كاتب الموضوع :
marmar_nader
المنتدى :
كتب الأدب واللغة والفكر
أحب أن أضيف موضوع جميل بعنوان (كيف خلق الله الأنسان على صورته) قد قرأته في أحد المنتديات وأحب أن تقرأوه لتعم الفائدة
وهذا نصه : (كيف خلق الله الإنسان على صورته؟
زعم المبطلون أن الإنسان يشبه الرب سبحانه و تعالى فى الهيئة و استدلوا على ذلك زوراً بحديث النبى صلى الله عليه و سلم: ((خلق الله آدم على صورته، وطوله ستون ذراعا، ثم قال: اذهب فسلم على أولئك النفر - وهم نفر من الملائكة جلوس - فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك.....،)) و أيضاً قوله عليه السلام ((إذا قاتل أحدكم أخاه، فليتجنب الوجه. فإن الله خلق آدم على صورته.))
بداية يجب أن تُفسر النصوص الشرعية وفق المبادئ العامة و هي رد المتشابه إلى المحكم و الجزئيات إلى الكليات و الفروع إلى الأصول... و آيات الصفات و أحاديثه من المتشابه الذي قد يزل في تفسيره من لا يفقهون كما قال حبر الأمة ابن عباس: ( ما بال هؤلاء يجدون رقة عند محكمه و يهوكون عند متشابهه ) و كان هذا حين ذكر حديث في الصفات فأنكر عليه أحد الجلوس.
لذا فإن فهم نصوص الصفات يكون دوماً في ظل القاعدة المحكمة التي قررها القرآن و هي: (( ليس كمثله شيء و هو السميع البصير )) قوله عز وجل (( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً )) و قوله سبحانه (( وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ )) .
و بالرجوع إلى تفسير العلماء لهذه الأحاديث الشريفة نجد قولين:
القول الأول: أعاد الضمير على أدم فكان المعنى : "خلق الله آدم على صورته" أي على صورة آدم التي كان عليها من مبدأ فطرته إلى موته، لم تتفاوت قامته ولم تتغير هيئته، بخلاف بنيه فإن كلا منهم يكون نطفة ثم علقه ثم مضغة ثم عظاما ، و حتى في الهيئة النهائية نجد بعض الاختلافات بين أدم و بنيه في الحجم و القوة... إلخ ، كما قال عليه الصلاة و السلام في أخر الحديث "فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعا ، فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن"، و شبيه هذا قول أم المؤمنين عائشة في وصف رؤية النبي عليه السلام لجبريل في هيئته الحقيقية "وإنه أتاه في هذه المرة في صورته التي هي صورته، فسد أفق السماء."
و كذا في الحديث الأخر يكون المراد أن الله خلق أدم على هذه الصورة الإنسانية التي ارتضاها له و لبنيه و أكرم الإنسان بها .
القول الثاني: أعاد الضمير على الرب جل في علاه ، و كان عمدة ذلك ما ورد في بعض الروايات بلفظ "فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن" و أجيب على ذلك بأن ذلك اللفظ لم يصح عن النبي عليه الصلاة و السلام ... و حتى لو افترضنا صحة هذا المحمل فليس فيه شبهة التشبيه مطلقاً و يكون المعنى: "أي أعطاه من الصفات ما يوجد مسماها عند الله عز وجل، كالحياة والعلم والكلام والرحمة و السمع و البصر و الوجه و اليدين و العينين..، و لا يكون الاشتراك إلا في مسميات هذه الصفات وليس في عينها، حيث أن المشترك بين قدرة العبد وقدرة الخالق هو الاسم فقط، وهكذا بشأن جميع الصفات، فقدرة الله غير مخلوقة وغير محدودة، بينما قدرة العبد مخلوقة، محدودة، تحتاج على الدوام إلى الحي القيوم، الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، و بهذا نفهم المعنى جلياً دون خلط فصفات الرب ليس كمثلها شيء " .
و كذلك العجب مثلاً من صفات الله نثبتها له كما أثبتها لنفسه تعالى إثبات بغير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل. وهو عجب حقيقي يليق بالله، والعجب نوعان: "أحدهما": أن يكون صادراً عن خفاء الأسباب على المتعجب فيندهش له ويستعظمه ويتعجب منه، وهذا النوع حاصل للإنسان محال على الله؛ لأن الله لا يخفى عليه شيء كما هو معلوم بالأدلة العقلية و النصوص القطعية في الكتاب و السنة و إجماع سلف الأمة. "الثاني": أن يكون سببه خروج الشيء عن نظائره، أو عما ينبغي أن يكون عليه مع علم المتعجب، وهذا هو الثابت لله تعالى.
و كذا صفة البصر: فالبصر صفة من صفات الله ليس كبصر المخلوق القاصر العاجز المركب المصدر ، فبصر الرب صفته الأزلية لا يفوته شيء يدرك النملة الصماء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، و يدرك في ذات الحين قلباً بين الضلوع خفاق، و حوتاً يُسبح في قيعان البحار و الورقة تسقط من بين الأشجار ، يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار، سبحانه أن يكون له شبيه ولا نظير وهو الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفواً أحد .
و قد روى الإمام البخارى عن محمد بن مقاتل قال أخبرنا عبد الله: أخبرنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها ولا يمتخطون ولا يتغوطون، آنيتهم فيها الذهب، أمشاطهم من الذهب والفضة، ومجامرهم الألوة، ورشحهم المسك، ولكل واحد منهم زوجتان، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن، ولا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب رجل واحد، يسبحون الله بكرة وعشيا).
و من المعلوم أن المؤمنين لا يكونوا على صورة القمر من كل وجه، و إلا لدخل الناس بلا أنوف ولا عيون ولا أفواه،و بهذا نجد أن الصورة لا يشترط فيها مماثلة الصورة الأخرى ، فإن كان هذا هو الحال فى حديثنا عن صور المخلوقين فكيف بصورة الخالق؟
وأصل هذه الشبهة نبع من تأويلات و تحريفات أهل الكتاب لنصوص الصفات في كتابهم فأظهروا الله تعالى على شبيه مخلوقاته فعلاً ، فحين نقرأ مثلاً في سفر التكوين: (( لأن الله على صورته خلق الإنسان )) تكوين 6:9 نجدهم و قد انحرفوا في تفسير هذا النص - إن صح - فاعتقدوا بالتشابه الحقيقي بين الله و الإنسان , و لهذا نسبوا لله ما ينسب للإنسان من الراحة و الندم و النسيان و التذكر و الاستيقاظ والصفير و المرض و العويل والسكر و الألم و اللطم و التصفيق و التعري و الغدر و الجهل، راجع (صموئيل الأول 3:15, خروج 17:31, مزمور 65:78, ميخا8:1, اشعيا9:16, ارميا 19:4, القضاة 18:2, تكوين 18 :20، اشعيا 2:20, زكريا 10:2, حزقيال17:2)
و لذلك نجد البابا يوحنا ذهبي الفم يقول امتثالاً لفكر بولس: " الرجل له السلطان على المرأة , أما المرأة فليس لها سلطان, لأن الرجل لا يخضع لأحد بينما المرأة تخضع للرجل لان الرجل هو المخلوق على صورة الله فلا سيطرة لأحد عليه تماماً كما أن الله لا يرأسه أحد, بل يسود على كل شيء .."
حتى أنا نقرأ في سفر الخروج حين طلب موسى أن يرى ربه أن الله مر من أمامه و اجتازه و ستر عينه بيده ثم سمح له أن يراه من قفاه لأن من يرى الوجه لا يعيش (( قال: لا تقدر أن ترى وجهي لأن الإنسان لا يرى وجهي و يعيش , و قال الرب: هو ذا عندي مكان, فتقف على الصخرة, و يكون متى أجتاز مجدي, أنى أضعك في نقرة من الصخرة و أسترك بيدي حتى أجتاز, ثم أرفع يدي فتنظر ورائي, و أما وجهي فلا يُرى )) خروج 33 :20-23، و لا ريب أن تعبير ((ورائي)) في مقابل ((وجهي)) تعنى ما تعنى, فأين ذلك من القرآن الذي جاء ليرد على هذا العبث فقال تعالى (( و لما جاء موسى لميقاتنا و كلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك , قال لن تراني و لكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني , فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً و خر موسى صعقاً فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك و أنا أول المؤمنين )) , و وصل الحد إلى تجرأ بعض الرسامين أمثال مايكل أنجلو على رسم الله تعالى في شكل الإنسان على حوائط الكنائس في أوروبا .
فالحمد لله الذي أرسل نبيه محمد بالهدى و النور ليقص على بنى إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون و يكشف ما كانوا يكتمون و يصحح ما يحرفون .).
وهذا هو رابطه للأمانة العلمية(http://islamwebs.com/vb/showthread.php?p=12659)
أسألكم الدعاء .....وجزاكم الله خيرا
|