..؟
سكت ثواني ورد ببرود : رجولي تكسرت من السيارة قلت امشي شوي على بال ماتخلصين .
حرك سيارته من جديد وهو بعالمه وهي بعالمها وكلهم يجمعهم نفس الألم ..
خلال نص ساعه من الصمت والتفكير المضني وصلوا لجده ولبيت اهلها تحديداً ..
***
في المدرسة ..
دخلت نوير على عزة اللي تشرح لصف سادس حصة انجليزي ..
قالت : عزة تعالي ابغاك لو سمحتي .
عدلت عزة نظارتها السميكه على عيونها قالت بهدوء وصوت واطي رقيق كالعاده : خير نوير فيه شي .
: وش فيها شادن .. وش قلتي لها ..؟
هزت عزة اكتافها قالت : ماقلت لها شي ..!
: متأكده .. البنت راحت من عندنا تضحك ومبسوطه واول ما كلمتك طاحت ودمعتها ماجفت .
تخربطت عزة وهي تتذكر كلمة شادن لها .. ( ماابغى احد يعرف )
قالت : ماادري اصلاً من يوم جات ووجهها مخطوف .
صرت نوير عيونها لأنها ماتحب اسلوب عزة المنغلق واللي ابداً ماتتعامل بوضوح معاهم قالت : ياربي منك محد ياخذ منك شي ...
قطعت كلامها على صوت نوف اللي وصلها وهي تقول : نوير ليه تاركه فصلتس للحين مايكفي اني سمحت لتس تطلعين مع هالمدلعه .
طالعت عزة بنوير اللي مااستغربت طريقة نوف وكلامها عن شادن ..
قالت ارجعي لفصلتس يانوير ورجاءً بلغي شادن انها تجي بكرة وتجيب لي تقرير طبي ..
قاطعتها نوير بحقد : ياقلبي شادن وديتها للبيت وبغى يموت رجلها يوم شافها تعبانه .. ابتسمت وكملت بمكر : تصدقين ياعزة انه حتى مااهتم لوجودي وبغى يشيلها من كثر الخوف عليها .. ماشاء الله ماشاء الله عسى الله لايضرهم ويستر عليهم ويكفيهم شر الحاقدين . وانتي يانوف لاتهتمين بيجيب لها تقرير واجازة اسبوع على الاقل .
آخر شي تتمنى تسمعه ..
بهت لونها وبردت اطرافها وارتعشت شفتها وهي تتخبط ماتدري وش تقول : مالي شغل تجيب تقرير يعني تجيب . هذي قرارات وزارة موب لعب .. انا مالي شغل بلغوها .
اشفقت عليها نوير من حالها اللي تدري به اكثر من غيرها قالت : يانوف مية مرة قلت لك لاتحطين راسك براس زوجة عماد .
قاطعتهم عزة وهي تطالع في ساعتها وماعجبها الكلام والنغز وطريقة كلام نوف ورد نوير
قالت : عن اذنكم وراي درس طويل والحصة ضاعت عليّ .
طالعت نوف في ساعتها قالت : عجلي انتي بعد الحقي الحصة لاتضيع عليتس واتركي شغل المحاماة عنتس .
اعطت نوير ظهرها وهي تحث خطاها للادارة مكانها اللي ممكن تلوذ به عن عيون الطالبات والمدرسات ان نزل من عينها دمعه ولا تغير شي في ملامحها لسيرة عماد وحبه لشادن ..
***
وقف قدام البيت قال بمرح : ها تعرفين البيت هذا ..
انشرح صدرها وهي تشوف البيت وسيارة نايف اللي عرفت انها مع فهد من ايام رمضان ..
قالت بعفوية : اكيد اعرفه . . ياربي قد ايش وحشني .
فتحت الباب ورجعت سكرت وهي تلف بجسمها ناحيته قالت : ليه ماتنزل ..؟
: ها ايه .. يالله .. يالله نازل .
نزلت وخرجت مفتاحها من شنطتها وفتحت البوابه الخارجيه وناداها بصوت واطي : شادن .
وقفت خطواتها السريعه لداخل البيت والتفتت عليه قالت : الحين اقول لنايف يجيك .
: تعالي تعالي .. ترى فهد قدامك لاتدخلين .
: اووه صحيح .. مسرعه يجي مو كان عندنا الصباح .
قال وهو يرجع نظارته السودا لجيبه : فهد الله يهديه ويصلحه .. زفر وقال بينه وبين نفسه : هذا اول يوم مشى وترك شغله وماقدر يصبر لنهاية الدوام .
قالت شادن : طيب بدخل انا عند امي وانت روح لقسم الرجال .
رد عليها وهو يمشي معاها ناحية قسم الحريم : انا ماني جالس بسلم على امك وامر على العيال وامشي وراي مليون شغله .
هزت راسها بقهر وقالت وهي تفتح غطاها وتدق الباب الداخلي لقسم الحريم قالت : خلني اشوف اخاف فيه احد من جيراننا عند امي .
دخلت خطوتين وشافت امها في وجهها ..
ووقف كل الكون بلحظات ..
تأجج الشوق وانهارت حصون الصبر ..
ماقدرت امها ترد دمعة اللهفه ..
وتركت لها المجال تعبر
وفتحت يدينها تضمها لقلبها قبل قفصها الصدري ..
والثانية ماقصرت رمت نفسها في حضنها وشهقاتها متواصله ..
وكل هذا على مرأى ومسمع من عماد اللي انكسر قلبه على المشهد ..
العروس رجعت تزور اهلها ..
بأي قلب وأي جسد ..
على عكس العرايس والبنات ..
اللي يرجعون بجسد غير قلب يرفل بالسعاده والهموم ..
اما هي ...!!
الجسد مثل ماهو والقلب محمل بالهموم . .
وام العروس تنتظر تقرا الفرحه في عيونها بعد اللقاء ..
ياخيبت ياام العروس ..
العروس عادت محملة بالخيبة والحزن ..
حضنتها امها وربتت على كتفها قالت وهي تمسح دموعها وتبتسم بحرج من عماد الواقف بعيد ويحاول يصد ولا ينزل نظره عنهم حتى مايحرجهم ..
: شادن فضحتينا في زوجك خليني اسلم عليه .
رفعت جسدها من حضن امها ودخلت للصاله تكمل البكا اللي ماوقف من الصباح ..
سلم عماد على ام نايف بحذر وحيا ..
وبعد السؤال عن الحال والاخبار
قالت : تفضل من هنا للمجلس ترى نايف ينتظرك .
فك شماغه ونسفه من جديد وهو يقول : ايه بمر عليهم وامشي ..
حاولت ام نايف فيه انه يجلس بس مارضى ووعدها انه يمر عليهم بعد مايكمل شغله وبينهم تلفون ..
دخل على فهد ونايف اللي فز وهو يرحب ويهلي ..
: هلا والله حيا الله ابو مشعل .. يامرحبا ومسهلا ..
: الله يبقيك ويطول بعمرك ..
قال فهد باسلوبه الساخر اللي لازال طبع فيه : هذا خويك اللي تنتظره دخلته حرمته .. انا اشهد ان الحنان مجتمع في الطرفين .
لكزه عماد برجله في ساقه اللي يغطيها بنطلونه الابيض قال : انت يوم انك قاعد هنا وتارك شغلك .. وشو له توظف ..؟
رد فهد : هذا والله اللي بينشب لي .. اقول يانايف وش رايك تمسك مكاني عند عماد وانا امسك شغلك ..
قال عماد قبل يرد نايف : شغله وشو اللي تمسكه عنه .
