كاتب الموضوع :
زوغدانة
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الحمد لله اخيرا هنزل الجزء الجديد انا اسفه بجد على التاخير ده بس كان غصب عنى والله واتمنى انكوا تردوا عليه بسرعه ويعجبكم
الفصل الخامس:
_ استيقظى يا حبيبتى انها السادسه والنصف .
تسللت هذه العباره الهامسه الى اذن (رؤى) الغارقه فى النعاس لم تستطع ان تميز الصوت واعتقدت انها تحلم فتقلبت وحاولت العوده الى النوم مره اخرى لولا ان هتفت اختها بصوت اعلى هذه المرة:
_ هل ستنامى مرة اخرى، استيقظى هيا كى تقصى لى كل شىء .
استفاقت قليلا وتمطعت ثم ابتسمت لأختها (هنا) وهى تعدل من وضعها و تستند الى ظهر الفراش وقالت بصوت لم تفارقه اثار النوم بعد :
_ اقص عليك ماذا؟
قالت اختها بكل الحماس :
_ تقصى علي كيف اصبحت خطيبه ل(أدهم) بدلا من (ايمن) بين ليله وضحاها ، هكذا اعود من الجامعه لأجد كل شىء مقلوبا راسا على عقب.
استعادت (رؤى) كل شىء وعلمت ان امنيتها فى ان يكون كل هذا مجرد حلم انتهت ولن تتحقق ، بدلا من البكاء على هذه الامنيه الغاليه فضلت ان تسأل اختها :
_ وكيف علمتى بذلك ؟
قالت (هنا) متعجبه من السؤال:
_ كيف علمت! ان والديك ليس لديهما اى سيرة غير هذا ،كما اننى استفسرت من امى اكثر عندما كان ابى يتحدث مع (ايمن) .
_ ماذا ؟هل اتصل (ايمن) ؟متى ؟وماذا قال ؟
_ اهدئى قليلا كيف سأتحدث وانت لا تصمتى .
قالت (رؤى) بنفاد صبر:
_ حسنا هيا قولى ،انا صامته تماما .
_ لقد اتصل (ايمن) بابى على هاتفه الخليوى وقال له انكما اتفقتما على ترك بعضكما وانك اتفقت معه على ان تعيدى اليه كل اشايائه .
وطبعا لم يحدث هذا الاتفاق ابد ولكنها فهمت ان(أدهم) نفذ ما اتفقا عليه وعلى اكمل وحه كعادته دائما ولكنها تتعجب كيف استطاع اقناع (ايمن) بذلك فكرت بأن تذكر نفسها بأن تسأله على ذلك لاحقا.............
_ حسنا كلى اذان مصغيه .
قالت (هنا) عبارتها بصبر مصطنع يخفى شوقها الشديد لمعرفه سبب هذا التغير المفاجىء وايضا تعجبها وصدمتها لمعرفتها بما حدث مؤخرا بين (أدهم) و(رؤى) مما يمنع حدوث اى ارتباط بينهما ،ولاحظت (رؤى) ان اختها تنظر اليها بأهتمام وتركيز شديدين وعلمت (رؤى) انها تحاول سبر اغوارها فى محاوله للتوصل الى الحقيقه .
_ لا يوجد شىء اقوله لكي غير ما سمعت من ابى وامى .
_ حقا... لكن لا تنسى اننى كنت متواجده فى اول لقاء لك مع (أدهم) فى حفل (ولاء) وما رأيته يختلف تماما عما ترويه امى .
ماذا تفعل الان هل تقول لها الحقيقه التى اخفتها عن والديها ولكن ان لم تفعل فما هو البديل امامها غير ذلك فكما قالت (هنا) انها كانت متواجده فى حفل (ولاء) وايضا فى كل مره كانت ترى فيها(أدهم) كانت (هنا) موجوده ، ذكرت نفسها ماعدا المره الاخيره، كما انها لا تعلم ماذا ستكون ردة فعل (هنا) او للدقه لا تطمأن لها كما لايمكنها ان تشوه صورة (أدهم) امامها ولذلك نظرت فى عينى اختها مباشرة قائله برصانه :
_ عندما يحين الوقت المناسب سأخبرك بكل شىء .
قالت (هنا) وبوادر احتجاج كبير ظاهره على ملامحها الجميله :
_ ولكن.........
قاطعتها (رؤى) قائله بطريقه توضح لأختها انه لا مجال للمناقشه فى هذا الامر :
_ لا يوجد لكن ، ارجوك يا(هنا) ،لن استطيع ان اخبرك بأى شىء الان ،ولا ارى اى سبب لنظرة القلق هذه فكل شىء جيد ويسير على ما يرام .
ثم اسرعت واقفه وتوجهت الى الحمام وهى تقول :
_ اعتقد اننى تأخرت فعلى ان اكون جاهزه قبل الثامنه فمواعيد (أدهم) فى غاية الانضباط .
***************
ها قد اتى فى سيارته ذات اللون الازرق البراق ، اندفعت (رؤى) الى المراه مره اخرى بعد ان ابتعدت عن الشرفه التى رأت منها (أدهم) وهو يركن سيارته امام بوابه العماره التى يقطنوا بها، القت على نفسها نظره راضيه تماما بما ترى كانت ترتدى فستان وردى اللون يظهر ساقيها الجميلتين وله اكمام طويله وشفافه وواسعه عند نهايتها، كان يبرز جمال بشرتها البيضاء ،وكان شعرها الجميل ينسدل عليه بنعومه فائقه حيث صففته بحيث يرتفع جزء منه عن جانب وجهها وينسدل الجزء الاخر على كتفيها وكانت الخصلات القصيره الثقيله الناعمه على جبهتها تبرز جمالها ذو التأثير الرائع ،اما الظل الوردى الذى وضعته فوق عينيها كان يجعل عيناها تتوهجان كجمره زرقاء رائعه ،وتسائلت اذا كان سيعجب بها(أدهم) كما كان دائما ام لا ........
انطلق رنين جرس الباب لينبهها الى عودة هذه المشاعر مره اخرى فتراجعت ووبخت نفسها بعنف فهى بعد الان لن تستسلم لهذه المشاعر ولن تسمح له ان يستولى على قلبها فكل ما يفعله هو جرحها اكثر فى كل مره من المره السابقه ، الحمام الدافىء الذى اخذته منذ قليل اتاح لها فرصه الاسترخاء الهدوء وترتيب افكارها وظبط مشاعرها بعد كل هذا التوتر والشد العصبى الذى عانت منهما هذا النهار، وخرجت بنتيجه واحده فقط انها ستفعل كل ما فى وسعها لتخرج (أدهم) من قلبها كما انها ستوافق بكل سرور على هذه الزيجه وستجعله يندم الف مره على اليوم الذى فكر فيه فى هذه الفكره الحمقاء وهى زواجه منها ، اخيرا خرجت من غرفتها متوجهه مباشرة الى حجرة استقبال الضيوف ، طرقت على الباب ثم دخلت مباشرة كانت تبذل مجهود كبير لتركز عينيها حتى لا تبحث عن (أدهم) ولكنها لم تكن تحتاج الى ذلك لأنها عندما دخلت فوجئت بترحاب شديد وزراعان ممدودتان نحوها وصوت يهتف :
_ (رؤى) لقد اوحشتنى كثيرا يا حبيبتى .
اخذتها (اميره) اخت (أدهم) بين زراعيها تمدها بكل الحب الذى كانت دائما تحمله لها وكذلك فعلت (رؤى) ،ازال دفء وحب(اميره) التوتر الداخلى الناتج عن مقابله (أدهم) لمعرفتها بضيقه منها واحتقاره لها الذى فعل كل ما بوسعه ليعلمها به ،واستراحت كثيرا لأنها اتت معه ولم يأت (أدهم) وحده .
قالت (رؤى) وعلى وجهها ابتسامه مشرقه بعد ان عانقت (اميره) :
_ انت ايضا اوحشتنى كثيرا ما اسعدنى بوجودك يا(اميره) اليوم معى .
_ لم اكن استطع فعل شىء غير ان اتى اليك، لا تعرفى مدى سعادتى عندما اخبرنى (أدهم) بعودتكما الى بعض بعد كل هذه السنوات ،وقلت له ان هذا احسن شىء فعله منذ ان تركتما بعضكما فانت الوحيده المناسبه له والتى ستتحميليه دون ان يقودك الى الجنون فى النهايه .
كانت تقول كلامها ووهى تنظر الى اخيها لتغيظه ، ونظر اليها (أدهم) مبتسما بأشراق قائلا :
_ احترسى يا(اميره) كلامك هذا قد يجعلها تصرف نظر عن الموضوع بأكمله وبذلك لن تتخلصى منى بسهوله ولن اجد احد اقوده الى الجنون غيرك انت .
ضحكت (اميره) وقالت :
_ لا انا واثقه ان (رؤى) لن تتخلى عنك بسهوله ، اليس كذلك يا عزيزتى؟
ان الكل ينظر اليها منتظرين ردها ، عرفت ان عليها تمثيل دور العاشقه ودون اراده منها نظرت الى (أدهم) وجدت فى عينيه دفء غريب ولو لم تكن متأكده مما حدث فى مكتبه لقالت ان فى عينيه شىء اخر ايضا ،احمرت وجنتاها بشده عندما ركز عينيه على عينيها ولكنها تمكنت من ان تنقذ نفسها من سحر ودفء نظراته ونظرت الى ارضيه الغرفه هاربه بذلك من الرد على سؤال (اميره) ومن شخص اخر ايضا ،ولشدة عجبها سمعت (أدهم) يقول لأخته بهمس مسموع حيث كان يقف بجانبها :
_ ارأيت نتيجه اسألتك يا(اميره) اتركيها ولا تنهالى عليها بهذه الاسئله على مراه ومسمع من الجميع .
ضحك الجميع فى حين نظرت (اميره) الى (رؤى)وكأنها تقول ارأيت كم يحبك، ولكنها لا تعلم ان هذا ضمن الاتفاق الذى اتفقا عليه ان يمثل كل الحب والخوف عليها امام عائلتها ، جلسا اخيرا ولسوء حظها جلست بجوار (أدهم) وعلى جانبها الاخر كانت (اميره) التى رتبت لجلوسها بهذه الطريقه ،وبدأت (اميره) بكلام قائله :
_ امى كانت تود ان تأتى معنا ولكن الطبيب امرها بأن تلزم الفراش ،كما ان ابى و(هيثم) اخى مسافران وسيعودان فى نهايه الاسبوع باذن الله وابى يبلغكم مباركته ويعدك يا عمى انه سيتحدث اليك فور وصوله .........
ثم نظرت الى (رؤى) مكمله:
_ كما ان (هيثم) اوصانى بشده ان ابلغك سلامه الحار الى ان يراكى .
قالت (رؤى) التى تذكرت (هيثم) الذى لم يكن اخ لخطيبها فقط بل كان زميل لها فى نفس الدفعه فى الجامعه وكان هو سبب تعارفها ب(أدهم) :
_ عندما يتحدث اليك ثانية ابلغيه كل سلامى .
بعد ذلك تحدث(أدهم) مع والدها فى كل ترتيبات الزواج واتفقا على ان يتم بعد امتحانات (هنا) التى لم تقبل بغير ذلك وقالت انه لم يبق امامها سوى اقل من ثلاث اسابيع ، كما اتفقا على ان يكون حفل الزفاف صغيرعلى الرغم من اعتراضات والدة (رؤى) ، ولكن عندما اقترح (أدهم) انه يود ان يسافرا الى شرم الشيخ لقضاء شهر العسل ،تناست تماما حفل الزفاف الصغير ، وهنا لم تستطع (رؤى) ان تظل جالسه بجواره فتعللت بأحضار المشروبات التى نست ان تحضرها منذ ان قدما .
يتحدث عن شهر العسل ياله من وقح، واين؟ فى شرم الشيخ التى يعلم انها من اكثر البلاد التى تحبها ،نعم يعلم ذلك فقد كانت دائما تخبره عن حبها وانبهارها بهذه البلد العظيمه ،وشوقها الشديد لزيارتها معه بعد ان زارتها مع عائلتها ،كان ذلك فى السابق، اما الان يريدها ان تذهب الى شرم الشيخ ومعه واثناء شهر العسل المزيف هذا ، كانت تتحرك بتوتر وعصبيه داخل المطبخ لم تكن تعلم ولا ترى ماذا تفعل بالاطباق والاكواب ،كان تفكيرها فيما يحدث يستغرق عليها كل حواسها حتى انها كادت ان توقع الاطباق بالحلوى التى عليها وهنا انتبهت الى ما تفعله استندت قليلا على الحائط وحاولت ايقاف رعشة يدها ، حسنا اذا كان يريدها ان تذهب معه الى شرم الشيخ فليكن ولكن على طريقتها هى وليذكر انه هو الذى ابتدأ ذلك ، حاولت استعادة هدوئها وتركيزها حتى تنتهى من تحضير صينية الحلوى التى ستقدمها لهم .
_ تفضلى يا(اميره) .
_ لما كل هذا التعب يا (رؤى) .
_ هذا اقل من الواجب يا عزيزتى .
ثم انتقلت الى (أدهم) ونظرت اليه مبتسمه بكل رقه لأنها تعلم ان (اميره)ترصد تحركاتها ونظراتها له ، ورد لها هذه النظره بنظره ساخره كأنه يقول مارايك بهذا العرض ،وعندما امتدت يده لكى يتناول منها طبق الحلوى تجمدت نظرته على الصينيه ، ولنصف دقيقه لم يتحرك ولكنه تمالك نفسه سريعا حتى لا يلحظ احد ذلك ولم ينس ان يوجه لها نظره ناريه اضائت مصباح الخظر فى اعماقها ،وتسائلت داخلها لما هذة النظره، هل علم اخيرا برغبتها فى ان تضع له مبيد حشرات بدلا من الحلوى، وبعد ان انتهت من تقديم الحلوى وقبل ان تجلس استقام (أدهم) بكل هدوء قائلا :
_ هل تسمح لى ياعمى بأن اتحدث مع (رؤى) قليلا على انفراد .
تفاجئت بشده وظلت متسمره فى مكانها دون حراك منتظره رد والدها والذى كانت تتمنى ان يكون بالسلب ،ولكن لحظها الغابر قال ابيها:
_ بالطبع يا(أدهم) ، تستطيعا ان تجلسا بالشرفه ان الجو بها رائع .
انه لم يوافق فقط بل امن لهما جو شاعرى ايضا ولكن على الاقل يوجد حولهما عمائر اخرى فلن يتمكن (أدهم) من ان يتصرف معها اى تصرف غير لائق ،كانت تفكر مع نفسها اثناء اتجاهها معه الى الشرفه الكبيره بمنزلها والتى تطل على اجمل منظر للنيل الرائع وتخشى ان يتشوه هذا المنظر بما سيحدث بعد قليل فنظرات (أدهم) غير مريحه على الاطلاق وكانت تشعر بعيونه موجهه الى ظهرهها كانت تود لو تجرى الى الشرفه او تذهب اليها خلفه حتى تتفادا الطلقات الصادره من عينه ولكن الطلقات الحقيقيه ستأتى بعد قليل عندما يصبحا وجها لوجه ،ومع شعورها القوى بوجود شىء فعلته ضايق (أدهم) بشده الا انها لم تكن تعرف ما هو ،واتاها الجواب بعد اقل من الثانيه حيث ما ان دخلا الى الشرفه امسكها (أدهم) من رصغها الايمن ورفع يدها امام عبنيها قائلا بصرامه شديده والعنف تتقاذفه عيناه على الرغم من خفوت صوته:
_ هل استطيع ان اعلم ماذا تفعل هذه فى اصبعك ؟
للوهله الاولى لم تعرف عما يتكلم ولكن حين نظرت الى يدها وجدت دبله (ايمن) لا تزال فى اصبعها ،فهمت الان لم تتجمد نظرته على الصينيه بل على يدها ، ياالهى كيف لم تنتبه لذلك حتى امها وابيها واختها لم بنتبها اليها ،فأمها وابيها لم يلاحظاها لتركيزهما الشديد فيما تقوله عن خطبتها الجديده واثناء حديثها مع اختها كانت طوال الوقت تضع يدها اسفل الغطاء استفاقت من زعرها على هزه عنيفه وجهها (أدهم) اليها ارتج لها جسدها كله وهو يقول :
_ انظرى الي هنا ولا تتظاهرى بأنك ترينها لأول مره .
_ انا بالفعل اراها لأول مره ولكنى لا اتوقع منك ان تصدقنى .
_ وانا لن اخيب توقعاتك فأنا لا اصدقك بالفعل .
التمعت عيناها بالدموع ، الن يتنهى هذا اليوم ابدا ،كل دقيقه تمر تشعرها بأن الاسوء مازال فى الطريق ،ولكن ماذا سيكون اسوء من هذا ،حاولت ان تفلت يدها منه لتستدير بعديدا حتى لا يرى دموعها التى قد تفقد السيطره عليها فى اى وقت لتنهمر كفيضان مغرق ، ولكن يده كانت قابضه على معصمها كقبضه من الحديد نظرت اليه من خلف دموعها والتى جعلت ملامحه تبدو مهتزه، قالت محاوله الا يظهرصوتها مرتعشا متهدجا :
_اترك يدى انك تؤلمنى .
القى بيدها كأنها كميه من المهملات لايريدها ولكن بعد ان انتزع منها الدبله بعنف والقى بها على الطاوله المجاوره التى توجد فى الشرفه الكبيره، وقال بتهكم وهو يستدير مبتعدا ليستند بكلتا يديه على الشرفه :
_ نعم واعتقد ان الم يدك هو الذى سبب هذه الدموع التى اراها فى عينيك ، ولكن احترسى من انهمار هذه الدموع، حتى لا يراها والداك .........
ثم التفت اليها قائلا بتهكم اكبر :
_ اليس كذلك ؟
عضت على شفتيها السفلى بشده واقسمت الا تظهر له دموع قهرها ،وقالت وهى تتجنب النظر اليه :
_ من فضلك يا(أدهم) كفاك تهكم وسخريه ، انا بالفعل نسيت ان انزع الدبله من يدى واعتقد ان وجودها يشكل احراج لى امام والداى اكثر مما هو لك ، واذا لم تصدق ما اقول فهذا ليس ذنبى .
لم ينظر اليها ثناء حديثها ولا حتى بعد ان انتهت منه ، كانت تود لو تعلم فيما يفكر الان، كانت ملامحه جامده لا تعبر عن اى شىء ، اتاح لها صمته وعدم رؤيته لها ان تتأمل ملامحه وتستعيد زكرياتهما معا والتى على الرغم من مرور خمس سنوات عليها الا انها تتذكرها كما لو كانت بأمس ، وهذا مايثير ضيقها اكثر،تذكرت انه لم يكن هكذا ابدا كان دائما رقيق وواضح ومحب وهى لن تحاول ان تساله عن سبب هذا التغير حتى لا تعطيه فرصه للسخريه منها وحتى لا يعتقد انها مهتمه به وبأحواله ،كما انها تنأى بنفسها عن ان تسأله حتى عن السبب الذى يجعله يفكر بها على انها افعى كما قال ،لن تسأله لن تفعل ذلك ابدا ، وتذكرت انها كنت تريد ان تسأله عن شىء اخر فقالت وهى تستند بجواره على الشرفه باذله كل الجهد لتستعيد هدوءها وثقتها بنفسها ،وكان شكلهما يوحى بكل الحب والوفاق :
_ (أدهم) ما الذى قلته ل(ايمن) ليقتنع بالا يقول لوالدى اى شىء .
غير وضعه فشبك اصابع يديه واستند بمرفقه على السور العريض قائلا ببرود :
_ لا يهم ما الذى قلته له المهم ان ما اردته حدث .
_ تقصد ما اردته انا .
التفت اليها بوجهه فقط قائلا بصرامه :
_ لا ، بل ما اردته انا، فأنا لن افعل اى شىء تقوليه لمجرد انك تريدينه فاذا لم اكن اريده انا ايضا وارى انه اصواب فتأكدى اننى لن افعله ، ولا تنسى اننى ايضا لم اكن اريد لوالديك ان يحرجا من تصرفات ابنتهما المشينه .
علا صوتها وهى تقول له بحده :
_ افعالى انا هى المشينه وانت الملاك الطاهر ذو الجناحين ، اليس كذلك ؟
لم ينظر اليها ولكن صوته كان يكفى ليجمد الدم فى عروقها :
_ (رؤى) اخفضى صوتك ، ولا تتكلمى معى بهذا الشكل لأنى لن اسمح بذلك ،لا امام احد ولا حتى ونحن بمفردنا .
احمرت وجنتاها غضبا كيف يجرؤ على ان يأمرها ويتحدث معها هكذا قالت له بحده كأنها لم تتأثر بقوله ولكن بخفوت هذه المره :
_ حسنا لا اريد ان اعلم ماذا قلت ل(ايمن)، ولكن هل لى ان اعلم لماذا الذهاب الى شرم الشيخ، انا لاارى اى داعى لذلك .
_ هذا لأنك لاترى جيدا يا عزيزتى ، فبما اننا لن نقيم حفل زفاف كبير فكان لابد ان نفعل شىء اخر يقنع والدتك بأهدار مصاريف الزفاف الكبير فيه، كما يفرح أبنتها الكبرى .
قال ابنتها الكبرى بسخريه واضحه تجاهلتها ،قائله ورغبتها فى مضايقته تزداد :
_ ولم تجد امامك سوى شرم الشيخ انت تعلم جيدا اننى احب هذا البلد وكم اتمنى ان ازورها مره اخرى، ولا اريد ان اكرهها لمجرد ان زيارتى لها ستتم معك .
لم يرد عليها وانما تسعت ابتسامته الساخره بينما استرسلت هى :
_ حسنا ولم لا نقيم حفل زفاف كبير بدلا من السفر .
_ لان لدى اشغال مهمه فى شرم الشيخ وعلى الانتهاء منها فى اقرب واسرع وقت .
_ ماذا؟
ولم يكن هذا سؤالا وانما كانت صرخه احتجاج وصدمه ، نظر اليها محذرا حتى لا يعلو صوتها ، قائلا بتهكمه المعهود :
_ وماذا كنت تتوقعين، رحله شهر عسل حقيقيه ، لا ياعزيزتى .
حاولت ان تهدأ ووعدت نفسها ان تحاول استفزازه الى اقصى درجه ممكنه حتى تثأر لنفسها الجريحه ،ثم عقدت ساعديها قائله بتمالك وهدوء تحسد عليهما :
_ لا لم اكن اتوقع ذلك ، ولكن انت ايضا لا تتوقع منى ان اقف صاغره لأوامرك ولا تتوقع منى ايضا ان انطوى على نفسى واحزن على ما تفعله معى ،فأنا سأستمتع بكل لحظه من هذه الرحله ،واذا كنت انت ذاهب فى عمل فأنا متفرغه ولن يشغلنى شىء سوى التمتع بهذه الرحله وافسادها عليك .
استقام فى وقفته وقد لاحظ لهجتها الجاده الهادئه وقطب حاجبيه ثم اتجه اليها ببطء وظلت هى متماسكه لا تتحرك من مكانها على الرغم من ارتعاشها الداخلى ، وحبست انفاسها عندما اقترب وشعرت بقلبها يكاد ينفجر من كثره نبضاته ولكنها مع ذلك لم تظهر ذلك بشجاعه نادره الى ان رفع يده وداعب وجنتها برقه شديده قائلا بهمس ساخر:
_ وانا كلى شوق للتمتع بما ستفعلين .
عندما لمسها انتفضت كأن شىء لسعها وابتعدت عنه مرغمه لأنها كانت تريد ان تظل ثابته لتثبت له قوتها وعدم تأثرها به كما فى المره السابقه ، ولكنها لم تستطع ان تظل ثابته خوفا من العواقب ، بينما هو عندما رأى انتفاضتها هذه رفع يده على الفورعن وجنتها وثبتها لحظه فى الهواء كأنه يقول انا بعيد تماما و لم افعل بعد شىء يستحق ذلك ، ثم رفع احدى يديه مقتربا بها منها ،حبست هى انفاسها ظنا منها انه سيضع يده عليها ولكنه بدلا من ذلك وضعها على سور الشرفه الذى تلتصق هى به املا فى الاحتماء ، بينما قال مؤكدا حركته الاولى وقد بدى أنه يحاول اخفاء ابتسامه تجاهد للظهور على شفتيه :
_ انا لم افعل اى شىء يدعوك للابتعاد .
_ عليك ان تعلم اننى لا اطيق لمساتك .
حدق كل منهما بتحدى فى عينى الاخر حاولت ان تظل متماسكه وثابته امام قربه منها هكذا ،كما حاولت جاهده الا تهرب بعينيها بعيدا عن نيران عيناه العميقتان، مرت لحظة صمت خالتها الدهر كله وهما يحدقان ببعضهما ، شعرت انها طفله لا يهتم بما تقول او تفعل كما اقرت ثقته الكبيره بنفسه والتى تزلزل كيانها كما رجولته العفويه تماما ، ظلا يحدقان ببعضهما بصمت يملؤه التحدى ،الى ان قطع صمتهما نحنحه اتيه من الداخل نظر (أدهم) بهدوء الى مصدرها ،بينما انتفضت هى كأنها استفاقت من بحر عينيه ، وقالت محاوله مداراة انتفاضتها :
_ (هنا) لقد اخفتنى .
شعرت به كما سمعته فى نفس الوقت ، شعرت بيده توضع على كتفها بكل الدفء والرقه ،كما سمعته يقول وهو ينظر اليها وفى عينيه نظره دفء رائعه لا تتوقع ان تراها وهما وحدهما :
_ لا مجال للخوف وانا معك يا حبيبتى .
هل هذه النظره مجرد تمثيل امام اختها اقنعت نفسها بذلك حتى لا تتمسك بسراب ، قالت ردا عليه وهى سابحه فى دفء وحنان نظراته تاركه نفسها لهذه اللحظات القليله من اهتمامه :
_ لا ،لا يمكننى ذلك .
_ كفى ارجوكما انا لااستطيع تحمل كل هذه المشاعر مره واحده .
قال (أدهم) وعلى شفتيه ابتسامه مريحه للغايه :
_ اعتقد اننا تأخرنا هنا ، اليس هذا ما اتيت من اجله ؟
قالت (هنا) بحرج طفيف :
_ نعم يا (أدهم) ، كما ان (اميره) تريد الانصراف لانها تأخرت على (سامر) و(سهر) ، فهى تقول انهما لن يناما من دونها كما ان (شريف) زوجها لن يستطع ان يتصرف معهما من دونها اكثر من ذلك .
_ حسنا ان ابنائها شياطين صغيره بالفعل ،كان الله فى عونها هى و(شريف) .
قال (أدهم) ذلك بمرح ثم نظر الى (رؤى) وهو ممسك بيدها يداعب اصابعها مما جعلها ترتجف ،وقال بابتسامه حانيه :
_ حسنا يا حبيبتى نكمل حديثنا الليله على الهاتف فأنا لن اتمكن من النوم دون سماع صوتك ..........
ثم اضاف وقد استبدلت ابتسامته الحانيه بابتسامه جزل :
_ وانا واثق من انك ستوافقين على رأي فى اول عشر دقائق من المكالمه .
ارتسمت معالم الجهل على وجهها بوضوح لم تلاحظه سوى عينى (أدهم) الذى اتسعت ابتسامته الجزلى لذلك ، بينما سألت (هنا) بفضول :
_ توافق على ماذا ؟هل لى ان اعلم ؟
قال (أدهم) بغموض على الرغم من وضوح كلامه :
_ توافق على ان نسافر شرم الشيخ على متن الباخره السياحيه عايدا .
شهقت (هنا) قائله :
_ ماذا، ومن يرفض شىء كهذا !
لم تعرف بما ترد عليها كان عقلها مشوش بدرجه كبيره لا تفهم ما الذى يريده (أدهم) ولا ما يفعله ،انه لم يأت ابدا على ذكر هذه الباخره ،كما انه يعلم كم تخشى البحر، تحب شكله وتحب ان تقف امامه ، لكن تخشاه بشده، كيف يتوقع منها مجاراته فى ذلك لا يوجد مزاح فى مثل هذا ، تمالكت نفسها بسرعه نسبيه محاوله اخفاء الدهشه التى علت وجهها سابقا، حاولت نسيان يديه الدافئه التى تعبث بيدها بكل نعومه، وقالت محاوله ان يعلو صوتها على صوت خفقات قلبها :
_ انت تعلم جيدا اننى اخشى البحر ولا استطيع السفر عن طريقه .
_ انت قلت انك تريدين ان تستمتعى بشهر عسلنا الى اقصى درجه ، وثقى بى يا عزيزتى فلا يوجد اى شىء يدعو للخوف ونحن معا .
لقد فهمت الان ، انه يشير الى ما قالته سابقا بأنها ستستمتع بالرحله وتفسدها عليه ، لقد بدأ هو اولا ليعلمها انه هو الذى سيفسد عليها الرحله كما افسد حياتها كلها ، لم تحاول ان تفكر اكثر من ذلك كان لابد ان توافق بما قاله حتى لا يظهرا غير متفقان امام عائلتها ،وفى النهايه ستكون النتيجه واحده وكما يريدها هو ، ففضلت ان توافق بكرامتها وبارادتها على ان توافق مجبره بعد ذلك ، كما انها ستثبت له انها تستطيع مواجه التحدى الذى وجهه اليها ، ولذلك نظرت اليه وقالت بنعومه :
_ معك حق يا حبيبى طالما نحن معا فلا شىء يدعو لخوف ، ولذلك سأوافق على اقتراحك لأنى اثق بك ثقه عمياء .
صاحت (هنا) قائله بحماس :
_هائل ، هيا بنا نذهب ونخبرهم ، وكما اعتقد فان (اميره) ستكون بانتظارنا على الباب .
وتقدمتهم (هنا) الى الامام وهنا انتهز (أدهم) الفرصه ليقول ل(رؤى) وهو يترك يدها بسرعه :
_ لا يوجد داعى لتتخشبى هكذا اثناء لمساتى ، فبلا شك سيجعلهم هذا يرتابوا فى امرنا .
***************
انطلق رنين الهاتف الخليوى فى الواحده صباحا من نفس هذه الليله الطويله ، فى حجرة المعيشه التى تجلس بها (رؤى) و(هنا) حيث كانت الاولى تقرأ كتاب تاريخى مثير للغايه وعلمت ذلك من خلال صفحته الاولى فقط والتى لم تتجاوز غيرها ،اما الثانيه فكانت تذاكر للاستعداد لامتحان الماده القادمه ، استمر رنين الهاتف و(رؤى) لا تنظر اليه حتى ، الى ان قالت لها(هنا) :
_ (رؤى) انه هاتفك الذى ينطلق رنينه ،الا تسمعيه ؟
_ حقا ، بالفعل لم اسمعه ، فقد استغرقنى الكتاب الذى معى فهو شيق جدا .
ولكنها كانت تعلم انه هاتفها الذى ينطلق رنينه وكذلك تعلم انه (أدهم) الذى يتصل بها ولكنها تخشى ولا تريد الرد امام (هنا) .......
_ الن تردى ؟عله يكون (أدهم) .
_ نعم معك حق سأرد بالفعل .
ولكن ما ان لمست يدها الهاتف حتى انقطع الرنين ،اغمضت عينيها تشكر ربها على ذلك ولكنها ما ان تركته حتى انطلق الرنين مره اخرى ، كادت ان تلقى به بعيدا ولكنها تداركت نفسها فى اللحظه الاخيره وحاولت ان تبدو طبيعيه والا ترتعش يدها وهى تجيب :
_ اهلا يا (أدهم) امازلت مستيقظا ؟
_ بهذه الرقه التى تتحدثين بها استطيع ان احزم بوجود احد الى جوارك .
ضحكت ضحكه ناعمه ، وقالت محاوله الا تظهر من ردها على اى شىء يدور حديثهما :
_ كان عليك ان تتوقع ذلك ، فانا ايضا لن استطع النوم الا اذا سمعت صوتك .
_ ان مواهبك متعدده يا عزيزتى فلا تقتصر على التمثيل فقط ولكن تاليف الحوارات ايضا .
لم تعرف كيف ترد على ذلك ونظرت الى اختها فلاحظت انها كانت تتابع الحوار والتى ما ان وجدتها تنظر اليها حتى قالت بمرح وهى تلملم اشيائها :
_ حسنا حسنا انا ذاهبه دون الحاجه الى ان تقولى ذلك ،فعلى كل حال لقد انتهيت من المذاكره اليوم ،تصبحين على خير انت و(أدهم) .
انتظرت (رؤى) الى ان خرجت اختها ثم قالت بحده :
_ نعم ،ماذا تريد ؟ واى تمثيل وتأليف هذان الذى تتحدث عنهما ؟
اطلق ضحكه كبيره قائلا بسخريه :
_ افهم من ذلك ان من كان يجلس بجانبك قد ذهب اعتقد انها كانت (هنا) فقد سمعت صوتها .
_ نعم كانت هى .
ثم اضافت بتهكم واضح :
_ وقد اخبرتنى ان القى عليك تحيتها قبل ان تذهب لتترك للعاشقين كل الحريه فى بث حبهما لبعض .
قال بجديه مفاجئه :
_ ان (هنا) رقيقه وحساسه جدا ، ان لك اخت رائعه .
_ وانت ايضا لك اخت واخ رائعان ،وبهذه المناسبه اخبرنى كيف اصبح ابناء (اميره) فأنا لم ارهما منذ ان كانا فى عامهما الاول .
_ لقد اصبحا فى الصف الاول الابتدائى ولكن لهما هما الاثنان عقليه متسائله جباره انا نفسى اعجز احيانا عن مجارتهما .
كان يتحدث بصدق وحب شديدين لدرجه صورت لها انه نسى تماما انه يتحدث معها ، وما ان اتاها هذا الخاطر حتى قال هو ليعيده ادراجه جريا:
_ من المؤكد انه ستتاح لك الفرصه لرؤيتهما كثيرا ف(اميره) تنوى ان تحتفل بعودتك الي احتفال رائع ومن المؤكد انها ستدعوك عندها فى اقرب فرصه .
_ حقا ، وهل هذا فبل سفرنا او بعد عودتنا .
فهم الى ماذا تلمح ولذلك قال مباشرا:
_ لامجال للنقاش فيما تريدينه يا(رؤى) سنسافر بالباخره كما قلت ولن اتراجع عن ذلك .
_ لماذا اذا كنت تعلم جيدا اننى اخشى البحار هل تريد ان تقودنى الى حتفى .
_ ليس الى هذه الدرجه يا صغيرتى فأنا متواجد دائما للأعتناء بك وابعادك عن اى مخاطر .
_ انت ! اذا كنت اتوقع الحمايه من اى شخص ، فأنا لا اتوقعها منك انت .
صمت لحظات ثم قال بصوت جاد وحازم ولا يقبل المناقشه :
_ مهما قلت فلن تغيرى من شىء ، ومن الافضل ان تذهبى للنوم الان فأنت مرهقه منذ الصباح وتحتاجين للراحه وتصفيه ذهنك تماما لأن امامك اسابيع قليله لأعداد اشياء كثيره .
_ انت ....انت تعلم جيدا اننى اخشى البحر ،انا لا اتصور نفسى فى باخره فى عرض البحر ولا ارى امامى سوى الماء العميق .....وفى الليل ايضا........ياالهى
ثم ألم تقل ان لديك اعمال هناك ،السفر بالباخره سيؤخرنا كثيرا .
استعاد لهجته الساخره قائلا :
_ لكى تعلمى ياعزيزتى اننى اضحى بالكثير من اجل سعادتك ، وتستطيعى اعتبارها هدية زواجنا السعيد .
_ انت متوحش انا اكرهك اكرهك .
_ ليس بقدر ما افعل انا وصدقينى يا(رؤى) انا مستعد لفعل اى شىء لأعاده تهذيب اخلاقك ، تصبحين على خير نامى جيدا، واحلام سعيده .
*******************************************************
الفصل السادس :
لم يمر على (رؤى) اكثر من اسبوع وهى بهذا الوضع مع(أدهم)، عندما يزورهم فى المنزل يكون فى غاية الرقه والحنان وهى ايضا تضطر لتتعامل معه بنفس الطريقه فلا يمكنها ان تنسى ان هذا كان شرطها هى ،وكانا مضطران ايضا لتمثيل ذلك احيانا امام عائله (أدهم) ولكنه لم يكن يهتم كثيرا بذلك ، لم تستطع ان تتحمل هذا التناقض الرهيب فى المشاعر تشعر ان اعصابها ما عادت تتحمل المزيد ، احيانا كان يأتى عليها وقت تريد ان تكون وحدها فى هذا العالم بدون اى انسان اخر واحيانا اكثر تود لو تستطع ان تصرخ فى وجه (أدهم) المتكبر المعاند المتصلب ،تصرخ احتجاجا على كل ما يفعله ويقوله ، تصرخ احتجاجا على حبها له وعلى المشاعر التى تكنها له ،احيانا تعتقد انها تكرهه بالفعل وانها لاتريد ان ترى وجه هذا مره ثانيه بتهكمه القاسى ولامبالاته بها ،تشعر انها تقف فى صحراء قاحله من المشاعر ، تكاد تجزم انها احيانا كثيره تشعر كأنها الارض التى كان بها نهر عظيم وفجأه جف هذا النهر ونضب بما فيه من ماء، تشعر فعلا بذلك، بجفاف كبير وفراغ لا محدود يقتلها من الداخل ويمزق روحها ، واذا كان هذا حالها الان ماذا اذا فى شهر العسل هذا ،او بعد عودتهما منه متى سينتهى هذا العذاب ، وهى تجلس الان فى غرفتها، ومن المرات القليله جدا التى تكون فيها بمفردها، تشعر انها لا تستطيع التنفس من كثرة ما يحمله صدرها ،تريد ان تزيح هذا الحمل الثقيل عن كاهلها ، وتذكرت ان ذلك كان شعورها دائما فى الفتره الاخيره حتى فكرت فى ان تتحدث الى (ؤلاء) وتقول لها كل شىء علها ترتاح ولو قليلا ، كانت قد اعلمت صديقتها بنبأ خطبتها الى (أدهم) وطبعا سألتها الاخيره عن سبب هذا التحول المفاجىء ولكنها فعلت كما فعلت مع اختها اذ اخبرتها بلهجه لا تقبل المناقشه ان كل شىء على ما يرام ، كما اوحت لها بانه لا يوجد اى داعى للقلق او لألقاء الاسئله حتى ، وكانت تفكر اكثر من مره فى ان تتحدث مع (ولاء) وتقول لها كل شىء ولكنها تأتى فى النهايه وتمتنع عن ذلك ، واكثر من مره كانت تلتقط سماعه الهاتف وتحدثها ولكن عندما تسمع صوتها وتتحدث معها ينعقد لسانها عن قول اى شىء وتكتفى فقط بسماعها تتحدث عن موعد وضعها لمولودها وعن احوالها الصحيه وهكذا ، وكان موعد وضع (ولاء) لطفلها قد اقترب للغايه وتتمنى (رؤى) ان ترى المولود قبل ان تسافر هى و(أدهم) .
منذ ان استيقظت هذا الصباح وقلبها مقبوض بطريقه غريبه ولا تدرى لماذا، ولم يكن هذا غريبا فى الايام الاخيره هذه ولكن اليوم كان هذا الانقباض يؤلمها ، قد يكون ذلك بسبب الدعوه التى وجهتها لها (اميره) لتتعشى فى منزلها اليوم هى واختها والتى وافقت بعد ان رتبت اليوم مع (اميره) ليناسبها من حيث المذاكره ، كانت تعلم ان (أدهم) سياتى الى منزلها ويؤدوا فقرة تمثيل الحب المعتاده ثم يذهبوا الى (اميره) ،ولكن اليوم سيستمر هذا العرض الى ما لا نهايه بسبب وجود (هنا) معهما وهذا اكثر ما تخشى منه ،كانت كل هذه الافكار تدور فى عقلها اثناء ارتدائها لملابسها استعدادا لحضور (أدهم) ليأخذهما الى منزل (اميره) بينما كانت (هنا) مختفيه لا تعلم اين، علها تبحث عن اشيائها الضائعه فى كل مكان كالعاده ، لقد ادت امتحان اخر اليوم ولم يتبق امامها سوى امتحان واحد وتنتهى ، لا تعلم (هنا) كم اختها ممتنه لأمتحاناتها هذه التى اوقفت زواجها المزيف ولو لفتره مؤقته .
وقفت امام خزانة ملابسها حائره لا تعلم ماذا ترتدى ، اخرجت من الخزانه احدى الاطقم التى تفضلها وتبدو فيها رائعه، فعلى الاقل يوجد شىء ترتاح اليه وتفضله فى هذه السهره التى لا تعتقد وجود اى راحه فيها على الاطلاق ، بعد ان انهت ارتداء ملابسها عزمت على تصفيف شعرها ووضع زينه بسيطه على وجهها ، عندما دخلت (هنا) قائله :
_ اعقد اننى متأخره قليلا .
_ قليلا فقط ، من الافضل لك ان تنتهى سريعا قبل ان ياتى (ادهم) .
_ حسنا سأحاول .
_ ماذا كنت تفعلين كل هذا واين كنت ؟
ردت (هنا) بارتباك واضح كانت اختها لتلاحظه لو كان زهنها خالى :
_ اذاكر..... كنت اذاكر.
قالت (رؤى) بتعجب :
_ تذاكرى ..... حسنا حاولى الانتهاء سريعا .
_ اكيد ،لاتقلقى .
لم تجد ما ترد به عليها ،كيف لا تقلق وهى مقبله على ليله من اصعب ما سيكون.
كانت قد انهت كل شىء عندما سمعت رنين جرس الباب، هرعت لتفتح له فهذا ما تفعله دائما لتبرهن على الحب الرائع الذى يجمعهما ، فتحت له الباب وكان رائعا كالعاده وسيما وجذابا الى اقصى درجه وايضا واثقا ومعتدا بنفسه وساخرا ،اه لو يتوقف عن هذه السخريه الدائمه، لو كان وضعهما مختلف لكانت فخوره جدا بزوج المستقبل وحبيب القلب وكانت لتتمنى ان تصرخ بأعلى صوت معلنه حبها له ،ولكن هذا ليس هو الوضع الحالى، ولذلك فهى مضطره لأن ترد على ابتسامته الساخره هذه بواحده مثلها قائله :
_ مرحبا بزوج المستقبل ،تفضل .
رفع حاجبيه دهشا وقال :
_ ادام الله عليك هذه الروح المرحه ، وابعد عنى نزوات لسانك اللازع .
ابتسمت كأنه يمدحها قائله وهى تغلق الباب خلفه :
_ لسانى انا اللازع ،عامة هذا اللسان يضطر اسفا للظهور عندما يراك ، فهو لا يستطيع ان يراك ويظل بعيدا ،عليك ان تلوم نفسك لأنك انت الذى علقته بك منذ البدايه .
ضحك من قلبه قائلا :
_ هذه هى (رؤى) التى اعرفها ، اصارحك القول اننى كنت قد بدأت اقلق من عدم ظهورها .
ابتسمت ابتسامه رائعه تخفى توترها لقربه :
_ لم يكن عليك سوى ان تطلبها فقط .
وجهه اليها نظره ساحره ملأت عليها قلبها تماسكت وانتظرت حتى قال :
_ وهل يمكننى ان اطلب شىء اخر .
_ وما هو؟
سألته هادئه جدا ولامباليه ، ولكن عندما رأت هذه النظره فى عينيه فهمت ما يريد ، كان دائما يمكنه ان يقول لها اى شىء بعينيه وهى كانت تفهمه على الفور، وفعل الان ما كانا معتادان على فعله دائما ، ولكن نظرة عينيه هى التى اختلفت لم تكن نظرة حب مثل الايام الخوالى، ولكنها كانت نظرة مغازله يقول لها انه يريدها ، عرف من تغير ملامحها انها فهمت ما يريد واتسعت ابتسامته وهو يقول :
_ اعتقد انك علمت ما اريد .
لم تقوى على الرد ،لماذا هو مصر على ان تكره، لما يصر على ان يحتقرها ويعاملها على انها مجرد فتاه يتزوجها ليشبع رغباته وغرائزه فقط ، وجهت اليه نظره قاتله ثم انصرفت من امامه ، ولكنه استطاع ان يلتقط زراعها ويديرها اليه قائلا :
_ ماذا ألم تفهمى ؟
_ انا اصلى كل يوم وادعو الله ان يريحنى منك .
_ لن تكون دعواتك مخلصه يا عزيزتى لأنك تعلمين جيدا انك لم تحبى احد فى حياتك مثلما احببتنى ، استطيع ان ادرك هذا من مجرد النظر اليك .
تمالكت نفسها لتقول :
_ اتركنى يا (أدهم) على ان اتعجل (هنا) حتى لا نتأخر على اختك .
تركها بالفعل دون ان يعلق سوى بابتسامته المتهكمه ، وهى متوجهه الى الحجره لترى اختها ،سمعت والديها يخرجان للترحيب به كما سمعته يتحدث معهما بكل الوداعه والرقه والتهذيب .
وصلا الى بيت (اميره)و(شريف) فى وقت مناسب على التأخر الذى كانت (هنا) سببه ، استقبلتهما (اميره) وزوجها بحفاوه كبيره ، ورأت (رؤى) و(هنا) ابناء (اميره) لأول مره منذ ان كانا فى عامهما الاول ،فعند دخولهما وقفا مترقبين الموقف ،ولكن عندما رأيا (أدهم) اندفع التوئمان ناحيته مهللان قائلان فى وقت واحد :
_ خالو (أدهم) .
نزل (أدهم) على احدى قدميه ليكون فى مستواهما وتلقاهما بين زراعيه قائلا :
_ مرحبا يااحبائى، كيف حالكما ؟
قالت (سهر) بمرح وحب:
_ بخير، وانت كيف حالك ؟
قبل ان يجيب اندفع (سامر) قائلا بعتاب :
_ ولكن لما تأخرت كل هذا ، قالت امى ان موعد نومنا فى التاسعه ولقد سألتها منذ قليل قالت انها الثامنه اى انه لم يعد هناك وقت لنجلس معك فلا يوجد رقم اخر بين الثامنه والتاسعه .
ضحك الجميع على تفكير صبى السادسه بينما ابتسم (أدهم) قائلا وهو يلمس على شعر (سامر) الناعم :
_ ولكن عقارب الساعه بطيئه وليست سريعه مثلك فى العد وستأخذ وقت طويل حتى تصل الى رقم تسعه وحتى يحين ذلك ستظل معنا انت و(سهر) لتتعرفا الى صديقتين جديدتين .
نظرت (سهر) اليهما بفضول واشارت عليهما بيدها الصغيره قائله :
_ هاتان .
ثم اقتربت من (رؤى) وقالت بانبهار :
_ ان لون عيناك زرقاوان ، انا اعلم انك تريننى كما انا ولست بلون ازرق ، هكذا قالت لى المعلمه .
ضحكت (رؤى) ونزلت الى مستواها كما فعل (أدهم) :
_ نعم يا عزيزتى انا اراك كما تريننى تماما ، كما اننى اريد ان اعتذر منك انت و(سامر) لأننى انا واختى سبب تأخر خالكما ، فقد اضطر لأن يأتى الى منزلنا ليأخذنا الى هنا وهكذا تأخر .
قال (سامر) :
_ ولماذا ,الا ترضى امكما ان تسيرا فى الشارع بمفردكما مثلنا .
وهنا قال (شريف) باسما:
_ اعتقد ان هذا يكفى ، لن نظل اليوم كله تنحدث هنا ، تفضلا الى الداخل .
وقبل ان تتقدم (رؤى) الى الداخل مع الجميع شعرت بيد (أدهم) تستوقفها كما اقترب منها كثيرا لدرجه اشعرتها بانفاسه الحاره تلفح جانب وجهها ،لم تحاول ان تستدير لتواجهه كما علمت انه لا ينوى ذلك ايضا ، سمعته يقول وهو يجز على اسنانه :
_ فى المره القادمه اذا اردت التحدث الى طفل حاولى ارتداء تنوره اطول من هذه .
ثم تركها مذهوله واتجهه الى الداخل وعندما شعر انها مازالت متسمره فى مكانها التفت اليها قائلا :
_ ألن تأتى ؟
اندفعت فى اتجاهه وقالت بخفوت حتى لاتثير انتباه الاخرين لما يحدث :
_انتظر هنا ، ليس لك اى حق فى التعليق على ما ارتديه وما لاارتديه .
نظر اليها ببرود وبريق ابتسامه ساخره يلمح للظهور على شفتيه :
_ انا لى الحق فى ان اعلق على كل شىء يخصك ،خاصة ما ترتدين، طالما وافقت ان تكونى زوجتى .
_ انا لا ارى اى عيب فى هذه التنوره .
_ (رؤى) ارجوك، هذه التنوره اقصر من ان ترتديها (سهر) .
_ (أدهم) انا لن اسمح لك بأنتقا..........
_ ليس لك الحق فى ان تسمحى لى او لا تسمحى ،بل عليك ان تنصاعى صاغره لكل ما اقوله لك .
هل يقصد بالفعل كل مايقوله اوالاصح كل مايأمره بها ،تركها وتوجهه الى الداخل وهذه المره دون ان يلتفت اليها ، وقفت والغضب يملأ اعماقها ، هذا المستبد يفعل كل ما فى وسعه ليتحكم بها ويسيرها حسبما يريد كما الدميه ، توجهت الى الداخل حتى لا يثير غيابها التساؤلات ولم تنس وهى تدخل ان توجه الى (أدهم) نظره قاتله ولكنه تقبلها بابتسامه رائعه وكأنه يرد على نظرة حب منها.
وبعد قليل انطلق رنين الباب مما يدل على قدوم مدعو جديد وقبل ان يذهب (شريف) ليستقبل القادم قال :
_ من المؤكد ان هذا (احمد) .
تسائلت (رؤى) :
_ (احمد) من ؟
قالت (هنا) على الفور :
_ صديق (أدهم) والذى يعمل معه .
ومن نظرات (رؤى) المتعجبه علمت انها تسرعت فى الاجابه فقالت علها تصلح من ذلك على الرغم من ان حمرة الخجل التى علت وجهها لن تساعدها فى ذلك ابدا :
_ لقد تعرفنا عليه فى حفله (ولاء) .
_ نعم ...نعم ، اذكر ذلك .
تذكرت ايضا انها شاهدت هذا الارتباك من قبل على اختها ، كما لاحظت انه عندما حياهما (احمد) دعى (هنا) بأسمها دون القاب على الرغم من انه لم يفعل ذلك مع (رؤى)، اما(اميره) فكان من الواضح انه معتاد عليها هى و(شريف) كثيرا .
بعد ذلك تحدثا فى مواضيع عامه، وكان اهتمام (أدهم) موجه معظمه للطفلان فقط ، وفى وقت لاحق اقتربت (سهر) من (رؤى) وقالت والبراءه مرتسمه بأجلى معالمها على وجهها الجميل :
_ (رؤى) هل انت تعملين مع خالو فى مكتبه ، لقد ذهبنا اليه من قبل ولكننى لم اراك حينها .
كانت (رؤى) هى التى طلبت من الطفلين ان ينطقان اسمها مجردا ،وكانت هذه اجمل مره تسمع فيها اسمها ، اجلستها على قدميها وقالت باسمه :
_ لأننى لا اعمل معه ياعزيزتى .
_ اذن ، هل انت قريبه لنا .
فهمت (رؤى) من هذا السؤال انها تريد ان تعلم سبب تواجد (رؤى) هنا ، فقالت موضحه :
_ لا يا عزيزتى، ولكننى سأصبح قريبا ، فخالك وانا سنتزوج عن قريب .
_ هذا ما قالته لى امى ايضا ولكن خالو قال انه سيتزوجنى انا وهو لا يكذب على ابدا .
ضحكت (رؤى) لهذه البراءه الطفوليه الرائعه وحب هذه الطفله وتعلقها بخالها ، فقالت لها :
_ انا لم اكن اعلم اى شىء عن ذلك واذا اردت سأتركه لك .
_ بهذه البساطه تتخلين عنى يا حبيبتى .
كان (أدهم) الذى جلس بجوارهما بعد ان انهى لعبه مع (سامر) وتركه يتوجه الى والده ليغمره بأسئلته التى لا تنتهى ، قالت له ضاحكه وقد نسيت تماما العلاقه السيئه بينهما :
_ اعتقد انك توافقنى اذا كنت سأتركك مع فتاه بهذه الروعه.
قالت الطفله وهى تلعب بشعر (رؤى) قبل ان يتمكن(أدهم) من الرد :
_ انا احب خالو جدا لكنه اطول منى بكثير ولكن انت جميله وطويله واذا استمريت فى شرب اللبن ستصبحين مماثله لطول خالو (أدهم) ، اليس كذلك ؟
عندما انهت جملتها لم يتمكن (أدهم) سوى ان يأخذها بين يديه ويرفعا الى اعلى بطول زراعيه ويدور بها ، ظلت الطفله تضحك من كل قلبها، ضحكاتها كانت رائعه فى منتهى البراءه والجمال ، عندما انزلها اندفعت تجرى وضحكها وصراخها هى واخيها يملأن المنزل.
قال (أدهم) بعد ان هدأت انفاسه :
_ هذه الطفله تأخذ قلبى معها ، ما رأيك بهما ؟
_ انهما رائعان انا لم ارى ابدا طفلان مثلهما .
_ نعم ،عليك ان تنتظرى حتى يعتادا عليك اكثر وقتها سينهالا عليك بوابل من الاسئله التى لن تعرفى كيف تصوغى اجابتها ابدا لتناسب مرحلتهم العمريه ،وكلما تجحت فى سؤال ستفجأى بالاخر والذى سيجعلك تندمى على الاجابه السابقه التى قلتها وكانت سببا فى سؤال جديد .
ضحكت (رؤى) من قلبها ، ثم لا حظت عدم تواجد (هنا) بنفس الغرفه وعندما سألت (أدهم) عن ذلك قال لها بهدوء :
_ اكيد ستكون مع (اميره) فى المطبخ .
ولكنها اجالت نظرها فى جميع انحاء الغرفه ولم تجد شخص اخر فقالت :
_ و(احمد) معهما فى المطبخ ايضا .
ابتسم بهدوء وحنان قائلا :
_ ان (احمد) معجب ب(هنا) كثيرا ويريد ان يتقدم لخطبتها .
_ هل قال لك ذلك ، ثم انت لاتعلم رأيها هى الاخرى .
_ اعتقد ان لدى ذكاء كافى لأعرف ان هذا هو الحب عندما اراه فى عيون الاخرين
قالت بعصبيه غير مهتمه بما قال :
_ حسنا هل يمكنك ان تخبره ان اختى ليست مثل الفتيات اللاتى.............
قاطعها قائلا وقد انعقد جبينه وبدأالغضب يغزو ملامحه :
_ (رؤى) ،(احمد) و(هنا) ليسا حقلا لممارسة تسلطك عليهما ، هل هذا واضح ؟
لم تتمكن من الرد عليه بالرد المناسب اللازع الذى كانت تعده ،لان (اميره) اتت طالبه منهما الاتجاه الى غرفه الطعام لتناول العشاء ، استقام واقفا واشار اليها لتتقدمه ، فخطت امامه برأس مرفوع وخطوات ثابته محاوله تناسى عيونه الراشقه فى ظهرها، وفكرت ،يقول عنها متسلطه من الواضح انه لا يعرف عن نفسه الكثير ، جلسا على المائده ،وعرفت (رؤى) من ترتيب جلوسهما ان (اميره) لها كل اليد فى ذلك ، حيث جلس (شريف) على رأس المائده و(اميره) فى الجهه المقابله له بينما كان (أدهم) على يمين (شريف) وبجواره (رؤى) و(احمد) على يساره وبجواره(هنا) كما جلس الطفلان معهما على المائده بجوار امهما بعد ان توسلا اليها كثيرا لتوافق على ان يسهرا اليوم مع خالهما و(رؤى) و(هنا) وعمو(احمد) كما يدعونه ،واضطر(سامر) لأحضار (أدهم) لكى يؤثر على والدته بالموافقه ، وكانت امتع لحظات (رؤى) وهى تراقب (أدهم) مع الطفلين كان بعيد كل البعد عن (أدهم) القاسى المتصلب الرأى الساخر ،بل كان طفل مثلهما تماما رقيق وحانى ويجيب عن اسألتهما الكثيره بصبر وحكمه رائعان،وعلمت عندما رأته معهما كم تحبه ،وكم هى على استعداد ان تنسى تسلطه وقسوته عليها وتذوب بين يديه اذا قال لها الكلمه التى تتمنى سماعها منه .
كان الطعام رائعا ونالت (اميره) كل الثناء على ما صنعت يداها ، مرت فترة تناولهم الطعام بهدوء فلم يحاول (أدهم) مضايقه (رؤى) او الاقتراب منها عله لم يرد ان تختنق بأحتباس الطعام فى حلقها ، بعد انتهائهم من تناول الطعام قامت الفتاتان بمساعدة (اميره) فى نقل الاطباق الى المطبخ ، ووقفا معها يساعداها فى الانتهاء من جلى الصحون ، كان حديثهما ممتعا وتحدثا عن كل ما حدث خلال الخمس سنوات التى لم يروا بعضهما بها ، بينما كان الطفلان مازالا مستيقظان ويتجولا فى انحاء المنزل بضحكهما ولعبهما ،احيانا عندهما فى المطبخ واحيانا اخرى فى غرفة الاستقبال مع الرجال الثلاث ، وبعد فتره نادى الطفلان على (هنا) لكى تلعب معهما اللعبه الجديده التى علمتهم اياها ، وتوجهت اليهما فرحه بعد ان اخبرتهم بأنذار والدتهم بانها ما ان تنتهى من الجلى ستأتى اليهم ليتوجها الى غرفهم استعدادا للنوم ، وما ان خرجت (هنا) حتى ساد الصمت ، وبعد برهه قطعته (اميره) قائله :
_ لقد نحفت كثيرا يا(رؤى)، عليك ان تأخذى حذرك حتى لا تضعفى .
تذكرت (رؤى) انها لم تكن تأكل بالفعل فى الفتره الاخيره لم تكن تشعر بالجوع كان الطعام بالنسبه لها مجرد واجب حتى لا تشعر امها بذلك ، ومع ذلك نظرت اليها باسمه وقالت بمرح :
_ لا تخشى علي ،فأنا اريد ان يكون جسدى رشيق حتى لا ينظر (أدهم) لأى فتاه غيرى .
على الرغم من ان(اميره) ضحكت الا انه بدا عليها انها تريد ان تقول شىء ولا تعرف كيف تصوغه ، مرت فتره اخرى من الصمت انهت خلالها (اميره) جلى الاطباق وما ان انتهت حتى التفتت الى (رؤى) قائله وهى تشير الى المائده الصغيره الموجوده بالمطبخ :
_ (رؤى) اجلسى اريد ان اتحدث معك قليلا .
نظرت اليها (رؤى) تحثها على نبذ ترددها والتحدث فيما تريد مما جعل (اميره) تتنهد قائله:
_ حسنا ، اعلم انه لايحق لى التدخل فيما بينك انت و اخى ولكننى لا استطيع ، واعلم ايضا ان(أدهم) لن يعجبه ما سأقوله لك ،ولكن..........
وصمتت لا تعرف بما تكمل جملتها ،ولكن (رؤى) فهمت ما تريد قوله ،فاذا لم تقل ما تريد فلن تكون (اميره) التى تعرفها ، ولذلك قالت لها :
_ هذا الحديث سيكون بينى وبينك ولن يعرف (أدهم) عنه اى شىء ، كما انك تعلمين جيدا اننى ارحب بكل ما تقوليه ولا اعتبره تدخل اطلاقا .
اطلقت زفرة ارتياح وقالت :
_ انا لن اسألك عن السبب الذى جعلكما تتركا بعضكما فى السابق ، ولكنى اريدك ان تعلمى ان (أدهم) كان يرفض اى عروس ، فى الواقع هو كان يرفض التقرب حتى من اى فتاه .
نعم هى تعلم ذلك ،وياليته لم يرفض وتزوج ،على الاقل كانت ستتضمن انها لن تتحمل غطرسته وتحكمه بها .
_ نعم لقد اخبرنى بشىء مثل هذا .
اخبرها انه كره شىء اسمه الحب بسببها ، ولم تجرؤ طبعا على التصريح بهذه العباره التى قفزت الى ذهنها
_ هذا جيد ، انا فقط اريدك ان تعلمى انه يحبك حبا جما ، انا اعرف اخى جيدا وهو من النوع الذى يحب بجنون او يكره بجنون .....
فكرت مع نفسها ان حالتها من النوع الثانى ، بينما (اميره) تستكمل :
_ واذا قرر ان يتزوج بك فهو يحبك بجنون ، ف(أدهم) رجل شرقى جدا وينظر للزواج على انه شىء مقدس للغايه .
فكرت ساخره، هذا واضح جدا ,بينما اكملت (اميره) دون ان تتوقع اى مقاطعه:
_ (أدهم) كانت حالته النفسيه سيئه للغايه بعد ان تركتما بعض فكان غاضبا وعنيفا طوال الوقت، ولم يكن يتحدث مع اى احد سوى بالقليل، واصبح اكثر كلامه سخريه على اى شىء وكل شىء ،كان يعمل ليل نهار دون توقف حتى لمع اسم مكتبه بشده كأمهر مكتب محاسبه بين الشركات الكبرى داخل مصر وخارجها ، اللحظات الوحيده التى كان يعود فيها الى (أدهم) الذى اعرفه عندما يكون مع(سامر) و(سهر) وامى ، ولكن منذ ان عدتما لبعضكما مره اخرى شعرت انه بدأ يستعيد انسانيته التى ظننت انه فقدها .
ما معنى هذا الكلام ولما لا تراه هى ايضا ، ام ان وحشيته ظلت مقتصره عليها هى فقط ، قالت بينما عقلها يعمل لتكذيب ما قالته (اميره) :
_ انا ايضا احبه بشده يا(اميره) ........
لم تقوى على اكمال عبارتها ، لما شعرت به من مشاعر تجتاحها وتقتحمها عنوه ، على الرغم من انها كانت تعلم انها تحبه ولكن عندما قالت ذلك شعرت بالخوف الشديد ،شعرت بالخوف على هذا الشىء النابض فى صدرها ،خافت من هذا الحب الذى يملأه ،خافت حتى تمنت لو لم يكن موجودا ، شعرت ان حرارتها ازدادت وان وجهها اشتعل نارا وليس احمرارا عندما قالت (اميره) بحماس صادق :
_ اعلم هذا يا عزيزتى اراه دائما فى نظراتك له كما اراه بوضوح ايضا فى نظراته اليك وتصرفاته معك .
نظرت فى الفراغ لم تعرف بماذا تجيب ،هل تقول لها ان هذا الحب مزيف وكله خداع ،وانه يحتقرها لسبب تجهله ،كما تحبه هى لسبب تجهله ايضا ............
_ (رؤى) يوجد من يحاول الاتصال بك على هاتفك الخليوى .
كان هذا (أدهم) ظهر امامها فجأه حاملا هاتفها الذى توقف رنينه ، نظرت اليه غير مدركه متى جاء وكأنه فارس اسطورى هبط عليها فجأه بهيئه زريه غريبه ، انتفضت عندما سمعت رنين هاتفها مره ثانيه وسألته :
_ هل هذا نفس الاسم الذى حاول الاتصال من قبل ؟
_ نعم .
اجابت على الفور :
_ الو .
_ (رؤى) يا بنيتى اغيثينى ، يبدو ان (ولاء) ستلد ولكنها متألمه بشكل مقلق للغايه انا خائفه عليها بشده ، وزوجها مسافر ولم اجد اقرب منك لأستنجد به .
_ حسنا... حسنا ،اهدئى ارجوك ، هل هى فى منزل زوجها ام عند حضرتك ؟
قالت الام الملتاعه :
_ لا فى بيتى ، هل ستأتى يا ابنتى .
_ طبعا ..طبعا انا لن اتأخر سأكون عندكم فى ثوانى ، اعدى كل شىء لننقلها الى المستشفى على الفور ،كما اريدك ان تكونى هادئه كل شىء سيسير على ما يرام بأذن الله ، اتفقنا .
_ بأذن الله يابنيتى ،بأذن الله ، نحن فى انتظارك لا تتأخرى .
_ سأبذل قصارى جهدى الى اللقاء .
وما ان انهت المحادثه حتى نظرت الى (أدهم) الذى فهم على الفور ما يحدث ، وقال متجها الى الخارج :
_ حسنا ،هيا بنا، لنأمل ان يكون لدينا الوقت الكافى .
جرت (اميره) خلفهما متسائله :
_ ماذا حدث من الذى ستنقلونه الى المستشفى ؟
قالت (رؤى) وهى تلملم حاجياتها :
_ انها (ولاء) صديقتى ......
قاطعها (أدهم) على عجل مصدرا اوامره فى كل اتجاه :
_ (اميره) لا وقت لدينا لهذا ، (احمد) من فضلك عليك ان توصل (هنا) الى المنزل
احتجت (هنا) :
_ ولما لا اتى معكم ،انا ايضا اريد ان اطمئن على (ولاء) .
قالت (رؤى) محاوله الا ينفذ صبرها :
_ لا يمكن يا(هنا) وجودك سيعيق (ولاء) بالتأكيد اثناء جلوسها هى ووالدتها .
_ ولكن......
قاطعهما (أدهم) قائلا وهو يدفع (رؤى) الى الخارج :
_ حسنا هذا يكفى ،يمكنك ان تأتى بها الينا فى المستشفى يا(احمد) ....
ثم نظر الى (هنا) قائلا :
_ ولكن بعد ان تعلمى ابواك بألامر، مع السلامه .
خرج هو و(رؤى) مسرعان وما ان تحرك (أدهم) بالسياره حتى سألها :
_ هل حالتها خطيره ؟
اجابت بصوت يملأه التوتر و الرعب :
_ لا اعلم ،والدتها كانت متوتره وخائفه للغايه ولم تخبرنى بشىء ،كل ما قالته انها على وشك الوضع وانها متألمه للغايه ، كما ان زوجها مسافر لذلك اتصلت بى على اعتقاد منها اننى بمنزلى لان منزل ابوي (ولاء) قريب من منزل ابواى .
_ حسنا ، اهدئى سنصل اليها فى الوقت المناسب بأذن الله ، ولكن عندما نصل حاولى ان تهدئى من روعها وان تظهرى امامها متماسكه فذلك سيفيدها اكثر من الخوف والقلق .
ثم ربت على يدها بحنان كما كان صوته ، رقدت يدها ونفسها كلها مطمأنه تحت جناح يديه ، وحاولت بالفعل العمل بنصيحته ، وبعد حوالى ربع الساعه كانت خلالها يد (أدهم) تحتويان يدا (رؤى) ، وصلا الى منزل والدا(ولاء) ،واستعدت(رؤى) للنزول على الفور لكى تصعد اليهما وقبل ان تنزل من السياره قال (أدهم) :
_ انتظرى سأتى معك .
_ لماذا ؟
قال بحزم لا يقبل المناقشه :
_ لا اعتقد ان فتاه مثلك وسيده كبيره فى السن قادرتان على حمل امرأه حامل متعبه
لم تحاول (رؤى) مجادلته فكلامه صحيح خاصة انه لا يوجد مصعد بالبنايه ، وبالفعل صعد معها وهو الذى تولى انزال (ولاء) التى لم تكن تدرى او تهتم بما حولها من شدة تعبها وتألمها .
******************
اوقات عصيبه كانت المسمى الوحيد للساعات التى مرت عليهما اثناء وجود (ولاء) داخل حجرة العمليات، كانت عملية وضعها صعبه كما اخبرهما الطبيب وذلك لأن وضع الجنين لم يكن بالوضع الصحيح ، كانت والدة (ولاء) فى حاله يرثى لها فهى خائفه على ابنتها وفى نفس الوقت على اول حفيد لها ، لم تجلس ابدا ظلت واقفه رغم توسلات (أدهم) و(رؤى) لها بأن تجلس حتى حضر والد ووالدة (هانى) زوج (ولاء) ، ما ان رأت الوالدتان بعضهما حتى ارتميتا فى احضان بعضهما منفجرتان فى البكاء وداعيتان الله ان تخرج (ولاء) ومولودها بسلام .
ولم يكن حال (رؤى) بأقل منهما على الرغم من انها لم تظهر ذلك امام والدة (ولاء) ،ولكن ما ان حضر والدا (هانى) وشعرت انه لم يعد يشعر بها احد وان والدة (ولاء) وجدت من يواسيها ، حتى بدأ خوفها وقلقها فى الظهور ، لم تكن (ولاء) بالنسه لها مجرد صديقه فقط بل كانت اكثر من اخت لها ، كانت كل منهما للأخرى الوساده الناعمه التى تستلقى عليها عندما يشتد بها الضيق ، كان اكثر ما يرعبها ان تفقد صديقه طفولتها وصباها وشبابها ، صديقه عمرها بأكمله ، عندما تكتلت افكارها ،عند هذا الحد بدأت تشعر بتعرق شديد فى جسدها كله ، تجمع امامها كل توتر وضغط وخوف الايام الماضيه ،رأت كراهيه (أدهم) ،وحبها له ،وصديقتها الوحيده فى هذه الحياه والتى تخشى ان تسحب منها ، كما رات الطفل الجديد الذى من المحتمل الا يرى نور هذه الدنيا ، حاولت ان تتماسك ولكن عيناها كانتا زائغتان ، تشبثت بزراع (أدهم) الواقف بجوارها والذى ربت على يدها ليطمئنها ............
وفجأه انطلقت صرخه تشق صمت النفوس الخائفه وهمس الدعوات المرجوه ، كانت صرخه طفل يعلن اخيرا وبعد عذاب وكفاح شديد مع الحياه عن وصوله ، وتبع ذلك خروج الطبيب من حجرة العمليات ، رأت الكل يندفع نحوه للأطمئنان على (ولاء) ،كانت خائفه بل مرعوبه من سماع ماسيقول،هل سيكون خيرا ، ومع ذلك حاولت ان تتجه اليه معهما ولكن قدماها تمردتا اخيرا واعلنتا عصيانهما على صاحبتهما التى لم تشعر بأى شىء سوى بزراعان يتلقانها ونداء مذعور، لم تقدر على اجابته .
|