كاتب الموضوع :
جلاد الليل
المنتدى :
التاريخ والاساطير
زايد بن سلطان آل نهيان
الشيخ زايد بن سلطان
عمل سمو الشيخ زايد بن سلطان دائماً على تحقيق الوحدة والتضامن سواء بين الإمارات المختلفة، أو بين دول الخليج بل بين دول العالم العربي ككل، وفيما قاله عن التضامن بين دول الخليج نذكر قوله: " إن قوة الخليج في وحدته الاقتصادية ، لأنها التحدي الحقيقي الذي سيثبت فيه الإنسان الخليجي مكانته التي يستحقها، ولأن القوة الاقتصادية هي المقياس الحقيقي للقوة الذاتية الخليجية، تعويضاً للتخلف ، واندفاعا نحو التقدم والرقي" .
النشأة
ولد الشيخ زايد بن سلطان في عام 1918م، بقصر الحصن بإمارة أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، ويأتي ترتيبه الرابع بين أبناء الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان والذي قام بحكم إمارة أبو ظبي في الفترة مابين 1922- 1926م، انتقل بعد ذلك هو وأسرته إلى منطقة "العين" هذه المنطقة التي تعد مركزاً لتجمعات البدو والتي يتقابلون بها لتبادل السلع والمنتجات، حيث نشأ بها وتعلم الكثير من أمور الصحراء وحياة البدو بين جبالها وأوديتها وكان لها تأثير كبير في تشكيل شخصيته بعد ذلك.
قام الشيخ زايد بن سلطان بتعلم أحكام الدين الإسلامي، بالإضافة لحفظه القرآن الكريم، كما كان يهوى الإطلاع والمعرفة، وكانت له العديد من الهوايات والتي برع فيها منها الصيد حيث كان يقوم بالعديد من رحلات الصيد، وأيضاً كان له اهتمام وشغف كبير بالرماية، وركوب الجمال والخيل والسباقات، فكان لديه إلمام كبير بأمور الصحراء وجبالها ودروبها والحياة البدوية، بالإضافة لاهتمامه بالجلوس إلى كبار المشايخ للتعرف إلى تاريخ الأجداد وغيرها من الأمور التاريخية الخاصة بشبه الجزيرة العربية.
ونظراً لاهتمامه الكبير بالحياة الطبيعية والصحراء والموارد الطبيعية الموجودة بها، اكتسب حب واحترام البدو الأمر الذي أدى بعد ذلك لمساهماتهم في دعمه في العديد من الأمور والتي كان من أهمها مشروع الوحدة، ونتيجة لتعلمه وخبرته الكبيرة في الصحراء وقع الاختيار عليه ليكون مرشداً لأعضاء شركة حضرت إلى الإمارات في هذه الفترة للتنقيب عن البترول.
حاكماً لمنطقة العين
في عام 1946م وقع الاختيار على الشيخ زايد بن سلطان ليكون ممثل للحاكم في منطقة العين على الرغم من حداثة سنه حينذاك إلى حد ما وذلك نظراً لحب الناس له واحترامهم وثقتهم به، وبالفعل تولى مسؤولية إدارة منطقة العين والتي كانت تتكون من تسع قرى، حيث تمكن من خلال إدارته لها من تحقيق العديد من الإنجازات منها قيامه بتعديل ملكية الموارد المائية وتوزيعها بالتساوي على جميع المناطق مما أدى إلى زيادة الإنتاج بالمنطقة وتحقيق ازدهار ملحوظ بها، كما نجح في تنمية الزراعة، وقام بإصلاح الأفلاج القديمة " والفلج هو مجري مائي صغير يجري فيه الماء من المنبع إلى المصب بفعل انحدار الأرض وذلك لري الأراضي الزراعية"، كما حفر الأفلاج والآبار الجديدة للتوسع في زراعة الأراضي ويعد فلج الصاروج هو واحد من أكبر أفلاج مدينة العين وأكثرها غزارة والذي أستغرق حفره ثمانية عشر عاماً، ولقد تخصص في هذا العمل الضخم جماعة من قبيلة العوامر من حلفاء بني ياس الذين تخصصوا في حفر الأفلاج كل هذا تحت رعاية وإشراف سمو الشيخ زايد والذي كان لا يكتفي بالإشراف فحسب بل كان يمد يده بالمساعدة المباشرة أيضاً، بالإضافة لقيامه بتشجير منطقة العين مما جعلها تبرز كإحدى أجمل المدن في المنطقة.
تغيرت منطقة العين خلال العشرين عاماً التي قضاها حاكماً لها فأصبحت جنة خضراء، فبرزت أهميته كشخصية تجمعت فيه جميع العناصر التي تبشر بزعيم وقائد عظيم يقر بمبدأ المساواة والعدل بين الناس جميعاً، ويحمل هم الوطن ويبذل الكثير من الفكر والجهد من أجل التقدم به.
حاكماً لأمارة أبو ظبي
أصبح سمو الشيخ زايد بن سلطان حاكماً لأمارة أبو ظبي في 6 أغسطس 1966م، بعد أن تنازل له أخيه الشيخ شخبوط عنها، وبعد أن تولى الشيخ زايد مقاليد الحكم في إمارة أبو ظبي قام بتنفيذ العديد من المشاريع الضخمة فقام بتشييد المدارس والمستشفيات بالإضافة لمشاريع الطرق ومشاريع الإسكان، فشهدت أبو ظبي في خلال فترة حكمه العديد من الإنجازات ونهضة عمرانية واضحة، كما بدأ ينظر للبترول كوسيلة لبناء المجتمع.
على الرغم من الإنجازات التي حققها في فترة حكمه لإمارة أبو ظبي، إلا أنه كان يراوده حلم بتحقيق الوحدة بين العديد من الإمارات المختلفة، وهو الأمر الذي تحقق بعد ذلك لتتكون دولة الإمارات العربية المتحدة كما حلم بها.
توحيد الأمارات
في عام 1968م، أعلنت بريطانيا قرارها بالانسحاب من المنطقة الواقعة شرقي قناة السويس، بما فيهم الإمارات على أن يتم الانسحاب الكلي قبل نهاية عام 1971م، حيث كانت بريطانيا قد وقعت اتفاقية مع شيوخ الأمارات في عام 1891م بعدم التصرف في أي أراضي لها أو أجراء مباحثات مع أي دولة أجنبية دون الرجوع لبريطانيا وأن تتولى هي مسئولية العلاقات الخارجية والدفاع عن الإمارات وتترك لهم مسئولية الشئون الداخلية.
ونتيجة لهذا الانسحاب البريطاني، تتطلع كل من الشيخ زايد حاكم إمارة أبو ظبي والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم إمارة دبي للوحدة بين كل من الإمارات المختلفة والبحرين وقطر ولكن هذا الحلم لم يكتمل نظراً لعدم رغبة كل من البحرين وقطر في الوحدة، وعلى الرغم من هذا سعى كل من الشيخين من أجل إكمال وحدة الإمارات العربية، وبعد العديد من الاجتماعات والمناقشات تم الاتفاق بين حكام الإمارات الست " أبوظبي، دبي، الشارقة، عجمان، أم القيوين، الفجيرة " على إعلان الاتحاد بينهم، وذلك في 2 ديسمبر عام 1971م، هذا التاريخ الذي يعد نقطة البداية في بداية الدولة الإماراتية، حيث إنه في هذا التاريخ تم إعلان تأسيس دولة الإمارات مع أصحاب السمو حكام الإمارات المختلفة في دار الإتحاد بدبي، كما تولي صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئاسة الدولة، ونظراً لجهوده المبذولة وإخلاصه من أجل الوحدة بين الإمارات المختلفة تم اختياره أكثر من مرة من قبل حكام الإمارات أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد لفترات حكم متعاقبة، كما تم تعيين الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم نائباً للرئيس، وفي العام التالي للإتحاد بين الأمارات انضمت أمارة "رأس الخيمة للاتحاد" .
التكريم
نظراً لجهوده المبذولة في العديد من المجالات حصد الشيخ زايد بن سلطان التكريم والجوائز المختلفة من العديد من الجهات منها: في عام 1985م تسلم صاحب السمو الوثيقة الذهبية التي تم منحها له من قبل المنظمة الدولية للأجانب ومقرها في جينيف وذلك تقديراً منها لجهوده في المجالات الإنسانية المختلفة ورعاية الجاليات الأجنبية العاملة في الدولة.
وفي استطلاع للرأي عام 1990م على مائة ألف مواطن عربي تم اختياره من ضمن عشر شخصيات عربية وعالمية لها دور بارز في مجال الإنماء السياسي والاجتماعي.
