لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (6) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-12-05, 12:56 AM   المشاركة رقم: 246
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 


-3-

قال ( مازن ) :‏
كان ظهور الرجل دراميا ، حتى شعر ( جوناثان ) بانه موشك على البكاء .. فلولا ‏الوقار لارتمى في احضان الرجل وبكى ساعتين على كتفه .. فما إن انتهت إجراءات ‏الترحيب ، حتى سألوه عن سبب اختفائه غير المبرر ..‏
اكتفى الرجل بان هز راسه في وقار وابتسم : ‏
ـ " إنها اسباب دينية يا رئيس .."‏
ـ" دينية ؟"‏
ـ " انا انتمي لجماعة تمارس ديانة خاصة لا يعترف بها القوم هنا ، وهذه من ‏مناسباتنا الدينية التي نعتزل فيها في جبل ( زاراندولي ).."‏
تماسك ( جوناثان ) كي لا ينفجر في الرجل .. لن يتكلم كذلك عن الشرط الجزائي في ‏العقد .. لا يريد اية مشاكل .. إنه بالفعل تحت رحمة الرجل تماما ..‏
ـ" كان بوسعك ان تخبرني .. المرء لا يذهب للتعبد فجأة .."‏
ـ " لا بد من ان يتم التعبد فجأة يا رئيس .."‏
على كل حال لم يعد باستطاعة ( جوناثان ) ان ينفعل اكثر من هذا حتى لا يموت ‏بنوبة قلبية .. وقد حاول عبثا إقناع نفسه بان اسوأ ما في الموضوع قد مر ..‏
ومن جديد عاد النشاط الى عالم التصوير ..‏
وفي اليوم التالي كان ( جوناثان ) مشغولا بالعمل ، حين سمع الرومانيين يتهامسون ‏وساد جو عام من القلق .. ثمة مشكلة ما لا يعرف ما هي ..‏
ـ" هيه ! ( إيزاك ) ! ماذا هنالك ؟"‏
دنا منه الفتى وهو يجفف عرقه بمنديل عملاقه ، وبصق على الارض ليظهر انهماكه ‏وقال :‏
ـ " جثة يا سيدي .."‏
ـ" آه .. حسبت الامر مقلقا .."‏
ثم تنبه لخطورة ما قاله الفتى ، فعاد يستزيده من التفاصيل .. قال هذا وهو يشير لما ‏وراء الأطلال :‏
ـ" جثة احد الكهربائيين الرومانيين .. وجدوها صباح اليوم خلف هذا الطلل .. من ‏الواضح ان الوفاة غير طبيعية .."‏
ـ " وهل طلب احدكم الشرطة ؟"‏
ـ" إنهم في الطريق . دعني فقط اشرح لك كيف ان الوفاة غير طبيعية .. لقد وجدوا ‏ثقبين في عنق الرجل هنا .."‏
واشار الى عنقه حيث الوريد الوجدي .. واردف :‏
ـ" ثم ان الجثة خالية من الدماء !"‏
هنا ـ كما نتوقع ـ جن جنون المخرج ـ فصاح وهو يمسك بالفتى من سترته : ‏
ـ" كف عن السخف .. ليس لأننا نمثل فيلما عن مصاصي الدماء تاتي لتقول .."‏
ـ" انا لم اقل شيئا يا سيدي .. الجثة هي التي تقول .."‏
وهرع ( جوناثان ) يشق زحام الأهالي الواقفين .. ليجد بين أقدامهم تلك الجثة التي ‏لن تصدق وجودها ما لم ترها .. كانت جدة ( جوناثان ) قد أصيبت بسرطان المعدة ، ‏وكانت تنزف دمها كله من الفم والشرج .. يذكر وجهها في آخر أيامها حين كان ‏يخاف الدخول الى حجرتها في دارهم .. هذا الوجه المصفر الذي لو اعتصرته لما ‏خرجت منه قطرة دم واحدة .. العينان الجاحظتان .. إن المشهد الآن يتكرر لكن ما ‏يجعله مرعبا بحق هو هذان الثقبان في العنق ..‏
هل مصاصو الدماء حقيقيون ؟ نعم هو يعرف انهم حقيقيون .. لكن ليس بالشكل ‏الأسطوري الذي تراه في السينما أو تقرأ عنه في القصص .. ليسوا وطاويط آدمية ‏تنام النهار وتصحو ليلا .. وتموت لو غرس وتد في صدورها .. هم مرضى نفسيون ‏يحبون مذاق الدم لا اكثر ولا اقل .. بعض حالات ( البروفيريا ‏Porphyriy ‎‏ ) تحتاج ‏الى الحديد وتحصل عليه بشكل شنيع .. فلو اضفنا لهذا ملامح مريض البورفيريا ‏الشاحب ذي الجلد المتسخ ، والعينين الحمراوين ، والشحوب البالغ والاسنان المدببة ‏والخوف من الضوء ، لامكننا ان نعرف من اين ولدت اساطير مصاصي الدماء ‏والمذءوبين .‏
كان الرومانيون يرددون لفظة :‏
ـ" فامفيري .. فامفيري .."‏
وهو لم يكن غبيا ولم يحتج الى عبقرية كي يعرف انها تعني ( مصاص دماء ) .. هي ‏تشبه ( ‏Vampire‏) الى حد كبير ..‏
الخلاصة انه كان يوما عصيبا خاصة حين جاء رجال الشرطة واجروا تحقيقاتهم مع ‏الجميع .. اين ( اولاف ) ؟ لماذا يختفي هذا الاحمق كلما احتاجوا اليه ؟‏
عرفوا ان الكهربائي ـ الذي يسمونه حسب مصطلحات السينما الامريكية بـ ( الفتى ‏الافضل ‏Best Boy‏ ) ـ شوهد للمرة الاخيرة ليلة امس ، وقد ترك رفاقه في ‏المعسكر وذهب الى الاطلال .. لماذا ؟ للتبول طبعا .. لا توجد اسباب اخرى .. هناك ‏دورة مياه هنا لكن هؤلاء الاشخاص يتبعون قدرهم بإصرار غريب ..‏
هكذا مرت ليلة سوداء اخرى..‏
كان ( جوناثان ) في مقطورته يشعر بانه بحق ملعون .. كان الكون قد خرج ليظفر ‏به ويمنعه من النجاح .. المصادفات حين تحتشد تجعل الامر موحيا بعدم الكفاءة .. ‏من الناحية الاخرى من المحيط لا يعبأ اساطين الشكرة كثيرا بالقصص عن اختفاء ‏الممثل الاهم من اجل عيد ديني لا يعرفه أحد ، ولا عن مصاص الدماء الذي يتسلى ‏بامتصاص فريق العمل .. كل م ايعرفونه هو ان ( جوناثان بيكر ) فشل مع اول ‏ميزانية ضخمة تمنح له ..‏
في الثامنة صباحا سمع من يدق على باب المقطورة ..‏
فتحج الباب فوجدالمساعد الروماني مع رجل نحيل اسمر له شاربان طويلان شائبان ‏يتدليان على جانبي فيه إلى اعلى عنقهه .. وكانت ثيابه مبهرجة الألوان ، وفي قدميه ‏حذاءان برقبة .. على كتفه حقيبة يبدو انها ثقيلة ، وقد تزه قبعته وضمها الى صدره ‏احتراما ..‏
قال له المساعد : ‏
ـ" هذا الرجل من غجر ( التسجاني ) إنه من عرفنا منه تلك الطقوس .. يبدو أن لديه ‏اشياء مهمة يجب ان تعرفها .."‏
سمح للرجل بالدخول وهو ينظر في ريبة الى شكله العجيب .. وتبادل نظرة مع ‏المساعد من طراز ( ما ـ هذه ـ املخلوقات ـ الغريبة ـ التي تحضرها ـ لي ـ؟"
جلس الغجري على مقعد خشبي في وسط المقطورة وبدا يتكلم بالرومانية ، فراح ‏المساعد يترجم : ‏
ـ" نحن غجر ( التسجاني ) كنا خدم الكونت ( دراكيولا ) منذ كان يدعى ( فلاد ‏الوالاشي ) ويعيش هنا .. نحن نعرف الكثير من الاسرار .. لقد منحنا الكونت ثقته .. ‏ونحن نعرف منذ زمن انه يحاول العودة .. والعودة قد لاحت علاماتها بشكل غير ‏مسبوق .. نعرف أنه سيأتينا رجلا عاديا .. وسيكون علينا ان نقيم له بعض الطقوس ‏التي نعرفها من فوق التابوت الذي سيرقد فيه .. هذا يعيد له قواه الكاملة .. هكذا ‏يتحول الى ( فامفيري ) ويستعيد القدرة على الطيران واختراق الحجب ببصره ، مع ‏القوة الخارقة التي لا يصمد امامها صامد .."‏
في نفاذ صبر قال ( جوناثان ):‏
ـ" هل يمكنك ان تختصر ؟"‏
قال الغجري بعد ما نقلت له الترجمة :‏
ـ" لهذا ارجو ان تلحق بي الى الاطلال المجاورة الآن .. هناك ما يجب ان تراه .."‏
ـ" له يمكن ان ينتظر هذا حتى ينتهي يوم التصوير ؟؟"‏
في ذعر هتف الغجري :‏
ـ" لا .. لا .. لا يمكن ان يحدث هذا ليلا .."‏
وهكذا تحرك الرجال الثلاثة عبر الأطلال لم تكن الحركة في موقع التصوير قد ‏نشطت بعد ، لذا لم يسأل احد اسئلة مريبة . واتجه الجميع الى منحدر وعر يقود الى ‏حفرة تحيط بها بقايا الحجارة .. حجارة ربما تعود الى القرون الوسطى او اقدم .. ‏حين كان الرومان يحتلون هذا المكان ..‏
كانت هناك فتحة في جدار مهدم .. مد الغجري يده وراح يعبث حتى ازاح بعض ‏الاعشاب والنباتات التي تسدها .. وفي النهاية وجدوا أنهم يحدقون في تابوت خشبي ‏رديء الصنع .. ‏
تعاونوا على إخراجه من موضعه .. وهتف ( جوناثان وهو يتحسس الخشب بيده : ‏
ـ" من جاء بهذا هنا ؟ لا يبدو عتيقا .."‏
مد الغجري اظفارا كالمخالف وانتزع الغطاء .. كان غير مثبت وفي ضوء الشمس ‏عرف ( جوناثان ) حقيقة ذلك الجسد المسجي بالداخل .. إنه ( اولاف ) كان نائما .. ‏لا بل كان ميتا .. لا بل كان ( غير ميت ) ..‏
وعلى شفتيه المسترخيتين كانت قطرات من دم لم يجف بعد ..‏
دم ليس دمه هو ..‏
قال الغجري :‏
ـ" كما ترى .. لقد عاد بكل قواه .. طقوسكم اعادته للحياة .. لقد حسبتم انكم تمثلون ‏لكنه كان بحاجة الى هذه الطقوس .. وهو الآن ينام هنا صباحا ويجول في المنطقة ‏ليلا ليظفر باي عاثر حظ يقابله .."‏
كان ( جوناثان ) يرتجف بالكامل ـ ومن يلومه على ذلك ؟ ـ لكنه قرر ان يحتفظ ‏بدور ( الرئيس ) كما كان ( اولاف ) يناديه، لهذا وقف ينظر الى الجثة وسأل ‏المساعد :‏
ـ " لا افهم .. هل هذا هو الكونت ( دراكيولا ) ذاته ؟ هل هذا ما تحاول بيعي إياه؟"‏
قال الغجري بعد ما سمع السؤال : ‏
ـ" لا .. إنه تجسيد آخر له .. وقد وجدت القبر باستعمال عيني .. إن الطيور لا تحلق ‏ابدا حيث يوجد قبر مصاص دماء .."‏
ـ" ولماذا لجأ لهذه الحيلة ؟ كان بوسعه ان يجد من يقوم له بهذه الطقوس بدلا منا ؟"‏
ـ" لم يكن ليجد من يقبل ، وما كان ليجد سبيلا للدخول الى القلعة من دون مساعدتكم ‏‏.. في ذلك الوقت كانت قواه لم تتطور بعد .. كان بشريا عاديا .."‏
ـ" ولماذا تخبرني بهذا كله ؟ لقد حصلنا على الطقوس منك ..أي انك في صفه .." ـ" ‏كنت مرغما على هذا .. اما الآن فلن احمل على راسي دم الضحايا الذين سيهلكون .. ‏إنني اعترف بما فعلت وأطالب بتصحيحه .."‏
ـ" ولماذا لا يبيت في القلعة حيث تابوته ؟"‏
ـ" لان الزحام شديد بالداخل ، وهو معرض طيلة الوقت لمن يفتح التابوت من اجل ‏التصوير .."‏
وساد صمت ثقيل لا يقطع إلا صوت أنفاسهم وصوت ذباب يحوم لا تعرف من اين ‏أتى ..‏
في النهاية قال ( جوناثان ) مطرقا :‏
ـ" تتحدث عن إصلاح الخطأ .. كيف ؟"‏
فتح الغجري حقيبته وببطء ـ كما يفعل بائع فخور يعرض عليك ما بجعبته من تحف . ‏اخرج مطرقة ووتدا وسكينا هائلة الحجم .. ثم نظر الى ( جوناثان ) متسائلا ..‏
هتف ( جوناثان ) في ذعر :‏
ـ" انت لن تفعل هذا ! هذه جريمة قتل !"‏
قال المساعد في رفق :‏
ـ " سيدي .. لا توجد محكمة في العالم تتهم هذا الراقد في التابوت بأنه مصاص دماء ‏‏.. لكننا نعرف ذلك .. كلنا نؤمن بذلك الآن .. هل لديك شك في حقيقة ما رأيناه ؟"‏
هز ( جوناثان ) رأسه عاجزا عن الإجابة بنعم .. عاجزا عن الإجابة بلا ..‏
ـ" سيدي .. هذا هو الحل الوحيد .."‏
هتف ( جوناثان ) في رعب :‏
ـ" لن افعل هذا .. لماذا لا يفعله هو ما دام مستريح الضمير ؟"
ـ" إنه مستريح الضمير .. لكنه حسب انك مهتم بمعرفة ما حل بممثلك الاول .. إنه ‏ميت يا سيدي وقد دفن نفسه بالفعل .. لن نفعل اكثر من ان نصحح مسار الطبيعة ‏ونريحه للابد .. ولن يعرف حد اننا فعلناها .."‏
صرخ ( جوناثان ) وهو يدير ظهره :‏
ـ " انتما مجنونان .."
وسمع من وراء ظهره مساعده يقول في تؤدة : ‏
ـ" نحن في ( ترانسلفانيا ) و ( ترانسلفانيا ) ليست (لندن ) .. نفس الكلمة التي قالها ‏الكونت ( دراكيولا ) في قصة ( ستوكر ) الشهيرة ..‏
وسمع صوت شيء يدق على الوتد ، ثم سمع صوت العظام وهي تهشم واللحم وهو ‏يتمزق .. كان هذا مريعا لعل الصوت كان اشنع من المشهد ذاته ، لهذا راح يركض ‏نحو المقطورة وهو يسد أذنيه ..‏
‏*** ‏
ظل طيلة اليوم في المقطورة لا يغادرها ، زاعما انه متوعك ..‏
لكن مشاهد النهار لم تفارق خياله ..‏
وعند منتصف الليل سمع من يطرق على الباب فهتف ان ادخل .. كان هذا مساعده ‏الشاب ( إيزاك ) .. وقد بدا راضيا عن نفسه والحياة برغم كل شيء ..‏
قال له وهو يجلس على المقعد الخشبي :‏
ـ " لقد ارحناه يا سيدي .. ثق من هذا .."‏
لم يستطع ( جوناثان ) التخلص من فكرة ان هذا الفتى قطع راس رجل وغرس وتدا ‏في صدره هذا الصباح بالذات .. وبرغم هذا هو هادئ مرح .. سأله دون ان ينظر له ‏‏:‏
ـ" هل دفنتموه حيث كان ؟"‏
ـ" نعم .. لكننا حشونا فمه بالثوم .. لا بد من هذا .. احيانا يحرقون الجثة لكن هذا كان ‏سيلفت الانظار .."‏
ابتلع ( جوناثان ) قرصا من المهدئ وقال : ‏
ـ " جميل .. جميل .. لقد بحثنا عمن يمثل الكونت ( دراكيولا ) وجدا واحدا بارعا .. ‏ثم اتضح لنا انه مصاص دماء فعلا .. واننا اعطيناه قدرة غير محدودة بسبب حماستنا ‏البلهاء في التصوير .."‏
ـ" يبدو هذا يا سيدي .."‏
ثم بعد قليل تساءل المساعد في كياسة : ‏
ـ" هل سنبحث عن ممثل آخر ؟"‏
صاح في هياج وهو يضرب المنضدة بقبضته :
ـ " الم تفهم بعد ؟ لا اريد كلمة واحدة عن هذا الفيلم اللعين ! لقد انتهى عملي هنا ! ‏انتهت قصتي ومستقبلي ! غدا سأجد عملا في مغسلة سيارات أو موزعا للصحف ! ‏ولا كلمة عن الفيلم اللعين !"‏
قال المساعد في رفق :‏
ـ" لا اريد ان اضايقك يا سيدي .. لكن هناك فرصة اخرى .. لقد اجاد الغجري تصور ‏ما حدث .. لكنه أخطأ في بعض التفاصيل .. الامر لم يكن متعلقا بمحاولة الكونت ( ‏دراكيولا ) للعودة .. الامر يتعلق بتلك العباءة التي كان الغجري يحتفظ بها.."‏
وطوح بالعباءة لتسقط عند قدمي ( جوناثان ) واردف بلهجته ذات الطباع الشرق ‏أوروبي :‏
ـ" كانت هذه عباءة مصاص دماء فعلا .. ويبدو انها كانت تحوي لعنة ما .. الغجري ‏لم يكن يعرف وقد تخلى عنها لي لأنه يجهل خطرها .. فقط كان يشمئز منها ولم ‏يجسر على تجربتها قط .. حينما جاءك ( أولاف ) لم يكن مصاص دماء .. لم يكن ‏متآمرا .. كان مجرد شخص له منظر فريد ويريد ان يمثل في فيلم امريكي .. لكنه بدأ ‏يتغير مع ارتداء العباءة .. لقد بدأ يتحول بالتدريج ، ولم يكن لتلك الطقوس أي دور .. ‏برغم انها جعلته يفتح غطاء التابوت بقواه المخيفة .. والآن انظر لي يا سيدي .."‏
رفع ( جوناثان ) وجهه ليرى اشنع منظر رآه في حياته .. لقد تغير وجه ( إيزاك ) ‏بالكامل .. هل كانت أذناه بهذا الطول ؟
منذ متى كان له نابان يوشكان على تمزيق شفته السفلى ؟
قال ( إيزاك ) وهو يبتسم تلك الابتسامة القذرة التي تجيدها المسوخ :‏
ـ" أنا جربت العباءة امام المرآة على سبيل الدعابة .. ومن هنا عرفت السر .. وقد ‏اكتمل تحولي الليلة .."‏
وثب ( جوناثان ) فوق فراشه وراح يبكي بصوت مبحوح متقطع .. لقد فقد القدرة ‏على الصراخ ..‏
قال ( إيزاك ) ..‏
ـ" بدأت اليوم بالتخلص من منافس لي .. لكن لا تخف يا سيدي .. سوف اتركك ‏وابحث عن دماء أخرى .. احب ان ابدأ حياتي كــ( فامفيري ) بدماء رومانية خالصة ‏‏.. لكني انصحك الا تلعب بالنار كثيرا .. وانصحك كذلك بالتخلص من هذه العباءة .. ‏إنها لعنة تتوارثها الاجيال .. فلا تدع احدا يعشها من بعدي !"‏
ورفع ( جوناثان ) عينيه المخضلتين بالدموع ، فلم ير ( إيزاك ) ..‏
فقط خيل له ان وطواطا يحلق خارجا من المقطورة ..‏
من يدري ؟ لربما كان واهما في هذا .. إن تأير الدموع على البصر قد يكون غريبا ..

