كاتب الموضوع :
بيجاسوس
المنتدى :
الارشيف
هل سبق وخضت مواجه مباشرة مع اليهود؟
جمعتني الظروف سنة 80 مع مجموعة من اليهود لمدة اسبوعين بعد زيارة الرئيس السادات للقدس، فقد كانت هناك لجنة عسكرية لهم هنا في مصر ، وبعد الخلاف الذي حدث بين بيجن ووزير الخارجية المصري ابراهيم كامل أمر الرئيس السادات بسحب اللجنة السياسية المصرية من اسرائيل لكن اللجنة العسكرية الإسرائيلية بقيت في القاهرة وبالتالي وكنوع من الضغط عليهم بدأنا نحظر تحركاتهم في أحد القصور دون أن يخرجوا، كنت وقتها برتبة عقيد وكان قائدهم عقيد ايضا .. وخلال 15 يوما قضينها معا خضنا مناقشات عديدة باللغة الإنجليزية تعلمت خلالها الكثير جدا عن اليهود ..
فأولا هم لن يتركوا الأرض المحتلة أبدا، لا الضفة الغربية ولا القدس ولا أي شبر وضعوا أيديهم عليه، فقد دخلت مع أحدهم وكان أسمه "آخل" في مناقشة حول فلسطين بدأت أولا بشكل ديبلوماسي ثم تطورت لقول كل شئ بشكل مكشوف ، فكان من ضمن ما قال لي أولا انه لا يوجد شئ أسمه فلسطين من الأساس ثم قال أن مشكلة فلسطين مثل رجل كان يسير في الصحراء فوجد كنزا .. ساعة وأسورة .. فسأل الناس من ضاع منه الكنز فلم يتقدم أحد فأخذها لنفسه، وبعد عشرين سنة جاءه أحدهم فقال له أن الكنز يخصه وأن أسمه منقوش على الساعة، وسألني : هل يرد الكنز لصاحبه بعد عشرين سنة؟!
طبعا هو أخطأ في كل شئ، فهم لم يجدوا فلسطين في الصحراء دون صاحب فقد كان لها أهل ولها كيان قبل أن يأتي اليهود أصلا إلى المنطقة، ثانيا إذا كان أسم الرجل منقوش على الساعة فلماذا لا تردها إليه إلا إذا كنت لص؟
فقال أن الواحد يجد صعوبة في التنازل عن شئ بعد عشرين سنة!
ثم قال لي لماذا لا تعطوا للفلسطينيين عشرة أو عشرين كيلومتر من صحراء سيناء، فقلت له أنت لديك عشرين أصبع هل يمكنك أن تعطيني منهم أصبعا؟! فسكت ولم يرد.
ما هي أقوى المعارك التي شاركت بها وما هي أصعب مواجهاتك؟
لم أشترك في معارك جوية، فقد كان تخصصي هو المقاتلات القاذفه، فكانت كل الطلعات التي شاركت بها هجوم على مواقع ارضية, فهذا السؤال يخص طيارين آخرين قاموا ببطولات تستحق أن تُروى.
أصعب لحظة مررت بها طوال حياتك كطيار؟
غالباً لم تكن هناك لحظات أصعب ولا أسهل، فالصعوبة والسهولة نسبية، لكن ان يستشهد أحد أفراد سربي كانت من اللحظات القاسية علي، كنا نطلع لتنفيذ المهمة ولا أحد يعلم من سيعود ومن سيستشهد لكن الله كان يمنحنا القدرة على السيطرة على العواطف.. لكن من اللحظات الصعبة التي لا أنساها في 73، ان استشهد 3 منا دفعة واحدة في إحدى الطلعات .
من خلال خبرتكم كيف تقيم كفاءة الطيار الإسرائيلي؟
الطيار الإسرائيلي كان أكفئ من الطيار المصري حتى عام 67 وكان ذلك بشكل ملحوظ لسببين..
أولا المستوى التدريب العالي جدا، وثانيا المعدة التي كان يطير بها كانت متفوقة جداً، فالمعركة الجوية لا يمكنك أن تقيسها بأن طيار يواجه طيار فقط، لا .. الطيار لكي يدخل في قتال مباشر هناك محطة رادار تكتشف له الهدف وتمده بالاتجاهات والإرتفاع فضلا عن التوجيه الأرضي حتى يصل إلى الهدف في وضع مناسب أو غير مناسب وبناءاً عليه يتحدد ما إذا كان سيخوض الاشتباك أم لا، فهي عدة عوامل ومنظومة متكاملة لا تتوقف على الطيار وحده، هذه العوامل كانت متوفرة لدى اليهود بقدر كبير جدا، فيما كنا نحن على العكس تماما فقد كنا نستخدم أجهزة روسية ذات كفاءة أقل.
لكن بعد 67 وبالأجهزة نفسها يمكننا القول أن الطيار المصري ان لم يكن تساوى مع نظيره الاسرائيلي فقد تفوق عليه بالأرداة وحدها، فالطيار المصري بعد 67 وحتى 73 انا ادعي انه تفوق على الطيار الاسرائيلي بكفاءته الفردية.
