كاتب الموضوع :
^RAYAHEEN^
المنتدى :
الارشيف
للاسف في عدد من الصفات المفقودة في هذا الفصل فقط لذا قد تجدونني اقفز من حدث لحدث بشكل سريع .
لا بد ان السبب عائد الى طباعة الكتاب ـ فقد تم حذف الصفحات من جميع النسخ الخاصة بهذه الرواية .
ولسبب ما لم يكن يستعيدها إلا وهي جالسة على الارض تلف اصابع ( المحشي ) .. محشي الكرنب الذي يترك رائحة سلق كريهة في البيت ، مع تخمة تدوم حتى المساء . بشعرها المنكوش جالسة على جريدة فرشتها في الصالة امام المطبخ ... البصل يجعل انفها يسيل فتمسحه من حين لآخر في كمها وقد صارت عيناها بلون الطماطم ... وعيناها على التلفزيون في نهم لتعرف ما إذا كان ( أحمد رمزي ) يعود الى ( لبنى عبدالعزيز ) أم لا ...
يحدثها عن دراسته فتتكلم عن الطماطم .. يحدثها عن الشعر اللاتيني فتحدثه عن أم ( وفاء ) التي تحقد عليها ، وتلتمس لها الاخطاء .. هذه امراة لا تعرف ( فيرجيل ) ولا يهمها ان تعرف أي شيء عن ( فردريك الثاني ) ولا ترتجف لدى سماع المذبحة التي قضى على ( رومانوف ) ..
صحيح انها زوجة باسلة .. صحيح انها تحفظ بيته وترعى أطفاله .. صحيح انه لم ياكل الا الأفضل ولم يلبس الا الافضل .. صحيح انها تدبر مصاريف البيت سواء كان معه جنيه او الف .. لكنه لا يستطيع ان يبعد عن ذهنه وجه ( جابي ) القسيم .. عيناها الذكيتان .. لو ان لأوروبا وجها لكانت هي ( جابي ) .. والاجمل انها لا تبدي على الاطلاق انها متضايقة من سنه المتقدم او قبحه .. تحدثه عن ( شتراوس ) فتحمله الى آفاق بعيدة ، وتتكلم عن ( نيتشه ) فيشعر بانه جالس معه . ثم تأخذه الى الكونشير لتسبح روحه مع ( باخ ) .. عندها لا يستطيع ان يزعم ان محشي الكرنب افضل ..
لقد أخطأ الطريق .. لو جاء هنا منذ عشرة اعوام لكانت ( جابي ) تدعى ( فراو عبدالرزاق ) ، ولكانت ( فاتن ) متزوجة من رجل يعشق محشي الكرنب . .
يعرف ما سيحدث حينما يعود لمصر .. لقد انتهت ( فاتن ) من حياته تماما ولن تعود .. سوف يغلق باب مكتبه عليه ويدرس ويكتب ويدرس ويكتب الى ان يموت .. لن يتبادل معها الا عشر كلمات على الأرجح بقية حياته .. لن يطلقها لان هذه خطوة تحتاج الى شجاعة كاسحة وهي لم ترتكب ذنبا يبرر هذا .. ذنبها الوحيد ان (جابي ) اجمل واروع واذكى وارشق والطف واسرع دعابة واكثر اناقة .. وانها نمساوية ..
وتنطلق السيارة عبر البلدة الجميلة متجهة الى ( اوشر هورن ) ..
في الواقع لم يكن ( زكي ) مهتما بالامر على الإطلاق ، لكنه تكليف من استاذه .. وهذا التكليف لا يمكن ان يمر دون توتر .. إن ( تشارلز هوتون ) رجل دقيق مهذب ، والى حد ما هو مدين له للأبد لأنه اجاز اطروحته بعد ما حسب انه سيموت دون ان يحصل عليها ... ثم ان ( زكي ) كان مصابا بعقدة ( الخواجة ) لهذا لم يتحمل ان يتوسل له هذا الاستاذ الانجليزي الوقور طالبا العون .. كان هذا اقوى منه ..
اخيرا كان الطريق خاليا فقال ( درنشر ) وهو يخرج قنديلا من تابلوه السيارة :
- " لا تؤاخذني .. لكن المرحلة التالية ستظل سرا .. يجب ان اعصب عينيك "
صاح ( زكي ) بعصبية :
- " كله إلا هذا ! "
قال اليهودي في إصرار :
- " إما هذا او نعود .. إنني اجازف بعنقي ولا انوي ان اتخلى عنه على سبيل المجاملة .."
قال بصدق :
- " لكني لا اعرف الاتجاهات هنا .. ثق ان تعصيب عيني لن يحدث فارق .. لن استطيع العودة حتى لو اردت هذا .."
قال الرجل في خبث :
- " ربما انعش بعضهم ذاكرتك .. سوف تتذكر نفقا هنا وعلامة طرق هناك .. يجب ان افعل "
ترك الرجل يعصب عينيه .. وشعر بأنه احمق .. كيف تثق بأحد لدرجة ان يقتادك الى مكان لم تزره من قبل ، وتسمح له بان يعصب عينيك ؟ إنه الآن معدوم الحيلة فعلا فلم يبق إلا ان تخترق الرصاصة جمجمته . وندم على انه لم يترك اسم ( درنشر ) عند موظف استقبال الفندق ..
السيارة تواصل رحلتها .. لا بد ان الطريق كله مهجور والا لاستوقفت الشرطة هذه السيارة التي يركبها رجل معصوب العينين ..
- " هنا .. لكن لا تنزع العصبة "
قالها ( درنشر ) وهو يوقف السيارة .. ثم فتح الباب وساعد ( زكي ) على الترجل .. وجره من يده كطفل عبر ــــــ ( الصفحة محذوفة )
** *
كان ( يوسف ) .. ابو الحسن مدرسا للتاريخ في كلية الآداب ، وهو شاب مهب شديد الذكاء . كان ذكاؤه اكثر من اللازم في الواقع .. متزوج وله طفلة رقيقة تدعى ( ريهام ) .. هذه مأساة اكثر من هلكوا في هذه القصة ، لانهم جميعا متزوجون وآباء باستثناء ذلك الفتى ( فايز ) . .
في الفترة الأخيرة كان ( يوسف ) .. منهمكا في دراسة تستغرق الكثير من الوقت والجهد .. وكان قد عاد من ( بريطانيا ) منذ عام واحد .. يبدو انه وضع اولى خطواته على الطريق هناك ، وان كان احد لم يعرف ما يفكر فيه .. كان من تلك الشخصيات الكتوم التي يمكن ان تدبر جريمة قتل او تخطط للحرب العالمية الثالثة دون ان يختلج لها جفن . .
على انه بدأ يحقق تقدما واضحا في بحوثه ، وبدأ يدرك انه وجد وريدا ثريا .. هذه هي اللحظة التي تبدأ فيها الدجاجة الصياح لان البيضة تؤلمها ..
ولهذه الاسباب عرض ما توصل اليه على استاذه الدكتور ( مختار ) .. لماذا اختاره بالذات ؟ لا يعرف .. فجأة شعر بانه يثق بهذا الرجل .. على كل حال لو فتشت بعناية لما وجدت شخصا اصلح لهذه المهمة منه ..
كان د.( مختار ابو مندور ) راهب علم من الذين تعج بهم هذه القصة .. لكنه يختلف عن رهبان العلم الحقيقين في انه ثري متزوج .. كان يملك ثروة لا بأس بها وفيلا فاخرة وسيارة تدير الأعناق .. لا احد يعرف من اين جاءته هذه الثروة وهو لا يملك الا راتبه ، لكن اكثر الناس كانوا يعتقدون ان ملامحه تنم عن اصل أرستقراطي لا باس به .. ربما هو الميراث .. بل لا بد انه الميراث لأن اسرته ثرية ..
وكان لطيف المعشر حاضر الدعابة من الطراز الذي تعرض عليه شكلتك فتشعر انها صارت مشكلته .. وقد قابله ( يوسف ) .. في ذلك النادي الراقي الذي يتناول غداءه فيه ، فأصر اولا على ان يطلب غداء لـ ( يوسف ) .. سر هذا كثيرا وان اخفى سروره وراء الكبرياء ، ( الصفحة مفقودة )
جلست المرأة تدق بأناملها بعصبية على المنضدة ، ثم جاء النادل فراح ( مختار ) يثرثر معه ويتفحص القائمة .. هنا رفع ( يوسف ) .. عينيه نحوها فأدرك لرعبه أنها تنظر له من وراء النظارة ..
نظر الى يدها فوجد انها تمسك قلما وتخط به على قطعة من الورق الرقمين التاليين : 06
وراحت تعيد حفر الخط على الرقمين مرارا وتكرارا .. وفي إلحاح .. ثم مزقت الورقة والقت بها في منفضة التبغ بشيء من العصبية ..
انهى ( يوسف ) .. الغداء فنهض شاكرا .. قال له ( مختار ) وهو يلوح بيده :
- " يمكن ان تمر على مكتبي لنفحص تلك الأوراق معا .. انا موجود غدا .. "
- " إن شاء الله "
***
بعد ما انتهى الدرس ( السكشن ) فرغ من الاجابة عن اسئلة الطلبة ، وقرر ان يتجه الى مكتب الدكتور ( مختار ) .. إن الدكتور ( مختار ) من اقطاب القسم ، لهذا مكتبه على قدر من الفخامة ، وله حمام نظيف ملحق به ..
دخل الغرفة فلم جد الدكتور ، لكنه سمع صوت الماء ينساب في الحمام .. جلس على مقعد جلدي وراح يتأمل الشهادات المعلقة على الجدران ، وصور د.( مختار ) مع اشخاص مهمين جدا .. انه لا يعرف شكل ( هيرودوت Herodotus ) ابى التاريخ لكنه لن يندهش لو كانت له صورة يصافح د. ( مختار ) ..
نظر الى الحمام الذي كان بابه مواريا .. استطاع ان يرى جزءا من كتف الدكتور ( مختار ) امام مرآة الحمام .. رجل يشذب شاربه فلا يوجد شيء غريب .. كانت الرؤية صعبة غير أكيدة لكن خيل اليه انه يرى مشهدا غير ممكن ( للاسف الصفحة مفقودة )
إذن ما كانت الزوجة تكتبه بهذا الإلحاح هو :
Go
كانت تنصحه بالرحيل .. وكانت تنصحه بهذا بينما زوجها مشغول مع النادل ..
ولكن لماذا ؟ ما الذي كانت تعرفه ؟ وبعبارة ادق : ما الذي لا يجب ان يعرفه زوجها ؟
والسؤال الاهم هو : هل رآه ؟ مستحيل الا يكون قد رأى انعكاسه في المرآة ..
هذه لم تكن غفلة .. لقد كان يرسل له رسالة واضحة .. نعم انا كما حسبتني واكثر ..
كان ( يوسف ) يعرف الآن ابعاد المشكلة اكثر من أي واحد آخر ..
إنه هالك لا محالة ..
عبثا حاولت ان انسى القصة ..
عبثا حاولت لكنه اظلت تكرر نفسها بإلحاح على عقلي الباطن .. لا اعرف ما الغريب في هذا .. إنها قصة بشعة لكن قل لي أي شيء بشع لم اره في حياتي ؟ ليس الأمر خارقا للعادة .. وليس ذا مكانة خاصة في متحف ذكرياتي .. لهذا استبد بي العجب حينما نمت في شقتي ، فرأيت ذلك الجدول الذي رسمته على خزانة ( عادل ) واضحا جليا امام عيني ..
لا توجد علاقة واضحة .. حقا لا توجد علاقة واضحة . الاسم المكتوب بالدم ليس دائما اسم الضحية التالية ..
(عباس ) ..
( زكي ) ..
( يوسف ) ..
( فتحي ) ..
ثم القتلى :
( مصطفى ) ..
( يوسف ) ..
( للاسف الصفحة مفقودة ، وهيدي اخر صفحة مفقودة بالكتاب )
الحظرد شاعر عربي قيل انه مجنون .. وقيل ان اسمه ( عبدالله الحظرد ) .. على الأقل هذا هو الاسم الذي قاله ( لافكرافت Loveeraft ) مرارا في قصصه .. إلا ان الغربيين الذين يعرفون العربية لاحظوا ما لاحظناه نحن .. ليس هذا الاسم ذا رنين عربي على الإطلاق .. لهذا وضعوا احتمال ان يكون الاسم الاصلي ( عبدالله ظهر الدين ) أو ( عبدالغزي الراهب بن عاد ) .. الاسم الأخير غير منطقي هو الآخر لأنه لا يمكن ان يوجد بعد الإسلام من يدعي ( عبدالغزي ) ..
إنه العام 700 م .. الشاعر ( الحظرد ) يولد في ( صنعاء ) .. وقيل عنه الكثير على لسان المؤرخين وعلى لسان ( لافكرافت ) .. لهذا يمكن ان تقول باطمئنان إنه عاصر عصر الامويين ، وسافر كثيرا الى خرائب ( بابل ) واجاد عدة لغات .. وزعم انه يعرف موقع بقايا ( غرم ذات العماد ) التي ذكرها القرآن الكريم .
هناك نبع مهم لأفكار ( الحظرد ) هو اساطير مدينة ( هارانيان ) .. وهي من بلدان الشمال .. أي ان اهلها اقرب الى الفايكنج والكلت .. استقر عدد من هؤلاء في بغداد مكونين مجتمعا مغلقا لم يدخل الاسلام ، وهو من اطلق عليهم اسم ( الصابئة ) ، إلا انه استطاع ان يندمج بهم وقد اعطوه ثقتهم وحموا له الكثير .. ويبدو ان حكاياتهم قد جعلته يفكر كثيرا .. يفكر اكثر من اللازم ..
لهذا سوف نرى في اعماله طابعا واضحا يدل على ثقافة ( شمالية ) واسعة ..
ثم استقر في دمشق ليكتب ذلك الكتاب المخيف ( العزيف ) .. يقولون ان هذا هو ما قام به ( نوسترادموس ) بالعكس .. ( نوستراداموس ) درس السحر ليعرف اسرار الغد ، بينما ( الحظرد ) درس السحر ليعرف اسرار الماضي ..
في العام 738 م ( 120 هـ ) يرتحل ( الحظرد ) الى الربع الخالي في الجزيرة العربية ليحيا وحيدا .. هذا مكان يناسب اساطير العرب جدا .. الفلاة والقفر والجن .. بالنسبة لنا معشر العرب يجب ان نتذكر ان ( عاد ) هم قوم سيدنا ( هود ) عليه السالم ، وكانوا يعيشون بالأحقاف بين ( حضرموت ) والشحر وعمان قرب الربع الخالي بشبه الجزيرة العربية .. ومنهم جاء نسل ملوك ( جرهم ) الذين قيل انهم من العماليق ..
ثم يحكى الشهود انهم رأوا ( الحظرد ) من بعيد وهو يتصارع مع كائن مخيف غير ارضي .ز وان نهايته كانت شنيعة ..
زعم ( لافكرافت ) إن ( الحظرد ) كان يعبد آلهة وثنية تدعى ( كتولو Cthulu ) و ( يوج سوثوث Yog Sothoth ) .. طبعا لا ابتلع هذا الجزء على الاطلاق ، لان هذه الاسماء لافكرافتية ) جدا ولا يسيغها العقل العربي او يستطيع اختراعها ..
عندما يبتكر العقل العربي اسماء فهي تأتي من ثقافته وخلفياته ، ونفس الشيء ينطبق على العقل الغربي .. حتى على مستوى النطق نفسه .. اشعر برغم ان هذا غير صحيح ـ كان هناك فما عربيا تشريحه يناسب النطق بأسماء مثل ( امرؤ القي ) و ( بنو قينقاع ) ، بينما تشريح الفم الغربي خلق ليطق ( Exquisite ) و ( Deleterious ) .. طبعا في الحالتين لا تخدع احدا .. ولقد سمعت كوريا ينطق اسم ( هتشكوك ) فلم تتبني اذنى في نطقه أي حرف شين او كاف .. السبب ان هذا فم كوري يحركه عقل كوري ..
اين ذهب نص الكتاب الرهيب ؟ لا اعرف .ز لا احد يعرف على الأرجح .ز لقد تبخر ( العزيف ) تماما .. وقد حاول الحاكم ( إدريس شاه ) ان يجده في كل المكتبات العربية والهندية فلم يوفق .. الا اننا نعرف ان رجلا يدعى ( تيودور فيليتاس ) ترجمه الى اليونانية في كتاب من تسعمائة صفحة .. وهو الكتاب الذي سيأمر البابا جريجوري التاسع عام 1232 بمنع تداوله وإحراق نسخه ..
لما انتهى ( فيليتاس ) من الترجمة ، بحث عن اسم يناسب العقل واللسان الغربيين كما قلنا من قبل فاختار ذلك الاسم الذي صار مألوفا لنا ..
_ نيكرونوميكون Necronomicon )
ومعناه ( كتاب اسماء الموتى ) .
|