المنتدى :
المنتدى الاسلامي
قاتل لايعاقبة القانون
أحسب أن المجتمع يستطيع الخلاص من مفاسد كثيرة لو أنه تحكم في أوقات فراغه ، لا بالإفادة منها بعد أن توجد ، بل بخلق الجهد الذي يستنفد كل طاقة ويوجه هذا وذاك إلى ما ينفعه في معاشه ومعاده فلا يبقى مجال يشعر امرؤ بعده أنه لا عمل له .
إن الفراغ في الشرق يدمر ألوف الكفاءات و المواهب ، ويخفيها وراء ركام هائل من الاستهانة والاستكانة ، كما تختفي معادن الذهب و الحديد في المناجم المجهولة !
يروى عن عمر بن الخطاب أنه قال : إني لأرى الرجل فيعجبني فإذا سألت عنه فقيل لا حرفة له ، سقط من عيني .
وقال حكيم : من أمضى يوما من عمره في غير حق قضاه ، أو فرض أداه ، أو مجد أثله ، أو حمد حصله ، أو خير أسسه ، أو علم اقتبسه ، فقد عق يومه وظلم نفسه
والفراغ داء قاتل للفكر و العقل و الطاقات الجسمية إذ النفس لا بد لها من حركة وعمل فإذا كانت فارغة من ذلك تبلد الفكر وثخن العقل وضعفت حركة النفس واستولت الوساوس و الأفكار الرديئة على القلب ، وربما حث له إرادات سيئة شريرة ينفس بها عن هذا الكبت الذي أصابه من الفراغ
وقد نبه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى غفلة الألوف من الناس عما وهبوا من نعمة العافية و الوقت فقال: [ نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ]
وفي الحديث الآخر : [ اغتنم خمسا قبل خمس ] وعد منها [ وفراغك قبل شغلك ]
يقول بعض الصالحين : فراغ الوقت من الأشغال نعمة عظيمة ، وكان السلف الصالحون يكرهون من الرجل أن يكون فارغاً لا هو في أمر دينه ولا هو في أمر دنياه ..
قرأت هذه القصاصة فذكرتني بلغز كنا نتدواله في الصغر
من القاتل الذي لا يعاقبه القانون ؟
إنه قاتل الوقت
لربما فعلا لن يعاقبه القانون على قتله للوقت وتضييعه للعمر ولكن النفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية ولن يستمر فراغ ذلك القاتل طويلا بل غالبا سيتطور إلى معصية ثم إلى جريمة يستحق بها عقاب القانون ..
ولئن لم يعاقب القانون قاتل الوقت فإنه سينتظر ذلك اليوم .. لأنه محاسب لا محالة
كما ذكر في الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع، عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه ما فعل فيه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه؟ ). ..
وتذكرت ما قاله الشيخ د. خالد بن عثمان السبت في معرض محاضرة له
" وقد تعتذر أيها الأخ المسلم بكثرة الأشغال وكثرة الصوارف وهو وهم كبير نعيش فيه يسيطر على حياتنا ويشغلنا عن معالي الأمور الحقيقية نحن نعيش في وهم هو الشغل نحن مشغولون دائما ً في جري متواصل إذا نظرنا إلى حالنا مع صلة الأرحام نجد أننا نقصر كثيراً السبب : الشغل مشغولون مع أن القضية لا تكلفنا شيئاً لو أن الإنسان وضع في جيبه بطاقة كتب فيها أسماء الأقربين من ذوي الرحم فإذا جلس في لحظة انتظار في مستشفى في مدرسة بين المحاضرات أخرجها واتصل على عمه على ابن عمه على خاله على ابن خاله ماذا يكلفه هذا يتصل مرة في الأسبوع كم يكون لهذه الاتصالات من أثر كبير وكم يمضي علينا من الأوقات الحقيقية أيها الإخوان ونحن نتوهم أننا مشغولون حتى عن الاتصال ولربما تمر الشهور بل السنين والرجل لم يصل أهله أو قراباته بحجة أنه مشغول ما هذه الأشغال ؟ لربما كان عنده برنامج في نشاط في مسجد يدرس فيه خمسة من الطلاب أو عشرة ولربما كان عند هذا الإنسان لربما كان عنده شيء يشبه هذا من الأشغال التي لا تستوعب يومه ولو جلس العاقل مع نفسه يحسب اليوم الذي تبلغ ساعاته أربعاً وعشرين ساعة كم هي الأشغال الحقيقية كم تستغرق هذه الأشغال من هذه الساعات ؟!!
أربع ساعات خمس ساعات لربما سألت الشاب قلت له لماذا لا تصل قرابتك ولماذا لا تفعل كذا ولماذا لا تقرأ القرآن ؟ قال : أنا مشغول .. أنا مشغول أحضر دورة علمية ولربما أنا ملتزم بحلقة فيها حفظ كم تستغرق عليك هذه الدورة العلمية وكم تستغرق عليك هذه البرامج في الحفظ ؟ حفظ القرآن أو حفظ غيره ؟! كم تستغرق ساعتين أو ثلاث أو أربع فما فعلت العشرون ساعة أيها الإخوان ؟!! أين ذهبت ؟
الدراسة .. كم تستغرق عليك الدراسة حقيقة كم تقرأ كم تراجع وأين باقي اليوم أين باقي الساعات ، لكنه وهم كبير جعلك تشعر أن الأربع والعشرين ساعة مستغرَقة مستوعَبة بهذه الأشغال بينما لو نظرت حقيقة لوجدت أنك تضيع كثيراً وتفرط كثيراً في عامة ساعات يومك وليلتك ، .... "
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:_"ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه
نقص فيه أجلي ولم يزد فيه من عملي.
وبانتظار ان يكون هذا الموضوع موسوعة فيما يختص بأهمية الوقت .. ووسائل اغتنامه فيما يفيد
بمشاركاتكم الثرية و الرائعة ..
متفائلة بكم أيها النخب فلا تخيبوا ظني
جعلنا الله ممن يغتنمون أوقاتهم بما يفيد
|