آسيــا أكبر القارات مساحة وسكانًا. تكاد تحتل ثلث يابسة العالم. وبها حوالي ثلاثة أخماس سكانه. تمتد آسيا من إفريقيا وأوروبا غربًا إلى المحيط الهادئ شرقًا، ويقع أقصى شمال القارة في منطقة القطب الشمالي المتجمد. وتنتهي آسيا في الجنوب في المنطقة الاستوائية المشبعة بالبخار بالقرب من خط الاستواء.
لا تعادل أي قارة أخرى آسيا في معالمها الطبيعية؛ إذ تتميز ببعض أعلى الجبال في العالم، وأطول الأنهار وأكبر الصحاري والسهول والهضاب، وأكثف الغابات والأدغال، كما يوجد بها أعلى الأماكن في العالم وأكثرها انخفاضًا. ويصل ارتفاع جبل إيفرست ـ أعلى جبالها ـ إلى 8,850م فوق سطح البحر على امتداد الحدود بين نيبال والتبت. ويعد ساحل البحر الميت أكثر المناطق انخفاضًا في العالم، ويقع تحت مستوى البحر بحوالي 416م على الحدود بين فلسطين المحتلة والأردن.
حقائق موجزة المساحة: 44,102,000كم² أطول الأبعاد: من الشرق إلى الغرب، حوالي 9,700كم،
ومن الشمال إلى الجنوب، حوالي 8,690 كم.
الساحل: 129,077كم. السكان: حسب تقديرات 2006م: 3.970.729.000 نسمة. الكثافة السكانية: 90 نسمة /كم². الارتفاع: أعلى ارتفاع إيفرست 8,850م فوق مستوى البحر.
أدنى ارتفاع ساحل البحر الميت، حوالي 416م دون مستوى سطح البحر. الظواهر الطبيعية: سلاسل الجبال الرئيسية: إلبورز، تيان شان، زاغروس، ستانوفوي، ألطاي، كراكورم، كن لنج، كونلون، كيليان، الهملايا، هندوكوش، يابلونوفي.
الأنهار الرئيسية: آمور، أوب، إيراوادي، براهما بوترا، دجلة، زي، سلوين، السند، الفرات، الجانج، لينا، ميكونج، مينام، هوانج، يانجتسي، ينيسي.
أهم الصحاري: جوبي، تاكلمكان، الربع الخالي، قزل قم، كراكوم. عدد الدول المستقلة: 50 قطرًا. تضم أقطار آسيا (50 قطرًا) بعضًا من أكبر دول العالم وأصغرها. من هذه الأقطار الكبيرة: الاتحاد الروسي الفيدرالي الذي يقع جزء منه في أوروبا، ويقع أغلبه في آسيا، ويغطي أكثر من 17مليون كم²، أي نحو 76% من مساحة اتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية الذي تفككت أواصره عام 1991م. لكن هناك ثلاث دول آسيوية: البحرين وجزر المالديف وسنغافورة تبلغ مساحة كل منها أقل من 780كم². وتُعدّ الصين أكبر دولة في العالم من حيث عدد سكانها؛ إذ يبلغ عددهم بليون وثلث البليون نسمة، بينما لا يصل تعداد سكان حوالي ثلث الأقطار الآسيوية إلى خمسة ملايين نسمة.
تعتبر الصحاري الحارة في الجنوب الغربي، والصحاري الباردة داخل القارة وشمالها المتجمد مناطق قليلة السكان، لكن بالقارة أيضًا بعضًا من أكثر مناطق العالم كثافة في السكان، وخاصة في الأودية النهرية الخصبة، وفي السهول الساحلية، وفي مناطق دلتا الأنهار بجنوب وجنوب شرقي وشرق آسيا.
تخضع دول آسيا للعديد من النظم السياسية. فهناك دول ملكية مثل السعودية، والأردن، ونيبال والبحرين. وهناك حكومات شيوعية كما في الصين، وفيتنام، وفي بعض الأقطار الأخرى. ويحكم قطر والإمارات العربية المتحدة شيوخ. وهناك دول تعيش في ظل نظم جمهورية منها الهند والفلبين وغيرهما. وقد استولى قادة عسكريون على دول آسيوية كثيرة في أوقات القلاقل والاضطرابات.
يختلف الآسيويون بعضهم عن بعض اختلاف كل شيء عن الآخر في القارة؛ فهم يختلفون كثيرًا من ناحية أسلافهم وعاداتهم ولغاتهم، ومعتقداتهم الدينية، وأساليب حياتهم ونظرًا لهذه الفروق فإن هذه المقالة تتناول في ستة أقسام أسلوب حياتهم.
بدأت الحضارة في آسيا منذ 5,500 سنة قبل أن تبدأ في الغرب بكثير. وفي الأزمنة القديمة والوسطى، تفوقت آسيا على الغرب في التطور الاقتصادي والثقافي والعلمي؛ فقد شيد الآسيويون أوليات المدن، ووضعوا النظم الأولى في القانون، وكانوا أول المزارعين والتجّار، واخترعوا الكتابة، وابتدعوا أقدم الآداب. وفي رحاب آسيا ظهرت كل الأديان الكبرى السماوية بالعالم، فبعث الله تعالى موسى وعيسى بن مريم ومحمد بن عبدالله عليهم صلوات الله وسلامه. كما ظهر فيها بوذا وكونفوشيوس، وقد اخترع الآسيويون الورق، والبوصلة المغنطيسية، وحروف الطباعة.
في حوالي عام 1500م، دخلت آسيا في فترة تدهور اقتصادي، بينما بدأ الغرب تقدمًا سريعًا، فغزا الأوروبيون أجزاءً كبيرة من آسيا في الفترة بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر الميلاديين.
اتسعت الفجوة الاقتصادية بين آسيا والغرب أثناء فترة الحكم الاستعماري الأوروبي. فقد طوّر الأوروبيون ومواطنو أمريكا الشمالية نظم الإنتاج بمصانعهم، وشرعوا يستخدمون الآلات الزراعية والمعينات الأخرى للزراعة. وساعدت هذه التطورات على توفير وظائف جديدة، وزيادة الإنتاج، فتحسن مستوى معيشتهم، بينما لم تطور الدول الآسيوية سوى النزر اليسير من صناعاتها فبقيت بلادًا زراعية، وظل مزارعوها يستخدمون أدوات يدوية وأساليب زراعية عتيقة.
في تلك الأثناء، تسبب انفجار سكاني مازال مستمرًا، في زيادة عدد السكان في آسيا والغرب زيادة كبيرة مما تطلب المزيد من الغذاء والوظائف والمدارس، وما إلى ذلك من ضروريات. ولكن الغرب، بفضل نموه الاقتصادي، كان أقدر من آسيا على معالجة المشكلات الناجمة عن الانفجار السكاني.
نالت معظم أقطار آسيا المستعمرة استقلالها خلال منتصف القرن العشرين الميلادي. ومنذ ذلك الحين، ناضل كثير من الآسيويين في سبيل رفع مستوى معيشتهم بالتوسع في الصناعات وتحسين الزراعة، وإبطاء معدل النمو السكاني. لكن المنازعات السياسية في الدول الآسيوية أضافت مزيدًا إلى صعوبة هذا النضال.
بعد الحرب العالمية الثانية (1939-1945م) صارت آسيا مركزًا للصراع بين الدول الشيوعية وغير الشيوعية؛ ففي كثير من الدول الآسيوية، نشب قتال بين الحكومات المستقلة الجديدة والشيوعيين الذين حاولوا أن يحلوا محلها. كما أدت الصراعات القديمة، التي لم يكن لها علاقة بالصراع بين الشيوعيين وغير الشيوعيين، إلى القتال بين جماعات كثيرة من الآسيويين. ومن ثم تواجه، آسيا ـ بصفة تكاد تكون مستمرة ـ الحروب والتهديدات، في الوقت الذي تحاول فيه حل مشكلاتها الأخرى.
يعيش في آسيا ما يقرب من 3,970,729,000 نسمة أو قرابة 60% من سكان العالم، وتفوق الصين في عدد مواطنيها أي قطر آخر في العالم، تليها الهند، ويعيش حوالي خمسي سكان العالم في هذين البلدين.
يقدم لنا هذا القسم من المقالة فكرة مجملة عن التوزيع السكاني في آسيا، كما يعرض بصورة عامة للجماعات السلالية، والجماعات العرقية، والديانات واللغات، ثم تورد المقالة في أقسامها الستة أنماط المعيشة في آسيا، ومعلومات أكثر تفصيلاً عن الشعوب الآسيوية التي تعيش في العديد من مناطق القارة.
توزيع السكان. لو افترضنا توزيع سكان آسيا في كل أرجاء القارة لكان هناك مالايزيد على 90 نسمة في الكيلومتر المربع، لكن بعض المناطق شديد البرودة، وبعضها شديد الحرارة، وبعضها غاية في الجدب، أو ذو طبيعة جبلية، الأمر الذي يحول دون كثافة سكانية عالية. أما الأغلبية العظمى من الآسيويين، فيعيشون في أودية الأنهار أو الجبال أو بالقرب من السواحل، حيث يعملون بفلاحة الأرض، أو صيد الأسماك لكسب عيشهم. وثمة أجزاء أخرى من آسيا تُعَدُّ من بين مناطق العالم الأكثر سكانًا ومنها بنغلادش، وهونغ كونج، وسنغافورة، وشرق الصين، وجزء كبير من الهند، ومعظم اليابان، وجزيرة جاوة في إندونيسيا. في هذه المناطق يتجمع ملايين الناس في المدن الكبيرة، وفي مناطق ريفية كثيرة حيث يعيش المئات أو الآلاف في كل كيلو متر مربع.
الجماعات السلالية. تتكون المجموعة السلالية من عدد كبير من الناس متقاربين في لون البشرة أو سمات طبيعية أخرى. وقد صنف علماء الإنسان كل البشر إلى ثلاث جماعات سلالية. طبقًا لنظرية الأجناس الثلاثة ينتمي كل فرد إما إلى الجنس القوقازي ـ أبيض البشرة ـ أو المغولي ـ أصفر البشرة ـ أو الزنجي ـ أسود البشرة ـ ومازال البعض يأخذون بهذا التصنيف، لكن معظم علماء الإنسان في القرن العشرين يرفضونه؛ على اعتبار أنه رأي غير علمي. واليوم، يصنف معظم هؤلاء العلماء كل الناس في تسعة أو عشرة أجناس جغرافية رئيسية.
طبقا لنظرية الأجناس الثلاثة يعد معظم سكان الأقطار الواقعة في الطرف الغربي لآسيا ـ بما في ذلك الهند شرقًا ـ قوقازيين، بينما يعد معظم الآسيويين شرقي الهند مغوليين. وهناك مجموعات صغيرة من الزنوج تعيش في آسيا، وبصفة أساسية في شبه جزيرة الملايو، وفي جزر مثل غينيا الجديدة، والفلبين وسومطرة في الجزء الجنوبي الشرقي من القارة.
ويضع النظام الجغرافي للتصنيف السلالي معظم الآسيويين في المجموعة الجنسية الأوروبية أو الهندية أو الآسيوية. وتشبه المجموعات السلالية الأوروبية المجموعة القوقازية في نظرية الأجناس الثلاثة، فهم آسيويون حسب النظام الجغرافي. ويتضمن أفراد المجموعة السلالية الآسيوية الصينيين، واليابانيين، والكوريين، ومعظم شعوب جنوب شرقي آسيا.
سكان آسيا
الجماعات العرقية. يمثل وجود مجموعات كبيرة من المجموعات العرقية إحدى السمات المهمة لسكان آسيا. وتتكون المجموعة العرقية من مجموعة كبيرة من الناس متماثلين في خلفيتهم الثقافية، وقد توحد اللغة الواحدة والديانة الواحدة، والأسلاف المشتركون، أو كل هذه العوامل مجتمعة بين أفراد المجموعة العرقية.
بآسيا العشرات من الجماعات العرقية الكبيرة منها والصغيرة. فقطر واحد قد يوجد به جماعات عديدة. وتتضمن أكبر جماعات عرقية بآسيا عرب الجنوب الغربي، وهندوس الهند، والصينيين في الشرق. وتمد الجماعات العرقية أفرادها بشعور الانتماء، كما ترسخ القواعد السلوكية لأفرادها وتحافظ لهم على التقاليد الفنية والدينية وما إلى ذلك من تقاليد.
مع ذلك ففي أجزاء كثيرة من آسيا قد تنشب الحروب والنزاعات بين الجماعات العرقية في داخل البلد الواحد، وبين الأقطار المختلفة، بسبب ما خلف الاستعمار من مشكلات حدودية ومنحه الأراضي لغير أصحابها الشرعيين. وفي خلال القرن العشرين تضمنت الحروب بين الجماعات العرقية في آسيا ما كان منها بين العرب واليهود، واليونانيين والأتراك، والهندوس والمسلمين، وأهل الملايو والصينيين. يؤدي القتال بين الجماعات العرقية في آسيا إلى توتر العلاقات بين بلدانها، كما ينجم عنه زعزعة الاتحاد بينها.
الديانات. ظهرت الديانات السماوية كلها في آسيا، وهي اليهودية، والنصرانية، والإسلام وهو خاتم الديانات السماوية. كما نشأت العقائد غير السماوية مثل البوذية والكونفوشية والهندوسية والشنتو والطاوية في آسيا أيضًا. وسنتابع تطور هذه الديانات في مقالاتها المستقلة وفي مقالة الدين.
يدين كثير من الآسيويين بالهندوسية، وهي الديانة الرئيسية في الهند ونيبال.
يفوق المسلمون في عددهم أتباع الديانات الأخرى باستثناء الهندوسية؛ إذ يأتي الإسلام، جغرافيًا، أوسع الأديان انتشارًا في القارة. فمعظم الآسيويين في الطرف الغربي من آسيا وشرقًا في باكستان مسلمون، كما يدين معظم الإندونيسيين وأهل بنغلادش بالإسلام. هذا بالإضافة إلى المسلمين المنتشرين في كل أرجاء جنوب وسط اتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية (سابقًا) وغربي الصين.
تعد البوذية الديانة الرئيسية بجنوب شرقي آسيا، ولها أيضًا أتباع كثيرون في شرقي آسيا، كما أن هناك أتباعًا كثيرين للكونفوشية والطاوية في الصين. وتُعدّ الشنتو ديانة مهمة في اليابان، ويجمع الكثير من الآسيويين بين البوذية وديانة أخرى أو أكثر من هذه الديانات.
لم تكن النصرانية في يوم من الأيام، ديانة رئيسية في آسيا. ويعتنقها الآن معظم سكان قبرص والفلبين، وقليل من شعب لبنان والجزء الآسيوي من الاتحاد السوفييتي (السابق).
اللغات. تمثل اللغات واللهجات المحلية في آسيا عائقًا كبيرًا في سبيل الاتصال؛ إذ لا يستطيع أهالي إحدى القرى، في بعض مناطق القارة، التحدث مع جيرانهم في قرية تبعد عنهم بضعة أميال. فعلى سبيل المثال يتكلم أهالي مدهيا برادش ـ إحدى ولايات الهند ـ أكثر من 375 لغة ولهجة.
يصنف كثير من الخبراء كل اللغات في تسع فصائل لغوية رئيسية. وتُستخدم لغات كل هذه المجموعات فيما عدا الإفريقية، على نطاق واسع في آسيا.
تنتمي اللغة العربية، وهي اللغة الرئيسية في جنوب غربي آسيا، وكذلك اللغة العبرية التي يتحدثها أكثر من ثلاثة ملايين يهودي في فلسطين المحتلة، إلى الأسرة الآسيوية ـ الإفريقية (السّامية)، أما اللغة الروسية واللغات الرئيسية لأفغانستان وشمال الهند وإيران وباكستان وسريلانكا فهي ـ كاللغة الإنجليزية ـ لغات هندوأوروبية. وتنتمي اللغات الرئيسية في جنوبي الهند إلى مجموعة اللغات الدرافيدية. أما اللغات الرئيسية في الجزء الآسيوي من الاتحاد الروسي الفيدرالي ـ بخلاف الروسية ـ وفي منغوليا وتركيا فهي من الأسرة الأورالية والألتية. واللغة الصينية هي اللغة الرئيسية بالأسرة الصينية التيبتية، التي تتضمن أيضًا اللغات البورمية واللاوية والطاوية. وتنتمي لغات جنوب شرقي آسيا كلغة الخمير، واللغة الفيتنامية، إلى الأسرة المونخميرية. ويتكلم معظم أبناء الجزر الواقعة جنوب شرقي آسيا لغات الملايو ـ بولينيزية، ومن ضمنها الإندونيسية والملاوية والفلبينية. وتؤلف اللغتان اليابانية والكورية الأسرة اللغوية اليابانية والكورية.
أنماط المعيشة في جنوب غربي آسيا
يغطي جنوب غربي آسيا مساحة تبلغ حوالي 7.130.000كم² أو حوالي 16% من القارة. ويضم هذا الجزء الدول السبع في شبه الجزيرة العربية بالإضافة إلى اثنتي عشرة دولة تقع إلى شمال وشرق شبه الجزيرة. وتشغل المملكة العربية السعودية ـ وهي أكبر دولة في المنطقة من حيث المساحة ـ حوالي ثلثي شبه الجزيرة. والدول الأخرى بشبه الجزيرة هي البحرين والكويت وعُمان وقطر والإمارات العربية المتحدة واليمن. أما أفغانستان وأرمينيا وأذربيجان وجورجيا وقبرص وإيران والعراق وفلسطين المحتلة والأردن ولبنان وسوريا وتركيا فتقع خارج نطاق شبه الجزيرة. وتقع أجزاء صغيرة من أذربيجان وتركيا وجورجيا في قارة أوروبا، إلا أن هذه الدول تقع بصورة رئيسية في قارة آسيا. كما يضم جنوب غربي آسيا شبه جزيرة سيناء، وهو الركن الشمالي الشرقي من القطر المصري الإفريقي، وقطاع غزة والضفة الغربية وهما منطقتان تحت الحكم الفلسطيني المحلي. وكانت القوات الإسرائيلية قد احتلت عام 1967م المناطق الثلاث الأخيرة أثناء الحرب العربية الإسرائيلية. استعادت مصر شبه جزيرة سيناء بين عامي 1979-1982م.
تغطي الصحراء جزءًا كبيرًا من جنوب غربي آسيا ولا يسقط بها سوى أمطار قليلة للغاية، ويندر وجود الماء في معظم هذه المنطقة. ورغم هذا فإن معظم السكان يعملون بالمزارع. ويتكدس المزارعون على امتداد السواحل، وفي أودية الأنهار والجبال حيث يكون الماء كافيًا للمحاصيل. أما الصحاري الشاسعة فقليلة السكان، إذ تبلغ الكثافة السكانية بجنوب غربي آسيا، ككل، ما لا يزيد على 40 نسمة في الكيلومتر المربع.
وتحول قلة الأراضي الزراعية والافتقار إلى المدن الصناعية دون التقدم الاقتصادي في بعض دول جنوب غربي آسيا. لكن الأرض ـ حتى الصحراء ـ تحمل تباشير الأمل للمستقبل؛ إذ تجود بكميات ضخمة من النفط ـ أنفس مورد طبيعي بالمنطقة. وتستغل حكومات جنوب غربي آسيا بعض نفطها في استزراع الأراضي وإقامة المشروعات الزراعية والصناعية لرفع مستوى المعيشة والنهوض بأقطارها.
الدول الآسيوية المستقلة * الاسم المساحة بالميل المربع المساحة بالكيلو متر مربع السكان++ العاصمة تاريخ الاستقلال أذربيجان(الآسيوية) 27,915 72,300 6.031.000 باكو 1991م الأردن 35,467 91.860 5,870,000 عمان 1946م أرمينيا 11,484 29,743 3,400,000 يريفان 1991م أفغانسـتان 251,773 652,090 26.929.000 كابـول ** الإمارات العربية المتحدة 32,278 83,600 4.318.000 أبو ظبي 1971م إندونيسيا (الآسيوية) 572,479 1,482,714 224.606.000 جاكرتا 1949م أو[محذوف][محذوف][محذوف]ستان 172,742 447,400 27.250.000 طشقند 1991م إيران 636,672 1,648,195 68.899.000 طهران ** باكستان 307,374 796,095 165.035.000 إسلام آباد 1947م البحرين 268 694 714.000 المنامة 1971م بروناي 2,226 5,765 382.000 بندر سري بيجوان 1984م بنغلادش 55,598 143,998 134.840.000 دكا 1971م بوتان 18,147 47,000 814.000 ثيمفو ** بورما 261,228 676,578 51.223.000 نايبيداو مايودو 1948م تايلانـد 198,115 513,115 64.645.000 بانكوك ** تايـوان 13,902 36.006 22,781,000 تايبيه ** تركمانستان 188,456 488,100 5,092,000 عشق أباد 1991م تركيا (الآسيويـة) 290,038 751,195 66.042.000 أنقرة ** تيمور الشرقية 5,743 14,874 964.000 ديلي 2002م جورجيا (الآسيوية) 21,260 55,063 4,006,000 تبيليسي 1991م روسيا (الآسيوية) 4,928,980 12,766,000 36,970,000 موسكو 1991م سريلانكا 25,332 65,610 19,500,000 سري جيواردينبيورا كوت 1948م المملكة العربية السعودية 830,000 2,149,690 26.292.000 الرياض ** سـنغافورة 239 618 4,240,000 سنغافورة 1965م سـوريا 71,498 185,180 19.064.000 دمشـق 1946م الصين 3,692,671 9.563.974 1.338.331.000 بكين ** طاجكستان 55.251 143,100 6,574,000 دوشانبي 1991م العـراق 169,235 438,317 27.253.000 بغداد f عٌمان 119.499 309,500 2,826,000 مسقط ** الفلبين 115,831 300,000 84.093.000 مانيلا 1946م فلسطين المحتلة 8,130 21,056 6,797,000 القدس 1948م f فيتـنام 128,066 331,689 84.665,000 هانوي 1954م قـبرص 3,572 9,251 806,000 نيقوسيا 1960م قطر 424,7 11,000 600.000 الدوحة 1971م كازاخستان (الآسيوية) 1.005.487 2,604.200 14,857,000 أستانة 1991م كمبوديا 69,898 181,035 13,698,000 بنوم بنه 1953م كيرجستان 76,834 199.000 5,345,000 بشكيك 1991م كوريا الجنوبية 38,328 99,268 48.360.000 سيؤول 1948م كوريا الشمالية 46,540 120,538 22,954,000 بيونج يانج 1948م الكويت 6,880 17,818 2,740,000 الكويت 1961م لاوس 91,429 236,800 6.046,000 فيانتـيان 1949م لبنان 4,015 10,400 3,808,000 بيروت ** ماليزيــا 127,320 329,758 25.745.000 كوالا لامبور 1963م مصـر (الآسيوية) 23,442 60,714 397,000 القاهرة ** المالديف (جزر) 115 298 321,000 ماليه 1965م منغوليا 604,829 1,566,500 2,580,000 أولان باتور ** نيبال 56,827 147,181 25,636,000 كاتماندو ** الهند 1,269,219 3,287,263 1.103.121.000 نيودلهي 1947م اليابان 145,881 377,829 127,927,000 طوكيو ** اليمن 203,850 527,968 21,426,000 صنعاء ** * كل قطر من هذه الأقطار له مقالة منفصلة في الموسوعة. ++ السكان حسب تقديرات سنة 2006م للدولة المستقلة تقديرات سنة 2006م وما قبلها للدول غير المستقلة وهي مستقاة من مصادر حكومية رسمية ومن الأمم المتحدة. ** انظر المقالة حول هذا القطر لمعرفة المزيد من التفاصيل عن تاريخه. التواريخ مبينة فقط أمام الأقطار التي نالت استقلالها بعد الحرب العالمية الثانية. f اغتصاب فلسطين وقيام دولة إسرائيل. f احتلتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في عام 2003م.
أقاليم التبعية في آسيا الإسم المساحة بالميل المربع المساحة بالكيلومتر المربع السكان العاصمة الوضع السياسي قطاع غزة++ 146 378 1,428,000 غزة انتقالي الضفة الغربية** 2,270 5,879 2,500,000 -- انتقالي - كل بلد مدرج هنا، له مقالة في الموسوعة.
- السكان حسب تقديرات عام 2006م وما قبله وهي مبنية على أرقام من مصادر حكومية رسمية ومن الأمم المتحدة.
++ تحت إدارة السلطة الفلسطينية، الشؤون الخارجية والأمن الخارجي تحت إدارة (إسرائيل).
** تدير بعض أجزائها السلطة الفلسطينية، وتحتل (إسرائيل) الأجزاء الأخرى منها.
الصحاري تغطي جزءًا كبيرًا من غربي آسيا، وهي أراض قاحلة غير صالحة للزراعة.
السكان. يعيش حوالي 300 مليون نسمة أو 8% من مجموع سكان آسيا في جنوب غربي آسيا، ويصنف معظمهم في نظام الأجناس الجغرافي على أنهم قوقازيون، وهي نفس السلالة التي ينتمي إليها الأوروبيون. ويتميز آسيويو الجنوب الغربي، كمجموعة بشرية، ببشرة أكثر سمرة وشعر أكثر سوادًا من الشعوب الأخرى من الجنس الأوروبي، الذي يشمل الأوروبيين ومعظم الأمريكيين في الأمريكتين.
يشكل أفراد المجموعة العرقية العربية أغلبية السكان في إحدى عشرة دولة من الدول الآسيوية التسع عشرة بالجنوب الغربي. وهذه الدول الإحدى عشرة هي الدول السبع الواقعة في شبه جزيرة العرب، بالإضافة إلى العراق، والأردن، ولبنان، وسوريا. وتوحّد اللغة العربية والدين الإسلامي، والخلفية الثقافية والتاريخية بين ملايين العرب في جنوب غربي آسيا.
عاش العرب الأوائل في شبه الجزيرة العربية في العصور القديمة. وقد بُعث النبي محمد ³ بالإسلام، وأمره الله بالدعوة إليه في القرن السابع الميلادي، ونشر أتباعه الإسلام وعمَّ الحياة العربية في بلاد كثيرة. وقد عاش اليهود، في جنوب غربي آسيا فترة من الزمن في جزء من أرض فلسطين، ثم استقر الكثيرون منهم في أوروبا وأمريكا الشمالية وأجزاء أخرى من العالم. وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، بدأ اليهود حركتهم لإقامة وطن لهم في جنوب غربي آسيا. وقد أدت هذه الحركة إلى إقامة دولة إسرائيل عام 1948م، واتخذوا من فلسطين مقرًا لإقامة هذه الدولة.
عارض العرب إنشاء دولة يهودية فوق أرض فلسطين العربية. ومنذ ذلك الحين، لايزال العرب والإسرائيليون في نزاع أدى إلى قيام عدة حروب. ومازال جنوب غربي آسيا أحد مناطق الاضطرابات الأساسية في العالم.
يُسمى العرب واليهود ساميين؛ لأنهم يتكلمون لغات تنتمي إلى المجموعة السامية، من أسرة اللغة الإفريقية ـ الآسيوية. ولا يوجد في الجزء الشمالي من جنوب غربي آسيا ـ أفغانستان وقبرص، وإيران، وتركيا ـ شعوب سامية، بصفة أساسية؛ لأن أسلاف الأفغانيين والآذريين والإيرانيين والأتراك، جاءوا من أواسط آسيا. أما شعب قبرص فإن حوالي 80% منه يونانيون، و20% منه أتراك.
الديانات. بدأت اليهودية والنصرانية والإسلام في جنوب غربي آسيا. واليوم يدين معظم السكان في كل دول جنوب غربي آسيا بالإسلام فيما عدا بعض المناطق التي تسود فيها الديانتان النصرانية واليهودية.
وتتفق كل من اليهودية والنصرانية غير المحرّفتين والإسلام على الدعوة إلى التوحيد، أي الإيمان بإله واحد. وتؤكد هذه الأديان الثلاثة على مراعاة العدل والرحمة والتواصي بالخير.
الحياة الريفية. يشتغل حوالي ربع سكان جنوب غربي آسيا بالزراعة. ويجوب آلاف البدو الرحل صحاري وجبال آسيا يرعون الإبل والماعز والأغنام.
يحافظ كثير من المزارعين والبدو على زي أسلافهم، فعلى سبيل المثال يلبس كثير من العرب العباءة والعقال.وإن كانت حياة بعض المزارعين والبدو في بعض أقطار جنوب غربي آسيا مازالت تشابه حياة أسلافهم، إلا أن تدفق النفط في أقطار الخليج العربي (المملكة العربية السعودية، الكويت، البحرين، قطر، الإمارات، عُمان) قد غيّر كثيرًا من أنماط الحياة في هذه الأقطار، حيث اتسعت حركة النمو العمراني، واستخدمت الأساليب الزراعية الحديثة. وعلى سبيل المثال؛ أصبحت المملكة العربية السعودية ـ في وقت ما ـ من الدول المصدرة للقمح وبعض المحاصيل الزراعية الأخرى مثل الخضراوات.
تقوم العلاقات العامة بقرى وأرياف جنوب غربي آسيا على التقاليد؛ إذ يعيش معظم المزارعين والبدو وفق نظام قديم يسمى الأسرة الممتدة، فالأجداد والآباء، والأبناء غير المتزوجين، والأبناء المتزوجون وأسرهم يعيشون معًا في أغلب الأحيان. ولأكبر رجل في الأسرة سلطة كاملة على كل أفراد الأسرة، وهو مسؤول أيضًا عن مصلحة جماعته بأسرها.
تتركز أقوى روابط المُزارع خارج نطاق أسرته، حول قريته، كما تتركز أقوى روابط البدوي بقبيلته، ويحكم رئيس ومجلس مكون من كبار السن، معظم القرى. وهؤلاء يعملون على تسوية المنازعات بين الأسر. وتتكون معظم قبائل البدو من أسر مرتبطة من ناحية العصب، وعادة ما يكون زعيم القبيلة، ويطلق عليه لقب شيخ في الدول العربية، ويقوم بحسم الخلافات بين الأسر، ويقدم عونًا كبيرًا للمحتاجين من أفراد قبيلته.
يعمل الكثير من حكومات جنوب غربي آسيا على إقامة المزيد من الاتصال بمواطنيها في المجتمعات القروية، فتقوم في بعض المناطق بتعليمهم أساليب الزراعة الحديثة، وتوزيع الأراضي عليهم، وإنشاء المدارس في عدد من المجتمعات القروية مما يساعد على إعطاء أهلها فكرة عن الحياة العصرية.
حياة المدن. نمت المدن بسرعة كبيرة في جنوب غربي آسيا منذ خمسينيات القرن العشرين. كانت طهران (6.758.845 نسمة) في إيران، وبغداد (5.908.000 نسمة) في العراق، وأنقرة (3.203.362 نسمة) في تركيا، ودمشق (1.394.000 نسمة) في سوريا، إلى سنوات قريبة أكبر المدن في جنوب غربي آسيا. ويعيش في إسطنبول 8.803.468 نسمة،ولكن الجزء الأكبر من المدينة يقع في أوروبا أكثر منه في آسيا. وتمثل مدينة الرياض (4.087.152 نسمة) في السعودية أكبر مدينة في شبه الجزيرة العربية. وتتميز البحرين وإيران والعراق والأردن والكويت ولبنان وقطر والمملكة العربية السعودية وسوريا وتركيا والإمارات العربية المتحدة، بأن سكانها الحضريين أكثر من سكانها الريفيين.
يكشف الكثير من مدن جنوب غربي آسيا عن تباين كبير بين الحديث والقديم، فهي تجمع بين قطاع قديم يرجع تاريخه إلى مئات السنين، وقطاع حديث. وكانت القطاعات القديمة، ولا تزال، مراكز تجارية حيث يتبادل المزارعون، والبدو، والتجار السلع، وحيث يصنع الحرفيون المنتجات ويبيعونها. ويجري الكثير من هذا النشاط في مراكز تجارية مكشوفة ومزدحمة. والبيوت في الأحياء القديمة صغيرة وشديدة الازدحام. وتتميز الأحياء القديمة بالمدن الإسلامية بكثرة مساجدها الجميلة.
أما الأحياء الحديثة بمدن جنوب غربي آسيا فتشبه المدن الغربية الحديثة في نواح كثيرة؛ إذ ترتفع فيها عمارات تضم شققًا ومكاتب على امتداد شوارع فسيحة. كما تشتمل هذه القطاعات على مطارات ودور للسينما، ومحطات إذاعة وتلفاز، كما يوجد ببعض المدن مصانع ومعامل تكرير.
طرأت تغييرات اجتماعية على هذه المدن؛ فقد أتيحت فرص عمل جديدة لرجال الأعمال، ولعمال المصانع، وموظفي الحكومة، والأطباء والمدرسين وآخرين غيرهم. وطورت معظم الحكومات نظم مدارسها لتدريب مواطنيها على أعمال جديدة. كما أصبحت الأسرة الممتدة أقل شيوعًا في المدن عما هي عليه في المناطق الريفية.
التعليم. يُعد معدل الأمية (النسبة المئوية لمن تجاوزوا سن الخامسة عشرة ولا يستطيعون القراءة والكتابة) معدلاً عاليًا في معظم أجزاء جنوب غربي آسيا، وذلك باستثناء أذربيجان وأرمينيا وجورجيا، إذ يستطيع كل السكان تقريباً القراءة والكتابة. وتقل نسبة الأمية في البحرين وقبرص، ولبنان، عن 13%. إلا أن معدل الأمية في بعض دول جنوب غربي آسيا يبلغ أكثر من 50%، ويزيد هذا المعدل في أفغانستان على 64%.
عبر التاريخ، كان معظم أطفال جنوب غربي آسيا يتلقون قدرًا ما من التعليم الديني. وكان الصبية يتعلمون الحرف المهنية، أو الزراعية، أو الرعي من آبائهم. أما البنات فكن يتعلمن مهارات التدبير المنزلي من أمهاتهن. ولكن في منتصف القرن العشرين، أنشأت معظم دول جنوب غربي آسيا الكثير من المدارس الجديدة، وخاصة في المدن. واليوم يتعلم معظم أطفال المدن بالمدرسة لبضع سنوات على الأقل، ويواصل الكثير منهم، في الوقت الحاضر، تعليمهم بالمدارس الثانوية أو الفنية، ثم بالكليات. ومن الواضح أن التقدم في التعليم أكثر بطئًا في المناطق الريفية بجنوب غربي آسيا عنه في مدنها.
الفنون. يعتبر الفن الإسلامي أكثر الفنون شهرة في آسيا. والفن الإسلامي أسلوب فني طوّره العرب، وتبنته شعوب دول كثيرة تم لهم فتحها. وقد ازدهر الفن الإسلامي منذ عام 800م تقريبًا، حتى عام 1600م، ثم تدهور بعد عام 1700م.
تعتبر المنشآت المعمارية وخاصة المساجد، من أشهر أمثلة الفن الإسلامي، كما ابتدع الفنانون المسلمون فن تجليد الكتب، والرسوم الإيضاحية، وصناعة الخزف، والآنية الزجاجية، والسجاد، والمنسوجات، والتماثيل. وقد حرَّم الإسلام عمل تماثيل وصور للإنسان والحيوان، فكان أن طوّر الفنانون أسلوبًا زخرفيًا يتكون من أنماط ونماذج من أوراق النبات وسيقانه وما إلى ذلك من أشياء. مازال الكثيرون من فناني جنوب غربي آسيا الزخرفيين ـ ومنهم صنّاع الخزف والسجاد ـ يستخدمون الأسلوب الإسلامي التقليدي. عمل الأدباء على تحديث أدب جنوب غربي آسيا؛ ففي الماضي كان معظمهم يكتبون عن حياة النبلاء والأسر الحاكمة، أما اليوم، فيعالج كتّاب كثيرون الحياة بين عامة الشعب.
يشغل جنوب آسيا حوالي 4,480,000كم²، أو 10% من القارة، وتكاد الهند تشغل ثلاثة أرباع المنطقة. وتمثل باكستان حوالي السدس. وتتاخم باكستان غربي الهند. ويضم جنوب آسيا خمس دول صغيرة هي بنغلادش، وتتاخم الحدود الشرقية للهند، وبوتان ونيبال، وتقعان في منطقة جبلية مرتفعة بمحاذاة الحدود الشمالية للهند، وسريلانكا وجزر المالديف، وتتكون من جزر تقع جنوبي الهند.
يعد جنوب آسيا من بين أماكن العالم الأكثر ازدحامًا بالسكان؛ إذ يعيش هناك ما يقرب من بليون ونصف البليون نسمة، أي أكثر من ثلث جميع الآسيويين، وخُمس سكان العالم قاطبة. وتبلغ كثافة السكان بهذه المنطقة 323 نسمة في الكيلو متر المربع، أي أكثر من سبعة أمثال متوسط الكثافة السكانية بالعالم. والمنطقة الزراعية الرئيسية بجنوبي آسيا ـ وهي السهول الشمالية بالهند ـ مزدحمة كازدحام كثير من المدن، فمدينة كَلْكتا بالهند مثلا تصل الكثافة السكانية فيها إلى نحو 44,000 نسمة في الكيلومتر المربع. كما تصل الكثافة السكانية في مدينة ممباي (بومباي) نحو 28,000 نسمة في الكيلومتر المربع.
يمتاز جنوب آسيا بالأراضي الزراعية الخصبة وهناك عدة مدن كبيرة بها فرص وظيفية كثيرة. ورغم هذا، فإن المنطقة تواجه فقرًا شديدًا. وتحاول دول جنوب آسيا حل هذه المشكلة بتحسين الأساليب الزراعية، وإيجاد وظائف جديدة في المدن. على أن النمو السريع للسكان في هذه المنطقة يزيد من صعوبة الصراع ضد الفقر.
السكان. يعيش حوالي 75% من سكان جنوب آسيا في الهند، ونحو 10% في بنغلادش، و10% في باكستان. ويعيش أقل من 4% من السكان في باقي جنوب آسيا. ويُصنّف معظم الآسيويين الجنوبيين في نظام الأجناس الجغرافي، على أنهم هنود.
وأكبر مجموعتين بالهند هما المجموعة الهندو ـ آرية، والمجموعة الدرافيدية. ويعيش معظم الهندو ـ آريين ذوي البشرة الفاتحة في شمالي الهند. بينما يعيش أغلبية الدرافيديين ذوي البشرة الداكنة السُّمرة في الجنوب. اجتاح أسلاف الهندو آريين الهند من أواسط آسيا حوالي عام 1500ق.م، وكان هؤلاء يُسمَّون الآريين. أما الدرافيديون، وأصلهم غير معروف على وجه الدقة، فكانوا يعيشون في الشمال في ذلك الوقت، ولكنهم يعيشون الآن في الجنوب.
تضم الجماعات الكثيرة التي يتألف منها الباكستانيون، أناسًا من أصل أفغاني، وعربي، وآري ودرافيدي، وفارسي، وتركي. وتتضمن الشعوب الأخرى بجنوب آسيا سنهاليي سريلانكا، وجزر المالديف الذين جاء أسلافهم من شمال الهند. وينحدر تاميليُّو سريلانكا من أناس من جنوب الهند، أما أهل نيبال فيتضمن أسلافهم آريين، وأناسًا من التيبت ومنغوليا.
من الملاحظ أن سكان جنوب آسيا منقسمون على أنفسهم بتأثير الديانة، واللغة، والطبقة الاجتماعية؛ فلطالما أثارت الخلافات بين الهندوس والمسلمين ـ وهما الجماعتان الدينيتان الرئيسيتان بالمنطقة ـ أحداث عنف بينهما، بل أدت هذه الخلافات إلى إنشاء دولة جديدة عام 1947م هي باكستان، ومحاولة لإنهاء المذابح بين الهندوس والمسلمين، قامت بريطانيا ـ وكانت تهيمن على الهند وقتذاك ـ بتقسيم الهند إلى دولتين، الهند للهندوس، وباكستان للمسلمين. وفي أعقاب حرب أهلية ضروس، صارت باكستان الشرقية دولة مستقلة باسم بنغلادش وذلك عام 1971م.
تؤثر اختلافات اللغة أيضًا، تأثيرًا قويًا على شعوب جنوب آسيا، فمعظم ولايات الهند على سبيل المثال تتكون أساسًا من أناس يتكلمون لغة واحدة. وقد غيرت الحكومة الهندية حدود الولايات، وأنشأت ولايات جديدة كي تخصص لجماعات ذات لغات خاصة ولايتهم.عمومًا، تعمل الطبقة الاجتماعية على انقسام الناس على أنفسهم في كل أرجاء جنوب آسيا. وقد يكون للطبقة الاجتماعية أهمية كبيرة في الهند بين الهندوس الذين يشكلون غالبية سكان جنوب آسيا، فكل هندوسي ينتمي إلى طبقة اجتماعية خاصة تسمى طائفة ويوجد بالهند ما يقرب من 3,000 طائفة.
ينتمي الهندوس إلى طائفة آبائهم، ويصعب عليهم أن ينضموا إلى طائفة أعلى. ولكل طائفة في الهند عاداتها الخاصة بها، وهذه العادات تحد من الاتصال الاجتماعي بأفراد الطوائف الأخرى. ومن النادر أن يعقد زواج بين أفراد من طوائف مختلفة. للمزيد من التفاصيل عن نظام الطوائف في الهند،
الديانات. حوالي 83% من الشعب الهندي من الهندوس و11% من المسلمين. ومعظم شعب بنغلادش وجزر المالديف، وباكستان مسلمون. وتضم سريلانكا خليطًا من المسلمين والبوذيين والنصارى والهندوس. وفي نيبال يمثل الهندوس حوالي 90% من السكان، أما أغلبيةالباقين فمن البوذيين. وفي بوتان يمثل البوذيون حوالي ثلثي الشعب. أما الباقون فمعظمهم من الهندوس.
للهندوسية، بصفتها المعتقد الديني الرئيسي في الهند معظم الأتباع في جنوب آسيا. ولا تقوم هذه الديانة على الإيمان بإله واحد، فالهندوسي قد يؤمن بالكثير من الآلهة، وكلها صور مختلفة من براهما ـ روح العالم العليا. ويعتقد الهندوسي أن لكل الكائنات الحية روحًا هدفها الاتحاد ببراهما، ثم تمضي الروح، بعد الموت، من جسد إلى جسد حتى يتحقق للروح الكمال لتكون أهلاً للاتحاد ببراهما.
حياة الريف. يعيش حوالي 75% من أهالي جنوب آسيا في القرى، ويعملون في مزارع قريبة منها. ويمتلك معظم مزارعي جنوب آسيا حقولاً صغيرة، ولكن بعضهم يستأجر الأرض من ملاك أثرياء.
أُدخلت الآلات والأساليب الزراعية الحديثة في جنوب آسيا، لكن مازال الكثير من المزارعين يستخدمون الأنواع نفسها من الأدوات اليدوية، وطرق الفلاحة التي كان يستخدمها أسلافهم منذ مئات السنين. ويتعين على الكثيرين من مزارعي جنوب آسيا أن يكافحوا كي يوفروا مجرد ما يكفي لإطعام أسرهم. ولا تضم معظم أسر مزارعي جنوب آسيا عدة أطفال فحسب، بل تضم أيضًا أفرادًا آخرين ضمن الأسرة الممتدة.
يحصل سكان جنوب آسيا على معظم غذائهم من محاصيل الحبوب، كالشعير، والدخن، والأرز، والقمح، ومن الخضراوات، كالفاصوليا والبازلاء. ولا يأكل الكثير من الهندوس اللحم حتى ولو كان بمقدورهم، فهم يعتقدون أن لكل الحيوانات أرواحًا، لذا يحرم ذبحها. تختلف الملابس التي يرتديها سكان المناطق الريفية بجنوب آسيا من منطقة إلى أخرى، ويلبس الكثيرون قطعة كبيرة من القماش يلفونها حول أجسامهم. وتُسمى أردية النساء من هذا النوع الساري، ويغطي بعض الرجال رؤوسهم بعمامة.
تصطف بيوت القرية بجنوب آسيا غالبًا متلاصقة أو متقاربة، ومعظمها صغير ومبني من القرميد أو الطين. ويحيط سور بكل بيت في قرى كثيرة، مما يعطي أهله مزيدًا من العزلة والحرية.
هناك قدر كبير من الاتصال بين إقليمي جنوب آسيا الريفي والحضري. وينتقل موظفو الحكومة غالبًا من المدن إلى القرى لتعليم المواطنين كيفية استخدام الأسمدة والمحاريث والبذور الحديثة، ولإرشادهم إلى كيفية تشييد المدارس والعيادات الصحية، وشق الطرق، وإنشاء أنظمة الري، وتحديث حياتهم بشتى الطرق.
يواجه الكفاح من أجل تحسين حياة الناس هناك كثيرًا من الصعاب؛ فحكومات جنوب آسيا يعوزها المال، بل حتى لو فُرض وتوفر لديها المال، فسوف يتعذر عليها القضاء على الفقر مادام السكان يتزايدون بسرعة مذهلة. إضافة إلى ذلك، فإن الكثيرين من أهل الريف بجنوب آسيا يعتزون بعاداتهم وتقاليدهم، ويشعرون بأنه ليس هناك مبرر لتغيير أسلوب حياتهم وعملهم.
حياة المدن. على الرغم من أن جنوب آسيا، يُعدّ أساسًا منطقة ريفية، فإن بها عدة مدن كبيرة. وتعتبر بومباي بالهند، البالغ عدد سكانها حوالي 12 مليون نسمة، وكراتشي، بباكستان، وسكانها أكثر من 9 ملايين نسمة، أكبر المدن. وهناك أيضًا، تسع مدن هندية أخرى، ومدينتان أخريان بباكستان يبلغ سكان كل منها أكثر من مليون نسمة.
لا تكشف سوى قلة قليلة من الأماكن عن تباين حاد بين القديم والحديث ـ وبين الأغنياء والفقراء ـ كما تكشف عنه مدن جنوب آسيا، إذ أنشأت بريطانيا كثيرًا من المناطق الجديدة بهذه المدن. فقد حكمت معظم المنطقة من أواخر القرن الثامن عشر إلى منتصف القرن العشرين الميلادي. وخلال هذه الفترة من الاستعمار، عاش المواطنون البريطانيون في القطاعات الجديدة، ثم استمرت الحكومات الآسيوية في إنشاء المدن بعد استقلال العديد من الدول. واليوم تعيش الطبقة الوسطى والأثرياء من الآسيويين بجنوب آسيا، ومنهم رجال الأعمال والأطباء، وموظفو الحكومة، والمحامون، في أحدث القطاعات التي كان يسكنها البريطانيون.
تضم القطاعات القديمة بجنوب آسيا كثيرًا من الأحياء الفقيرة، حيث يعيش الملايين من البشر في شقق رخيصة مكتظة، وفي أكواخ من شرائح معدنية أو من الخشب أو القماش. ويبلغ التكدس والفقر في هذه الأحياء حدًا لا يجد معه آلاف البشر مكانًا يعيشون فيه، لذا فهم ينامون في مداخل البيوت، وعلى الأرصفة أو في أي مكان آخر يعثرون عليه.
تحاول حكومات جنوب آسيا تحسين حياة المدن، وحياة الريف أيضًا. وتتضمن مجهوداتها إزالة الأحياء الفقيرة، واللجوء إلى برامج التشييد لتوفير مساكن أكثر ملاءمة. كما ترعى هذه الحكومات برامج التوسع في الصناعة وتوفير المزيد من الوظائف، لتدريب العمال غير المهرة على هذه الوظائف. لكن تحسين أي مدينة يتطلب أموالاً ضخمة، وتواجهه مشاكل كثيرة، إذ تُعدّ معدلات المواليد في مدن جنوب آسيا، كما هي الحال في مدن كثيرة في أماكن أخرى، من المشاكل الرئيسية، كما ينزح آلاف الريفيين سنويًا إلى المدن سعيًا وراء حياة أفضل، ولكنهم، في نهاية المطاف لا يحققون وضعًا أحسن.
التعليم. تبلغ نسبة الأمية في سريلانكا حوالي 8%، ولكنها تصل في باقي جنوب آسيا إلى أكثر من 65% ممن يتجاوزون سن الخامسة عشرة ولا يستطيعون القراءة أو الكتابة. ولا تذهب أعداد كبيرة من الأطفال إلى المدرسة إما لعدم وجود مدرسة قريبة أو لاضطرارهم إلى العمل لمساعدة أسرهم.
منذ منتصف القرن العشرين الميلادي أنشأت حكومات جنوب آسيا كثيرًا من المدارس الجديدة. والآن يتعلم المزيد من الأطفال بالمدارس أكثر من ذي قبل مما أدى إلى هبوط معدل الأمية، وإن كان الأمر يتطلب إنفاق المزيد من الأموال لبناء كل المدارس المطلوبة، ويزيد النمو السريع للسكان المشكلة تعقيدًا.
الفنون. لجنوب آسيا تقاليد فنية ثرية ومتنوعة، فقد أنتج الآريون أدبًا رائعًا قبل زمن المسيح، وأسهم العديد من الأعمال الأدبية في تطوير الهندوسية. وتشمل هذه الأعمال ملحمتي مهابهاراتا و رامايانا والأعمال الفلسفية المسماة فيدا وأوبانيشاد. وقد ألّف الآريون أعمالهم باللغة السنسكريتية التي كانت أول لغة هندو أوروبية أُلّف فيها أدب.
وكان للأديان الثلاثة ـ الإسلام، والبوذية، والهندوسية ـ أثرها الكبير على فنون جنوب آسيا. وتتضمن أهم الأعمال البوذية الكثير من التماثيل لبوذا، مؤسس الديانة البوذية. وقد أسهم المسلمون إسهامًا كبيرًا في مجال العمارة الإسلامية. ويعتبر تاج محل أحد أجمل المباني في العالم.وانظر صور هذا المبنى في هذه المقالة. وقد شيد الهندوس بعض المعابد الحجرية، وأفاضوا في زخرفة الكثير منها بتماثيل لآلهتهم.
تتضمن الفنون الهامة الأخرى بجنوب آسيا: الرقص والموسيقى، وتروي الحركات الرمزية في رقصات جنوب آسيا حكايات كثيرة وتدخل في العديد من المسرحيات. وتبدو موسيقى جنوب آسيا غريبة لاستخدامها سلمًا موسيقيًا يخالف ما يستخدم في موسيقى كثير من دول الشرق والغرب. ويعزف أهالي جنوب آسيا الكثير من موسيقاهم على آلات وترية مثل العود والسيتار والفينا وهي آلة تشبه المزمار.
أثناء فترة الاستعمار، أدخل البريطانيون بعض أشكال من الفن الغربي، بما في ذلك العمارة الغربية والرواية إلى جنوب آسيا. وخشي الكثيرون في جنوب آسيا أن يغشى تقاليدهم الفنية النسيان، فبدأوا يطالبون، خلال القرن العشرين الميلادي، بالعودة إلى أشكال فنون جنوب آسيا. واليوم يكشف فن هذه المنطقة عن تأثير كل من الفن التقليدي لجنوب آسيا والفن الغربي.
ثم حدث العكس فيما يتعلق بتأثير الغرب على ثقافة جنوب آسيا في منتصف القرن العشرين؛ فقد بدأ أدب جنوب آسيا وفلسفتها يجذبان إليهما كثيرًا من الغربيين، فانتشرت موسيقى السيتار واليوجا وهي رياضة بدنية وذهنية. وذاع صيت المعلمين الدينيين الهندوس والمعروفين باسم الغورو وشغف شباب الغرب بثقافة جنوب آسيا شغفًا كبيرًا.
يغطي جنوب شرقي آسيا حوالي 4,070,000كم² أو 9% من القارة. ويبلغ معدل كثافة السكان بالمنطقة 138 نسمة في الكيلومتر المربع، أي حوالي ثلاثة أمثال المتوسط في العالم. وتضم المنطقة شبه جزيرة تقع شرقي الهند وجنوب الصين وآلاف الجزر جنوب وشرق شبه الجزيرة.
تؤلف إحدى عشرة دولة مستقلة معظم جنوب شرقي آسيا، وتقع خمس منها: بورما وكمبوديا ولاوس وتايلاند وفيتنام في شبه الجزيرة. وتقع ماليزيا جزئيًا في شبه الجزيرة، أما الجزء الآخر فيقع في جزيرة بورنيو. كما تقع بروناي في بورنيو. وتتكون كل من إندونيسيا والفلبين من آلاف الجزر، أما سنغافورة فتتكون من 50 جزيرة. وتشغل تيمور الشرقية حوالي نصف جزيرة تيمور، بينما يعد النصف الآخر جزءًا من الأراضي الإندونيسية. ويعد الجغرافيون أقاصي شرقي إندونيسيا جزءًا من الأقيانوس ـ جزر المحيط الهادئ ـ أكثر منها جزءًا من آسيا.
ويحظى جنوب شرقي آسيا بفيض من الموارد الطبيعية؛ إذ تغطي الغابات كثيرًا من الأراضي التي تكمن بها معادن ثمينة. وتتوفر الأسماك في المياه الساحلية، وتتميز بالكثير من التربة الخصبة، توفر أنهارها وأمطارها كميات كبيرة من المياه.
بدأ الأوروبيون في القرن السادس عشر الميلادي ـ وقد بهرتهم الثروات الطبيعية بالمنطقة ـ السيطرة على جنوب شرقي آسيا. وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، لم يكن قد سلم من الحكم الأوروبي سوى تايلاند.
استاء كثير من الآسيويين بجنوب شرقي آسيا من الاستعمار، فناضلوا لنيل استقلالهم، وبدأت هذه الشعوب تظفر باستقلالها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية سنة 1945م. وفي الوقت نفسه أحرز الشيوعيون موطئ قدم لهم في جنوب شرقي آسيا كجزء من حركات الاستقلال في حالات كثيرة.
واجهت حكومات جنوب شرقي آسيا حديثة الاستقلال انتفاضات قام بها الشيوعيون وجماعات أخرى بهدف الاستيلاء على بلدان المنطقة. ونجح الشيوعيون في السيطرة على فيتنام الشمالية عام 1954م، ثم استولوا عام 1975م على فيتنام الجنوبية، وكمبوديا التي عرفت لوقت ما، باسم كمبوتشيا ولاوس، وذلك بعد سنوات من قتال مرير. وقد وحّد الفيتناميون الشيوعيون فيتنام الشمالية والجنوبية في دولة واحدة ـ فيتنام ـ عام 1976م. لمزيد من التفاصيل عن الصراع في فيتنام
السكان. يعيش أكثر من 550 مليون نسمة أو 14% من الآسيويين في جنوب شرقي آسيا. ويُصنف نظام الأجناس الجغرافي معظم سكان جنوب شرقي آسيا على أنهم آسيويون، ويتميزون كالصينيين والشعوب الأخرى في الشمال، ببشرة تميل إلى الصُّفرة أو إلى السُّمرة، وأعين تبدو مائلة.
جاء أسلاف معظم الآسيويين بجنوب شرقي آسيا إلى المنطقة من أواسط آسيا وجنوبي الصين في عصور ما قبل التاريخ وفي الأزمنة القديمة، ودفعوا سكان المنطقة الأصليين إلى الجبال وإلى أماكن نائية أخرى. واليوم، يعيش أحفاد السكان الأصليين وبعضهم أقزام سود يسمون بالأقزام الآسيويين في تلك المنطقة النائية. وعلى مر السنين، استقر الآلاف من الصينيين والهنود في جنوب شرقي آسيا، وهؤلاء يسيطرون على النشاط التجاري بالمنطقة.
ينشب القتال كثيرًا داخل بعض دول جنوب شرقي آسيا بين جماعات منها أو فيما بينها، وبين دول أخرى مجاورة وذلك للسيطرة على أفضل الأراضي. وتسبب المنازعات السياسية ـ في الوقت الحاضر ـ انقسامات حادة بين أهالي جنوب شرقي آسيا. ويحاول الشيوعيون في معظم الأقطار الاستيلاء على السلطة السياسية من غير الشيوعيين، وقد نجحوا في بعض الحالات. وفي كمبوديا تأجج القتال بين الشيوعيين أنفسهم. ويؤدي القتال في المنطقة إلى انقسام المواطنين على أنفسهم، وإلى عرقلة التقدم الاقتصادي.
الديانات. تمثّل البوذية الديانة الرئيسية في شبه الجزيرة. وتقول تعاليمها: إن بمقدور الناس أن يجدوا السلام والسعادة بالتخلص من رغباتهم، فالبوذي لا ينشد تحقيق ثروة له.
بعد انتشار الإسلام في بلاد العرب امتد ليصل إلى جنوب شرقي آسيا. وهو يعد اليوم، الديانة الرئيسية في إندونيسيا وماليزيا وبروناي. أما النصرانية، فقد صارت الديانة الرئيسية لأهالي الفلبين خلال الحكم الأسباني ومازالت هكذا حتى اليوم.
يمزج بعض سكان جنوب شرقي آسيا، من غير المسلمين وخاصة أهل الريف منهم، المعتقدات والفروض الدينية بفكرة الروحانية أو الأرواحية، وهي الاعتقاد بأن لكل شيء في الطبيعة روحًا. وهم يؤمنون بأن الأرواح الطيبة والأرواح الخبيثة هي التي تجلب الحظ السعيد والحظ العاثر. ويقدم بعض المزارعين قرابين للأرواح على أمل أن تتحفهم بالحظ السعيد وألا تمسهم بسوء. ويصنع بعض هؤلاء المزارعين علبًا صغيرة تشبه أعشاش الطيور، ويعلقونها على قمة أعمدة خشبية في حقول أرزهم، ثم يضعون للأرواح في هذه الصناديق قطعًا من القماش وطعامًا، وبخورًا، وورقًا، وما إلى ذلك من قرابين.
حياة الريف. تعيش أغلبية كبيرة من سكان جنوب شرقي آسيا في قرىً صغيرة ويشتغلون بالزراعة. وهؤلاء يستخدمون ـ كغيرهم من معظم مزارعي آسيا ـ أساليب زراعية عتيقة. فهم يبذرون الحب بأيديهم، ويجنون المحصول بالمناجل وغيرها من الأدوات اليدوية. ويندر استعمال الآلات الزراعية كالجرارات. ويستخدم بعض المزارعين الجاموس لجر المحاريث. ويمثل الأرز المحصول الرئيسي والغذاء الأساسي في معظم مناطق جنوب شرقي آسيا.
حياة المدن. يوجد بجميع دول جنوب شرقي آسيا مدينة كبيرة على الأقل، وفي كثير من هذه الدول يوجد عدد من المدن الكبيرة، وتمثِّل جاكرتا (8.389.443 نسمة)، في إندونيسيا ومانيلا (9.932.560 نسمة) في الفلبين أكبر مدن في المنطقة.
تُعد مدن جنوب شرقي آسيا مراكز حكومية وحلقة وصل بين المناطق الريفية وباقي أجزاء العالم؛ إذ تُنقل المنتجات الزراعية، كأخشاب البناء، والمعادن وسلع أخرى، من المناطق الريفية إلى المدن لتُشحن خارج البلاد. كما تمر البضائع من الدول الأخرى عبر المدن قبل نقلها إلى المناطق الريفية. على أن القليل من كبريات المدن، كسنغافورة ومانيلا هي التي تتميز بصناعات ضخمة.
لطالما قام الأجانب بدور مهم في مدن جنوب شرقي آسيا، فقد تولى الصينيون والهنود قطاعًا كبيرًا من تجارة التجزئة في تلك المدن، ومازالوا حتى اليوم يهيمنون على هذه التجارة في بعض الأقطار. كما أقام الحكام الأوروبيون الاستعماريون أثناء حكمهم، المشروعات التجارية والصناعية، والحكومات في المدن، وحققوا ثروات ضخمة لأنفسهم ولبلادهم من موارد جنوب شرقي آسيا، وأنشأوا المدن وعملوا على تحديثها وفق النظم الأوروبية.
ثم واصل أهالي جنوب شرقي آسيا عملية التحديث بعد نيل استقلالهم. ويزخر كثير من مدنهم بفنادق فاخرة، وعمارات شاهقة بها شقق ومكاتب، ودور سينما وما إلى ذلك من معالم عصرية ولكنها تضم، أيضًا، أحياء فقيرة ومباني متداعية.
التعليم. يتفاوت التعليم تفاوتًا كبيرًا في جنوب شرقي آسيا، ففي إندونيسيا وبروناي وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلاند وفيتنام تبلغ نسبة الأمية 12% أو أقل، وتتراوح ما بين 15 و20% في بورما ولاوس، وتبلغ حوالي 31% في كمبوديا. ومنذ الاستقلال أنشأت حكومات بعض الدول كثيرًا من المدارس الجديدة، ووضعت برامج خاصة لمحو الأمية. وقد خفضت إندونيسيا نسبة أميتها التي كانت تتجاوز 90% في عام 1945م إلى حوالي 12% حاليًا.
الفنون. يكشف فن جنوب شرقي آسيا عن الكثير من التأثير الهندي، وبعض التأثير الصيني، ويتسم جزء كبير منه بأنه ديني. ويتضمن المزارات والأضرحة البوذية، وتماثيل بوذا. وقد أدخل الحكم الاستعماري الفن المعماري وأشكال الأدب الغربي إلى المنطقة.
يقدم فن سكان جزر إندونيسيا وماليزيا أصدق صورة لأشكال الفن المحلي بجنوب شرقي آسيا؛ فقد طوّر أهالي جزيرتي بالي وجاوة في إندونيسيا، أساليب الفن المعماري، والرقص، والمسرحية، والموسيقى، تطويرًا كبيرًا. وربما كانت رقصاتهم، التي تساعد كل حركة منها على رواية حكاية ما، هي أشهر أشكال الفن عندهم.
يغطي شرق آسيا حوالي 6,610,000كم² أو 15% من قارة آسيا. ويضم معظم الصين، أكبر دولة من حيث السكان في العالم. وتقع هضبة التيبت ومقاطعة زنجيانج وهما جزءان قليلا السكان من الصين الغربية في وسط آسيا.
وتغطي الصين أكثر من 90% من شرق آسيا ويسكنها حوالي 85% من سكانه. كما تمثل أربع دول أخرى؛ اليابان وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية وتايوان جزءًا من شرق آسيا. وتضم المنطقة وحدتين سياسيتين صغيرتين غير مستقلتين؛ هونج كونج وهي من الممتلكات البريطانية، وإقليم ماكاو البرتغالي، ويقعان بمحاذاة ساحل الصين الجنوبي.
يعيش حوالي 1,500,000,000 نسمة أو 41% من كل الآسيويين وربع سكان العالم في شرقي آسيا. وتعد المنطقة أحد أكثر الأماكن ازدحامًا من أي مكان آخر بالعالم. إذ تبلغ كثافة السكان بشرقي آسيا 232 نسمة في الكيلومتر المربع، أي خمسة أمثال المتوسط العالمي.
ظلت الصين تحكم، بين فترة وأخرى، جزءًا كبيرًا من شرقي آسيا. وقد بسط الصينيون نفوذهم في الأماكن التي كانوا يحكمونها، بل حتى في أماكن خارج نطاق حكمهم، فقد أثر الفن الصيني تأثيرًا كبيرًا في كل أرجاء شرقي آسيا، وتبنّى الصينيون المعتقدات الدينية والأفكار الفلسفية الصينية في المنطقة بأسرها، مع تفاوت درجة هذا التأثير بين مكان وآخر.
ربما تُعدّ تعاليم كونفوشيوس في مجال الأخلاق أهم إسهام صيني في الحياة اليومية في شرقي آسيا، وتحث هذه التعاليم على واجبات الحكام وسلوكهم نحو رعاياهم، وواجبات الأفراد أحدهم نحو الآخر، ونحو أفراد أسرتهم، ونحو أصدقائهم. ويؤكد منهاج كونفوشيوس على السلوك المهذب، وإطاعة السلطة الحقة، وهما سمتان تميزان مجتمع شرقي آسيا.
وقد جلب نفوذ الصين شيئًا من الوحدة للحياة في شرقي آسيا، وفي أواخر القرن العشرين، نجد المنطقة وقد انقسمت على نفسها انقسامًا خطيرًا حول أمور سياسية واقتصادية. فالصين واليابان، وهما أكبر دولتين بشرقي آسيا تتبعان أنظمة سياسية واقتصادية متعارضة تمامًا؛ إذ تحكم الصين حكومة شيوعية، ولا يمتلك شعبها حرية سياسية، بينما تعمل اليابان في ظل مبادئ حكم ديمقراطي، ويتمتع شعبها بحرية كبيرة. ويتركز اقتصاد الصين في الزراعة، وقد أولى اهتمامًا كبيرًا بالصناعة في السنوات الأخيرة، وهو اقتصاد نشط ينمو بسرعة. وتعد اليابان من الدول الصناعية الرئيسية، والزراعة بها أكثر تقدمًا من أي قطر آسيوي آخر. ويحظى اليابانيون بمستوى معيشة من أعلى المستويات في العالم.
وتفرق الخلافات السياسية بين الصين وتايوان، وكذلك بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية. وقد طرد الصينيون الشيوعيون الصينيين الوطنيين من الصين عام 1949م، فأقام الصينيون الوطنيون حكومتهم في تايوان. ومازال الصينيون الوطنيون ينادون بأنهم ـ وليس الصينيين الشيوعيين ـ حكام الصين الشرعيون. وقبل أن تبدأ الحرب العالمية الثانية عام 1939م، كانت كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية دولة واحدة. واليوم يحكم الشيوعيون الشمال بينما يحكم غير الشيوعيين الجنوب. وتطوف دوريات قواتهما على جانبي الحدود بين الكوريتين منذ حاربت الدولتان إحداهما الأخرى أثناء الحرب الكورية (1950- 1953م).
السكان. يُصنف معظم سكان شرقي آسيا على أنهم آسيويون حسب نظام الأجناس الجغرافي. وتشمل سماتهم البدنية بشرة تميل إلى الصُّفرة وأخرى تضرب إلى السُّمرة، وشعرًا أسود مسترسلاً وعينين منحرفتين.
بدأت أول حضارة بشرقي آسيا في الصين. واليوم يكوّن أحفاد الصينيين الأوائل أغلبية السكان في كل الصين ما عدا أقصى الشمال والغرب، كما يكوّنون أغلبية أهل تايوان. أما الكوريون فهم شعب قديم، وخضعوا كثيرًا للحكم الصيني. وكان هناك أناس يدعون الإينو يعيشون بين السكان الأوائل في الجزر التي تكوّن اليابان حاليًا. ولكن معظم شعب اليابان اليوم ينحدر من الشعوب الآسيوية التي استقرت في ذلك القطر منذ حوالي 2000 سنة.
الديانات. تعمل الحكومة الصينية لمقاومة الدين، ولكن مازال كثيرون يؤمنون بديانة بلدهم التقليدية، ويؤدون فروضها وطقوسها. هذه الديانة ـ البوذية الممزوجة بالتعاليم الكونفوشية والطاوية ـ هي أيضًا، الديانة الرئيسية في تايوان. ويدين معظم الكوريين بالبوذية. على أن ديانتهم تُظهر، أيضًا، التأثيرات الكونفوشية. ويؤمن كثير من الكوريين الجنوبيين بالنصرانية. ولا تشجع كوريا الشمالية الدين، شأنها في ذلك شأن الصين. وتمثل البوذية والشنتو ديانتي اليابان الرئيسيتين، ويجمع كثير من اليابانيين بين كلتيهما. وللكونفوشية أثرها على الدين في اليابان، كما هو الحال في أماكن أخرى بشرق آسيا.
الحياة في الصين. تزخر الصين بمدن كبيرة يبلغ عددها حوالي 35 مدينة، ويعيش بكل منها مليون نسمة أو أكثر. ومع ذلك فقد ظلت دائمًا دولة زراعية. ويمارس ما يقرب من ثلاثة أرباع الشعب العمل في الحقول.
يعيش معظم أسر المزارعين في بيوت من غرفتين أو ثلاث. وتُبنى هذه البيوت من الطين أو الطوب، وتعلوها أسقف من البلاط أو القش. أما سكان المدن، فيعيش كثيرون منهم في عمارات كبيرة تضم شققًا عديدة. ومع ذلك فهناك بالمدن من يعيشون في شقق مكتظة فوق الحوانيت أو خلف الورش. ثم هناك آخرون يعيشون في مناطق مجاورة تشبه بيوتها البيوت الريفية. ويأكل الصينيون الخضراوات، أساسًا ، وأنواعًا أخرى من الطعام المصنوع من الأرز، والقمح، ومن حبوب أخرى.
لا ينتمي سوى حوالي 4% من شعب الصين للحزب الشيوعي. لكن هذا الحزب يكاد يكون ذا سلطة مطلقة على البلاد. وله سلطة الأمر بإجراء تغييرات في أسلوب حياة المواطنين. فقد تغيرت على سبيل المثال، أنماط الملكية والحياة الأسرية تغيرًا كبيرًا تحت حكم الشيوعيين. تتضمن الأهداف الأخرى للشيوعيين القضاء على الطبقات الاجتماعية وتحديث اقتصاد الصين.
الملكية. بعد أن تولى الشيوعيون الحكم عام 1949م استولوا على معظم المشروعات التجارية والصناعية في الصين، كما غيروا ملكية الأرض الزراعية تغييرًا تامًا. وقبل أن يتمكن الشيوعيون من السيطرة على البلاد، كان يعمل آخرون في مزارع كبيرة يمتلكها ملاّك أثرياء. خلال الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي، عمل الشيوعيون على تحويل الزراعة إلى نظام جماعي، أي أنهم نظموا المزارعين في جماعات تمتلك وتزرع الأرض على نحو تعاوني.
في الثمانينيات من القرن العشرين غيرت الحكومة الصينية من سياستها نحو الزراعة الجماعية، إذ تستطيع الأسر المنفردة أن تزرع الآن المزيد من الأرض، ولكن يتعين عليها أن تورِّد جزءًا من محصولها إلى وحداتها التعاونية، كما يجب أن تبيع حصة من منتجات مزارعها للحكومة بسعر محدد، وحينئذ يمكنها أن تبيع الفائض لديها مقابل ربح تجنيه في السوق. وتشجع الحكومة الأُسر على إقامة مشروعات تجارية وصناعية صغيرة، مثل ورش الإصلاح، والمطاعم. على أن الحكومة مازالت تمتلك معظم المشروعات الكبيرة.
الحياة الأُسرية. في صين ما قبل الشيوعية، كانت الأُسرة الممتدة ظاهرة منتشرة. كان لأكبر رجل في مثل هذه الأُسر سلطة كاملة. وكان الأزواج يملكون أمور زوجاتهم. وكان للآباء سيطرة مطلقة على أبنائهم وبناتهم. واليوم، تقتصر معظم وحدات الأسرة على الآباء والأبناء، ولو أن بعضها مازال يضم الأجداد والجدات. وقد أصبحت العلاقات داخل الأسرة أقل تزمتًا، فالأزواج والزوجات يتعاملون فيما بينهم تعامل الأنداد. ولم يعد الآباء يتوقعون من أبنائهم الطاعة العمياء.
قبل مجيء الشيوعية، كانت قلة من النساء يعملن خارج البيت، أما اليوم، فإن معظم النساء البالغات يشتغلن في هذه الوظيفة أو تلك. وفي أسر كثيرة يقوم الجد أو الجدة برعاية الأطفال أثناء النهار، كما يمكث بعض الأطفال في مراكز رعاية نهارية أثناء عمل آبائهم.
الطبقة الاجتماعية. أحاطت تعاليم الكونفوشية الصينية المتعلمين بالاحترام. ففي صين ما قبل الحكم الشيوعي، كان لفيف من العلماء يعملون موظفين حكوميين، وكانوا يلون الإمبراطور وأسرته مباشرة من حيث الأهمية الاجتماعية، ولكي يصير المرء موظفًا عالمًا، كان عليه أن يتقن تعلُّم الفلسفة الكونفوشية، وأن يجتاز امتحانات في الخدمة المدنية. كما كان لغيرهم من الصينيين المتعلمين تعليمًا عاليًا، كالأطباء، والمحامين، والمدرسين، منزلة اجتماعية متميزة. والآن ينادي الشيوعيون على الرغم من سيطرتهم على المجتمع، بمبدأ المساواة. وطبقًا لهذا المبدأ، يُعتبر كل الناس سواسية في المنزلة الاجتماعية مهما كانت مهنتهم أو حرفتهم.
الاقتصاد. ظلت الصين لمدة طويلة، إحدى أفقر دول العالم على الرغم من توافر كثير من الأراضي الزراعية الجيدة، وكونها من أوائل منتجي الكثير من المحاصيل. بيد أن الصين تعاني كثافة سكانية عالية، بحيث يجب عليها أن تناضل كي تنتج كميات الغذاء اللازمة لإطعام مواطنيها.
يأمل الشيوعيون في القضاء على الفقر في الصين عن طريق تحديث الزراعة والصناعة في بلدهم. وقد ازداد الإنتاج الزراعي، ولكن معظم المزارعين مازالوا يستخدمون أدوات يدوية وطرقًا زراعية بدائية. وقد عمل الشيوعيون على زيادة الإنتاج الزراعي زيادة كبيرة، ولكن المزيد من النمو والتطوُّر يتوقف على اكتساب الصين تكنولوجيا جديدة وكذلك على تدريب العمال والفنيين ذوي المهارات العالية.
الحياة في اليابان. تختلف الحياة في اليابان اختلافًا كبيرًا عن الحياة في معظم باقي آسيا، فاليابان دولة عصرية بكل ما في الكلمة من معنى؛ إذ يعيش أكثر من 75% من شعبها في مناطق حضرية. ومدن اليابان الكبيرة مراكز تجارية وصناعية حديثة. وتُعدّ طوكيو عاصمة اليابان، واحدة من كبريات المدن في العالم، وتضم حوالي 8,13 مليون نسمة، ولا يفوقها في عدد سكانها سوى مكسيكو سيتي، وسيؤول. واليابان ـ بحكم صناعاتها القائمة في المدن وبالقرب منها ـ عملاق صناعي. وتفيد الصناعة الاقتصاد الياباني بقدرٍ كبير، ومع ذلك، تسهم الصناعة أيضًا في حدوث مشكلة تواجهها كل الدول الصناعية ألا وهي مشكلة التلوث.
وتعكس مزارع اليابان منهجًا عصريًا للحياة؛ إذ يكاد كل المزارعين اليابانيين يمتلكون أراضيهم. ويشيع استخدام الأسمدة الكيميائية والآلات الزراعية وما إلى ذلك من أساليب زراعية متقدمة أكثر من أي مكان آخر في آسيا. بل لقد وفرت الأساليب الزراعية الحديثة وقتًا كبيرًا للمزارعين اليابانيين، فأتاحت لهم فرصة الاشتغال بأعمال إضافية بالمدن القريبة.
وقد تبنى اليابانيون أكثر من أي شعب آسيوي آخر أساليب الحياة الغربية، فمثلاً، تُعدّ لعبة البيسبول اللعبة اليابانية المفضلة. وتنير لافتات النيون الساطعة الكثير من شوارع المدينة. ويرتدي معظم اليابانيين ملابسهم على النمط الأوروبي، بينما يلبس بعض اليابانيين، خصوصًا كبار السن، الزي التقليدي، ويسمى كيمونو، وهو ثوب فضفاض، بالبيت وفي مناسبات خاصة.
كما يحتفظ اليابانيون بالكثير من التقاليد القديمة، كاحترامهم للجَمال. وتحض الشنتو ـ إحدى الديانات الرسمية اليابانية ـ على حب جَمال الطبيعة. وتشتهر الزِّن، وهي فرع من البوذية بتأكيدها على الجمال حتى في الأشياء البسيطة. ومنذ وقت بعيد، كان الرهبان في أديرة الزِّن يصنعون أشياء فنية تستخدم في الحياة اليومية، بما في ذلك أدوات الاستحمام، وتنسيق الزهور، والبستنة، وأدوات الشاي، ومازالت هذه، وتقاليد فنية أخرى، جزءًا من نهج الحياة لشعب اليابان.
تعيش أعداد كبيرة من اليابانيين، بما في ذلك الأثرياء في مساكن يابانية تقليدية مبنية من الأخشاب، وتمتاز ببساطتها. ولمعظم هذه البيوت حديقة وسور مرتفع، وتكاد معظم الأسر تحتفظ بفرشاة رسم تعلو لفيفة من الورق. ويقدم اليابانيون في كل وجبة، كل نوع من الطعام في إناء مختلف لإظهار جماله. والأرز هو الغذاء الرئيسي، ويأكله اليابانيون بملاعق خشبية.
لم تعد الأُسرة الممتدة شائعة بمثل ما كانت عليه قبل القرن العشرين، ولكن مازال اليابانيون يحتفظون بعلاقات أسرية، وباحترام عميق للسلطة، ويتوقع من الأفراد إطاعة كل ذوي ولاية عليهم، ويشمل ذلك الأب، والإخوة الأكبر سنًا، وموظفي الحكومة. وفي الوقت نفسه، يجب على أولي الأمر أن يعاملوا الآخرين بكل أدب، وهذه القاعدة وليدة اعتقاد قديم بأنه يجب على المرء ألا يضايق غيره.
بدأ التقدم الاقتصادي والتحديث في اليابان في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. وكان حكام اليابان يعملون، فيما قبل، على الاحتفاظ ببلدهم خارج نطاق النفوذ الأجنبي. كان أسلوب الحياة اليابانية يضرب بجذوره في الماضي. ثم أنهت اليابان عزلتها عندما بدأت التجارة مع الولايات المتحدة في الخمسينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، فتبنت الدولة الأساليب الاقتصادية الغربية، وجعلت من نفسها دولة عالمية. ثم لحق بهذا التقدم نكسة كبرى بهزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية. ولكن اليابانيين، أعادوا بناء بلدهم واقتصادهم بسرعة مذهلة.
الحياة في كوريا وتايوان. اقتدت كوريا الشمالية في أنظمتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بنظم الدول الشيوعية الأخرى. ويعيش القرويون الذين يشكلون ثلثي سكانها، في مزارع جماعية تديرها الحكومة. وتقوم بهذا البلد صناعة ضخمة، ويعيش معظم العمال بالمدن ويعملون في مصانع تمتلكها الحكومة وتديرها.
كانت كوريا الجنوبية وتايوان، فيما قبل، دولتين زراعيتين. ومازالت الزراعة حرفة أساسية هناك، لكن منذ الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي، تطورت كوريا الجنوبية وتايوان فصارتا دولتين صناعيتين، ونما اقتصادهما بسرعة وارتفع مستوى المعيشة بهما ارتفاعًا كبيرًا.
التعليم. تبلغ معرفة القراءة والكتابة في اليابان وكوريا معدلاً مرتفعًا، إذ يستطيع معظم اليابانيين في سن الخامسة عشرة أو أكثر القراءة والكتابة. ويتعلم معظم اليابانيين بالمدرستين الابتدائية والثانوية، وتتوجه نسبة كبيرة منهم إلى الكليات. ويستطيع أكثر من 98% من الكوريين البالغين القراءة والكتابة. وفي الصين، توسع الشيوعيون في التعليم الابتدائي، ففي خلال الأربعينيات من القرن العشرين الميلادي، لم يكن يستطيع القراءة والكتابة سوى نسبة ضئيلة من السكان، أما اليوم فقد مُُُحيت أمية أكثر من 85% من الصينيين البالغ عمرهم 15 سنة أو أكثر، ومازالت الصين تعاني نقصًا في المدارس، ولكنها تستخدم طريقة فذة لمحو الأمية، إذ تطالب الحكومة كل من يستطيع القراءة والكتابة أن يعلم غيره، ويقوم بعض الأبناء بتعليم آبائهم وأجدادهم.
الفنون. يتميّز شرقي آسيا بأحد أقدم التقاليد الفنية وأغناها. وقد ابتدع الصينيون أعمالاً فنية قبل بداية التاريخ المكتوب، وصاروا، على مر السنين، أساتذة في الكثير من أشكال الفن، بما في ذلك العمارة والخزف الصيني المزخرف، والتماثيل. ويدور الكثير من الفن الصيني حول بوذا، أو موضوعات دينية أخرى. كما رسم الفنانون الصينيون الأشخاص والحيوانات، والطبيعة، وابتدعوا تصميمات رائعة وألوانًا بهيجة. وقد جمع الفنانون في أجزاء أخرى من شرقي آسيا بين الأساليب الصينية، والأسلوب الفني لبلادهم.
في الصين، يحاول الفنانون، حاليًا، التعبير عن ذواتهم، ولكن الحكومة لا تشجع الفن الناقد للشيوعية. وقد واصلت اليابان تقليدها الفني الخصيب، لكنها بالمثل تتبنّى بعض الأشكال الفنية الغربية. فعلى سبيل المثال، يستمتع اليابانيون بالمسرحيات والتمثيليات التلفازية، والأفلام الغربية. ويتم إنتاج مئات الأفلام سنويًا، نال الكثير منها جوائز عالمية. للمزيد من التفاصيل عن فنون شرقي
يتكون شمالي آسيا من ذلك الجزء الضخم الذي كان يسمى الاتحاد السوفييتي. وقد ظل هذا الاتحاد متماسكًا منذ عام 1922 حتى 1991م وهو التاريخ الذي تفكك فيه. ويمتد شمال آسيا من جبال الأورال حتى المحيط الهادئ، ويضم أجزاء من روسيا وكازاخستان وكل تركمانستان وأو[محذوف][محذوف][محذوف]ستان وطاجكستان وكيرجستان، كما يضم شريطًا صغيرًا من الأرض في شمال تركيا وجنوب جبال القوقاز الذي يضم أرمينيا وأجزاء من جورجيا وأذربيجان. ويغطي شمالي آسيا حوالي 12.900.000كم² أو حوالي 30%من القارة، وهي مساحة تفوق ضعف مساحة أي منطقة آسيوية أخرى، ولكنها أقل المناطق سكانًا في آسيا باستثناء وسط آسيا، إذ يعيش حوالي 37 مليون نسمة، أو 1% من كل سكان آسيا في شمالي آسيا. ولا يزيد متوسط الكثافة السكانية في هذه المنطقة على ثلاثة أشخاص في الكيلومتر المربع.
منذ ألف سنة، كان ما سمي بالاتحاد السوفييتي يتكون من مساحة صغيرة تقع كلها في أوروبا. وعلى مر السنين وسعت الدولة أراضيها الأوروبية، كما استولت على شمالي آسيا.
اليوم، يعد شمالي آسيا منطقة متطورة. وقد تركز شعب الاتحاد السوفييتي وحكومته، وصناعته في أوروبا قبل انهيار الاتحاد. فقد أنشأت الحكومة المصانع في شمالي آسيا، وشجعت مواطنيها على الانتقال إلى هناك، كما اتخذت خطوات أخرى لبناء المنطقة. وكان اتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية يسعى لاستخدام الأرض والموارد الطبيعية في شمالي آسيا، ولكن المناخ وقف حجر عثرة في سبيل التنمية، ويقع معظم شمالي آسيا في سيـبريا ذات فصول الشتاء القارس الطويلة، كما أن الصحاري وسهول الاستبس (الخالية من الشجر) الجافة تجعل التطور أمرًا عسيرًا.
السكان. عاشت الجماعات الآسيوية والأوروبية ـ وأخلاط من هذه العناصر ـ في شمالي آسيا منذ وقت طويل قبل التوسع السوفييتي. وهم من جماعات أُُجْرية ـ فنلندية، وتركية، وسيـبريين ينتمون إلى الهنود الأمريكيين، وإسكيمو. وبعد التوسع السوفييتي انتقل الكثير من الروس والأوكرانيين، وأناس آخرون، من الجزء الأوروبي فيما كان يعرف باسم اتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية إلى المنطقة.
الديانات. حكم الشيوعيون الاتحاد السوفييتي من 1917-1991م. وخلال معظم هذه الفترة من الحكم الشيوعي، حاول الزعماء السوفييت إعاقة الدين، ومع ذلك ظل أناس كثيرون يؤمنون بدين أو بآخر.
في التسعينيات من القرن العشرين الميلادي، خفف الزعماء السوفييت من معارضتهم للدين. وتمثل الأرثوذكسية الروسية ـ وهي مذهب من مذاهب النصرانية ـ الدين الرئيسي بين سكان شمالي آسيا المنحدرين من أصل أوروبي، كما أن الإسلام يدين به بعض شعوب الدول التي استقلت عن الاتحاد السوفييتي مثل كازاخستان وطاجكستان وأذربيجان. كما أن البوذية ديانة تنتشر وسط أحفاد سكان شمالي آسيا الأصليين.
حياة السكان. يتعايش جنبًا إلى جنب، نهجان مختلفان للحياة في شمالي آسيا، إذ يعيش كثير من سكان شمالي آسيا، كما كان يعيش أسلافهم، فهم يعيشون على رعي الماشية والأغنام، وحيوان الرنة، وغيرها أو بصيد الحيوانات ونصب الشراك لها. وهم يعيشون بعيدًا عن المدن ولا يذهبون إلى المدينة أو المراكز التجارية إلا بين الحين والحين، لبيع الفراء والصوف ومنتجاتهم الأخرى. وليس للكثيرين منهم ـ على الرغم من أنهم مواطنون روس ـ إلا اتصال طفيف بأية حكومة خارج نطاق قبائلهم.
يتبع معظم الآسيويين الشماليين من أوروبا وبعض أحفاد سكان شمالي آسيا الأصليين أسلوب حياة يشبه نمط الحياة في الجزء الشرقي من أوروبا، فهم يعملون في المزارع أو المصانع. وحتى أواخر الثمانينيات من القرن العشرين، كانت الحكومة الشيوعية تفرض أنواع المحاصيل التي ينبغي على الفلاحين زراعتها مقابل أجر تدفعه لهم نظير عملهم، كما كانت تنظم إنتاج المصانع وتعطي العمال أجورهم. وفي أواخر الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي، خفف الشيوعيون من سيطرة الدولة على اقتصاد البلاد. فبدأت بالسماح بالملكية الخاصة للمزارع والمصانع.