زارا الحبيبه
فى انتظارك
بحر الندى
لاأعرف ماذا أقول سوى جزاكى الله خيرا على كلماتك الرقيقة ودعائك الجميل
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
تولت ايمان وظيفتها وهى تعلم أن مكتبنا لم تكد تقوم له قائمة حتى انهار
لم يتبق سوى قضية واحدة ويغلق المكتب أبوابه
ورغم ذلك قبلت بالوظيفة..لاأدرى كيف
بعد أسبوع من المحاولات المضنية استطعت أن أقنع مدير احدى شركات النسيج بأن يتولى مكتبنا الشئون القانونية لها
واشترط عليهم أن تكون كل عقود الشركة مصاغة باللغة الإنجليزية
وهكذا بدأ العمل يعود تدريجيا الى المكتب المحتضر
وأبلت ايمان بلاء حسنا فى عملها, وبدأت تصنع نظاما دقيقا للعمل فى المكتب, واستغلت الكمبيوتر الذى تراكم عليه التراب وكاد أن يفسد من قلة الإستعمال أفضل استغلال
وكتبت كل الأوراق والمستندات على الكمبيوتر حتى لم تعد تدخل أو تخرج ورقة من المكتب الا مطبوعة بصورة منمقة على الكمبيوتر
وبدأت العجلة تدور واستطاع سيف اقناع احدى شركات الإستيراد والتصدير ليتولى مكتبنا شئونها القانونية
وعندما التففنا جميعا حول طاولة الإجتماعات, كانت سعادتنا بالغة ونحن نناقش ما وصلنا اليه, وما سنفعله فيما بعد
حتى قالت ايمان : أرجو المعذرة, لكن هناك أمر يجب أن أقوله
تابعها الجميع باهتمام, وترددت هى قليلا قبل أن تقول : شركة هادى سنتر.. منذ ثلاث سنوات تورط اسمها فى قضية استيراد طعام منتهى الصلاحية
سيف : وماذا؟
ابتلعت ريقها وقالت بتردد : برأتهم المحكمة
سيف : اذا لاشئ يقلق فى الأمر
ايمان : على العكس, لابد أن نقلق, فالقضية ضربت سمعة الشركة فى الصميم, ولا أعتقد أن هذا فى صالح مكتبنا
فتحى بدهشة : كيف عرفت كل هذه المعلومات؟
ايمان : تتبعت تاريخ الشركة
خفضت رأسها حياء عندما نظرنا نحوها جميعا بدهشة, وقالت بعد تردد : علينا أن نؤمن أنفسنا
هززت رأسى متعجبا : كيف فاتنا ذلك ياحضرات؟
سيف : المهم أن سجلها نظيف
ايمان : وماذا لو ارتبط اسم مكتبنا باحدى هذه القضايا المشبوهه؟
سيف بإلحاح : ولكنا ماصدقنا أن يبدأ المكتب فى استجلاب عملاء
قلت بجدية : أنا أوافق رأى الآنسة ايمان, لو تورط مكتبنا فى احدى هذه القضايا فسنخسر سمعتنا للأبد
فتحى : وأنا أيضا معكما, فلن اقبل فى مكتبنا أية قضية مشبوهه
وضع سيف خده فوق يده بأسى : اذا فلننتظر حتى تنتبه الينا احدى الشركات المحترمة....ومت ياحمار
ابتسمنا جميعا لمقولة سيف, لكنى لم ارى سوى ابتسامتها الحيية الرقيقة, التى تحاول اخفاءها قدر جهدها
كالعادة كتمت مشاعرى التى بدأت تفيض فى قلبى وأنا أتعجب مما يحدث
لقد بدأ الأمر بلعبة منى لأكون قريب منها, ووافق أصدقائى فقط ارضاء لى, ومع الوقت تبين للجميع أن المكتب بحاجة ماسة لمثل عقلها, فقد أثبتت فى مدة قليلة كفاءة واخلاص كبيرين
وبعد شهر ونصف من عملها معنا فاجأتنى مفاجأة عظيمة
دخلت علي وأنا منهمك فى كتابة مذكرة هامة : أستاذ عماد, هلا انتبهت لى من فضلك؟
قلت وانا منهمك بشدة فيما بين يدى : امنحينى نصف ساعة أخرى حتى أنهى المذكرة
قالت : أعتقد أن ما معى أكثر أهمية بكثير
كان من الممكن أن أعتذر لها واستمر فيما أفعله حتى أنهيه, فأنا من النوع الذى اذا بدأ عملا لايتركه حتى يفرغ منه
لكن لهجة السعادة التى تتراقص من بين كلماتها, أجبرتنى أن ألقى ما بيدى وأعيرها كل انتباهى
قالت وهى تبتلع ريقها من الفرح : هذا الإيميل وصل الآن
أخذت منها الورقة ولكنى لم أتبين منها سوى بضع كلمات متفرقة واسم الشركة المرسلة
قلت باهتمام حقيقى : هلا ترجمتها من فضلك؟
قالت والإبتسامة تملأ وجهها : لقد وافقوا أن نتولى الشئون القانونية لهم
قلت بذهول : ماذا؟ صدقا؟
انها من كبرى الشركات فى مجال المقاولات
اين فتحى وسيف؟
قلت بارتباك : أين المحمول؟
ناولته لى فقد كان أمامى على المكتب ولم أره
توقفت مندهشا بعد أن فكرت جيدا : ولكن انتظرى, من الذى أخبرهم عنا؟
قالت وعينيها تلمعان بالحماس : لقد راسلتهم من شهر تقريبا عبر الإنتر نت, وقدمت لهم عرضا مرفق به السيرة الذاتيه لمكتبنا
قلت وانا لا أكاد أصدق : السيرة الذاتية؟
قالت ببساطة : نعم, لقد صنعتها بنفسى على الكمبيوتر, واليوم أتانى ردهم
لن تكف عن ابهارى
قلت وانا اتصل بفتحى : لك مكافأة كبيرة من المكتب
هزت رأسها بسعادة بالغة : كنت فقط أقوم بعملى
قبل ان يرد فتحى سألتها : انتظرى, كم شركة أخرى راسلتيها؟
فكرت قليلا : لا أستطيع أن أذكر العدد
ضحكت بملء قلبى , وفتحى يرد علي مندهشا
أيوه يا أبو الفتوح, تعالى الآن, لدى لك مفاجأة طاحنة
عندما التففنا جميعا حول طاولة الإجتماعات كانت ايمان هى النجم بلا منازع, ويبدو أنها شعرت بذلك فسلطت عينيها على الأوراق التى أمامها ويديها فوق الطاولة تعبث بقلم بين أصابعها وتلفه يمنة ويسرة
وعلى ثغرها ابتسامة حيية تذبذب قلبى
قلت : احم.. والآن ياسادة بدأنا مرحلة جديدة مشهوده فى حياة مكتبنا, والفضل لله أن وفقنا للآنسة ايمان وجعلها سببا فى هذا النجاح, ففى شهرين فقط استطاعت أن تنجز ماحاولنا انجازه فى عام كامل
فتحى : لقد أعادت الدماء الى مكتبنا بعد أن كان يحتضر
سيف : اقترح ترقية الآنسة ايمان الى مديرة للمكتب, وزيادة مرتبها
قفزت دماء السعادة والحياء الى وجناتها وازدادت عينيها انغماسا فى الأوراق التى امامها, تخفى خجلها
أكملت على كلام سيف : ومسئولة عن العلاقات العامة للمكتب
لاااا
صدمنى رفضها بشدة والأكثر منه أسلوبها
فقد خرجت منها (لأ) عنيفة قاسية, حتى أن ثلاثتنا أخذوا ينظرون اليها بدهشة كبيرة, مما جعل وجهها يحمر بشدة وارتبكت والإعتذار يملأ صوتها : آ.. أنا..
