لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (6) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-11-05, 01:09 PM   المشاركة رقم: 226
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
بهيك امور اعتمد على خلاصة علاء
صوت وصورة

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
قديم 29-11-05, 11:21 PM   المشاركة رقم: 227
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 



5- السيدة تظهر ...‏

انتهى العشاء فجففت فمي بالمنشفة .. وكنت متعبا كحيوان ( الكسلان ) بعد ‏عناء يوم شاق من السفر بكل وسائل المواصلات الممكنة ، لذا وجهت شكرا ‏رقيقا لـ ( جراهام ) واعلنت انني ذاهب الى غرفتي ..‏
ثم هززت راسي لها في لطف وانسحبت ..‏
اخيرا انفرد بالحجرة التي تحمل في كل ركن منها لمسات ( ماجي ) .. اعرف ‏انها كانت هنا واعدت كل شيء ثم ذهبت .. ذهبت لاني ؟ هل هي بخير ؟ لا ‏اعرف ..‏
المشكلة هنا انني لا املك خططا من أي نوع .. لا اعرف حركة واحدة في لعبة ‏الشطرنج هذه ..‏
لكنني على الأقل كنت املك استنتاجات .. الاستنتاج المنطقي الاول هو ان ما ‏يحدث له علاقة بـ (رونيل ).. الاستنتاج الثاني هو ان شيئا ما قذرا يجري هنا .. ‏الاستنتاج الثالث ليس استنتاجا لكنه حدس او شعور في أحشائي كما يقول ‏الإنجليز ‏Cut Feeling ‎‏ ان هذه المرأة المتحذلقة هي ( رونيل ) .. ما هو ‏دليلي ؟ لا دليل سوى حدس الأحشاء هذه .. وأحشائي لم تكن يوما بحال طيبة ‏على كل حال .. إن قرحة المعدة والإمساك والتهاب القولون لا يتركون لها ‏فرصة كي تشعر بشفافية ..‏
لو كانت هذه المراة هي ( رونيل ) السوداء فانا في مأزق .. مأزق شنيع ..‏
يوما بعد يوم صرت اقبل هذه الخوارق العجيبة كأنها حقائق .. ويبدو انني ‏صرت مخرفا حقا ..‏
لكن لو لم تكن تلك المرأة ( رونيل ) فانا في مأزق آخر .. لا يوجد أي شيء ‏افعله على الإطلاق ..‏
كنت قد فرغت من إفراغ حقيبتي حين دق الباب .. طبعا صار هذا الموقف بدوره ‏مكررا .. ستكون هي ولسوف تطلب مني شيئا تافها .. شباك غرفتها لا يغلق او ‏شباك غرفتها لا يفتح .. طبعا الغرض الوحيد هو تعميق علاقة ما .. والعلاقة ‏ليست لسواد عيني او لوسامتي التي تخجل الشمس منها ، ولكن لأكون الأحمق ‏الذي يتم توريطه في شيء ما ..‏
لقد مررت بهذا الموقف ألف مرة من قبل ومن بعد ، ويبدو ان في مظهري ما ‏يوحي بانني ذلك الاحمق الذي يعتقد ان حسناء هامت به حبا بعد خمس دقائق ‏من لقائهما .. ‏
شعرت بغيظ عارم من كل هذه الإهانات التي أتلقاها بلا سبب وفتحت الباب في ‏عصبية ..‏
كانت هي بالفعل ..‏
السيدة _ جيلبرت ) ..‏
‏( أين رايت هذا الوجه من قبل ؟ هذا الشعور يضايقني ) ‏
قالت لي وهي تستند الى الباب في إنهاك : ‏
‏" اوه .. إنه الصداع .. الصداع اللعين .. بحق ( أبراكساس ).. خطر لي ان ‏المرء سعيد الطالع إذ يكون في الغرفة المجاورة له بروفسور في الطب .."‏
ثم وضعت يدها على صدغها لتبين لي كم ان الألم شنيع هنا ..‏
بحثت في حقيبتي حتى وجدت أقراص الاسبريلن ، وناولتها ثلاثة .. حرصت ‏على ان يحمل وجهي كل معالم المقت والاشمئزاز كأنها جاءت تطلب غدتي ‏التيموسية وليس علاجا للصداع..‏
‏( ابراكساس ؟ هل قالت : بحق ابراكساس ؟)‏
امسكت بالأقراص في قبضتها كأنما تزنها ، وكأنما ترى هل تنجح هذه الأقراص ‏الخفيفة في علاج صداعها العظيم ، ثم قالت :‏
‏" أوه .. شكرا .. لطيف .. لطيف .."‏
ثم تقدمت الى داخل الحجرة ، وبحركة مسرحية رفعت الاقراص الى شفتيها ‏المخضبتين بالأحمر ، وقالت :
ـ " هل يسمح لي الأستاذ العظيم بكوب من الماء ؟"‏
‏( ابراكساس ؟ هل قالت : بحق ابراكساس ؟ )‏
لا اعرف إن كنت قليل الذوق ، ام ان الإنهاك والتوتر جعلاني كذلك .. لكني ‏وجدت نفسي أتكلم بلا توقف وكانت كلماتي عصبية تحمل الكثير من الإهانات : ‏
‏" بالطبع ليس عندي . ودعني اقل لك إن هذه الحركات المسرحية لا تؤثر في .. ‏إن كان الغرض هو خداعي ـ وهذا ما أرجحه ـ فقد اخترت الشخص الخطأ . وإن ‏كان الغرض إغرائي ـ لسبب لا اعرفه ـ فقد اخترت أكثر الأشخاص خطأ في ‏العالم .. فانا لا اريد امن الحياة إال ان أراقبها تحت المجهر ، بالاضافة الى انك ـ ‏واغفري لي خشونتي ـ لا تروقين لي على الإطلاق .. ولربما لو كنت فأر المنك ‏لفكرت في الأمر ، او خضت نوعا من الصراع مع نفسي .. اما وانت انت فإنني ‏اتمنى لك ليلة طيبة ، وأرجو ان تفكري في كل الأدوية التي قد تريدينا الليلة .. ‏فانا لن افتح بابي ثانية .."‏
أنهيت هذه الكلمات وعجبت انني قلتها .. لو كانت هذه ( رونيل ) فقد انتهى ‏الامر .. لا احتاج الى أكثر من هذا كي اقضي حياتي فأرا .. ولو لم تكن ( رونيل ‏‏) فلسوف توجه لي دفعة جديرة بالأساطير .. ربما تطير لي قاطعين ونابا ..‏
فقد نظرت لي للحظة ..‏
‏( بركساس ؟ هل قالت : بحق ابركساس ؟)‏
نظرة باردة طويلة .. بلا أي تعبير .. المخيف انها بلا أي تعبير ..‏
ثم ـ دون كلمة واحدة ـ غادرت الغرفة .. وأغلقت الباب وراءها ..‏
يبدو أنني كنت مخطئا .. لقد آذيت شعور هذه الفتاة البريئة المصابة بالصداع .. ‏لن اكف عن لعب دور الأحمق ما حييت .. على كل حال انا في حالة عصبية ‏كريهة .. من الخير له االا تحتك بي ابدا ..‏
غسلت اسناني وارتديت منامتي .. وتأهبت لليلة طويلة مريحة .. سأنام كجثة ‏من العصر ( الباليوزي ) .. حتى وان كنت قلقا فلسوف اقلق بشكل افضل حين ‏اصحو واسترد قواي ..‏
‏( ماجي ) العزيزة .. اين انت ؟
شيء في أعماقي خافتا كقطعة جمر تحت الرماد ، يقول لي إن الامر ليس بهذا ‏التعقيد .. ستعود ( ماجي ) سالمة .. على الأرجح هي سمعت عن طبيب نفسي ‏ألماني بارع وقررت ان تجرب حظها مع الطفلة هناك .. رحلة خاطفة وتعود ‏بعدها ..‏
طك .. طك !‏
هذا صوت الباب لو لاحظتم ..‏
هذه المرة لن اكون فظا .. سأتكلم بشيء من العقل والهدوء ..‏
اتجهت للباب وفتحته .. هنا وجدت ( جراهام ) الوقور يقف حاملا كوبا على ‏صينية انيقة ، ويقول بصرامة :‏
‏" اوامر الآنسة ( ماكيلوب ) معذرة يا سيدي .. لكن بوسعك الا تشرب .."‏
نظرت للكوب في عناية .. هذا لبن بارد ممزوج بالشيكولاته .. لمسة اخرى من ‏لمسات عناية ( ماجي ) بي ، فهي لم تنس انني كنت اشربه قبل النوم في الزمن ‏الغابر .. تفاصيل كهذه تدير راسي حقا .. وقد كففت عن شرب اللبن أساسا من ‏زمن لكن اللبن لا يرد .. دعك من تلك اللمسة الرقيقة . حتى بعد رحلها حرصت ‏على ان ..‏
ـ " شكرا يا رجلي الطيب .."‏
وتركته يضع الصينية على النضد .. ثم خرج واغلق الباب ، فرفعت الكوب الى ‏شفتي ورشفت رشفة طويلة .. طويلة .. وكأن هناك شلالا يصب الذكريات في ‏قلبي ..‏
اغلقت النور ورقدت في الفراش اتأمل تلك الشاشة السوداء المعلقة في هواء ‏الغرفة ، والتي تعكس افكارنا بوضوح ..‏
قلت لنفسي وانا أتثاءب : برغم كل شيء .. هذه المرأة هي ( رونيل ) ذاتها .. ‏الآن اتذكر من هو ( ابراكساس ) هذا . إنه من شياطين العالم السفلى ذوي ‏الشهرة والشعبية .. مثله مثل ( بيلفاجور ) و ( عشتروت ) وسواهم ..‏
لم تقلها سهوا ،، ولكن كانت تنقل لي رسالة واضحة ..‏
لكن ما هي ؟ ‏
الصباح ..‏
الشمس الاسكتلندية الجملة تتسلل من النافذة ، وانا لم ار الشمس الاسكتلندية ‏إلا ست مرات في حياتي ..‏
يا للعذوبة ! هذا هو الربيع الذي احكم سيطرته على كل شيء .. لم تعد هناك ‏تفاصيل منسية ..‏
بحيرة ( لوخ نس ) تتمطى بعد نعاس طويل ، ومن بعيد ترى التلال التي غطتها ‏الخضرة ..‏
إنه موعد الإفطار .. إن الشاعرية تحرك لدي غريزة الجوع ، ولا اعرف السبب ‏‏.. ملاحظة سبقني اليها العبقري ( احمد رجب ) حين وصف ما يسمى بالغدة ( ‏الكلوغرامية ) التي تجعل العاشق يترنم ناظرا للسماء قائلا : ( آه يا ليل يا قمر ) ‏‏.. ثم ينظر الى اسفل قليلا فيقول من دون مناسبة ، و ( المنجة طابت عالشجر ) ‏‏..‏
قررت ان أنزل الى الحديقة قليلا .. هناك حديقة لا باس بها ابدا هنا ، وقد ‏شعرت انني ـ ربما منذ زمن سحيق ـ اريد ان ارى الازهار .. إنني اكتسب ‏عادات سيئة في الفترة الاخيرة .. يبدو أنني ساحب الاطفال كذلك ..‏
خرجت من القصر ، ومشيت في الحديقة .. ترى من يعني بها الآن ؟ لا بد ان ‏هناك بستانيا غير متفرغ ياتي للعناية بها لأن شانها اعقد من ان تكلف بها مسز ‏‏( اوركهارت ) او ( جراهام )..‏
الآن انا امشي تحت نافذتي .. اراها من اسفل .. أطأ العشب فأشم رائحته ‏الطازجة الرطيبة ..‏
هذه نافذة اخرى مفتوحة .. لا احتاج الى ذكاء كبير كي اعرف انها نافذة تلك ‏المرأة الغامضة .. ترى هل افاقت من نومها ؟ ترى كيف تبدو في الصباح ؟ ‏وابتسمت في سري .. كما يقولون : لا يحتاج الأمر الى معجزة كي تكون جميلا ‏في الربيع !‏
ثمة اشياء غريبة نوعا على الأرض .. يمكن الا تراها لكني فعلت .. وقد انحنيت ‏على ركبتي لأتفحصها بعناية اكثر .. بدلت عويناتي لأحسن مجال الرؤية .. ‏الإرسال التالف قد تحسن بعد ضبط الهوائي ..‏
هذه أشلاء ارنب .. لا اعرف سببا واحدا لوجود ارنب هنا ، لكنه بحال طيبة ‏والطقس دافئ .. لم تكن هذه بقايا وجبة من وجبات ( إليانور ) الصغيرة التي ‏تأكل الفئران وإلا لتعفنت ..‏
ثم ما هذا ايضا ؟ حمامة وعصفور دوري رقيق .. لقد تمت إزالة الريش عن ‏بطن الطائرين ، وتم تمزيق البطن بعناية ربما لانتزاع الأحشاء ..‏
لا اعرف السبب في وجود هذه الأشياء .. هل رزقهم الله بنمس ؟ لكن هل ‏النمس يزيل ريش ضحاياه قبل التهامها ؟ نمس انتقائي جدا يمارس عمله ‏كأستاذة الجراحة .. بل هو راق كذلك ..‏
الخلاصة أنني لم اشعر براحة لما رأيت وهذا من حقي .. لكن ما هو أسوأ هو ‏أنني لا افهمه ..‏
هل تلك المراة تجلس وحدها في حجرتها ، تتسلى بأكل الأرانب والعصافير ‏الدورية نية ؟ ‏
كنت لأقبل هذا التفسير وأرحب به لو انها التهمت هذه الكائنات البريئة بالكامل ‏‏..‏
وهكذا تبدل مزاجي الى النقيض ولم يعد الربيع يبدو لي ربيعا الى هذا الحد ..‏
عدت الى االداخل ، وتمنيت لو اعتذر عن الإفطار .. لكني امقت الاسئلة الكثيرة ‏‏..‏
‏-‏ ‏" اخبرتني ان علي ان أعني بك .. كما .."‏
‏-‏ واتسعت ابتسامتها اكثر ولمست عقدها بيدها وأردفت : ‏
‏" كما تعني هي بك "‏
‏*** ‏
على مائدة الإفطار وحدت كوب اللبن بالشيكولاته إياه .. كان هناك عصير برتقال ‏وقهوة .. لكني وجدت نفسي راغبا بحق في أن اظفر بالشيء الوحيد الذي يحمل أثر ‏‏( ماجي ) هنا .. أن اشعر به في أحشائي .. وان يسري في عروقي ..‏
قلت لها في سري :‏
ـ " يا لك من خائنة .. تخليت عني وسط هذه الألغاز .. وكنت آمل في ان تكوني ‏بجانبي .."‏
وافرغت كوب اللبن في جوفي ، ثم جففت بمنديل ورقي ذلك الشارب الأبيض الذي ‏تكون لي حتما ، بينما سمعت خطوات السيدة قادمة ..‏
جلست جواري .. فرفعت عيني نحوها متسائلا ..‏
كانت مشرقة كالشمس .. وخطر لي ان مزاجي السيء امس جعلني لا احسن القول ‏ولا الفعل ..‏
ولا تقدير الجمال !‏
عن من لا يعتبر هذه السيدة واحدة من أجمل خمس نساء على وجه الأرض ، فلا بد ‏أنه مجنون او كفيف .. صحيح انه ( لا يحتاج الأمر الى معجزة كي تكون جميلا في ‏الربيع ) لكنك تحتاج الى مليون معجزة كي تكون فاتنا في الربيع ..‏
قلت لها متوددا :‏
ـ "ارجو ان يكون الصداع قد زال .."‏
نظرت لي وابتسمت .. لقد زالت العاصفة إذن وكلماتي لم تترك ندبة لا تزول ..‏
‏( لم تربط معصمها ؟ هل جرحته أمس !)‏
قالت : ‏
ـ " الصداع زال فعلا وإني لك شاكرة .. كما زال اثر كلماتك القاسية .."‏
ـ " كنت مرهقا بفعل السفر لا أكثر .. وكنت اشعر ان الكون يستفزني في مباراة ‏كلامية .."‏
ـ " كلنا ذلك الشخص .. السنا كذا ؟"‏
وراحت تنقل لطبقها كميات هائلة من ( البيكون ) الذي لم امسسه بطبيعة الحال . . ‏لكني اندهشت من تلك المرأة التي تبدأ يومها بالتهام كل هذا اللحم ..‏
وكالعادة سمعت السؤال في ذهني .. هي بارعة جدا في سماع الأفكار كما لاحظت ..‏
قالت وهي تنقل المزيد :‏
ـ " انا على نقيض النباتيين تماما .. أؤمن ان اللحم والسمك والبيض هم عماد ‏الجمال .. إن جسدك يتكون من البروتين ، فكيف تعطيه ما ليس بروتينيا ؟ دع ‏للنباتيين طعامهم ينعمون به .. ياكلون الكرفس على الإفطار والبطاطس على الغداء ‏والبازلاء على العشاء ، ثم يقولون إنهم يبحثون عن الخلود والجمال .."‏
قلت باسما :‏
ـ" يسهل الاعتقاد بصحة نظريتك حين ينظر المرء لك طويلا .. لقد بدأت افكر في ‏شراء بقرة حية لأضعها في مطبخ داري بالقاهرة .. ولسوف اقتطع منها قطعة قبل ‏كل وجبة !"‏
ضحكت طويلا فضحكت انا الآخر .. يحب أي رجل المراة التي تضحك لدعاباته .. ثم ‏سألتها : ‏
ـ " لا اريد التدخل في شئون خاصة .. لكن اين المستر ( جيلبرت ) ؟"‏
ابتلعت ريقها .. وصارت كلماتها بطيئة مما جعلني اوقن ان هذه ذكرى أليمة او ‏على الاقل ليس لي حق السؤال عنها : ‏
ـ " نحن منفصلان .. وآخر ما سمعته عنه انه في ألمانيا .. وأنه سجين .."‏
انتهى الطعام فخرجنا معا نمشي على شاطئ ( لوخ نس )..‏
كنت سعيدا كخنزيــ .. كدودة في مقبرة جماعية ( ما دمتم لا تحبون التشبيهات ‏الصادمة ).. وبدا لي ان كل ما شعرت به امس كان واهما ..‏
لا اعرف متى تأبطت ذراعي وراحت تتحدث .. تتحدث عن اشياء كالحلم لا تعرف ما ‏هي ولا تذكرها ، لكنك تنبهر بها .. وبدأت ادرك أنني لست قبيحا الى الحد الذي ‏حسبته .. إنها لا تفتعل شيئا .. هي فعلا تميل لي ..‏
وعند العصر كانت تجلس على صخرة تطل على البحيرة ، وبصوت رخيم عميق ‏راحت تغني .. كانت تغني أغنية لاتينية لم افهم منها حرفا لأنها تبدو للآذان كصفحة ‏من كتاب تشريح ( جراي ) .. لكن هذا بالضبط ما اريد ..‏
‏*** ‏
يقولون : اقتل أي شخص يتكلم اللاتينية بطلاقة ، ما لم يكن هو القس الكاثوليكي ..‏
‏*** ‏
عندما جاء الظلام ، تناولنا العشاء معا ونحن لا نبعد عيوننا عن بعض ..‏
كنت فيما مضى اسخر من فلسفة ( السولبيسيزم ‏Solipsism ‎‏ ) أو ايمان الشخص ‏بانه لا حقيقة في الكون إلا ذاته .. لكني بدأت اعتقد أنني كنت احمق .. هناك ‏حقيقتان .. انا وهي .. ‏
ما أجمل هذا ! القصر كله لنا للأبد .. وحيدان عند نهاية العالم ، حيث لا صخب يعكر ‏صفونا إلا صيحات ( نيسي ) العزيز في الليل لو كان ما زال في البحيرة ..‏
وحين عدت الى فراشي رحت ادندن وانا انظر الى الليل الصامت بالخارج :‏
ـ " ابتديت دلوقتي بس .. احب عمري .. ابتديت دلوقتي اخاف للعمر يجري !"‏
وهنا ـ كالعادة ـ تذكرت شيئا .. دائما اتذكر شيئا قبل النوم كأن ذلك العقل الواعي في ‏داخلي لم يكن معي .. كان منهمكا يقلب الدفاتر والمراجع وعويناته على انفه .. ‏كئيبا جادا كموظف أرشيف لا يعرف المزاح .. مفتش في الجهاز المركزي ‏للمحاسبات لا يرتشي ولا يسعى إلا للحقيقة .. وفجأة في هذه اللحظة بالذات يعلن ما ‏توصل إليه بعد يوم شق من العمل : ‏
ـ " قلب حمامة .. كلية ارنب بريء .. كبد عصفور دوي .. ربما رحم ( سنونو ) ‏كذلك .. ( رفعت ) يا بني .. هذه هي مقادير ( رحيق الحب ) الذي كانت الساحرات ‏يصنعنه في القرون الوسطى !"‏
قلت في لا مبالاة وانا أصاحب الإيقاع بأناملي على خشب الفراش :‏
ـ " وما في هذا ؟"‏
ـ " معناه ان تلك المرأة كانت تحضر لك ذلك المزيج في غرفتها امس .. وانت ‏شربته ! غالبا مع اللبن الممزوج بالشوكولاته .."‏
ـ " وما المشكلة ؟"‏
ـ " رحيق الحب يا احمق كانت الساحرات يقدمنه لأي شخص يرغبن في ان يقع في ‏هواهن .. إنهن يمزجن هذه الاشياء بقليل من دمهن .. الم تر ان معصمها مربوط ‏اليوم ؟"‏
ـ " وما في ذلك ؟"‏
ـ " الا ترى انك تميل إليها بشدة ؟ وان رايك تغير كثيرا جدا ؟"‏
قلت في ضيق وانا اغلق عيني : ‏
ـ " كيمياء لحب تعمل احيانا بشكل تلقائي .. لا يجب ان تشرب مزيجا من رحم ‏السنونو والدم كي تقع في لحب .."‏
كاد يتكلم لكني اخرسته مغنيا بصوت عال : ‏
ـ " إللي شفته .. قبل ما تشوفك عنيا .."‏
ـ " عمر ضاااااااااااايع .. يحسبوه إزاي عليا ؟"‏
‏*** ‏
إللي شفته !!‏

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
قديم 29-11-05, 11:23 PM   المشاركة رقم: 228
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 



6- اجتماعيات ..‏


ما حدث بعد ذلك ؟ ‏
آه !!! تسأل اسئلة غريبة ..‏
كيف لي ان اعرف ما حدث بعذ هذا ؟ إن السعادة لا تحكي ولكن تعاش .. عند ‏قصائد الهم والأسى والشجن في الادب العربي والعالمي ، ستجدها ملايين .. عد ‏قصائد الهناء والرضا ولنشوة فلن تجدها تقريبا .. الكلام للشكوى اما الصمت ‏فلنتذوق اللحظة الآتية ..وقد كنت اتذوق اللحظة الآتية حقا ..‏
ايام كأنها الحلم .. ايام هي الحلم .. ايام فاقت الحلم .. ايام يحلم بها الحلم ..‏
‏( جراهام ) يمر بنا من بعيد ليبتسم .. إن الوغد يعرف كل شيء .. إنه يعمل في ‏صفها .. لم يكف عن جعل إقامتنا مريحة قدر الإمكان .‏
ترى متى ينتهي هذا الحلم ؟ كيف ينتهي ؟‏
لم اخبرك طبعا بالتفاصيل كلها .. لقد تزوجت !! ألم تعرف بعد !!لا اعرف كيف ‏احكي هذا الجزء لاني بالفعل لا اذكر عنه أي شيء .. لكنها اكدت لي ذلك ، وقالت ‏إننا تزوجنا كما يفعل المسلمون ، حين قصدنا ( أدنبرة ) وطلبت مشورة الجالية ‏المسلمة هنك.. هكذا قالت ولا استطيع ان انفي او أؤكد .. لماذا تكذب علي ؟ اين ‏الأوراق ؟ لم تأت من ( أدنبرة ) بعد ..‏
فقط اعرف ان هناك صورا لي اضحك في بلاهة واجلس معها وسط مجموعة من ‏الناس فيما يشبه حفل زواج .. بعض وجوه هؤلاء يمكن ان تكون لعرب .. هناك ‏خاتم حول إصبعي .. تقول إننا اشتريناه في ذلك اليوم من ادنبرة ..‏
حقا لا اذكر شيئا من هذا لكني اثق فيما تقول ..‏
فقط رحت اضحك حتى استلقيت على قفاي .. هنا بالذات ؟ ومع هذه المرأة التي لم ‏اكن اعرف عنها حرفا من اسبوع ؟ هل هكذا تنتهي اسطورة الأعزب الابدي ( ‏رفعت إسماعيل )؟
كل الثرثرة عن حياتي التي لا تتحملها زوجة ؟ كل الرومانسية الصناعية مع ( ‏هويدا ) وكيف انهار كل شيء فجأة ؟ كل قصتي الأبدية مع ( ماجي ) ، والكلام عن ‏وجه القمر الذي من الخير لنا ان نبقى بعيدين ، كي لا نرى ما عليه من فجوات ‏وبثور ؟ كل عروض ( عزت ) و ( محمد شاهين ) ؟ كل هذا انتهى هنا ومع ( ‏جلوريا )؟
انتهت اسطورة العزب الابدي .. فارس ( النينجا ) المتوحد الذي لو تزوج لفقد سر ‏تميزه ..‏
اتمنى فقط ان ارى وجه ( ماجي ) لو كانت حية حين تعود لتجد أنني تزوجت اعز ‏صديقة لها ! والجميل انني امضي شهر العسل في قصرها بالذات !‏
مصر ؟ لم اعد اذكر كم بقيت هنا .. العمل والشقة و ( عزت ) وقريتي .. هل هذه ‏الأشياء وجدت حقا ؟ إنها حلم بعيد .. لا بد أنني هنا منذ قرون .. منذ اطلق ( ‏التيروداكتيل ) صرخة الميلاد وحلق فوق برك القطران ، حيث تغرق الديناصورات ‏على الاقل حظا .. منذ انفصلت الامريكتان عن إفريقيا وغاصت ( الاطلنطس ) في ‏قاع المحيط ..‏
حقا كانت ( جلوريا اسماعيل ) ـ نعم .. هذا هو اسمها الآن ـ ساحرة .. لكن أي سحر ‏‏!‏
رحيق الحب ؟ وما في ذلك ؟ ما اجمل ان تريدك المرأة لدرجة ان تقضي الوقت في ‏صنع تلك الوصفات المقززة لتفوز بك .. هذا يزيد من قدرها في نظري ..‏
ويبدو اننا مشينا على شاطئ ( لوخ نس ) ملايين المرات .. يبدو أنها غنت ‏باللاتينية آلاف المرات .. يبدو أنني قطفت لها كل زهور ( جرامبيان ) .. وشربت ‏العشرات من اكواب اللبن الممزوج بالشيكولاته ..‏
فقط هناك اشياء تضايقني ..‏
اشياء صغيرة جدا ..‏
كنت قد انتقلت للإقامة معها في غرفة اوسع اعدها لنا ( جراهام ) .. واول ما ‏لاحظته هو ان هناك ضجيجا ياتي من داخل الجدران .. بالذات في الليل .. كأن هناك ‏ممرات سرية تمشي فيها الفئران .. صوت الخدوش المستمر هنا ..‏
و ( ماجي ) الحمقاء تزعم انه لا توجد فئران في هذا القصر ..‏
ثم عاداتها الغريبة .. عادات ( جلوريا ) لا ( ماجي ) طبعا ..‏
تخيل ان تدخل الحمام بعد دقائق من استحمام شخص فيه بلبن الحمير ! هذا شيء ‏غريب .. لكني سمعت عن هذه العادة من قبل ، وهي إحدى وسائل التجميل الشهيرة ‏للحفاظ على نضارة الجلد .. لكن .. لبن الحمير ! ومن أين تأتي بكل هذه الكمية في ‏‏( إنفرنسشاير ) انا الذي لم ار إلا حمارا واحدا في مرآة الحمام ؟ مثلا ما كل هذه ‏الاعشاب الغريبة التي تحتفظ بها في الشرفة لتجففه كما تفعل امهاتنا مع الملوخية ‏او النعناع ؟
مثلا .. ما سر ادوات التجميل الغريبة التي تحتفظ بها هنا ؟ ادوات تجميل من خامات ‏طبيعية ولا تمت بصلة لاية شركة اعرفها .. ومنذ متى كانت الضفادع الميتة مهمة ‏للتجميل ؟ ‏
لكن هذه اشياء بسيطة جدا .. سمعت عن نساء يضعن القشدة على وجوههن ، ‏ويثبتن قناعا من قشر الخيار ، مع وضع نصف ليمونة على كل جفن .. حتى يصعب ‏عليك ان تتصور ان هذه امرأة وليست زومبيا سينهض بعد قليل ليفتح جمجمتك ‏ويلتهم مخك ..‏
إن المرأة من اجل الجمال تفعل كل شيء ، وليست ( جلوريا ) باستثناء ..‏
ولا انكر هنا ان اساليبها ناجعة .. إن النتيجة تتحدث عن نفسها بلا حاجة إلا اية ‏إيضاحات أخرى ..‏
فقط كن صريحا معي .. لا تقل إلا الحق .. هل رايت في حياتك من هي اجمل وارق ‏او اكثر فتنة منها ؟ الا ترى معي انها المادة الخام للأنوثة .. حتى لتشعر بان النساء ‏الاخريات هن اجزاء منها ؟
وقالت لي : ‏
ـ " هل تريد ان تستعيد شبابك ؟ بوسعي ذلك .. فقط دع نفسك لي .."‏
قلت لها باسما : ‏
‏" جربت ذلك ذات مرة ، وكانت النتيجة مؤسية .. وكانت استاذ فلسلفة تبدل لي ‏كوافيلي المتسخة لمدة اسبوع .. اما إن كنت تتكلمين عن الخلود فهو مستحيل .. ‏ولو حدث جدلا ـ وهو كما قلت مستحيل ـ فلن يزيد على موقف ( تيتون ) و ( ‏اورورا ) في الاساطير الاغريقية .. لقد منحته الخلود لكنه ظل يشيخ الى ان فقدت ‏القدرة على تحمله وقد صار عجوزا طاعن السن .. هكذا احالته نطاط حقل .."‏
قالت باسمة : ‏
ـ " هل تظن انني قد احيلك نطاط حقل يوما ما ؟"‏
نظرت لعينيها الزرقاوين الواسعتين وقلت بصدق : ‏
ـ " نعم .. للاسف نعم .."‏
‏*** ‏
لا ادري ولماذا خطر لي ذات مرة ان ادخل حجرتها القديمة .. إنني اعرفها لاني ‏وقفت تحتها ذات مرة ..‏
كان الباب مفتوحا والإغراء قويا .. وخطر لي انني اريد ان القي نظرة على زوجها ‏السابق .. لا بد ان له صورة على الكومود .. هو مجرد فضول لا اكثر ولا يعني ‏شيئا ، لان بوسع أي شخص في العالم ان يكون اجمل واقوى مني .. هذا لا يحتاج ‏الى موهبة ما .. كل شخص يمكن ان يكون جميلا في الربيع ، وكل شخص يمكن ان ‏يكون افضل من (رفعت اسماعيل ) ..‏
‏( لكنني تزوجتها برغم كل شيء .. وحرمت انت منها يا احمق !!)‏
بالفعل كانت الغرفة خاوية تماما .. لقد افرغت من اكثر الاشياء التي تخصها ، ‏ويبدو انه لم يتم تنظيفها من فترة طويلة .. إن المسز ( اوركهارت ) مسنة طبعا ، ‏ولا اتوقع منها ان تعني بكل التفاصيل ..‏
الغريب هنا ان الستائر جميلة جدا .. بنفسجية من ارق واجمل درجة يمكن وصفها ‏برغم مقتي لهذا اللون عامة .. هناك ورق حائط زاهي اللون مزركش بالازهار .. ‏وهناك دمى معلقة .. لا ليست دمى ( فتيش ) ولكن دمى لشخصيات ( ديزني ) .. ‏وهناك قضيب قطار ألعوبة يدور حول نطاق الغرفة كلها .. قطار صغير مضحك له ‏عينان وشارب بدلا من الكشافات وعارضة التصادم الأمامية ..‏
هذه الغرفة لا تناسب امرأة ناضجة ، وبالتأكيد لا تناسب ساحرة ..‏
ازحت ستائر النافذة ورحت ارمق المشهد من عل .. من هذه النافذة القت ببقايا ‏السنونو والارنب .. ولا بد ان الحجرة كانت تختلف عن هذا كثيرا .. ذلك الشيء ‏منطقي فلا يمكن ان ترك أي اثر سابق يدل على نشاط مريب ..‏
‏*** ‏
‏" كنت الآن اقف امام غرفة ( إليانور ) بالضبط .. تلك الغرفة التي احلتها قطعة من ‏‏( ديزني لاند ) بالستائر الجميلة ، وورق الحائط المزركش بالازهار ، وكل الدمى ‏التي نثرتها فيها ، إن الشيطان الذي يتسلل إلى هذه الحجرة لهو شيطان طفل ‏بالتأكيد .."‏
‏*** ‏
‏( ماجي ) قالت هذا في خطابها .. فلماذا اتذكره الآن ؟ ‏
يوجد خاطر ابله يتلاعب في ذهني ولا يمكن ان نعطيه أي قدر من الاهتمام او ‏الاحترام ..‏
لكن .. انت رجل منطقي .. والمنطق يؤكد شيئا واحدا هذه كانت حجرة ( إليانور ) ‏الطفلة يوما ما.. ثم تركتها فلماذا اتخذتها ( جلوريا ) مسكنا لنفسها ؟
ومن جديد أواصل البحث عن دليل ما ..‏
هناك حمام ملحق بالغرفة كغرف الفنادق والمستشفيات .. افتحه وادخل ..‏
توجد مرآة .. يوجد مغطس صغير .. ثمة ثياب معلقة وراء الباب ومكدسة في ‏حاوية صغيرة من البلاستيك .. لماذا لم تأخذ ( جلوريا ) هذه الثياب معها بعد ‏انتقالها الى ( عش الزوجية ) ؟
لست فضوليا الى هذا الحد ، لكن شيئا في هذه الثياب جعلني أتفحصها بعناية . . ‏
السبب هو الحجم .. ثمة ثياب قصيرة صغيرة الحجم تناسب طفلة .. طفلة في الثامنة ‏لا اكثر .. ولكن .. هناك ثياب اكبر حجما ..ثياب تناسب فتاة مراهقة في الثالثة ‏عشرة او ما هو اقل من السادسة عشرة .. ثمة ثياب تدل على شابة في العشرين ‏تقريبا .. كلها ثياب لا تناسب ( جلوريا ) ولهذا افهم لماذا لم تأخذها معها ..‏
ما معنى هذا ؟ ‏
انتصبت شعرتان او ثلاث في راسي هي ما بقي كما تعلمون ..‏
الجواب الخافت الذي اعلن عن نفسه من قليل يصيح الآن بحرارة :‏
ألم تفهم بعد ايها الاحمق ؟ هذه المرأة ( جلوريا ) التي صارت زوجتك .. هذه المرأة ‏التي في العقد الثالث من عمرها . . هي ذاتها الطفلة ( إليانور ) !!!‏

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
قديم 29-11-05, 11:25 PM   المشاركة رقم: 229
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 



7‏- المزيد من الاجتماعيات ..‏


نعم .. اعرف ان هذا التفسير ابله ..‏
اعرف انه غريب ..‏
اعرف انه يحتاج الى الكثير من الصودا والمهضمات كمعقب ، كي يمكن هضمه ..‏
لكن هذا هو الحل الوحيد ، وإلا فـ ( ماجي ) كانت تستضيف في هذه الغرفة كتيبة ‏من الفتيات من أعمار متباينة ..‏
أما الشيء الغريب فهو انني لم اشعر بخوف ولا نفور ولا دهشة ..‏
بدا لي الأمر منطقيا تماما ..‏
تذكرت الطفلة ( إليانور ) الرقيقة الخائفة تحتمي بـ ( ماجي) وكيف أنقذناها من ‏السحرة فقط لندرك أننا جئنا متأخرين .. هذه الطفلة بمعجزة ما قد صارت زوجتي !‏
إن الأيام تجري .. لكن ليس بهذه السرعة !‏
لو كان كلامي دقيقا فالطفلة قد نمت العشرين عاما في شهر ونصف .. وهذه هي ‏مشكلة ان تكون جربت كل شيء حتى لم تعد تندهش لشيء .. انا مررت بتجربة ‏مماثلة وكانت د. ( كاميليا ) تقول إنها كانت تراني اكبر امام عينيها ، لهذا افهم ان ‏يحدث شيء كهذا .. افهمه ولا اصدقه ..‏
انا تزوجت الطفلة ( إليانور ) التي صارت ـ بشكل ما ( رونيل السوداء ) ..‏
‏*** ‏
في الايام التالية حملت ( جلوريا ) ورزقت بطفل ..‏
لا اعرف كيف أفسر .. كل شيء هنا يتم بسرعة غير معقولة ، والغريب انني لا اجد ‏هذا غريبا ..‏
رزقت به في صباح يوم جميل من شهر ( يونيو ) ، وكان اقرب في كل شيء إليها ‏‏.. يقولون إن الطفل الأول يشبه أباه في كل شيء لكن هذا الطفل كان نسخة منها .. ‏ليس أصلع وليس نحيلا .. وكنت اتخيل إبني يشبهني في كل شيء .. ربما يحمل ‏شاربي وعويناتي بينما يطل رأسه من ( القماط ) صارخا ..‏
على كل حال حملت الصغير بين ذراعي ، وقد بدا لي رقيقا لطيفا .. إن هذه الاشياء ‏التي تحدث لي هذه الايام بالذات لجديرة بكتيب لكل منها .. شم رائحتي فتقلصت ‏ملامح وجهه الصغير ، ثم عطس عطسة لا بأس بها ابدا .. إنه محبب كهرة صغيرة ‏‏.. على الاقل هو لم يمت هلعا حين رآني ..‏
فقط أدعو الله الا ترضعه حليبا ممزوجا بالشيكولاته .. هذا الحليب الذي جعلني لا ‏اعرف من انا من زمن ..‏
سألتني وهي منهكة شاحبة كما تجيد الأمهات ان يبدين :‏
ـ " ماذا ستطلق عليه ؟"‏
لا اعرف .. لم أجرب خبرة إطلاق اسم على طفل رضيع من قبل .. إن اسم ( كمال ) ‏لا باس به لكن ( كمال رفعت ) اسم دبلوماسي مصري مرموق ، وانا اكره ان أسيئ ‏له بان استخدم الاسم ذاته مع ابني .. المشكلة مع اسم ( رفعت ) إن الخيارات ‏الموسيقية محدودة جدا و ..‏
ـ " ( سمير ) طبعا .. لا اعرف اسمها آخر .. انا لم اختره لكنه اختارني .."‏
ـ " هل له معنى في العربية ؟"‏
ـ " صديق .. صاحب .. ونيس .. شيء من هذا القبيل .."‏
وبرفق وضعته جوارها محاذرا من ان ينخلع عنقه الصغير ويتدحرج على الأرض ‏‏..‏
قالت باسمة وهي تربت على ذراعه : ‏
ـ " سيكون رفيقك في رحلتنا المزمعة ، ستكون بحاجة إليه .."‏
ـ " رحلتنا المزمعة ؟"‏
نظرت لي في ثبات وقالت :‏
ـ " نعم .. انا وانت راحلان الى ( روشتوك ) .."‏
عرقت من طريقتها المصممة اننا فعلا راحلان الى ( روشتوك ) .. لا مفر من هذا .. ‏ولكن .."‏
ـ " ما هي ( روشتوك ) هذه ؟"‏
ـ " ألمانيا الشرقية .. قرب ساحل ( البلطيق ) .. حسبتك تعرف أوروبا جيدا .."‏
ما موضوع ألمانيا هنا ؟ اسمع عنها اكثر من اللازم هذه الايام ..‏
ـ " هذا جميل .. ولكن ما هو المبرر القوي كي ..؟"‏
من جديد قالت في ثبات : ‏
ـ " أنت لا تسال أسئلة .. فقط تمتثل .."‏
حقا كنت اعرف أنها قوية جدا ..لا اعرف السبب لكني لم اكن اشعر بشيء مريب او ‏مقلق في هذا .. والحقيقة أنني منذ قابلتها لأول مرة أتحرك بالضبط في المسار ‏الذي تحدده لي .. لقد تزوجتي ولم أتزوجها .. هي تريد ان تأخذني الى ألمانيا ‏الشرقية ، وانا لا ارغب في الذهاب هناك.. لكني سأفعل ..‏
وهكذا ابتسمت لها في غباء وغادرت الحجرة ..‏
‏*** ‏
كانت في غرفتنا ، وكنت أجوب الردهة مفكرا في عمق ..‏
هنا خطر لي خاطر .. ماذا حدث لحجرة ( ماجي )؟ من الغريب أنني جبت كل أرجاء ‏القصر ، لكني لم ادخل حجرتها بعد .. لقد دخلتها عدة مرات في زيارات سابقة لكني ‏لم ارها هذه المرة ، ولعل الأحداث المتلاحقة التي انهالت علي منذ جئت هنا ، ‏جعلتني عاجزا عن إيجاد الوقت الملائم ..‏
كانت غرفتها موصدة ، ولم أجسر على ان اطلب مفتاحها من ( جراهام ) .. لا احب ‏الأسئلة ..‏
فكرت في مكتبها .. قد كان هو مكتب أبيها قبل وفاته ، وهو يحمل قدرا لا باس به ‏من رائحتها .. اتجهت الى هناك ورجوت الله الا يكون موصدا .. بالفعل أجيب دعائي ‏، وأدرت المقبض لاجد نفسي في ذلك العالم الخاص .. الكمبيوتر على المكتب .. ‏وفي ذلك العصر كان الكمبيوتر شيئا ديناصوريا لا يمكله إلا الأثرياء ولا يتعامل معه ‏إلا العباقرة .. وكانت سعة أفضل الأجهزة لا تتجاوز ‏‎64k‏ .. باختصار كان الكمبيوتر ‏المنزلي وهما من أوهام الخيال العلمي .. أوراق مكومة من اكروحة ما .. آلة ‏حاسبة .. أجهزة فيزيائية لا اعرفها واشك في ان الخواجة ( نيوتن ) يعرف ماهي ..‏
جوار الأوراق كان هناك قدح جف ما به ، لكني لا أشك في أنه ( الكابتشينو ) .. ‏عصارة الأفكار كما تقول ( ماجي ) ، حتى انني صرت انظر الى هذا المشروب ‏الكريه نظرة احترام ..‏
وجوار الاوراق ـ ايضا ـ كان إطار صورة صغير يقف شامخا .. في هذا الاطار كان ‏وجه أعرفه .. صحيح انه اجمل واغزر شعرا لكنه وجهي ..‏
ولم أتمالك دمعة سالت على خدي ..‏
أين انت ؟ ماذا حل بك ؟
الغريب انها لم تقل لي قط إنها تضع صورة لي على مكتبها .. بالأحرى كانت تذكر ‏ذلك بعنف كأنما اهينت ...‏
جلست الى المكتب ورحت اقلب الأوراق .. هنا لمست يدي شيئا له ملمس مألوف .. ‏هذه الأوراق ..‏
كانت هذه هي الأوراق التي وجدتها جوار جثة ( لورين بلاك ) والتي عرفت منها ‏موضوع ( إليانور ) .. إنني لم اقرأها بعناية ، وحين رحلت تركتها لـ ( ماجي ) .. ‏فهل ما زال فيها ما يهم ؟ ‏
من الجلي أن ( ماجي ) كانت تدرسها بعناية .. هناك قاموس صغير للغة لا اعرف ‏ما هي ( هل الجرمانية القديمة ؟ ) وضع على المكتب وقد أغلق على قلم رصاص ‏‏.. ( ماجي) بذلت جهدا كبيرا في فهم بعض المخطوطات الجرمانية .. هذا واضح ..‏
دسست هذه الأوراق في جيبي وواصلت البحث .. لراهن على ان هناك الكثير مما ‏يهمني على هذا الكمبيوتر ، لكني لا اعرف كيف افتحه ولا كيف ابحث عن شيء ‏فيه .. لو كانت ( ماجي ) تركت لي رسالة عليه فهي حمقاء ..‏
وهكذا حملت غنيمتي واتجهت الى الحديقة ..‏
كان هناك مقعد جوار نافورة صغيرة ، وهي ليست نافورة بالضبط بل هي اقرب الى ‏اناء شرب للطيور .. من هنا يمكن الحصول على سنونو او عصفور دوري .. لا بد ‏ان هذا هو المكان ..‏
نظرت حولي فلم ار متلصصين .. فتحت الأوراق وبدأت أقرأ ..‏
من البداية ..‏
‏*** ‏
بعد ساعة من التركيز بدأت اكون رأيا ..‏
هذه الأوراق تحوي مجموعة من الكلام الفارغ .. نقاط تنوي الكتابة الفقيدة ان تفيد ‏منها فيما بعد .. هناك ملحقات باللغة التي لا اعرفها يبدو انها من وثائق أصلية وقد ‏نسخت نسخا باليد .. رسمتها الكاتبة كما ترسم انت نقوشا هيروغليفية لا تفهم ما ‏هي .. لا افهم هذا الجزء على كل حال .. فقط كانت الفقرات المهمة هي التي قرأتها ‏على ( ماجي ) في المرة الأولى ..‏
لكن الفقرة التالية هي الجديرة بكل هذا العناء : ‏
ـ " كانت مشكلتي هي معرفة من اين بدأت ( رونيل ) .. اين تعلمت السحر ومتى ‏صارت شريرة ؟ تتبع ( رونيل ) نفس الخيط الذي يقود الى ساحرات أخريات ظهرن ‏في أوروبا في تلك الحقبة .. لاحظت أن الساحرات اللاتي يعدمن يواصلن الحياة ‏بشكل آخر في أجساد اطفال .. وهؤلاء الأطفال ينمون ويصيرون سحرة بدورهم .. ‏والخيط يبدأ او ينتهي عند جزر البلطيق .. هل هذه هي بلاد القوط الشرقيين ؟ على ‏الأرجح الإجابة هي نعم .. إن الأسطورة قوية جدا ، وقد سمعتها بأكثر من توزيع ، ‏لكنها جميعا تتحدث عن الشيء ذاته .. لقد انتقل السحر الى ( رونيل ) من واحدة ‏أخرى وأعدمت في زمن سابق .. وهذه الأخرى أخذت العدوى من أخرى .. كأننا ‏نتحدث عن مرض ال************ هنا ( بكسر اللام لقراء العربية طبعا ) ..‏
‏" هناك في إحدى الجزر ببلاد القوط الشرقية يقع ذلك الكهف .. كهف يمتد لمسافة ‏طويلة داخل أعماق الجزيرة ، وهذا الكهف يعيش به مكبلا سجينا ساحر قديم يدعى ‏‏( جيلبرت ) .." ‏
‏( جيلبرت ) .. الاسم ( جيلبرت ) ..‏
‏" انا ( جلوريا جيلبرت ) .. حدثتني ( ماجي ) كثيرا عنك .."‏
‏" نحن منفصلان .. وآخر ما سمعته عنه انه في ألمانيا .. وانه سجين .."‏
‏*** ‏
‏" هناك سجنه أستاذه ( كاتيوم ) منذ قرون لا حصر لها ، لأنه تجرأ عليه وسبه .. ‏وقد قيده الى عوارض خشبية عليها نقوش قوطية قديمة .. تقول الأسطورة إن هذا ‏الساحر سيظل هناك حتى يجده ساحر آخر ويحرره .."‏
‏" .. هناك في ألمانيا الشرقية سمعت الناس والفلاحين يقولون إن ( جيلبرت ) ‏يبحث عن ساحر يحرره ..‏
‏" إذن فهذه القصة تبدأ بـ ( جيلبرت ) .. ومنه يبدأ الخيط عبر عدة أجيال آخرها ـ ‏بالنسبة لي ـ ( رونيل ) السوداء ..‏
‏" فهل كانت ( رونيل ) تتأهب للذهاب الى ( البلطيق ) لتحرر هذا الساحر لكن ‏الناس أعدموها قبل ذلك ؟ في هذه الحالة هي لم تتم عملها سوف تعود .. لكن في ‏صورة من ؟ "‏
ـ " في صورة ( إليانور ) يا عزيزتي .. في صورة ( إليانور ) التي كبرت في شهر ‏او اكثر .. ادعت فيما بعد ان اسمها ( جلوريا ) .."‏
قلتلها بصوت مسموع مخاطبا روح الكاتبة الشابة التي حاولت تقمص أفكار ‏وشخصية الساحرة ..‏
ودسست الأوراق في جيبي واختلست نظرة الى الشرفة البعيدة ..‏
زوجتي الحبيبة تقف هناك والطفل على كتفها .. من الواضح انها تراقبني ..‏
لا اعتقد انها تقرأ ما في يدي من مسافة عشرين متر ، لكني لا استبعد شيئا بالنسبة ‏لها .. وما في ذلك ؟ هي تعرف انني عاجز عن الفرار .. عاجز عن اتخاذ القرار .. ‏ما ان اراها حتى اتحول الى الأبله المنبهر بجمالها ، والأب الطيب لطفلها ..‏
يمكن القول إنني الآن اعرف ما سيحدث ..‏
وإن كنت عاجزا عن منعه..‏
ستذهب الى ألمانيا ولسوف تحاول ان تحرر هذا الـ ( جيلبرت ) لو كانت الأسطورة ‏صحيحة ..‏
هنا يبرز سؤال مهم : ما دوري في هذا كله ؟ كان بوسعها عمل ذلك دون ان ‏تتزوجني او تنجب مني ..‏
فلماذا انا دون غيري .. لماذا ؟ ‏
لو كانت تريد زوجا ـ أي زوج ـ فهناك ألف واحد يصلح ، وحتى ( جراهام ) رئيس ‏الخدم يصلح وهو أجمل مني بكثير ..‏
السؤال الثاني : هل ( ماجي ) في ألمانيا فعلا ؟ ماذا تفعل هناك وحدها ؟ ولماذا ‏تركت الطفلة هنا ؟ هل كانت الطفلة قد بدأت في النمو بذلك الشكل المفزع الغريب ؟ ‏
السؤال الثالث : ماذا ينتظرني هناك ؟ ‏
وخطر لي انه لا بد من إعادة هذه الأوراق لمكتب ( ماجي ) حالا ..‏

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
قديم 29-11-05, 11:27 PM   المشاركة رقم: 230
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 



8- دي إنزيل ..‏


قال لي ( سمير ) وهو يمسك يدي بيده الصغيرة : ‏
ـ " لماذا نحن ذاهبون الى المانيا يا ابي ؟ "‏
لم ادر ما اقول .. طبعا يصعب عليه ان يفهم قصة ( جيلبرت ) والكهف ..‏
صحيح أنه ينمو بسرعة لا تصدق .. صحيح انه الآن في السابعة من عمره حسب ‏نموه العقلي والنفسي والبدني ، لكن عمره شهر حسب تاريخ المولد ، إلا ان هذه ‏الأشياء تظل بعيده عن فهمه ..‏
يجب ان اقول هنا إنه كان يتكلم العربية والإنجليزية معا .. هكذا يتفاهم مع ابيه ‏وامه ..‏
قلت له وانا الثم جبهته : ‏
ـ " ذاهبون الى المانيا لاننا لا نعرف مكانا آخر نذهب إليه .."‏
حقا يجب ان تظل هذه القصة سرا لو خرجت منها سالما .. انا تزوجت ( إليانور ) ‏الطفلة التي لم تعد طفلة ، وأنجبت منها خلال شهر ، طفلا هو الآن في السابعة من ‏عمره بعد شهر آخر ..‏
هل هذا القصر يتميز بظاهرة تعجيل الزمن ؟ انا لم افهم النسبية قط لكني اعتقد انها ‏تتحدث عن اشياء كهذه .. ولكن بالعلم هذه المرة ..‏
إن الفارق بين العرب القوطي ورعب الخيال العلمي هو ان المسوخ والخوارق ‏يفزعوننا في النوع الأول بينما الآلة هي التي تفزعنا في الثاني .. يقولون إن ‏الكتاب لم يجدوا مشكلة عندما ولد أدب الخيال العلمي . .حل العالم المجنون محل ‏الساحر .. وحل الاختراع العجيب محل الشبح .. لكن الحبكة ظلت هي هي ..‏
لو كانت النسبية تفسر ما انا فيه فقد حان وقت دراستها جيدا .. وإنني لأحسد ( ‏ماجي ) لأنها تفهمها ..‏
‏*** ‏
تقع ( روشتوك ) ـ التي شيدت في القرن الثاني عشر ـ شمال شرق ( ألمانيا ) ‏الشرقية .. لم تكن ألمانيا موحدة وقتها طبعا ، وكانت تعاني من ذلك الصدع القديم ‏يوم دخل السوفييت ( برلين ) من الشرق ودخل الأمريكان ( برلين ) من الغرب ، ‏وانتحر ( هتلر ) .. من يومها ظلت ألمانيا مقسمة .. الشرق ينتمي الى عالم ‏الشيوعية والحزب والبروليتاريا ، والغرب ينتمي إلى عالم الهامبرجر وديزني لاند ‏وشعار ( العالم الحر ) . . الشرق يعد بجنة على الأرض يوم تعم الحتمية التاريخية ‏وتثور البروليتاريا في كل العالم ، والآخر لا يعد لكنه يقدم بالفعل جنة أرضية ‏صناعية قوامها الكولا والهامبرجر وأفلام ( هوليوود ) المبهرة ..‏
خلف الستار الحديدي كما يقول ( تشرشل ‏Churchil ‎‏) .. هكذا عبرنا الى عالم ‏آخر بمقاييس أخرى ..‏
تقع المدينة على نهر ( فارنوف ) .. قرب بحر ( البلطيق ) .. وهي مركز بحري ‏حساس وميناء بالغ الأهمية .. وفيها أقدم جامعة في شمال أوروبا ..‏
ويمكنك بسهولة ان ترى آثار القذف اثناء الحرب العالمية الثانية .. بعض هذه ‏الآثار لا ينوون التخلص منها لأنها نوع من التاريخ الحي الناطق ..‏
كانت ( جلوريا ) ـ أم هي ( إليانور ) أم ( رونيل ) ؟ ـ معي .. ويجب ان اقول إنها ‏كانت هي ( رجل البيت ) .. كانت المسئولة عن الإنفاق والتنقل وحجز القطار ‏والفندق .. وكانت تتحرك كأنما مارست نفس الرحلة الف مرة ..‏
وفي ذات يوم الوصول اتجهت الى المرفأ وبحثت عن يخت صغير للإبحار ..‏
سألها البحار بالألمانية عن شيء ما ، ثم راح يهرش رأسها في حيرة.. لم يبد على ‏استعداد لتصديق ما تقول ..‏
سألتها حين عادت عما طلبتبه ومنذ متى تجيد الألمانية .. فقالت باسمة :‏
ـ " انا اجيد اشياء كثيرة .. اما ما طلبته فهو يخت نبحر به في بحر البلطيق ‏Baltic‏ .. إن الجزيرة التي ابحث عنها غير مرسومة على الخارطة لكنهم ‏يعرفونها ويكرهونها .. ويطلقون عليها هذا الاسم المحايد ( الجزيرة ) .. ‏Die ‎Insel ‎‏ .."‏
سألتها متظاهرا بالبراءة : ‏
ـ " يكرهونها ؟ لماذا ؟"‏
قالت متظاهرة بالبراءة هي الاخرى : ‏
ـ " وكيف لي ان اعرف ؟ إن البحارة قوم شديدو التطير .. غرقت سفينتان قرب ‏هذه الجزيرة لاعتبروها مشئومة .. ثم يتناقلون هذه القصة حول النار ليلا وهم ‏يدخنون غلايينهم .. بعد قرنين تصير حقيقة لا يناقشها احد .."‏
ثم قالت بلهجة عملية براجمانية : ‏
ـ " الليلة نتحرك الى هناك !"‏
صحت في جزع : ‏
ـ " ومن قال إنني اجيد الملاحة ؟"‏
ـ " انت لا تجيد أي شيء .. لكن كما قلت لك انا اعرف الكثير من الأشياء .."‏
ومشينا في المدينة .. مررنا بجامعتها العتيقة التي تعود الى عام 1419 .. وكانت ‏هناك مجموعة من الكنائس قوطية الطابع .. طبعا .. انت هنا في بلاد القوط ذاتها ..‏
لكن ما كانت تبحث عنه هو كنيسة ( سانت ماري ) .. كانت هناك في ساحتها ساعة ‏غريبة الشكل هي اقرب الى مزولة .. نظرت لها وقالت ضاحكة :‏
ـ " هذه ساعة فلكية تعمل بدقة تامة من عام 1472 حتى اليوم .. ولم تتوقف لحظة ‏‏.."‏
اصابتني الدهشة ، وان دهشت اكثر لاهتمامها البالغ بالآثار .. لكنها قالت وقد رات ‏حيرتي : ‏
ـ " ما اقوم به لا يعتمد على توقيت محلي .. إنني اعتمد على التوقيت الفلكي ذاته .. ‏وهذه الساعة تخبرني بان علي الرحيل هذه الليلة .. سيتم ( الأمر ) الليلة .."‏
ساد صمت طويل ثم سألتها : ‏
ـ " هل انت مندهشة لانني لا أسألك عن شيء ؟"‏
ـ " بل سأندهش لو فعلت .."‏
وانطلقت تجد السير مبتعدة عني بقامتها الرشيقة الفارعة ، وهتفت دون ان تنظر ‏لي : ‏
ـ " ستحتاج الى ثياب تقينا برد البحر وبلله .."‏
ـ " وطعام ." ‏
ـ " لا طعام !! هيه هيه ! صدقني لن تحتاج الى طعام !!"‏
‏*** ‏
يطلقون عليها ( الجزيرة ) .. تحاشيا للمزيد من التفاصيل ..‏
لقد جاء الليل ..‏
ومعه تحرك ( رونيل ) السوداء ..‏
لن أناديها بعد اليوم باسم ( جلوريا ) .. لن أناديها بـ ( إليانور ) .. إنها هي ( رونيل ‏‏) السوداء ذاتها ..‏
تقف خلف الدفة كأنها الشيطان يرتاد نهاية العالم ، ترتدي سترة واقية من البلل ‏وعيناها الزرقاوان الوحشيتان تلمعان في ضوء لا اعرف من اين ياتي ..‏
تقاوم بحر البلطيق ذاته .. تقف شامخة على الدفة .. بينما الرذاذ يتطاير ليغرق ‏شعرها .. فتزحه لتسلط عينا واحدة على البحر من جديد ..‏
إنها تتكلم باللاتينية .. ماذا تقول ؟ لا اعرف .. تضحك احيانا ثم تصمت .. ارجو ان ‏تكون ساحرة حقا وليست مجرد مجنونة وإلا فنحن ضائعون لا محالة .. لا يستطيع ‏مقاومة هذه العاصفة إلا بحار محنك او ساحرة ..‏
وارتجفت .. امسك بيد ( سمير ) حيث جلسنا في موضع آمن من اليخت .. وقد دفنا ‏رءوسنا في ستراتنا الثقيلة الواقية من البلل ..‏
ما هذا الذي مضينا اليه ؟ ما هذا الذي سنلقاه ؟ ‏
يقول ( سمير ) راجفا : ‏
ـ " ابي .. إن امي عصبية جدا .. انا خائف !"‏
فأوشك على ان اقول له إن الحال واحد ، ثم اصمت ..‏
بحر البلطيق الرهيب .. الذي يقع بين ( المانيا ) و ( فنلندا ) و ( الدانمارك ) و ( ‏السويد ) و ( بولندا ) .. بحر العواصف الذي لا يرفق بالسفن ابدا .. متوحش مثل .. ‏مثل ( رونيل ) السوداء ..‏
إنه ليس ببعيد عن بحر الشمال الأسطوري .. فقط تربطه به فتاة ( القيصر فلهلم ) ‏‏..‏
كنت افكر في هذا وأتحسس ذلك القضيب الحديدي الملقى على السطح الزلق بقربي ‏‏.‏
فقط بعض الشجاعة .. بعض الحسم .. ضربة واحدة وينتهي الكابوس .. سيجن ‏الطفل هلعا لكنه لا يعرف أنني انقذه .. انقذ العالم كله في الواقع ..‏
امد يدي واعتصر القضيب اكثر ..‏
انهض مترنحا .. فيقول شيئا لكني أشير له كي يخرس ..‏
أتقدم الى الأمام .. وفجأة ..‏
‏( بحر الواصف الذي لا يرفق بالسفن ابدا ..) ‏
موجة كاسحة تنهض من سباتها كالديناصور .. تزحف تحت اليخت فأجد اننا نرتفع ‏الى عنان السماء ثم نهوى .. واسقط على الارض .. يسقط القضيب من يدي .. ‏اتشبث في آخر لحظة بعارضة معدنية، وانكمش على نفسي حتى تستقر السفينة ..‏
ـ " إن البحر في صفي يا ( رفعت ) فلا تتجاهله ! "‏
قالتها وانفجرت في الضحك ..‏
كيف عرفت ؟ إنها لم تنظر للوراء لحظة ..‏
إنها تعرف الكثير من الأشياء حقا ..‏
الخالصة إنها ليلة سوداء ..‏
‏*** ‏
يطلقون عليها ( الجزيرة )لانهم يتطيرون من اختيار اسم لها..‏
وقد كنا الآن نراها من الشاطئ .. نقف خارج حزام الصخور المحيط بها ..‏
يبدو انها صغيرة جدا .. وإن بدت لي شريرة بما يكفي .. عن هذا المكان يحوي ‏طاقة نفسية مرعبة . . اعرف هذا .. اشعر به ..‏
كانت ( رونيل ) ـ أو المدام ـ تحمل حقيبة ثقيلة على كتفها .. وراحت بعدما ترجلت ‏تشق طريقها بثقة وقد بلغ الماء خصرها .. لم ادر ما افعله فوضعت الصغير على ‏ظهري ، كأنه يركب حصانا .. كل ساق على كتف ورحت اشق طريقي في الماء ‏خلفها .. إن الظلام يجعل الامر كابوسا .. هناك قمر خلف الغيوم لكنه لا يعمل جيدا .. ‏مزاجه متعكر بعض الشيء ، وقد ارغم على السهر بانتظارنا ..‏
أخيرا وقفت على الشط وراحت تتشمم الهواء في استمتاع ، وقالت : ‏
ـ " استعددت لهذه الرحلة طيلة حياتي .."‏
ـ " هذه الحياة فقط ؟"‏
ابتسمت في خبث وتقدمت الطريق .. كانت تعرف وجهتها وكانت مصممة على ‏الوصول اليها ..‏
نظرت للشاطئ الرهيب خلفنا .. هل انا احلم ام ان هذا شبح قارب يقف وحيدا فارغا ‏بين الامواج ؟
من ديري ؟ لربما غرقت سفن اكثر من اللازم قرب هذه الجزيرة الملعونة ..‏
هناك ذلك الكهف .. نني اراه بوضوح..‏
إنه خبيث الشكل ككل شيء على تلك الجزيرة ..‏
دون تردد دلفت ( رونيل ) من المدخل ، فتبعتها وانا امسك بيدي الصغير .. كانت ‏تعر طريقها في الظلام ، اما انا فاضطررت الى التوقع حتى لا احطم عنقي .. ‏سمعتها تغمغم بشيء ما .. ثم .. منذ متى كانت تحمل مصباحا ؟ لم أرها تحمل ‏مصباحا ، لكني ارى بقعة من النور أمامها .. وها هي ذي تتقدم الطرق فنتبعها ‏وظلالنا ترسم رسوما سريالية مفزعة على الجدران ..تمزق خيوط العنكبوت وهي ‏تمشي .. وتفزع الوطاويط التي تحلق لمكان آخر ..‏
صحت فيها والصدى يولول بدوره :‏
ـ " ساترك الطفل في الخارج !"‏
ودوى الصدى مرارا : رج .. رج .. رج .. كان الإغريق يعتقدون ان الصدى هو ‏الفتاة ( إيكو ‏Echo ‎‏ ) التي لعنتها ( هيرا ) وجعلتها تردد آخر مقطع من كل جملة ‏تقال امامها .. يدبو ان الاخت ( إيكو ) كانت تنتظرنا من زمن ..‏
صاحت بدورها بينما بقعة النور تواصل التقدم : ‏
ـ " خطر جدا .. إنه اكثر أمنا هنا .."‏
نا .. نا .. نا .. نا !‏
اعرف اننا نهبط باستمرار .. اعرف اننا الآن تحت مستوى البحر ذاته .. والكهف ‏ممتد .. الهوابط من اعلى تقطر ماء ، والطحلب يغطيها ..‏
اخيرا هناك تلك البوابة الخشبية العملاقة ذات الخشب الذي اعجب لكونه لم يتلاش ‏حتى اللحظة .. إن الصناعة القوطية بارعة حقا ..‏
على الباب شعار عملاق . . وكل الشعارات على ما يبدو تحوي التنين والنسر .. ‏وهناك كتابة بلغة عجيبة لا اعرف حروفها.. لا .. ليست اليونانية ولا اللاتينية .. ‏هي اقرب الى مجموعة من نقوش .. لكنها تقف هناك .. تسلط ضوءها الذي لا ‏اعرف مصدره على الحروف وبصوت جهوري تهتف : ‏
ـ " داسيوس ريانوس هلكعال جيلبرت !!"‏
هنا فقط بدأ الدخان يتصاعد .. يخرج من تحت الباب ومن فجواته .. يخرج من كل ‏شق فيه .. دخان كثيف ازرق له رائحة الكبريت ..‏
وشعرت بشعبي الهوائية تتقلص ورحت اسعل ،اما ( سمير ) فلك ان تتصور حالته ‏‏.. رباه .. لا تبك .. أرجوك لا تبك ..فهذا يقضي على أعصابي تماما ..‏
قلت لها في حزم :‏
ـ " لا اعرف ما تنوين عمله .. ولا حيلة لي في الخلاص منك .. لكن تذكري ان هذا ‏ابنك !"‏
نظرت لي بجانب وجهها .. وضع ثلاثة أرباع خلفي كما يقول المصورون ، وهتفت ‏من جديد : ‏
ـ " داسيوس ريانوس هلكعال جيلبرت !!"‏
الصدى يوقل : برت .. برت .. برت !!‏
الباب ينفتح ببطء .. ينفتح ..‏
‏***

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t4679.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 05-01-11 12:16 AM
Untitled document This thread Refback 30-05-10 05:30 PM
Untitled document This thread Refback 04-10-09 04:51 AM
Untitled document This thread Refback 23-07-09 06:26 PM
Untitled document This thread Refback 24-04-09 12:34 AM
Untitled document This thread Refback 06-04-09 10:00 AM


الساعة الآن 04:33 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية