كاتب الموضوع :
^RAYAHEEN^
المنتدى :
الارشيف
-7-
إنه كمين مريع ..
و ( درنشر ) يتقدم بالخنجر نحو ( زكي ) .. المشعل في يد والخنجر في الأخرى ، وهو يضحك في جنون .. ويأتي بحركات ( تشريط ) أو Slashing كما لا اجد وصفا آخر .. ضربات هستيرية ترسم أقواسا في الهواء .. لا بد ان تصيب واحدة منها بطن ( زكي ) ..
هكذا تراجع للوراء محاذرا ..
إن اليهودي مخبول فعلا .. إنه لا يكف عن الضحك كانه يمزح .. كأنها دعابة لطيفة يغيظ بها صديقا ..
إذن لم تكن كل الهياكل العظمية تخص النازيين .. بعضها كان يخص حمقى آخرين أرادوا شراء الكتاب .. لو هلك هو ( زكي ) الآن فلن يجده حد ، ولن يستطيع البروفسور ( هاتون ) أن يثبت شيئا . فقط قبل ان يتبين اختفاؤه يتجه ( درنشر ) إلى المصرف ويصرف الشيك أو يكلف أحدهم بذلك .
هجمة أخرى مريعة ..
في هذه المرة تراجع اكثر فسقط على الأرض ..
آلمه ظهره من جراء السقطة ، لكنه ادرك انه تعثر في ( فيتز ) البدين .. النازي الذي كان اكثر نازية من ( هتلر ) .ز جوار يد ( فريتز ) المتحللة كان ذلك المسدس الذي بخع به نفسه يوما منذ ثلاثين عاما ..
مسدس عتيق الماني .. مسدس عتيق ألمــ ..
وقبضت يده على المسدس .. ترى هل يعمل ؟ هل ما زال صالحا بعد هذه الاعوام ؟ هل هو محشو .. لا بد انه كذلك .. هذا مسدس ضابط الماني اثناء الحرب ..
لم يكن قد اطلق أي سلاح ناري من قبل .. إنه لم يلتحق بالجيش بسبب ضعف بصره .. لكن الضرورات تبيح المحظورات .. وهذا الوغد المجنون قادم نحوه وهو يطلق الضحكات ولا يكف عن طعن الهواء ، حتى ان الهواء راح ينزف بغزارة ..
صوب نحو صدر الرجل .. ضغط على الزناد .. لدا له انه لن يتحرك ابدا .. ثم لان فجأة ..
كان الصوت عاليا الى حد لا يصدق .. لم يتصور قط انه يحدث كل هذا الصخب .ز لقد تساقط الغبار من سقف الحجرة وبدا ان الصدى لن يتوقف ابدا .. إنها الطلقة الاولى التي تسمع هنا منذ نسف ( فريتز ) راسه منذ ثلاثين عاما ..
لكن الرجل كان قادما وهو لا يكف عن طعن الهواء .. هكذا وجه المسدس من جديد ، وضغط على الزناد ثانية ..
في هذه المرة حدث شيء ..
لقد طار الرجل في الهواء ليسقط على ظهره على بعد مترين .. وهمدت حركته تماما .. المشعل الوهاج بجواره على الأرض ..
نهض ( زكي ) واتجه نحو الرجل الراقد .. لم يرد ان يجازف ، لذا اطلق طلقة أخرى في الموضع ذاته ..
فكر في ان يسترد الشيك لكنه لم يجسر على لمس الرجل .. كان ملوثا بالموت وأية لمسة يمكن ان تنقل لك العدوى .. هذه من قوانين ( التابو Taboo ) الشهيرة ..
هكذا غادر الغرفة الرهيبة .. مشى في الممر حتى خرج من الباب إياه .. هناك درجات تقود لأعلى .. ثم فتحة صغيرة في السقف يمكنك ان تخرج منها لتجد انك في ممر آخر ..
تنظر لقدميك فلا ترى الفتحة التي خرجت منها لأنها مغطاة بذات نوع الصخور التي على الأرضية ..
الآن يرى ممرا آخر قاده الى خارج الكهف .. واستطاع ان يفهم سبب سرية المكان .. إنه موصد ببوابة حديدية عليها إنذار من البلدية لأن هذا الكهف خطر وممنوع دخوله .. طبعا هم لا يعرفون ان هناك مقرا كاملا للنازيين تحت أقدامهم .. لم يحاول غلق البوابة التي ثبت عليها جنزير حديدي ثقيل ، لانه خشى ان يضطر الى العودة لسبب ما ..
لكنه لن يعود لأي سبب ..
هذه منطقة أقرب الى سفح جبل تحيط به الأشجار الكثيفة .. السيارة العتيقة واقفة هناك ، ويبدو انها قطعت طريقا متعرجا مرهقا غير ممهد . قلبه يتواثب كطبل في صدره .. المفاتيح ! ماذا عن المفاتيح ! لن يعود لتفتيش جيوب الجثة .. ابدا .
نظر داخل السيارة فرأى المفاتيح معلقة .. حمدا لله ! كان ( درنشر ) مطمئنا تماما الى ان المنطقة قفر ..
كان يلبس القفازين عند قدومه ، لذا اعاد لبسهما وادار المحرك .. كان عسير التشغيل .. طبعا .. لا بد من هذا . . السيارات لا تعمل ابدا عندما يكون الغرض منها هو الهرب .. سوف تظل عنيدة الى ان يأتي أحدهم ويدخل رأسه من النافذة .. شبح الرجل ؟ لا .. ليس بهذه السرعة ..
حاول عدة مرات .. جرب أكثر الحيل التي يعرفها . في النهاية استجاب المحرك .. وتصاعد الهدير المحبب للنفس ..
وانطلق ( زكي ) بالسيارة .. تجربة طريفة هي .. أن تقود سيارة رجل قتلته في منطقة لا تعرفها في ( سالزبورج ) وفي جيبك كتاب شيطاني مجلد بجلد الموتى !
أي كابوس هذا !
يمشي بالسيارة فوق الآثار التي رآها من قبل .. في النهاية يرى طريقا ممهدا ..
هكذا راح يمشي على غير هدى .. يقرأ اسماء عل لافتات تتحدث عن قرى لا يعرف عنها أي شيء ..
في النهاية راى ما كان يبحث عنه .. الفلاح النمساوي العجوز ذا الشارب الكث الذي ينقل تبنا الى عربة صغيرة تقف الى جوار الطريق .. هكذا سال الرجل عن الطريق فأرشده .. وقد ضل طريقه عدة مرات حتى انه تعجب من عبقرية الرجل الذي استطاع المشي في هذه المتاهة ( الكريتانية ) ..
قاد السيارة حتى اقترب من المدينة نوعا ثم وجد مجموعة من الأشجار فقادها الى هناك وتركها ..
ثم عاد راجلا .. وكان معنى هذا ان يمشي ساعة ..
كان يعرف ان الشرطة ستجد السيارة .. لكنهم لن يجدوا الرجل .. لن يجدوا بصمات ..
عامة لا يوجد أي شيء يربطه بـ درنشر ) إلا ان يكون الرجل ثرثارا أخبر زوجته او أصدقاءه بوجهته قبل التحرك .. أو ان يكون موظفوا الفندق قد تذكروا وجه الرجل جيدا .. هذا صعب لأنه مشغولون جدا دعك من ان احدا لن يسألهم ..
الأهم هو ان مهمته العلمية قد انتهت .. سوف يكون في مصر بعد يومين ..
وللمرة الأولى بدأ يشعر بالحنين لمصر .. لقريته .. لأصدقائه ..
لقد شفاه كتاب ( نيكرونوميكون ) من عقدة الخواجة للأبد .. وهذا يعني ان للكتاب قدرات خارقة برغم كل شيء ..
***
- " لا اعرف السبب لكنك تغيرت .. "
قالتها ( جابي ) وهما يقفان على ضفة نهر ( سالتساخ ) متقاربي الرأسين .. لكنه لم يرتبك .. من الطبيعي ان يتغير وقد حانت ساعة الفراق .. إنه نوع من ( انتحال العاطفة ) كما يضع الممثلون القطرة ليجيدوا في مشاهد البكاء ، او كما يجلس المرء حزينا مهموما في سرادق العزاء لأن فريق الأهلي خسر الكأس في مباراته الأخيرة ..
قال لها :
- " عندما يفارق المرء أجمل وأرق فتاة عرفها لا تتوقعي ان يرقص طربا "
تعانقت اناملهما وادرك انها تحبه حقا .. ما لم تكن تنتحل العاطفة بدورها ..
قال لها بصوت رخيم :
- " انت في وجداني دائما .. لا اعرف ان كنت ساحصل على الطلاق ام لا لكني ساحاول جاهدا .."
- " خذ وقتك .. من يدري ؟ ربما ازور مصر هذا العام !"
اراد ان يصرخ ( كله إلا هذا ) ثم ابتلع لسانه .. لو جاءت لكانت فضيحة ..
لكنه يحبها بالفعل .. وسوف يتزوجها في أقرب فرصة .. لكنه لن يقيم معها في مصر .. لا يريد ان يراها بلا خلفية من القصور القديمة والغابات وموسيقا ( موتسارت ) .. لا يتصور ان تكون خلفية صورتها هي ( باب اللوق ) أو ( العتبة ) .. سيقيم معها في ( النمســ .. ) . .النمسا ! لقد صارت ملطخة للأبد بهذه الذكرى الرهيبة .. لن يقدر على الحياة هنا ابدا .. والأسوأ انه يشعر بأن الشرطة تلاحقه .. سوف تحيط به الف سيارة في أية لحظة ويخرج رجال الشرطة المخيفون الذين لم يتخلصوا بعد من طقوس ( الجستابو ) ..
ربما بلد ثالث ؟ لا يعرف ..
المهم مؤقتا يجب ان يرى مصر وقريته .. بعدها يعرف ما يجب عمله ..
جلس في السنترال يحاول طلب الرقم للمرة الألف ..
كان قد أصيب باكتئاب مزمن ، ولم يعد يطيق أي شيء ، حتى انه تساءل عما اذا كان احسن صنعا برحلة النمسا هذه .. كان يتشاجر مئات المرات يوميا ..ويصيبه الذهول من كم الزحام والبيروقراطية وصعوبة عمل أي شيء .. حتى ركوب سيارة أجرة عمل معقد يحتاج الى تخطيط وحظ حسن ..
لكنه كان يريد إتمام هذه المكالمة ..
لا بد ان يعرف من ( هاتون ) ما يجب عمله بهذا الكتاب الرهيب الذي يحتل حقيبة من حقائبه .. هذه الحقيبة صارت رمزا في حد ذاتها ..نوعا من ( التابو .. ثم زحف ( التابو ) ليشمل غرفة المكتب ذاتها .. وسوف يزحف ليحتل الشقة كلها ..
يجب الخلاص من هذا الكتاب اللعين بأي ثمن .. كتاب مليء بالسحر الأسود ، تم تجليده بجلد الموتى ، وقد اقتضى الحصول عليه ان يرتكب جريمة قتل !
إنه الشؤم ذاته لو كان للشؤم وزن .. ولولا احترامه لأستاذه لتخلص من هذا الكتاب في المرحاض مع شد السيفون ، ثم سكب زجاجة كاملة من حمض ( الكاربوليك ) للتطهير ..
- " الأخ الذي يريد الاتصال بانجلترا ! كابينة 3 "
دوى صوت الموظف عبر مكبر الصوت .. فهرع الى الكابينة .. كانت هذه هي طريقة الاتصال بالخارج أو بمحافظة أخرى في تلك الأيام .ز اغلق الباب الزجاجي عليه وانتظر حتى جاء صوت الجرس ثم سمع صوتا بريطانيا وقورا يسأل عما هنالك ..
- " البروفسور ( هاتون ) من فضلك ؟
قال الصوت بلهجة اكسفوردية عظيمة جدا لا تخرج إلا من فم تشريحه بريطاني :
- " أخشى يا سيدي ان سيدي البروفسور قد توفي منذ أسبوعين .. اخشى انها نوبة قلبية لو كان لي ان اقول هذا .. انا رئيس الخدم .. هل يرغب سيدي في الحديث الى ارملة سيدي .. مسز ( هاتون ) ؟ !
|