سحب فهد مسبحة عماد من يده بحركه عفوية وقال : هذا ياطويل العمر الشيخ نايف بيتخرج الترم هذا .. وابو خويه ابراهيم عنده شركة كبيرة وعده بالوظيفه اول مايتخرج واول مربوط سته الاف ريال ..
رفع عماد حاجبه قال : نايف وانا اخوك وظيفتك عندي .
ابتسم نايف وهو يمد فنجال القهوة على عماد : الله يسلمك ياابو مشعل ادري انك ماراح تقصر معاي ...
قاطعه عماد : اترك عنك المجاملات ومن بكرة لو تبي حتى قبل ماتتخرج ابيك في مكتبك .. رشف من فنجاله وكمل : بس احذرك من الحين فهد ابعده عنك ولاتحتك فيه يخربك .
ضحك فهد من جدية عماد الصارمه قال : لاوالله يانايف اذا تبي نصيحتي هج وانا اخوك ترى عماد ماعنده يمه ارحميني في الشغل اذا انا اول يوم هاوشني وش بيسوي بي بعد كذا .
ضحك نايف من اسلوب فهد وماعلق على كلام عماد ..
قال : بالله يافهد قهو ابو مشعل بروح اسلم على اختي كأني ماشفتها لي عشر سنين .
وقف عماد وسحب مسبحته من يد فهد قال : انا ماشي بس علم الشغاله تاخذ اغراض شادن بنزلها داخل الحوش .
حاول نايف يثنيه عن رايه لكن عماد كان عازم انه يروح للشركه ويشوف وضعها قبل ماتقفل ويغادرها الموظفين ..
طلع من المجلس ونايف بالمثل وكل واحد له وجهه عكس الثاني ..
اول ماشافها في حضن امها تبكي وتمسح دموعها اللي للحين محد عرف سرها وسببها ..
قال : افا .. الحنفيه هذي ماتنضب ولاتجف .
وقفت عنده وضربته على صدره بخفيف وضمها بقوة وهي تقول : وحشتني يادب .. اشتقت لك وانت ماتقدر تكلف على نفسك مشوار تجي تشوفني .
: سلم على راسها وهو محوطها بيدينه وضامها لصدره وكأنها بنته مو اخته الاكبر منه..
قال : بغينا نجيك والله في العيد بس اللي صار ...
قطع كلامه وهو يطالع في امه اللي تحذره بإشارة من اصبعها وعيونها ..
رفعت راسها وبعدت شوي عنه قالت : صاير شي ..؟
: اقصد اللي صار لفهد وتعبه بعدين .. مادريتي انا اعتمرنا وامي جلست ثلاثه ايام ماتقدر تمشي من رجولها .. شكل الشغالة خربتها .. الا صحيح ماباركتي لها على الشغاله .. ولا عشان انتي اللي جبتيها ماتقولين مبروك ..
ضحكت من بين دموعها وهي تقول : شوي شوي يادب كل هذي طاقة كلاميه .. اكيد انك فقدتني وماعندك احد تسولف معاه .
: فقدتك .. ايه والله فقدتك .. بس الطاقه الكلاميه هذي عندي من خلقني ربي بس شكلك نسيتيني ..
مسحت دموعها قالت : عماد مشى ..؟
: ايه مشى .. نادى بصوت عالي على الشغاله : ياساندي ..
طلعت الشغاله راسها مع باب المطبخ قال : روحي جيبي الاغراض اللي في السور .
والتفت لشادن يسألها عن حالها واحوالها ..
قال : وجهك ليه كذا مورم .. لايكون زعلانه من عماد ولا سامعه شي ..؟
قالت بابتسامه حانية لاخوها : لاياعمري عماد مافيه منه بس عشان كنت مشتاقة لكم .
طالعت امه فيه قالت : نايف بتسوي غدا لاختك ولا تخليه عشا .
رد نايف وهو يمسح على شعره ويخلله بأصابعه لورى قال : والله ماادري خلينا نخليه عشا عشان عماد يجي اذا هو الحين مشغول .
: زين شورك وهداية الله .
طالع نايف بامه بعيون مليانه كلام واسئلة قالت امه اللي فهمت عليه : نايف يمه روح لولد عمك لاتتركه يجلس لوحده .
قالت شادن : نايف لحظة . فيه شي احس عندك كلام ماتبغى تقوله لي .
رفع نايف يده يعني سلام وهو يطلع من الصاله ويدخل من باب قسم الرجال وتارك لامه المهمه ..
***
دخل الشركه بدون علم موظفيها الا فايز اللي اعتاد على دخول عماد المفاجيء على الموظفين .. مر على المكاتب واحد ورى الثاني وعلى الموظفين اللي تعاملهم معاه نادر جداً لأن فايز غالباً يحل محله ..
محد كان متوقع دخوله بوقت متأخر مثل بعد الظهر واللي ياكل واللي يدخن واللي جالس يسولف مع خويه
دخل مكتب عصام وهيثم الثنائي الكسول والغير مبالي بالعمل ..
وهيثم يدخن وعصام يلعب في جواله كالعاده ..
قال: الحقوني ثنيناتكم بالفايلات كلها اللي عندكم .
فز عصام من مكانه وهيثم جامد بمحله وزقارته في فمه بلا حراك او حتى نفس ..
رجع عماد ماانتظر منهم اجابة او تعبير ودخل لمكتب فايز اللي رحب فيه : هلا طال عمرك تفضل .. كان ريحت نفسك وانتظرت لبكرة .
جلس عماد على الكرسي حق فايز وهو يقول : ماتفرق يافايز اليوم ولا بكرة كله واحد .. المهم عندك موظفين هيثم وعصام عطهم انذار اخير وان ماانضبطوا قرر فصلهم فوراً ماني مستعد اتحمل لامبالاتهم في العمل على حساب الشركه ومصالحها .. غيرهم يدور الشغل أكفأ وانشط .
رد فايز : ابشر باللي تبي طال عمرك .. انا قبل شهر محذرهم وشكله ماجاب نتيجه ..
دق اياد السكرتير الباب ودخل ومعاه فايل قال : استاز عماد عصام وهيثم ..
قاطعه عماد : خلهم يدخلون .
دخلوا وماتكلم لهم ووجه الكلام لفايز : شوف شغلك يافايز وحط في بالك ان أي مستهتر في العمل مكانه مو عندي في الشركه .
وقف وهو يشوف جواله يدق واسم فهد على الشاشه ..
رد عليه وتوجه لمكتبه الفخم في آخر الممر ..
: هلا يافهد .
وصله صوت فهد العالي وهو يقول : هلا بك ياابو مشعل انت وين انت ..؟
: في الشركه ..!
: ماتقدر تطلع ..؟
: ليش تبي شي ..؟
: لا انا ماابي غير سلامتك بس مرتك الظاهر انها درت عن زميلاتها وطاحت على اهلها .
جمدت ملامح عماد .. واخذ نفس عميق وتهاوى على كرسيه الاسود الكبير قال : كنت متوقع والله .. الا انت وينك ..؟ عندهم ..؟
: ايه في البيت ونايف اخذ اخته وداها للمستشفى .
فز عماد قال : المستشفى ليش ..؟
رد فهد بحده : اقول لك الحرمه طاحت عليهم واخوها وامها ماتحملوا ودوها للمستشفى على طول .
رد عماد بسرعه وهو يقاطعه : زين زين انا اشوف وش صار مع السلامه .
قفل بسرعه ودور رقم نايف ودق عليه بس نايف خذله ومارد عليه ..
دق مرة ثانية وثالثه وأخيراً رد نايف : هلا عماد .
: نايف وشلون شادن الحين ..؟
: الدكتور عندها وبيسوون لها تحليل حمل مدري وشو .
رد عماد بأمر وهو يعض على اسنانه : لايسوون لها شي لين اجيك .. البنت تعبانه من الصبح مااكلت شي .. لاتخليهم ياخذوون منها دم ..
: بس الدكتورة تقول ...
قاطعه عماد بصوت عالي : ناايف قلت لك لاتخليهم يسوون لها شي لين اجي انت بأي مستشفى .
قال له نايف على اسم المستشفى القريب من بيتهم وطلع عماد بسرعه بعد مامر على فايز وقال انه مضطر يطلع ..
ياقلبها المسكين ..!
وشلون تتحمل ..!
القسوة ولا الجفا
ولا فراق احبابها ..
شد على المقود بيدينه حتى ابيضت مفاصل اصابعه من كثرة التوتر ونفث بأوووف من اعماقه ..
ياطول الطريق رغم ان المسافه اقل من ساعه الا انه حس انها صارت الضعف ..
اخيراً وصل ونايف والدكتورة في نقاش حامي ..
الدكتورة مابين المكسب المادي اللي راح تضيفه للمستشفى الخاص اللي تنتمي لها ومابين المريضه اللي تحتاج علاج ومهديء ولابد تتأكد اذا حامل او لا .
وقف عند نايف اللي استقبله على طول قال : عندك ياابو مشعل تفاهم معاها .
رد عماد عليه من دون مايطالع في الدكتورة : شادن وينها .
اشر له نايف على غرفة مقابلة له قال : في الغرفه هذي .. امي تقول صحت بس تبكي ومنهارة .
دخل عليها وشافها جالسه على السرير وشعرها ووجها كله مويه بفعل امها وهي تحاول تصحيها ..
مثنية ركبها ودافنه وجهها بينها ..
قرب منها وجلس بجنبها قال : شادن ارحمي نفسك ترى اللي تسوينه مايصير .
هزت راسها من دون ماترد لأن مافيه كلام ولا فيها طاقه على التحمل ولا قدرة على الاحتمال .
مسح على راسها وامها تراقب بصمت قال : قومي معاي بوديك لصديقتك ترى ابوها كلمته اليوم ويقول ان عندها انهيار عصبي وتحتاج من يوقف معاها .
رفعت له راسها وشكلها يرثى لها ..
الدموع من قوة الصدمة اختفت .
والصوت من كثر البكا انجرح ..
والجفون مقرحه ..
القلب شُج بخبر الفقد ومصاب سارة ..
وانا من يوقف معاي ياعماد ..
انا ابي احد يسندني ويساندني ..
انت تموت وسارة تضيع والموت غيب ناس اعرفهم واحبهم حتى لو اني ماعرفتهم الا فترة قليله الا اني حبيتهم ..
قال بصوته الرجولي والآمر والحاني بنفس الوقت : يالله البسي خلينا نروح لزميلتك تطمني عليها واجلسي عندها على كيفك .
غمضت عيونها وهو يقول : انا من يوم عرفتك وانتي قوية .. يالله عاد المفروض تفرحين ان صديقتك بتقوم بالسلامه وماعندها الا كسور بسيطه ومع الوقت بتتعافى .
مسكها من معصمها ونزلها وهو يطالع بامها : عمتي لبسيها طرحتها وغطاها وانا اللي باخذها للبيت . قرب من وجهها وحدق فيه وكمل بحنان واضح : ولاتبين تروحين الحين لصديقتك .
هزت راسها وهي تقول : بروح لساره الحين .. ورفعت راسها وكملت بصوتها المبحوح : بس انت روح ارتاح في البيت خل نايف يوديني .
: امشي بس انا ارتاح اذا شفتك طيبه .
كلامه على انه الشفا الا انه السكين اللي ينهش بها جروحها ..
آهـ لوتدري ياعماد وش كثر قلبي يشيل ..
صدمتين وفي يوم واحد مؤلمة ..
انت وسارة ..
اغلى من سكن قلبي ..
طالعت في وجهه والتعب باين عليه قالت : خلاص انا برجع للبيت وبعد العصر اروح لسارة .
رد عليها : اكيد ماتبين تروحين لها الحين .
: اكيد بس انت تعال ارتاح عندنا في البيت .
طالع في ساعته اللي شارفت على 3 العصر وزم شفايفه قال : لاوالله مااقدر لكن المغرب امر عليك وآخذك للمستشفى .
دخل نايف قال عماد : وصلهم للبيت وشوي انا اجي اوديها للمستشفى .
حاول نايف فيه انه يرجع معاه للبيت بس اعتذر عماد بالشغل وانه مواعد رجال على الغدا .
وطلع من المستشفى بعد ماراح نايف وامه وشادن معاه ..
***
في الاجواد ..
جالسه على سجادتها تسبح وتهلل والوحده طاغية على البيت ..
والصمت مايقطعه الا صوت راديوها الخافت على برنامج فتاوي دينيه بإذاعة القرآن الكريم اللي ماحادت عنها موجة الرديو من يوم دخل بيتها ..
وصلها صوت شهد وفيصل وفوزية وهي تقول : لاتخربين على الناس اذا بتدخلين دراجتك العبي عند الباب لاتقربين من السجاد ..
دخلت غرفة امها وسلمت وجلست قالت : يمه شادن وشلونها شهد تقول ان العنود شافتها وهي تبكي في المدرسة . وعماد يقول مافيها شي بس مشتاقه لامها .
طفت ام ناصر راديوها واستغفرت ربها قالت : ايه الضعيفه علمتها زميلتها انها كلمت امها وتنشد عنها ثم صبحها ابليس .
وقفت فوزية قالت : ياقلبي عليها .. الله يهديك ياعماد كم لي وانا اقول له ودها امها وهو يقول بيجون وانا عازمهم .. هذي النتيجه ..
طالعت في الباب وتأملت المكان وكملت : بس والله ان مكانها خالي في البيت الله يردها بالسلامه ..
تنهدت ام ناصر وعقبت : ايه والله ماليةٍ البيت عليّ . .. الله يرضى عليها هي ورجلها .
دق الجرس وقامت فوزية تشوف من ورجعت وناصر اخوها وراها .
سلم على امه وجلس بجنبها قالت فوزية : ابو فهد صدق اللي قاله لي عماد .
رد ناصر برزانه : وعماد عمره كذب .. كل اللي يقوله صدق .
: اصبر اعرف وش قال ثم تكلم .
: وش قال ..؟
: يقول ان فهد توظف عنده وانه مشى اليوم لجده ..
قاطعتها ام ناصر : عماد وين جاتس وعلمتس بعلوم شادن وفهد ..؟
عقدت فوزية حواجبها بعدم رضا قالت : صبحني الساعه 8 وصحاني من عز نومي يقول لاتخلين جدتي تجلس لحالها .. وعلمني انه بيودي شادن لاهلها وعلمني عن فهد ..
طالعت في ناصر قالت : والله ياناصر ان من فرحتي ماقدرت اكمل نومي .. الله يهديه ويثبته .
قالت ام ناصر : فهد رجال وماعليه كلام ماعاد ينقصه غير المرة السنعه .
تكلم ناصر بحيرة قال : وش اسوي به يايمه كل ماجبت له طاري العرس قال الله لايقوله .
ضحكت ام ناصر وقالت : اليوم قلت له ابي اخطب لك من بنات لافي ثم انحاش لجده .
ضحك ناصر قال : انا قايل لتس .. مايبي العرس ولاودي اغصبه .
اخذت فوزية صينية القهوة من الشغاله اللي وقفت على الباب وجلست . .