كما اختير صاحب السمو زايد بن سلطان آل نهيان " رجلاً لعام 1991م" وذلك في استفتاء جماهيري قامت به مجلة " الاثنين " اللبنانية.
ونال الشيخ زايد بن سلطان عدد من الأوسمة أيضاً: منها وسامين من منظمة الليونز العالمية تقديراً لمواقفه في بناء دولة الإمارات في عام 1992م، كما حصل على الوسام الذهبي للتاريخ العربي المقدم من جمعية المؤرخين المغاربة.
اختير الشخصية الإنمائية لعام 1995م على مستوى العالم في استطلاع للرأي قام به مركز الشرق الأوسط للبحوث والدراسات الإعلامية في جدة حيث شارك في هذا الاستطلاع أكثر من نصف مليون عربي والجاليات العربية حول العالم.
كما وقع اختيار صحيفة "العرب" العالمية التي تصدر في لندن على صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان شخصية العام 1997م، وذلك بفضل جهوده وأعماله الجليلة في رأب الصدع بين مختلف الأقطار العربية التي وجدت بينها العديد من الخلافات.
كتب تناولته
احتلت سيرة سمو الشيخ الراحل زايد بن سلطان آل نهيان العديد من الكتب التي تناولت حياته، وكفاحه من أجل الوحدة والتقدم ببلده سواء من خلال السرد عن طريق الكلمات أو من خلال الصور الفوتوغرافية المعبرة والتي تم التقاطها في العديد من الأحداث والمناسبات ونذكر من هذه الكتب مايلي:
كتاب " الشيخ زايد بن سلطان ... شهادات تبقى " صدر هذا الكتاب باللغة العربية عن وزارة الإعلام والثقافة متضمناً بعض الكتابات التي نشرت في الصحف العربية والأجنبية عن سموه.
كما صدر كتاب آخر بعنوان " زايد – رحلة فوتوغرافية " وهو يتضمن مجموعة من الصور التي تجسد حياة سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويعتبر هذا الكتاب سجلا شاملاً لحياة الشيخ زايد ويتناول خلفيته البدوية وشغفه بالطبيعة وحبه للصيد بالصقور وركوب الجمال والخيل، وأيضاً يتناول نضاله من أجل شعبه ضد الظروف الاقتصادية القاسية التي كانت تعاني منها البلاد في أوائل القرن العشرين، وغيرها العديد من الأحداث التي أثرت به أو أثر هو بها في تاريخ الإمارات.
وكتاب أخر صدر بعنوان " الشيخ زايد – حياة وأزمان 1918- 2004" وهو أيضاً عبارة عن مجموعة صور فوتوغرافية قام بالتقاطها المصور نور علي الراشد وهو "المصور الرسمي للشيخ زايد ولديوان الرئاسة" وهي مجموعة صور نادرة لعدد من الوقائع التي حدثت في الماضي، كما يضم صور للشيخ زايد في كلا مرحلتي حكمه سواء كحاكم لإمارة أبوظبي، أو كرئيس لدولة الأمارات، كما يضم بعض الصور الشخصية والأسرية له، ونظراً لأهمية هذا الكتاب فهو يعد مرجع أكاديمي للعديد من الجامعات والمؤسسات التعليمية.
كما قام الشيخ زايد نفسه بإصدار كتاب عن رياضته المفضلة وهي الصيد بالصقور فقدم كتاب " رياضة الصيد بالصقور" والذي يعد دراسة عن هذه الرياضة المحببة عند أهل الجزيرة العربية منذ القدم والتي تحتل مركز الصدارة في الرياضات العربية الأصيلة فحرص سمو الشيخ زايد بن سلطان في هذا الكتاب أن يعرض ما كتب قديماً عن هذه الرياضة بالإضافة لتجربته هو الشخصية من خلال ممارسته لها وخبرته العميقة فيها.
الوفاة
توفى صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله في 2 نوفمبر عام 2004م، بعد أن قدم لبلاده الوحدة بين مختلف إماراتها والعديد من الإنجازات الأخرى التي تقف شاهدة على مدى إخلاص هذا الرجل لبلاده وعمله الدائم من أجل التقدم بها وتحقيق الرخاء لها، رحمه الله رحمة واسعة وجزاه خيراً عن شعبه.
جاء سمو الشيخ خليفة بن زايد أكبر أبناء سمو الشيخ زايد بن سلطان ليخلف والده في حكم البلاد ويكمل مسيرة من التطوير والتقدم للبلاد.
|