كاتب الموضوع :
^RAYAHEEN^
المنتدى :
الارشيف
4
الشارع ده أوله بساتين ..
وآخره حيطة سد ..
ليا فيه قصة غرام ..
ما حكيتش عنها لأي حد ..
من طرف واحد وكنت سعيد أوي ..
بس حراس الشوارع حطوا للحدوتة حد ..
***
يكبر الجميع ..
الشوارع تضيق وتكف عن الترحيب بنا لأننا صرنا اضخم مما تتسع له ..
( رفعت ) النحيل المرتبك ذو العوينات صار ( رفعت ) النحيل العصبي ذا العوينات.. البنات تزوجن .. ألأولاد كبروا وتزوجوا .. ( فاتن ) تزوجت ( ممدوح ) .. هذه من قصص الحب القليلة التي تنتهي بالزواج ، وهي قصة حب دامت أعواما طويلة .. إن بيتهما عند الناصية التالية بالمناسبة ..
أنا لم أتزوج ( إلهام ) طبعا .. انتقلت للقاهرة ودرست الطب ثم سافرت إلى انجلترا ، ثم عرفت الحب الأخير في حياتي .. ولم أتزوجه أيضا ..
( عاطف ) ما زال يعيش مع الأسرة ، وكان حتى وقت قريب طالبا في كلية الحقوق ..
هل أحب ( عاطف ) ( عبير ) ابنة خالي ؟ لا يا اخي .. إن لك استنتاجات غريبة ! نحن نتحدث عن بشر لا عن قطع دومينو يتم رصها بإتقان .. هذه تناسب هذا وهذا يلائم هذه .. طبعا لم يحدث هذا واكون شاكرا لو كففت عن الاستنتاجات العبقرية ..
( عاطف ) شاب مرح مليء بالحياة .. ( عاطف ) يذهب مع رفاقه الى الإسكندرية .. ( عاطف ) يذهب مع رفاقه الى الإسكندرية .. ( عاطف ) يتوغل في البحر بعوامة .. ( عاطف ) لم يعد لدى حلول الليل ..
كشافات .. نداء .. رجال يصرخون على الشط.. ( عاطف ) كانت معه عوامة لكن الموج جرفها بعيدا لم يصل إليها..
سرادق عزاء .. قرآن يتلى .. ندبة لن تنسى في قلب أم وأب فقدا صغيرها .. سأوفر عليك هذه المشاهد القاسية .. انت تعرف ما حدث وما قيل ..
عرفت هذا فيما بعد ..
لم أكن في مصر وقتها ، ولم يهتم أحد بإبلاغي لدى عودتي .. هذه من اللحظات التي تشعر فيه بأن المسافة بين القاهرة والمنصورة أبعد من المسافة بين سيبيريا وألاسكا ..
ثم كنت في المنصورة وعرفت بالخبر .. لم تكن علاقتي بالأسرة حميمة الى هذا الحد ، لذا تطوع ( عماد ) إبن خالي باني صحبني الى هناك .. لا اذكر طبعا عمري وقتها لكني كنت في سن النضج .. لم يكن ذلك الشيخ المخيف الذي يكلمكم الآن قد وجد بعد ..
اجتزنا من جديد الشوارع التي كانت عالمي الحقيقي يوما ما، والتي أحفظ كل حجر فيه أوكل علامة طبشور على جدرانها .. من قال إن هذا الشارع جماد ؟ إنه أكثر حياة مني أنا .. هذه الناصية التي كنا نقف عندها بانتظار التجمع للمدرسة .. هذه الناصية كنت أبتاع شطائر الطعمية منها.. هذا البائع العجوز ما زال حيا ؟ لم يكن يبصق بهذه الكثرة في تلك الأيام وإلا لما أدمنت شطائره ..
لكن ما لم استطع فهمه هو : لماذا كانت هذه الأماكن متسعة في الماضي ثم ضاقت ؟
***
الشارع ده كنا ساكنين فيه زمان ..
كل يوم يضيق زيادة عن ما كان ..
اصبح الآن بعد ما كبرنا عليه ..
زي بطن الأم م الناش فيه مكان ..
***
كانت جلسة متحفظة طبعا لم يتم ذكر حرف فيها عن الفقيد..
لكنه كان مخيما على المكان ، وكان الموقف مفهوما .. عزاء بلا عزاء .. وعلى سبيل التسرية بدأ الكلام عن ( فاتن ) وزوجها الذي كان صديقي ..
في النهاية قال لي الأب :
ـ" ( فاتن ) ليست على ما يرام .. لا اعرف إن كنت أثقل عليك يا دكتور لكن أرى ان تمر عليها .. إنها تعيش عند الناصية التالية .. كان هذا البيت ملك أهل ( ممدوح ) وقد حجزوا له شقة فيه .. مر عليها واعتبر أن هذه ضمن تباريك الزواج .. فأنت لم تزرهما في بيتهما قط .."
كنت اشعر بغيظ لأن ظروفي لا تسمح .. أريد العودة مبكرا إلى القاهرة ولا أطبق سماع حرف عن الإسهال الذي يحدث بعد التهام الجوافة ، لكنه لا يحدث بعد التهام التين الشوكي ..
لم استطع التنصل وقد عرض ( عماد) في كرم ان يرافقني الى هناك ..
هكذا أنهيت الجلسة وأعتقد أنني لو رأيت نفسي في المرآة لرأيت سحابة دخان أسود تخرج من رأسي كما القصص المصورة ..
بعد خمس دقائق كنا نقرع باب ( فاتن ) ..
كان ( ممدوح ) قد تلقى مكالمة من الأب على ما يبدو يخبره بقدومنا . . وقد خرج لنا وعانقني بحرارة لا اعتقد ان علاقتنا كانت تسمح بها .. ثم دعانا الى الداخل ..
شقة ضيقة حارة .. إن عش الحب يبدو غريبا بعض الشيء هذه الايام .. وأدركت ان هناك الكثير من البونبون اللزج الذي يلتصق بأسنانك فتعجز عن فتح فمك .. ومياه غازية ساخنة .. و .. و ..
لم يخيب الرجل ظني .. كل شيء كان كما توقعته وألعن ، ثم ظهرت سيدة الدار لترحب بنا .. إنها ( فاتن ) التي فتنت ( ممدوح ) منذ كان طفلا .. لم تتحول الى فيل آدمي مثل ( إلهام ) .. اعتقد أنها ما زالت تحتفظ ببعض الجمال ، لكنها مسيطرة بشكل كاسح .. قليل من الرجال بمكن ان يتزوج ( الفوهرر ) ذاته لكن ( ممدوح ) فعل .. وطبعا كانت تلبس الأسود لكن لفظة ( موت ) لم ترد في المحادثة ..
ـ" يؤسفني ان أبي اصر على أن يتعبك .."
ـ" نعم .."
قلتها بلباقتي المعهودة .. وهنا قال الزوج وهو يأخذ ( عماد ) إلى الداخل :
ـ" سوف آخذ ( عماد ) معي لتتمكن هيمن الكلام بحرية .. خذ راحتك .. إنها آختك .."
أختي ؟ لو كانت هذه أختي لكن في القبر منذ سنوات .. لكني كنت أمارس دور ( جعلوه فانجعل ) الشهير ، او كأنني الكاهن ( سطيح بن ربيعة ) الذي حكت عنه أساطير العرب .. لم يكن في جسمه عظام فكانوا يطوونه كما الثوب ، ويحملونه من موضع لآخر .. ليست هذه أسطورة إلى هذا الحد ..
قلت لها :
ـ" بخصوص الإسهال الذي يحدث بعد التهام الجوافة ، لكنه لا يحدث بعد التهام التين الشوكي .. كنت أقول .."
ـ " عفوا .. عم تتكلم ؟ "
ـ " لاشيء .. نوع من الكلام مع نفسي .."
جلست واضعة ساقا على ساق وقالت شاردة :
ـ" ليست شكواي طبية .. الموضوع يا دكتور ( رفعت ) أنك تفهم هذه الأمور .."
ـ" اية أمور ؟"
ـ" تلك الامور . . الأشياء التي تتحرك وما إلى هذا .. ( عماد ) و ( عبير ) يحكيان عنك .."
آه ه .. فهمت .. لم أكن صائد الأساطير المعروف وقتها لكن بعض الناس سمعوا عني .. ولا بد أنها سمعت ثرثرة ( عماد ) و ( مدحت ) بصددي ..
قالت دون ان تنظر لي :
ـ" القصة التي لا تعرفها يا دكتور هي ان ( عاطف ) رحمه الله كان يملك موهبة .. هل تذكر النار التي طارت من شمعة لأخرى يوم عيد ميلاده ؟"
ـ" يصعب نسيان هذا .. والضوء الذي فتح من تلقاء نفسه .."
ـ" كان هو المسئول عن هذا ..ولكن لا بد أن احكي لك كل شيء .."
***
هكذا حكت لي القصة كلها .. انت سمعتها لهذا لن أعيد سردها عليك .. أرجو فقط ان تمنحني بعض الوقت لأعرف ما تعرفه أنت .. هذه مشكلة دائمة.. الساعة الخامسة انت لا تعرف القصة .. الساعة الخامسة والربع انت تعرفها ولا تطيق ان يسمعها احد أمامك لانها صارت مملة !
في النهاية قالت :
ـ" ما رأيك ؟"
قلت لها :
ـ" اعتقد انك تعرفين رأيي .. هذه موهبة ( تليكينيزيس ) لا شك فيها .. إلا ان البائس عاش ومات دون ان يعرف انها كانت عنده .. كانت تحاول الخروج باستمرار .. الأشياء التي كانت تتحرك في الغرفة أثناء نومه مع صوت الدق rappings .. هذا نوع من التحريك عن بعد يم من دون إرادتنا .. ويعتقد الناس دما أنه من فعل أشباح ( بولترجايشت ) .. لكني أرجح أنها موهبته وقد أعلنت عن نفسها .. لكنك حرصت على خنقها .."
قالت وهي تنقل ساقا بدل الأولى :
ـ" لقد بذلت كل جهدي كي أمنعه من إعلانها .. كان تتحدث بشكل غير إرادي وبلا ترتيب سابق منه .. بعد قصة العلب تلك تكرر الأمر مرتين فكنت أقنعه أنها مصادفة ..في البداية كان هذا بدافع الغيرة ثم كبرت فصرت أمنعه حتى لا يصير شاذا وسط الناس .. وفي كل مرة أجد له تفسير علميا .. أي تفسير ما عدا أنه يملك أية موهبة .. لقد خنقها خنقا وجعلته يشعر بان من السخف أن يجرب .."
هذا طبيعي .. لا بد لهذه السيدة من رجل تقهره قهرا .. سواء كان أخاها أو زوجها أو ابنها.. او انا لو طال الأمر ..
قلت لها :
ـ" حسن .. لكن ـ اسمحي لي بهذا ـ المشكلة انتهت الآن .. لماذا تتذكرين هذا ؟"
أخذت شهيقا عميقا .. هي من الناس الذين ينظرون للسقف وتبيض عيونهم حتى يتنهدون ، وقالت :
ـ" منذ توفي وكل شيء يهتز من حولي .. كل شيء يتحرك .. أعتقد أنه قد عرف الحقيقة .. إنه يريد الانتقام مني .."
ـ" هل تتحدثين عن أن شبح أخيك يطاردك ؟"
قالت في صخر :
ـ" سمه شبحا .. جنيا .. قوى خفية .. عفريتا ازرق .. المهم أنه يطاردني وأنني في طريقي
|