قالت وهي تصب لاخوها فنجال قهوة : شوف عماد بعد ماغصبته امي على العرس .. ماشاء الله عليه مبسوط ومستانس .
رد ناصر بعد مارشف من فنجاله قال : والله ياحال عماد مهب معجبني .. ولا حرمته مااسنع منها بس اني كل مااشوف وجهه اقول فيه شي ولا مهب مرتاح .
هزت ام ناصر راسها قالت : اشوف بعيني ياناصر مير الله يهديه .
تكلمت فوزية وهي تبعد عماد عن محور الحديث : ياناصر لاتسكت عن فهد تراه بيدخل الـ 29 وهو لاحرمة ولا ولد . حتى بندر حلف مايتزوج قبله . على كذا عيالك بيجلسون لازواج ولا ذريه .
تنهد ناصر وقال : والله ياام فيصل هذا اللي هامني .. فهد ليا قلت عثرت اخوانك قال خلهم يعرسون ولحد يفكر فيني .. ولا بندر الله يرضى عليه مايردني في طلب الا انه حلف مايعرس قبل فهد .. وامه خطبت له من بنات نورة ..
قاطعته فوزية : بنات نورة متكلمين عيال عمهن وخطبوهن .
شرب بقية فنجاله ومده عليها وهو يقول : لا ريماس عيّت عن ولد عمها وبندر يبيها ونورة بعد تبي بندر ياخذها .. المهم ان الحريم متفقات .
قالت ام ناصر : الله يكتب اللي فيه خير .. ريماس وايناس كلهن سنعات وبندر رجالٍ (ن ) ينشري . اما فهد شاوره على بنات لافي ولاتسكت عنه .
قالت فوزية مقاطعه وباندفاع : الله لايقوله مانبي بنات لافي ولاقربهن .
التفت ناصر على فوزية قال : انتي وش تقولين وش فيه لافي رجال والنعم ثم بناته ماقد سمعنا عنهن الا كل خير سنعات وامهن سنعه .
: نوف هذي اكرهها ماتنطاق وشادن دايماً تقول لي انها ماتطيقها ولاتكلمها الا من طرف خشمها .
ردت ام ناصر بحكمه : هيِّن هذي الغيرة وماتسوي .. . وبكرة ليا انخطبت واعرست تنسى شادن ولاعاد تعرض لها .
مسد ناصر لحيته وهو يفكر قال : شورتس وهداية الله يالغاليه . بكلم فهد واللي فيه خير يكتبه ربي .
كملوا جلستهم والحوار ماابتعد عن العايلة ..
من فهد لعماد لـ احمد المبتعد بحكم عمله .. وراح يجي بعد ايام ..
***
بعد مغرب يوم صدمات عمرها ..
دق عليه نايف ومارد وعرفت شادن انه نايم ..
قالت وهي تلبس عبايتها : نايف خلاص لاتدق عليه .. انت ودني للمستشفى .
: زين يالله امشي خليني بس اكلم فهد اشوف وينه .
غطت وجهها واخذت شنطتها اللي فيها الورقة اللي قلبت لها حياتها بأخبارها الشينه ونايف يكلم فهد ويلح عليه انه يجي يسكن عندهم بس فهد رفض وفضل انه يسكن في شقة عماد ويمر عليه بين فترة والثانية حتى مايسبب لهم احراج ويثقل عليهم ..
قفل منه ومشى مع شادن اللي فضلت انها تقابل سارة لوحدها ولها من الروحه لوحدها مآرب اخرى ..
طول الطريق ساكته وتهز رجلها اليمين بعصبيه وقلق ..
قال نايف وهو يطالع في المرايه والسيارات اللي وراه ..
: ايوه ماقلتي لي وش سالفة البكا اليوم والمناحه ..
طالعت فيه وهي على هزها لرجلها ماوقفت : ماتدري يعني ...
قاطعها : لا لا لا قبل سالفة سارة .
: ايه كنت مشتاقة لكم .
هدى السرعه ووقف للإشارة قال : وتحسبين انك بتقنعيني بكلامك هذا .. قولي لي انا نايف اخوك ولانسيتي .
تنهدت وهدت حركة رجلها وهي تراقب الاشارة الحمراء قالت : ادري انك اخوي عزي وسندي .. بس تأكد ان اختك مافيها غير اللي قالته لك ..
التفتت عليه وكملت بلهجة حانية : صدقني يانايف لو احد قهرني ولا ضايقني انت اول شخص راح الجأ له .. ولا نسيت ايام صالح الله لايعيده .
: الله لايذكره بالخير فاقده الايام هذي ..
: اووف ماتدري اش صار له ..؟
: لا ماادري .
: عماد يقول انسجن وحكم عليه ب15 سنه ..
انذهل نايف من كلام شادن وسردها للمعلومات اللي قالها لها عماد وهي تحاول جاهدة تبعده عن السؤال اللي مااقنعته اجابته ..
وصلوا للمستشفى ونزلت خطوة تقدمها لهفة لسارة ..
وخطوة تردها رفض لشوفها بحال مايسر ..
عزمت وتوكلت على ربها وكملت مشوارها بصعوبه لحد مادخلت الغرفه ..
سلمت على ام مشاري اللي ماتفارق سارة لا ليل ولا نهار الا اذا ام نايف الام الثانية لساره حلت محلها ..
اول ماشافتها ام مشاري بكت ..
بكت لأن شادن رفيقة بنتها واعتادت على شوفتهم مع بعض ..
وبكت لأن سارة ماهي بالدنيا ..
مغمضة عيونها والصمت ملتحفها وملتحفته
لسانها اعتاد التأوه ولا شيء غير التأوه ..
اما الجسد فمايهتز الا اذا حركه الألم اللي يسري في عظامها المكسورة ..!
همست امها : كيفك ياشادن ..؟
ردت شادن ونظراتها تايهه في جسد سارة وملامح وجهها الغاضب وتعبيراته الشاكيه قالت : انا بخير ياخالتي بس سارة اش يقول الدكتور عنها .
نزلت من سارة دمعه حارة وصلت لعنقها وشهقت وهي تسمع صوت شادن يوصل لعمق قلبها ..
مالت شادن عليها وباست جبينها وعيونها وخدودها ووجهها اللي الضمادات مغطية منه اجزاء كثيرة . وهي تنتحب عند راسها قالت من بين دموعها اللي انحبست من الظهر ودوبها بدت تنجرف في سيل عارم ..
: سارة .. سارة عمري .. ساااااارة انا شاادن قومي طالعيني ..
لاحياة لمن تنادي ..
الدمع هو خير تعبير ..
طالعت في ام مشاري قالت : خالتي تقدرين ترجعين للبيت وانا بجلس اليوم معاها .
قالت ام مشاري : لايابنتي انتي جاية من سفر .. خليه بكرة ترافقين معاها واليوم ارتاحي .
مسكت يدها الصاحية وضمت على كف سارة بقوة وهمست لها : سارة لازم تقومين عشاني .. انا محتاجتك ماابغى اخسرك تكفين بكرة ابغاك تكونين صاحية عشاني .
مافهمت ام مشاري من همهمة شادن شي بس شافت سارة وهي تاخذ نفس عميق بدون رد .. وطلعت وتركتهم مع بعض ..
اخذت شادن يد سارة وحطتها على خدها وهي تقول ببكا : قومي ياسارة محد خالي هم انا كمان عندي مشاكل بالهبل .. ابغاك توقفين معاي مو تهربين .. كلنا فقدنا البنات .. اهم شي انك انتي عايشه وصاحيه ..
