كاتب الموضوع :
marmar_nader
المنتدى :
كتب الأدب واللغة والفكر
حضرات الأخوة الأعضاء المشاركين في هذه الحلقة النقاشية التي كانت قد أفتتحت بواسطة كتاب الشيخ ابن عربي رحمه الله. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أود أن أسترعي انتباهكم إلى أن باب النقد منفتح على مصراعيه في كل شيء، ما خلا القرآن الكريم والحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما بين ظهراني النقد والتقييم ثمة نقاط كثيرة للتوقف منها الظن والشك والحيرة والتساؤل واليقين والكثير مما يعتمل في ذهن القارئ الكريم وهو يتجول بين ظلال القرآن الكريم وأفياء الحديث النبوي الشريف. وتلك المشاعر والاحاسيس الكثيرة لاينبغي عند محاولة التغلب عليها أو تجاوزها أن نركن إلى الذات وحدها من غير مرآة تدلنا على خط سيرنا ومدى متاخمتنا للصواب أو ابتعادنا عنه. فالطريق لا شك هو طريق طويل وغير سهل، إلا برحمة الله ونعمته وفضله على من يشاء من عباده الصالحين، وهذا الفضل بطبيعة الحال غير مشروط فهو فضل واسمه بديهية لا يناقَش فيها. وجون ذلك هو استحقاق من رب العزة يعطيه لمستحقه بعد أن أخذ بالأسباب وسلك إليه سبحانه كل الطرق، وهذا الاستحقاق هو بحد ذاته هو فضل من الله ايضا.
ولقد مر تأريخ الفكر الإسلامي بالكثير من الأعلام الكرام الذين تفضل الله عليهم وآتاهم من العلم والمعرفة، وجعلهم أأمة يهدون إلى الحق بإذنه، يبينون كتابه ويوضحون إلى المسلمين وغيرهم كلام نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم استجدت على المسلمين أحوال وأمور لم تكن على عهده عليه الصلاة والسلام بنفس هيأتها، وعلى سبيل المثال كان الزهد والورع مفهوما عند صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنه لم يكن زهدا منظما ومنظرا له كما أصبح في فترة الخلافة الراشدة ايام سيدنا عثمان بن عفان وسيدنا علي ابن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين. وذلك لأسباب عديدة لعل أبرزها هو الشعور بنوع من الاغتراب الذي دفع بالصحابي الجليل أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه للاعتراض على طبيعة الحياة التي كان الناس يعيشونها في أرض السواد بعد فتحها.
ثم تطورت الطريقة التي تم تناول تلك الإشكالية -ألأمر يتعلق بمعاناة المسلمين من خلال سلسلة المقارنات التي عقدت بين زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبين الزمن المتأخر عنه - فتكونت الأشكال الأولى للتنظير في قضية الزهد والتي تطورت إلى التفكير بهجرة الحياة الدنيا والعودة إلى زمن الإسلام الأول ثم تطورت إلى التنظير في العلوم الموصلة إلى الله تعالى وإلى رضوانه سبحانه فكان للناس مذاهبهم في ذلك وكانت لهم أسنيدهم من الكتاب أو من السنة، فأخذ بعضهم من القرآن الكريم وحمله محمل الجدة بعد أن أتقن كيفية تفسيره وفهم كيف يميز بين متشابهه ومحكمه. ومنهم من استعان بضعيف الحديث وموضوعه وجعله مرتبة دون مرتبة علمه هو ودعواه في تلقي العلم بعين البصيرة وطريق الذوق.
ولا أريد أن أطيل عليكم في هذه المقدمة بقدر ما أود لكم أن تسأنسوا بكتاب الشيخ إبن القيم الجوزية والمسمى مدارج السالكين في أياك نعبد وإياك نستعين. ففيه الكثير من تبيان مواطن الزلل التي وقع فيها الكثير ممن أرادوا الوصول إلى الحقيقة، كما أن فيها بيان للكثير من محاسن الرعيل الأول من المتصوفة الموحدين لله تعالى.
واللهَ نسأل أن يوفقكم لما يحبه ويرضاه سبحانه
|