كاتب الموضوع :
freedon
المنتدى :
أغاثا كريستي , روايات أغاثا كريستي
واستطرد بوارو يقول :
- ويعتقد رجال الشرطة في اندوفر ان في مقدورهم وضع أيديهم على الفاعل...
وازدادت انفعالاتي هبوطا بينما أردف بوارو يقول :
- ويبدو ان المرأة كانت على خلاف مع زوجها الذي أدمن الخمر وأصبح عاطلا منحط الأخلاق وقد سمعه الكثيرون وهو يهدد زوجته بالقتل ...
وصمت بوارو برهة قبل ان يستأنف الحديث قائلا :
- ومع هذا كله فان رجال المباحث في ادارة اسكوتلانديار يريدون ان يعيدوا النظر في الرسالة الغامضة التي تلقيتها وقد وعدتهم بأننا سنحضر الى اندوفر.
وأحسنت بالإنفعال المثير مرة اخرى وخامرني ذلك الشعور القديم شعور كلب الصيد وهو يتأهب للإنطلاق وراء الثعلب المراوغ ...
وكان بوارو لايزال يتحدث ولكنني لم اسمع شيئا مما قال :
واستقبلنا في اندوفر المفتش جلين وكان رجلا طويلا أشقر البشرة لطيف الإبتسامة.
واعتقد ان واجبي اولا ان اسرد هنا الحقائق المجردة التي عرفت عن الجريمة والظروف المحيطة بها :
"اكتشف امر الجريمة الكونستابل دوفر في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل أي في اول ساعة من صباح اليوم الثاني والعشرين من الشهر وكان يقوم بدوريته الليلية التفتيشية عندما لاحظ ان باب دكان المسز آسكر غير مغلق فدخل ..فظن في اول الأمر انه لايوجد به احد .وفيما هو يسلط كشافه الكهربائي على ما وراء منصة البيع رأى جسم امرأة عجوزا مكوما ولما حضر طبيب الصحة قال ان المرأة العجوز _الذي ثبت انها المسز آسكر نفسها_ ماتت بضربة عنيفة اصابت مؤخرة راسها .ومن المحتمل ان تكون الضربة هوت عليها اثناء استدارتها لإستحضار علبة سجائر من فوق احد الرفوف .وقد حدد الطبيب الوفاة من سبع الى تسع ساعات قبل اكتشاف الحادث "
وقال المفتش في اثناء حديثه :
- ولكننا استطعنا ان نحدد الوقت بأقل من هذا لأننا عثرنا على رجل اعترف انه اشترى علبة تبغ من المسز آسكر في الساعة الخامسة والنصف من مساء الحادي والعشرين وقال آخر انه ذهب لشراء علبة سجائر فوجد الدكان خاليا كما ظن في الساعة السادسة وخمس دقائق .وانا لم اعثر بعد على
اي شخص يشهد بانه راى زوجها المستر آسكر بالقرب من دكانها في ذلك الوقت المحدد ولكن قيل لنا انه كان في حانة "ثري كراونز" فاقد الوعي بالخمر في الساعة التاسعة من مساء امس وعندما يتم القبض عليه سوف نحجزه رهن التحقيق.
فقال بوارو :
- انه كما سمعت شخصية فاسدة.
- أجل ..
- هل كان يعيش مع زوجته ؟
- لالقد انفصلا منذ بضعة أعوام وآسكر الماني الجنسية وكان في يوم ما يشتغل جرسونا واصبح تدريجيا غير صالح لأي عمل واشتغلت زوجته بالخدمة في البيوت حينا وكان آخر عمل لها اشتغلت طاهية ومدبرة في منزل عانس عجوز تدعى المس روز وكانت المسز آسكر تعطي بعض المال لزوجها من اجرها لتسكنه عنها.ولكنه كان يسكر ويذهب اليها ويثير معها المنازعات والفضائح ...وهذا ما جعلها تقبل العمل مع المس روز في بلدة جرانج التي تبعد عن اندوفر بثلاثة اميال . وهكذا لم يكن يستطيع ان يتردد عليها بكثرة ولما ماتت المس روز تركت في وصيتها للمسز آسكر مبلغا من المال استطاعت به ان تنشىء متجرا لبيع التبغ والحلوى والصحف .وكان دخلها من هذا المتجر يتيح لها حياة الكفاف .ولكن زوجها ظل يثقل عليها بطلباته حتى اتفقت معه على اعطائه خمسة عشر شلنا كل اسبوع اتقاء لشره.
- هل لديها ابناء ؟
- لا. ولكن للمجني عليها ابنة اخت تشتغل مدبرة بيت في بلدة اوفرتون وهي فتاة ناضجة كريمة الأخلاق .
- وذلك الرجل المدعو آسكر كان يهدد زوجته دائما ؟
- أجل. وكان اذا سكر يصبح وحشا بذيء اللسان وكثيرا ما هددها بتحطيم راسها
- وكم كان عمر المجني عليها ؟
- في نحو الستين ..وكانت سيدة محترمة مكافحة .
- اذن فأنت تعتقد يا سيدي المفتش بأن زوجها هو القاتل؟
فتنحنح المفتش جلين قبل ان يقول :
- يجب اولا ان نعرف كيف امضى فترة المساء امس فاذا ثبت انه كان بعيدا عن مسرح الجريمة عند وقوعها فربما افرجنا عنه والا...
- ألم يسرق شيء ...فان النقود ظلت كما هي في الدرج ولايبدو ان هناك شيئا مسروقا.
- اذا قانت تعتقد ان المدعو آسكر ذهب _وهو مخمور_ الى دكان زوجته ثم تشاجر معها وضربها بشيء ثقيل على أم راسها ؟
- هذا ما يبدو لنا حتى الآن..ولكننا نريد ان نلقي نظرة على الرسالة الغامضة التي جاءتك
وبعد ان قرأ المفتش الرسالة قطب جبينه وقال :
- لايلوح ان آسكر هو كاتبها لأن يد الرجل اصبحت الآن ترتعد بشدة بسبب ادمانه الخمر وهذه الرسالة مكتوبة بيد ثابتة وبخط واضح .كما ان الورق والمداد من نوعين ممتازين بعيدين عن متناول رجل في مثل ظروف آسكر ولهذا ارى ان الأمر مجرد مصادفة.
- هذا محتمل..
- ولكنني لا اطمئن الى هذا النوع من المصادفات
وصمت برهة قبل ان يقطب جبينه مرة اخرى ويردف قائلا :
- أ.ب.س ...من يكون هذا الشيطان ؟ لسوف نحاول ان نعرف راي ماري دراور _ابنة اختها_ في هذا
الموضوع ولولا هذه الرسالة لراهنت بكل قرش معي ان آسكرهو الجاني .
- ألديكم اية معلومات عن تاريخ المجني عليها ؟
- انها امرأة من اقليم هامشاير ذهبت للخدمة في المنازل منذ كانت فتاة في مدينة لندن ...وهناك
تقابلت نع آسكر وتزوجته وفي عام 1945 انفصلت عنه نهائيا بدون طلاق وعادت الى هذه البلدة لتبقى في منأى عنه ولكنه تبعها الى هنا وراح يبتز مالها..
وهنا حضر احد الكونستبلات فقال له المفتش :
- حسنا يا بريجرز ؟
- لقد أحضرنا المدعو آسكر
- أدخله فورا اين كان ؟
- كان مختفيا في مركبة سكة حديد مهجورة
- حسنا . أدخله فورا.
وكان فرانز آسكر الألماني الأصل والإنجليزي الجنسية نموذجا بائسا من الجنس البشري وكان يثرثر
ويدمدم قائلا وهو يحملق في وجوهنا بنظرات ملؤها الخوف والإحتجاج:
- ماذا تريدون مني ؟ انني لم افعل شيئا..انكم تظلمونني .كل انسان في هذه الدنيا يظلمني .انني مسكين.دعوني وشأني.
وشرع آسكر في البكاء وهنا قال له المفتش :
- تمالك نفسك يا آسكر .اننا لم نوجه اليك بعد أي اتهام .ولم يجبرك احدا على ان تقول شيئا رغما عنك.
- ولكنني لم اقتلها .لم اقتلها...دعوني وشأني.
- لقدهددتها كثيرا بالقتل يا آسكر..اليس كذلك ؟
- لا..لا..كنت امزح معها فقط
- نوع لطيف من المزاح ...اليس كذلك ؟ حسنا..اين كنت بعد غروب يوم امس يا آسكر ؟
- انني لم اقترب من دكانها .لقد كنت امس بعد الظهر حتى ساعة متأخرة من الليل مع اصحاب محترمين ذهبنا اولا الى حانة "سيفن ستارز" ثم الى حانة "رد دوج" وكان معنا ديك ويلوز وكرودي العجوز وجورج وبلات وغيرهم.نعم انني لم اقترب منها امس.
ولما بدأ يصرخ _وهو في حالة انهيار عصبي _ امر المفتش بنقله الى غرفة الحجز على ذمة التحقيق ثم قال بوارو :
- ما رايك في هؤلاء الشهود ؟
- انهم جميعا من مدمني الخمر .ويتوقف الأمر الآن على ان يكون هناك شهود آخرون قد راوه بالقرب من الدكان بعد ظهر امس.
وبعد برهة صمت قال بوارو :
- هل انت واثق بان شيئا ما لم يسرق من الدكان ؟
فهز المفتش كتفيه وقال :
- من يدري ؟ ربما سرقت علبة سجائر او اثنان فان هذا الشيء لايمكن التأكد منه
وبعد برهة صمت أردف قائلا :
- لكن من غير المعقول ان يرتكب شخص ما جريمة قتل ليسرق بضع علب سجائر .
وقال بوارو :
- ألم يكن هناك في مكان الجريمة شيء ؟ أعني شيئا غريبا في وضعه او شكله او مثيرا للإنتباه ؟
ففكر المفتش برهة ثم قال :
- كان هناك دليل سكة حديد
- دليل سكة حديد ؟
- أجل وكان مفتوحا ومقلوبا على منضدة البيع وكأنما كان ثمة شخص يبحث فيه عن مواعيد القطارات المتحركة من محطة اندوفر
- وهل كانت المسز آسكر تبيع هذا النوع من الكتب ؟
فهز المفتش راسه وقال :
- كانت تبيع جداول سفر صغيرة لاتزيد ثمن الواحد منها على نصف قرش اما هذا الدليل فهو من الحجم الكبير الذي لا يباع الا في المكتبات الكبيرة .
وهنا ومضت عينا بوارو وقال بلهفة :
- أتقول دليل سكة الحديد ، أهو دليل برادشو او أ.ب.س؟
وهتف المفتش قائلا :
- بحق السماء .انه من هذه النوع الذي يقوم على الأحرف الهجائية.
|