هزت يدها بهدوء وكملت : سارة لو ماصحيتي عشاني بضيع .. تدرين حياتي مع عماد على كف عفريت .. يمكن ارجع بكرة مطلقه لأنا نعيش ظروف صعبه .. ساااارة ..... وانتحبت من قلب ..
حست بأصابع سارة تضم على يدها بضعف وعلى طول باست اصابعها وحطت يدها على خدودها حتى تتحسس دموعها وتمسحها ..
ماعبرت سارة الا بالدموع والبكا .. وجفونها ضامتها على بعض ..
دخلت الممرضه وشافت حالة سارة وشادن وطلبت من شادن تخرج لأن حالة المريضة ماتسمح بأي انفعالات .. وحقنتها بمكسن نامت بعده سارة وطلعت شادن لام مشاري ..
قالت : خالتي سارة تعبانه بس خلاص صدقيني بتصحى انا اعرف سارة ..
مسكتها ام مشاري قالت : شادن يمه وش فيك ليه حالك كذا ..؟
شهقت شادن قالت : مافيني شي ياخالتي اليوم عرفت عن سارة وانصدمت .
ربتت ام مشاري على شادن اللي ردت على جوالها وعلى نايف وهو يقول : بتأخر عليك نص ساعه ..
قفلت منه وهي تمشي تودع خالتها ومتوجهه لقسم ثاني في المستشفى ..
كانت ناويته من اول ماطلعت من بيت اهلها ..
***
في شقة عماد ..
الساعه سبعه صباحاً ..
نايم بعمق في مجلس الرجال البارد بفعل التكييف اللي ماينطفي في اجواء جده سواء فصلها صيف او شتاء ..
دخل عليه عماد وطفى زر المكيف قال : فهد .. فهد يالله امش للشركه انا عندي اجتماع في ينبع بسرعه امسك مفتاح مكتبي وخلك مكاني . .... فز يا فهد ..
ماتحرك فهد ولكزه عماد في رجله قال : يالله قوم خلنا نشوف مصالحنا ..
قوم انا من الاسبوع الجاي بخليك تمسك الفرع الثاني وانت ذابحك النوم .. فهد .. فهد ..
رفع اللحاف عن وجهه وهو ينفث قال بمرار : قومتني من حلم انتظره لي اكثر من شهرين .
شهرين معناتها سعود في الموضوع ..
قال عماد بصوت هادي وهو يشوف فهد يفرك وجهه وشعره قال : قوم قوم ياابن الحلال وتعوذ من ابليس ..
سكت فهد وهو يتذكر الحلم ..
كان هو وسعود في رحلة للبر .. وشاف سعود يمشي معطيه ظهره وهو يناديه ومارد عليه ..
ناداه اكثر من مرة بس سعود ماشي في طريقه ومارد عليه ..
شاف حمامه بيضا جريحه وتنزف طايحه على طريق سعود
وراح اخذها والتفت له سعود وابتسم برضا ورجع يكمل طريقه ..
وسط دهشة فهد اللي تمسك بالحمامه وضم عليها ..!
قطع عليه صوت عماد وهو يقول : فهد وانا اخوك لاتخلي التفكير ينهيك .. قوم وشوف مستقبلك وانسى اللي راح باللي فيه .
زفر بآهه قال : وشلون انسى ياابو مشعل .. علمني وشلون انسى وهو معي من يوم اقوم من نومي لين انام ..
ثنى عماد ركبه وجلس قريب منه وربت على صدره قال : خابرك الرجال القوي اللي ترمي همك ورى ظهرك ولاتلتفت له .
ابتسم بوجع قال : وسعود همٍ عادي .. آآآآآآآه ياسعووود .. .. هبد على صدره بقبضة يده وهو يجلس ويقول بصوت خارج من اضلاعه : ياقطع قلبي عليك ياسعود .
سكت عماد وهو يشوف عيون فهد زاد احمرارها وماحب انه يجادله او يناقشه ويفتح باب الحزن اكثر من كذا
قال فهد بهدوء وبرود : انت متى بترجع ..؟
: ماادري والله اليوم بكرة بعده .. على حسب متى نتفق ..
هز راسه فهد قال : دق على نايف تراه البارح دق عليك وحصل جوالك مقفل .
: وش يبي ..؟ ماتدري ..؟
: لاوالله بس يقول ان شادن رجعت من المستشفى منهارة اكثر منها يوم راحت .
قال عماد بحيرة : ياخي البنت هذي حساسه مدري وش سالفتها ..
تمطط فهد ورمى البطانية عنه ووقف قال : تراه يقول انها اخذت ابرة الظاهر انها مهدئة بس ماسوت لها شي طول ليلها تبكي ومقفلة على نفسها باب غرفتها .
عقد عماد حواجبه قال : ابرة ..؟
: دق على نايف واسأله ..
طلع من عنده ودخل الحمام وعماد محتار ومستغرب من تصرفاتها من امس موطبيعيه .. زفر بلاحول ولاقوة الا بالله ..
ووقف اخذ شنطته واغراضه اللي تلزمه ونادى فهد قال : ترى مفتاح مكتبي على الطاولة .. احرص عليه ولاتوقع أي ورقه الا اذا قلت لي .. يالله انا ماشي تبي شي ..
طلع فهد من الحمام وهو ينشف وجهه قال : ابي سلامتك .. توكل على الله بس وازهل الشغل ولا تشيل همه وبيننا تلفون ان شاء الله .
طلع عماد وهو يقول : اشوفك على خير .
: بامان الله ..
نزل مع المصعد وهو يفكر فيها ..
يمرها ولا يمشي ويكتفي بمكالمتها ..
وش سالفة الابرة اللي اخذتها ووش سالفة البكا والانهيارات اللي من امس ..
تنهد وهو يتخيلها تشكي لامها منه ..
بس تذكر كلامها له في المستشفى يوم جاها وهي تحنن عليه وتقول روح ارتاح وتنفس بارتياح ..
مهوب وقت مشاكل الحين ياشادن .
اصبري بس لين نفتك من كلام الناس ثم احررك من قيدي اللي ماراح تجنين من وراه الا التعب ..
فتح المصعد وتوجه لموقف سيارته ..
وركبها وتوجه لطريقه اللي نواه من بدري .. وهو متكل على الله ومفوضه كل اموره ..
***
مرت الأيام وهي على حالها في المستشفى ..
بعد ثلاثه ايام كانت شادن تجيها فيها..
تكلمها وتلومها وتعاتبها وتنصحها وتبكي عندها وتشكي لها ..
الحياة بالنسبة لها مملة ومافيها شي يحفز على العودة ..
اليوم شادن ماجاتها ..
تحب كلامها وترتاح له ..
هو الشي الوحيد اللي يحسسها بأهميتها ..
خاصة لمن تقول انا محتاجتك قومي عشاني ..
خافت لايصير لشادن نفس اللي صار لها ..
كلمة مطلقة كان وقعها عليها هائل ..
مخيف ومرعب للمرأة ..
اياً كان السبب ..!!!
تحس نفسها ناقصه وكلها عيوب ..
حتى لو ماغلطت وحتى لو هي اللي طلبت الطلاق
بس اسم مطلقه ثقيل ويتعب الكاهل ..
الا شادن ماتستاهل تشيله ..
بس ليه يطلقها وهي مافيه منها
جمال وأخلاق وقوة وطيبة وراعية بيت وحنونة ...
وكأن الوقت يقول عجلي ياتلحقينها ولا تراها بتلحقك وتصير مثلك ..
فتحت عينها على امها اللي خفضت صوت المسجل وهي تشوفها تحرك عيونها في انحاء الغرفه ..
