كاتب الموضوع :
darla
المنتدى :
الارشيف
اسفي بقايا التاريخ على ايقاعات العيطة
ارتبطت مدينة اسفي في اذهان المغاربة بمراكب السمك وفن العيطة والمواد الكيماوية , فالمدينة التي احتضنت
الفينيقيين وهاجمها البرتغاليون , عرفت مراحل ازدهار متفرقة قبل ان تسقط في براثن ازمتها الحالية .
فمراكب السمك قل عددها , والمواد الكيماوية التي ساهمت في ازدهار المدينة اصبحت مصدر حنق السكان الذين يتحلقون في شهر غشت من كل سنة في ساحات المدينة من اجل نسيان همومهم وهم يستمعون لفن العيطة الذي يعكس جوانب من تاريخ المنطقة ويتغنى بمجدها الغابر.
كانت مدينة اسفي تسمى (اكرة) وربما اشار اسم (اكرة) او (عكرة) الى مرور الفينيقيين بالمنطقة وهم الذين وصلوا الى خليج غينيا فاطلقوا اسم (اكرة) على مرسى (غانا) وذلك انطلاقا من الاسم الذي اعطاه الكنعانيون العرب لاحدى مراسي فلسطين وهي (عكرة) او (عكة) ولعل لتسمية المدبنة بعد الاسلام ب(اسفي) علاقة بدار السلام (بغداد) عاصمة الاسلام انذاك حيث تبنى المغرب اسم احدى عواصمها وهي (البصرة) فاطلقها على مدينة عرفت ببصرة الكتان , تقع على بعد حوالي 18 كلم من سوق اربعاء الغرب شرقا , وهكذا فمن المحتمل تكون هناك علاقة بين (اسفي) المغربية ومدينة (اسيف) التي توجد قرب بغداد ومنها ابو الحسن البصري الاسفي , حسب ماذكره المؤرخ عبد العزيز بنعبد الله. وقد تكون سهول ما بين ابي رقراق ونهر (تنسيفت) في العصر الكمبري اي منذ مابين (500) و (570) مليون سنة حسب الجيولوجيين. وقد اكتشف بالمغرب صنف يشبه (رجل النيانديرتال) هو عبارة عن جمجمتين عثر عليهما عام 1962 في جبل (ايرهود) على بعد (70) كلم شرقي اسفي وهذا الكشف هام جدا لانه يمثل النمودج الوحيد للرجل النيانديرتالي بالشمال الافريقي عرف لحد الان.
احتل البرتغاليون اسفي مع البريجة و اكادير و الصويرة حوالي (1481م) قبل ماسة عام (1497م) وقد نوه ايمانويل باستبسال اهل اسفي في الدفاع عن مدينتهم الصغيرة رغم خلوها من الحامية ولولا الحصار الطويل المعزز بحرا باسطول لما احتلوها وبعد جلاء المسلمين عنها اعادوا الكرة عليها عند مرور ثلاث سنوات فقتلوا قواد العسكر وزعماءهم وظل الصراع متواصلا الى ان اضطر البرتغال للجلاء عنها بعد نحو ثلاث وعشرين سنة.
ويذكر المؤرخون المغاربة ان البرتغاليين خرجوا منها وانتقلوا الى الجديدة الا ان المؤرخين البرتغاليين يلاحظون انها بقيت خربة اثنتي عشرة سنة الى ان اصلحها محمد الشيخ السعدي.
وقد تحولت اسفي بعد ذلك الى ميناء تجاري ساهم في تنشيط اقتصاد المنطقة كما استقبلت المدينة التجار من مختلف مناطق العالم مما اعطى لمينائها شهرة كبيرة.
واذا كانت المدينة قد عرفت تطورا مهما مرتبطا بتصدير المواد الكيماوية, فان سكانها يشتكون من الاثار الجانبية لهذه المواد و التي تسببت حسب البعض في انخفاض الثروة السمكية و في انتشار الامراض.
الخزف
يتميز فخار اسفي بطابعه الخاص من حيت الاشكال والالوان والرسوم, ومعروف ان الطين هنا يتميز باحتوائه على نسبة كبيرة من اوكسيد الحديد , الامر الذي يجعل بعض الالوان تناسبه وحده دون سواه , اضافة الى ان تقنية التصنيع تختلف من مدينة الى اخرى حسب طبيعة الطين .وبالرغم من ان بعض المتتبعين لاحظوا استعمال صناع المنطقة للالات الحديثة فان هناك بعض الادوات التقليدية التي يجب ان تظل تراثية مثل ادوات الرسم, لكن الالات و الادوات الاخرى يمكن ان لا تسئ الى الصناعة مثل استخدام افران كهربائية وغازية والحق ان هذه الافران الحديثة مفيدة جدا للفخار لكونها تمكن من التحكم في درجة حرارة التي تمكن بدورها عن التحكم في لون القطعة الخزفية , ذلك ان الاوكسيدات التي تحتوي عليها تتخد لونا معينا عند درجة حرارة معينة.
العيطة
تنظم وزارة الثقافة سنويا بتعاون مع السلطات المحلية الحضرية مهرجان العيطة و الذي تشارك فيه مجموعات وفرق من فن العيطة من مختلف اقاليم المغرب التي ترعرع و تجدر فيها هذا الفن .
والهذف من تنظيم هذا المهرجان هو العناية بهذا الفن وتوثيقه والحفاظ عليه وحمايته, وتشجيع الفرق التي تهتم به خاصة فرق الشيوخ منها, وذلك بتحفيزها على العطاء والاستمرار مع الاعتراف بخدمات الشيوخ ورموز هذا الفن وتكريمهم والاخد بيدهم وحثهم على تكوين الشباب وتلقينه اصول واساليب هذا الفن ,والتعريف بهذا الفن واشاعته في الاوساط والارجاء التي لازالت لا تعرف عنه الكثير.
ارتبط صيت فن العيطة بامتداد السهول الوسطى للساحل الاطلسي (الشاوية وعبدة ودكالة بالاساس) ومرورا على بعض المناطق المجاورة كالحوز وزعير بالخصوص.
وفن العيطة في مفهومه الاصلي والقديم يعني النداء, اي نداء القبيلة والاستنجاد بالسلف لتحريك واستنهاض همم الرجال واستحضار واستدعاء ملكة الشعر والغناء.
وتعتبر اصلاحا مجموعة من المقاطع الغنائية والفواصل الموسيقية الايقاعية في منظومة تختلف عناصرها باختلاف انواع وانماط العيطة نفسها وصنف العارفون والمهتمون هذا الفن الى ثلاثة اشكال : المرساوي والحوزي والملالي.
الا ان الابحاث الحديثة اقرت بوجود فروع اخرى منها ماهو اساسي كالحصباوي والزعري ومنها ما هو فرعي كالخريبكي والورديغي والجيلالي والساكن.
يستقي شيوخ ونظام العيطة مواضيعهم من الحياة الاجتماعية للانسان المغربي وغالبا ما تتناول قصائدهم العشق والمتعة والذم والتغني بالجمال وبالطبيعة.
المتحف
احدث المتحف الوطني للخزف باسفي في موقع القصبة التي يرجع بناؤها في الراجح الى العهد الموحدي هذا الموقع الاستراتيجي اتخده البرتغاليون مقرا لهم عند احتلال مدينة اسفي (1508~1541) و شيدوا به الحصن الكبير الذي لا يزال يحمل نقيشة شعار الملك البرتغالي ايمانويل.
خلال العهد السعدي جهز السلطان المولى زيدان القصبة بمجموعة من المواقع (تمثل اليوم نمادج فريدة من فن النهضة, وهي مؤرخة وممضاة من طرف صانعها الهولندي وتحمل طابع المولى زيدان).
منذ القرن 18 اصبحت مكانا لاقامة الملوك والامراء العلويين, خلال عهد الحماية اتخده الفرنسيون مقرا للحاكم المدني,وبعد الاستقلال اتخده مقرا لعدة ادارات ليحتضن سنة 1990 متحفا وطنيا للخزف.
تنقسم المعارض التي يضمها متحف الخزف الى اربع وحدات: الخزف الاخضر وخزف فاس و مكناس وخزف اسفي والخزف الحديث.
للاشارة فقد تم تصنيف عدة اثار بالمدينة ضمن التراث الوطني ومنها : حي الخزف باسفي و ثكنة اسفي واسوار اسفي والكنيسة البرتغالية ومنطقة الحماية حول قصر البرتغالي والبقايا الاثرية للكنيسة البرتغالية بدرب سيدي عبد الكريم ومسجد سيدي شيكر وضريحي سيدي شيكر وسيدي دحمان وقصبة ايير ودار سي عيسى.
|