إذا عقدنا مقارنة بين الطيار المصري والإسرائيلي والعربي؟
كما قلت ، الطيار الإسرائيلي جيد جدا وعلى درجة عالية من التدريب كما أنه يعمل في ظل منظومة متكاملة من أجهزة رادار واستطلاع واتصال وقيادات ومراكز عمليات .. الخ، كل هذا جعل الطيار الإسرائيلي يصل للإشتباك بأفضل وسيلة وتجهيز، فهو طيار "مش سهل".
أما الطيار المصري فطيار كفء، فحتى آخر الفترة التي قضيتها في القوات المسلحة كنا وصلنا لمرحلة جيدة جدا جدا لأننا كنا في حرب دائمة والحرب = خبرات، حتى اننا كثيرا ما كنا نختلف مع الروس بعد 67 فهم دخلوا آخر حروبهم في الحرب العالمية الثانية عام 45، بينما نحن دخلنا حرب 48 وحرب 56 فضلا عن اليمن ثم 67 طبعاً فكانت خبراتنا تتفوق عليهم وغالبا ما كانت آراؤنا أصح من آراؤهم.
أما الطيارين العرب فالطيران الأردني جيد جدا وكذلك العراقي قبل الغزو الأمريكي طبعا.
ما هي اقوى طائرة واجهتموها عملياً في الحرب؟
برغم أنني لم أواجه طائرات معادية، بسبب طبيعة عملي كطيار قاذف لكن المعروف أن الميراج الاسرائيلي كانت هي الأقوى.
هل كانت تُصنع في اسرائيل؟
لا، لقد بدأت صناعتها في إسرائيل عام 70 تقريبا وأطلقوا عليها أسم "النسر"، لكن قبل ذلك كانت تصنع في فرنسا.
هل كانت أقوى من الفانتوم؟
نعم، برغم أن المميزات بها كانت أقل من الفانتوم إلى حد ما، لكن الفانتوم كانت ذات قدرة أقل على المناورة مقارنة بالميراج، فكان في الاشتباكات الجوية الفانتوم سهل ضربها لأنها طائرة ثقيلة أما الميراج فسهلة الحركه لأنها لم تكن تحمل نفس حمولة الفانتوم لكن تحمل حمولات مؤثرة وفي الوقت نفسه تستطيع الدخول في اشتباكات.
قبل 67 كان الطيران ينقسم لمقاتلات وقاذفات وكل منهما بعيد عن الاخر تماما، ثم ظهرت المقاتلات القاذفة التي تؤدي المهمتين معا، ثم ظهر الطيران متعدد المهام فأصبحت الطائرة تضرب وتحمي نفسها، ففي 67 كانت الميراج بداية المقاتلات القاذفة متعددة المهام وكانت وقتها أقوى طيارة.
تكتب كتابا حاليا عن القوات الجوية المصرية، هل لك أن تحدثنا عنه؟
الكتاب يبدأ مع حرب 48، ويدور حول دور القوات الجوية في المنطقة.. أريد أن أوضح من خلاله أن دور القوات الجوية دور حيوي ومهم وضروري وهو الفيصل في أي صراع بينا وبين اسرائيل، كما أتناول كيفية إنشاء القوات الجوية القوية مع التدليل بما حدث أعوام 48 و 56 و 67 و حرب الاستنزاف و 73.
القوات الجوية فعلاً شيء مهم جداً، يكفي ان تعرف أن القوات الجوية الإسرائيلية كانت تحصل على 52% من ميزانية وزارة الدفاع، في عام 1950 قائد إسرائيلي قال بوضوح أن امن إسرائيل يبدأ من فوق سماء القاهرة، لذلك لم تدخل إسرائيل في العدوان الثلاثي إلا بعد أن حصلت على تأكيد نص عليه في معاهدة سيفر مع انجلترا وفرنسا بأن يتم تدمير الطيران المصري وتوفير الحماية الجوية لإسرائيل بأن يتمركز سربين ولوائين من فرنسا في اسرائيل أثناء الحرب.
والكتاب لن يقتصر فقط على القوات الجوية بل سيمتد لقوات اخرى كالمهندسين والصاعقة.
ماذا عن أعظم ما رأيت من بطولات؟
رأيت الكثير، هناك طيار رحمه الله في 67. أول طائرات دخلت لضرب مطار ابو صوير الساعة التاسعة صباحا قفز في طائرته بعدما ضُرب المطار فوجد 900 متر فقط في الممر بينما أنت تحتاج 3 كيلومتر لكي تتمكن من الوصول لسرعة 180 كيلو/ساعة وبالتالي الإقلاع لكنه تغلب على هذه العقبة بأن بدأ بالقوة القصوى للطائرة ثم ضغط على الفرامل وأقلع بنجاح وضرب طائرة معادية من الموجة الثانية، وطلع بعده 11 طيار بنفس الأسلوب ومن نفس المطار، أما صديقنا هذا فهبط وفي طلعته الثانية ضرب طائرة معادية ثم أصيب بصاروخ مصري فاستشهد!
طيار آخر من الـ 11 اللذين أقلعوا بعده ضرب طائرتين لكنه استشهد أثناء الهبوط لأنه وقع في حفرة.
طيار ثالث شاهد طائرات تسقط مظليين عند شرم الشيخ يوم 7 او 8 يونيو فضرب طائرتين تحمل الواحدة منها 70 أو 80 جندي واشتبك مع طائرات ميراج، لكنه استشهد ايضا اثناء هبوطه لأنه وقع في حفرة.
|