المنتدى :
خواطر بقلم الاعضاء
لطمة
لطمة
----
أحبها ، أحب حديثها ، حين أبصرها في إحدى الندوات ...كانت تصغره كثيرا ، لم يفلح فى كبح جماحه. دنا منها ، وهمس :" كنت أكثر من رائعة ".
بينما كان شاب قوى فى مثل عمرها أو يزيد قليلا ، يستميت فى إبعاده ، و سد الطريق أمامه بشتى الطرق .
كانت تعرفه من خلال كتاباته ، والآن رأته .
رجل يقترب من نهاية الأربعين ، بعض شعيرات بيض ، ووجنتان شبه غائرتين ..
لم تعره التفاتا ، وعندما انصرف فى ذلك المساء ، لم تشعر بغيابه .
في أمسية تالية كان وجهه ينتفض ، وهو يلقى بصوته - الذي يحمل مزيجا شجيا من رَخَامة وحنان دافىء ، يصل إلى حد التهدج - إحدى قصائده ....
كانت نصب عينيه ، وحين انتهى غاص في مقعده .
كانت أول من أبدى إعجابه ، وجرت كل الحضور لذاك الإعجاب ، فتقاذفه قلبه ، وطار به عاليا حيث السحاب !
دنا منها ليشكرها ..
دفعه الشاب فى صدره بطريقة بدت عفوية ، فابتلع غصته ، ثم عاود محاولته ، وعاد نفس الشاب وإن بدا أكبر سنا ، لسد الطريق .. ناوره ..وبعد محاولات ، استطاع الوصول إليها :" لا أستحق كل ما قلت .. كنت مجاملة ".
هتفت فى اعتداد :" أنا لا ألقى كلماتي اعتباطا ...أعرف ما أقول .. ". وانصرفت وهى تبتسم بود ، وإن اشتعلت وجنتاها غضبا .
التقط أنفاسه ، توقف ، واستدار ......بكفه كان يبعد دمعات تسربت على وجهه.
قلت :" لم تكمل .. ..".
تماسك ، ثم اغتصب بسمة لا أستطيع تصويرها ، إن كانت بالفعل ابتساما أم بكاء .
قال :" كنت أنا من لفت الأنظار إلى سحر ما تكتب ، كنت أهلل بطريقة صبيانية ، حتى أرغمت الجميع على متابعة لفظها ، كانت تبدو كجنية وساحرة ".
ثم كان ذاك المساء ....كان على إلقاء قصيدتي ، ولم تكن القصيدة بعيدة عنها ، هي من دفعني لكتابتها ، كان هوس بها يقتلني ، يبكيني ، ويضنيني ، خرجت الكلمات غاضبة ، وكان الشاب القوى الذي يكبرها قليلا هو شاغل قصيدتي ، وانتهيت وأنا أتصبب عرقا .. همست حين عبرت بجانب مقعدها :" لم أرك غاضبا إلا الساعة ، وأنا ما تعودت منك الغضب ".
فاهت بكلمات ما توقعتها ، أو حتى حدستها ، ولكنها فى مقابل ذلك أنهت ما قالت ببعض كلمات فشلت في فهمها تماما ، طلبت منها إيضاحا ، رجوتها ، غضبت ، بعد قليل انسحبت ، وهى تلومني على عدم فهمي .
والليلة.... جاءت ، ولأول مرة ...كانت جافة .. تعرض صورا فقط .
كأن ما كتبته كتب على عجل ، ولم يأخذ وقته كافيا.. كانت عارية من زخارفها ، دفئها ، وكلماتها التي تشع ذكاء وفطنة ..
افتقدت سحرها يا سيدي ، وخفت عليها ، كدت أجن ... أهي من كتبت هذا ؟ مما دفعني وبحماقة لا أعرف كيف تلبستنى :" أنت غير .. أين هذا الشجن الجميل .. هذا السحر ؟ ".
فما كان منها إلا أن لطمتنى بالأوراق ، واندفعت خارج القاعة ، وهى تردد باكية :" حتى أنت .. لا طعم و لا راحة و لا لون ......
...اقرأ .. أتراني أخطأت يا سيدي ؟".
أعطاني الأوراق .. قرأت ما تحمل ، فازددت عجبا .. لم تكن قصة ، ولا قصيدة ، كانت ..... .
هتفت رغما عنى :" أحمق ...كان لابد لها أن تلطمك ".
ربيع
|