بمجرد عقد القران......
اندفعت مشاعرى كفيضان عنيف, وامتلأ قلبى بالفرح وأحلام الشباب وآمال بلا حدود
وتفجر قلبى بحب جارف لم أكن لأصدق يوما أن يكون موجود
أعتقد أن شركة الإتصالات يجب أن تمنحنى جائزة لكثرة استخدامى للهاتف المحمول فى تلك الأيام
لم أكن أتحمل ساعة واحدة دون أن أسمع صوتها, كنت أشتاق اليها بجنون, وأصبح من المستحيل أن يمر يوم دون أن أراها
كنت أدعوها للخروج معى فى البداية بحجة أننا سنختار أثاث المنزل, ويعلم الله أن مامعى من مال وقتها لا يكفى لشراء خزانه للملابس أو حتى سرير قديم, ناهيك عن غرفة بأكملها
كانت مجرد حجة لآخذها فى نزهة لمكان جميل
رسمنا صورة لنا معا على صفحة النيل الجميل, فقد كانت ايمان تحب النيل وتحب ان تغمس يدها فيه ليتخلل ماؤه اصابعها
فتحت لها قلبى على مصراعيه, وكلما خرجنا معا لايكف لسانى عن الثرثرة. حدثتها عن كل شئ, أهلى أصدقائى, هواياتى, ماضى وذكرياتى, مستقبلى وأحلامى
أما هى.......
كان صمتها يضايقنى, كان كلامها قليل للغاية, أقل مما كانت عليه عندما كانت تعمل معنا فى المكتب
حاولت أن أفسر هدوءها الزائد بالخجل, فلأول مرة تخرج مع شاب وحدها
وشيئا فشيئا بدأ هدوءها يزعجنى, فلم تكن تحكى لى عن نفسها أى شئ
وعلى الرغم من أننى طرت فرحا عندما اعترفت لى بحبها –بعد الحاح شديد منى- لكنى كنت أشعر دائما أننى أقف على حدود قلبها, لم تفتحه لى ولم تبح بأسرار نفسها, وكلما حاولت اقتحام ذكريات ماضيها تمنعنى موجات الحزن البادية فى عمق عينيها
حتى أتى يوم عجزت فيه عن التحمل وتفجرت براكين القلق الحبيس بداخلى
بدأ الأمر عندما اتصلت على هاتفها المحمول ووجدته مغلق, وقد كنت اتصلت بها من ساعتين وتحدثت معها نصف ساعه كاملة لم أكف فيها عن الثرثرة
ورغم هذا فقد اتصلت بها ثانية لأبشرها بأن المبلغ الذى كنت أنتظره لنشترى أثاث حجرة النوم قد وصل, وكنت أريد تحديد موعد معها لنشتريه سويا
وبقدر ما كانت فرحتى, بقدر ما كان الإحباط الذى شعرت به عندما وجدت هاتفها مغلق
أكثر من ساعه ونصف كنت أتصل بها كل دقيقتين تقريبا والهاتف مغلق وأنا أكاد أجن طلبتها على هاتف البيت فأجابت ريم : خرجت
قلت بتسرع : الى أين؟
قالت تغيظنى : وما شأنك أنت؟ أتريد فرض وصايتك عليها؟ استيقظ نحن فى عصر تحرير المرأة
فلتذهب حيث شاءت ليس لك سلطان عليها
أغلقت الهاتف قبل أن أحطمه, كان غضبى قد وصل الى مداه وأحرقت ريم البقية الباقية من أعصابى, وبدأت تنتابنى وساوس شيطانية كثيرة لتبنى مبررات خيالية لمواقفها معى وأنا أجترها واحدا تلو الآخر
وتبنى حول عقلى جدارا من الشك الواهم يعلو كل دقيقة ليعوقنى عن التفكير السليم
حتى وصل بى الأمر أن أتساءل لم قبلت الزواج منى, وهل تزوجتنى راضية أم مضطرة
عند منتصف الليل.....كنت أقف أمام بيتها أنتظرها كالمجنون, وعندما توقفت سيارة خالها أمام البيت وترجلت منها, فوجئت بى أمامها مباشرة وانا أقول بتوتر : ايمان يجب أن نتحدث
ارتعشت عضلات وجهها من أثر المفاجأة
أما خالها فقال بصرامة : الا يمكنك أن تؤجل الكلام للصباح
قلت وأنا أكاد أن أنفجر : لا أظن أننى أستطيع الإنتظار للصباح
دعانى خالها مكرها للدخول الى البيت
توترها لايخفى على عين, ورغم ذلك أخذت أستجوبها : لم أغلقت هاتفك؟ من ساعات وأنا أتصل بك والهاتف
مغلق
نظرت الي بتوسل, لكن جنونى لم يترك لى ذرة عقل تردنى عن غضبى, فلم أمنحها فرصة لترد وقلت بانفعال : لا أدرى ما الذى يحدث بالضبط؟ منذ يوم العقد وأنت تقصينى تماما عن حياتك, ترفضين مشاركتى فى أى شئ يخصك, تحجمين حتى عن الإفصاح عن مشاعرك
هتفت بتعجب : ماذا يحدث!
أنا لا أدرى عنك شيئا, أى شئ
أين كنت الآن.. أجيبينى
نظرت الي بصمت وعيناها تمتلآن بالتوتر والألم
قلت غاضبا : أرجوكى تكلمى, ان صمتك يزعجنى تماما
تدخل خالها فجأة معنفا : اياك أن تصرخ فى وجهها ثانية, ولتعلم أنها طالما فى بيتى فهى مسئولة منى, وليس لك أن تحاسبها
قلت ثائرا : ان كل ما أريده هو أن أعرف أين كانت, أهذا كثير؟
قال بغضب : كانت معى, ويكفى
- لايمكن أن تعاملنى وكأنى غريب عنها, فمن حقى أن..
- ليس لك أية حقوق هنا, عندما تنتقل الى بيتك فافعل ماشئت
أخيرا تكلمت لتنهى الأزمة التى كادت تنشأ بينى وبين خالها : كنـ.. كنت عنـ عند طبيب أمـ..راض التخـ..اطب
أصابتنى كلماتها فى الصميم, وأخرستى تماما
من جديد أتسبب لها فى الألم
وفى ثانية واحدة, ارتدت كل مواقفها وكل المآخذ التى ضايقتنى وأزعجتنى الى عقلى دفعة واحدة, ولكن بشكل مختلف
لم يكن صمتها عن خجل أو اعراض أو هروبا من مشاعرى المتدفقة كما كنت أعتقد, أو كما صور لى شيطانى, بل لأنها كانت تحاول أن تخفى عنى ذلك الحمل الثقيل الذى تحمله وحدها, وتلك الحالة التى تؤرقها وتخجلها
قلت بضعف : ولم لم تخبرينى؟ ألا تعلمين أن ذلك يؤلمنى؟
الخال : هل ارتحت وهدأت الآن؟
- لم يا ايمان؟ لم تخفين عنى ذلك؟ الا تعلمين أنى بحاجة لأن أشعر بأهميتى فى حياتك؟ بأننى لست بغريب عنك, أو عابر لاقيمة له فى حياتك
لمعت الدموع فى عينيها بوضوح : ان كل...كل ما أحتاجه هو بعض الوقت لأحل مشاكلى بنفسى, هل كثـ..كثير علي أن..أن تمنحنى بعض الوقت؟
هزمتنى دموعها التى لم تنزل بعد, وطأطأت برأسى واعتذرت لها ولخالها وانسحبت بصمت بعد أن أفسد اندفاعى كل شئ
>>>>>>>>>>>>>>