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
قديم 07-12-05, 09:29 AM   المشاركة رقم: 247
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ابو ارجيله - Chife Operations Officer

البيانات
التسجيل: May 2005
العضوية: 86
المشاركات: 354
الجنس ذكر
معدل التقييم: Ala_Daboubi عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 60

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Ala_Daboubi غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

wala eshi............................................hehe

 
 

 

عرض البوم صور Ala_Daboubi  
قديم 07-12-05, 09:38 AM   المشاركة رقم: 248
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

شو بعدها خلصت
هيدي قصة طووووووووووووووووويلة
شو بعدك شفت

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
قديم 07-12-05, 11:51 PM   المشاركة رقم: 249
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 



الواجهة الثانية ‏
ابن ( أبراكساس ) ‏
‏-1-‏


مد ( مازن ) يده ففتح الواجهة .. وتناول منها العباءة السوداء ، وفردها على ساعده ‏كما يفعل تاجر الجلود بقطعة من جلد ثعبان ، وقال في تأمل أقرب الى التلذذ : ‏
ـ" ما رأيك ؟ هل تصدق هذا ؟"‏
أجبت عن سؤال بسؤال آخر كما يفعل أي لص احترف التحقيقات في المخفر :‏
ـ" وكيف عرفت انت هذه القصة ؟"‏
ـ" انا لست من الهواة يا دكتور ( رفعت ).. قلت إنني قضيت حياتي بحثا عن الحقيقة ‏‏.. وها هي ذي الحقيقة .."‏
ـ" تبدو لي حقيقة غريبة مغبرة نوعا .." ‏
قال ضاحكا :‏
ـ" هل نجرب ارتداء هذه العباءة ؟ ها هوا السؤال ماثل أمامك .. إن تحولت الى ‏مصاص دماء فالقصة صادقة ، وإن لم أتحول هذه أكذوبة أخرى .. لا انكر ان ‏الموضوع قد اكتسب صبغة غير مريحة ، وان هذه العباءة صارت تزن أطنانا بكل ‏ما اكتسبته من هالة نفسية .."‏
ـ" وهل جرؤت انت على ارتدائها ؟"‏
ابتسم ابتسامة غامضة ، ولم يرد .. فقط اتجه الى الواجهة الاخرى .. وقلت لنفسي : ‏لقد ارتداها بالتأكيد ارتداها .. لكن ماذا كانت النتيجة ؟
وامام الواجهة الثانية وقف لحظة ، ثم اشار الى محتواها .. هناك جنين كامل محفوظ ‏في سائل الفورمالين .. لا مشكلة هنا .. الامر اقرب الى متحف الطب الشرعي في أية ‏كلية طب بها متحف طب شرعي .. لكن لا بد أن هناك قصة ما تحيط بهذا الجنين ..‏
وقال بنفس الصوت الخفيض الغليظ :‏
ـط النوع التالي من الرعب هو رعب ستتعرف طرازه على الفور .."‏
‏*** ‏
قال ( مازن ):‏
حين تزوجت ( هالة ) كانت سعيدة بحق ..‏
‏( هالة ) مهندسة شابة رقيقة من الطراز الذي لا يعتقد ان في العالم أي نوع من الشر ‏‏.. وأحيانا كان يخطر لأهلها أنها تعاني نوعا خاصا من الغباء .. تكلمها عن المذابح .. ‏عن السرقات .. عن حياة الأصدقاء فيتقلص وجهها في ألم غير مصدقة .. ثم تنسى ‏الموضوع بعد ثوان وتثق بالجميع كما كانت دوما ..‏
بالنسبة لأبيه أكان هذا نوعا خاصا من التخلف العقلي الذي لا يمكن قياسه علميا .. ‏كان مستشارا متقاعدا وقد عاش حياة حافلة رأى فيها النفس البشرية في أشنع حالاتها ‏‏.. باختصار لم يعد يثق بأحد على الإطلاق ، وأعاش أولاده في قوقعة بعيدا عن عالم ‏الواقع تماما .. لكنه الآن صار في حاجة الى ان يخبرهم بتلك الحقيقة : إنه عالم قاس ‏شرير ذلك الذي ينتظركم بالخارج ..‏
لكن دروسه ظلت عسيرة على إفهام أولاده .. وكان هذا يثير جنونه ..‏
ذات مرة سمع باب الشقة يفتح ، فنظر الى المنبه المضيء بجوار الفراش ، ليجد انها ‏الرابعة صباحا .. من يفتح الباب في الرابعة صباحا ؟ أيقظ امرأته في هلع ، وركض ‏ليبحث في الشقة .. هنا كان الخبر المروع .. ، ( هالة ) إبنة الخامسة عشرة ـ وقتها ـ ‏ليست في الدار ..‏
هبط في الدرج يبحث عنها حافي القدمين وبمنامته ..‏
خرج الى الشارع المظلم الساكن .. وراح يناديها.. إن قلبه يتمزق جزعا .. يتمزق ‏فعلا .. ‏
في النهاية وجدها راكعة على ركبتيها على الإفريز تنظر تحت سيارة واقفة .. لقد ‏فرت قطتها من النافذة كعادتها في الأشهر الماضية .. لكنها لم تعد حتى الساعة ، ‏ومعنى هذا ان مكروها أصابها ..‏
تمالك أعصابه وراح يرتجف كورقة .. ثم مد يده تحت السيارة فلمست كتلة الفراء ‏الساخنة الغاضبة .. حملها في غل عائدا الى الدار وهو لا يصدق .. فتاة في الخامسة ‏عشرة من عمرها تغادر الدار في الرابعة صباحا من أجل قطة .. أي جنون ! أي ‏غباء ! أي بعد عن الواقع !‏
مشكلة هذه البلهاء انها لا تعرف أي خطر هنالك في الشوارع المظلمة .. تعتبر العالم ‏كله مكانا آمنا مناسبا للأطفال والفتيات والقطط ..‏
‏*** ‏
كبرت ( هالة ) وجاء ذلك الذي يعتقد انها ممتازة لهذا ستكون زوجة صالحة له هو ‏بالذات .. إن الرجل يبحث عن أفضل واحدة لمجرد انه هو ، ولا يفكر لحظة إن كان ‏هو الآخر أفضل واحد أم لا .. فلابد أنه كذلك ..‏
لكن ( كمال ) كان هو الأفضل فعلا ..‏
كان ( كمال ) مهندسا ، وكان على درجة من الثراء سمحت له بأن يدرس في الخارج ‏‏.. رجل وسيم هو ، وعلى درجة من الثراء والتهذيب .. لهذا كانت محاولته الأولى ‏للزواج هي الأخيرة ، لأنه ما من أسرة بكامل قواها العقلية ترفضه .. وبالنسبة للأب ‏بدا له الفتى بلا غبار عليه .. فقط هو يهوى المزاح أكثر من اللازم ، لكنه بالتأكيد ‏يمكن ان يحل محله في رعايتها ..
وكما اتفق الجميع ، كان سيتزوج ثم يأخذ زوجته معه إلى ألمانيا الشرقية حيث ‏يدرس ويعمل .. في تلك الأيام كان كل مهندس يذهب الى ألمانيا الشرقية يوما ما ..‏
وتم كل شيء .. دموع كثيرة ذرفها الجميع وهي تصعد سلم الطائرة بثوب الزفاف ‏مضفية لمحة درامية ما على المشهد .. وكان عليها للمرة الأولى في حياتها أن تبدأ ‏وحدها ..‏
لم ينغص ليلة الزفاف الأولى خارج الوطن إلا شيء واحد .. شيء بسيط في الواقع ..‏
في الليل كانت تشعر بظمأ شديد، فنهض زوجها المحب يحضر لها كوبا من الماء من ‏المطبخ ..وأثار دهشتها أنه يتحرك بسلاسة تامة في الظلام .. لم يتعثر مرة ، ولم ‏يرتطم بشيء مرة .. لا غرابة في هذا ، عل ىكل حال لو كان هذا بيته .. لكنها شقة ‏استعارها من صديق مصري ، إلى ان يفرغ من استكمال شقة الزوجية .. بعبارة ‏أخرى كان يجرب المشي هنا لأول مرة ..‏
وفي الصباح كان في الحمام ، فجربت بنفسها ان تغمض عينيها وتمشي في المسار ‏ذاته فاصطدمت بألف قطعة أثاث وكادت تحطم عنقها ..‏
فجأة شعرت بأنها تغوص بين ذراعين قويتين ، فأجفلت وفتحت عينيها لتجده ينظر ‏لها في ثبات ضاحكا :‏
ـ" ماذا تحاولين عمله !!"‏
شهقت في .. ثم ضحكت وقالت :‏
ـ" أحاول ان اعرف كيف تمشي في الظلام الدامس في هذه الشقة .."‏
اعتصر أذنيها في رفق كأنها طفل شقي وقال :‏
ـ " ملاك صغير هو أ،ت .. لهذا اخترتك .. لهذا همت بك حيا .."‏
كانت هذه إجابة كافية على كل حال ..‏
أحبت ( برلين ) وأجادت اللغة الألمانية الى حد ما .. وصارت لها صديقتان أو ثلاث ‏‏..‏
الأولى تدعى ( إنريكه ) والأخرى ( هيلدا ) . . وكانت الأولى تعمل مع زوجها من ‏قبل .. أما الأخرى فجارتها في البناية التي تسكن فيها .. صديقتان لطيفتان جدا لو ‏طلبت رأيي ..
الحادثة الثانية كانت ( هيلدا ) طرفا فيها ..‏
كانت ( هالة ) وزوجها جالسين يتناولان طعام الغداء .. طعاما صينيا برعت هي في ‏إعداده وأحبته صديقاتها .. هنا سمعا صوت صراخ يمزق السكون .. كان آتيا من ‏الشقة المجاورة ..‏
وثب زوجها وبأربع خطوات واسعة كان عند باب الشقة المجاورة .. فتحه واندفع الى ‏الداخل ..‏
‏( هيلدا ) تقف على باب الحمام تعوي كالذئاب .. الحمام له نافذة من الزجاج المصنفر ‏تتراقص من ورائه تلك الزهرة البرتقالية المخيفة .. لا يحتاج الأمر الى ان تكون ‏عبقريا كي تعرف أن هناك حريقا وان هناك شخصا بالداخل ..‏
نظرة تبادلها الجميع .. فهتفت ( هيدا ) وهي تركل الباب بساقها بعنف :‏
ـ" ( كارل ) بالداخل ! لا بد أنه سخان الغاز ! إنه لا يرد !"‏
هتفت ( هالة ) والطعام الذي كانت تمضغه يتساقط من فمها :
ـ" المطافئ ! لماذا لا ؟ ماذا عن ؟"‏
لكن زوجها كان اسرع من المطافئ وأكفأ .. ادار المقبض بعنف فانفتح .. ثم ـ قبل ان ‏تفهم ما يحدث ـ اجتاز الباب ، وبعد دقيقة كان قد غاب وسط ألسنة اللهب ..‏
ـ" يا أحمق ! انتظر ! أنت لن .."‏
قبل ان تكمل العبارة كان يخرج من وسط اللهب سليما تماما وهو يحمل الأخ ( كارل ‏‏) بين ذراعيه .. لم يكن ( كارل قطة صغيرة خفيفة الوزن ، لكن ( كمال ) أيضا لم ‏يكن ضعيفا .. لقد شق طريقه الى الخارج ، وهتف في جنون :‏
ـ" ماء !! أريد ماء !"‏
وألقى بالزوج على الأرض .. كان هذا الأخير ما زال بثيابه كاملة لحسن حظه ..لا بد ‏أنه أوقد السخان وتأهب لنزع ثيابه حين حدث ما حدث .. وكانت الثياب كلها تحترق ‏في حماسة غريبة ..‏
هرعت الزوجة من المطبخ حاملة دلوا من الماء تساقط أكثره على الأرض .. ‏وأفرغته مرة واحدة على زوجها .. وسرعان ما تحولت ثيابه الى عجينة من الرماد ‏المبتل ..‏
ـ" اطلبي المطافئ الآن ..‏
وحينما جاء رجال الإطفاء أخيرا أثنوا على ( كال ) بشدة ..‏
بينما وقفت ( هالة ) ترمقه في انبهار .. كان يقف لامعا عريض المنكبين .. منهكا ‏بشكل رجولي .. تفوح منه رائحة الشياط وقد تفحم نصف شاربه ، لكنه ـ كذا خطر ‏لها ـ كان رائعا .. الرجال يبدون رائعين حين تلوح عليهم علامات المعاناة والصراع ‏‏.. إنه النسر المصري الذي جاء عبر البحر المتوسط لينقذ ابن الراين .. كذا فكرت ‏وهي تتأمله في افتتان تام ..‏
رباه ! لكم أنا محظوظة !!
‏*** ‏

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
قديم 07-12-05, 11:53 PM   المشاركة رقم: 250
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 



‏-2-‏


قال ( مازن ) :‏
في اليوم الذي تلا عودة ( كارل ) من المستشفى أصر الزوجان على دعوة ( كمال ) ‏و ( هالة ) الى بيتهما للاحتفال .. وقد قبلا على الفور .. كان الجو العام ـ كما لك ان ‏تتوقع ـ هو مزيج من الامتنان من جهة والفخر المهذب من جهة أخرى ..
وقال الزوج وهو يتحسس الضمادات على أعلى صدره :‏
ـ" سخانات الغاز هذه لا تؤدي أي عمل الا ان تنفجر في وجهك .. من حسن الحظ ان ‏زوجك كان هنا .."‏
وبدأت المأدبة العامرة بالطعام الألماني كريه المذاق .. لم يتفق الأوروبيون بعد على ‏ما إذا كان أسوأ طعام هو الألماني أو البريطاني ، لكنهما متقاربان جدا في هذا اللقب ‏الفريد ..‏
وفي المطبخ وقفت ( هالة ) مع جارتها الألمانية تحاول أن تكون مفيدة .. الحقيقة أن ‏إجادتها للغة لم تصل لهذا الحد بعد ، لكنها كانت تحاول جاهدة ، وكان الألمان الذين ‏يكلمونها يضغطون تلقائيا على كوابح ألسنتهم ليخرج الكلام أبطأ وأوضح ..‏
قالت ( هيلدا ) وهي تقطع كعكة كبيرة :‏
ـ" إن زوجك رائع وأراهن على أنك فخورة به .."‏
في صدق وحرارة قالت ( هالة ) :‏
ـ" بالتأكيد .."‏
ـ " هل يحبك كثيرا ؟"‏
ابتسمت ( هالة ) في خجل .. هذه أشياء لا تسأل ولا يرد عليها .. هذا يشبه سؤالك ( ‏هل ستدخل الجنة ؟ ) .. طبعا انت تتمنى ذلك ، لكنك لا تملك القرار ولا تملك الإجابة ‏‏.. فقط تحاول :‏
نقتل ( هيلدا ) شريحة كبيرة الى طبق ، وقالت :‏
ـ" هل هو ساحر ؟"‏
ـ" إنه كذلك .."‏
ـ" أحدثك بالمعنى الحرفي للكلمة .. هناك أشياء غريبة لاحظتها في لحظة الحريق .. ‏اشياء اردت ان افهمها منه .. مثلا كي فاستطاع فتح باب الحمام ؟ لقد كان موصدا ‏بإحكام من الداخل .. كيف اخترق النيران وعاد دون ان يحترق شيء ما عدا نصف ‏شاربه ؟"‏
فكرت ( هالة ) .. حقا خطر لها هذا السؤال لكن الاحداث كانت متلاحقة لا تسمح لك ‏بإدارة الأفكار في فمك لتحسن تذوقها .. إنه قام بما يشبه المعجزة .. بل هي معجزة .. ‏فهل يقلل من شأنها انها كانت معجزة أكثر من اللازم ؟
وهكذا عادا الى غرفة المعيشة ، وإن خطر لها ان الغيرة ليست بالشيء المستبعد حتى ‏على زوجة ألمانية .. إن الغيرة قد تتخذ شكلا مخادعا لا تميزه بسهولة .. قد تتخذ ‏شكل موضوعية مبالغا فيها ..‏
‏*** ‏
في السوبر ماركت وقفت ( هالة ) مع ( إنريكه ) تنظران دورهما للدفع .. كانت ( ‏هالة ) مرتبكة لأنها لم تتعامل قط مع ( سوبر ماركت ) من قبل .. وهو سوبر ماركت ‏اشتراكي فقير جدا يشبه محل بقالة مما نراه اليوم ، لكنها لم تر مثله من قبل على كل ‏حال.. وكانت المعلبات الكثيرة تسبب لها الارتباك وقد اكتشفت انها وضعت علبتين ‏من اللحم المحفوظ المخصص للقطط في السلة ..‏
قالت لها ( إنريكه ) ضاحكة :‏
ـ " زوجك من هواة أطعمة الحيوانات المحفوظة هذه .. كما أنه يبتاع كميات لا ‏تصدق من اللحم . هل لديكما أسد في بيت الزوجية ؟"‏
بدا عليها الارتباك .. لا يوجد لديهما أي حيوان في الدار .. فمتى وكيف ابتاع زوجها ‏هذه الأشياء ؟ ‏
قالت ( أنريكه ) وقد وقفت امام الصراف : ‏
ـ" كان يشتري أشياء غريبة جدا قبل قدومك الى هنا .. كنت اتسوق معه من حين ‏للآخر .. وكان يقول إن هذه الأشياء لل************ .."‏
ـ" لم يكن لديه ************ قط .. لا الآن ولا قبل قدومي .."‏
ابتسمت ( إنريكه ) في رفق ، وهزت رأسها بمعنى ان الزوجات قد يعرفن كل شيء ‏في العالم إلا أزواجهن .. وهكذا توارت هذه الذكرى ولتتخذ مكانها على رف ‏الأرشيف .. الأرشيف الذي سيفتح في لحظة معينة كي يجيب على أسئلة عديدة ..‏
‏*** ‏
ـ" لم يكن عندي ************ قط .. هذه المرأة تخرف .."‏
قالها في ثقة منهيا هذا الجزء من المناقشة ، وراح يتحسس شاربه في عصبية وهو لا ‏يرفع عينيه عن الجريدة ..‏
قالت له في كياسة :‏
ـ" إذن ماذا نفعل بكل هذا اللحم الذي نشتريه ؟"‏
لم يرفع وجهه عن الجريدة وقال بنفس اللامبالاة :‏
ـ " لم اشتر لحما بكميات ، لكن لو فعلت .. فما المشكلة في إنسان أكول ؟ لاحظي ‏أنني لم افعل هذا قط منذ جئت الى هنا .."‏
ـ" هذا حق .."‏
مع امراة اخرى كانت هذه الإجابات ـ التي لا تسمن ولا تغني من جوع ـ غير كافية ، ‏لكنها بالنسبة لـ ( هالة ) البريئة التي تعتقد ان أفظع شخص قابلته في حياتها هو نفسها ‏، كانت إجابات مقنعة جدا وكافية جدا ..‏
وهكذا جلست تشاهد التلفزيون شاعرة برضا تام عن الحياة .. بدأت تكتب خطابا ‏لأمها تحكي فيه كم هي سعيدة .. كم هي راضية .. كم هي محظوظة ..‏
إنها نائمة الآن .. ظلام دامس .. هدوء محبب .. تشعر بأنفاسه المنتظمة بقربها .. إنه ‏ينهض .. إلى أين ؟ لا شك الى الحمام .. تريد ان تتكلم لكنها واهنة جدا ومفككة ‏الأوصال جدا ..‏
هل هذا صوت باب الشقة ؟
نعم .. إنه يفتحه .. لكنها لا تريد النهوض .. لا ترغب في النهوض : إنها تنزلق من ‏حين لآخر الى ما ( خلف جدار النوم ) كما يقول ( لافكرافت ‏Lovecraft‏ ) ثم تعود ‏الى ما أمامه .. حلم غريب . .هناك ضيوف .. هناك حفل .. مأدبة .. كل شيء جميل ‏وهي مسرورة ، فيما عدا تفصيلا بسيطا .. إنها هي الوجبة الأساسية لهذا الحفل !‏
الضيوف هم ( هيلدا ) و ( أريكه ) وآخرون .. زوجها يقف وسطهم يقطع أوصالها ‏بالسكين ، ويقدم لكل واحدة قطعة في طبقها .. المخيف هنا أنها راضية .. أنها ‏مسرورة .. أنها ترحب بمن يأكلونها كأنها ربة بيت حريصة على إرضاء ضيوفها ..‏
ثم تعود الى ما أمام جدار النوم فتسمع زوجها يتكلم مع أحدهم .. من هذا ؟ من هو ؟ ‏ثم تنزلق من جديد خلف الجدار لتعاود الحلم .. ثم .. لا شيء ..‏
إنه الظلام الدامس هذه المرة ..
‏*** ‏
في الصباح لم تكن تشعر بانها على ما يرام ..‏
ذهب زوجها الى العمل ، على حين جلست هي أمام التلفزيون تشاهد برامج الأطفال ‏‏.. خطر لها ان تتناول الإفطار لكن الفكرة جعلت العصارة الحمضية تصعد الى اعلى ‏مريئها ..‏
هل هي حامل ؟ ارتجفت للفكرة .. بالنسبة لها كانت هذه آخر فكرة ممكنة في العالم .. ‏طفل حي يصرخ ويبكي ويرضع يخرج من أحشائها هي ؟ هذا نوع من الخيال ‏العلمي لا شك فيه ..‏
دق جرس الباب ففتحته ..‏
على الباب كانت جارتها ( هيلدا ) .. وهي كما نعرف لا تعمل هي الأخرى .. هكذا ‏يبدأ حفل الزوجات الذي يتميز بالنميمة كطقس أساسي .. لم تكن ( هالة ) من الطراز ‏الذي يشكو زوجها .. أولا لأنها لم تجد فيه عيوبا حتى الآن .. ثانيا لانها ليست من ‏هذا الطراز .. يمكن ان تجلس لتمتدحه وعينها متورمة زرقاء من لكمته ، او وهي ‏تضع قطعة ثلج على خدها لتخفف من آلام صفعته لها ..‏
كانت جلسة طويلة عرفت فيها كل شيء عن عادات ( كارل ) وطباعه .. عن طفولته ‏ومراهقته وأمراضه ..‏
في وسط الكلام قالت الصديقة الألمانية بشكل عابر :‏
ـ" لا أحب التدخل فيما لا يعنيني .. لكن ما سر هذه الزيارات الليلية؟"‏
ـ" زيارات ليلية ؟"‏
ـ" هؤلاء القوم الذي يأتون بعد الثانية صباحا لداركم .. إننا نسمعهم .. اعترف انهم لا ‏يحدثون صخبا لكن هذا غير مريح .. خاصة أنني لمحت وجوهم من فرجة الباب .. ‏لا يوحي مظهرهم بالراحة أبدا .."‏
قشعريرة عبرت ظهر ( هالة ) وهي تسمع هذه الكلمات ..‏
هل هذا صوت باب الشقة ؟ ‏
نعم .. إنه يفتحه .. ثم تعود الى ما امام جدار النوم فتسمع زوجها يتكلم مع أحدهم .. ‏من هذا ؟ من هو ؟
لم تكن تخرف إذن .‏
بالفعل هناك من زارهم ليلا .. وهو يحرص على ان يزيل أي اثر لزيارته بعد رحيله ‏‏..يزيله بدقة لا توصف .. لان الشقة في الصباح تبقى كما هي ..‏
ولكن كيف ولماذا ؟ أشد ما يثير الضيق في هذه الأمور ان تشعر بأنك آخر من يعلم .. ‏لهذا شعرت بمقت شديد لـ ( هيلدا ) وتمنت لو تخرس قليلا ..‏
قالت لها ( هيلدا ) وقد لمحت حيرتها الواضحة :‏
ـ" واضح انك لا تعرفين شيئا عن الموضوع .. على كل حال يجب ان اقول إنك تثقين ‏بزوجك أكثر من اللازم .. ولو كنت مكانك لفتشت حاجياته بعناية ..و لظللت ساهرة ‏أنتظر .."‏
ـ" سأسأله .. هذا سهل .."‏
ـ" ما دام أنكر حتى الآن يا صغيرة فلسوف ينكر الى الأبد .."‏
وصمتت ( هالة ) وراحت تراقب المرأة على الشاشة وهي تعد نوعا ما من الحساء .. ‏تتكلم لكنها لا تفهم حرفا من كلامها ..‏
لكنها لم تسأله عن شيء ..‏
للمرة الأولى في حياتها تصرفت بخبث وكتمان ..‏
إلا انها لم تصح قط في الليل كي تحضر هذه الزيارة الغامضة .. دوما كانت تنام ‏كلوح الخشب الى ان يشرق النهار ، وعلى كل حال كانت قد بدت تنسى تلك الكلمات ‏المسمومة التي سمعتها .. وعامة حرصت على ان تتجنب لقاء ( هيلدا ) أو التعامل ‏معها .. هذه المراة على أسوأ حال من الخلاف مع زوجها ، وبالتأكيد صممت على ان ‏تهدي للوجود هدية هي المزيد من المقت ..‏
مرت الأيام وجاء اليوم الموعود ..‏
لقد كانت تلاحظ ذلك الانتفاخ في بطنها لكنها لم تعره اهتماما بالقدر الكافي .. ثم ‏صار الأمر حقيقيا لا ريب فيه .. ذهبت الى المستشفى وهناك حللوا بولها وأخبروها ‏بأنها حامل ..‏
هذا يفسر كل ما كانت تمر به من مقت للطعام ومن حموضة ، ومن قيء صباحي ..‏
إنها ستصير أما .. هي الطفلة الخائفة ستصير أما لطفلة خائفة أخرى ..‏
حين عاد ( كمال ) من العمل ، راحت تلعب دور الزوجة اللطيفة في الأفلام المصرية ‏‏.. لدي مفاجأة لك .. اليوم شعرت بتوعك .. ذهبت للطبيب .. قال لي .. إنك .. بعد ‏أشهر .. سوف ..‏
قاطعها في نفاذ صبر :‏
ـ" حامل؟ أعرف هذا .. لا داعي لهذه المقدمات .."‏
شعرت بخيبة أمل .. كانت تتوقع ان يكون رقيقا ويقبل بلاهتها هذه .. وأدرك انه ‏جرحها فقال في رفق :‏
ـ " يا ملاكي لا يحتاج الأمر الى طبيب .. عروس شابة انقطع منها الطمث وتقيء ‏يوميا ويكبر بطنها يوما بعد يوم .. فهل هذه مجرد غازات ؟"‏
قالت لنفسها إن كلامه منطقي بلا شك ، وإن كانت تفضل ان يكون أكثر شاعرية ‏ورقة ..‏
على كل حال جلست تكتب لأهلها هذه المفاجأة الصاعقة ،، وبرغم كل شيء لم تنكر ‏في خطابها لحظة أنها سعيدة ،، وسعيدة أكثر من اللازم ..‏

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t4679.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 05-01-11 12:16 AM
Untitled document This thread Refback 30-05-10 05:30 PM
Untitled document This thread Refback 04-10-09 04:51 AM
Untitled document This thread Refback 23-07-09 06:26 PM
Untitled document This thread Refback 24-04-09 12:34 AM
Untitled document This thread Refback 06-04-09 10:00 AM


الساعة الآن 08:49 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية