أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاماً لمن جحد به وكفر ,
وأشهد أن محمد عبده ورسوله
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا ونبينا وحبيبنا وشفيعنا
( محمد ) وعلى أله وصحبه أجمعين ,
من أعتمد على علمهِ ضل
ومن أعتمد على عقلهِ إختل
ومن أعتمد على سلطانهِ ذل
ومن أعتمد على مالهِ قل
ومن أعتمد على الناس مل
ومن أعتمد على الله
فلا ضلَ ولا إختلَ ولا ذلَ ولا قلَ ولا مل
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
قال الله تعالى ( للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضرباً في الأرض
يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافاً )البقرة الآية 273
المتعفف هو الذي يحفظ ماء وجهه ويصون كرامة نفسه ,
ولقد أرشدنا القرآن الكريم إلى هذه الناحية الهامة والحساسة في حياة المجتمع الإسلامي,
إلى أنه لا ينبغي على الأغنياء وعلى المجتمع الإسلامي ,
أن بهمل أو ينسى أصحاب العفة ,
فهناك أناس في المجتمع لو أنك بحثت عنهم
لن تستطع أن تحصي عددهم ,
هناك أناس في المجتمع يعانون من قلة في المال,
وكثرة في العيال ,
وربما يعانون من مرض لا يستطيعون مداواة أنفسهم ,
وهناك وهناك ؟؟؟!!!
لا يسألون الناس إلحافاً ويصعب عليهم أن يطلبوا من الناس أو أن يقفوا على أبواب الأغنياء,
لا يسألون الناس إلحافاً ويقفون على أبواب المساجد وإشارات المرور ؟؟؟؟
لا يسألون الناس إلحافاً أي لا يلجون في السؤال والطلب ,
لأن كرامتهم تفوق مال الدنيا كلها ,
ومن يحفظ ماء وجهه فإنهُ يحفظ كرامة نفسه ,
أما إذا رأيت إنساناً يتملقُ على أبواب الأغنياء ويلحُ في السؤال
فاعلم أنهُ إنسان يأكلُ مال غيره ,
ويأخذُ زكاة وصدقةً لا يستحقها ,
فالفقير الحق هو الذي لا يُلحُ في السؤال ولا يأخذ من الناس ,
لذلكَ قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ليس المسكين الذي يطوف علي الناس ترده اللقمة واللقمتان ،
والتمرة والتمرتان ولكن المسكين الذي لا يجد غني يغنيه،
ولا يفطن له فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس )
رواه البخاري في الزكاة. فتح الباري 4/104
هذا المسكين لا يُفطن له هو الذي ينبغي أن يأخذ الزكاة وأن يأخذ الصدقات ,
لأنهُ متعفف لا يتملق لا يلحُ في السؤال والطلب,
هذا الذي ينبغي على الغني أن يبحث عنهُ ,
هذا الذي على أصحاب المسؤوليات أن يتفقدوا حاله ؟؟ الفقراء والمساكين والمتعففين ,
وفي رواية يقول عليه الصلاة والسلام :
( ليس المسكين الطواف عليكم فتطعمونه لقمة لقمة إنما المسكين المتعفف
الذي لا يسأل الناس إلحافا )
لكن الرسول صلى الله عليه وسلم ,
بين لنا المتعففين أما إذا استغنيت بالله أغناك الله ,وإنك إذا تعففت عن السؤال ,
يهىءُ الله لك أسباب الحلال وأبواب المال ,
وقد روى الطبراني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( من استعف أعفه الله،ومن استغنى أغناه الله ،
ومن سأل الناس وله عدل خمس أواق،فقد سأل إلحافا )
أي من سئل الناس ويملك كفايته من المال فقد نال الناس إلحافا,
كم أناس أصحاب أجرة لا يستطيعون دفع إيجار مسكنهم,
وكم أناس لا يستطيعون أن يؤدوا زكاة الفطر ,
وكم من أرامل ولديهم أطفال ولكنهن متعففات لا يستطعن الطلب تعففا ,
ولا ننسى هنا طلاب العلم الذين يتابعون دراستهم وليس لهم مورد ,
كم من طلاب حصلوا على الشهادة الجامعية ولكنهم لم يحصلوا على فرصة عمل ,
هنا أرجوا أن تكون صحوة بالمجتمع ,
ويتهافت الأغنياء والمقتدرين مادياً
بالبحث عن هذه الشرائح بمجتمعنا ويمدون لهم يد المساعدة ,
ولكن أن يأخذوا حذرهم من هؤلاء الصور تتكلم عنهم:
((المتعفف ))لا تنسى أخي المسلم هذه الكلمة :
تفقد أقاربك وأعطي ذو القربى حقه,
تفقد جيرانك ,والمسكين , وابن السبيل ,
وخير صدقة ما أنفقت على الزوجة والأولاد,
أيها الأخوة :
فلقد وُصِف – عليه الصلاة والسلام – بأنه يُعطي عطاء من لا يخشى الفقر
قال أنس – رضي الله عنه – :
( ما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئا إلا أعطاه ,
قال : وجاءه رجل فأعطاه غنماً بين جبلين ، فرجع إلى قومه ،
فقال : يا قوم أسلموا ، فإن محمدا يُعطي عطاء لا يخشى الفاقة ). رواه مسلم
وقال الله في كتابهِ العزيز:
( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ) الأحزاب: الآية 21
وهذه الآية تدل على استحباب التأسي والإقتداء به
في الأخلاق والقيم والمواقف العامة ,
كان يبحث ويسأل عن أصحاب الحاجة والمعوزين ,
وقد سار على نهجه أمراء المؤمنين والخلفاء الراشدين ,
كان أمير المؤمنين (عمر بن الخطاب ) رضي الله عنه ,
يعج ليلاً في المدينة باحثاً عن أرملةٍ متعففة ,
باحثاً عن يتيمٍ ليس له من يعينه ,
باحثاً عن فقير يسد له حاجته ,
باحثاً عن مسكين متعفف,
فكان مجتمعاً سليماً قائماً على الحب والألفة والأخوة بين المسلمين ,
فلنكن متبعين سنة نبينا صلى الله عليه وسلم
ونتحلى بأخلاقهِ
وبقيمه ومواقفه الإنسانية ,
ونحن بهذا الشهر الكريم,
لنرسم بسمة على شفاه طفل يتيم أو امرأة أرملة ,
أو نضع بلسم على ألم مريض ( والشافي هو الله )
أو نرفع معنويات طالب يتابع دراستهُ وليس له مورد ,
وقد قال الشاعر أبو تمام :
تعود بسط الكف حتى لو أنهُ , ثناها لقبـض لـم تطعـه أناملـه
و لو لم يكن في كفه غير روحهُ , لجاد بها فليتـق الله سائلـه
هو البحر من أي النواحي أتيتهُ , فلجته المعروف و الجود ساحله