لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (6) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-12-05, 11:54 PM   المشاركة رقم: 251
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 



-‏3-


قال ( مازن ) :‏
بعد اشهر كانت في السوبر ماركت مع ( أنريكه ) .. وكانت تبتاع ما يلزم من ثياب ‏للفترة القادمة .. لقد اشترت ثياب الولد وبعض الألعاب لحجرة نومه ، وكانت تسال ‏صديقتها باستمرار عما يخطر ببالها .. إن ( إنريكه ) أم مطلقة ..‏
لكن ( إنريكه ) لم تكن على ما يرام .. كانت شاردة ترد باقتضاب .. وفي مرة من ‏المرات خيل لها انها ترى دمعة في عينها ..‏
فجأة قالت لها ونظرة غريبة في عينها :‏
ـ" ( هالة ).. نريد ان نتكلم في مكان منعزل .."‏
سقط قلبها في قدميها ، فهي لا تحب ابدا هذه المقدمات .. لكنها وافقت ..‏
وفي إحدى الكافتيريات الهادئة طلبت ( إنريكة ) لنفسها قهوة وابتلعت قرصا مهدئا ‏أخرجته من حقيبتها ، ثم اشعلت لفافة تبغ ـ فهي من هذا الطراز ـ وقالت في تؤدة :‏
ـ هل قرأت قصة ( طفل روزماري ‏Rosemarys Baby ‎‏ ) ؟"‏
هزت ( هالة ) رأسها ان لا .. بدا لها الاسم مألوفا .. فأردفت ( إنريكه ):‏
ـ" هذه من قصص الرعب الشهيرة جدا .. وقد تحولت الى فيلم بالغ النجاح أخرجه ( ‏رومان بولانسكي ) .. إن القصة تدور حول زوجين اختارا لسكنهما بناية تعج ‏بالسحرة .. هما لا يعرفان ذلك .. لكن الزوج ينقاد الى الفخ ببطء شديد .. وهكذا ‏تكتشف الزوجة أنها حامل .. لكن ليس من زوجها .. بل من الشيطان ذاته .. وأن ‏الطقوس تقام كل ليلة حول جسدها الغائب عن العالم بفعل المخدر .. وفي النهاية ‏تنجب ابنا للشيطان !"‏
اتسعت عينا ( هالة ) رعبا .. لماذا تخبرها بهذا الكلام؟
قالت ( إنريكه ) وهي تنفث الدخان بكثافة :‏
ـ" الحقيقة هي ان هذا السيناريو يتم تطبيقه معك حرفيا .. إن ( أبركساس ) يتردد ‏على دارك كل ليلة ومعه أتباعه .. إن زوجك العزيز يقوم بتخديرك كلك ليلة بقرص ‏من المنوم يدسه لك مع العصير الذي تشربينه بعد العشاء .."‏
ـ" ( أبراكساس )؟"
ـ" نعم .. ( أبركساس ) وهو من شياطين العالم السفلي .. أنت حامل منه يا صغيرة ..‏
هبت ( هالة ) واقفة في عصبية وأوشكت على الصراخ ، لكن يد ( إنريكة ) المعروقة ‏قبضت على معصمها بقوة :‏
ـ" لا داعي للهستيريا .. لم نأت هنا كي نلفت الأنظار .."‏
جلست ( هالة صورة مجسمة للغباء والبلاهة .. فأردفت ( إنريكه ) :‏
ـ" انت حكيت لي عن زوجك .. كيف يمشي في الظلام بلا عائق .. كي فاختر قالنار ‏والدخان وانقذ ( كارل ) .. انا حكيت لك عن كميات اللحم التي يبتاعها .. الم تلحظي ‏ذلك ؟ الم تلحظي انه متكامل الى حد يصعب تصديق انه بشري؟ الحقيقة أنك حمقاء ‏‏.. لقد لمحت لك مرارا وكذا فعلت ( هيلدا ) إلى الحقيقة لكنك لا تريدين الفهم .. ‏الحقيقة أننا من أتباع هذه الجماعة السرية التي تحاول إعادة ( أبراكساس ) إلى العالم ‏، والتي زوجك عضو فيها .. لكنك بريئة جدا طاهرة جدا ، وبصراحة لم تعد واحدة ‏منا ترغب في ان تدفعك انت بالذت لهذا الدور القذر .. لهذا أنصحك بشيء واحد : ‏فتشي حاجياته جيدا .. ابحثي مرارا .. هذه الليلة بالذات لا تشربي العصير .. يجب ان ‏تعرفي من يدخل بيتك ولماذا .. فإن كان كلامنا صحيحا فعليك بالفرار بأسرع وقت .. ‏ربما تولت سفارتكم حل هذه المشكلة .."‏
ثم أفرغت باقي القهوة في فمها ، وأخرجت ورقة مالية دستها تحت الطبق ، وغادرت ‏المكان من دون كلمة واحدة ..‏
‏*** ‏
لو ان ( إنريكه ) فجرت لغما تحت المنضدة ، أو أوصلت سلكا كهربائي عالي الجهد ‏بأصابع قدميها وأولجت الفيشة في القابس ، لما أحدثت كل هذا التأثير لدى ( هالة )..‏
كأنها ثملة عادت ( هالة) إلى دارها .. احتاجت الى وقت لا بأس به حتى تجد المكان ‏‏..‏
دخلت الشقة شاردة ..ظلت تدور حول نفسها ساعة على الأقل وتمشي من غرفة ‏لأخرى .. في النهاية وجدت أنها تتجه كالمنومة مغناطيسيا الى غرفة مكتب زوجها ..‏
وقفت وراء المكتب لحظات ، ثم فتحت الدرج الكبير .. إنه يضع في المفتاح الذي ‏يفتح الأدراج الصغرى .. هي تعرف هذا وهو يعرف أنها تعرف ، لكنه يثق بها ‏ويعرف أنها اطر من أن تتسلل لتتفحص أسراره ..‏
أخرجت المفتاح وعالجت الدرج الأول ..‏
انفتح ..‏
لا شيء ..‏
الدرج الثاني .. به ..‏
به أشياء تخصها .. هذا هو الجورب الذي لا تفهم كيف أضاعته .. هذا هو دبوس ‏الشعر الذي اختفى فجأة .. هناك عدة صور لها .. من اين اتى بها ؟ إنها تخصها حين ‏كانت في مصر .. صور من المدرسة الثانوية .. لا بد أنه اخذها من أهلها ولم يخبرها ‏‏.. ثمة دمية صغيرة مصنوعة من القماش الخيط .. ما معناها ؟ هناك شعيرات على ‏رأس الدمية .. ملتصقة به كأنه شعرها هي .. الحصول على هذه سهل لأنها تحرص ‏على قص الخصلات الزائدة ، وأحيانا تهمل التخلص منها ..‏
ثمة علبة أقراص كتب عليها ( باربيتيوريت ) .. هي تذكر الاسم .. إنه منوم كان ‏أبوها يتعاطاه أحيانا ..‏
هناك لوحة ملفوفة حول نفسها .. فتحتها فوجدت ذلك الرمز المخيف .. النجمة ‏الخماسية وحولها كلمات بلغة لا تعرف ما هي ..‏
لا تفهم أكثر هذه الأشياء .. إن القصة واضحة ..‏
‏*** ‏
‏-‏ ‏" ملاك صغير هو أنت .. لهذا اخترتك .. بهذا همت بك حبا .."‏
‏*** ‏
المهندس المصري الشاب تورط في خبرة مريعة حين ذهب الى ألمانيا .. ووعد ‏جماعته بأن يذهب الى مصر ليعود بعروس ( أبراكساس ) .. إن ما تراه في الدرج ‏لغامض لكنه يخبرها بوضوح أنها هدف لعمل سحري .."‏
في المساء عاد .. كان ضحوكا متألقا ، أما هي فكانت في أسوأ حال .. لكنها قررت ‏ألا تثير ريبته بأي شكل ..
راح يتناول العشاء ويثرثر ، ثم نهض كعادته الى المطبخ ليعد لها العصير .. للمرة ‏الأولى تفطن إلى ان هذه عادته وأنه حريص عليه ا.. عاد حاملا الكوبين وبحرص ‏وضع كوب اليد اليمنى أمامها واختار هو كوب اليد اليسرى ..‏
ـ" لا اريد ان أضايقك .. لكني اطمع في مزيد من التدليل ..\‏
ـ" قولي ما شئت .. فأنت الحامل لا انا لو لم تخني الذاكرة .."‏
ـ" نسيت إحضار الفاكهة من الثلاجة .. فهل جلبت لي بعضه ؟"‏
هكذا انصرف ، وهكذا وجدت وقتا كافيا كي تتخلص من العصير .. أين ؟ أين ؟ ‏المزهرية الموضوعة على المنضدة ..‏
في اللحظة المناسبة قبل أن يعود ، وحين عاد كان كوبها فارغا وهي تمسح شفتيها ‏في امتنان ..‏
بعد دقائق أعلنت انها راغبة في دخول الفراش ..‏
بدأ يخلي المنضدة من الأطباق .. على حين اتجهت الى الحمام لتغسل وجهها ، ثم ‏دلفت الى الفراش .. وبعد دقائق تعالى صوت تنفسه المنتظم ..‏
لن تنام .. مهما كان الإغراء فلن تنام .. يجب ان تعرف .. أناملها تعتصر السكين ‏تحت الوسادة .. السكين التي أخفتها في الحمام ثم تحت الروب ..‏
لا بد نها استعادت ذكريات شبابها كاملا وحينما نظرت الى المنبه جوار الفراش .. ‏إنها الثالثة صباحا ..هو يرقد جوارها ويبدو نائما في عمق .. وهي لا تجرؤ على ان ‏تتحرك ..‏
الآن ينهض ببطء .. الآن يمشي الى الخارج .. الآن يفتح باب الشقة ..‏
هذه هي اللحظة التي تعرف فيها كل شيء ..‏
كانت تشهق في انفعال .. ترتجف كورقة .. لكن أذنيها مرهقتان كقط صغير ..‏
تسمع صوت اناس يتكلمون بالخارج .. رجال ونساء يتحدثون .. زوجها يقول :‏
ـ" إنها نائمة .. لا تقلقوا .. خذوا راحتكم .."‏
صوت غليظ يقول :‏
ـ" إذن ماذا تنتظر أيها البشري ؟"‏
زوجها يقول لصاحب الصوت في لهفة :‏
ـ" انت سيدي .. انت سيدي .. إن الشرف يغمرني .." ‏
ثم صوت واحدة .. تبا .. إنها هي ( هيلدا ) ذاتها .. تقول :‏
ـ " خذوا الحذر .. لقد بدأت تشعر بريبة .."‏
الصوت الغليظ يقول :‏
ـ" إن البذرة فيها الآن .. لا احد يقاوم ( أبراكساس ) أبدا .."‏
الآن كانت تبكي بلا انقطاع .. وصار جسدها متوترا كأنها وتر القوس ..‏
الأصوات تدنوا .. والصوت الغليظ يقول :‏
ـ " هلموا يا أبنائي لنبدأ الطقوس .."‏
يقول زوجها :‏
ـ" بالمناسبة .. هي متيقظة الآن وتتابعنا ! لقد أفرغت كوب العصير في المزهرية ‏بينما كنت انا في المطبخ ! تحسبني لم ألحظ ذلك !‏
إنهم على باب الغرفة الآن ..‏
إنهم ..‏
وفي اللحظة التالية وثبت من الفراش .. اندفعت كالسهم نحوهم .. لم تستطع إلا ان ‏ترى زوجها وسط بعض الناس ، وكان ينظر لها بدهشة .. وفي اللحظة التالية وثبت ‏فوقه كقطعة مسعورة ، وغرست السكين في عنقه ..‏
غرسته .. غرسته .. غرسته .. وشعرت بالزوج يتهاوى كالبالون المثقوب أمامها ..‏
وقبل ان تغيب عن الوعي سمعت ( هيلدا ) تصرخ في هستيريا :‏
ـ" ماذا فعلت يا حمقاء !! هذه كانت دعابة .. مجرد دعابة ثقيلة !! إن زوجك يهوى ‏الدعابات !!"‏
‏***‏

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
قديم 08-12-05, 09:06 AM   المشاركة رقم: 252
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ابو ارجيله - Chife Operations Officer

البيانات
التسجيل: May 2005
العضوية: 86
المشاركات: 354
الجنس ذكر
معدل التقييم: Ala_Daboubi عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 60

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Ala_Daboubi غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

eh ...................................bas balash do3abeh.........zanakha haaaai
hehehehe

 
 

 

عرض البوم صور Ala_Daboubi  
قديم 08-12-05, 09:24 AM   المشاركة رقم: 253
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

لا حلوي
شو الي مو حلو فيها
اصلا مهضومي

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
قديم 09-12-05, 12:58 AM   المشاركة رقم: 254
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 




الواجهــة الثالثة ‏
جــارنـــا
‏-1-


ـ فيما بعد بعد عرفت الزوجة القصة كاملة .. في الحقيقة لم يكن المشي في الظلام ‏موهبة ما .. هناك اشخاص يرون افضل من سواهم في الظلام .. بعد موضوع حريق ‏الحمام وشجاعة الزوج الحقيقية النادرة خطر لـ ( هيلدا ) ان تبدأ نسج هذه الدعابة ‏التي راقت للزوج .. كان يجب أن يتندر على سذاجة ( هالة ) واستعدادها لتصديق ‏كل شيء .. وببطء راحت ( هيلدا ) و ( إنريكة ) تسممان حياة الزوجة بأكاذيب عن ‏الزوج .. لم يكن هناك زوار يأتون ليلا بل ( هيلدا ) وزوجها طرقا الباب ذات مرة ‏ليكلمهما الزوج ويغرسا قصة ملفقة عن الزوار الليليين .. لم تكن هناك أقراص منومة ‏ليلا لكنهما أقنعا ( هالة ) بذلك .. في النهاية عرف الجميع أن ( هالة ) لن تتناول ‏العصير وستبقى متيقظة ، ولسوف تفتش مكتب زوجها .. طبعا كان كل شيء معدا ‏كي تجد ما وجدته .. هنا تتم الزيارة المرهوبة .. لكنهم لم يقدروا ان الدعابة قد تتحول ‏الى مأساة ، وان الشخص الرقيق كالزوجية يمكن ان يتوحش عندما يقتله الرعب .."‏
قلت له وانا ابتلع ريقي الذي جف :‏
ـ" دعابة ثقيلة جدا ، وأشعر ان الزوج استحق الذبح فعلا .. كما ارى ان ( هيلدا ) و ( ‏إنريكة ) كانتا بالفعل تحقدان بشدة على الزوجة المصرية الهائلة .."‏
هز رأسها موافق .. ثم اضاف :‏
ـ" لكن الامور ليست بهذا الوضوح دوما .. هنا يبرز سؤال مهم عن كيف فتح ( كمال ‏‏) مقبض الحمام ؟ لم تكن الدعابة واردة في ذلك الوقت .. ولم تكن الزوجة لتترك ‏زوجها يحترق لمجرد ان تكون الدعابة محكمة .. هذه نقطة .."‏
ثم مد يده الى الوعاء الذي حفظ فيه الجنين وهو يقول :‏
ـ" لم تحتفظ ( هالة ) بوليدها في المصحة التي نقلت إليها .. لقد أجهضت .. وقد ‏احتفظ أحد الأطباء بالجنين إلى ان حصلت عليه انا .. والسبب هو هذا .."‏
وأدار الوعاء .. فرأيت بوضوح تام ان الفقرات العصعصية للجنين كانت متحورة ‏على شكل ذيل كامل .. ذيل كامل مشقوق ..‏
هتفت في رعب :‏
ـ" هل تعني أن ؟"‏
قال وهو يبتسم :‏
ـ" ثمة رواية شهيرة اسمها( 36 ساعة ) للأديب ( كارل هيتلمان ‏Carl ‎Hittleman‏) تحكي عن ذلك الضابط الأمريكي الذي كان يعرف كل كلمات الشفرة ‏وموعد هجوم الحلفاء على ألمانيا .. كان من المستحيل ان يتكلم مهما عذبوه وقد ‏عرف الألمان هذا ، لذا خدروه واخطفوه وأجروا جراحه جعلته يتقدم في العمر شكليا ‏‏. .نقلوه إلى مكان أعدوه سلفا يبدو في كل شيء كأنه قاعدة أمريكية .. الأطباء الذين ‏يحيطون به يبدون أمريكيين ويتكلمون الأمريكية بطلاقة .. حين أفاق أفهموه أنه في ‏قاعدة أمريكية ، وأن الحرب انتهت منذ أعوام ، وانه فقد وعيه وذاكرته ، لكنه الآن ‏بخير .. عليه ان يأخذ راحته ..‏
ـ" ثم بدأ العلاج النفسي ـ مطلوب منه ـ على سبيل تنشيط الذاكرة ـ ان يذكر كل ‏شفرات القوات الامريكية في الحرب .. متى كان الهجوم .. أين ؟ الخ .. بالطبع تكلم ‏الرجل .. لكنه فيما بعد اكتشف الحقيقة لأن جرحا كان في إصبعه منذ أيام ، ومن ‏المستحيل ان تنتهي الحرب ولما يشف هذا الجرح بعد . .هكذا صار عليه ان يبرهن ‏على أنه اكتشف الخدعة مبكرا وأنه كان يخدع النازيين من البداية .. ويبدو أنه نجح ‏في ذلك .."‏
كنت اعرف القصة جيدا بل رأيت الفيلم عدة مرات ، فقلت له في عصبية :‏
ـ" ما دور هذه القصة هنا؟"‏
ابتسم في غموض وقال :‏
ـ" لعب أتباع ( أبراكساس ) نفس الدور تقريبا .. لقد خدعت الزوجة مرتين .. فكر ‏في الامر جيدا ولسوف تجد أنني على حق .. إن الشبه بين القصتين شديد .."‏
ثم تنهد واتجه إلى الواجهة الثالثة ووقف يتأملها بعض الوقت ، حيث كانت تلك المادة ‏الهلامية المتحجرة .. كأنها شمعة عملاقة ذابت تماما ..‏
كنت الآن قد وصلت إلى حقيقة مفروغ منها : هذا الرجل ليس رجلا .. سوف تشرق ‏الشمس لأجد أنه لا وجود له .. لقد عشت هذا الموقف مرارا .. لكني على الأقل ‏أعرف ان قصصه حقيقية .. ثم كيف أتأكد من نظريتي هذه ؟ لا سبيل إلا ان انتظر ..‏
قال لي بصوته الغليظ :‏
ـ" القصة الثالثة تتحدث عن نوع ثالث من الرعب .. ( ماذا يجري في ذلك البيت ؟ ) ‏إنه شعور بدائي مخيف .. لكنه موضوع قصتنا التالية .."‏
قال ( مازن ):‏
في العام 1965 كان هناك مختبر قرب ( كييف ‏Kiev ‎‏) في الاتحاد السوفييتي ..‏
كان هذا المختبر يمارس بعض التجارب الغامضة التي لم تتضح طبيعتها .. كنا في ‏ذلك الوقت في ذروة عصر الحرب الباردة .. والعلاقة بين القوتين العظيمتين علاقة ‏من الشك المتبادل والمقت .. وكانت امريكا لا تعرف بالضبط مدى ما بلغه السوفييت ‏من تقدم علمي ، مما أدى الى المبالغة في أحيان كثيرة .. إلى حد أنهم سألوا احد ‏علماء الفضاء الأمريكيين عما يتوقع ان يجدوه لو وصلوا الى القمر ، فقال بثقة : ‏السوفييت طبعا !‏
لهذا لنا ان نتوقع أحدا على وجه البسيطة لم يعرف بكنه التجارب التي تدور في ذلك ‏الحزب ولا طبيعتها .. باستثناء أفراد محدودين جدا ي الحزب وفي الجامعة .. ولما ‏كان هذا المختبر قد تلاشى تماما الآن فإنني اعتقد ـ بلا فخر ـ أنني وأنت الوحيدان ‏اللذان يعرفان يقينا ما كان يحدث هناك ..‏
كان المشرف على المختبر أستاذا سوفيتيا يدعى ( أندريه أنسيمفتش خارين ) ـ يمكننا ‏ان نكتفي باسم ( خارين ) فهو يبدو محببا للسمع ـ وكان طبيبا بشريا قبل ان يهتم ‏بالظواهر الخارقة للطبيعة والسوفييت كما تعلم هم اول من اهتم بهذه الاشياء بشكل ‏علمي وحاولوا ان يقتلوها ..‏
وكان ( خارين ) كثير السفر واسع العلم ، وقد ارتحل مرارا الى افريقيا وامريكا ‏الجنوبية .. راى الكثير جدا وشاهد ما هو أكثر .. وفي النهاية عاد الى مختبره ليطبق ‏ما وجده ..‏
لكن الحكومة وجدت بعد أعوام ان هذه التجارب لم تقدم شيئا .. إنها تستهلك الكثير ‏من الإنفاق الحكومي ولا تبدو لها نتيجة ملموسة ،لهذا قررت ان تغلق هذا المختبر ‏وان توقف التجارب ..‏
كانت الصدمة عنيفة على (خارين ) ، لهذا اعتكف في داره لفترة ، ثم طلب إذنا ‏لحضور احد المؤتمرات في ( بلجيكا ) .. وذهب هناك مع مساعده .. ثم ذاب تماما .. ‏لم يعد احد يعرف اين هو ولا ماذا فعل .. هؤلاء القوم حمقى ، فلو سألوني لقلت لهم ‏إن هذا هو ما سيحدث بالضبط ..‏
لم تكن هذه حادثة غير مسبوقة على كل حال .. كثيرون حاولوا الفرار من وراء ‏الستار الحديدي .. بعضهم نجح وحصل على حق اللجوء السياسي واستغله الأمريكان ‏كبوق دعاية ضد الشيوعية ، وبعضهم فشل .. عندها لا نسمع عنهم ثانية .. ربما ‏تعامل معهم الــ ‏KGB‏ بشكل ينهي أوهامهم .. هذا هو الأرجح على كل حال ..‏
حسن .. لا أحد شيئا على الدكتور (خارين ) منذ العام 1968 .. وبمرور الوقت لم يعد ‏هناك مختبر قرب ( كييف ).. ولكن القصة لم تنته ..‏
بالواقع كانت قد بدأت ..‏
‏*** ‏
كان ( جان بيير ) الصغير يقول : جارنا غريب الأطوار ..‏
كان ( جان بيير ) الصغير يقول : جارنا لا يتكلم كثيرا ..‏
كان ( جان بيير ) الصغير يقول : جارنا لا يحب الأطفال .‏
كان ( جان بيير ) الصغير يقول : جارنا يبدو ككائن من كوكب ( يوريك ) ينتظر ‏لحظة الغزو ..‏
وكان الأب يقول :اخرس يا ( جان بيير )..‏
هذه طريقة تربوية أثبتت فعاليتها منذ الأزل .. وقلما تفشل ..‏
لكن الأطفال في السابعة لا يستجيبون للطرق التربوية الناجحة .. لقد راح الصبي ‏يأخذ حوض السمك الكروي الفارغ ويثبته على رأسه ، ثم يخرج فاردا ذراعيه في ‏الصالة وهو يردد بلا توقف :‏
ـ" يا اهل الارض . استسلموا لجيش ( يوريك ) العظيم قبل أن تحرقكم بالأشعة ‏الكونية .."‏
ويطارد اخته الصغرى عبر الحجرات وهي تصرخ .. فلا ينقذها إلا ان تركض الى ‏غرفة المكتب حيث الأب يراجع أوراقه .. هنا يدخل الصغير فيثب الأب مذعورا ‏ويصرخ :‏
ـ" ستختنق يا أحمق "‏
وينزع الحوض على رأسه ثم يأتي بفرشاة الشعر ، ويرقد ( جان بيير ) على ركبتيه ‏كي يوسع مؤخرته ضربا ..‏
هذه طريقة تربوية ناجحة أخرى .. والحقيقة ان الصغير لن يفكر بعد اليوم في ارتداء ‏الحوض على رأسه من دون ان تؤلمه مؤخرته ..‏
‏*** ‏
إنه ( إبريل ) حيث كل شيء جميل براق .. نظيف ..‏
في الصباح كان الأب يذهب الى العمل .. يقبل زوجته ويعبر الحديقة الى حيث تنتظر ‏سيارته الصغيرة الحمراء .. فكان لحيانا يلقى جارهم وهو يأخذ بريده فيحييه بهزة ‏رأس ..‏
بالفعل لا يعد السيد ( روسكوف ) ودودا على الإطلاق .. إنه عجوز أصلع الرأس ‏لكن ما بقي منه على جانبي رأسه يوشك ان يبدو كقطع قطن لصقها هنالك على عجل ‏‏.. وله وجه قاتم مكفهر يجعلك تتوقع أن تبدأ يومك بنيزك يهوي فوق رأسك ..‏
يبدو أنه مهاجر من شرق أوروبا .. للغته الفرنسية طابع شرق أوروبي لا يمكن أن ‏تخطئه .. وقد جاء إلى المنطقة منذ أشهر ، وهو لا يتكلم كثيرا .. لا يتكلم على ‏الإطلاق ، ولا يخرج تقريبا .. واضح أنه يحصل على كل حاجياته من السوبر ‏ماركت هاتفيا .. وحتى هذه اللحظة لا يبدو أنه كان يمارس عملا معروفا ..‏
في هذه المرة بدا أن الرجل راغب في بعض الكلام.. لقد هز رأسه مرة أخرى ..‏
سأله الأب :‏
ـ" يوم جميل ..هه ؟ "‏
فهز الرجل رأسه من جديد بمعنى أن هذا يوم جميل ..‏
كانت هذه أطول محادثة ممكنة مع الرجل ، وبدا للأب ان هذا يوم خارق للعادة .. ‏هكذا انتهى من هذه الثرثرة وأدار محرك سيارته مبتعدا .. إنه ( إبريل ) حيث كل ‏شيء جميل براق .. نظيف ..‏
وقف الضيف يرمق السيارة حتى ابتعدت تماما ثم عاد إلى داره ..
‏*** ‏
ـ" أؤكد لكما أنه غريب .. قادم من الفضاء .."‏
ـ" لماذا ؟ الغرباء لا يبدون كذلك .. دائما هم يبدون مثلي ومثلك ، لكن حين يجرحون ‏يسيل منهم دم أخضر .."‏
ـ" من الممكن ان يأتي غريب يبدو غريبا .."‏
كان هذا طبعا هو ( جان بيير ) مع صديقيه ( سيمون ) و ( كلود) .. إنهم ثلاثة ‏شياطين فقط لو فهمت كيف يمكن لطفل في السابعة أن يكون شيطانا .. وكل منهم ‏لديه أخت صغيرة مزعجة لا تكف عن الشكوى ، وأم تصدق الأخت دوما ، واب ‏يصدق الأم طبعا لانه لا يستطيع ان يفعل غير هذا ..‏
كانوا يتحدثون عن المسكين المسيو ( روسكوف ) طبعا ..‏
وهكذا قضى الصبية الوقت يلعبون أمام باب الرجل محاولين ان يروه في لمحة ما .. ‏ولما لم يخرج كما هي العادة تمددوا على بطونهم عبر الطريق من الجهة الاخرى ، ‏كما يفعل رجال العمليات الخاصة إذا يراقبون معسكرا ..‏
كان البيت من طابقين ، صغيرا جدا ، وله حديقة غير منسقة .. لكن حرص الرجل ‏على أن يغلق كل الستائر بدا لهم مرضيا .. أحيانا كان يفتح نافذة ما ، بحيث لا يبدو ‏منها ثم يغلقها ثانية ..‏
ثم قرروا ان يبدءوا تقنية أخرى هي لعب الكرة .. لعبها بحيث تضرب باب الرجل ‏من آن لآخر .. إن الصبية يجيدون هذه الأعمال المزعجة .. وفي مصر هناك مثل ‏شعبي معناه ( إن اردت ان تطرد أحدهم من القرية ، فأطلق عليه الأطفال )..‏
بوم ؟‍‏
هكذا ارتطمت الكرة بالباب .. فارتج ..‏
انفتح الباب وبرز الجار العجوز وقد ازداد وجهه كآبة .. ونظر عبر الطريق فرأى ‏الصبية واقفين في نوع من التحدي له .. كان قد اعتاد هذه الأمر كما هو واضح .. لا ‏بد ان كثيرين تحرشوا به من قبل .. والسبب هو الاستفزاز الذي يسببه الرجل المنغلق ‏الغامض .. كأنه يهين الآخرين .. أو كأن في انغلاقه درجة ما من التعالي .. لو كان ‏ثرثارا يقف في وسط الطريق ولا يكف عن السباب لتركه الناس وشأنه ..‏
لكن الرجل كان عمليا .. نظر الى الأرض فوجد الكرة .. انحنى وحملها تحت إبطه ‏كما تحمل أنت بطيخة وعاد إلى الداخل وأوصد الباب خلفه ..‏
ـ" كرتي !!"‏
كذا صاح ( كلود ) وهو يركل الأرض في عصبية ..‏
ثم إنه استدار إلى ( جان بيير ) وصاح مغضبا : ‏
ـ" أنت صاحب الفكرة .. هذه الكرة غالية الثمن ومفضلة لدي .."‏
قالت ( جان بيير ) في برود :‏
ـ" ان الم آخذها .. هو فعل .. لو كنت تريدها بهذا القدر فلماذا لا تطلبها منه ؟"‏
ـ" أنت صاحب الفكرة .."‏
ـ" وأنت صاحب الكرة .."‏
هكذا دار الجدل المحتدم العصبي .. وبدا أنه ما من واحد من هؤلاء الشجعان يرغب ‏في الدنو من الرجل أكثر من اللازم .. لماذا ؟ ألم نتفق على أنه غريب من كوكب ( ‏يوريك ) جاء ليعد للغزو ؟ ‏
في النهاية قال ( جان بيير ) وهو بالمناسبة أكبر الثلاثة سنا .. صحيح ان الفارق ‏بضعة اشهر ، لكن هذه الفوارق تغدو قرونا في عالم الأطفال :‏
ـ" سأدق بابه أنا واستعيد الكرة .."‏
‏***

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
قديم 11-12-05, 12:34 AM   المشاركة رقم: 255
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 



‏-2- ‏
قال ( مازن ) :‏


بخطوات مرتبكة متعثرة عبر ( جان بيير ) الطريق متجها لباب الرجل .. نظر ‏للوراء نحو صديقيه ، ثم رفع قبضته .. دق على الباب .. ثم إنه لاحظ وجود جرس ‏هناك فضغط عليه ..‏
وفي هذه اللحظة بالذات خطر له ان يفر هاربا ، ثم تماسك وقد أدرك أن صديقيه ‏يرمقانه ..‏
انفتح الباب وظهر الوجه الكئيب العجوز ..‏
ـ" معذرة يا سيدي .ز نحن لم نقصد ان نضرب بابك بالكرة .."‏
ظل الرجل يرمقه ف ثبات كأنما هو صامت لا يتكلم .. فابتلع الفتى ريقه اللزج ، ‏وقال : ‏
ـ" هل تسمح لنا باسترداد الكرة ؟"‏
لدهشة الصبيين أفسح الرجل الطريق ليدخل ( جان بيير ) من الباب ..‏
وكما حكى ( جان بيير ) فيما بعد اقتاده الرجل الى الحديقة الخلفية .. هناك كان ‏صندوق من الخشب موضوعا على العشب ، وكان يشبه صناديق الاقتراع ذات ‏الفتحة في أعلاها ..‏
دنا منه الرجل وأشار إليه باشمئزاز ولا مبالاة وقال :‏
ـ" كرتك بالداخل .. خذها ولا تعد هنا ابدا .."‏
كانت الفتحة صغيرة لا تسمح برؤية ما بداخل الصندوق .. ولم يتساءل الصبي لحظة ‏عن كيف دخلت الكرة هنا ، فقد افترض ان للصندوق بابا جانبيا او سفليا .. لكن ‏الفتحة كانت تسمح بدخول اليد .. هكذا دخل يده دون تفكير وبلا حذر ..‏
بخ خ خ خ خ خ خ خ !‏
دوى الصوت الحاد البري من داخل الصندوق ، شعر بشيء يخمش يده فوثب الى ‏الوراء مذعورا ... هنا انفجر العجوز ضاحكا ..‏
لم تكن ضحكة عادية ، إنما هي ضحكة من ضحكات لاسينما المفتعلة المبالغ فيها .. ‏كان يرجع راسه للوراء ويغمض عينيه ، وقد فتح فاه كاشفا عن فم خال من الأسنان ‏تقريبا ما عدا سنين مصفرتين في الفك السفلي ..‏
ها ها ها ها ها ها !‏
ولم يعرف الصبي متى ولا كيف فر من أمام الرجل عابرا المنزل ركضا ..‏
ها ها ها ها هاها ها !‏
هاهاهاهاهاها !‏
هاهاهاهاها!‏
الضحك مستمر لكنه يخفت تدريجيا وهو يخرج من الباب الأمامي باكيا .. يعبر ‏الطريق في ثلاث وثبات ليكون مع صديقيه .. ولم يدر الصبيان لماذا ولأي سبب راح ‏ثلاثيتهم يجرون مذعورين ، بينما الضحكات المجنونة تلاحقهم ..‏
لا بد أنهم كفوا عن الجري عند حدود ( تنزانيا ) مثلا ..‏
هناك وقفوا يلهثون ويلتقطون الأنفاس .. أخير ارفع ( جان بيير ) يده ليرى ما دهاها ‏‏.. كان هناك خدش واضح دام على ظهر يده وفي كفها .. وقد راح يمتص الدم وهو ‏يبكي في غل :‏
ـ" إنه شرير .. لقد أخافني .."‏
قال ( سيمون ):‏
ـ " الم تعرف ما كان في الصندوق ؟"‏
ـ" كيف لي ذلك ؟ غالبا هو قط او ************ صغير .. لكنه شرس .."‏
ـ" سنخبر بابا .."‏
ـ" لا .. هذا سيضعنا في مشكلة .. لماذا تضايقون هذا العجوز الطيب ؟ طاخ طاخ "‏
للأسف كان هذا حقيقيا .. لكنهم فقط كانوا يدركون شيئا واحدا : هذا العجوز قد ‏خدعهم بشكل خسيس قاس .. ولا بد من انتقام .. آ ه ه ه إن تصور ضحكة النصر ‏على ثغره القبيح الآن لأمر يثير الجنون كان كل منهم الآن على استعداد لمصارعة ‏أسد ـ لو اقتضى الأمر ـ فقط كي يزيل هذه الضحكة عن وجه الرجل ..
‏*** ‏
قال الأب وهو يلتهم الجبن ف نهاية الوجبة كما هي العادة الفرنسية : ‏
ـ" لقد دعوته إلى العشاء معنا .."‏
قالت الأم المحتجة :‏
ـ" لا يبدو لي ضيفا مريحا .."‏
ـ" لكنه مثير .. لا بد أن عنده قصصا غريبة .. هؤلاء المهاجرون من شرق أوروبا ‏يملكون حكايات مسلية للغاية ، وانا اعترف لك هنا بأن الفضول ليقتلني لمعرفة من ‏هو .."‏
ـ" وهل قبل الدعوة بهذه البساطة .."‏
ـ" لم أترك له فرصة للاعتراض .. قلتها وانصرفت قبل ان يرفض .."‏
كان ( جان بيير ) يلتهم غداءه في اشمئزاز كعادة الصبية في سنه .. لكن ما قاله الأب ‏جعله يلتهب حماسة ، وفي عينيه التمعت نظرة غادرة شيطانية ..‏
ـ" لن يكون في داره هذه الليلة .. هذه فرصة نادرة .."‏
قال ( كلود ) وهو ينظر له بتشكك :‏
ـ" كيف تضمن هذا ؟"‏
ـ" لأنه سيكون في دارنا .. يلتهم طعام أمي "‏
ـ" أوه ! يا للقرف !"‏
ـ" المهم ان بيته سيكون خاليا .. ولسوف نعرف كيف ندخله .."‏
ـ" والغرض ؟"‏
ـ" سنتلف كل شيء ! سنرى ما يهتم به ونتلفه .. لو كان رساما سنخلط الاصباغ على ‏سجادته .. لو كان كاتبا سنسكب الحبر على أوراقه .. لو كان فضائيا سنتلف مكوكه ‏المخصص للعودة !"‏
ـ" لا تعتبرني معكم .."‏
نظر ( جان بيير ) الى ( سيمون ) نظرة من يستثير نخوته : ‏
ـ " وانت ؟ المفترض ان نغضب لان الرجل أهان صديقك .."‏
بدا التردد على وجه ( سيمن ) ثم قال : ‏
ـ" نعم .. اريد الانتقام لكن دخول بيته .. آسف .. هذه جريمة .. ثم من أدرانا ما يوجد ‏هناك ؟ لربما كان يربي النمور .."‏
ـ" ولو كان يربي النمور فلسوف نطلق سراحها !"
ثم قال في قلق : ‏
ـ" إذن لا احد معي ؟"‏
قال ( سيمون ) الحل الوسط الي وجده ما بين المخاطرة الزائدة والجبن الملوم :‏
ـ" سأراقب المخرج حتى لا يفاجئك أحد .."‏
ـ" إذن موعدنا الثامنة مساء .."
‏*** ‏
في السابعة والنصف جاء الضيف ..‏
لم يقابله ( جان بيير ) لأنه اخبر امه انه لا يرغب في تناول العشاء ، وكان على كل ‏حال يعرف أن هذا سيسرها ، آخر شيء تريده لدى قدوم ضيف للبيت لأول مرة ان ‏تجد طفلا مزعجا عليك ان تراقب تصرفاته .. هكذا سمحت له بعدم تناول الطعام .. ‏بل الخروج إذا أراد ..‏
وكان السبب الىخر الذي راق له هو أنه لا يرغب بأي شكل في أن يراه الرجل .. ‏سيكون هذا محرجا ..‏
وفي الثامنة مساء كان يقف قرب بيت الرجل على الجهة الأخرى من الطريق ، في ‏ذات الموضع الذي راقبوه منه أول مرة ..‏
بعد قليل جاء ( سيمون ) وهو يجر قدميه .. يسهل معرفة كيف تتم هذه المواقف .. ‏إنها عبارة عن مجموعة أشخاص يخشى كل منهم أن يتهم بالجبن .. هكذا تتحرك ‏عجلة التاريخ ..‏
ـ" انا هنا !"‏
قالها وهو يرقد على العشب ..‏
قال ( جان بيير ) وهو يخرج كشاف الجيب الصغير :‏
ـ" هناك باب خلفي ..ـ على الأرجح سأتمكن من الدخول منه .. سأدخل وأفسد اشياء ‏ثم أعود غليك .. لو رأيت احدا اطلق صيحة البومة .."‏
ـ" انا لم اسمع بومة في حياتي !"‏
ـ إذن اصرخ بأعلى صوتك .."‏
ونظر حوله في الظلام فلم ير أحدا .. إن غرفة الطعم في داره مضاءة والمأدبة على ‏قدم وساق .. ما زال هناك وقت .. وهكذا عبر الطريق جريا ، ودار حول منزل ‏الرجل ..‏
كانت الحديقة الخلفية مهملة تناثرت فيها بعض الصناديق الخالية .. مشى في حزم ‏وخفة وأدار المقبض ، لكن الباب لم ينفتح .. جرب مرتين دون جدوى .. هذا الوغد ‏حذر .. وهو ـ ( جان بيير ) لم يلق قط من يتذكر غلق باب المنزل الخلفي ..‏
هكذا راح يدور حول البيت بحثا عن ثغرة ما ..‏
كانت هناك فتحة قرب الأرض .. واضح أها مخصصة لدخول وخروج الكلاب .. هو ‏لم ير أي ************ هنا على الإطلاق .. إنها لا تكفي لدخول أي لص يحترم نفسه ، لكن ‏ماذا عن الصبية ؟ ‏
هكذا دس جسده في الفتحة وراح يحشر .. ويحشر .. اخيرا وجد نفسه في الداخل ..‏
كان قلبه الآن يخفق كطبل .. هذه اكبر جريمة ارتكبها منذ ولد ، وقد ارتكبها فعلا ، ‏ولم تعد هناك أعذار ..‏
الظلام دامس بالداخل .. يشعل الكشاف فيرى أقذر بيت يمكن تخيله .. كل شيء ليس ‏في مكانه .. كل شيء مهمل او مبعثر .. لو كان خنزير يعيش هنا لكان تفسيرا منطقيا ‏‏..‏
هكذا راح يفتش البيت في رفق .. في حذر ..‏
وفي كل لحظة يزداد الانطباع في ذهنه .. هذا الرجل مجنون .. لا يمكن ان يتحمل ‏الحياة هنا إلا مجنون ..‏
هذه هي الثلاجة .. ترى ما الذي يأكله ..؟
فتحها فدهش لأنه لم يجد بها أي طعام .ز بل عشران من الزجاجات . .حجم الزجاجة ‏أقل من زجاجة المياه الغازية .. ربما هو النصف .. ربما كانت تحوي خمرا لكنه نوع ‏من الخمر كتب اسمه بحروف عجيبة .. هذا الرجل إذن لا يأكل بل يشرب ..‏
كان هناك قبو تقود له درجات السلم ..‏
وخطر له ان القبو في القصص يخفي دوما الشر الأكثر إرعابا .. لو كان الرجل من ‏كوكب ( يوريك ) فلسوف يحوي القبو اسلحة الدمار الكوني .. فليلق نظرة ..
‏*** ‏
نظر الرجل في ساعته ومسح فمه بالمنشفة ، ثم قال بلهجته الثقيلة :‏
ـ" عشاء ممتاز يا سيديت .. لكني تأخرت !"‏
تبادل الزوج وزوجته نظرة ذات معنى ، ثم هتف في العجوز :‏
ـ" لم نتكلم بعد .. كنا سنجلس في غرفة المعيشة وندخن بعض الوقت .."‏
ـ" أنا لا ادخن .."‏
ضحك الزوج طويلا : ‏
ـ" ولا انا .. فقط اردت ان نجلس قليلا و .."‏
تجشأ الرجل في فظاظة وهو ينهض وافرغ بقايا الكأس في فمه وقال : ‏
ـ " مأدبة عظيمة يا سيدتي .. لكني مضطر للانصراف .. أكره الا ادخل فراشي قبل ‏التاسعة .."‏
قال الزوج مجاملا :‏
ـ" انت عسكري سابق حين كنت في ( تشيكوسلوفاكيا ) لا بد ان حياتك كانت تتحرك ‏بدقة الساعة .."‏
ـ" هذا صحيح .."‏
قالها وهو يتجه الى الباب ..‏
وهمست الزوجة من بين اسنانها :‏
ـ" إنه فظ فعلا .. التهم طعامي الطيب ثم هم ينصرف .. من دون ان نتبادل عشر ‏جمل مفيدة .. في المرة القادمة يجب ان تحسن انتقاء من تدعوهم للعشاء .."‏
وكان الرجل قد فتح الباب فعلا ‏
‏***

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t4679.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 05-01-11 12:16 AM
Untitled document This thread Refback 30-05-10 05:30 PM
Untitled document This thread Refback 04-10-09 04:51 AM
Untitled document This thread Refback 23-07-09 06:26 PM
Untitled document This thread Refback 24-04-09 12:34 AM
Untitled document This thread Refback 06-04-09 10:00 AM


الساعة الآن 06:48 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية