كاتب الموضوع :
^RAYAHEEN^
المنتدى :
الارشيف
سوف يرحل ( كولبي ) غدا ..
ما زلت مصرا على انه نصاب . وعلى انه احمق .. لكن وجوده في هذه القصة أفادني كثيرا .. لا انكر هذا . اعتقد انني سأتوقف عن مضغ اللادن نصف دقيقة كلما تذكرته بعد سفره ..
كان يحزم حقائبه في شقتي بالقاهرة ، وقد تناثرت اشياؤه على الفراش .. فجلبت له كيسا بلاستيكيا املأ بالورق وقلت له :
- " لقد استحققت هذا الكتاب .. انا لا اريده .. لا احد يريده .. لكني اعتقد انه سيفيدك حتما ."
قال ضاحكا وهو يضع الكيس بين طيات ثيابه :
- " جميل . جميل .. هذا هو هدف رحلتي .. الآن انا اقوى ساحر في العالم كله .. انا املك النيكرونوميكون كاملا .. لو احتفظت به لصرت الأقوى ، ولو بعته لصرت الأغنى !"
- " اتمنى ان يغير شيء من حظك العاثر هذا .."
ثم جمعت اوراقي التي في خزانة الثياب .. اتجهت الى المطبخ وبدأت احرق مذكرات ( يوسف .. ) ومذكرات ( زكي ) .. فانا لا احب ان ارى شيئا يذكرني بهذه القصة .. الدخان يتصاعد وانا اقف الى حوض غسيل الأطبال .. الاوراق تتجعد ثم تسود ثم تصير رمادا ..
فجأة وجدت ( كولبي ) وراء ظهري يلقي نظرة ، ثم سمعته يهتف :
-" ماهذا ؟ "
كان ينظر الى ذلك الملف الخاص بالمدعو ( مصطفى ابو زينة) .. الملف الذي كتب عليه ( استنتاجات بشأن العشرين شيطانا ) .. مد يده وانتزعه وراح يحملق فيه .. لم يفهم المكتوب بالعربية لكنه راح يطالع اول سطر :
-" Fjjj fytjgi 8ojklll gkjg lhh khkhou889j uxvyuioymklmm "
ثم هتف بانبهار :
- " هذه شفرة .. شفرة ( اينوخ ) .. لماذا لم تجعلني ارى هذا الملف من قبل ؟ "
- " لم اعرف انك تهتم بهذا .."
قال مفكرا :
- " معنى هذا ان رجلين على الأقل كانا يعرفان شفرة ( إينوخ ) .. وكانا يستعملانها كلغة خاصة طلبا للسرية .."
ثم راح يتأمل الاوراق وهتف في انبهار :
- " هذه الاوراق لا تحوي اسماء لكنها تحوي قواعد اساسية للبحث عن العشرين شيطانا .. إن هذا لا يصدق ! لقد بلغ هذا الباحث ذروة الدقة والتجرد .. يمكن بسهولة لاية هيئة ان تبحث بعناية طبقا لهذه القواعد فتجدهم .. إنه يشرح كيف تجدهم .. اين تجدهم .. العلامات المميزة لهم .. وهو يضيق دائرة البحث الى اقصى حد "
قلت له في نفاد صبر :
- " هل تريد هذا الملف ام احرقه ؟"
- " بل اريده برغم انه خطر .. من الواضح ان كل من اقتناه هلك ..."
- " لقد ظل معي فترة طويلة جدا .."
- " لقد حماك كتاب ( نيكرونوميكون ).. لكن نهايتك كانت قريبة .."
وعدنا الى حجرة النوم ليواصل تفقد حاجياته ..
كانت القلادة ملقاة على الفراش .. وحانت مني نظرة لها فوجدتها تتوهج ..
" القلادة ! قلادة ( موسفاديم ) تتوهج! احد الشياطين يتحرك للقتل !"
( كولبي ) منحن على حقائبه يتفحص الملف .. ساعده ظاهر لعيني . هناك وشم واضح عند المعصم .. ربما وحمة . . لا ابين الرسم من هذه المسافة .. هل كانت هناك وحمة هنا من قبل ؟ لا اذكر . بل لا اعتقد ..
" تارة تشعر انها دائرة سوداء ، وتارة تراها اقرب الى شعار تجاري فلا ينقصها الا رمز .. وتارة هي ثعبان يلتهم ذيلة او نجم خماسي .. ربما سداسي .."
ثم السؤال :
لماذا لم يدخل ( كولبي ) الحمام مرة واحدة منذ عودتنا من الاسكندرية ؟ هل شفيت البروستاتا فجأة ؟
مفاوضات مع الكيانات القديمة .. فهل هذا الساحر التعس يملك هذه البراعة ؟ ومنذ متى يجيد شفرة ( إينوخ )؟
الجواب الوحيد هو ان هذا ليس ( كولبي ) .. إنه واحد منهم عاد معي من النفق .. ومهمته ان يعرف ما اعرفه بالضبط .. عليه ان يجد اي اثر يفيد في البحث عن العشرين شيطانا .. وقد وجده الآن وانتهى دوري في القصة ..
اتجهت الى المطبخ وتناولت اكبر سكين عندي وعدت به الى غرفة النوم .. إن ظهره لي .. ترى هل ؟
ليس قتل هذه الاشياء سهلا .. لكن ربما لو اخذته على حين غرة ؟ وبم ابرر قتله امام رجال الشرطة ؟
هنا دق جرس الباب فأجفلت ..
التفت لي فداريت ما احمله تحت ثيابي وبصوت متحشرج قلت :
- " احدهم على الباب .."
قال وهو يعود كان يقوم به :
- " فالتر من .."
اتجهت الى الباب وفتحته فوجدت مساعد الشرطة ( شوقي ) الذي يحضر لي الاوراق .. لم اسر من قبل كما سررت برؤية وجهه البريء الصبوح ..
قلت له في لهفة وهو يلتقط انفاسه :
- " تعال .. لا بد من ان تجلس قليلا .. ان اتركك هذه المرة .."
دخل مرتبكا وهو لا يفهم سر هذه الحفاوة فأجلسته .. انا متأكد من ان ( كولبي ) لن يهجم وانا لست وحدي .. لكن لا . من قال هذا ؟ في حالتي كاد القتل يحدث في بيت ( مختار ) وقد كنا ثلاثة .. ما سبب صوت الطرقات هذا ؟ ماذا يدقه ذلك المسخ في غرفة نومي ؟
- " اهلا وسهلا "
- " اهلا بك .."
- " مرحبا "
- " مرحبا بك "
- " لقد شرفت داري "..
- " الشرف لي .."
وهو مرتبك لا يفهم سبب هذا كله .. اتراني جننت ؟
هنا سمعت ( كولبي ) يناديني من غرفة النوم بصوت متحفظ :
- " أ .. ( رفعت ) ! "
ماذا يريد ؟ هل يريد الانفراد بي ؟ "
اتجهت في حذر الى الغرفة فرأيته يشير لي كي ادخل .. نظرت للوراء في تردد ثم قدرت انه لن يفعل شيئا الآن . إنه يريد ان يكذب .. اعتقد هذا ..
دخلت الغرفة لأرى ما هنالك فوجدت نارات تشتعل في ركن الغرفة .. اوراق متناثرة في كل مكان كلها تحترق .. ماذا فعلت ايها المخبول ؟ ستحرق الغرفة ونحن فيها ..
إنه يقف جوار الباب وينثر قطرات من ذلك السائل الأحمر على الأرض .. نظرت للباب ففوجئ بأنه دق وتدين فضيين . ثم اخرج كتابه إياه وراح يتلو كلمات معينة ..
ما هذا ؟ هل استبدت به روح التمثيل ـ جنون المسرح ـ الى هذا الحد ؟ ما معنى ان يسجن نفسه في الغرفة ؟ ام ان هذا كان تمثيلا هنا وهناك ؟ ام ؟
صحت في جنون :
- " لا بد انك فقدت صوابك ! لماذا تحرق الاوراق في غرفة نومي ؟!"
قال بصوت كالفحيح :
- " إن القلادة تتوهج ..! رايت هذا الآن "
قلت متظاهرا بالبراءة :
- " وما في ذلك ؟ "
قال وهو يجذبني الى الوراء :
- " لقد سمعوني .. يبدو انهم لم يعرفوا ان هذا الملف الخطر موجود .. وقد قرروا ارسال من يدمرنا .. وقبل اي شيء احرقوا الكتاب .. احرقوا ( النيكرونوميكون ) حتى يكون بوسعهم تدميرنا بلا مشاكل مع قوانينهم ! ثم .."
ونظرت للوراء لارى الهول ذاته ..
لقد تحول عم ( شوقي ) الى شيء مخيف لا يمكن وصفه . شيء يختلف تماما عن ( مختار ) .. ليس لهذه الكيانات شكل واحد فيما يبدو..
لقد كان ( كولبي ) صادقا .. كان الخطر خارج الغرفة لا داخلها ..
إ ج ج ج ج ت ت ت و و و و ش ش ش ش شش ش ش ش !!
قلت همسا وانا لا ابعد عيني عن الباب :
- " ما سر هذه الوحمة على معصمك ؟ "
- " هذا وشم . الساحر المحترم لا بد ان يستعمل الوشم .."
- " ولماذا شيت من دخول الحمام !"
- " لم اشف . . لكني لن اعلن في الراديو عن كل مرة احتاج فيها الى البول . هل هذا وقت هذه الاسئلة السخيفة ؟"
إن ذلك الكائن يعوي ثم ينقض على الغرفة ..
إ ج ج ج ج ت ت ت و و و و ش ش ش ش ش ش ش ش !!
فجأة يبدو كأنه اصطدم بجدار زجاجي صلب .. يتراجع ويهجم من جديد ..
لكنه لا يمل ولا يكل ..
زئيره يصم الآذان .. إنه لن يكتفي باقتلاع قلوبنا بل سيقتلع اكبادنا .
إ ج ج ج ج ت ت ت و و و و ش ش ش ش شش ش ش ش !!
صرخ ( كولبي ) بكلمات بلغة لا اعرفها واخرج من جيبه عود ثقاب ..
نظرت بطرف عيني لأراه يحرق الملف لاذي كان على الفراش .. ملف العشرين شيطانا ..
صرخت والقيت بالاوراق المشتعلة على الارض ورحت ابعدها عن الفراش ..
وفجأة ساد الصمت ..
نظرت الى ( كولبي ) ونظر هو لي .
وفي حذر اتجهنا الى الباب فوجدنا الشقة خالية تماما ..
لا شيء سوى رائحة الرماد .. لا شيء سوى الفوضى ..
غرفة النوم عبارة عن مسرح عمليات تناثرت فيه اوراق محترقة صار من المستحيل قراءتها ..
وهمس ( كولبي ) وهو يلهث :
- " لا اعرف السبب لكن اعتقد انهم قرروا ان الخطر قد زال .. لقد اقتنعوا بما قلته لهم .. لا احد سيعرف محتوى ذلك الملف .."
- قلت وانا اسمع الزئير في اذني :
- " ارجوا هذا .."
***
حقا ارجوا هذا ..
لقد سافر ( كولبي ) وبرحيله بدأت اشعر بالذعر .. فهو الشخص الوحيد الذي اعرفه ويعرف ما يفعله في هذا الموضوع .. من الغريب ان اجد ( كولبي ) ذا نفع لاول مرة في حياتي لكنه حدث ..
ترك لي القلادة .. فعلقتها جوار فراشي ..إنها مفيدة وإن قال لي :
- " ليس معنى توهجها انك هدف القتل .. ربما تحرك احدهم في الصين أو ألمانيا ليقتل شخصا سواك .. على الاقل سيكون عندك وقت كاف لاتخاذ قرارك الخاص .."
قلت له وانا اتنهد :
- " اعتقد انهم لن يرتبكوا اعمال عنف الى ان يقرروا ان الوقت قد حان .. معنى هذا ان توهجها يشير الي بشكل خاص .."
ثم اضفت باسما :
- بعد كل هذا الجهد انت تعود من دون كتابك اللعين "
قال في مرارة :
- " الى حد ما اشعر ان هذا الكتاب انقذ حياتنا اكثر من مرة .. لكني لن اكف عن البحث . ساجده وعندها .."
ما لم اقله له هو ان هذا الكتاب كامل تقريبا لدى رجال الأمن .. صحيح ان اجزاءه متفرقة لكه كامل ويمكن جمعه بشيء من الجهد ..
لكن من يريد ذلك ؟ حقا من يريد ذلك ؟
هناك كذلك تلك المخطوطات التي وجدتها في مكتب ( مختار ) .. يمكن ان اعرضها على ( عادل ) .. ربما تحوي معلومات عن باقي الشياطين .. لكن .. لا .. لن اجازف بهذا .. انا لا اعرف شيئا عنهم ولن اجازف بتبديل هذه الصورة .. هذه المخطوطات سوف تحرق اليوم بالذات ..
إن النكرونوميكون كتاب تاريخ يحكي عن الكيانات القديمة اكثر منه دليلا للسحرة المبتدئين كما يظن البعض . وهذا هو ما يجعل الكتاب مخيفا .. فهو لا يعتقد بأننا ملوك الكون وان الكون في خدمتنا ، بل هو يتحدث عن كون معاد فيه قوى عاتية ، بينما نحن نجرد غبار معدوم الحيلة ، وما يبقينا احياء هو اننا اتفه من اللازم .
***
تمت
|