المنتدى :
الارشيف
قراءة سريعة لرواية عموم الليالي لمحمد ربيع (موضوع حواري)
أول ما يسترعي انتباهك، قبل أن تدخل عالم الرواية، هو عنوانها
الغريب، والصورة الأغرب، لرجل عاري الجسم، رأسه مربوط إلى
فخذيه، وجسده متدل تشده حبال من جميع أطراف، ولا يخفى
على القارئ الفطن، ما ترمز إليه هذه الصورة، من عذاب الإنسان
الأبدي وحيرته اتجاه مطالب الجسد ومطالب الروح...
أما العنوان المثير، فإن الرواية توضح لك ذلك فيما يلي عندما يتحدث
القسيس نفسه بثورة عن الوضع الراهن:
(...عموم الليالي سُرقت منا، حتى أنه لا يجد أي منا إذا بحث في
أعماقه عن شيء جميل، أو ذكرى حلوة، أو ساعة حظ، أو حتى
دقيقة حظ، خرج بها من عموم لياليه السابقة...)
هذا المقطع، يكشف عن اتجاه الرواية...وفي الحقيقة فموضوع الذي
تعالجه الرواية شائق بقدر ماهو شائك...الرواية تتعرض لوضعية
الأقباط في المجتمع المصري، وتعرض من جهة العلاقة فيما بينهم،
ومن جهة ثانية العلاقة بينهم وبين إخوانهم المسلمين، كما لا تغفل
إلقاء بعض الضوء على نظرة الناس العاديين إلى رجال الدين....
بطل الرواية قسيس يدعى (أبونا أبرام)، ضاق بحياة الدين ذرعا...
وأراد ـ بعد صراع حاد مع نفسه (ضميره) ـ أن ينهي حياته
منتحرا...لكن ليس بأي طريقة، وإنما بطريقة واحدة هي التي
ستستطيع أن تمنح له هذا الإشباع والراحة النفسية قبل موته،
وهي أن يسقط من مكان عال، لكي يكون هناك بين السقوط وبين
الإرتطام بالأرض مهلة من الوقت، تمنحه ذلك الشعور، بشرط أن
يتجمهر الناس قبل ذلك لمشاهدة آخر لحظات حياته،... وبعد تفكير
مضن، يتمكن بمساعدة المخبر (رجب) وصديقه الشيخ (صلي ع
النبي) من تنفيذ خطته للإنتحار ، لكن يتضح له في الأخير، بعد أن
يقفز، أن المخبر كان قد أعد له خدعة، وأن قفزته للإنتحار كانت
بدون نتيجة...
هذا عن موضوع الرواية، فماذا عن صاحبها... الأخ محمد ربيع قاص
مبدع يستوحي عالمه من مجتمعه وواقعه، يمتلك تقريبا كل ما
يحتاجه القاص من أدوات...روايته هذه محكمة الصياغة، ينقلنا
الكاتب بين ثنايا أحداثه بكل سلاسة، ويكشف للقارئ عن نفسيات
شخصياتها بأسلوب مشوق، ويورد آراءها وميولها بطريقة جذابة،
ويعرف متى يستخدم العامية، فتأتي عفوية، تمنح النص واقعية
وجاذبية...
غير أن ما لم أستسغه في الرواية، فهو هذا الكم الهائل من
الأخطاء، التي تجثم على نفس الرواية وتعكر صفو القراءة،
هذه الأخطاء كثيرة كثرة مفرطة، حتى أنني توقفت عن تعدادها
وتتبعها في الصفحة 12، لأنها والحقيقة تقال، أكثر من أن تعد
وتحصى، وأنا أصارح عزيزنا محمد ربيع، أن الكثير من القراء حينما
تواجههم أخطاء لغوية كثيرة منذ الصفحة الأولى، يرمون بالعمل
جانبا، ويحكمون عليه قبل قراءته بالرداءة والضعف...
وأنا أورد هنا بعض الأخطاء:
وقتا كافيا ص 2 س 3 والصحيح وقت كاف
إلي ص 2 س 4 الصحيح تفسد أوقات فراغي علي
الدفاع عني ص 2 س 8 الصحيح عن نفسي
ورائها ص 2 س 10 والصحيح وراءها
ساقاي ص 2 س 10 الصحيح ساقي
اتحاشها ص 3 س 23 اتحاشاها
عائق ص 4 س 1 عائقا
وأخطاء أخرى كثيرة لا حاجة لي لإيرادها، فكل صفحة فيها على
الأقل من 5 أخطاء إلى 10 أخطاء لغوية ونحوية... وأنا أتلمس من
صديقنا محمد ربيع أن يتداركها بالتنقيح والتصحيح، لأن عملا بهذا
الحجم والأهمية، لن يكون كاملا ورائعا،إلا إذا توفرت له كل عوامل
الجودة...فما بالك باللغة التي تعتبر القلب النابض لأي عمل أدبي
مهما كان شأنه.
في الرواية نفس كوميدي ساخر، يوظفه الكاتب بمهارة، لانتقاد
بعض المظاهر الإجتماعية والسياسية والدينية في المجتمع، أورد
هنا بعض المقاطع التي أثارت إعجابي:
(... ـ ما هو أنت قاعد هنا في الضلة ما شفتش البوس كان شكله
إيه، أنا أكيد حبلت يا أبونا
ـ ابتي أنت راجل مش ست وبعدين الحبل عاوز حاجات تانية غير
البوس...)
(... ـ الساعة تسعة تصحيني، قبل التسعة لا، فاهم، لو حتى
رئيس الجمهورية اتكسف على دمه واستقال
ـ طيب يا أبونا ماشي، يعني أنا مش ها صحيك إلا لو رئيس
الجمهورية ده استقال عيني حاضر..)
(...قول له صلي ع النبي وخش يمين يا أخ
ـ طب ما تصلي أنت ع النبي وتخش يمين ولا شمال
.....................
ـ ياجدع، بلغه وهو هيفهم
ـ طب أنا ممكن أقوله يمشي يمين ده، لكن أقوله صلي ع النبي
ازاي، هيفتكرني كفرت وبقيت مسلم، ما توديني في داهية يا
أستاذ... )
(...سيذهب مدحت ليأتينا ببنطلونين وقميصين وسنحلق اللحى
والشوارب ونرمي بأغطية الرأس إلى الزبالة
ثم نخرج للدنيا ...)
كانت هذه بعض النظرات في رواية صديقنا محمد ربيع (عموم
الليالي) في عجالة، ولا أدعي أنني استقصيت هنا جميع
خصائصها، فهذا يحتاج إلى دراسة متأنية من جميع النواحي، هذه
الرواية تستحقها...
وأوجه من على هذا المنبر نداء إلى الأصدقاء بليلاس بأن يقرأوا هذه
الرواية الشيقة، ولا يبخلوا على صديقنا القاص الموهوب برأيهم
ونقدهم وتشجيعهم، وأشير على صديقنا محمد ربيع أن يثير انتباه
أصدقائنا إلى رواياته في منتدى إبداعات الأعضاء ومناقشاتهم، فهذا
المنتدى يفتح المجال لقراءة أعماله والتعليق عليها من طرف
الأعضاء والقراء....
وأخيرا أحيي قاصنا الموهوب، وأقول له أن يواصل الكتابة، وموهبته
بالصقل والعناية، وتحسين أدواته لا سيما اللغوية منها، وتقبلوا مني
كل احترامي وتقديري... أخوكم عتيق أخواجي
|