الفصل الحادي عشر
لينا جالسة على الكرسي بظهر معتدل في الغرفة وهي تشوف راكان ينزل بشته الأسود عن كتفه ويعلقه ثم رجع لها وجلس قدامها وقال بصوت خافت
"مبروك عليك يا لينا "
لينا مع توترها ومع الغربة اللي تحسها من المكان ومن الشخص اللي قدامها وهي معه لحالهم وكأنها في معزل عن العالم الخارجي كانت خايفه لدرجت توقعت تبدأ الليلة بمجادل وهي تحس بنار كرهه تحركها لكنها قررت تتمالك نفسها بعد ما تذكرت وصية ناصر و بتأجل حربها إلى بكره و بشكل آلي ردت عليه
" الله يبارك فيك "
أبتسم وقال
" طيب أنا بعد ما فيه لي مبروك! "
بعدت عينها عنه ولا توقع أن يشوف وجها جامد بارد لدرجة تخلي اللي تكلم معها يشك أنه قال شيء غلط وفعلا هذا اللي كانت تبغى توصله لينا له خصوصا تحت وطأة الحقد والكره اللي زرعها فيها ومع هذا تغاضى راكان عن تصرفها وقال
" تفضلي "
التفتت له وشافت في يده علبتين مخمليتين ولأنها تدور شيء يقطع الوقت حتى يأذن الفجر أخذتها منه وفتحتها .العلبة الأولى كان فيها عقد والعلبة الثانية فيها سلسلة ذهبيه ناعمة و علاقتها على شكل قلبين متداخلين و في وسطهم قلب اصغر تزينه كريستالتين بلون البحر قال راكان
" أعجبك؟ "
قالت له لينا بصدق
" بصراحة عندك ذوق حلو "
" السلسال وخاتمة أبيك تلبسينها على طول وما تنزلينها ابد "
وتذكرت لينا إن
عبير وناصر اختاروا هدية راكان بس هي نست المكان اللي قالت لها عبير إنها حطتها فيه و ما قدرت تقاوم الإحراج في داخلها وهي تشوف أدبه ولطفه في تعامله معها بعكس ما كانت تتخيل. شاف راكان أن اللون الأحمر بدا يزحف من جديد لوجهها فقال
" تحبين تقولين لي شيء يا لينا أو توضحين لي كيف ودك تبدين حياتك معي"
ناظرته لينا وسألت
" هو أنا أقدر أقرر؟ "
" طبيعي بما إننا بنعيش مع بعض لازم نتفق على نمط حياة معين "
قالت بنبره هاديه توضح كل المشاعر اللي بداخلها
" ما أذكر أننا اتفقنا من قبل عشان كذا ما أتوقع أننا نتفق الحين"
راكان ما حب يفسد ليلة العمر على ما يقولون ولا كان وده أنه يذكر أي شيء سيء فيها لكنه أضطر يقول للينا
" لينا أبغى منك تنسين كل شيء صار قبل ولا تفكرين إلا في ليلتنا والمستقبل بس غير كذا أنسيه ولا عاد تذكرينه "
"ما أتوقع أني أنسى "
" هذا الشيء أنا ما راح أناقشه معك الحين لأن هذا مهوب وقته "
تأملها وبدل ما يقول اللي كان يبيه تردد ولأنه كان فاتحه فمه سبقه لسانه وبدون تفكير سألها
" تعشيتِ؟ "
لينا تفاجئت من السؤال صحيح إنها متقطعة من الجوع بس هاذي ما هي طريقة يرغبها في الأكل وردت على سؤاله
" أيه "
فضحك راكان من موقفه وعرف إن سؤاله غبي لأنه ما في أحد في ليلة زواجه يقدر يأكل خصوصا البنات اللي يمكن يمر اليومين قبل زواجها وهي ما تأكل فكيف بليلة الزواج قال راكان وهو يحاول يصلح الجو
" حتى أنا بعد تعشيت "
ناظرته لينا وفي عينها الشك ولأنه كان مبتسم من موقفه ابتسمت له من غير ما تشعر . وقف وهو يرفع عقاله ويسحب الشماغ و يرتبه بطريقه معينه ويعلقه بالعقال. تأملت شعره الأسود الناعم اللي لأول مرة تشوفه كان طوله يتجاوز أذنه و أعجبتها طريقة يد الحلاق اللي قدرت تضبط قص شعره بشكل مرتب يناسب وجهه ويزيد من جماله من غير ما يقلل من هيبته. فكرت في نفسها وهي تشوف راكان أنه يتميز بوسامة عربية وجاذبية غريبة ما انتبهت لها من قبل ولو كان اللي جمعهم سبب ثاني كان ممكن تفكر إنها تسعده لكن الوضع يختلف عن اللي تتمناه. راكان يتصرف بشكل طبيعي من حولها وحركته الأخيرة في نزعه لشماغه والظهور بشكل غير رسمي خلت أعصاب لينا ترتخي و الغربة اللي كانت موجودة عندها بدت تتلاشى. سمعوا صوت جرس فا طلع من الغرفة وصك الباب بعده وأستقبل مضيف الفندق اللي رتب العشاء لهم بشكل أنيق يلاءم المناسبة وطلع وهو يقدم تهنئة الفندق له بطريقة رسمية. راكان تأخر شوي وهو يتوقع أنه يعطيها وقت عشان تقدر تبدل ملابسها بعد كذا وقف وطق الباب ولما فتحه لقى لينا في مكانها مثل ما تركها. في نفسه حمد ربه إن فستانها ما هو منفوش ويصعب حركتها فأخذها معه عشان يتعشون بس أول ما جلست لينا معه حول الطاولة عرفت أن أي لقمة بتدخل فمها بتسبب لها عسر هضم وفضلت الجوع على إنها تاكل قدامه. لكن راكان ما عجبه وضعها وبدا يتكلم ويسأل أسئلة هو يعرف أجابتها سابقا وكل هذا عشان يخليها تسترخي و تاكل وبعد ما ألح عليها إنها تاكل أخذت العصير و شربت منه شوي ورجعته زي ما كان ولا عاد مدت يدها مرة ثانية وهذا اللي ترك راكان يقوم وهو متقطع من الجوع. لينا حمدت الله إنها بعدت عن الطاولة لكن متضايقة من لبسها ودها تغير ولا هي قادرة بسبب وجود راكان معها ولما شافت الساعة غبطت بنات الحجاز على عادتهم لأن الزواج عندهم يخلص قبل الفجر أما راكان فا فكر انه يقترح عليها تروح للغرفة وتبدل ملابسها لكن تراجع وهو يحسب لردت فعلها لأنه واضح عليها إنها بدت تسترخي واحمرار وجهها تدريجيا اختفى لو كان في بيته كان لقى شيء يسويه كونه ياخذها على كل غرفة فيه أو يخليها تطلع على صور العائلة وهنا جت له فكره يتكلم فيها مع لينا. مر الوقت بشكل ثقيل وبطيء وعين لينا تشكي النوم بس ما تقدر و أجفانها تقاوم عشان ما يبين النعاس فيها. بقوا على وضعهم حتى جاء صوت الأذان وقطع الصمت فأستأذن راكان منها وأتوضأ وغير ملابسه وقال لها أنه بيرجع بعد الإقامة. المكان فاضي وهادي وتقدر لينا الآن تتحرك براحتها لكن تفكيرها مشغول بطريقة راكان لأنه طلع مع الأذان مباشرة وكان واضح أن هذا عشان يعطيها وقت تقدر ترتب فيه نفسها وهي اللي كانت تتخيل أنه بيكون مثل الشباب اللي يعتقدون أن وقت الزواج الواحد ما يصلح يطلع من البيت حتى ولو جاء وقت الصلاة. ما ضيعت لينا من وقتها شيء بدلت فستانها وفكت تسريحة شعرها وراحت وغسلت وجهها و استعدت لصلاة وبعد الصلاة زينت وجهها بالمكياج و لبست فستان الصباحية وكان لونه أصفر غير فاقع وتركت شعرها منسدل ومن باب الشكر لراكان على موقفة الأخير لبست السلسال والخاتم وثبتت الحلق على إذنها ثم بدت تفتش بسرعة على هدية راكان اللي أخذ ناصر وعدها إنها تقدمها له ليلة. لقت الهدية فأخذتها و راحت و جلست بالصالة تنتظره وهي تحس ان رغبتها في النوم زادت. راكان جلس بعد الإقامة يقرأ ورده اليومي وهو يفكر إن هذا يعطيها الوقت إنها بعد ما ترتب نفسها تروح تأكل زي ما تحب لأنه رتب لها أشياء متنوعة في المطبخ وبعد ما انتهى أستغفر وسأل الله من فضله ورجع للفندق. فتح الباب وهو يتنحنح ينبها انه دخل و أنصدم وهو يشوفها جالسة على الكنبة بزينتها وكأنها تنتظر ضيوف كان يتوقع إنها بتلبس على الأقل لبس منزلي هادي يساعدها على النوم اللي يشوفه في عينها لكنه فهم إنها بدت حربها الخاصة ببعادها عنه وإن كانت تعتقد إنها بتصعب الأمور في وجهه فهي غلطانة لكنه حب يكون سهل معها بما إن كل أفكارها سوداء عنه. قال راكان بنبرة خافته وهو يمشي لها
" لينا تبين تنامين؟ "
" لا ما فيني نوم "
راكان في نفسه يردد يا كذابة لأنه هو بعد يبغى ينام لكن قال
" طيب تبين نفطر؟ "
" لا أنا شبعانة الحمد لله "
عقد حواجبه وكان في طريقة للمطبخ بيتأكد لكن لينا قالت له
"راكان "
"هلا "
ما قدرت تقول كلمة تناسب فا مدت له الهدية اللي كانت منزعجة منها وكارهه نفسها بسببها. أخذها راكان و طلع صندوق خشبي لامع من تغليفه و لقى ساعة فخمة ومعها كرت احمر مزين بطريقة
رومانسية أول ما طلع الكرت أنصدمت لينا لأنها أول مرة تشوفه فتح راكان الكرت وارتسم على وجهه ابتسامة عذبة وألتفت للينا بنظرات غريبة استنكرتها وقلبها حارقها تبى تعرف وش مكتوب لأنها الآن متأكدة إن هذا مقلب من مقالب ناصر. ما لقى راكان طريقة مناسبة يكافئها فيها على الهدية إلا انه حضنها وقبل راسها وقال
"تسلمين "
لينا متجمدة في مكانها وجهها محمر وبشرتها حارة وقلبها يخفق بشكل مجنون صحيح إنها تنفر منه لكن ما كانت تتوقع مثل هاذي الجرأة من أول يوم لهم
"لينا ترى أمي وجدتي بيجون الساعة عشر و نص فنامي عشان تقدرين تقابلينهم"
هزت رأسها وقالت
"إن شاء الله "
ومع هذا ما تحركت من مكانها، شاف راكان أن ما بليد حيلها فتركها و راح للمطبخ يتأكد إذا هي أكلت شيء من اللي حطه لها لكن كل شيء زي ما هو. فتح الثلاجة وشاف كل الفواكه على ما هي عليه علب العصير وقطع البسكوت كل شيء في مكانه ما أحد لمسه رجع لها وقال
" لينا أنا بنام تبين شيء أطلبه لك؟ "
"لا "
تركها وصك باب الغرفة بصوت مسموع ورمى نفسه على السرير و غمض عيونه . جلست لينا ربع ساعة وهي تحاول تتأكد من إن راكان نام، نزلت كعبها ومشت على روس أصابعها وحطت أذنها على الباب وما سمعت أي حركة فتأكدت من أنه نام لأنه ما هو معقول تمر ربع ساعة ويكون صاحي وما تسمع أي حركة منه. مشت للمطبخ بسرعة بتشرب عصير يملئ معدتها، فتحت الثلاجة وهي تتوقع ما تلقى عصيرها المفضل لأنه قليل اللي يحبونه لكنها طلعت غلطانة و لقت أكثر من علبه لعصير الطماطم وهي ما تعرف أن راكان اللي رتب وجودها أخذت علبتين وشربتها الوحدة ورى الثانية ثم أرجعت لصالة .تمددت لينا على الكنبة وحطت وسادة تحتها رأسها و وقتت جوالها على الساعة تسع عشان تقوم قبل راكان ولأنها ما نامت أمس إلا ثلاث ساعات دخلت مباشرة في نوم عميق . أي شخص ينام في مكان غير مكانه و ما تعود عليه ما راح يرتاح في نومته ولا حتى يقدر يطول في نومه أكثر من ثلاث ساعات حتى لو كان تعبان .صحت لينا وهي تحمل هم الآم اللي بتحس فيه برقبتها المنثنية وظهرها بسبب الكنبة لكنها انتبهت إنها تنام على شيء ناعم و ممددة على جنبها الأيمن براحة عرفت أنها في حلم وما راح ينقطع إلا إذا فتحت عينها . تدريجيا ارتفعت أجفان لينا و ركزت بصرها قدامه وهي تشوف بشكل ضبابي ومجرد زالت غشاوة النعاس عن عينيها لقت نفسها تحدق في صدر راكان العاري وهو مسند رأسه على يده اليسرى المرتكزة وعلى وجهه ابتسامة هادية كان ينظر في عينها و هو يفهم القلق اللي فيها أنشلت لينا لثواني وما عادت تعرف إلى إي جهة تتحرك فقال بهمس
- صكي عينك
ودها تقوم وتبعد عنه لكن راكان حط يده اليمنى على كتفها وأضاف برقة
- أرجعي نامي قبل أغير رأيي أنتي ما نمت من أمس .
غمضت عينها بضيق وهي تحس من خلف جفونها بنظراته تحرق وجهها و زاد توترها قرب جسمها من جسمه . حس فيها راكان و ظل يراقب جفونها اللي تهتز بحركة خفيفة بين فترة والثانية وتدله أنها للحين صاحية ومنزعجة بعد وقت لاحظ أن جفونها توقفت عن الحركة وحواجبها المعقودة انفكت وملامح وجهها المتقلص تسترخي و هدت حركتها تماما غير تنفسها المنتظم وغطت في نوم عميق .قرر راكان يسوي الشيء نفسه فانزل يده وحط رأسه على الوسادة وبصعوبة قدر يبعد عيونه عن وجهها و يغمض جفونه وينام هو الآخر بجانبها من طول السهر .
هاذي المرة أفتحت لينا عينها زين عشان تشوف حولها و ارتاحت لما لقت نفسه في السرير لحالها لكن جسمها على طول رجع وأنكمش لما سمعت راكان يقول
" صباح الخير "
شافته قدام المراية ويضبط شماغة وهو يتأمل صورتها المنعكسة قدامه فقعدت لينا ومدت يدها ترتب شعرها وهي ترد عليه
" صباح النور كم الساعة؟ "
" عشر "
تذكرت أن أهله بيجون بعد ربع ساعة فقامت بسرعة وراحت للحمام وفي طريقها انتبهت أنها لابسه فستان الصباحية وبما أن راكان نقلها للغرفة أكيد أن كعبها مرمي جنب الكنبة هناك فغيرت طريقها وقررت تروح تجيبه قبل يجون أهله قال راكان
" وش فيك مستعجلة؟ "
" ليش ما قومتني من بدري وش بيقولن أهلك لو جو و لقوني نايمه ما استقبلتهم؟ "
زم راكان شافيفه وقال
" ما أتوقع يقولون شيء وهم أصلا يعرفونك من قبل "
التفت لها وأضاف وهو يغمز لها بعينه
" زيدي على كذا أن أفكارهم بتوديهم بعيد "
أحمر وجه لينا وكملت طريقها ورفعت كعبها عن الأرض وهي تشوف راكان يترك لها الغرفة فا رجعت للغرفة وصكت الباب وراها عشان تقدر تسمعه إذا دخل مرة ثانية نزلت الفستان بعجلة و لبست روب الحمام ودخلت الحمام تاخذ شاور يبعد عنها النوم وينشطها . أرجعت لغرفتها وجففت شعرها وسرحته ولبست فستانها مرة ثانية ولما بدت تحط زينتها دخل راكان وقال
" باقي خمس دقايق و يجون "
" ما عاد بقي لي شيء وأخلص الحين "
قال راكان وهو مبتسم يمازحها
" لينا خليني أنا اللي أرسم لك عينك "
ضحكت لينا بصوت خفيف لأنها تذكرت شيء وقالت
" لا, الله يرفع قدر والديك بعد يدك عن ها الأمور"
" ترى أنا أعرف ولو سألت شمس بتعلمك "
" وهذا اللي يضحكني أذكر أنها قالت لي أنك دخلت الكحل في عينها وعلقت فرشة الاستشوار بشعرها "
ضحك راكان وقرب منها وقال
" طيب خليني أجرب أحط البلاشر ولا أرسم لك الظل "
أخذت لينا العلب من يده
" لا معليه أنا مهوب حقل تجارب من غير إن في ناس بيجون الحين "
حاول راكان يا خذ العلب التجميل منها وهم يتدافعون بلطف وما لقت لينا طريقة أتخلص فيها زينتها ونفسها إلا أنها تقول له وهي تحاول تاصل ليده اللي رافع بها العلب
" الناس بتجي الحين عطني خلني أخلص "
"لا "
" راكان الله يخليك "
هز راسه و قال
" خليني أحط لك و أنتي عدليه زي ما تبين "
" بعدين مهوب الحين "
" متى؟ "
أسكتت عند الطريقة السهلة اللي نطق بها السؤال ثم قالت
" في أي وقت تبي بس عطني أغراضي "
أعطاها أللي في يده وشافها تكمل زينتها بشكل سريع وبيد تدل على مهارتها في أستعمل أدوات الزينة وأكثر ما أدهشة استخدامها للمسكرة اللي زادت من كثافة رمشها من غير أي تكتلات أو مبالغة كان يراقب كل حركة حتى خلصت ويوم التفتت له قال
" إذا صرنا لحالنا لا عاد تحطين ماكياج "
"ليه؟ "
" لأن وجهك حلو من غيره وبعدين أخاف يخرب بشرتك "
ما توقعت لينا مثل كلماته هاذي واللي كانت أول جملة مدح تسمعها منه وحمدت الله أن الباب دق يعلن وصول أهله فطلعت معه تستقبلهم. دخلت أم راكان وجدته و سلمن على لينا بحرارة ما استغربتها منهن وباركن لها ثم باركن لراكان اللي قبل رأس كل وحده فيهن . حطوا الفطور اللي جابوه معهن ولأنه لينا ما صارت مع راكان لحالها ما لقت أي صعوبة تأكل أي لقمة تمدها أي وحده فيهن و راكان بنفسه أرتاح وصار يعوض الأكل اللي تركه قبل الفجر.كانت أمه وجدته في غاية اللطف والذوق ومجرد حسن أن الاثنين أكلوا والجو بينهم صافي قرروا يمشون لكن راكان تضايق لما عرف أنه ما في أحد ينتظرهن بالسيارة تحت لأنهن أخذن تاكسي. أستأذن هو من لينا أنه بيرجع أمه وجدته وما عرضته هي لكن الحريم قالوا له أنه عادي ياخذن تاكسي ولا يصلح يطلع ويترك لينا وراه لكن راكان ما أعطاهن وقت يناقشنه لأنه أخذ مفتاح سيارته وخلاهن يودعن لينا وفتح الباب ومشى قدامهن لسيارة . صكت لينا الباب من بعدهم وهي تتأمل رسم الحناء حول أصابعها الناعمة الطويلة ورجعت تجلس قدام الأكل وقالت أن هاذي فرصة تقدر تسكت جوعها ولا يزعجها راكان وقت الغداء. انتهت لينا و نظفت المكان وغسلت الأطباق والحافظات وجففتها لأنه أكيد راكان بيرجعها لأمه . فتحت الزمزمية وصبت لها من الشاهي بالنعناع ولما أخذت منه رشفه سمعت صوت الباب يفتح
وعرفت أن راكان رجع . تلقائيا راحت تمشي للصالة ولما شافت رجال غريب أسمر وجهه يدل على أن من جنسية غير عربية و لابس قميص وسروال أزرق وبيده مكانس ما عرفت لينا وش أتسوي غير أنها صاحت بخوف لدرجة أن عامل النظافة اللي ما كان يتوقع وجود أحد خاف هو الثاني وأرتجف من صوتها الحاد وطلع بسرعة وصك الباب . لينا نزلت الكوب من يدها ولأن دايما قاعدتها إنها ما تثق في أحد بدت تفتش و لقت مساحة في المطبخ ما كانت منتبهة لها.أخذتها من الخوف و رجعت ووقفت مقابل الباب وما هي إلا خمس دقايق و تشوف مقبضه يتحرك كانت في نفسها تردد الله يهدي راكان ليش ما ترك و لا مفتاح لها وتمنت من أعماقها لو يرجع بسرعة . فتح الباب ورفعت لينا عصاها وهي مستعدة لكن هاذي المرة اللي دخل راكان وتمنت الأرض تنشق وتبلعها ولا تشوف نظرت الاستنكار في عينه وهو يصك الباب و أول ما التقت عينه بعينها مرة ثانية ما قدر يمسك ضحكته أكثر من كذا فضحك بقوة وقال
" ما كنت أتوقع أنك خوافة لها الدرجة "
قالت لينا وهي تبتسم و تغطي حرجها
" من قال أني خوافة؟ "
" أنا أقول ما سمعتيني؟ "
لينا تحاول تلقى عذر لموقفها فقالت له اللي صار وهي خايفة من ردت فعله وفعلاً هذا اللي صار لأن عيونه أظلمت و وجهه تغير وقال لها
" جهزي أغراضك كلها أنا بكلم المسئولين وأرجع "
" ليه؟ "
"لأننا بنروح بيتنا "
كان غضبة واضح ومن غير ما تناقش راحت للغرفة وجهزت أغراضها بسرعة بما أنها كانت مرتبه ولأن معظمها في البيت ما هو في الفندق. حزمت شنطتها وأخذت ملابس راكان ورتبتها ودخل عليها و هي تحزم شنطته فقال
" كل شيء جاهز؟ "
" أيه "
تفقد راكان كل شيء حوله ورجع لصالة وبعدين دخل المطبخ وشاف خاتمها على المجلى فناداها وقال بصوت هادي ما يبن اللي بداخله
" أنا ما قلت لك لا تنزلينه؟ "
" كنت أغسل "
أعطاها خاتمها و جمع كل شيء لهم عند الباب و نادى المضيف اللي شال الشنط وحطها في السيارة وقت ما كان راكان يدفع الحساب عند المكتب. أخذ راكان لينا لسيارة و تحركوا بعيد عن الفندق .في الطريق قال
" ما عليه يا لينا ما كان ودي أرجعك للبيت إلا بعد السفر لكن ..."
وسكت ما كمل أما لينا فتصرفت بطبيعتها من غير ما تنتبه كانت تبغى تنسيه اللي صار وما هي مستغربه عصبيته لأنه لو كان أخوانها يمكن يصير الوضع أصعب، فقالت له
" وين بنسافر؟ "
" أنتي وين تبين؟ "
" ودي أخذ عمرة "
أبتسم راكان وقال
" هذا شيء طبيعي كل المتزوجين ياخذون عمره أول شيء. وبعده وين تبين؟ "
" أنت قرر لكن أهم شيء لا يكون الشرقية لأني ما أحبها "
" أوكي بس نسيت أقول لك إننا لازم نمر على الجنوب "
" أنا متحمسة أشوف ديرتكم "
" أتوقع إن شمس قالت لك عنها "
" كثير بس أنا ملاحظة إن لهجتك ما هي جنوبية أبدا "
" هذا لأني تركت الجنوب من عمري 18 ودرست في أرامكو وبعدين توظفت بالرياض "
" أها وأهلك اللي في الديره يتكلمون مثلك "
" لا أخواني وأقاربي يتكلمون بلهجتهم إلا أختي أسماء و الناس اللي استقروا في الرياض زي شمس وأهلها فكلهم يتكلمون مثلي أما أبوي فهذا له طريقة ثانية. ما سمعتيه أمس وهو يبارك لك؟ "
" ما قدرت أنتبه "
" أجل انتظري لين تقابلينه "
" لا قل لي الحين "
" طيب يا حبيبتي "
نطق راكان الكلمة بطريقة آلية زي ما ينطقها معظم الناس و مثل ما يقولونها أخوانها لها عشان كذا ما ركزت عليها وسمعته وهو يكمل
" أبوي كان يشتغل في أرامكو وبما إنه هناك طول عمره وكل شيء يتعاملون فيه بالانجليزي تلقين معظم مصطلحات أجنبية حتى وهو متقاعد الآن له سنين يستخدمها فلا تستغربين لو قال شاغلي الكوندشن ولا هاتي الكلاس او أكتبي في النوت ولا جيبي البن و البيبر"
" واو شكل عمي شبابي متى بنروح لهم؟ "
" لا تستعجلين أنا حجزت رحلة لجدة بعد أسبوع بعدها بنروح مكة ناخذ عمرة ويمكن نمر على المدينة إلا إذا حددوا العرس الثاني "
لينا باستغراب
" أي عرس؟ "
" العرس اللي يسوونه في الديره لناس اللي ما حظروا الزواج في الرياض "
"أيه صح "
تذكرت لينا إن هذا من العادة سائدة في المجتمع إذا أقيم حفل الزواج في المدينة اللي تكون فيها البنت فلازم يقيمون حفل ثاني في مدينة الرجال لكن طبيعي بيكون أصغر وما فيه تكلفة مثل تكلفة الزواج الرسمي وهاذي العادة يسميها البعض ( التحواله ).دخل راكان السيارة للبايكه ونزل الشنط ودخل مع لينا يوريها البيت وبعد ألظهر أخذها وتغدوا في مطعم من مطاعم الرياض قبل يرجعون لبيتهم ويأخذون قيلولة لأنه كان يوم متعب لهم وما أخذوا من النوم كفايتهم .