قالت : يمه .
ردت امها بلهفه : ياقلب امك .. ياعمر امك .. اش فيك ياقلبي ..؟ الحمد لله على السلامه ..
كان الكلام يخرج فرح وبدون تنظيم او تنسيق او حتى تفكير .
قالت بوهن : يمه شادن .. وسكتت .
ردت امها وهي تضم على يدها : الحين نتصل عليها وتجي .
مرت نص ساعه وكانت شادن تجري في ممر المستشفى اللي يوصل لغرفة سارة ودخلت ..
شافتها مسنده بظهرها على مخده بيضا كبير ..
وتتأمل يدها المجبسة ..
شافت شادن لأول مرة من آخر لقاء كان بينهم يوم زواج شادن ..
صحيح ان شادن كل يوم عندها بس هي كانت مقفلة عيونها عن الدنيا بما فيها اهلها وشادن ..
حضنتها شادن وهي تحاول ماتقرب من يدها اللي اعتادت الجبس من شهر الا كم يوم ..
كانت الدموع تعبير طبيعي لهم لأنها اقوى وأقدر ..
دخلت ام نايف اللي سبقتها شادن وسلمت على سارة الباكيه
قالت : خلااااص مانبغى دموع .. ترى شادن ماقصرت والاسبوع هذا اعوذ بالله بكت بكا مابكته على ابوها الله يرحمه .. بكرة بتطلعين من المستشفى ولابد نحتفل بسلامتك . وعشاكم عليّ .
ردت ام مشاري وهي تمسح دمعتين الفرح اللي نزلت قالت : لاوالله عشاكم بكرة عندي ان شاء الله .
ضمت شادن على يد سارة قالت وهي تبتسم : يادبه زين انك صحيتي ورجعتي لي .. عشان اجلس معاك قبل ارجع لبيتي .
ابتسمت سارة بحزن وفي عيونها مية سؤال تتخيل اجابتها ماتسر عن شكل شادن الذبلان ..
لكنها فضلت السكوت وتأجيل الكلام لبعدين ..
***
ليلة اخرى ..!!
مرت عليها متعبه ..
فيها بكاء كثير ..
وفيها حزن مضني ..
وفيها بوح من طرف واحد ..
وصفت لها سارة الحادث وهي غرقانه في دموعها ..
وحكت لها كل كلمة قالوها البنات بالتفصيل وانهارت اكثر من مرة وهي تردد .. اميرة ياشادن ماتت وهي كانت تقول عيالي عيالي .. آآه بس .
مسحت دمعتها وهي تتمدد بسريرها وتتذكر حالة سارة المفجوعه ومنهارة ..
واللي فقدوا بناتهم ,,
وعيال اميرة ,, واهل فاطمه ,,
حتى ساميه اللي ماعرفتها الا من كلام سارة عنها اشفقت على اهلها وزوجها وترحمت عليها ..
ابعدت سيرة الحادث عن ذهنها وتفكيرها واستبدلتها بوجع آخر ..
ضمت المخده وهي تتذكر انه دق عليها اربع مرات على البيت يدورها وماقدرت تكلمه . .
تحججت انها تعبانه وسط شكوك امها اللي احتارت من دفاعها المستميت عنه اذا اتهموه انه سبب حالها وبكاها .. ودموعها اللي ماكفت من قبل ماتدري عن سارة وان هالدموع لابد ان لها سبب .
لأنها ببساطه خايفه تسمعه وتنهار ..
شدت على عضدها ومكان الابرة وآلمها ...!
الابرة اللي نصحها فيها الدكتور اللي راحت وسألته عن حالة عماد وورته ورقة التحليل وأثبت لها ان عنده فايروس كبدي وبائي والنوع بي .. والمشكله انه نشط مو خامل ..
رجعت بها الذاكرة لقبل ثلاثه ايام وتردد كلام الدكتور في مسامعها ..
الأعراض اللي كانت على عماد نفسها اللي قالها الدكتور ..
يرقان اصفرار الجلد والعيون مثل عيون عماد اللي احياناً صفرا اذا مو غالباً ..
فقدان الشهية وعماد غالباً مو مشتهي اكل ولايطلب الاكل الا اذ فوت وجبة وجبتين ..
ضعف عام وإعياء وتعبه الدايم وظهري انكسر من شي ولاشيء ..
غثيان وقيء وهذا صار طبع في عماد وكان يرجع اسبابه للقولون .
حمى ، صداع ، أو ألم في المفاصل وهذي غالباً ترافقه وماتفارقه ..
ألم في الجزء الأيمن العلوي من البطن وعادته اللي اعتادتها ويده اليمين اللي كأنها صارت تنجذب للمنطقه هذي لاارادياً .
مريض الكبدي مايتحمل الطعام الدسم والسجائر وعماد اول شي عرفته عنه انه ماياكل دسم ولايدخن ..
تذكرت كلام الدكتور وهو يحرص عليها تعامله عادي لأن الأدويه اللي ياخذها تسبب له اكتئاب واحساس بالاحباط مثل الانترفيرون ..
وهي يمكن اللي تزيد بعده عنها واحساسه ان اجله قريب وان ماله داعي يعيش سعيد واحلامه محطمه ومايفكر انه يبني لنفسه مستقبل واذا كافح فهو عشان الآخرين ..
بإمكانه يعيش زوج طبيعي اذا الزوجه اخذت التطعيمات الثلاث في فترة معينه ماراح يضرها شي بإذن الله ونسبة الاصابه ماتتجاوز 5 %
رجعت خصلتها المزعجه ورى اذنها وهي تتذكر كلامه عن التطعيمات وان مدتها طويلة .. مرتين خلال كل ثلاث شهور والثالثه بعد ستة شهور ..
دخلت عليها امها وهي تفكر بعيد قالت : شادن صاحيه ..؟
: ها ..؟ ايوه يمه تبغين شي ..؟
: لاوالله بس حبيبتي وشلون بتنامين بملابسك هذي ..
طالعت في لبسها تنورة سودا عاديه وتي شيرت اسود عادي لبسته على السريع لمن راحت لسارة ..
ومن المستشفى طلعت لبيت ابو مشاري معاها ولارجعت للبيت الا بعد مانامت وتطمنت عليها قالت لامها : الحين بقوم آخذ لي شور والبس بيجامه .
قالت امها بحنان : تدرين ان عماد بيجي الليلة من ينبع ..
فز قلبها من مكانه وقاطعتها قالت : بيجي هنا ..؟
ابتسمت امها على لهفة بنتها قالت : لا .. بيروح لشقته بس تراه دق على نايف وهو في مجلس ابو مشاري يسأل عنك .
ابتسمت بحب قالت : تسأل عليه العافيه ان شاء الله .
: طيب قومي تحممي عشان تنامين يمكن زوجك يجي بكرة واذا جا لازم تقابلينه .
هزت راسها بحاضر وقالت : نايف وين ..؟
ردت امها وهي تقوم وتتوجه للباب بتخرج : في شقة عماد يقول بجلس مع فهد لين عماد يجي .
قامت دخلت الحمام بعد ماطلعت امها واخذت لها شور سريع وكلام الدكتور السعودي الملتحي دين وتقوى يتردد في ذهنها ..
: انتي لازم تصمدي اكثر منه ابحثي ودوري على علاج لزوجك .. فيه ناس تعالجوا من المرض بقدرة الله والدعاء والصبر وقوة الايمان والمواجهه ..
طلعت من الحمام وهي لافه الروب على جسمها والمنشفه على شعرها قالت بصوت مسموع وهي تطالع في شكلها بالمرايه : واجهي حياتك ياشادن .. خليك عون له مو عليه .. المفروض اسعده على قد مااقدر مو اتهرب منه واحسسه اني عبء عليه واشيله همي ..
نشفت شعرها بسرعه واخذت المجفف وجففت شعرها بسرعه وجوالها في يدها وتدق على رقم نايف اللي رد عليها بسرعه : هلا ياشادن .
: هلا نايف فينك ..؟
: في شقة رجلتس ..
ضحكت شادن من لهجة نايف الغريبه عليها ..
حست ان فهد اعداه باللهجة قالت : حلوة رجلتس ذكرتني بعماد .. فهد معاك ..؟
: ايه فهد معي وبيمشي خلاص مايقدر ينتظر عماد . بس بينظف الشقه قبل يمشي ..
: ليه عماد بيطول ..؟
: ايه حضرته نايم لين المغرب وتوه تذكر يمشي ..
: مالكم شغل فيه هو حر وعلى كيفه ..
قاطعها نايف وهو يكلم فهد ويقول : ماادري والله ..
رجع يكلمها : المكنسة الكهربائية تشتغل على خط كم 110 ولا 220 ..
: ليه ..؟
: فهد بيكنس الشقه مرة معفنه .
ضحكت شادن من اشكالهم وهم بينظفون ومايعرفون قالت : نايف اش رايك تجي تاخذني انا انظفها .
هتف نايف : والله فكره .. فهد امش امش روح لمشوارك وشادن بتجي تنظفها .
سمعت فهد يقول : تسوي خير والله خلها تنظف المطبخ ترى مافيه شي نظيف والهنود مافيه احد صاحي اجيبه ينظف وان جا عماد والبيت كذا عز الله بيمسكها عليّ لين اموت .
قال نايف : يالله ياشادن البسي وانا جايك .
: عماد في الطريق الحين .
: في الطريق يبي له ساعه ونص على الاقل .
: اوكي يالله .
لبست بسرعه بنطلون جينز ازرق عادي وتي شيرت احمر بأكمام قصيرة وحلقه بشكل سبعه وهو ماسك على جسمها بأناقه ..
ماهما تلبس له بقدر ماهمها انها تقابله وتكلمه وتجلس معاه وتراعيه ..
طالعت في وجهها ذبلان ونثرت عليه باودر وبلاشر وحطت قلوس لحمي لامع لعل وعسى انه يخفي ذبولها ولونها الباهت ..
بسرعه لبست عبايتها واخذت لها شنطه صغيره حطت فيها اغراض تلزمها هناك وراحت تقول لامها على مشوارها ..
***
وصل لشقته بعد ماقال له فهد انه مشى للديرة واعتذر عن دوام الاربعاء ..
شماغه في يده وزراير ثوبه اللي فوق مفتوحه ..
ينتظر بس يدخل حتى ينزل ثوبه ويرمي نفسه لأن الطريق الطويل اتبعه ..
استغرب ريحة البخور تعج في المكان ..
ورفع حاجبه مستغرب وبقلبه " لايكون فهد مبخر البيت .. يسويها ومااستبعد عليه شي "
دخل مفتاحه في الباب ودخل وهاله المكان ..
لولا انه واثق ان هذا طريق شقته وبابها ومفتاحها ولا قال انه غلطان ..
ابتسم لريحة البخور اللي ذكرته بها خاصة في رمضان ليلياً وهي تبخر البيت بعد مايروحون الناس من عندها ..
حست ان قلبها انعصر ووقف عن النبض وهي تسمع صوت الباب ينقفل ..
طلعت من المطبخ وجات تمشي كأنها مو على الارض
شوق ولهفه
وخوف من ردة فعله ..
وخوف عليه ..
وخجل وحيا من تصرفها ..
وقف بمكانه يطالعها بصدمه
آخر شخص توقعه في شقته هي شادن ..
طالع يمين ويسار ودخل يده في شعره قال : فيه احد معك ..؟
هزت راسها بلا قالت : بس انا .. قلت اجي انظف لك الشقه ..
قربت منه ومدت يدها عليه قالت : الحمد لله على سلامتك .
صافحها بدون تردد وسحبها سلم على خدودها وهو يقول : الله يسلمك ..
ترك يدها هروب وجلس على الكنبة تعب وانهاك من المواجهه ..
قال : هابشريني وشلونك الحين يقولون صار فيضان في بيتكم ..
ابتسمت قالت : نايف ها ..؟ طيب اوريهالدب اللي فضح فيني ..؟
ضحك بصوت عالي جمد كل اطرافها قال وهو يمس ظهره : آآآه ياجسمي .. وانتي من بيرجعك الحين انا ولا نايف ..؟
زمت شفايفها بقهر قالت بجرأة اغتصبتها من خجلها : لهذي الدرجة وجودي مضايقك .
طالع فيها وتأمل عيونها الخالية من أي زينه وكانها تقول انا اصلاً يائسة منك يوم اني مازينتها وكحلتها .. بس فيها سحر ممزوج بالحزن اللي تحاول تخفيه ..
تنهد وقلبه يقول " يالوتدرين ياشادن وجود في حياتي وش .. ولوتدري..؟ ماتجرأتي وسألتي "
غمض عيونه وسند براسه على الكنبة قال : لاوالله مو قصدي بس تدرين الناس يعرفون اني ساكن هنا عزوبي ماابي احد يتكلم ويشك فيني .
قربت وجلست على حافة الطاولة قدامه قالت بجدية : يعني بترجعني لبيتنا وتحرجنا مع امي ونايف .
قربها مايقدر يتحمله ..
حاول يبعد نظره عنها وماقدر ..
مايحس الا بالانجذاب وكأنها تيار قوي جارف
حط عيونه في عيونها ومد يده ومسك يدها قال : الا والله جيتي وجابك الله .. حسابي معك عسير ..
سحبت يدها منها بقوة وهي تطالع فيه بجديه قالت : ها .. اش سويت ..؟
وقفت وبعدت عنه ولحقها بسرعه مسكها عضدها قال : وينك وانا ادور عليك من تلفون بيتكم لتلفون نايف وانا اصلاً ادري انك تتهربين ..
قاطعته : أي أي عماد يدي والله تألمني .. سيبها .
: لا لا ماراح افكها لين تقولين .. يالله اعترفي .. اول شي سالفة البكا في الديرة ثم الانهيارات اللي ورى بعض .. ثم تهربك مني وكأني ذابح لك احد .
مدت عليه يدها اليمين قالت : أي عماد اسمع .. امسك يدي هذي وسيب هذي .. هذي ترى مرة تألمني .
يحس انه بدا يفقد السيطرة على نفسه وقرب من وجهها قال : ش فيها يدك ..؟ ها ..
اختنق صوتها وهي تشوفه مايقدر يسيطر على نفسه قالت : انا اقول لك بس سيبني .. سيبني عماد ..
تهاوت يدينه من عليها قال بأمر : روحي من قدامي .. يالله .
ابتسمت له قالت : بروح .. بس انت ادخل خذ لك شور على بال مااطلب لنا عشا .
رفع يده قال : انا اكلت المغرب يوم صحيت انتي ماتعشيتي ..؟
قالت بخجل وهي تشوفه يصد عنها : الا تعشيت .. تدري ان سارة صحت .
: والله .. وانا اقول المزاج ماشاء الله .. التفت عليها وكمل : شادن سألتك بالله وش فيك ذاك اليوم يوم جيتي من المدرسة .
عقدت حواجبها قالت : لاتسألني بالله .. مااقدر اقول لك .
