أختنا الفاضلة منى توفيق
مشرفة منتدى البحوث الأكاديمية
بعد التحية والاحترام والتقدير

أود أن أشير إلى بعض النقاط متمنياً أن يتسع صدركم الكريم لتقبلها وأخذها بعين الاعتبار مع الاعتذار لطول المشاركة حيث أن ذلك كما يبدو لي مهماً جداً ،ولتعم الفائدة الجميع.. هذا مع تنبيهي على خطأي إذ الكمال لله وحده سبحانه وتعالى..

(1) يبدو لي أن الموضوع منقول من كتاب صدر قبل سنوات لكاتب شيعي عراقي حاول تفسير بعض النبوءات بما يتناسب وما في ذهنه ، والدليل أنك نقلت نبوءة موت صدام حسين (القرن الثاني ـ النبوءة الثانية والستين) دون أن تذكري فعلاً مقتله الذي حدث في نهاية السنة الماضية 2006م. لذا كان يجب عليك التنويه لهذا الأمر إذا كان الأمر كذلك.

(2) الشيعة ليس في معتقداتهم أن يكون الإمام التالي هو أكبر أبناء الإمام السابق ، فقد كان الحسن والحسين أخوين وهما إمامان ، وقد كان السجاد إماماً بعد أبيه الإمام الحسين وهو أصغر من علي الأول (الأكبر) المستشهد يوم الطف ، وكان الكاظم إماماً بعد أبيه الصادق وهو أصغر من عبدالله ..... وهكذا .. فكبر أو صغر السن ليس شرطاً عندهم وإنما يتم ذلك بنص من الأب يتم وفق شروط ليس هنا مجال ذكرها.

(3) ذكر بعض دارسي هذه التنبؤات ـ لا تحضرني أسماؤهم الآن ـ أن نوستراداموس قد أخذ نبوءاته التي تخص مستقبل المسلمين من كتب المسلمين التي كانت منتشرة في أوروبا في ذلك العهد وبالذات قضية المهدي التي ألف فيها عشرات إن لم يكن المئات من علماء المسلمين (سنة وشيعة).


(4) هناك عدة تفاسير وتأويلات لهذه النبوءات ، ويمكن أن تنطبق على عدة أحداث في وقت واحد مما يجعل ربطها أو تأكيدها بحدث معين صعب جداً فمثلاً :

أ ـ النبوءة (الرابعة والتسعين ـ القرن الثالث) تتحدث عن التنبه لشخص بعد خمسمائة سنة لأنه زينة عصره. فهذه النبوءة فسرت بأنها تعني نوستراداموس نفسه الذي سيتنبه الناس لنبوءاته بعد خمسمائة سنة من كتابتها. وهذا ما حدث فعلا.. فإذا قبلنا التفسير الآخر الذي جئتِ به ـ أختنا الكريمة ـ صار لهذه النبوءة تفسيرين ، ويمكن أن يكون ثالث ورابع فأيهم الصحيح؟ لذلك أقول لا يمكن ربطها بالمعتقدات الثابتة المتأصلة. هذا فضلاً عن أن الكتب التي توقت لظهور الإمام المهدي بالتاريخ غير مقبولة لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها هنا.

ب ـ النبوءة (التاسعة والعشرون ـ القرن الثاني) التي تتحدث عن الزعيم الذي يعبر جبال الابينين إلى فرنسا.. فهذه النبوءة فسرت أيضاً بأنه السيد الخميني وأنت تفسرينها بالإمام المهدي ولعل هناك تفسيرات أخرى لم أطلع عليها فبأيها نأخذ يا عزيزتي ؟؟

(5) كنت أتمنى لو أبعدت الرسول وآله وبالذات الإمام المهدي عليهم السلام عن هذا الموضوع وذلك لأسباب منها:

أ ـ إن عقيدة المهدي المنتظر عقيدة متجذرة عند جميع المسلمين بما لا يدع مجالا للشك فيها ، وهذه التنبؤات تبقى مجرد تنبؤات أو قراءات للمستقبل قد تصيب وقد تخطئ ولا يمكن ربط عقائد المسلمين بمثل هذه التنبؤات.

ب ـ مثل هذا الربط بين عقيدة الشيعة في المهدي وهذه التنبؤات يفتح المجال لأعداء المسلمين والوحدة الإسلامية للطعن في عقائد المسلمين الشيعة بل وكل المسلمين ولا أظن أننا بحاجة للمزيد لما يشرذمنا ويفرقنا ويباعد بيننا..

ج ـ الشيعة يأخذون عقيدتهم في المهدي من الآيات والأحاديث الواردة في المهدي من كتب التفسير والحديث عند جميع المسلمين ، ولديهم في ذلك كتب مؤلفة عمرها مئات السنين ، وليسوا بحاجة لربط عقيدتهم بهذه التنبؤات أو غيرها ، وقد أخطأ الكاتب ـ صاحب الكتاب ـ وإن كان حسن النية أساساً في اجتهاداته التي لا طائل من ورائها سوى الطعن في عقيدة الشيعة ـ وهم براء من ذلك ـ حتى ولو كان الكاتب شيعياً فهو لا يمثل إلا نفسه وفكره ..

(6) الإمام المهدي ليس دموياً كما تصوره هذه النبوءات ، وحتى بعض الأحاديث التي تصوره كذلك وقف منها علماء المسلمين موقفاً حذراً وردوا بعضها لأسباب متعددة أهمها مخالفة ذلك لأساس دين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي يتمثل بالرحمة والشفقة . فالإمام لا يحارب إلا من يحاربه ومن يفسد في الأرض ويظلم ، وأما غير ذلك من الناس وهم أغلب أهل الأرض فيدعوهم بالتي هي أحسن كما فعل جده رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام.

هذا بعض ما جال في ذهني بهذه العجالة أرجو أن تتقبلوها بصدر رحب
ولكم أجمل وأرق التحايا والسلام