ابتلعت ريقها وأخذت نفس عميق ثم قالت مباشرة : أنا لا أصلح لهذا العمل, سأبقى كما أنا, مترجمة ومسئولة عن أعمال الكمبيوتر والملفات
هبط علينا الصمت الجماعى, فقد كان رفضها عجيب حقا
قالت عندما رأت فى عيوننا تساؤلات لاحصر لها : بامكانكم توظيف سكرتيرة محترفة, وأبقى أنا فى تخصصى, أعتقد أنها لن تكون مشكلة بعد أن تحسنت أحوال المكتب
سيف بالحاح : ولكنك نجحت.....
قاطعته بصرامة : سيف, دعها بحريتها, سيبقى الوضع كما هو الآن, ولنناقش ذلك فيما بعد
قلت مغيرا الموضوع : والآن ياسادة, لنناقش أول المشكلات المدرجة فى محضر الإجتماع
استعادت ايمان حماسها سريعا وفتحت دفترها وبدأت العمل الحقيقى
................................................
يوم بعد يوم كانت مكانتها تزداد لدى, فهى لم تستولى على قلبى فقط. بل انتزعت احترامى وتقديرى لعقلها المنظم الواعى واخلاصها فى عملها
بل انتزعت احترام كل من فى المكتب
وعرفت من سيف ان ريم أخبرته, أنها انشغلت عنها تماما, وأصبح عملها يأخذ كل وقتها
تجلس على الكمبيوتر أغلب الليل, وتقرأ كتبا عن الإدارة والسكرتارية, وانحلت عقدة لسانها وأصبحت تدريجيا تتحدث معنا كثيرا فى شئون العمل وتدلى بآراء وأفكارجديدة تحسن من طريقة العمل بل أصبحت تدريجيا تستقبل العملاء
كانت الفكرة تلح علي بشدة كلما مررت عليها متجها الى مكتبى ورأيتها تعمل على الكمبيوتر
حاولت كثيرا أن أستجمع شجاعتى لأفاتحها فى الزواج, ولم أجد الى ذلك سبيلا فهى لاتتحدث أبدا مع أى منا الا لو دعت حاجة العمل الى ذلك
وكلما حاولت أن أتطرق فى حديثى معها الى موضوعات أخرى, كأن أسألها مثلا عن حمادة أو غدير
ترد باجابات قصيرة وتعود لعملها بسرعة,
كانت حقا نموذجا فريدا
كيف استطاعت أن تحافظ على تلك المسافة القصيرة بين متطلبات العمل وفى نفس الوقت عدم الإختلاط؟
كلما حفزنى سيف لأفاتحها أتردد أكثر وتزداد هواجسى
فماذا لو رفضتنى؟
من حقها أن ترفض أو تقبل, لكن عندها ستترك العمل واثق أنا من ذلك
كنت أفضل البقاء بقربها على الإقدام على أى تصرف يبعدها عنى
وأخيرا جاء يوم قررت فيه أن أفاتحها فى الأمر بعد أن تغلب حبى على ضعفى
دخلت المكتب وألقيت عليها التحية وأنا فى طريقى لحجرتى ثم أغلقت الباب على نفسى جيدا أحاول أن أرتب الكلمات التى سأقولها لها
وأعد نفسى واشحذها جيدا
بعد فترة سمعت صوت غاضب يأتى من الإستقبال, بالتأكيد ليس صوت ايمان, فصوتها دائما منخفض
هل يمكن أن تكون....................؟
ريم!
وما الذى أتى بها الى هنا, وكيف تصرخ بتلك الطريقة
لم أتبين من الصوت الا بضع كلمات
ليأت أصحاب المكتب وليروا كيف.......
كيف يعمل مثلك فى هذا المكان......؟
فتحت الباب بسرعة وخرجت أستطلع الأمر لأفاجأ بما لم أتوقعه أبدا
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>