رجع لها قال بحزم : لابتقولين .
عدت من عنده ودخلت المطبخ اللي يطل على الصاله قال بصوت وصلها : مافيه ياشادن بتقولين يعني بتقولين مافيه مفر .
وش تقول له ..؟
وش الحجه والعذر ..
خطرت على بالها كذبة مادرت انها راح تدمرها وتدمره اكثر منها قالت وهي تصد عنه : خلاص اقول لك .. البنات كل مايشوفوني يقولون ..
التفتت وطالعت فيه .. وسكتت
قال وهو يصر عيونه : ايوه كملي . وش يقولون ..؟
: يقولون .... عماد لاتحرجني بليز ..
جا يمشي قرب منها وابتسم قال : بتقولين ولا ..؟
نفضت يدينها بملل وهي تقول : يقولون انتي حامل او لا .
ثبتت نظراته في مكان واحد ..
وماتت البسمه ومابقى الا البرود
والملامح فاترة تحمل الخيبة وتأنيب الضمير ..
مرت الثواني ببطء وهي تشوفه مايتحرك
ادري انه مو بيدك
ادري انك مافيك شي
ادري .. والله ادري ياعماد
بس لازم تعيش حياتك
لازم تكون اب ..
وتفرح في عيالك وهم يكبرون ..
جاهدت وهي ترد الدمعه قالت : آسفه ..
رفع نظره لها وزم شفايفه قال بصوت بارد : انتي ليه زعلانه ومقومة الدنيا .. ان شاء الله بتحملين وبيجيك عيال ويرزقك الله ..
اخذ كمية اكسجين يحاول يوصلها لأوردته اللي جفت ونشفت
لعل وعسى انها ترد الدم يجري مثل ماكان ..
كمل بأسى : كلها فترة ياشادن وتشوفين حياتك ..
هزت راسها بلا وشافته يعطيها ظهره ويتوجه لغرفته ..
راحت تجري بسرعه لين وقفت قدامه واضطر انه يوقف قالت بضعف واضح حاولت انها تخفيه تحت قوة مصطنعه : بس انا ابغى اشوف حياتي معاك انت .. انا .. انا .. انت مو فاهمني ليه ..
سحبها وضمها على صدره بقوة وقال : انتي والله اللي مو فاهمه شي ..
سكتت وماعقبت ولاعلقت
وقلبها يردد " الا والله ياعماد عرفت وفهمت وادركت كل شي .. "
( المسافه بينـي وبينك طويلـه ..
والعشــم فينـي كبيـر .. بس مابيدينــي حيله !
لاني اللي نســاك ،، ولاني قــادر أجي لك
الصبـر فيني قضــا
والشـــوق أكبــر وسيله ..
والعشــم فيني كبيـــر
وآآآآآهـ .. مابيدينــي حيلــه ..) *
فكها من بين يدينه بعد مده مايدري هل هي طويله والساعه صادقه .. ولا انها قصيرة على شوقه وشعوره نحوها والساعه ضاعفت الوقت وكذبت عليه ..
تنهد بعمق قال : نامي في الغرفه حقتي وانا بروح انام مكان فهد في المجلس ..
هزت راسها بطيب وسكتت ..
لأنهاعارفة الوضع ومقدره ..!!!!
***
وصل الديرة في الليل ..
واهله نايمين ودخل غرفته على طول ونام ..
عماد وصاه بأغراض يشتريها ويوصلها لبيته ..
وماتذكرها الا الساعه 11 لمن صحى ..
سلم على ابوه وامه وافطر وهو جالس عندهم ..
قال : فيه اغراض بوديها بيت عماد نسيتها في السيارة وهو موصيني اوديها اول مااوصل والله الظاهر يمديها خربت في السيارة ..
قال ابوه : الاغراض تنتظر .. عسى مافيها لبن ولا شي تفسده الشمس .
: الا والله فيها البان وحليب واجبان .. الله يعين بس .
: زين ودها وتعال ابيك في سالفه .
رد فهد وهو يتذكر كلام جدته قال : الله يكفيني شر العجوز لاتكون كلمتك بشي ..؟
ابتسم ابوه قال : الله يخليها لنا شورها دايم في محله .. وش رايك وانا ابوك ..؟
وقف فهد قال : اصبر اصبر الله يخليك لي .. مهب وقتها المواضيع هذي .. الا اذا انت ناوي تغصبني ..
قاطعه ابوه : مافيه غصيبه ان شاء الله بس شوف هذا عماد قبلك كان يقول اللي انت تقوله وهذا هو مرتاح ومستانس وبنت عمك شايلته على كفوف الراحه ..
: بس انا مابي العرس اقل شي هالسنتين .
تهدج صوت ابوه وهو يقول : ياوليدي انا ابيك تعرس .. وابي اخوك يعرس .
: وبندر وش عليه مني خله يعرس وافرح بعياله الله يخليك لي .
قالت امه بحنان : الحين وانا امك اللي يردك وشو ..؟
: اللي يردني اني رجال ماكونت نفسي الوظيفه مالي فيها الا اسبوع وياعالم اقعد فيها ولا اتركها .
رد ناصر بنفس صوته المتهدج : انت ماتعرف تقول لي لبيه وابشر يايبه ليا طلبت منك شي دايم وانت تردني وتعاندني .. ؟
صد فهد بوجع ورجع سلم على راس ابوه قال : الله يخليك لي لو تبي روحي فدا لك .. بس العرس ...
قاطعه ابوه : وليا طلبتك ورجيتك تردني .
تنهد وتنفس بعمق قال : اصبر عليّ خلني افكر ..!
قاطعته امه : ياوليدي مافيها تفكير .. لاتردنا يافهد .. مانبي غير شوفة عيالك .. وعرسك والمهر كله على ابوك وانت ماعليك الا انك توافق بس .
كمل ابوه : بكرة ابي اكلم لافي ..
فهد : لا الله يخليك لي ..
قاطعه ناصر : لا ليش ..؟ انت تعرف بناته سامع شي ..؟ لافي رجال والنعم مصلي صوام جارنا من سنين وماشفنا منه الا كل خير .
كملت ام فهد وكأنها تاخذ الدور عن زوجها : وبناته كل و حده ازين من الثانية ..
رد فهد بعصبيه : امهلوني افكر .
التفت على ابوه اللي قال بحزم : اذا تبي رضاي يافهد الخميس نروح لـ لافي ونخطب منه .
: ابي رضاك بس ..
قاطعه ابوه بحزم اكثر : بس انك تطيعني وتسمع كلامي .. انا لي سنين وانا مخليك على كيفك .. جا الوقت اللي تمشي فيه على كيفي وتسوي اللي ابيه اذا يهمك رضاي .
شد شعره ومسد وجهه بقوة قال : سو اللي تبيه يايبه .. الحياة ماعاد هي مثل اول ..
ابتسم بوجع وهو يوقف وكمل : الله يرحم واحدٍ كان مزينها في نظري .
تنهد بمرار لسيرة الفقيد وطلع من البيت وترك امه وابوه ..
مابين فرحهم لموافقته .. وحزنهم على حاله ..
هز ابو راسه وهويقول : ماودي انا ضغطنا عليه .. وماكنت ابيه يوافق غصب .
ابتسمت امه وهي تربت على فخذ ابو فهد وتهديه قالت : اليوم ضايق وبكره يستانس ياابو فهد .
هز ابو فهد راسه قال : جهزي عمرتس تروحين انتي وامي لمرة لافي واخذوا فوزية معكم ..
* المصدر العزيزة الغالية Q8- Angel
قراءةٌ ممتعه اتمناها لكم دون ملل ..
***