كاتب الموضوع :
hend
المنتدى :
المنتدى الاسلامي
اقتباس :-
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hend |
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
سؤال:
لماذا يثقل الله على المؤمنين الذي يكثرون العبادة بالأمراض والبلايا في حين أن العصاة يتمتعون بكل مطايب الحياة ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذا السؤال يَرِد على وجهين أحدهما اعتراض والثاني استرشاد ، فأما وقوعه على سبيل الاعتراض فإن دليل على جهل السائل ، فإنّ حكمة الله سبحانه وتعالى أعظم من أن تبلغها عقولنا والله عز وجل يقول : ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً )
فهذه الروح التي هي بين جنبينا والتي هي مادة حياتنا نحن لا نعرفها وقد عجز النظار والفلاسفة والمتكلمون عن تحديدها وكيفيتها ، فإذا كانت هذه الروح التي هي أقرب مخلوق إلينا لا نعلم منها إلا ما وُصف في الكتاب والسنة فما بالك بما وراء هذا ؟ فالله عز وجل أحكم وأعظم وأجل وأقدر ، فعلينا أن نسلم بقضائه تسليماً تاماً : قضائه الكوني وقضائه القدري ، لأننا عاجزون عن إدراك غايات حكمته سبحانه وتعالى ، وعليه فالجواب عن هذا الوجه من السؤال أن نقول : الله أعلم وأحكم وأقدر وأعظم .
وأما الوجه الثاني وهو سؤال استرشاد فإننا نقول لهذا السائل : المؤمن يبتلى وابتلاء الله له بما يؤذيه له فائدتان عظيمتان : الفائدة الأولى اختبار هذا الرجل في إيمانه . هل إيمانه صادق أو متزعزع ، فالمؤمن الصادق في إيمانه يصبر لقضاء الله وقدره ، ويحتسب الأجر منه وحينئذ يهون عليه الأمر ، ويذكر عن بعض العابدات أنه أصيب أصبعها بقطع أو جرح ولكنها لم تتألم ولم تظهر التضجر فقيل لها في ذلك فقالت : إن حلاوة أجرها أنستني مرارة صبرها ، والمؤمن يحتسب الأجر من الله تعالى ويسلم تسليماً . وهذه فائدة .
أما الفائدة الثانية : فإن الله سبحانه أثنى على الصابرين ثناءً كبيراً وأخبر أنه معهم وأنه يوفيهم أجرهم بغير حساب ، والصبر درجة عالية لا ينالها إلا من أبتُلي بالأمور التي يُصبر عليها فإذا صبر نال هذه الدرجة العالية التي فيها هذا الأجر الكثير ، فيكون ابتلاء الله للمؤمنين بما يؤذيهم من أجل أن ينالوا درجة الصابرين ، ولهذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أعظم الناس إيماناً واتقاهم لله وأخشاهم لله كان يوعك كما يوعك الرجلان وشُدد عليه صلى الله عليه وسلم عند النزع كل ذلك لأجل أن تتم له منزلة الصبر فإنه عليه الصلاة والسلام أصبر الصابرين ، ومن هذا يتبين لك الحكمة من كون الله سبحانه وتعالى يبتلي المؤمن بمثل هذه المصائب ، أما كونه يعطي العصاة والفساق والفجار والكفار العافية والرزق يدره عليهم فهذا استدراج منه سبحانه وتعالى لهم ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : إن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر . فهم يُعطون هذه الطيبات لتُعجل لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا ، ويوم القيامة ينالون ما يستحقونه من جزاء ، قال الله تعالى : ( ويوم يُعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون ) فالحاصل أن هذه الدنيا هي للكفار يُستدرجون بها وهم إذا انتقلوا إلى الآخرة من هذه الحياة الدنيا التي نعموا بها وجدوا العذاب والعياذ بالله ، فإنه يكون العذاب أشد عليهم لأنهم يجدون في العذاب النكال والعقوبة ، ولأنه مع فوات محبوبهم من الدنيا ونعيمهم وترفهم ، وهذه فائدة ثالثة يمكن أن نضيفها إلى الفائدتين السابقتين فيما سينال المؤمن من الأذى والأمراض ، فالمؤمن ينتقل من دار خير من هذه الدنيا فيكون قد انتقل من أمر يؤذيه ويؤلمه إلى أمر يسره ويفرحه ، فيكون فرحه بما قدم عليه من النعيم مضاعفاً لأنه حصل به النعيم وفات عنه ما يجري من الآلام والمصائب .
من فتاوى الشيخ ابن عثيمين في كتاب فتاوى إسلامية 1/83
|
بارك الله فيكي
وجعله الله في ميزان حسناتك
إن ابتلاء المؤمن كفارة لما فات وموعظة لما هو أت يقول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في الحديث الشريف ،( أشد الناس بلاء الانبياء ثم العلماء ثم الامثل فالآمثل ) .رواه مسلم فقد أبتلى الانبياء ( عليهم الصلاة والسلام ) ببلايا شتى منهم منهم من ابتلاه الله بعناد أهله له وايذائه بشتى أنواع الايذاء قصير، ومنهم من ابتلاه الله بمرض في جسده .
كما قص علينافي كتابه العزيز في قوله تعالى (وأيوب اذ ناد ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)
وسيدنا يونس ابتلاه الله بالغم كما جاء في قوله تعالى ( وذا النون اذذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لااله الاأنت سبحانك اني كنت من الظلمين )
وسيدنا ابراهيم اذي ابتلاه الله بعداوة أهله له، فلما دعاهم الى الله أعدوا له النار وألقوه فيها ، فقال الحق تبارك وتعالى ( قلنا يانار كوني باً وسلاماً على ابراهيم )
وهكذا كانت حال أصحاب رسولنا محمد (صلى الله عليه وسلم ) عند نزول البلاء باولاده أمواله ، فقالو : ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) ( أنا لله وانا اليه راجعون) وكان اخلاصهم في ايمانهم واستغرقهم في طاعة الله عز وجل خير معين لهم على تحمل البلاء حتى ان واحداً منهم وهو سيدنا أبي الدرداء (رضي الله عنه )أصابه مرض في سافه وكن لابد من بترها ،فقال ان ارتم أن تفعلوا فاتركوني أصلي ركعتين وفي سجودي اقطعوها ، ففعلوا فلما سلم فاذا برجل يخبره أن ولداً من اولاده قد مات فقال في ثبات وقوة يقين :الحمدلله الذي أخذ ساقاً وأبقى لي أخر.
وكما أن الاستغراق في المعصية يجعل الانسان يمزق جسد نفسه ولا يشعر، كما حدث بالفعل مع نسوة سيدنا يوسف (عليه السلام).وقد قص القرآن الكريم علينا في قوله تعالى فلما سمعت بمكرهن أرسلت اليهن واعتدت لهن متكاً وآتت كل وأحدة منهن سكيناً، وقالت أخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشا لله ماهذا بشراً ان هذا الا ملك كريم ) فاذا كان الاستغراق في المعصية جعل النسوة يقطعن أيديهن بغير شعور فكيف يكون الاستغراق في الطاعة؟
ليعلم أهل البلاء أن الله أختارهم لرفع درجاتهم ، وليعلم كل مصاب أن الله قد جعل في بلائه كفارة لما مضى من ذنوبه ، أو موعظة لمايستقبل به من ذنوبه أو موعظة لما يستقبل به من حياته كما جاء في المسند وسنن أبو داود عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ( ان المؤمن اذا اصابه سقم ثم عافاه الله منه كان كفارة لما مضى من ذنوبه ، وهو موعظة له في مايستقبل من عمره ، وان المنافق اذا مرض وعوفي كان كالبعير عقله أهله واطلقوه لايدري بما أطلقوه)
وقد يصير الصحيح مريضاً والغني فقيراً والفارغ من الهموم مهموماً،
لذلك واجب على كل انسان أن يغتنم الفرصة سواء كانت عافية أم بلاء
أن يجعلها في طاعة الله تعالى
ويسلموا على الموضوع
|