كاتب الموضوع :
^RAYAHEEN^
المنتدى :
الارشيف
2- مشاكل تربوية ..
باقي خطاب ( ماجي)..
" كنا في تلك الأيام نخلد إلى النوم في العاشرة مساء ..
" في الحقيقة كنت اقنعها بأنني فعلت ذلك ، ثم أتسلل إلى مكتبي لأعود الى بعض الابحاث الفيزيائية الخاصة بي .. إن هذه الامور تحتاج الى تركيز ، ومن المستحيل ان تقوم بها نهارا .. هناك في مكتبي تجد جهاز الكمبيوتر مفتوحا وقد انتثرت عليه الجداول ، والآلة الحاسبة مفتوحة مع مجموعة من صور أشعة إكس للبلورات .. والحقيقة إنني احب هذا المنظر لكني غير متحمسة لمحتواه .. إن ساحة المعركة مغرية وتوحي بالانهماك والعلم ، لكنها لم تعد تسفر عن مواقع مهمة ..
يدق رئيس الخدم الباب .. انت تذكره .. إنه آخر بقايا الإمبراطورية ومرآة يعيد لي ذكريات عجيبة بعض الشيء عن الحملة على الهند ، والأدميرال ( نلسون ) وسياسة المستعمرات .. إلخ ..
ـ " هل تطلب الآنسة شيئا ؟"
ـ " لا يا ( جراهام ) يمكنك ان تنام الآن .."
" هكذا يغادر المكان وأعرف انني وحيدة تماما في هذا القطاع من القصر .. دعك من أصوات الأشباح الماشية في الردهة وقعقعة الدروع الواقفة في الخارج.. هذه اشياء محتمة في أي قصر اسكتلندي على ما يبدو ، ولم تعد تؤثر في لحظة .. بل إن الليلة التي لا اسمع فيها خطوات السري ( أرشيبالد ماكيلوب ) خارج المكتبة هي ليلة سوداء تفعمها الوحدة .. افتقد حتى وحش ( لوخ نس ) الساحر ..
" احاول ان اركز .. أن استجمع افكاري .. لكن لا .. تلك الذكرى اللئيمة لا تترك لي مجالا للتنفس .."
" وهكذا اعد لنفسي المزيد من عصارة الأفكار التي يطلقون عليها( كابوتشينو ) ، واشعر بالمشروب الثري يتخلل خلاياي ليعيدها الى الحياة ..
" مشيت بالقدح الساخن في يدي ، وانا افكر ..
" كنت الآن اقف امام غرفة ( إليانور ) بالضبط .. تلك الغرفة التي احتلها قطعة من ( ديزني لاند ) بالستائر الجميلة ، وورق الحائط المزركش بالازهار ، وكل الدمى التي نثرتها فيها .. إن الشيطان الذي يتسلل الى هذه الحجرة لهو شيطان طفل بالتأكيد ..
" كنت الآن اقف امام غرفة ( إليانور ) بالضبط .. حين سمعت المحادثة القادمة من الداخل .. لم اميز ما يقال ولكني اؤكد لك انهم كانوا خمسة .. على الأقل ..
" كنت الآن اقف امام غرفة ( إليانور ) بالضبط .. وأذني ملتصقة بالباب .. احاول ان التقط حرفا من تلك المحادثة .. لا لم تكن باللاتينية ، انا اعرف ان هذا السؤال دار بذهنك ..
" كنت الآن اقف امام غرفة ( إليانور ) بالضبط .. وامد يدي الى المقبض .. وأديره ..
" في اللحظة الثانية فتحت الباب بحركة درامية .. ونظرت الى الفراش في الضوء الخافت القادم في الردهة ..
" كانت الفتاة جالسة على الفراش في وضع القرفصاء ، ولم يكن حولها أحد .. لكني رايت ثلاثة فئران تركض فارة في عدة اتجاهات .. بررررر ! أنا امقت الفئران كأية انثى أخرى .. لكني امقت الفئرات التي تحيط بطفلة أكثر ، والمقت يبدأ كدرجات السلم الموسيقي نوعا من الاشمئزاز والنفور ثم يتصاعد ليتحول الى غضب مجنون .. هذه هي اللحظة التي يتم القتل فيها ..
وهكذا اضأت النور ورحت افتش كالمخبولة عن تلك الثدييات المريعة .. من المستحيل ان تجد فأرا حين تبحث عن واحد ..
قلت وانا اغلي من الغيظ :
ـ " صبرا .. فئران في بيتي النظيف !! سأخبر ( جيمس ) غدا ، ولسوف يطلب خبير التطهير .. إن هذه من الأيام القليلة التي اغبط فيها نفسي على أنني لست فأرا .."
ثم وضعت يدي على كتفها في رفق :
ـ " هل انت بخير يا حبيبتي ؟ "
لم ترد .. فقط زامت في سكون ..
نظرت لها بدقة اكثر ففهمت لماذا تزوم ..
من الصعب ان تتكلم بحريتك بينما هناك ذيل فأر يتدلى من فمك !
***
لا اعتقد ان الامر يحتاج الى خيال كبير يا ( رفعت ) كي تخمن ما دار في ذهني .. كل ما قلت وكل ما فعلت ..
لم يكن ما حدث لنا مجرد خيال .. إن الفتاة مريضة ومريضة جدا لو اردنا الدقة ..
رباه ! وانا التي اعتقدت ان الكابوس انتهى ، وأنني رأيت أسوأ ما فيه .. اتذكر هنا ما قلته لي من ان ما لم نعتده يثير رعبنا اكثر من أي مسخ في الأرض .. من المعتاد ـ بل المحبب والمريح ـ ان ترى الدم ينزف من إصبعك حين يجرح . .اما إذا لم يحدث هذا فهو ليس خبرا بهيجا على الإطلاق ..
دعك من هذه التفاصيل ..
ـ " في هذه اللحظة بالذات عرفت أنني بحاجة الى طبيب نفسي او خبير في الماورائيات ( ميتافيزيكس Metaphysics ) او كليهما ..
" الواقع إنني إنسانة محظوظة في قائمة مختلفة بعض الشيء .. هناك ( ويليام ماكلارين ) وهو صديق طبيب نفسي ، لكنه كذلك ـ ربما مثلك ـ مهتم بما لا يرى ولا يسمع ولا يشم .. وهو اقرب الى الفيلسوف منه الى أي شيء آخر ..
" هكذا دعوته لتناول الشاي ومقابلة الطفلة الجميلة ( إليانور ) التي التهمت فأرا بالأمس .." كان رأيه ان هذا نوع من الــ Pica وهو الميل المرضي لما ليس طعاما .. وهو يظهر لدى الحوامل وفي الإضطرابات النفسية . .فصارحته أنني رايت حوامل كثيرات لا يأكلن الفئران ولا يتحدثن معها قبل الأكل .
" قال لي إن هناك زاوية سلبية وزاوية موجبة .. الزاوية السلبية هي تبرهن على ان الطفلة لا تشكو من مرض نفسي ما .. والزاوية الموجبة هي ان تبرهن على أن لدى الطفلة قوة نفسية معينة ..
" هكذا اجرى عليها حشدا من التجارب النفسية وقياسات الذكاء ، وكانت النتيجة رائعة .. ذكاء الفتاة طبيعي ونفسيتها مستقرة كقدم المرتيت .. إن الزاوية السلبية قائمة .. لكن هناك عدد من علامات الاستفهام هنا ..
"الساحرة لم تعد للحياة .. فهل عادت روحها لتتقمص الطفلة وتولد من جديد عبرها ؟ اعتقد ان هذا غير مقبول لك لأنك لا تؤمن بنظرية التناسخ .. على كل حال انا لا اعرف ما تعرف ولا ما يعرفه ( ويليام ) .. بالواقع لا اعرف ما يعرفه أي واحد في هذه القصة ..
" كان القرار الذي استقر عليه هو .. هو .. نعم بالفعل .. جلسة استحضار ارواح .. سيحاول الاتصال بتلك المرأة ( رونيل ) السوداء ، ولسوف يفهم منه االقصة كاملة لتلك اللعنة .. سيعرف لماذا تضطهد الطفلة .. باختصار سيحاول مفاوضتها بعد ان يعرف ما نعرفه .. سيحاول عقد اتفاقية عدم اعتداء ..
" ما رأيك في هذا الجنون ؟ اعتقد ان الامر يروقك .. لم يبق إلا موسيقا تصويرية لـ ( برنشتاين Bernstein ) مع بعض المونتاج البارع ، ليصير لدينا فيلم رعب ممتاز .. المنافس الجديد لطارد الأرواح الشريرة أو ( داميان ) .. باختصار كل أفلام الاطفال الأشرار الذين تحوي عيونهم البراءة والرقة ، لكنهم أفاع يجب تدميرها ..
" موعد الجلسة الليلة ..
ـ " سوف اكتب لك بالتفصيل .. الحقيقة أننا نفتقدك هنا ، وامل ان تلحق بي في اقرب فرصة ..
( ماجي )
***
طبعا ـ كما ترى انت ـ كان الخطاب سيئا ..وكان يحمل اخبارا نصفها مزعج ونصفها مخيف ..
انا لا احب الاطفال بطبعي .. احبهم حين يكونون عاجزين محتاجين الى الكبار .. باختصار وهم في المهد وقد تلوثت شفاههم باللبن ، لكني لا اطيقهم لحظة بمجرد ان يدخلوا حقبة الركبة الملوثة بالميكروكروم .. حقبة تعذيب القط وتمزيق اوراقك الهامة وإتلاف التلفزيون .. أنا لا احب الاطفال الطبيعيين فكيف بالاطفال الذين يحوم حولهم شك ما ؟
لقد كلمتنا الطفلة بصوت خشن لا شك فيه .. لم تكن هذه هلوسة سمعية .. انا اعرف جيدا ان شيئا كريها حل بها .. واعرف ان لعنة ( رونيل ) السوداء عادت بعد كل هذه الاعوام لتنتقم ممن كانوا السبب في حرقه وتعد البلدة لـ (رونيل ) جديدة .. فهل تبدأ ( رونيل ) تلك الطفولة ؟ إذن ( ماجي ) ستكون معلمتها ..
المشكلة هنا انك تستطيع الخلاص من كل ************ يسيل لعابه أكثر من اللازم ـ خشية ان يكون مصابا بالسعار ـ او قط اجرب .. لكن من العسير ان تبرر الخلاص من طفلة بريئة المظهر خاصة لو كانت قريبتك ..
على كل حال قلبي يحدثني بان جلسة التحضير هذه ستكون مهمة .. انا لا اؤمن بتحضير الارواح ، واشك في قدرة بشر على استدعاء الارواح .. لكني اؤمن ان هذه الجلسات تحدث ثغرة في جدار الوعي تؤمن اتصالا معينا مع عالم ما وراء الطبيعة .. ربما لان الشياطين تتصل بمن يجرب ..
يقول عالم النفس الكبير ( يانج jung ) تلميذ ( فرويد ) المشاغب : ن المجموعة الجالسة في جلسة تحضير أرواح تمثل ثقافة فرعية او ثقافة مضادة ، تصر على أو تؤيد حقيقة احداث معينة تنفيها الثقافة السائدة .. أي ان ( اللاوعي الجمعي ) للجالسين ينفصل عن ( اللاوعي الجمعي ) للمجتمع الخارجي .. وحين تنجح هذه المجموعة في عزل نفسها عن العالم الخارجي بمعتقداته المعادية ، فإن حقيقة معينة تولد...
الخلاصة أن هذه الجلسات تقود إلى معلومات .. بعضها زائف وبعضها مصيب ..لكني لا ازعم لحظة ان هذا ناجم عن الاتصال بالروح ..
والآن ماذا أفعل ؟
طبعا لا شيء أعلمه إلى ان يأتي خطابها الثاني ، وهو لن يتأخر طبعا لا،ها ستكتبه بعد الجلسة .. أي سترسله بعد يوم او أقل من إرسال خطابها السابق الذي وصلني فعلا ..
لكن مصلحة البريد لا تعترف بحساباتي على كل حال ..
لقد وصل الخطاب بعد اسبوع كامل .. وقد لا حظت من البداية ان خط ( ماجي) الأنيق النضيد قد بدا بالغ الارتباك على المظروف . . إنها في حال سيئة ..
كنت في مكتب بالكلية ، لهذا نهضت واغلقت الباب بالمفتاح .. في الغالب سيفترض القادمون أنني امر بنوبة قلبية كالعادة ، فهذا من روتين حياتي هنا .. وقد تعلموا ألا يزعجوني كي أستمتع بالنوبة القلبية وحدي في سلام ..
الآن افتح الخطاب وأدعو الله الا يكون محتواه مصيبة ..
" إنفرنسشاير في ..
" الاعز ( رفعت ) :
" كما قلت لك في الخطاب السابق ، اعددت كل شيء لتلك الجلية التي رتبها د. (ويليام مكلارين ) في بيتي .. وكنا قد اتفقنا على ان تبدأ الجلسة بعد العاشرة حين تخلد ( إليانور ) للنوم ، وبالطبع كلفت مسز ( أوركهارت ) مديرة المنزل بأن تعني بالفتاة وتراقبها .. لا احد يرغب في مفاجآت غير سارة في أثناء انهماكنا في تلك الطقوس .. كنا بحاجة لطرف ثالث لذا استعنا بصديقة هي عارضة الأزياء الحسناء ( إلستري ) .. وهي فتاة من الطراز الذي تلتوي له أعناق الرجال فيذهبون لأطباء العظام .. لا ارى فيها سحرا خاصا .. فهي جميلة جمالا مسطحا ( ماسخا ) جديرا بعارضات الأزياء فعلا ، حيث لا يجب أن يطفي جمالها على الثوب الذي تعرضه .. على كل حال لن افهم هذه الامور حتى اصاب باول ورم يفرز هرمونات الذكورة فتنمو لحتي واتحول الى رجل ..
" طبعا بصفتي فيزيائية لم افوت الفرصة ، وحرصت على تسجيل الواقعة صوتا وصورة مع وضع بعض اجهزة القياس .. إن الفيزيائي الذي لا يقيس الأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية وترددات الصوت في جلسة تحضير أرواح لهو فيزيائي فاشل .. استعملت فيملا حساسا من طراز 16 ملم كي لا يفوتني شيء ..
" في العاشرة والنصف أدار ( ويليام ) جهاز تسجيل يذيع موسيقا هادئة لــ ( موزارت ) سعيا للحصول على ما يطلق عليه الروحانيون اسم ( تاثير موتسارت أو Mozart Effect ) .. يقولون إن موسيا ( موتسارت ) بالذات تنشط الظواهر الفائقة للطبيعة ولا يوجد تفسير واضح لهذا ..
" قمنا بتخفيض الإضاءة والتففنا حول منضدة دائرية صغيرة ، وبالطبع كنا نستعمل أسلوب الكوب ولوحة الحروف ، لأنه لم يكن بيننا وسيط موثوق به ..
" طلب ( ويليام ) استدعاء روح ( رونيل السوداء ) او ( هيلين ) من ( تيركونل ) ..
" بعد صمت طال بدأنا نشعر بذلك الوجود الثقيل يجثم على انفاسنا .. بالفعل لم نكن وحيدين ، وادركت ان الكوب يتحرك حركة لا شك فيها .. ليست مجرد اعصاب تالفة او خيال زائد بفعل الظلمة ..
" قالت الحروف : ماذا تريدون ؟"
" بصوت مسموع قال ( ويليام ) الذي حضر عشرات الجلسات من قبل إنه يريد معرفة ما تريد ( رونيل ) أولا ..
" الانتقام .. هذا هو ما قالته الحروف ..
" لكنك انتقمت بالفعل في ( تيركونل ) .. لقد مات أحفاد كل من تسبب في محاكمتك ..
" وهنا حدث شيء غريب .. لم تعد ترد علينا بالحروف .. بل دوت آهة قوية ثم شعرنا ان صوتا قويا شنا يأتي من مكان في الظلام .. بالاحرى ياتي من لا مكان في الظلام .. وأجفلت بينما شهقت ( إلستري ) .. إنها حسناء لكنها بلا عقل طبعا .. وأعتقد أن واجبها نحو نفسها هو الهستيريا ..
" لكن د.( ويليام ) قال في الظلام بحزم :
" لا تفقدا أعصابكما .. الجلسة مستمرة ولم يتغير شيء .."
هنا عاد الصوت يقول بإنجليزية عنيفة شكسبيرية جدا :
ـ " اريد الانتقام من البشر جميعا .. اريد ان استكمل ما بدأته من ثلاثمائة عام .."
ـ " والطفلة يا ( رونيل ) .. ما ذنب الطفلة ؟"
ـ " ذنبها انه لا بد لي من طفلة .. وكانت هي في المكان الخطأ في الوقت الخطأ .."
حتى هذه اللحظة القصة عادية يا ( رفعت ) .. هذه جلسة تحضير ارواح يسودها الود والتهذيب ، لو كان شيء كهذا ممكنا .. وكانت مؤشرات القياس الخاصة بي هادئة حتى هذه اللحظة ..
فجأة بدأ الجحيم الفعلي .. كل المؤشرات بدأت تتراقص بجنون .. تتواثب لأعلى وأسفل .. شريط التسجيل يجري بسرعة جنونية .. الدخان الأزرق يتصاعد من الأرض كما يحدث في حفلات الروك المجنونة ..
وبدأت اعصابنا تفلت ، لكن الدكتور ( ويليام ) كرر النظر بحدة .. عيناه تلمعان ببريق مخيف في الظلام يجعلك تفضل البقاء حيث انت ..
فجأة طار الكوب ليرتطم بالجدار ويتهشم الى فتات ..
الدخان يتزايد الى درجة أنني بدأت اقلق مما سيحدث ..
ثمة شيء ما خطأ .. شيء يفلت من أيدينا ..
هل هذه الاشياء التي تجري تحت قدمي هي ..
فئران ؟ بالفعل ..
عشرات منها تخرج من تحت المنضدة .. عشرات منها تركض على السقف والجدران .. من اين تاتي ؟
صرخت في هستيريا ووثبت عن مقعدي ، وفعلت ( إلستري ) شيئا كهذا على نطاق اوسع ..
فئران .. فئران !
فأر ضخم نوعا هوى من السقف فوق كتفي فصرخت ، وأزحته بقبضتي ..
فأر آخر هوى فوق المنضدة فأحدث ارتطاما هائلا ثم ركض مبتعدا ..
ـ " لاااااااااااه !!"
هذه ( إلستري ) طبعا وليس أنا ..
صاح ( ويليام ) وهو يثب فوق المقعد بدوره :
" اجهضوا التجربة ! اجهضوا التجربة !!"
يا لك من معتوه ! التجربة لم تحمل حتى تجهض .. وقد فلت على كل حال من لحظة تصاعد البخار ..
ـ " لاااااااااااه !"
قلت وانا أركل الارض مرارا :
" الن تصرف الروح أو تصنع شيئا من هذا القبيل ؟"
" بلى .. بلى .. إنصرفي يا ( رونيل ) من فضلك !!"
ثم ركض نحون الباب .. اغلقت اجهزة التسجيل الصوتي والمرئي ، وركضنا خلفه بينما ( إلستري ) تحولت من عارضة أزياء إلى سرينة سيارة إسعاف ..
ـ " لاااااااااه !! "
هذه ( الستري ) طبعا وليس انا ..
وفي النهاية كنا في الخارج نلتقط أنفاسنا .. لم ار هذا العدد من الفئران إلا في فيلم ( نوسفيراتو Nosferatu ) .. والسبب هو ان السفينة التي تحمل تابوت مصاص الدماء قد ألقت مراسيها خارج ميناء البلدة ..
مصاص دماء !
ـ " لااااااااه !!"
هذه ( إلستري ) طبعا وليس انا ..
كان صراخها يجعل الامر جحيما .. لهذا نظرت نحوها في حزم ، ثم هويت على خده بأقوى ما استطعت ..
كانت تعرف ان هذه الطريقة تنجح في السينما لذا أكملمت دورها ، وانفجرت في بكاء صامت وهدأت ..
قال لي د . ( ويليام ) في عصية :
ـ " ما الذي تحاولين عمله ؟ إن البائسة في صدمة عصبية .."
ـ " وهذا هو العلاج الناجح للصدمة العصبية .. او على الاقل هذا ما اعرفه عن الموضوع .."
ـ " معلوماتك تفاهات .."
ـ " وانت لا تفعل شيئا إلا التظاهر بالغموض والعلم .."
ـ " لا أسمح لك .."
ورفع كفه عازما كما يبدو على ضربي في صف اسناني العليا ، وتأهبت انا كي اعض قبضته هذه .. ثم توقف وقد بدأ يفهم :
ـ " القصة واضحة . إنها بثت فينا العصبية والكراهية .. علينا ان نفهم هذا .."
حقا .. كنت اشعر بالدخان الاسود يحتشد في صدري .. وكان على وشك ان ينبعث من راسي كما في القصص المصورة .. هناك نوع غريب من الحقد يعتمل في نفسي .. على كل حال كنا في أمان خارج الغرفة وإن عرفت ان القصر في مشكلة حقيقية .. اين ذهبت كل هذه الفئران التي ركضت خارجة من الغرفة ؟
قلت لدكتور ( ويليام ) وأنا أتحسس جبهتي :
ـ " لقد تلقين الجواب على كل أسئلتنا .. لقد عادت الساحرة أقوى مما كانت .. وهذا الذي يحدث لا علاقة له بالهستيريا او الهلوسة .."
قال وهو يجفف عرقه :
ـ " لقد قرأت الكثير ، لكن هذا الذي يحدث يفوق قدراتي .. لقد انفجر بركان فئران في قصرك .."
قالت ( إلستري ) وهي تجفف دموعها :
ـ " بالمناسبة .. أين الطفلة من كل هذا ؟ !!!"
|