كاتب الموضوع :
زوغدانة
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
اخيرا الحمد لله هنزل البارت الجديد بس للأسف مش الاخير اتمنى ارى تعليقاتكم وردوركم فى اسرع فرصه
الفصل الثامن :
تردد (أدهم) كثيرا قبل ان يطرق باب الغرفه ،الوقت مازال باكرا للغايه فهذا اول شعاع ترسله الشمس لأحياء يوم جديد ،ويتوقع ان يجدها نائمه ،لا يريد ان يوقظها ،ولكنه اذا انتظر اكثر من ذلك سيجن بالتأكيد ، كان قد قضى ليلته فى استعادة احداث كثيره مرت امام عينيه كأنها كانت بالامس فقط ،لم يتمكن منه النوم، ومتى استطاع ان يتمكن منه، منذ ان قابلها مره اخرى وهو يأبى الاقتراب منه، لا بل منذ تركها وهو لا يعرف طعم لأى شىء .
اسند رأسه المنهك على الباب واغمض عينيه فى الم ، حسم امره اخيرا سيوقظها ويحدث ما يحدث لابد ان يتكلما لابد ان يعلم منها الحقيقه كامله ولكن حتى هذه الحقيقه لن تغير واقع انها احبت غيره وخانت حبه لها واستغلته، وهنا لم يقدر ان يتحمل اكثر من ذلك، طرق الباب بعصبيه ، طرقه عدة مرات ولكن لم يجب احد ، فتحه بحذر فعلى كل حال هى زوجته ، ولدهشته لم يجد احد بالغرفه لم يجدها ، حال الفراش يدل على حدوث معركه فوقه، ولكن اين هى ، خرج من الغرفه متجها الى ظهر الباخره ، وهناك وجدها كانت تقف عند الصور الاقصى للباخره وقفت كأنها حوريه خارجه من البحر كانت فاتنه بالفعل ،و كان يعلم انها مهما فعلت سيظل مفتونا بها ،حاول ان ينسى هتاف عقله الذى يصرخ به محذرا ، كان تأثيرها عليه اكثر مما يمكنه تحمله ولكن يظن انه تمكن من مداراة ذلك حتى الان على الاقل،كان الهواء المنعش يداعب شعرها ويحركه يمينا ويسارا ،كم تمنى لو كان هو هذا الهواء حتى يتمكن من التواجد حولها هكذا دون ان توقفه الام كرامته الجريحه ولا رجولته الغاضبه ، كان يتمنى لو يمكنه التخلل بين خصلات شعرها الطويل والذى كان يتطاير فى عذوبه متناغما مع ثوبها الشيفونى الرقيق المتعدد الالوان اقترب منها ببطء واستند بجوارها على صور الباخره ، لم تلتفت اليه ولم تبدر منها اى بادره على انها شعرت حتى بوجوده ، وبعد فتره من الصمت الملىء بالرهبه والترقب قالت (رؤى) بخفوت كأنها تخشى ايقاظ امواج البحر او اشعة الشمس الذهبيه :
_ اين قضيت ليلتك بالامس ؟
ضبط مشاعره بقوه يحسد عليها مجيبا بنفس الخفوت :
_ على ظهر المركب ، انا لم انم فى الواقع .
_ هذا واضح من ملابسك ، يبدو ان الحفل كان اكثر من رائع .
_ انا لم اكن بالحفل يا(رؤى) .
قالت ساخره :
_ نعم ،نعم ، يمكننى تصديق ذلك .
_ ان عليك تصديقه لأنه الحقيقه .
قالت وسخريتها تتعاظم :
_ لا يمكنك اقناعى انك استطعت مقاومة سحر (نسرين) .
تجمد فى مكانه اكثر مما هو ، ثم قال ببرود يخفى ما يعتمل بداخله :
_ ان لم اتمكن من مقاومة سحر (نسرين) فأنا على الاقل لم اوهمك بحبى لك ، كما فعلت .
كان يتوقع منها ردود فعل عديده غيرهذا الصمت المطبق الذى صدر منها ، نظر اليها فوجد كل ملامح الالم متجسده على وجهها الرقيق ، استدار مبتعدا عنها لأنه اذا استمر فى النظر اليها وهى على هذا الحال بالتأكيد سيأخذها بين زراعيه ويرجوها ان تنسى ما قال .
ولم يكن يتصور انه قتلها بما قال فلو كان لها ذره من الامل فقد طحطمت هذه الذره الان ، لم تكن تتصور ابدا انها ستشعر بمثل هذا الالم الرهيب بداخلها ، لهذه الدرجه لم يكن يعرفها ، لهذه الدرجه لم يكن يثق بها ، تمسكت بصور الباخره الحديدى حتى لا تسقط فى بحر العذاب ومتاهة التفكير التى تجذبها بقوه .
قالت بشرود :
_ نعم بالفعل معك حق ...........
قالت ما قالته ثم انطلقت بعيدا عنه متوجهه الى السلم المؤدى الى الغرف ، اندفع خلفها قائلا وهو ممسك بزراعها ليوقفها :
_ انتظرى يا(رؤى) انا لم انهى كلامى معك بعد .
نفضت زراعها من يده بعنف شديد وقالت بصرامه غاضبه :
_ (أدهم) اعدنى الى القاهره على الفور ، وليس هذا فقط وانما ستطلقنى ايضا .
نظر اليها مذهول ، قائلا :
_ هل جننت .
_ لا ان هذه هى اكثر مره اكون عاقله بها ، انا لن اقف هنا لأبرر لك اشياء لم افعلها ، اذا كانت غيرتك المجنونه صورت لك اشياء غبيه فهذه ليست مشكلتى على الاطلاق .
واندفعت مره اخرى فى طريقها والذى قطعه عليها موقفا اياها قائلا بغضب رهيب:
_ لا يوجد احد يدهشنى كما تفعلين ، بعد كل هذا مازلت مصره على الاستمرار فى الكذب ، لقد اخبرنى بكل شىء وانت مصره على لعب دور البريئه .
_ حقا ، اذهب اليه اذا عله يقص عليك شىء اخر ، واتركنى لأذهب باحثه عن دور اخر يليق بى غير دور البريئه .
واندفعت مره اخرى تاركه اياه فى حيره قاتله ، وفكره مجنونه تقتحم عقله وترجوه ليصدقها ويعمل بها .
***********************
ما ان دخلت (رؤى) الى غرفتها حتى اخذت الحقيبه الكبيره وبدأت بوضع كل اشيائها بداخلها ، كانت تضع كل شىء تقع عليه عيناها ويخصها بعنف شديد وبدون ترتيب حتى ، لم تكن ترى امامها وكانت ثائره للغايه ، ولم يكن عندها اى استعداد للتحدث معه عندما دخل الغرفه وقال بغضب :
_ من الجيد انك تحزمى اغراضك لأن السفينه سترسو قريبا فى ميناء نويبع ولست فى حاجه الى ان اخبرك اننا سنتوجه فورا الى شرم و لن نعود منها الا فى الوقت المقرر لنا العوده فيه .
_ حسنا ، حاول اجبارى على المجىء معك وستجد نفسك مضطر لتفسير اسباب صراخى امام اصدقائك .
_ اخبرتك من قبل انه ليس لدى اى مشكله فى ذلك .
حدقت به برهه ثم قالت :
_ حسنا ، سأعود بمفردى اذا .
حدق بها هو الاخربغضب ليس له حدود، وبدا عليه انه يريد تحطيم رأسها العنيد هذا ، استدار عنها مستندا بكلتا يديه على الباب ثم ضم احدى قبضتيه ولكم الباب بقوه حتى خالت انه سينكسر بالفعل ، ثم استدار اليها صائحا بغضب :
_ ايتها الحمقاء .. ماذا سيقول الناس عن عروس تعود بمفردها بعد اقل من يومين من زفافها .
قالت له بتحد :
_ لن يهمنى كلام الناس ، كل مايهمنى هو التخلص منك .
_ ولن يهمك ابويك ايضا .
تسمرت فى مكانها كيف لم تفكر فى ذلك وهى قامت بكل هذا من اجلهما ادارت له ظهرها مقاومه دموعها ، ولم تتكلم، لن يمكنها ان تعلن انتصاره عليها مره اخرى بدأت دموع قهرها وحزنها تحرق مقلتيها متوسله للخروج منهما ، وعندما شعرت به يفتح الباب ويندفع خارجا مغلقا الباب خلفه بعنف حتى كاد الباب المسكين ينتزع من مكانه ،سمحت اخيرا لدموعها بالانحدار على وجنتيها الملتهبتين وارتمت بجسدها المنهك الاعصاب فوق الفراش سامحه لكل مشاعرها الحزينه بالظهور، كان ضيقها الشديد من انه امضى الليله السابقه مع (نسرين) انساها تماما كل شىء حول الرساله .
لم يمر عليها بالغرفه سوى ساعات قليله حتى اتاها (أدهم) وجمع هو الاخر الاشياء البسيطه التى اخرجها من حقيبته ، ولم يتكلم وهو ينقل الحقيبتان الى ظهر الباخره وسارت هى خلفه محاوله ان تبدو غير مباليه وكأن شيئا لم يكن ولكن عيناها الحمراوان فضحا امرها ، ومن ملامحهما هما الاثنين علمت اسرة (ماهر) بوجود خلل ما ، ولذلك لم يحاول اى منهما التكلم ،حتى (نسرين) عندما حاولت الاقتراب من (أدهم) والتحدث اليه لأستغلال الموقف الواضح انه اكثر من سىء بينه وبين (رؤى) اعادتها الى مكانها ردوده القصيره الفاتره للغايه .
وما ان رست الباخره حتى انتقل كل الافراد الذين كانوا على ظهر الباخره الى حافلات كبيره تتولى نقلهم الى شرم الشيخ ثم الى الفندق الذى ستتم الاقامه به .
***********************
كان الفندق متربع فوق ربوه عاليه ومن حوله تتهادى الازهار والورود بجميع انواعها واشكالها وكان عبقها ينشر فى الجو عطر رائع ومميز يثير البهجه ويشيع جو من الرومانسيه المحببه ، كان الفندق به كل الوسائل الترفيهيه التى يتمنى المرء الحصول عليها بينما معظم الغرف لم تكن به وانما كانت كلها تطل على البحر اسفل الربوه العاليه على هيئة شاليهات،وصل كل فرد الى غرفته ، وهذا ما لم تكن تتمناه (رؤى) او تود حدوثه ،حتى لا تضطر لمواجهة (أدهم) مره اخرى او الاحتكاك به حتى ولو بالنظر،ولم تكن تتخيل العاصفه الهوجاء التى ستواجهها حيث انهما ما ان دخلا حتى القى (أدهم) بالحقائب على الارض بعنف وقال مخاطبا (رؤى) بلهجه حاده جامده :
_ استمعى الي جيدا، امامنا هنا اسبوع علينا تحمله بأى وسيله ، وما حدث فى الباخره لن اسمح بحدوثه هنا ،وما اقصده طبعا هو جنونك المفاجىء بالعوده الى القاهره و طريقة نومنا .
كادت ان تفتح شفتيها لتتكلم عندما قاطعها قائلا بسخريه حاده عاقدا زراعيه على صدره:
_ ولا داعى للصياح او الزعر فأنا لا اريد حتى ان اقترب منك .
وتحرك تجاه الباب ليخرج عندما قالت بحده :
_ على اساس انك تجرؤ على هذا.
ضحك ساخرا ثم قال لها :
_ ياعزيزتى انت تعلمى جيدا اننى متى اردتك سأتمكن من الحصول عليك .
اشتعل وجهها غضبا وخجلا حدقت به محاوله البحث عن اى شىء تتمكن من جرحه به كما فعل، واظلمت عيناها عندما قالت بغضب :
_ ان كنت تقبل على كرامتك ان تأخذ فتاه لا تتحمل مجرد لمساتك ،رغما عنها ،فأرنى كيف ستفعل ذلك ؟
اخيرا وجدت مرادها لمحت طيف من الحزن يغرق عينيه وتوتر عضلات فكيه كان ابلغ دليل على ذلك ،علت ابتسامة النصر شفتيها لتغمر قلبها بدموع من دم عندما رأت ملامحه وكادت ان تتراجع عما قالت وتعتذر له وترتمى بين زراعيه ،ولكنها تماسكت واستعادت كلماته الجارحه مما اعطاها القوه للوقوف امامه بثبات محتفظه بأبتسامتها المتحديه وذلك لم يستمر طويلا لأنه سرعان ما ادار وجهه بعيدا خارجا من الغرفه ، وما ان اغلق الباب خلفه حتى سمحت لدموع قلبها بالأنحدار على وجهها ملهبه اياه، جلست على اقرب مقعد اليها تزرف دموعها بهدوء وحسره ،تشعر ان كل امورها منذ ان التقته تخرج من يدها وتتلاعب بها، لم تعد تعلم حتى ماتريد هى ، لم تكن تريد ان تجرحه ولكنها فعلت واكثر ما يبكيها شعورها الشديد بالضيق والحزن عندما رات ملامحه الحزينه المكتئبه نتيجة ما قالت .
استمرت فتره على هذا الوضع تحاول ان تلملم شتات نفسها وكرهت نفسها بسبب هذا البكاء المتواصل، سمعت طرقات على باب الغرفه ، مسحت دموعها بسرعه وعنف ونظرت الى المرأه لتتأكد من عدم ظهور اثار بكائها، وعلى الرغم من ان النتيجه لم تكن مشجعه الا انها اظطرت لفتح الباب ، وعندما فتحته وجدت (نسمه) و(كاميليا) تقولان فى صوت واحد :
_ مفاجأه .
ولكن ما ان رأيا اثاراحمرار وجهها وانتفاخ عينيها صمتا ونظرا الى بعضهما وسألتها (نسمه) :
_ ماذا بك ؟
منحتهما ابتسامه كبيره وقالت :
_ لا شىء انا بخير ولكننى لااتحمل هذا الحر الشديد دائما ابدو منتفخه كحبة الطماطم ، هيا اخبرانى ما هى المفاجأه؟
ابتسما وقد استراحا لهذا التفسير قالت (كاميليا) بمرح كبير :
_ نحن فى الغرفه المجاوره لكما ما رأيك فى هذه المفاجأه ؟
ردت (رؤى) محاوله الاندماج مع سرورهما :
_ مفاجاه جميله طبعا .
قالت (كاميليا) :
_ بالفعل حتى نتمكن من الخروج معا وقتما نشاء .
اضافت (نسمه) :
_ نعم، هيا تعالى الان معنا ان (كريم) ينتظرنا لنخرج كلنا معا ،هيا .
_ لا يمكننى يا عزيزتى .
ظهرت ملامح الحزن على وجهيهما وقالت (كاميليا) :
_ لماذا ألا تحبين الخروج معنا .
سارعت (رؤى) بالبحث عن سبب مقنع فهى لا تريد الان صحبة اى احد ، وقالت بهدوء محاوله قدر الامكان ان يكون هدوئها مقنع :
_ لا تقولى هذا ياعزيزتى انا احب التواجد معكم دائما، ولكن (أدهم) ليس موجود الان وعلي ان اعلمه قبل ان اخرج .
قالت (نسمه) كأن عقل (رؤى) ضيق ومحدود :
_ هل هذه هى المشكله، لا تقلقى ان (كريم) يقف مع عمو (أدهم) عند البحر ومن المؤكد انه سيخبره .
واضافت (كاميليا) كأنها اكتشفت اكتشاف عبقرى :
_ وماذا ننتظر هيا نذهب اليهما ونعلم ماذا قال وانا متأكده ان عمو (أدهم) لن يرفض لك طلب .
سخرت (رؤى) فى نفسها مما قالت فهو ان لم يرفض فذلك حتى لا يحرج نفسه امامهما ، وبعد الحاحهما اظطرت للذهاب معهما الى المكان الذى يقف فيه (أدهم) و(كريم) على البحروالذى لم يبعد كثيرا عن غرفتها وما ان اقتربا حتى رأت (نسرين) تقف معهما وصوت ضحكاتها المائعه عالى للغايه ، وعندما رأت (رؤى) قادمه ،اقتربت من (أدهم) اكثر ووجهت اليه اروع ابتساماتها ، بينما قالت (كاميليا) فور اقترابهم :
_ عمو(أدهم) نحن سنخرج ونريد (رؤى) معنا ، وهى لا تريد ان تأتى معنا بدون اعلامك ، وانا اخبرتها انك لن ترفض لها اى طلب ، اليس كذلك ؟
نظر (أدهم) الى (رؤى) متعجب من انها ارادت اعلامه اولا ، بينما ادارت هى وجهها بعيدا فهذا ما ينقصها ان يظنها تخشاه او تعمل له حساب ، وسمعته يسألها بهدوء ولطف لم يتمكن من كبحه عندما لاحظ اثار دموعها :
_ هل تريدين الخروج حقا ؟
_ نعم ،هل فى ذلك مشكله ؟
_ لا اذا لم تكونى متعبه ......... من السفر .
فهمت على الفور انه يشير الى اثار دموعها ، تضايقت بشده لذلك فأرتدت نظارتها الشمسيه والتى لا تعلم لما لم ترتديها منذ البدايه ،وقالت :
_ لا انا بحاله جيده جدا .
_ حسنا وانا موافق .
وعلت وجهه ابتسامه ساحره ،علمت انه بهذه الكلمه يريد ان يعلمها بسلطته عليها ، بينما قالت (نسمه) بحماس :
_ ما رايك ان تأتى معنا انت ايضا .
_ لا يمكننى ياحبيبتى فأنا علي عمل لابد ان انهيه قبل عودتكما .
قالت (نسرين) بخبث :
_ عمل فى شهر العسل ، كيف يمكنك السكوت على هذا يا (رؤى) .........
ثم نظرت الى (أدهم) قائله بدلال :
_ لو كنت انا ما كنت جعلتك تخرج من غرفتنا ابدا .
نظر (أدهم) الى (رؤى) مشيرا اليها بعينيه ان تتفضل هى بالرد وتريه ماذا ستفعل ، نظرت اليه متحديه ثم وجهت نظرها الى (نسرين) وعلى وجهها اروع ابتسامه لديها ثم تحركت لتقف بين هذه الاخيره وبين (أدهم) وشبكت يديها فى زراعه قائله بأكبر قدر من الدلال والنعومه التى يسمح بها وجود احد معهما :
_ من حسن الحظ انك لست مكانى يا (نسرين) والا كان (أدهم) خسر كل ما بناه.
لم يتمكن (أدهم) من كتم ضحكته وقال من بينها :
_ هذا اجمل شىء فيك يا حبيبتى ، انك تقدرين عملى للغايه .
_ بالطبع يا حبيبى .
ثم نظرت الى (نسرين) لترى على وجهها تجسيد لأكبر صور الحسره والغيظ .
وسارع (كريم) قائلا ليتدارك الموقف حتى لا ينتهى بتجاذب (رؤى) و(نسرين) شعور بعضهما :
_ مارايك ان تاتى معنا يا(نسرين) ؟
تغلبت (نسرين) بسرعه على مشاعرها وقالت باسمه استعدادا لبداية جوله جديده :
_ لا انا سأظل هنا مع (أدهم) عله يحتاج الى شىء .
تولى(أدهم) الرد هذه المره قائلا برصانه وهدوء :
_ اشكرك يا (نسرين) انا لن احتاج لشىء ،لا تتقيدى بى .
اطلقت ضحكه عاليه وقالت بغموض كبير متعمده الا يفهم احد عما تتكلم :
_ انت لم تنسى اذا ، هذا يحملنى اكثر على البقاء معك لأنسيك ما حدث .
سارعت (كاميليا) لتقول والتى كانت تتلهف على التنزه بشده :
_ حسنا هيا بنا نحن اذا حتى لا نتأخر، ونقضى اكبر قدر فى التنزه ،هيا .
كانت تقول ذلك وهى تشد كل من (كريم) و(رؤى) وتشير الى اختها ان تتبعهما ، لمست يد (أدهم) اصابع (رؤى) بعد ان تركت زراعه وربت عليهما قائلا :
_ لا تتأخرا .
_ حسنا .
ثم ابتسمت ابتسامه متوتره والقت نظره سريعه على (نسرين) والتى من المؤكد لن تترك هذه العطله تمر دون الفوز ب(أدهم) ، انتفض قلبها بين ضلوعها وشعرت بأنزعاج وانقباض شديد فور ورود مثل هذه الفكره على بالها ، ان قلبها الغبى مازال ينبض .
الفصل التاسع :
كانت النزهه جميله للغايه وحاولت (رؤى) الاستمتاع بها ولكن فكرها كان مشغول وقلبها منقبض وحاولت هى ان تتجاهل السبب وراء ذلك الانقباض ، وعندما عادوا الى الفندق كانت الفتاتان مليئتان نشاط وحيويه اكثر وارادتا التجول بالفندق ودخول كل الصالات الترفيهيه به واتفقوا على ان يغيروا ملابسهم ويتقابلوا بعد ذلك عند المصعد الزجاجى اسفل الربوه للصعود به الى بهو الفندق ، وهى لم تعترض على ذلك ووافقت على الذهاب معهما لتشغل وقتها اكثر وتنسى التفكير فى (أدهم) و(نسرين) والتى من المؤكد تملأ الدنيا بضحكتها المائعه ،دخلت الغرفه ولم يكن (أدهم) بها، اعدت ملابسها لتأخذ حماما سريعا ، وما ان لمست يدها مقبض الباب حتى تراجعت عن فتحه ، فقد سمعت صوت المياه بالداخل ، هل عاد (أدهم) هذا يبدو واضح وضعت ملابسها على الفراش وتوجهت الى الشرفه لتطالع منظر الغروب الرائع ، المياه النائمه على نصف قرص الشمس اللامع والاشعه برتقالية اللون التى ترسل ضوء خفيف فى الافق الهادىء الذى يستعد لأستقبال نسمات الليل ،كل هذا سحرها بشده وافقدها القدره على الاحساس بأى شىء حولها حتى انها لم تشعر ب(أدهم) عندما اتى يقف خلفها مستندا على الباب الزجاجى المؤدى الى الشرفه عاقدا زراعيه، لم يتكلم هو الاخر اكتفى بالنظر الى هذا المنظر الرائع ومراقبة ذوبان الشمس ، وكان يكفيه كثيرا ان يقف هكذا ينظر الى (رؤى) وسط هذا الجوالذى يشع هدوء وسلام دون ان تشعر به، على ان تشعر به وتراه ولكن ضمن معركه من المعارك التى تحدث بينهما دائما كلما تحدثا، واستمرا هكذا كل منهما سابحا فى افكاره حتى التفتت (رؤى) بعد وقت ليس بطويل لتجد (أدهم) يقف هكذا خلفها لا يفصلهما سوى عرض الشرفه الضيق ،لم تجد حتى القدره على ايجاد الكلمات غير كلمة ياالهى التى انطلقت من بين شفتيها على الفورما ان رأته ، بينما ضيق هو ما بين حاجبيه قائلا :
_ تبدين كما لو رأيتى مصاص دماء ، لا اظننى اشبه احداهما لهذه الدرجه .
لم تقدر سوى ان تبتسم لممازحته ، واعترفت بينها وبين نفسها انه ابعد ما يكون عن هذا التشبيه ،فمن هذه المسافه القريبه نسبيا كان يبدو كأحد ابطال الاساطير اليونانيه فى طوله وجسده الرياضى ووسامته الجذابه ، تغاضت عن افكارها وقالت :
_ لا اعتقد انك تشبه احداهما فى الحقيقه ولكنك ذكرتنى بشخص اعرفه كان يصرخ علي فى الصباح .
_ نعم ، نعم، لقد رأيته وهو يحاول ترويض اشرس لبؤه رأيتها فى حياتى .
استعاد وجهها ملامحه الجديه ووجهت نظرها الى ارضية الشرفه ، لا تريد ان تتطرق الى اى حوار جدى، لابد ان تكتفى بهذا المزاح البسيط ، لا تريد ان تعلم لما يتظاهر بعدم معرفة اى شىء عن رسالتها كما لا تريد ان تعلم اين وكيف قضى الفتره التى كانت فيها مع ابناء (ماهر)، ولا ماالذى حدث بينه وبين (نسرين) وتريد ان تنسيه اياه كما قالت هذه الاخيره .
ومن الواضح انه لاحظ ذلك فقال ببساطه وكبرياء مغيرا الموضوع :
_ متى عدت لم اسمعك عندما دخلت ، هل كانت النزهه جيده ؟
_ عدت عندما كنت فى الحمام ،والنزهه كانت جيده للغايه .
قالت ذلك وتوجهت الى الداخل حتى تأخذ هى الاخرى حمامها وتنتهى منه سريعا لانها ستتأخر على الفتاتان بشده ، وسمعته يقول عندما بدأت تلملم فى ملابسها وتتوجه الى الحمام :
_ هل ستخرجين مره اخرى ؟
ردت لتعلمه ان وجوده ادى الى تغير خططتها :
_ نعم ، كنت انوى ان اخذ حماما وابدل ملابسى لملاقاة الفتاتان عند المصعد والتوجه الى الفندق ، ومن الواضح اننى ساتأخر عليهما كثيرا .
_ الفتاتان فقط ،واين (كريم) ؟
_ (كريم) قال ان لديه خطط اخرى افضل من التجوال فى الفندق.
ابتسم (أدهم) ولم يعلق بشىء ،انما قال :
_ حسنا ، يمكننى الذهاب لملاقاة الفتاتان، واخذهم الى صالة استقبال الفندق ،وعندما تنتهى انت يمكنك القدوم الينا ، ايناسبك ذلك ؟
تعجبت للغايه لأنه فكر اخيرا ان يأخذ رأيها فى شىء ، ولأنها تعبت من الجدال وتريد ان تقف امامه اقصر فتره ممكنه فقد قالت بسرعه :
_ نعم ... نعم يناسبنى كثيرا .
واندفعت داخل الحمام مغلقه بابه احتماءا به كما لو كان هذا الباب يفصل بينها وبين مشاعرها المتدفقه تجاه (أدهم) .
حاولت ان تنتهى سريعا وعندما خرجت من الحمام لم يكن هو بالغرفه جففت شعرها جيدا بالمجفف الكهربائى، ووجدت نفسها تهتم كثيرا بزينتها وتصفيفة شعرها لم تكن تدرى لماذا على الاقل لتخفى شحوب وجهها والارهاق الواضح على عينيها ، وجدت نفسها تهتم بكل شىء تضعه على وجهها وتحاول ابراز كل شىء بجمال رائع ،كانت تريد ان ترى عينى (نسرين) تتسعان عندما تريان زينتها و جمالها وبهائها .
تعجبت بشده عندما تذكرت اعتدال مزاج (أدهم) بعد مشاجرتهما الاخيره ،من الواضح ان تأثير (نسرين) على جروح القلب افضل من تأثير صبغة اليود على جروح الجسد .
وعندما كانت ترتدى حزائها العالى سمعت طرقات على الباب فدعت الطارق الى الدخول ، كانت (كاميليا) اتت لتتعجلها ، واثنت بشده على ثياب وزينة (رؤى) وطلبت منها ان تعلمها كيف تفعل ذلك بأدوات الزينه عندما تسمح لها امها بأستخدامها ،ووافقت (رؤى) على ذلك ضاحكه .
وعندما وصلا الى المكان الذى يجلس به (أدهم) و(نسمه) لم يتمكن (أدهم) من منع التصفيره التى انطلقت من بين شفتيه تعبيرا عن اعجابه الشديد ب(رؤى) ، بينما قالت هى متجاهله اعجابه بمظهرها :
_ اسفه اذا كنت تأخرت .
ابتسم اخذا يدها برقه حتى تتعلق بزراعه، قائلا بصوته الذى يسحرها :
_ انا على استعداد للانتظار سنوات اذا كانت النتيجه دائما هكذا .
لم تتمكن من منع ابتسامتها الخجوله من الظهور على شفتيها خاصة عندما سمعت هتافات (نسمه) و(كاميليا) ،كما لم تتمكن من اللحاق بيدها قبل ان تتعلق بزراعه كما الطفل ،و لم تقوى على النظر اليه حتى لا تتأثر اكثر من ذلك بجاذبيته المدمره وحضوره الذى يسلبها من كل ماحولها ،وقالت له شاعره ان وجنتاها تحترقان :
_ شكرا لك .
تعتقد هذه الكلمات لم تتعدى شفتيها ولكنه همس فى اذنها قائلا :
_ ولك يا ملاكى .
توقف قلبها عن النبض بين ضلوعها حتى انها حاولت عبثا البحث عن انفاسها فلم تجدها الا بصعوبه ، هل مازال يذكرهذه الجمله التى قالها لها الان،هى لم تنسى على الاطلاق ،هذا ماتدركه الان جيدا، كان دائما يقول لها لا تشكرينى عندما اعبر لك عن مدى روعتك فى نظرى فأنا الذى علي شكرك لوجودك دائما بجوارى ومعى،لماذا يقولها الان، لماذا يتعمد تذكيرها، لماذا هو بهذه الرقه ، كانت اكثر راحه وهو يعاملها بقسوه على الاقل كان يعطيها دائما الدافع للنفور من حبه المحتل كيانها ولكن وهو بكل هذه الرقه والدفء لا يمكنها المقاومه او الاستمرار قويه ومتماسكه ،سرعان ماسيظهر ضعفها وتنهار كل مقاومه لها ............
_ (رؤى) ما بك ياعزيزتى انى اتحدث اليك ؟
قالت متعلثمه :
_ اسفه..... ماذا كنت تقول .
_ كنت اسألك عن رأيك فى الذهاب الى خيمه من خيام البدو التى تقام فى الصحراء.
استعادت تماسكها بسرعه وقالت ساخره لتخفى ما يعتمل بداخلها :
_ وكيف سنذهب الى الصحراء ،جريا !
جز على اسنانه قائلا بسخريه هو الاخر :
_ لا ياعزيزتى طيرانا ،برأيك كيف سنذهب، بالسياره طبعا .
_ ومن اين لك بسياره؟ ومن الذى سيقودها ؟
قالت (نسمه) بحماس :
_ سنستأجر سياره من الفندق وعمو(أدهم) الذى سيقودها لقد ذهب بنا من قبل فى العام السابق وكان الطريق رائع والجلوس فى هذه الخيام اكثر روعه .
ثم همست فى اذن (أدهم) قائله :
_ لماذا لم تأخذ رأى قبل التطوع بهذا الاقتراح الرائع .
_ اعتقد ان هذا ما كنت افعله منذ قليل .
ارتفع صوتها قليلا وهى تقول :
_ اقصد قبل ان تعلم به الفتاتان .
ابتسم للفتاتان وجذبها بعيدا عنهما قائلا :
_ (رؤى) كان من الواضح انك لست معنا بالمره ، اذا كان الاقتراح لا يعجبك فلن يمكننا الان ان نقول ذلك للفتاتان بعد ان فرحا به للغايه .
صمتت لان ما يقوله صحيح فهى بالفعل لم تكن معهم بالمره ، ومع ذلك قالت مجادله لأخر قطره :
_ وكيف سنصل الى هناك ، اشك فى انك ستعرف الطريق فى هذا الليل .
ابتسم عالما انها انما تقول ذلك لمجرد البحث عن ثغره تبعدهم عن هذه النزهه المجهوله بالنسبه اليها :
_ انا اعلم الطريق جيدا وكما اخبرتك (نسمه) فقد ذهبت وعدت منه اكثر من مره ، ولم اكن لأقترح هذا الاقتراح منذ البدايه اذا شعرت بوجود احتمال حتى لو ضعيف للغايه ان نضيع فى الصحراء ، هلا تتفضلين الان بالكف عن التزمر، وتبتسمى حتى لا نقلق الفتاتان فلا ذنب لهما فى عدم ثقتك بى .
قالت بحده :
_ حسنا .
وانطلقا بالسياره ، كانت فى ضيق شديد لأنها مضطره لتحمل هذه النزه الغريبه وكيف سيكون الجلوس وسط الصحراء رائع ثم ان وجودهما هناك سيزيد من تواجدها مع (أدهم) بمفردهما فبأمكان الفتاتان الاستمتاع بوقتهما تماما بعيدا عنهما ، ووجودها معه بمفردها بل مجرد النظر اليه وسماع صوته يزيد من اوجاع قلبها ، استرخت اكثر فى مقعد السياره المكشوفة الظهر ونظرت الى السماء ،تفاجئت بشده لم تكن تتوقع هذه الروعه اوهذا الابداع ،كانت النجوم الفضيه منثوره فى السماء بشكل بديع لا يوجد اى فراغ الا وتوجد به نجمه متلألأه يخطف ضوئها الابصار ظلت عيناها متعلقه بهذا المشهد لفتره طويله وكذلك الفتاتان الى ان وصلا للمكان المنشود .
كانت اضواء النيران تلمع وتضىء المكان باكمله ،والخيام منصوبه ،خيام كبيره مربعة الشكل فقدت احدى اضلاعها ليدخل منه الزوار الجدد ،وكان يوجد الكثير من الاجانب والعرب ، وكانت توجد خيمه بها احدى فتيات القبيله تدق على الدف وحولها كثير من الفتيات تتمايلن على انغامه ، وفجأه وبدون اى مقدمات هبطت عليهم من السماء ساعقه تدعى (نسرين) لا تعرف (رؤى) من اين سقطت عليهم ولا كيف وفى نفس وقت هبوطها كانت الفتاتان تصيحان عندما رأيا ابويهما و(كريم) الذى كان يمرح مع مجموعه من الفتيات .
_ كنت متاكده انك ستأتى كما طلبت منك .
كانت هذه (نسرين) قالت ذلك بفرحه غامره لا يمكنها السيطره عليها ،او لعلها فرحة الانتصار ، فكانت تنظر الى (رؤى) وفى عينيها اجلى صور التشفى والانتصار، وجهت لها (رؤى) نظرة احتقار ولا مبالاه عندما سمعت (أدهم) يقول:
_ (نسرين) انا لم .........
ولم تسمع (رؤى) ما تبقى من الجمله حيث اندفعت مبتعده عنهما ،متوجهه الى (نسمه) و(كاميليا) واللاتى كانتا تتمايلان مع باقى الفتيات على دقات الدفوف الجميله، حاولت (رؤى) الاندماج معهما وعدم النظر خلفها لترى ماالذى يفعله (أدهم) مع (نسرين) ولكنها لم تتمكن من ذلك ابدا ، صدمت بشده عندما علمت انه انما اقترح هذا الاقتراح حتى يلتقى بهذه ال(نسرين) ، وستجعله يندم اشد الندم على احضارها الى هنا ليلتقى بالاخرى .
وفجأه كالعاده من حيث لا تدرى هبطت عليها (نسرين) مره اخرى قائله بخبث :
_ ما رأيك بالمكان يا(رؤى) ،هل انت تستمتعين بوقتك ؟
قالت (رؤى) ببرود :
_ نعم للغايه .
_ اشك فى ذلك ياعزيزتى ، هل تظنى اننى لا اعرف عن علاقتك السيئه ب(أدهم) ، ولكن اطمأنى لن اخبر احد فقد وعدته بذلك ،ولا تقلقى فسرعان ما سيمل منك ويعود الي مره اخرى ولكن هذه المره سيكون لى للابد .
التفتت اليها (رؤى) ولم تشعر الا وهى تصفع هذه الوقحه على وجهها ، وعندما استفاقت (نسرين) من هول المفاجأه وكادت ان ترد الصفعه ل(رؤى) تفادتها هذه الاخيره وجائت يد (نسرين) فى وجهه فتاه اخرى وما ان حدث ذلك حتى توقف كل شىء وابتعدت كل الفتيات من حول (نسرين) و(رؤى) تاركين الساحه خاليه للشجارولكن (رؤى) كانت قد اختفت واندفعت (نسرين) خلفها قبل ان تنال منها كان (كريم) يقف بينهما وامسك ب(نسرين) قائلا :
_ اهدئى يا(نسرين) لا يمكنكما تبادل الضرب هكذا كما الاطفال .
قالت (رؤى) :
_ بالفعل يا(كريم) لا يمكننا تبادل الضربات لأن صفعتى لها كانت ردا على كلامها الوقح وهكذا نصبح متعادلتان .
صاحت (نسرين) وهى فى قمة غضبها :
_ ستدفعى ثمن هذه الصفعه غاليا ايتها الح......
_ (نسرين) اعتقد انك لا تودى اضافة كلمه اخرى فيكفى ما حدث حتى الان.........
كان هذا (أدهم) الذى التفت الى (رؤى) جاذبا اياها من معصمها بقوه قائلا :
_ هيا يا (رؤى) معى .
ردت (رؤى) صارخه حتى يعلو صوتها على صوت الدفوف والطبول التى عادت الى القرع مره اخرى وكأن شيئا لم يكن :
_ انا لن اتى معك فى اى مكان اجلس انت هنا بجوار حبيبتك التى اتيت من اجلها لتواسيها لما حدث لها.
واندفعت من بينهم ولم تبال حتى بنظرات (عايدا) و(ماهر) والفتاتان المتعجبه والغاضبه فى نفس الوقت ، بينما تكلم (أدهم) بصوت منخفض مع (ماهر) ومن ثم اندفع خلف (رؤى) وجذبها بقوه من زراعها ليجبرها على الالتفات اليه قائلا بصرامه مخيفه :
_ (رؤى) ، ستأتى معى الان برغبتك حتى لا نثير فضائح اكثر من ذلك ، هيا.
_ انا لن اتى معك فى اى مكان انا اكرهك ،ولا اريد ان اراك ،الا تفهم اكرهك .
_ حسنا ولكن تذكرى انك انت التى اجبرتنى على ذلك .
ثم انخفض قليلا وطوق زراعها خلف رقبته وحملها على احدى كتفيه ، لم يبالى بصراخها ولا ركلاتها المستمره ، التى كانت توجهها له امله فى ان يتعب وينزلها، هذا المتوحش ،ظلت تصرخ امره اياه ان يتركها ولكن لا حياة لمن تنادى ،وحمدت ربها على انها ارتدت سروالها الجينز وليس تنوره، واخيرا القى بها فى السياره التى حضروا بها وما ان تحررت منه حتى فتحت باب السياره وكادت تخرج ولكنه كان لها بالمرصاد فأغلق الباب بقوه، ولكنها لم تستسلم حاولت القفز من السياره المكشوفه ، وعندما كانت احدى اقدامها بالفعل خارج السياره كانت السياره قد انطلقت بقوه مما اوقع بها على المقعد واصطدمت رأسها بكتف (أدهم) ولم تتمكن من الاعتدال فى جلستها بسسب سرعته الشديده الا عندما اوقف (أدهم) السياره على جانب الطريق ، وبعد برهه قال :
_ اربطى حزام الامان .
وعندما وجدها لم تتحرك ، اندفع نحوها ووجذب الحزام بعنف وتوتر ، كانت تشعر بتوتره من هذه المسافه الضئيله بينهما واسعدها ان قربه منها هو سبب ذلك التوتر وقالت لتستفزه :
_ ابتعد عنى ولا تربطه لى فأنا لن اتى معك ،كما انك تعلم جيدا اننى لا اتحمل اقترابك منى ... ابتعد .
لم يتمكن من ربط حزامها بسسب تمردها ومقاومتها ونفورها منه ، فأبتعد عنها، ونظر اليها بعينيه القويتان العميقتان كانت نظراته مزيج بين التوتر والغضب،تأثرت بنظراته كما يحدث لها دائما وتراجعت فى اخر لحظه حتى لا تتحسس شعره الداكن وتهدىء من توتره ، تذكرت كلمات (نسرين) فوجهت اليه نظرات كارهه عندما قال :
_ لا تثيرى اعصابى اكثر من ذلك حتى لا افعل ما سيجعلك تندمى بقوه على اثارتى .
_ حقا ...... ارنى ما هو ذلك الذى سأندم عليه .
اسند رأسه على مقعده قائلا :
_ ابتعدى عنى الان يا(رؤى) .
هزته بيدها قائله :
_ لا حقا اخبرنى ما هذا الشىء الذى سأندم عليه اكثر من زواجى منك .
_ حسنا انت التى اردت .
وبسرعة البرق جذبها نحوه بقوه وعنف ، التصق بها بشده كان واضحا للغايه من ملامحه انه يريدها لأقصى درجه شعرت بذلك كما شعرت انه يسيطر على اعصابه ومشاعره بصعوبه وحاولت ان تتجاهل مشاعره ومشاعرها ، كانت عيناه مصوبتان نحوها لم تعرف اذا كان مابهما حب ام شىء اخر ، لن تفهمه ابدا، حاولت ان تبعده عنها وفى عينيها نظرات الخوف ، وبدا كأن تحركها انتشله من عاصفه المشاعر الهوجاء التى كانت تحتله بعنف ، تبدلت ملامحه تماما عندما راى نظراتها اغلق عينيه بشده مبتعدا عنها وتنهد بقوه مخرجا كل توتره تمسك بمقود السياره بيديه بقوه حتى ظنت ان المقود سيتلاشى تحت قوة يديه ، بينما قال هو بصوت مبحوح :
_ من الافضل ان تربطى حزام الامان .
وادار السياره منطلقا بها بأكبر سرعه ، لم تتمكن هى من النطق باى كلمه ،اللحظات السابقه الجمت لسانها و جعلتها لاترغب فى اضافة اى كلمه معه ولكنها لن تتحرك من داخل السياره الا اذا عرفت الى اين هما متوجهان، واخيرا اوقف (أدهم) السياره وفوجئت (رؤى) انهما امام المطار ،لم تتحرك من مكانها وهى تراه يخرج من السياره ويدور حولها ليفتح لها الباب لم تنظر اليه، انه مدين لها بالتفسير ولن يحركها كما الدميه ،بينما قال هو بعصبيه :
_ هيا يا (رؤى) انزلى .
وعندما لم تحرك ساكنا كرر :
_ (رؤى) هيا .
نظرت اليه شزرا ثم ادارت وجهها مره اخرى ، وعندما وجدها هكذا قال وهو يغلق بابها بقوه :
_ حسنا ..... حسنا .
ثم دار حول السياره وجلس فى مقعده والتفت اليها قائلا :
_ نحن هنا بالمطار لنلحق بالطائره المتوجهه الى القاهره .
نظرت اليه وتكلمت اخيرا ساخره :
_ حقا ... ظننت اننا عائدان الى الفندق بطائرتك الخاصه التى تسمح لهم بأن يضعوها ضمن الطائرات الاخرى بالمطار ، يالى من غبيه كيف لم اتخيل اننا عائدان الى القاهره .
نظر اليها محاولا كتم غيظه الذى سينفجر فى اى لحظه ، وكان واضحا عليه انه اكتفى من تهكمها وعنادها فقالت وهى تعتدل على المقعد لتلتفت اليه بجسدها :
_ السؤال هنا هو لماذا نحن متوجهان للقاهره من المؤكد انك تريدنى ان ارى البحر الاحمر من نافذة طائرتك الخاصه ،اليس كذلك .
_ لا ، بل لكى اريكى (اسلام) .
تمالكت نفسها لتقول بتوجس :
_ وما الذى اوحى اليك اننى اريد ان اراه .
_ لا شىء اوحى الي بذلك ، اعتقد ان هذا ما يجب فعله بل ما كان يجب فعله منذ البدايه .
ثم اضاف قائلا بهدوء :
_ والان هل يمكننا التوجه الى الداخل لللحاق بالطائره .
هزت رأسها ايجابا وهى متعجبه للغايه ولكن هى الاخرى تعتقد ان هذه المقابله ضروريه اذا كان يغير من (أسلام) لهذه الدرجه فلابد بالفعل من حدوث هذه المواجهه حتى تعرف سبب تلميحات (أدهم) الدائمه والى توحى ان الموضوع يحمل اكثر من مجرد غيره ، ولكن الكارثه المتحركه التى تدعى (نسرين) كما قالت اخبرها هو بكل شىء عن حقيقة زواجهما ولا يمكنه ان يخبر اى احد بهذا الوضع بينهما ،الا اذا كان يوجد بينه وبين من اخبره شىء خاص جدا كالحب مثلا ، وفى الطائره وبعد ان اقلعت بقليل ، حاولت ان تصيغ سؤال تسأله به لماذا يقول ل(نسرين) عن حقيقة زواجهما وكانت كل صيغه تحاول ان تضعه بها تكون عدوانيه للغايه ولكنه يستحق ذلك بالفعل بل انه يستحق الصفعه التى هبطت على وجه (نسرين)، وعندما تكلمت كان هو الاخر يتكلم فى نفس الوقت فضحكا ناظرين الى بعضهما ،ودعاها للكلام اولا فقالت :
_ فى الحقيقه اريد ان اخبرك بشىء ، كان علي ان اصفعك انت بدلا من (نسرين).
قال متهكما :
_ ولماذا لم تفعلى هل خفتى منى ؟
_ لماذا اخبرتها بحقيقة زواجنا .
التفت اليه متسائلا :
_ اى حقيقه تلك .
_ الحقيقه..... كل الحقيقه ، علاقتنا السيئه ببعضنا البعض و كيفيه زواجنا و كل شىء .
_ هى التى قالت لك ذلك .
_ واسوا ولماذا تتخيلنى صفعتها اذن بدافع التسليه والمرح مثلا .
_ لقد كانت تتلاعب بك ياعزيزتى .
بهتت مما قال ورددت قوله :
_ تتلاعب بى !
_ نعم ... انا لم اخبرها اى شىء مما اوحت لك به وانما هى خمنت علاقتنا السيئه مما ترى بعينيها ،فنحن لم نكن عصافير حب طائره خلال الايام السابقه على ما اعتقد، وانا متأكد انها لم تخبرك بأكثر من ذلك، اى لم تقل لك تفاصيل حدثت بالفعل.
اطرقت برأسها مما اوضح له ان كلامه صحيح ، اقترب منها ووضع اصبعيه السبابه والوسطى اسفل ذقنها ولمس ذقنها بالابهام بكل رقه رافعا رأسها لتواجهه وتطل عليه بعينيها الرائعتان ولم يدرك انها تحاول مقاومة رغبتها القويه فى ان تترك وجهها كله بين يديه ، وبعد ان تمكن من ابعاد ناظريه عن شلال عينيها الجارف قال بخفوت :
_ اريدان اخبرك ايضا اننى لم اقترح الذهاب الى الخيمه بسببها ، ولكن لكى اترك الفتاتان مع والديهما عندما اخذك الى القاهره .
صمت قليلا ولم يلاحظ انها كادت ان تتكلم عندما اضاف :
_ اخشى ان تكون عدم ثقتنا ببعض سبب كل ما نعانيه حتى الان .
اصبح الان تأثيره عليها خطر للغايه ، فقالت محاوله ان تتناسى هذا الخطر :
_ ماذا تقصد .
_ لماذا كنت تقابلين (اسلام) اثناء خطبتك على (ايمن) .
ابتعدت عنه على الفور ملتصقه ومحتميه بالنافذه وبمقعدها ،وقالت دون ان تنظر اليه :
_ يوجد شعره رفيعه للغايه تفصل بين عدم الثقه والشك يا(أدهم) .
لم يتكلم اسند ظهره الى مقعده وجلس يفكرفة كلامها و فيما قد يحدث فى الساعات القادمه .
وبعد اقل من ساعه وصلا الى القاهره ، وجدا سيارة (أدهم) تقف امام المطار فتعجبت (رؤى) قائله :
_ انها سيارتك من احضرها ؟
ابتسم (أدهم) قائلا :
_ انه (احمد) دائما عمله كامل .
تسائلت اكثر تعجب :
_ (احمد) كيف ؟
فتح لها الباب الايمن قائلا :
_ عندما كنت انت وابناء (ماهر) فى نزهتكما حدثته هاتفيا وطلبت منه ذلك كما طلبت منه ان يحضر لى رقم هاتف (اسلام) .
كان يتكلم وهو يدور حول السياره ليأخذ مكانه على مقعد السائق وينطلق بها،بينما قالت هى ساخره :
_ اعتقدت انك كنت فى عمل ام ان (نسرين) الهتك عنه بمواضيعها الهامه .
ابتسم قائلا :
_ انا بالفعل ذهبت الى احدى فنادق (ماهر) لأراجع حساباتها التى كان بها بعض المشاكل ، وبعد ذلك تحدثت هاتفيا الى (احمد) ، اما بالنسبه ل(نسرين) فقد كانت مشكله وحللتها .
قالت بكياسه حتى لا تبدى غيرتها :
_ من الواضح انها مشكله تريد اخفائها .
_ ابدا ولكنك ستغضبى عندما تعلمى بها .
_ قل وانا سأحاول ان اتمالك نفسى من الغضب .
ضحك قائلا :
_ عندما جائك دوار البحر فى الباخره ، نادت (نسرين) علي وقالت لى ان ادعك تستريحى واتى فورا ولا اتقيد بك ،فأنبتها على ما قالت ، وعندما طلب منها (كريم) ان تأتى معكم فى النزهه وقالت انها ستبقى معى رددت لها الكلمه حتى لا تضايقك بأفعالها اكثر ، ولكن من الواضح اننى عندما صددتها بقوه جائت لتخبرك بهذا الكلام فى الخيمه البدويه ، هذا كل ما فى الامر .
ابتسمت فرحه من داخلها لمدافعته عنها وصده لهذه الفتاه ،و شعرت بحبه يتذايد داخلها مما اخافها للغايه .
واثناء قيادته تحدث الى (اسلام) كانت لهجته جافه وحازمه وكان من الواضح ان (اسلام) يرفض ان يقابله ولكن لهجة (أدهم) لم تكن تقبل اى مجال للنقاش ،واخبره (أدهم) بأسم مطعم على النيل سيقابله به بعد نصف الساعه تقريبا .
وعندما وصلا الى المطعم لم يكن (اسلام) قد وصل بعد فتسائلت (رؤى) :
_ هل كنا سنقوم بهذه المقابله حتى لو لم تحدث تلك المشكله مع (نسرين) .
_ نعم ياعزيزتى، بينما كنت انت تصفعين تلك المسكينه كنت انا اتحدث الى المطار واقوم بالحجز .
قالت مستنكره :
_ مسكينه ..........
وبعد برهه تسائلت :
_ (أدهم) لماذا تريدنا ان نقابل (اسلام) الان ،ما الذى جعلك تفكر فى ذلك فجأه ؟
تمعن فيها برهه قبل ان يقول وهو يضع يده على يدها بحنان :
_ هل يمكنك ان تصبرى على اجابة هذا السؤال الى ان يحين الوقت المناسب .
_ اعتقد اننى صبرت على الكثير مما تفعل .
_ اعلم ياعزيزتى ، لن يضيرك القليل منه ايضا،اشعر بأن كل هذا شارف على الانتهاء، وسيتضح امامك الكثير .
فضلت الصمت وعدم التعليق على ما قال ، لا يمكنها ان تفهم كيف سيتضح سبب ما فعله معها منذ البدايه وسبب عدوانيته واحتقاره لها وايضا سبب تحوله المفاجى بهذا الشكل .
واخيرا اتى (اسلام) ولكن بعد تأخير كبير بدا مترددا للغايه وهو يدخل المطعم وكان من الواضح انه سيخرج على الفور اذا لم يلمحهما ،ولكن (ادهم) رأه واشار اليه وعندما شاهد (رؤى) هرب الدم من وجهه تماما واخيرا جلس معهما .
وبعد ان طلب (أدهم) قهوه لنفسه وماء ل(رؤى) والتى لم تكن تريد اكثر من ذلك وليمون ل(اسلام) ليخفف من زعره الواضح تكلم (أدهم) بصرامه شديده قائلا :
_ لماذا لم تتزوج ب(رؤى) يا (اسلام) .
اتسعت عينا الاثنان ،(رؤى) و(اسلام) من سؤال (أدهم) السافر ، بينما اكمل هذا الاخير قائلا :
_ الم تقل انك ستفعل ذلك واننى اقف فى طريق حبكما .
ارتشف (اسلام) من عصير الليمون بيد مرتعشه ثم قال :
_ لماذا تتحدث فى هذا ، الستما متزوجان الان ، ماذا تريد، لما تعيد فتح صفحات قديمه .
_ لأنها لم تغلق فى الواقع، الصفحه التى فتحتها بنفسك لم تغلق بعد يا(اسلام) ، ويبدو انه لن يغلقها احد الا انت .... للأسف .
كانت (رؤى) مزهوله من هذا الحوار الدائر بينهما اذا كان سؤال (أدهم) عجيب فجواب (اسلام) اعجب وهو الذى لم تتوقعه بتاتا وقالت ل(اسلام) :
_ أأفهم من ذلك انك اخبرت (أدهم) بهذا الكلام حقا .
نظر اليها (اسلام) مبهوت وارتشف من العصير مره اخرى بينما قال (أدهم) :
_ ارجو منك ان تتكرم وتخبرها ما حدث بيننا منذ خمس سنوات فاذا كنت انا كونت فكره عما فعلت بنا فهى ليس لديها ادنى فكره وانا ايضا اريد ان اعلم لماذا فعلت كل هذا منذ البدايه .
نهرتهما (رؤى) قائله :
_ عما تتكلمان ،اى احد منكما يخبرنى ،انا لن اجلس بينكما هكذا مثل الحمقاء التى لا تعلم اى شىء .
قال (اسلام) ناظرا اليها :
_ انت ابدا لم تكونى حمقاء يا(رؤى)........
ثم ابعد ناظريه عنها مكملا :
_ بل كنت انا الاحمق الذى لم يتمكن من كسب قلبك ابدا .
قالت مزهوله من هذا الكلام الذى تسمعه لأول مره :
_ (اسلام) انت كنت دائما اعز صديق لدى ، كنت اعتبرك دائما اخى الاصغر .
قال بعصبيه :
_ هذه هى المشكله، كنت دائما تعتبريننى اخيكى الاصغر الذى يحتاج لعنايه ورعايه ، وانا ابدا لم اكن كذلك فعلت المستحيل لأفهمك العكس واعلمك بحبى ولكنك لم ترى ابدا غيره هو .
قال (أدهم) :
_ اخبرها ما هو هذا المستحيل الذى فعلته ايها العاشق .
وجهه اليه (اسلام) نظره كارهه قائلا :
_ ما تقصده كان اخر شىء لجأت اليه كنت بالفعل فعلت كل شىء لأجذب اعجابها لى انا لم اكن افهم ماذا يجذبها اليك لماذا انت وليس انا ...........
ثم التفت الى (رؤى) مستطردا :
_ لم اكن افكر الا فى نفسى فقط وكنت متخبط للغايه فى هذه الفتره خيل لى اننى لن اتحمل فقدك كما فقدت عائلتى ، وانت الانسانه الوحيده التى تهتم لى وتفهمنى و... واحبها ، كنت اريدك لى انا .
تسائلت (رؤى) وهى خائفه مما سيقول ردا على سؤالها :
_ ماذا فعلت يا(اسلام) ، ماذا فعلت ؟
ارتشف (اسلام) جرعه اخرى من عصير الليمون عله يبلل الصحراء التى يشعر بها، ثم قال بخفوت كانه لا يريد ان يسمعه احد يقول هذا الكلام المخجل :
_ اوحيت ل(أدهم) بوجود علاقة حب بينى وبينك وانك لا تحبيه بل تحبينى انا وانك لا تستمرى معه فقط الا لكى يساعدنا فى الامتحانات وانك كنت تأملى بأن يذكيك عند المحاضرين الذين يدرسون لك حتى تحصلى على درجات اعلى ولكنك كنت تعلمين انه سيرفض ذلك فلم تطلبيه منه حتى لا يشك بك ، اوحيت اليه انك تحبينى انا بينما تستغليه هو .
قال (أدهم) بصرامه :
_ هل ما فعلته كان مجرد ايحاء ، انت تقلل من قدراتك فى الواقع .
كانت صدمة (رؤى) فاجعه لم تقوى على التحرك او الكلام لم ترمش حتى عندما هبطت عليها هذه الكارثه ،شعرت بيد (أدهم) تحيط بيدها ليمنحها الامان والهدوء ، ولكنها ابعدت يدها عنه فورا لا تريد حتى النظر اليه اذا كان (اسلام) مخطىء وكذب بهذا الشكل ،ف(أدهم) من صدق كذبته هذه ، كانت صدمتها فى الاثنين رهيبه ، تكلم (اسلام) مره اخرى وهو يشاهد شحوب وجهها الذى يحاكى وجوه الموتى:
_ (رؤى) ارجوك انا لم اكن اريد سوى حبك ،اعلم اننى كنت انانى وتافهه ولكننى لم اكن اريد سواك .
لم تنظر اليه لا تستطع بذل هذا المجهود الجبار هذا فوق طاقتها على التحمل ، كل ما تمكنت من فعله هو الشعور بما يحدث حولها حينما سمعت (أدهم) يقول :
_ ولماذا لم تستفد بما فعلت ،لماذا لم تنتهز الفرصه وتعرض عليها حبك ،لماذا فعلت كل هذا منذ البدايه طالما انك لن تستفيد منه .
قال (اسلام) بحده :
_ كان هذا ما نويت فعله ان اهرع اليها واخبرها بحبى واحاول كسب ودها بعد ان تركتها انت وخاصة انك لم ترد على رسالتها فلم يكن هناك اى امل فى ان تفكر بك مره اخرى ، ولكن..............
لم يتمكن (أدهم) من انتظاره ليكمل ما يريد ، فقال بصرامه مخيفه وعيناه الغامقتان تحدقان فى (اسلام) الذى تراجع فى مقعده خوفا مما قد يفعله به (أدهم) :
_ كيف علمت بأمر الرساله تلك ، لا تقل انك انت الذى مسحها عندما وجدتك بمكتبى ، تكلم .
رد (اسلام) متعلثما :
_ ن......نعم ، كنت انا الذى اقنع (رؤى) بارسالها لك ......و.... وساعدنى فى ذلك اختها و(ولاء) دون ان يعلما ان هذا ما اريد ، ولكنها ظلت متردده ،و...ولكننى ...اقنعتها بأرسالها عندما حدثتها هاتفيا فى نفس الوقت الذى كنت اعلم انك نسيت هاتفك فى مكتبك ،اخذته معى حتى وصلت الرساله ومسحتها ، ثم....... اعدته مره اخرى ووقتها دخلت انت على وتمكنت من الهرب من غضبك وقتها بمعجزه .
كان غضب (أدهم) غير محدود كانت كل عضلاته متشنجه للغايه ووجهه مشدود من شدة محاولته السيطره على اعصابه الهائجه ، على الرغم من ان صوته لم يكن عالى الا انه كان مرعب وهادرا عندما قال وهو يضرب على المائده بقبضته حتى ان الاكواب اهتزت من عنف الضربه :
_ ايها الحقير ، انت انذل انسان رأيته بحياتى ولن يرحمك منى احد غير اننى لا اريد ان الوث يدى بأنسان مثلك ، حتى اننى اجد كلمة انسان غريبه عليك واسمى من ان تتصف بها .
كان خوف (اسلام) واضح وحاول ان يهدىء نفسه وان يقنع نفسه بأن (أدهم) لن يتهور ، وكان الهروب من امامه هو الفكره المسيطره عليه الان ولكنه اراد ان يقول كل شىء ل(رؤى) قبل ان يذهب ولا يحاول ان يريها وجهه مره اخرى ، فقال وهو ينظر اليها ويلتفت الى (أدهم) بين الحين والاخر ليرى متى سينقض عليه :
_ (رؤى) ارجوك انا كنت انوى ان اخبرك بكل شىء عندما عدت من السفر، نعم، فبعد التخرج اجبرنى والدى على السفر معه على الفور وهذا ما منعنى من البوح لك بحبى ، وعندما كنت بالخارج مع كل استبداد والدى والمشاكل الكثيره التى واجهتنى علمت كيف كنت انانيا وتافها ،وخجلت من نفسى كثيرا وقتها ولا تتخيلى الندم الذى كان يلاحقنى عندما كنت اتذكر حزنك ، وعندما عدت علمت انك خطبت فقررت ان اغلق هذه الصفحه تماما ، صدقينى يا(رؤى) انا نادم بالفعل على كل ما فعلت معك ولولا ذلك ما كنت قد اخبرتك بكل هذا ،انا اريد ان اريحك واريح ضميرى .
ثم اطرق قليلا وعاد يقول :
_ هل تسامحينى يا(رؤى) ، هل ستسمحين لى بالحصول على سماحك بعد كل ما فعلت ، هل يا(رؤى) ؟
كانت عيناها دامعتان وملامحها كلها متألمه ولكن مايبدو عليها لا يعادل ابدا ما تشعر به ،قبضه بارده تعتصر قلبها تشعر كأن احدا امسك بها كما الدميه وادارها فى الجو بعنف ثم القى بها فوق ارض صلبه جامده لا تقدر على تحمل صلابتها، فأنكسرت ، لا يمكنها ان تفكر او حتى تتحرك هاربه من امامهما ،لم تشعر الا و(اسلام) ينهض من مكانه ويتركهما بعد ان يأس من ردها ، وبعد برهه سمعت (أدهم) يقول بحنان ولوعه :
_ (رؤى) ارجوك تكلمى قولى اى شىء ،لماذا انت شاحبه هكذا .
قالت ببرود رهيب ناظره اليه بعينان باردتان كالثلج :
_ لماذا تزوجتنى يا(أدهم) ،هل لتنتقم منى على ما ظننت اننى فعلت بك ؟
_ لا يا (رؤى) ، لقد كنت على استعداد ان انسى كل ما قاله لى (اسلام) وابدأ معك من جديد كنت احبك بشده لم اكن اتصور حياتى بدون حبيبتى الصغيره ، وحينما تقابلنا فى اخر مشاجره لنا قلت لك انه عليك ان تختارى وتحددى موقفك ، كنت اريدك ان تقولى لى انك تريدينى انا وانك تحبيننى بصدق وليس كما قال (اسلام) ، انتظرت كثيرا كان رنين الهاتف عذاب بالنسبه لى ، رؤية اى فتاه ذات شعر اسود وطويل مثلك كانت تثير حنونى حتى اعرف انها ليست انت ،وبعد وقت طويل من الانتظار المعذب فهمت ان هذا هو ردك وانك لا تريدينى بالفعل وكلمت والدك وانفصلنا ، ولم اكن انوى ان اسلم قلبى لك او لغيرك ابدا كنت اشعر بكرامتى الجريحه كما لو كان الجرح ينزف طوال الوقت دون توقف فمع كل ما قاله (اسلام) قررت مسامحتك ومع ذلك فقد رفضتنى، كانت محاولة نسيانك تمثل عذاب دائم واضطراب مستمر، وانغمست فى العمل بشده كنت مجرد اله تتحرك فقط ولا تشعر بأى شىء ، هل تعرفين ذلك الاحساس الرهيب الذى يمزقك من الداخل ولا تعرفى ماذا تفعلى لتوقفى هذا الالم لا تستطيعى السيطره عليه ولا يمكنك فعل اى شىء لتوقفيه حتى تستسلمى اخيرا ولا يبقى لديك سوى القدره على الشعور الدائم به ، لم اكن احاول ان اسمع اى اخبار عنك حتى قابلت (ولاء) وزوجها ،علمت اننى سأراك فى الحفل وعاد الجرح القديم ينزف مره اخرى وكنت قد ظننته اندمل كنت اكرهنفسى الف مره فى اليوم الواحد لأننى مازلت احبك واريدك ، حاولت بكل الطرق ان اثبت لك اننى لا اريدك واننى نسيتك تماما حتى اتناسى كرامتى التى مزقتها من اجلك وانت وبكل بساطه اجهزت على البقيه الباقيه منها ، ولكن الضربه القاضيه كانت عندما رأيتك مع (اسلام) تدخلان هذا المطعم الذى نجلس به الان ، ظننت وقتها انك تركت (ايمن) من اجل (اسلام) حبك القديم الذى تركتنى من اجله _ كما كنت اظن طبعا _ وعندما رأيتك بعدها انت و(هنا) وعلمت انك ستتزوجى ب(ايمن) ومع ذلك كنت تقابلين (اسلام) ، اردت ان احرمك منه واعذبك كما فعلت ،ولم اكن افهم هل انت بالفعل سيئه لهذه الدرجه ، هل خدعت فيك لهذه الدرجه ،كنت تحيريننى بشده ،احيانا فى منتهى البراءه واحيان اخرى فى قمة الشراسه .
ثم اطلق زفره حاره منفسا عن توتره الناتج عن برود (رؤى) التام حيال مايقول ثم قرر ان يستمر فقال محاولا ان يبدو اكثر هدوءا وقد نجح فى ذلك حين تكلم قائلا :
_ ولكن مناقشاتنا الاخيره اشعرتنى انك لا تعرفى اى شىء مما قال (اسلام) ،كان احساس قوى للغايه يخبرنى انك لاتعرفى اى شىء عن ذلك فكلما تحدثنا فى ذلك الموضوع يتضح لى جهلك التام به وليس مجرد انكار، كنت افكر كثيرا لم اكن انام تقريبا من كثرة التفكير، واخيرا قررت ان انهى ذلك العذاب المستمر لك ولى ففكرت ان افضل شىء ان نتكلم سويا مع (اسلام) ، وهذا ما حدث بالفعل ، وحتى الان انا عاجز للغايه عن تصديق ان هذا ما حدث لنا وتسبب فى كل هذه الفرقه .
قالت هى بصوت خالى من اى تعبير :
_ بالفعل فأنت كنت تميل الى تصديق اننى خائنه ، هذا هو الدور الذى كنت تراه يليق بى اليس كذلك ،ولا تقل ان هذا حدث لنا ،فما حدث حدث لى وحدى ، (اسلام) رسم حولك كل هذا المخطط وانت صدقته ،اما الاهانه والعذاب والذل الذى رأيته على يديك كان من نصيبى انا وحدى ، تجلس الان وتحدثنى عن عذابك فى ليالى الوحده ولم تفكر لحظه فيما سببته لى بسسب شكك وعدم ثقتك بى ، انت كنت المخطىء فى كل هذا وليس (اسلام)، انت يا(أدهم) .
كان هذا دور (أدهم) ليتلقى صدمه عملاقه من جراء كلامها هذا ، قال محاولا الدفاع عن نفسه :
_ (رؤى) انا لم اكن ...........
قاطعته بحده قائله :
_ انا لا اريد منك اى تبريرات ،كل ما اريده هو شهران فقط على الاقل حتى احافظ على سمعتى ثم تطلقنى بعدها ، والان سنعود الى شرم وكأن شيئا لم يكن ، ولا تفكر ان تكلمنى او تتحدث الي فأنا مستعده ان اصرخ فى وجهك فى اى وقت واى مكان.
ثم نهضت واقفه من مكانها امام زهوله مما تقول ، وقبل ان تتركه متوجهه الى السياره قالت :
_ وحتى تكتمل ثقتك فأنا لم اكن على موعد مع (اسلام) وانما قابلته صدفه ودخلت معه لاحيى اخته ووالدته وخرجت بعدها على الفور...........
ثم اضافت ساخره :
_ اخبرك بذلك لأننى اعلم انك لن تتمكن من النوم وانك ستتعذب بشده اذا لم اخبرك بذلك وقد تحتاج الى دليل على كلامى ،ماذا افعل ياترى، يمكننى ان اخذك لوالدة (اسلام) لتؤكد لك ذلك ، او علك ستظنها كاذبه واننى اتفقت معها مسبقا .............
قاطعها عندما نهض من مكانه ممسكا بمعصمها قائلا بغضب :
_ كفى يا(رؤى) كفى .
_ لا هذا لا يكفى ،لا يكفى ابدا .
ثم تركته على الفور خارجه من المطعم بخطوات سريعه ، وخرج هو خلفها بعد ان حاسب النادل ، وكان الغضب يملؤه مما قالت ، ولكنه سيبذل كل مافى وسعه ليعيدها اليه مره اخرى ولن يسمح بأبتعادها عنه ابدا .
الى اللقاء مع البارت القادم باذن الله
|