لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (6) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-11-05, 09:24 AM   المشاركة رقم: 136
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ابو ارجيله - Chife Operations Officer

البيانات
التسجيل: May 2005
العضوية: 86
المشاركات: 354
الجنس ذكر
معدل التقييم: Ala_Daboubi عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 60

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Ala_Daboubi غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

no no no no

fhemti 3'ala6

asdi zay ma be7ki el wa7ad awal ma ysawi ai sha3'leh , eno besm allah , balashna

bas enti niytik mozh mazboo6ah

wo dayman bedik t6al3eeeni 3'al6aan

bas badal a7san minik wo ba2olik..................ya36eeek el 3afyeh

 
 

 

عرض البوم صور Ala_Daboubi  
قديم 08-11-05, 10:10 AM   المشاركة رقم: 137
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هه
طيب كون اكثر دقة في التعبير لما اتكون العبارة ذات معنيين
خخخخخخخخخ

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
قديم 08-11-05, 11:32 PM   المشاركة رقم: 138
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 


‏-
4-‏
الصيادون ..‏

مددت يدي تحت الغطاء ورحت أتحسس ..‏
حقا هناك عظام . لكن من قال إنها بشرية ؟ كل العظام تتشابه وإلا ما كان تمييز ‏العظام المفتتة معضلة معروفة في الطب الشرعي .. هذا بالطبع ما لم تجد ‏جمجمة واضحة تنهي التساؤل ..‏
قلت لها همسا :‏
‏-‏ ‏" خفضي صوتك يا بلهاء .. هناك عظام لكن من قال إن .. ؟ "‏
‏-‏ ‏" انا اعرف هذا .."‏
حسن .. هانحن اولا نعود الى الحدس الانثوي .. النقطة التي لا نجرؤ معها نحن ‏الرجال على الكلام ويخرسننا بها .. هن شفافات نقيات الروح ونحن ماديون ‏مغلقو الروح كالحجارة .. ليكن .. لكن هذا لا يغير من خطتنا شيئا .. سنبقى هنا ‏لان مغادرة السيارة قد يكون اخطر من ركوبها ..‏
الحق ان هذا القرار كن صعبا لأنها دخلت في حالة هستيرية وراحت ترتجف ‏وتتشنج .. ‏
هنا تعالى صوت هدير المحرك .. وكان يوحي بالحركة هذه المرة ..‏
إننا ننطلق .. ‏
هكذا توارى صوت نشيجها ورحنا نفكر صامتين ، بينما رأسانا يرتفعان ‏ويهويان ..‏
لحظات توقف وكلام ثم تحرك .. واضح ان هناك نقاط حراسة يقدم عندها ‏السائق أوراقه .. أرجو الا تكون هذه النقاط تفتش الحمولة ..‏
اخيرا يبدو ان السيارة تنطلق فعلا ..‏
ازحت الغطاء قليلا فرأيت الصحراء المظلمة .. النجوم جلية محددة كما لم أرها ‏قط .. ثقوب صنعت بدقة في الغطاء الأسود الذي يغلف الكون .. ومن بعيد ‏وحوش لا يمكن ان تعتقد انها جبال ما لم تلمسها ..‏
ومن أمامنا لم يكن يشق الظلام إلا ضوء السيارة الخافت .. كأنه عصا سيدنا ( ‏موسى ) تشق أمواج البحر الأحمر .. طريق يولد في كل لحظة ويختفي في ‏اللحظة ذاتها ليولد مزيد منه . .‏
الأغرب هنا انني ارى مشهدا على كوكب آخر .. مجرة أخرى لا اعرف كيف ‏اصف هذا .. لا اعرف كيف أصدقه .. لكنه بالتأكيد حقيقي ..‏
ارتجفت رهبة .. تمالكت نفسي .. ثم ألصقت وجهي بوجه ( سلمى ) وقلت ‏بصوت عال هذه المرة :‏
‏-‏ ‏" اعتقد ان هذه العظام آدمية بالفعل و .."‏
‏-‏ ‏" قلت لك هاذااااااااا !"‏
وبدأت في مزيد من الصراخ ، فوضعت يدي على فمها لتخرس قليلا :‏
‏-‏ ‏" لم اطلب منك استئناف الهستيريا .. دعيني أكمل كلامي .. ما دامت هذه ‏العظام آدمية وهذا معسكر حربي ، فمن الواضح ان الامر يتعلق بجريمة ‏حرب ما .. هذه العظام تخص ضحايا المعسكر !"‏
‏-‏ ‏" وماذا تقترح ؟"‏
‏-‏ ‏" ثمة احتمال لا باس به في ان يكون هدف هذه الرحلة التخلص من هذه ‏العظام ـ بقايا مذبحة ما ـ في الصحراء بعيدا عن العيون ، وهذا يضع أمامنا ‏احتمالا لا بأس به ان تكون الصحراء نهاية الرحلة وبعدها يعود الرجل الى ‏المعسكر أي اننا لسنا ذاهبين الى أي مكان .. إن هي إلا رحلة في هواء الليل ‏بعدها نعود حيث كنا .."‏
‏-‏ ‏" لا ارى هذا .. لن يستطيع السائق وحده إفراغ العربة .. لا بد من أيد ‏عاملة معه .."‏
‏-‏ ‏" ومعنى هذا ؟ "‏
‏-‏ ‏" معناه انه بالفعل ذاهب الى مكان ما .. قاعدة او محطة او مدينة .."‏
وهكذا لبثنا راقدين نراقب الصحراء .. الصحراء الصامتة العجوز التي لا تعبأ ‏بشيء .. لقد رأت الكثير ولم تعد تهتم بسيارة عابرة ..‏
فقط ارتجف لفكرة ان هناك في الظلام تتحرك الف حياة وحياة .. الف حياة ‏تنتهي بين انياب الف حياة تحاول الاستمرار .. ترقد بين العظام تحت غطاء من ‏النجوم في صحراء مجهولة قاصدة وجهة لا تعرفها .. كل هذا على مجرة لم ‏تسمع عنها قط لكنها تشبه عالمنا سطحيا ..‏
وفكرت في منظر السيارة وهي تعبر المدق الصحراوي في هذه الساعة .. ‏مسكينة هي الأشباح والغيلان في الفيافي ! لا بد انها تصاب بهلع كبير حين ‏ترى هذا المشهد المخيف يقطع خلوتها ..‏
لا بد أنني نمت .. من اليقين أنني لم أغمض عيني ثانية واحدة ، لكن كيف تفسر ‏ان وعيي غاب عن الكون للحظات ، بعدها شعر بـ ( سلمى ) تهز كتفي ..‏
‏-‏ ‏" يبدو اننا ندنو من شيء .."‏
رفعت راسي ، فوجدت بوابة عملاقة تدنو منا ببطئ ..‏
بوابة تحرس ما بدا لي كمدينة صحراوية كاملة .. رقعة تستحم في أضواء ‏باهرة .. وثمة مبان حقيقية تتناثر هنا وهناك ..‏
قالت لي : ‏
‏-‏ ‏" هل ترى ان نثب الآن ؟"‏
فكرت حينا ثم هززت راسي ان نعم .. ليس من مصلحتنا ان تجتاز هذه الأسوار ‏‏.. لا نعرف ما يوجد بالداخل ، ثم ان الاحتمال الأهم هو ان يأتي عمال ليفرغوا ‏الشاحنة .. هذا هو ما توقعته ..
لا اعرف ما يبدو خلف هذه الاسوار .. هل هذا مدفن عملاق لضحايا المعسكر ‏السابق ؟ لكن اندهش لشيء حتى ولو اتضح ان هذه ( لوس انجيليس ) نفسها ‏‏..‏
كانت سرعة السيارة الآن اقرب الى التوقف منها الى السير . .نهضنا ثم وثبنا ..‏
وبعد قليل كنا على الرمال الباردة المبللة بالندى ..‏
هكذا يمكن الى حد ما القول إننا عدنا الى لحظة البداية .. فقط ازددنا علما ـ او ‏حيرة ـ وفقدنا الجهاز ..‏
خلف احد الكثبان القريبة رقدنا منبطحين ورحنا نراقب المشهد الذي يدور من ‏بعيد .. البوابة تفتح والسيارة تتقدم ببطء الى الداخل .. البوابة تغلق .. الأضواء ‏الصامتة لا تثرثر بالكثير ..‏
قلت لــ ( سلمى ) :‏
‏-‏ ‏" تعال نحاول ترتيب ما عرفناه .. اولا هذا عالم لا توجد فيه امريكا لكن ‏يوجد فيه امريكيون .. ولا اعرف كيف .."‏
قالت وهي تفكر في عمق : ‏
‏-‏ ‏" للديناصورات اهمية خاصة في هذا العالم .. لا تنس اننا في ارض العظايا ‏ويعلم الله ما معنى هذا .."‏
‏-‏ ‏" هؤلاء القوم وحدة عسكرية ما .. ربما طبية كذلك .. والامر على الأرجح ‏يتعلق بضحايا مذبحة يتم التخلص منهم .."‏
ثم نظرت لها في غباء وفردت كفي :‏
‏-‏ ‏" جميل .. لكن ما معنى هذا ؟"‏
‏-‏ ‏" لا معنى له .. ثمة قطع كثيرة تحتاج الى قطعة تربط بينه اكما يحدث مع ‏ألغاز الأطفال ‏Jigsaw‏ .. وهذه القطعة لا بد ان تكون طرفا آخر لا نعرفه ‏‏.."‏
‏-‏ هل تعرفين ؟ اعتقد الآن أنه كان من الخطأ ان نثب قبيل دخول المدينة .. لو ‏كانت هناك إجابات فهي في الداخل .."‏
ونظرت الى المدينة الصحراوية الملتفة بالأنوار ، ومن بعيد كثبان الرمال ..‏
شعرت بقشعريرة تزحف على عمودي الفقري وغرقت في تفكير عميق ..‏
فجأة حدث الشيء الذي لا تتوقعه والذي يغير كل شيء بشكل غير مسبوق ..‏
دوى انفجار هائل من وسط المدينة .. لسان برتقالي تصاعد الى السماء ، ثم ‏دوى الصوت المروع الذي اهتزت له الصحراء ..‏
قبل ان نتساءل إن كان هذا هو الروتين هنا ، دوت صفارات الإنذار .. ثم تعالت ‏الصيحات ، وكأنما بعصا ساحر برزت عشرات العربات .. كلها تطلق الأضواء ‏المجنونة ، وكلها تتسابق نحو مركز المدينة ..‏
ثم دوت طلقات البنادق الآلية .. من كل مكان وفي كل اتجاه .. كأنك تجلس في ‏قاعة سينما تتمتع بنظام ( دولبي ‏Dolby ‎‏ ) ممتاز ..‏
راتاااااااااا .. راتااااااااا .. راتااااااااا !‏
من اين ولأين ؟ هذا ابسط حقوقنا .. نحن بلا ناقة او جمل في هذا الذي يحدث ، ‏ومن حقنا ان نعرف من اين يأتي الخطر لنتفاداه ..‏
شعرت بيد ( سلمى ) تضغط على يدي وتشير لأعلى ..‏
نظرت الى حيث أشارت .. الى الوراء .. لأعلى ..‏
كان هناك عدد من الرجال يقفون فوق تلة تعلو مستوانا قليلا ويطلقون البنادق ‏الآلية بلا توقف .. ثم ينبطحون ..‏
هذا يفسر تأثير ( الستيريو ) العجيب الذي شعرنا به .. إن الطلقات تأتي من ‏فوقنا ومن أمامنا في الوقت ذاته .. ومن الجلي أنهم لو يرونا في الظلام .. لقد ‏كنا وسط السواد كأننا مجموعة من الصبار ..‏
‏-‏ ‏" فنتوار قبل قدوم الطائرات !!"‏
كان قائل هذا احد الرجال ، وقاله بالعربية .. عربية واضحة جدا لم اصدق انني ‏اسمعها ..‏
طبعا كان من الواضح انني لا استطيع ان اعلن عن وجودي .. لا أستطيع ان ‏اقف لأتكلم لأن الكلمة الأولى منهم ستكون طلقة من هذه الطلقات ..‏
لكن ( سلمى ) تصرفت بلا تفكير ..‏
رفعت ذراعها دون ان تنهض وصاحت :‏
‏-‏ ‏" نحن هنا ! لا تطلقوا الرصاص !!"‏
‏-‏ ‏( سلمى ) يا بلهاء ! لا تــ .."‏
طلقة واحدة مرت جوارها وبعثرت الرمال في كل مكان .. ثم ..‏
انقطعت الطلقات من اعلى ولم تعد إلا طلقات من اسف .. من موضع المدينة ‏الصحراوية ..‏
‏-‏ ‏" من انتما ؟ هل عربيان ؟ "‏
‏-‏ ‏" نعم .. ونقسم على هذا .."‏
فليس الوقت مناسبا لأخذ قياسات الجمجمة وعينات الحمض النووي .. آخر ‏وقت ومكان يصلح للدراسات الانثروبولوجية هو في ميدان رماية رصاص ..‏
‏-‏ ‏" إذن تعاليا معنا بسرعة ! إن هذه المنطقة ستتحول الى محرقة حالا .."‏
وثبنا من مكاننا ورحنا نتسلق بينما قلبانا في حلقينا ..‏
أخيرا صرنا وسط هؤلاء ، ولم يكن الوقت مناسبا لتبين وجوههم او إجراء ‏تعارف مناسب للسادة المهذبين .. فقط راحت أيد قوية تقودنا كما يفعلون ‏بالدلاء في الحرائق .. يد تلو يد تلو يد ، حتى صرنا عند كهف في سفح تل من ‏التلال .. ‏
‏-‏ ‏"ادخلا بسرعة !!"‏
ولم ادخل بالسرعة الكافية . .استغرقت وقتا يكفي لان ارى .. ارى سيلا من ‏القذائف النارية كأنها النيازك ينطلق من المدينة الصحراوية قاصدا المكان الذي ‏كنا فيه .. هذه القذائف غريبة جدا .. إنها لا تسقط كما تسقط القنبلة العادية . .بل ‏هي تنتشر اولا كأنما هي مليئة بسائل ناري ، ثم تشتعل كل البقعة بلهب اخضر ‏عجيب .. يلي هذا انفجار يذكرك بالبراكين التي تراها في السينما ..‏
كان هذا كافيا كي ادخل ..‏
وفي اللحظة التالية انغلقت فتحة الكهف وصرنا بالداخل ..

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
قديم 08-11-05, 11:33 PM   المشاركة رقم: 139
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 


-5-‏
ابوالعتاهية وآخرون ..‏

لم يكن المشهد عبارة عن مدينة داخل الجبل كما توقعنا ..‏
كان كهفا بالفعل .. لا يميزه شيء إلا عشرات المشاعل وكان هؤلاء الرجال ‏متناثرين فيه .. وكانوا ..‏
فجأة ارتج المكان لأن قنبلة على ما هو واضح ارتطمت بالكهف من الخارج ..‏
سقطت على الارض .. وسقطت ( سلمى ) .. لكن بدا أن قوانين الجاذبية لا تؤثر ‏في هؤلاء ..‏
قلت وانا انهض :‏
‏-‏ ‏" سيهدمون هذا المكان على رءوسنا .."‏
قال احدهم وهو يجلس على الأرض :‏
‏-‏ ‏" لا .. الجبل اصلب مما تتوقع .. ثم إنهم لا يملكون أدنى فكرة عن كوننا ‏بالداخل .. هم يتوقعون اننا متوارون في مكان ما بالخارج .. هكذا نتعامل ‏معهم .. كل جبل هنا غرفة عمليات نخرج منها ونفعل ما نريد ثم نعود ‏لنتوارى فيها .."‏
وقال آخر :‏
‏-‏ ‏" وفي كل مرة يتساءلون : أين ذاب هؤلاء ؟ لكن برغم كل شيء تظل ‏الفتحة واضحة لمن يدقق البحث .. لا بد من واحد منا يأتي فيما بعد ليسدها ‏بعناية من الخارج .."‏
برغم كل شيء فأنا سعيد بكوني اسمع العربية .. عربية لا أنسى ابدا أنها عربية ‏مجرة أخرى ، لكن هذا لا يمنع شعور الألفة الذي شعرت به ..‏
نسيت ان أصفهم لكم . .كانوا مجموعة من الثوار .. كيف عرفت هذا ؟ لأنني ‏عبقري طبعا .. كل منهم يحمل بندقية آلية وقد لف حزامين من الطلقات على ‏كتفيه على شكل × على طريقة الاخ ( زاباتا ‏Zapata‏ ) ، وعلى وجهه ملامح ‏العيش الخشن .. ذقون غير حليقة .. قسمات سمراء قاسية .. ثياب هي خليط ‏من عدة أجناس معا .. هناك كوفية منطقة او اثنتان ..‏
ومد اثنان ساعدين قويين ، وتصافحا ثم تعانقا وتبادلا القبلات على الخدين : ‏
‏-‏ ‏" نجحت العملية !"‏
‏-‏ ‏" حمدا لله !!"‏
لا يحتاج الأمر الى مترجم كي يعرف ان هؤلاء القوم الذين دبروا الانفجار داخل تلك ‏المدينة الصحراوية ..‏
الآن جاء وقت السؤال المهم .. السؤال المهم الذي وجهوه لنا :‏
‏-‏ ‏" من اين جئتما ؟"‏
قالت ( سلمى ) وهي تنفض الرمال عن شعرها :‏
‏-‏ ‏" من ذلك المعسكر .. ذلك الــ ‏ESF‏ .. ركبنا في مؤخرة شاحنة للفرار ‏ووثبنا قبل ان تدخل المدينة .."‏
‏-‏ ‏" أنتما سعيدا الحظ .. فررتما في الوقت المناسب بالضبط .. لقد كانت هذه ‏الشاحنة ملغمة وقد انتظرنا هنا حتى مرت من البوابة ثم .. هوب "‏
شعرت بركبتي تتهاويان من تحتي .. إذن كانت الشاحنة تحوي أشياء أخرى ‏غير العظام . .أشياء لا تقل هولا ..‏
وقال آخر :‏
‏-" هل رأيتما ما كانت الشاحنة تحمله ؟"‏
ابتلعت ريقي ولم أرد :‏
‏-‏ ‏" حسن . لقد دفنا تلك العظام في الصحراء مع جنود عديدين منهم .."‏
قالت ( سلمى ) :‏
‏-‏ ‏" لا ادعي اني افهم شيئا في حروب العصابات ولا الاستراتيجية .. لكن ما ‏جدوى إطلاق البنادق الآلية إذن ؟ لقد حسبنا انكم ستهاجمون او تحمو ظهر ‏زميل لكم بالداخل .."‏
ضحك الرجل الذي بدأ الكلام طويلا وقال :‏
‏-‏ ‏" هذا توقيعنا حتى لا يعتقدوا ان ما حدث كان بفعل حادث .. نقول لهم إننا ‏الفاعلون .."‏
ثم صافحني بيد تشبه جرافة البلدوزر لو ان هذه كانت شديدة الخشونة ، وقال :‏
‏-‏ ‏" انا ( ابو العتاهية ) .. وانت ؟"‏
بدا لي الاسم غريبا .. هو على الأرجح اسم حركي قلت له :‏
‏-‏ ‏" انا ( سالم ) هذه زوجتي ( سلمى ).."‏
قالت ( سلمى ) في مودة : ‏
‏-‏ ‏" مساؤكم حليب .."‏
تلك التحية المستعملة في عالمهم ، والتي ما زلت اشعر بأنها ذات طابع سوقي ‏، بينما تصر هي على ان ( مساء الخير ) اكثر سوقية ..‏
سال الرجل : ‏
‏-‏ ‏" ومن أين جئتما ؟
آه سأفسد كل شيء إذن .. لكنه قاطعني قبل ان ارد ملوحا بيده :‏
‏-‏ ‏" لا عليك . .كلنا لا نعرف من اين جئنا .. لكننا هنا .."‏
قالت ( سلمى ) وهي التي لم تعتد ان تحبس أسئلتها كثيرا :‏
‏-‏ ‏" لا ازعم ان هذا يضايقني ، لكن ما الذي يدعوكم للثقة بمن ترونه لأول ‏مرة منذ ربع ساعة ؟"‏
‏-‏ ‏" لهجتك .. هذه اللهجة لا يتكلمها إلا عربي مثلنا .. ولو تصنعها أحدهم ‏لفضح نفسه .. كما انه لا يوجد جواسيس بيننا .. هؤلاء القوم لا يستخدمون ‏الجواسيس .."‏
نظرت الى الكهف ، فوجدته ينتهي عند هذا الحد .. لا يوجد امتداد .. هذا مكان ‏جيد للاختباء لكن اين حياتهم ذاتها ؟ اين قراهم ؟ اين واحاتهم ؟ اين نحن ‏بالضبط ؟ ‏
لسبب ما عرفت ان علي ألا اسأل كثيرا ، وقد خمنت ( سلمى ) الشيء ذاته .. ‏هم اعتبرونا منهم بشكل ما ، واعتبروها بديهية .. لو بدأنا في الأسئلة ‏سيعرفون على الفور اننا متسللان .. ربما جاسوسان .. ولتكونن غضبتهم ‏مرعبة ..‏
من الأفضل ان نستمر في أداء الدور الذي برعنا فيه .. لا نتكلم على الإطلاق ‏ونجيب عن الأسئلة بأسئلة ..‏
قال احد الرجال : ‏
‏-‏ ‏" اعتقد انه من الأفضل ان نتفرق .."‏
ثم أشار لنا : ‏
‏-‏ ‏" اعتقد ان ( جمشيد بن عباس ) يجب ان يراهما .."‏
دنت مني ( سلمى ) وهمست في شيء من التوتر : ‏
‏-‏ ‏" ما هذه الأسماء الغريبة ؟ ‏
‏-‏ ‏" ليست غريبة . .إنها أسماء من أعلام العرب ( جمشيد ) عالم من علماء ‏الجبر .." ‏
قالت في غيض هامس : ‏
‏-‏ ‏" يا للعبقرية !! إن هذه الأسماء موجودة في كوكبي كذلك .. بل هي التي ‏حددت تاريخ الكوكب كله ، لكن ألا ترى من الغريب ان تتخذ هذه كأسماء ‏كودية لمجموعة من الثوار ؟"‏
تذكرت ان وضع العرب في عالم ( سلمى ) يخطف الانفاس .. إنهم قوة عسكرية ‏واقتصادية مرعبة ( أ . ع . م ) او ( أمة عربية متحدة ) .. وبالتأكيد هناك من ‏العلماء العرب من لم نسمع نحن عنهم في أرضنا .. لكن اعتراضها وجيه بحق ‏‏..‏
ما معنى هذا ؟ ‏
هنا وجدنا الرجال يشيرون لنا كي نلحق بهم .. إلى الجهة الأخرى من الكهف ..‏
فتحة كالتي دخلنا منها .. يزاح الغطاء فترى الصحراء من جديد .. هذه المرة ‏وقد بدأت تستحم بلون الفجر الوردي .. يخرج اول الرجال جسده من الفتحة ‏ويتلصص حوله ، ثم يزحف الى الخارج ونتبعه نحن ..‏
في الخارج كنا على الجانب الآخر من التل ، لكن الحقيقة هي اننا كنا على ‏ارتفاع كبير .. لم ادرك هذا إلا حين ارتقيت التل اكثر والقيت نظرة ..‏
من الغريب ان المدينة الصحراوية تحولت الى بقعة صغيرة عند قدمي ، وبدا لي ‏هذا غريبا .. إن الكهف لم يبد لي بهذا الاتساع قط ..‏
خرجنا اربعة من الكهف كما ترى ، فعكف آخرنا على سد الفتحة .. أولا يضع ‏قطعة من الورق المقوي ليسد بها الفتحة ، ثم يهيل عليها بعض الرمال المبتلة ‏المعجونة بالماء من قارورة يحملها ، ثم يضع بعض نباتات الصبار .. حين ‏تجف هذه مع الشمس سوف يكون من العسير تبينها إلا لعين مدربة تعرف ما ‏تبحث عنه ..‏
لا اعرف كم من الوقت مشينا لكن الشمس كانت قد بدأت تعتلي السماء ..‏
كنت افكر .. ماذا لو ظهرت طائرة عمودية جديدة ؟ لقد مررنا بموقف مماثل ، ‏ووجدناه سيئا بما يكفي .. ماذا يضمن لهم أمن هذه المسيرة فوق الرمال ‏مكشوفين كنمل على مرآة ؟
قالت ( سلمى ) وقد عرفت ما افكر فيه :‏
‏-‏ ‏" يبدو انهم يعرفون اماكن ومواعيد تلك الدوريات ..|‏
وتوقفت عن الكلام ، لأن احد الرجال كان يفتح فجوة من الرمال المزيفة ‏والصبار في كهف ..‏
هؤلاء القوم يجدون طريقهم ببراعة حقا ، لكن أية حياة هذه ؟‏
‏*** ‏
والآن دعني أقدم لك الأخ ( جمشيد بن عباس ) ..‏
‏ أولا هو مسن جدا كما ينبغي ان يكون .. لحية طويلة بيضاء على صدره ، ‏وغطاء رأس عربي ( شماغ ) يغطي به رأسه من دون عقال .. وجه مسن مفعم ‏بالتجاعيد .. ربما يذكرك بلحاء شجرة عجوز في مدرستك القديمة .. لكن تحت ‏هذا الرأس الواهن هناك جسد قوي لم تذبل عضلاته بعد .. على الاقل هو اقوى ‏من جسدي انا .. ولدرجة ما كان منظره يذكرني بصورة ( انتوني كوين ) في ‏دور ( عمر المختار ) ..‏
جواره تجد ( الفارابي ) و ( ابو الاسود الدؤلي ) و ( خليل ابن احمد الفراهيدي ‏‏) .. هكذا أسماؤهم التي عرفتها فيما بعد مما يدل على أن ملاحظتنا كانت صائبة ‏‏.. لن تجد كل هذه المجموعة من أعلام العرب في مكان واحد مهما حاولت .. إلا ‏في الموسوعات طبعا ..‏
كانوا مدججين بالسلاح يفترشون الأرض .. وكانت هناك أقداح قهوة و ( دلة ) ‏‏.. بالإضافة الى مجموعة أخرى من الرجال .. وكان سقف الكهف مجوفا بطريقة ‏تجعله اقرب الى مدخنة .. ويبدو ان هناك نظاما ما للتخلص من الدخان وإدخال ‏الهواء .. بدائي لكنه فعال ..‏
يبدو ان هذا هو مقر القيادة الرئيسي .. كل شيء يوحي بهذا ..‏
نظر لنا ( جمشيد ) من تحت حاجبية الكثيبين ، وقال : ‏
‏-‏ ‏" السلام عليكما .. من اين جئتما ؟"‏
كان له صوت عميق مليء بالحكمة .. صوت لا يجب ان تمزح معه .. لا تستطيع ‏المزاح معه .. كانت ليلة منهكة ولم يغمض لنا جفن منذ ساعات ، لذا قلت ‏كلمات غيبية على غرار : ‏
‏-‏ ‏" لسنا من هنا .. نحن من هناك .. تسألني لماذا جئنا من هناك .. اقول لأن ‏هنا أفضل من هناك .."‏
هراء كثير من هذا الطراز ، وكان هو ينصت ويهز رأسه كأنما يصدق كل حرف ‏لكن الشك في عينيه العجوزين صار عادة ..‏
قال احد مرافقينا :‏
‏-‏ ‏" إنهما فرا من معسكر الـ ‏ESF‏ .. ركبا شاحنة ترجلا منها قبل المدينة .."‏
‏-‏ ‏" إذن هما مجدودا الحظ .. لو بقيا بضع دقائق لانفجرا .."‏
ثم ناول كل منا قدحا .. وأمر بمن يصب لنا القهوة العربية في الأقداح .. فلما ‏فرغت من قدحي عاد الرجل يصب فيه المزيد .. قالت لي ( سلمى ) همسا :‏
‏-‏ ‏" لو اكتفيت هز القدح حتى لا يعيده ملأه لك .."‏
ما هذا المكان ؟ اسماء عربية وتقاليد عربية تمارس بدقة امينة . . ثمة خاطر ‏يسيطر علي .. هؤلاء القوم يجاهدون لاهثين للاحتفاظ بهويتهم .. إن هذه ‏الاسماء هي صورة رمزية لمن ينشب أظفاره في تراب أرضه كي لا ينتزع منها ‏‏..‏
ظل الرجل ينظر لنا بعض الوقت ، ثم قال : ‏
‏-‏ ‏" هل ترغبان في المشاركة ؟"‏
‏-‏ ‏" بالتأكيد ..|‏
دون ان ندري ما هذا الذي نشارك فيه.. لكني احتفظت بسياسة الموافقة على ‏أي شيء كي لا أسأل ..‏
قال الرجل : ‏
‏-‏ ‏" إنهما متشابهما كتوءمين .."‏
‏-‏ فعلا تعالت أصوات الرجال تؤكد ان نعم .. هذا غريب .. حقا ..‏
‏-‏ ‏" وملامحهما تختلف عنا .. بشيء من المعالجة يمكن ان يبدو منهم .. هل ‏أنتما أخوان ؟"‏
قلت في حرج :‏
‏-‏ ‏" زوجان .."‏
‏-‏ ‏" هذا غريب . . لا يوجد ما يدعو لتشابه الأزواج إلا في ظروف نادرة .. ‏عندما يكون تفاهمهما مطلقا .."‏
هنا سألني احدهم وهو من يدعونه ( سلمان ) :‏
‏-‏ ‏" هل تتكلم لغة غربية ؟"‏
‏-‏ ‏" نعم . الإنجليزية .. بالفعل .."‏
ابتسم الوجه العجوز وقال : ‏
‏-‏ ‏" هذا يرجح الكفة أكثر .. لا احد منا يجيد لغة غربية .. هذه نقطة مهمة .. ‏ثم إن جسديهما من القياس ذاته .."‏
ثم اشار لنا الى بعض الأغطية على الأرض .. وقال بلهجة آمرة :‏
‏-‏ ‏" أنتما منهكان . .الآن تنامان وعند الاستيقاظ تعرفان ما يجب عمله .."‏
بالطبع لم تكن بنا من حاجة الى هذا الامر .. ولم نغرق في التفكير طويلا لأننا ‏حين اتخذنا وضعا افقيا تصرفنا كتلك الألغام النازية : التي لم تكن تنفجر إلا حين ‏تميل نوعا الى المستوى الأفقي .. وانفجارنا كان غطيطا وخليطا من الأحلام ..‏
فقط أذكر ان آخر كلمة قالتها العزيزة ( سلمى ) :‏
‏-‏ ‏" هل لاحظت هذا المدعو ( سلمان )؟"‏
قلت في تعب : ‏
‏-‏ ‏" م م م م م م؟"‏
‏-‏ ‏" يبدو لي ان هذا هو اسمه الحقيقي لا الحركي .. اسمه ( سلمان ) .. الا ‏ترى شيئا غريبا ؟"‏
‏-‏ ‏" م م م م .. وما في .. م م م . . ذلك ؟"‏
‏-‏ ‏" إنه يبتسم ابتسامة بزاوية فمه اليسرى !! ابتسامة تبدو لي مألوفة .."‏

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
قديم 08-11-05, 11:35 PM   المشاركة رقم: 140
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 


‏-6- ‏
التنكر..

حين صحونا عند العصر ، قدموا لنا وجبة تتكون من الفول المهروس .. وكان ‏هناك الكثير من التمر .. معنى هذا ان لهؤلاء القوم مكانا آخر غير هذا .. ربما ‏واحة قريبة ..‏
لم يكن المكان مريحا .. ربما هو خانق كذلك ، يذكر كثيرا بشبكة المجاري التي ‏كنا نعيش فيها في ارض المغول ، وإن كانت الكهوف أنظف وأعطر رائحة من ‏المجاري طبعا ..‏
كنت في حاجة ماسة الى شخص يجلس معنا ونبدأ في سؤاله .. من البداية .. قل ‏لنا يا اخي : ما معنى كذا وكذا ؟ لماذا يبدو كذا كذا ؟ ما اسم اللعبة ما قواعدها ؟
لكننا لا نجرؤ ابدا .. في هذا العالم وسط هذه الاحداث يسهل اعتبارك مجنونا ـ ‏لو كنت سعيد الحظ ـ او جاسوسا ..‏
‏*** ‏
عند الغروب ظهر ( جمشيد بن عباس ) .. اين كان ؟ ‏
لا ادري لكننا لم نره ي الكهف لدى استيقاظنا ..‏
كانت ثيابه قد اختلفت قليلا وإن كان مدججا بالسلاح ، وقد التف حوله عدد من ‏الرجال ، سأعرف أسماءهم فيما بعد وإن كانوا يحملون اسماء مثل ( امرؤ ‏القيس ) و ( جابر بن حيان ) ..‏
ابتسم لا وبصعوبة يمكنك ان تعرف ان هذا الأخدود الذي ظهر في ملامحه ‏ابتسامة .. وقال :‏
‏-‏ ‏" نمتما جيدا ؟ ليكن .. هل تحبان ( فيروز ) ؟"‏
طبعا كان هذا آخر سؤال يمكن ان نتخيله في التاريخ .. بالصدفة كلانا يعشق ( ‏فيروز ) لكن ما اهمية هذا السؤال الآن وهنا ؟ ‏
مد احد الرجال يده الى جهاز عتيق وضغط على زر ، وعلى الفور تصاعد ‏الصوت الرخيم يحكي عن ( شادي ) الذي ( ركض يتفرج ) وهو ما زال ( بعد ‏صغير عم يلعب عالتل ) ..‏
كان الجهاز في أسوأ حال ، حتى لم يكن يصلح إلا كمبراة ، كما ان الحجارة ‏الجافة المثبتة إليه تم غليها عدة مرات .. دعك من آثار العض التي تدل على ‏محاولة إطالة عمر تكررت كثيرا ..‏
قال ( ابو العتاهية ) وقد لاحظ دهشتنا :‏
‏-‏ ‏" نعم .. لا توجد حجارة جافة في أي مكان .. لكننا سرقنا عددا منها منهم ‏منذ سنين .."‏
قال ( جمشيد ) وهو ينظف سلاحه :‏
‏-‏ ‏" هناك جولة اليوم .. حوالي مائتين قادمون .. نعتقد أنكما قادران على ‏الاندماج بينهم .. نريد معرفة كل شيء عن العرض .. ماذا ستريان ؟"‏
تبادلت و ( سلمى ) النظرات ..‏
الحقيقة اننا لا نفهم شيئا على الإطلاق ..‏
هنا جاء احد الرجال يحمل ثيابا نظيفة مطوية بعناية .. هناك شعر مستعار أشقر ‏وأشياء اخرى لا اعر ف ما هي ..‏
قال ( جمشيد ) دون ان ينظر لنا :‏
‏-‏ ‏" ستدخلان الآن الى إحدى الفتحات الجانبية لتستبدلا هذه الثياب بما تلبسان ‏‏.. ثمة لمسات نضيفها نحن .. لكن لا تنسيا اننا فقدنا الكثيرين من رجالنا كي ‏نحصل على هذه الثياب .. حافظا عليها .."‏
وهكذا دخلنا انا و ( سلمى ) احد الشقوق في الكهف ، وعلق لنا احدهم مشعلا ‏كي نرى بعضنا .. كنا في حالة مروعة من البغاء لكننا لا نجسر على توجيه ‏أسئلة .. ثيابنا واحدة على كل حال .. قميص بلون خاكي وسروال ( جينز ) ‏ازرق .. ثم حذاءان رياضيان ..‏
فرغنا من ارتداء هذا كله ، ثم إن ( سلمى ) ثبتت الشعر الأشقر المستعار على ‏رأسها ، فكانت النتيجة لا بأس بها .. صحيح ان بشرتها خمرية ، لكن طقس ‏الصحراء هذا يجعل اية بشرة تحترق ..‏
ثبت انا الجمة على رأسي ، ولم ار نفسي لكنها هزت رأسها بمعنى أنه لا بأس ‏بي ..‏
ثمة أشياء في الجيب .. مدت يدي ابحث ، فوجدت بطاقة بلاستيكية مزودة ‏بدبوس تصلح لتعليقها على الصدر .. فهمت الآن لماذا رأى الرجل أنه لا مشكلة ‏‏.. إن الصورة لرجل أشقر ، مع كثير من الظلال ورداءة التصوير تجعل تعرف ‏ملامحه مستحيلا .. فقط كانت البطاقة المغلفة تحمل شارة‎ ESF ‎‏ .. لاحظت ان ‏الجنسية تشير الى اننا ( ولايات شرق ) .. لم افهم معنى هذا ..‏
فيما بعد عرفت ان اهمية ( ولايات شرق ) هذه ان بوسعنا ان نتكلم إنجليزية ‏غير متقنة .. فلا يفتح امرنا لأن إنجليزيتنا لن تخدع غريبا بالتأكيد ..‏
وكذا خرجنا الى القوم فأبدوا الكثير من الاستحسان ..‏
أضافوا بعض اللمسات مثل كاميرا حول كتفي .. وحقيبة ظهر لـ ( سلمى ) .. ‏وزجاجتي ماء لكل منا .. ثم أضافوا اسوأ جزء في الموضوع .. عدسات ‏ملتصقة زرقاء اللون .. لقد تبدل منظرنا تماما ، واستبعد ان تتعرفني ( سلمى ) ‏لو لم ترني اتنكر امامها ..‏
هؤلاء القوم مستعدون تماما .. لكن يمكن القول إن هذه الاشياء كلها مسروقة ‏من غريبين حقيقيين .. ربما ميتين كذلك .. هذا مفهوم .. وإن كنت لا احب كثيرا ‏ان اسأل اسئلة بصدد مصدر العدسات اللاصقة ‏
كنت قد كونت ـ بعبقريتي المعهودة ـ بعض الاستنتاجات .. هم يريدون منا ان ‏نتنكر كغربيين .. لماذا ؟ طبعا لنندس .. نندس في ماذا ؟ في الجولة التي بها ‏نحو مائتين ..‏
حقا إن الترتيب المنطقي يقود الى الحل دائما !‏
قال ( جمشيد ) :‏
‏-‏ ‏" لا بأس .. لاحظا كل شيء .. ( ابو العتاهية ) سيقودكما الى هناك .."‏
ثم انصرف الى احد رجالة ، وبدا كأنما نسي الموضوع تماما وفتح موضوعا ‏آخر ..‏
‏*** ‏
تحت ستار الظلام نتسلل في الصحراء ماشين خلف ( ابو العتاهية ) .. النجوم ‏تعطي ضوءا لا بأس به ابدا .. تشعرك بالألفة برغم انك لا تميز نجما واحدا ‏مألوفا لك .. لا بد ان ( وعاء الدب الكبير ) هنا يدعى ( طشت غسيل التمساح ) ‏او أي شيء مماثل ..‏
كان هناك ضبع نظر لنا من بعيد ، ثم قرر انه بائس وحيد ففضل الانصراف ..‏
لا بد انا مشينا نحو نصف ساعة .. كنا في الحقيقة ندور حول تلك المدينة ‏الصحراوية الغامضة .. رأسانا يزدحمان بالأسئلة لكننا لا نجرؤ ، وعلى كل حال ‏كنا قد قدرنا ان هذه الجولة ستشرح لنا كل شيء .. ستلعب دور كتاب التاريخ ‏الذي قرأته انا في أرض المغول فأعفانا من أسئلة مربكة ..‏
قال لنا ( ابو العتاهية ) وهو يتقدمنا : ‏
‏-‏ ‏" النصيحة المهمة هي : لا تتبادلا أية كلمة عربية .. أنتما غربيان في كل ‏شيء .. ثم إنكما وحيدان تماما ولو وقعتما في أيديهم فلا علاقة لكما بأي ‏شيء .. لن تعرفا كيف تجداننا .."‏
ثم اشار الى الكاميرا وقال :‏
‏-‏ ‏" هذه لا تعمل .. لكنها تطلق ضوءا .. حاول ان تبدو فضوليا .."‏
هذا الجزء بالذات لا يحتاج الى توصيات .. لن يحتاج أي جهد منا .. ان الفضول ‏يقتلنا بالفعل ..‏
اخيرا راينا مشهدا عجبا ..‏
كان هناك سياج من السلك .. سلك مضلع يذكرك بالذي تثبته في دارك لتتقي ‏البعوض .. ومن بعيد ـ على مسافة ثلاثين مترا ـ كانت هناك طائرة متوسطة ‏الحجم .. لها ذات منظر حاملات القوات التي تراها في الصور .. إنها تخص ‏الجيش .. جيشا لا يعلم كنهه إلا الله .. وعلى بعد اكبر كانت هناك طائرتا ‏هليكوبتر وطائرة تبدو لي كالمقاتلات ..‏
كانت الطائرة المعنية واقفة تهدر كالوحوش ، غارقة في الأضواء .. وادركت ‏انها وصلت من فورها .. كانت هناك حركة غير عادية ، مع عملية تقريب سلم ‏على عجلات من بابها .. ‏
‏-‏ ‏" بالضبط في الموعد .."‏
قالها ( ابو العتاهية ) وهو يدنو من السور ويثبت أظفاره في فجوات السلك ..‏
ثم نظر لنا وقال : ‏
‏-‏ ‏" حين ينزل الركاب تدخلان .. لا توجد حراسة هنا ، ويسهل ان تندمجا ‏وسط الفوج .. الركاب سينتشرون في كل مكان ومن المستحيل مراقبتهم .. ‏كما اننا نعرف أنهم لا يجرون حصرا لهم .. الجولة تنتهي غدا في نفس ‏الوقت .. سأكون هنا لأساعدكما على الرحيل ..‏
‏-‏ هتفت ( سلمى ) :‏
‏-‏ ‏-" تتكلم كأنه لا يوجد سلك .."‏
ابتسم ومد يده ليرفع جزءا من السور .. واضح ان هؤلاء القوم مزقوا اجزاء ‏من السياج من قبل ، صانعين بابا يدخلون منه متى أرادوا .. وحين يعود السلم ‏لمكانه ويثبتونه بالخيط يصعب ان تلاحظ انه تمزق ..‏
اخيرا بدأ الركاب ينزلون من الطائرة ..‏
بالفعل سادت الفوضى ، وبدا كأن الساحة أمامنا تحولت الى نوافذ الدرجة الثالثة ‏قبل مباراة كرة قدم .. هم مائتان لكنهم يقومون بما يقوم به الف من صخب ‏وفوضى ..‏
وفي هذه اللحظة همس ( ابو العتاهية ) : ‏
‏-‏ ‏" هيا .. لا تنظرا للوراء .. كونا طبيعيين .."‏
يبدو ان للرعب دورا مهما في اتخاذ القرارات الحاسمة .. لا اعرف كيف ولا ‏متى وجدنا نفسينا بالداخل ، ولا كيف اجتزنا المسافة الحرجة بين السور ‏والزحام ، لنتحول من ( متسللين ) إلى ( ربما كان هذان معنا من البداية ) ..‏
ولم ننظر الى الوراء ..‏
الزحام كله من الغربيين .. والأجمل هنا ان أكثرهم يلبسون مثلنا .. هذه ثياب ‏صالحة للرحلات او لغرض ( السافاري ) .. وقد ذكرني منظرهم بالسياج ‏الواقفين عندنا خارج معبد الكرنك بانتظار الدليل الذي يلوح لهم طالبا ان يتبعوه ‏‏..‏
سرعان ما اندمجنا وسط الزحام .. وكانت هناك كلمات بالإنجليزية والفرنسية ‏والألمانية .. فتاة تلتقط الصور لصديقتها وصديقها .. رجل يجمع بعض الرمال ‏في كيس .. مزاح .. بعض العجائز الأثرياء من طراز المومياوات إياه الذين ‏نراهم في مصر ، والذين يجمعون المال طيلة حياتهم لينفقوه أكثر من ربع ‏دولار يوميا والذين تعرفهم مصر كذلك ..‏
بعد قليل ظهر رجل يبدو أنه عسكري ، وكان يضع ( بادج ) صغيرا يقول : ‏ESF ‎‏ وامسك بمكبر صوت وقال بإنجليزية جيدة : ‏
‏-‏ ‏" إن المركز الصحراوي الرئيسي يرحب بكم .."‏
وكررها ثلاث مرات الى ان انتهت الضوضاء وصار قادرا على سماع نفسه ..‏
‏-‏ ‏" .. ستكون هذه رحلة الأحلام ، وقد خصصنا لكم خياما مكيفة ووجبة ‏عشاء ساخنة .. تبدأ الجولة صباحا ، إلا إذا رغب بعضكم في استكشاف ‏الصحراء ليلا .. هناك طائرات عمودية مخصصة لهذا .."‏
ثم دس يده في جيبه وقال :‏
‏-‏ ‏" هل من أسئلة ؟"‏
رفعت إحدى الفتيات يدها وبلهجة أمريكية سألته : ‏
‏-‏ ‏" كيف يتم تمويل المشروع ؟ هل انتم جهة حكومية ؟"‏
قال في ( ألاطة ) لا بأس بها وهو يدير عينيه في وجوهنا :‏
‏-‏ ‏" اكثر تمويلنا من الجامعات .. ومن ‏ESF‏ .. وبعض النفقات يتم تدبيرها ‏برحلات سياحية باهظة الثمن مثل هذه "‏
تعالت ضحكات عصبية لا مبرر لها .. واضح انها دعابة قوية فعلا ..‏
قال احد الواقفين ضاحكا :‏
‏-‏ ‏" خمسمائة ( كومون ) عن الفرد .. هذا ليس مبلغا زهيدا .."‏
قال الرجل الذي يبدو أنه عسكري : ‏
‏-‏ ‏" انا لا احدد الاسعار .. لكن ما اعرفه حقا هو ان كل من زارنا لم يشعر بعد ‏الزيارة بأنه دفع اكثر من اللازم .. والآن هل هناك من يرغبون في ‏استكشاف الصحراء ؟"‏
ارتفعت بعض الأيدي ، فرفعت انا و ( سلمى ) أيدينا .. كنا في حاجة الى الفهم .. ‏وعدم ترك فرص لهذه العملية ..‏
‏-‏ ‏" جميل .. هناك خمسون منكم .. سنحاول ترتيب الطائرات اللازمة .."‏
‏*** ‏
في المقصف انتظرنا في طابور طويل حتى جاء دورنا .. كان الطعام الذي ‏حملناه في صينية هو نوع م اللحم الممهوك او الممزق .. لا اعرف بالضبط .. ‏مع كوب من الكولا الباردة وبعض البطاطس المحمرة ..‏
لم أتحمس كثيرا للحم لأنني لا اعرف نوعه .. ربما هم يأكلون الذئاب على ‏العشاء في هذا الكوكب ، والادهى أن تكون ذئابا مخنوقة كذلك لكن البطاطس ‏كانت جيدة .. وعرفت ان ( سلمى ) أحبتها كذلك ..‏
ترى كي فيبدو تنكرنا في الضوء الساطع داخل المقصف ؟ لحسن الحظ أنه لا ‏احد ينظر الى الآخر ..‏
بعد العشاء تجمعنا حول الطائرات الهليكوبتر ، وقد قسمونا الى مجموعات ..‏
بدأت طائرتنا ترتفع .. ترتفع .. دورة حول المدينة التي لم تظهر معالمها ‏بوضوح .. مجرد نقاط لا حصر لها من الأضواء .. ثم ننطلق في السماء ‏الشاسعة التي تملؤها ثقوب النجوم .. متى قرأت عن الثقوب في السماء ، ‏والبرق الذي يحاول ان يرفوها كأنه إبرة خياط ؟ متى كان هذا ؟ في قصة أطفال ‏؟ ديوان شعر ؟ من المستحيل ان أتذكر الآن ..‏
ومن تحتنا بدت الصحراء الغامضة المسربلة في السواد .. كأنها طلسم لا قبل ‏لأحد بفتحه ..‏
‏( سلمى ) جواري .. تدنو مني اكثر وتهمس بالإنجليزية ( على سبيل الاحتياط ) ‏‏:
‏- " هل تشعر به ؟ هل تحسه ؟"‏
فألمس يدها .. ألثمه اوأصمت .. الليل والصحراء والصمت وهدير المحرك .. لا ‏بد ان شيئا تحرك فيها كما تحرك في .. ليس هذا وقته ، لكن العواطف ‏كالعضلات تبحث عن لحظات تستجمع فيها انفاسها .. لا يمكن ان تكون الحياة ‏كلها تخطيطا ومؤامرات ومحاولات للفهم والنجاة بالحياة .. لا بد من لحظة ما ‏يتقارب فيها رأسان يرمقان الليل ..‏
تقول لي : ‏
‏-‏ ‏" منذ متى لم تقل إنك تحبني ؟"‏
في الحقيقة لا اذكر انني قلتها على الإطلاق ـ هل تذكر انت ؟ ـ لكني اكذب فأقول ‏‏: ‏
‏-‏ ‏" منذ راح جهازك هذا يلقينا من حفرة لحفرة .. ومن بركان لبركان .. لا بد ‏من كوكب ما يصلح لالتقاط الأنفاس .."‏
‏-‏ ‏" لقد بدأت اعتقد ان عالمي هو أفضل العوالم المحتملة .."‏
الطائرة تحلق فوق تلال لا نعرف عددها ، ولا نهايتها .. ثم ‏
ظهر وميض ناري من على أحد التلال ..‏
وشهق البعض صرخ البعض .. على حين صالح الطيار :‏
‏- " تماسكوا ! إن صاروخا حراريا يتجه نحونا !!"

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t4679.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 05-01-11 12:16 AM
Untitled document This thread Refback 30-05-10 05:30 PM
Untitled document This thread Refback 04-10-09 04:51 AM
Untitled document This thread Refback 23-07-09 06:26 PM
Untitled document This thread Refback 24-04-09 12:34 AM
Untitled document This thread Refback 06-04-09 10:00 AM


الساعة الآن 02:28 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية