كاتب الموضوع :
darla
المنتدى :
الارشيف
تاريخ السعوديه وما هو اليوم الوطني
في اليوم الحادي عشر من شهر رمضان 1428هـ تحل الذكرى السادسة والسبعون ليومنا الوطني المجيد.. ففي مثل هذا اليوم من عام 1351هـ 1932م سجل التاريخ مولد المملكة العربية السعودية بعد ملحمة البطولة التي قادها المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - على مدى اثنين وثلاثين عاماً بعد استرداده لمدينة الرياض عاصمة ملك أجداده وآبائه في الخامس من شهر شوال عام 1319هـ الموافق 15 يناير 1902
وفي 17 جمادى الأولى 1351هـ صدر مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة تحت اسم المملكة العربية السعودية، واختار الملك عبدالعزيز يوم الخميس الموافق 21 جمادى الأولى من نفس العام الموافق 23 سبتمبر 1932م يوماً لإعلان قيام المملكة العربية السعودية.وفي 17 جمادى الأولى 3511هـ صدر مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة في اسم واحد هو "المملكة العربية السعودية" وأن يصبح لقب الملك عبدالعـــزيز "ملك المملكة العربية الســـعودية"، واختار جـــلالته في الأمر الملكي يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351هـ يوماً لإعلان توحيد المملكــة العربية السعودية وهو اليوم الوطني للمملكة.
واختارت الدولة السعودية في عهد الملك عبدالعزيز شعار الدولة الحالي "سيفان متقاطعان بينهما نخلة" أما العلم فأصبح لونه أخضر مستطيل الشكل تتوسطه شهادة التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله" باللون الأبيض وتحتها سيف باللون الأبيض.
ونظم الملك عبدالعزيز دولته الحديثة على أساس من التحديث والتطوير المعاصر، فوزع المسؤوليات في الدولة وأسس حكومة منطقة الحجاز بعد ضمها وأنشأ منصب النائب العام في الحجاز وأسند مهامه إلى ابنه الأمير فيصل وكان ذلك عام 1344هـ/1926م، كما أسند إليه رئاسة مجلس الشورى، وفي 19 شعبان 1350هـ الموافق 30 ديسمبر 1931م صدر نظام خاص بتأليف مجلس الوكلاء، وأنشأ الملك عبدالعزيز عدداً من الوزارات، وأقامت الدولة علاقات دبلوماسية وفق التمثيل السياسي الدولي المتعارف عليه رسمياً، وتم تعيين السفراء والقناصل والمفوضين والوزراء لهذه الغاية، كما اهتم الملك عبدالعزيز كثيراً بدعم القضية الفلسطينية، ولما تأسست جامعة الدول العربية في القاهرة عام 1365هـ1945/م كانت المملكة العربية السعودية من الدول المؤسسة.
ومن منجزات الملك عبدالعزيز تنفيذ أول مشروع من نوعه لتوطين البدو، فأسكنهم في هجر زراعية مستقرة وشكل منهم جيشاً متطوعاً يكون تحت يده عند الحاجة، كما عمل على تحسين وضع المملكة الاجتماعي والاقتصادي فوجه عناية واهتماماً بالتعليم بفتح المدارس والمعاهد وأرسل البعثات إلى الخارج وشجع طباعة الكتب خاصة الكتب العربية والإسلامية واهتم بالدعوة الإسلامية ومحاربة البدع والخرافات، وأنشأ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزودها بالإمكانات والصلاحيات، وأمر بتوسعة الحـــرم النبوي الشــريف، وقــــد شــــرع في ذلك عام 1370هـ/ 1951م، ووفر الماء والخـــدمات الطبيـــة والوقـائية لحجــــاج بيت الله الحرام.
وفي عام 1357هـ/1938م استخرج النفط بكميات تجارية في المنطقة الشرقية مما ساعد على ازدياد الثروة النقدية التي أسهمت في تطوير المملكة وتقدمها وازدهارها، وأنشئت مؤسسة النقد العربي السعودي بعد أن بدأت العملة السعودية تأخذ مكانها الطبيعي بين عملات الدول الأخرى، واشترت الدولة الآلات الزراعية ووزعتها على الفلاحين للنهوض بالزراعة. وأنشئت الطرق البرية المعبدة، ومد خط حديدي ليربط الرياض بالدمام، وربط البلاد بشبكة من المواصلات السلكية واللاسلكية، ووضع نواة الطيران المدني بإنشاء الخطوط الجوية العربية السعودية عام 1945م، ومد خط أنابيب النفط من الخليج إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط، وافتتحت الإذاعة السعودية عام 1368هـ/1949م، واهتم المؤسس - رحمه الله - بمحاربة المرض وتوفير الخدمات الصحية، فأنشئت المستشفيات والمراكز الصحية في مختلف مدن المملكة، ووضع نظام للجوازات السعودية وغيرها من المرافق العامة ذات الصلة بالمجتمع.
وهكذا أرسى القائد المؤسس قواعد دولته الفتية على أرض الجزيرة العربية مستمداً دستورها ومنهاجها من كتاب الله الكريم وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فبدل خوفها أمناً، وجهلها علماً، وفقرها رخاءً وازدهاراً.
شخصية الملك عبدالعزيز
لقد كان الملك عبدالعزيز وحيد زمانه فيما اتصف به من مقومات شخصية فذة، ويمكن إيجاز صفاته ومناقبه فيما يلي:
● كان مؤمناً عميق الإيمان، يعتمد على الله تعالى في كل أمر من أموره، ولا يسأل سواه فيما يتطلع إليه.
● كان يملك خبرة واسعة بشؤون دينه، فقد حفظ القرآن الكريم وكثيراً من الأحاديث النبوية الشريفة، وألم إلماماً واسعاً بالأحكام الشرعية ووضعها موضع التطبيق فيما أولاه الله من السلطان، وظل طوال حياته يجتمع كل ليلة مع العلماء والفقهاء حيث تُقرأ كتب العلوم الدينية ويدور الحديث حولها بينه وبين جلسائه.
● كان حكيماً يُعمل عقله في كل حركة من حركاته، ولكل خطوة عنده حساب دقيق، يقلب الأمور على وجوهها ثم يختار الطريق الذي يراه أفضل الطرق، ويكون اختياره في الأغلب هو الاختيار الصحيح.
● كان شجاعاً إلى درجة كبيرة، فلا يتردد في خوض المعارك إذا اضطر لها مهما كانت قوة خصمه وعدده وعدته.
● كان قائداً عسكرياً موهوباً يجيد رسم الخطط الحربية وتنفيذها، وكثيراً ما استعاد وقائع معركة جرت وتحقق له الانتصار فيها ليبين أخطاء خصمه وما كان يجب أن يفعل لينتصر عليه.
● كان خبيراً بالمجتمعات البدوية والحضرية في شبه الجزيرة العربية، وعلى خبرة واسعة بالقبائل وأنسابها بحيث يعرف قبيلة مخاطبه من أول جملة ينطق بها، ومن موقع هذه الخبرة كان يتعامل مع الناس حسب المجتمع الذي ينتسبون إليه بدوياً كان أم حضرياً.
● كان شديد التمسك بأحكام الدين، فلا يتهاون إزاءها ولا يهادن، و فيما عدا ذلك كان رقيق القلب مرهف الإحساس.
● كان اهتمامه يشمل الجميع، والناس أمامه سواسية حتى يبلغ الحق مستقره.
وفــــاتــه
في الثاني من ربيع الأول عام 1373هـ الموافق 9 نوفمبر 1953م انتقل الملك عبدالعزيز إلى رحمة الله راضياً مرضياً بعد جهاد طويل كان له بالغ الأثر في التاريخ الإسلامي والعربي، وبعد أن أقام دولته الإسلامية العصرية التي تأخذ بكل نافع ومفيد من إنجازات العصر ضمن حدود شريعة الله واستهدافاً لخدمة دين الله وخدمة المسلمين في كل مكان.
في ذكرى اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، هذة تهنئة صادقة إلى أبناء الشعب السعودي. واليوم والمملكة حكومة وشعباً تحتفل بالذكرى الثانية والسبعين لتوحيد وإعلان قيام المملكة العربية السعودية في مثل هذا اليوم من عام 1932م لا أريد أن أتحدث عن الإنجازات التي تتحدث عن نفسها. ولكنه لا يسعنا إلا نقف وقفة صادقة مع الذات لنتناول بالرصد والتحليل أهم العقبات والتحديات التي تواجه المملكة على كافة الصعد الأمنية والسياسية والاقتصادية، ووضع تصورات عملية لكيفية تخطي العقبات ومواجهة التحديات لما فيه خير الوطن والمواطن.
تواجه المملكة تحديا أمنيا لا سابقة له يتمثل بعدو الداخل وبظاهرة الإرهاب الذي أمسى ضحيته جميع أفراد المجتمع دون استثناء. ورغم عظمة وشراسة التحدي الذي تمثل في عدد من الاعتداءات الإرهابية حدثت خلال الأشهر القليلة الماضية، فإن التعامل مع هذه الظاهرة الجديدة على المجتمع قد أنجز بعض النجاحات الملحوظة.
ولكن التحدي الحقيقي القادم أمام الدولة خلال السنوات القادمة سيكون محورة الاعتراف بأن الإرهاب "ظاهرة" وربما نتيجة مباشره لعوامل غير طبيعية تكمن في المجتمع السعودي من الواجب الغور في جذورها ومحاولة إصلاح العطب. فهناك على ما يبدو، وبعد مرور عقود زمنية طويلة على تأسيس الدولة، فئة قليلة من الشباب السعودي تشعر أنها مهمشة وتعيش داخل الدولة جسديا ولكنها خارج مجتمع الدولة فكريا وعقائديا.
وليس من الحكمة الاستهانة بقدرات هذه القلة العددية. فالأعمال الإرهابية لا تحتاج لجيوش مؤلفة من الآلاف من الشباب. بل كل ما تحتاجه هو قلة قليلة من الشباب المضلل تستطيع بفعلها إقلاق المجتمع وزعزعة أمن المواطن واستقرار الدولة. ومعالجة هذه الأزمة لا تتم بالوسائل الأمنية لوحدها، رغم أن الوسائل الأمنية تعد عنصرا أساسيا في إستراتيجية التعامل مع الخطر وهي معالجة تتميز بالآنية والمحدودية. وتبقى المعالجة الجذرية في محاولة فهم أسباب شعور هذه الفئة بأنها لم تعد جزء من المجتمع والدولة السعودية وهو شعور "الاغتراب"، لذا قامت بتبرير عمليات لا تعد دينية أو أخلاقية بدافع الإيمان بوجوب مهاجمة المجتمع والدولة التي لم يعدوا يمتلكون سهما في استقرارها أو رخائها. ومهما عظمت جرائم هذه الفئة من الشباب السعودي فان استمرار محاولة احتواء عامل الاغتراب والتعامل الجدي لحل ألازمات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بخطط مدروسة وبعيدة المدى يبقى ضرورة لمحاربة هذه الفئة اليوم، والأمر الأهم هو دون معالجة هذا الأمر اليوم فإن الأزمات لا تحل نفسها.
على صعيد السياسية الدولية وخصوصا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر والتوتر الذي شهدته العلاقات السعودية – الأمريكية لم يعد خافيا أن المملكة تحتاج إلى إعادة النظر في علاقاتها مع أمريكا بشكل تستعيد فيه هذه العلاقات توازنها وما اتسمت به من روح التعاون والتنسيق لخدمة القضايا الإنسانية والسلام العالمي.
أما على الصعيد الإقليمي، فإن أحداث العراق المؤلمة وما تتعرض له إيران من ضغوط خارجية وتدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة تستدعي بذل المزيد من الجهود لعودة الأمن والاستقرار لمنطقة الخليج. وقد أخطأ من ظن أن الأحداث التي تشهدها المنطقة ستبقى محصورة في إطارها الجغرافي المحدود. إن نظرة سريعة على وتيرة الأحداث الإرهابية داخل المملكة تؤكد أن العنف قابل للانتشار وعابر للحدود.
أما الوضع الداخلي وما يشهده من تحديات لا يقل أهمية وخطورة عن الأوضاع الإقليمية والدولية وما أفرزته من توتر في العلاقات. فالخطوات التي أعتمدها النظام في مجال الإصلاح السياسي وحرية التعبير والانتخابات البلدية هي خطوات ما هي إلا أول الغيث الذي يبشر بفجر جديد.
أما التحدي القديم الجديد فيبقى تنويع مصادر الدخل القومي والتوسع في القطاعات غير النفطية وتشجيع القطاع الخاص وخفض الدين العام بشكل يدفع بعجلة الاقتصاد لتوفير المزيد من الوظائف للأعداد المتزايدة من الخريجين وغيرهم الذين يعانون من البطالة.
أما عن دور المملكة في استقرار أسواق النفط والاقتصاد العالمي فقد عاد ليتصدر قائمة الاهتمام العالمي، الأمر الذي يعود بالفائدة على اقتصاد المملكة ومساعدتها في خفض الدين العام ولكنه في نفس الوقت يلقي بأعباء جديدة على كاهل المملكة للاضطلاع بمسئولياتها المتمثلة بإيجاد معادلة متوازنة تحفظ حقوق المنتجين والمستهلكين.
ونحن نحتفل اليوم بالعيد الثاني والسبعون على ولادة أهم وأكبر تجربة وحدوية في التاريخ العربي والإقليمي المعاصر نقف أمام حقيقة صلابة بناء الدولة وعمق وحدتها الوطنية, لسنا بصدد الحديث عن الإنجازات أو الإشادة بالمعجزة التي تجسدت على ارض الواقع، ولكن حرصنا على تقدم وازدهار الدولة والمجتمع السعودي ومواجه الحقائق يبقى أسمى ما يطمح إليه كل مواطن غيور على وطنه.
شكرا على الموضوع الرئع
|