كاتب الموضوع :
ورده قايين
المنتدى :
كتب التربية و الفنون و المجلات
عدم الأخذ بالتعليمات
خرج سمير وممدوح في نزهة عائلية مع أسرتهما إلى الحديقة التي تعودا الخروج إليها في عطلة نهاية الأسبوع، واعتاد الأخوان (سمير وممدوح) على استغلال كل الوقت في ممارسة هوايتهما المفضلة وهي (سباق الدراجات ولعب الكرة).
كان ذلك في أحد أيام فصل الربيع ذات الجو المعتدل، وحينها كان الجو جميلا وكانت السماء متلبدة بالغيوم.
بعد أن ارتاح الجميع وتناولوا طعام الغداء الذي أعدته أم سمير خصيصا لهذه النزهة، غط الجميع في نوم عميق إلى أن أذن لصلاة العصر، وبعد أن أدى الجميع الصلاة اقترح ممدوح على أخيه أن يبدآ بلعب الكرة.
ذهب سمير وممدوح إلى ملعب كرة القدم في الحديقة، وبعد أن أمضيا جزءا يسيرا من الوقت في اللعب، قذف سمير الكرة بقوة جعلتها تقفز إلى أعلى إحدى الأشجار المجاورة لهما.
هم ممدوح بتسلق الشجرة لإنزال الكرة العالقة، ونبهه أخوه الأكبر قائلا: احذر فإن تسلق الأشجار ممنوع، وبإمكاننا الاستعانة بأحد عمال النظافة في الحديقة.
لم يأبه ممدوح للتحذير، وواصل الصعود إلى أعلى الشجرة حيث الكرة، وأخذ يسير رويدا على الغصن الذي تقع الكرة على طرفه، ففقد توازنه وسقط على الأرض.
صاح سمير أبي أبي، جاء الأب يجري، وحمل ممدوحا إلى المستشفى، وأجريت له بعض العلاجات وأخذ بعض الأدوية المهدئة، والتفت إلى أخيه الأكبر وهو يقول: إياك ثم إياك من عدم الأخذ بالتعليمات، نظر إليه والده وقال: لقد كان درسا قاسيا ياممدوح أليس كذلك؟ قال: نعم يا أبي، لن أخالف التعلميات بعد اليوم أبدا.
كان أحد الديوك يعيش مع ثلاث دجاجات، في ركن صغير أمام أحد البيوت، وكان دائماً يتباهى بصوته العالي، وبسيطرته على الدجاجات، ويقول لهن:
أيتها الدجاجات الضعيفات، إن صوتي أفضل وأجمل من أصواتكن، وأنا أقوى منكن جميعاً، ويصيح على مسامعهن عدة مرات ثم ينظر إليهن باحتقار، أما الدجاجات فبقين ساكتات خوفا من بطشه بهن. وفي أحد الأيام، رأى الديك باب البيت مفتوحا، فدخل بخطوات مترددة، ونظر حوله فلم ير أحدا، ثم تقدم نحو إحدى الغرف، وقبل أن يصل إلى بابها، رأى صاحبة البيت وفي يدها سكين، تفرم بها الخضار، فخاف من منظر السكين اللامعة، ورجع إلى الوراء مرتجفا، وقلبه يدق دقات سريعة، فأحس بشيء من الاطمئنان لأن المرأة لم تلاحظ وجوده، وفكر بالخروج من البيت، لكنه لم يعرف من أي الأبواب دخل، وفي أثناء بحثه عن الباب الرئيسي وجد نفسه في غرفة فيها ديك آخر.
فتح الديك الأول فمه، وأراد أن يسأل الديك الآخر عن سبب وجوده في هذا المكان، وإذا به يفتح فمه هو أيضا.
اقترب منه قليلا، فاقترب الآخر كذلك، وبقي في حالة خوف من هذا الديك الذي يتحداه، إلى أن عرف أن ما يراه ليس سوى صورة له في المرآة. عرف ذلك، عندما رأى كل شيء في الغرفة له صورة مشابهة في المرآة.
واقترب الديك من المرآة حتى كاد منقاره يصطدم بها، ونظر إلى صورته بإعجاب شديد وقال:
ليس صوتي فقط هو الأجمل والأفضل من أصوات الدجاجات، وإنما ألواني الحمراء والخضراء والبنفسجية، أجمل من ألوانهن، كما أن هذا العرف الذي فوق رأسي، ليس للدجاجات مثله.
ورجع الديك إلى الوراء، فابتعد عن المرآة وهو مسرور بألوانه وعرفه وصوته، وأخذ يبحث عن باب البيت الرئيسي حتى وجده.
صاح ثلاث صيحات متتاليات، قبل أن يصل إلى الدجاجات، وعندما اقترب منهن كان الفرح يطل من عينيه وقال:
أيتها الدجاجات الضعيفات القبيحات، ليس صوتي هو الأجمل والأفضل من أصواتكن، وإنما هذا العرف الذي يزين رأسي، وهذه الألوان الزاهية أيضا. انظرن أيتها القبيحات، كم أنا جميل!
وصار الديك يمشي أمام الدجاجات، متباهيا بصوته وألوانه وعرفه، وأشعة الشمس تجعل ريشه يزداد لمعاناً.
وفجأة، رأي الديك عيون الدجاجات تنظر إليه بشفقة وذعر، وفجأة أيضا، رأى الديك نفسه ممسوكا من جناحيه بيد صاحبة البيت، والسكين في يدها الأخرى تلمع لمعانا مرعبا تحت الشمس.
هتف الديك قائلاً:
ماذا تريدين مني أيتها السيدة؟
قالت له المرأة بسخرية:
أريد أن اشرب معك فنجان قهوة!
ثم أضافت:
لا أريد منك شيئاً سوى لحمك كي أطبخه مع الخضار، وريشك كي أضعه في الوسائد.
أيتها السيدة الطبيبة، انظري إلى هؤلاء الدجاجات، إنهن غير جميلات، فاذبحي واحدة منهن، أما أنا فصوتي جميل وعرفي يزين رأسي، وريشي متعدد الألوان.
لم يؤثر كلامه في المرأة كثيرا، سوى أنها قالت وهي تتجه به نحو المطبخ:
الدجاجة تبيض فنستفيد منها، أما أنت فلا نستفيد من صوتك وعرفك وألوانك، سوى مرة واحدة، عندما نمضغ لحمك، وننام فوق الوسائد المحشوة من ريشك.
|